الختان وأسباب أخرى
إذا كان أكثر من 90% من النساء المصريات مختنات، وإذا كانت كل الدراسات التي تناولت الختان تناولت الصدمة النفسية التي تحدث للفتيات من جراء الختان، مؤكدين حقيقة أن بالختان تفقد النساء فعليًا أجزاء من جهازها التناسلي الخارجي قافزين إلى استنتاج بأن الختان يسبب – من الناحية الطبية – نوعًا من الإعاقة الجنسية لهذه المرأة.
فهل تستمتع النساء المختنات بحياة جنسية مرضية؟
وللإجابة عن هذا السؤال قمت بدراسة تأثير الختان على الاستمتاع الجنسي، حيث أجريت 50 مقابلة (فقط حتى الآن) مع سيدات متزوجات، وكنت أحاول معرفة تأثير الختان على حياتهن الجنسية، وكانت كل الإجابات متوقعة !!
كيف يحدث استمتاع جنسي وقد تم استئصال أجزاء من أجهزتنا الجنسية؟ حرمنا غيابها من الاستمتاع.
وقد كانت أحيانًا كثيرة الإجابة عن سؤال وصف قمة النشوة الجنسية مبهمة لدى كثير من النساء وأكثر من ٣٣% من العينة لم يعرفن ما المقصود بقمة النشوة الجنسية ومع الشرح أيضًا لم يستطعن الإجابة عن السؤال.
إلى أن قابلت سيدة في الثلاثين من عمرها مختنة وتم ختانها بالمنزل وعلى يد داية وأصيبت بالتهابات بعد الختان، ولكنها أخذت الختان كضريبة يجب أن تدفعها للحفاظ على عفتها، وتزوجت هذه السيدة وقالت إنها مع اللمسات الأولى للحبيب الزوج أحست بالإثارة وحلقت معه إلى سماوات رحبة بعيدة وعادا من الرحلة وهي في نشوة لا يعادلها أي شيء آخر.
قلت لنفسي قد تكون هذه السيدة الاستثناء الذي يثبت القاعدة.
إلى أن قابلت امرأة أخرى تستمتع بالعلاقة الجنسية مع زوجها الذي تحبه كثيرًا، مع أنها مختنة وبالطريقة التقليدية، فقد قالت: “عندما كنت طفلة جاءت نساء ذات صباح يوم غادر، أخلعوني ملابسي الداخلية وفتحوا فخذي عنوة، وجاءت سيدة عجوز ومشرط بيدها وأحدثت آلاما شديدة وعندما نزل مني الدم سمعت زغاريد النساء، نفس الزغاريد التي سمعتها بعد أن فتحوا فخذي عنوة للمرة الثانية، وجاءت نفس العجوز لتقوم بما يسمى بالدخلة البلدي لتطلق الألم والدم، وسال دمي وأثبت للعالم أجمع أنني عذراء شريفة ولا أحد يمكن أن يقول عني كلمة، ولكنها وصفت لمسات زوجها أثناء اللقاء الجنسي بأنها كانت شديدة الرقة مما ساعدها على تجاوز كل الآلام التي تعرضت لها، ووصلت بالتالي إلى قمة النشوة الجنسية.
ومن الاستنتاجات المهمة من هذه الدراسة أن نسبة تصل إلى 30% من النساء المبحوثات – وإن لم يصلن إلى قمة النشوة استمتاعهن الجنسي يعتمد على الحميمية أثناء العلاقة الجنسية والتي تكون بالنسبة إليهن مشبعة يجعلهن متمسكات بالعلاقة مع الزوج.
وبالعكس يستحضرني سيدة ذكرت أنها لم تشعر أبدًا ولو لمرة باستمتاع جنسي مع زوجها مع أنها غير مختنة ولم تعش معاناة “الدخلة البلدي” إلا أنها أجبرت على الزواج من هذا الرجل ولم تكن الحميمية والود جزءًا من العلاقة، حتى أنها قالت إنها تعاشر زوجها خلال ٢٥ عامًا متتالية إلا أنه أبدًا لم يداعبها، ودائمًا كان يختار أوقات الجماع منفردًا ولم يضع في اعتباره موافقتها من رفضها، ولذلك كان يبدأ الجماع بقرار منفرد وينهي الرحلة وحيدًا دون أن تشاركه مرة واحدة بها، وظلت دائمًا لا تعرف غير جفاف المشاعر والوحدة والكراهية لجماع مفروض عليها اجتماعيًا.
وقد وصلت بالدراسة إلى أن استمتاع النساء بالحياة الجنسية يعتمد على عوامل عديدة، النتيجة القائلة أن الختان هو المسئول الوحيد عن البرود الجنسي للنساء غير واقعية بل إن من أهم عوامل الاستمتاع الجنسي للنساء:
-
الحميمية مع الزوج بصفة عامة، وكيف يدير العلاقة الزوجية والجنسية.
-
ارتباط العنف في المنزل مع الاستمتاع الجنسي.
-
الخبرة الجنسية للزوج مهمة جدًا حيث أنه هو الذي يقود العملية.
-
نظرة المرأة للعنف الجنسي الذي تعرضت له فإذا ما اعتبرته جزءًا من الحياة يكون تأثيره عليها أقل بكثير.
-
وبالطبع العنف الجنسي الذي تتعرض له الزوجة في حياتها من ختان ودخلة بلدي أو اغتصاب.
من هذه الدراسة أدركت أن الحياة معقدة لدرجة كبيرة وكذلك الاستمتاع الجنسي للنساء، وأن البرود الجنسي للنساء في مصر ظاهرة تستحق المزيد من الدراسة ومن التعمق ولا يكفي أن نشدد على أحد العوامل تاركين الحياة الكاملة الصعبة العنيفة التي تعانيها الزوجات بداية من الحق في اختيار الزوج إلى معنى الشرف الاجتماعي وتداعيات هذا المفهوم على النساء، إلى الفهم الخاطئ الدين لحق الزوج بالعلاقة الجنسية مع الزوجة بغض النظر عن رغبتها واستعدادها.
كل ذلك يدعوني لاستكمال الدراسة وقد نصل إلى فهم أعمق لأسباب معاناة النساء.