النساء في الأكاديميا

تاريخ النشر:

2007

التحرير:

عرض:

النساء في الأكاديميا(*)

أصدر مجلس تطوير أبحاث العلوم الاجتماعية في أفريقيا (CODESRIA) ومقره في مدينة دكار بالسنغال كتابًا تحت عنوان (النساء والتعليم الأكاديمي النوع الاجتماعي والحرية الأكاديمية في أفريقيا) (2000) ويتكون الكتاب من مقدمة طويلة وثمانية فصول (1736 صفحة). وقد قامت محررته السنغالية إبريا سال بكتابة المقدمة، أما باقي الفصول فقد قام بكتابتها مجموعة من الباحثات والباحثين المهتمين بالحياة الأكاديمية من دول أفريقية مختلفة، وتعتبر أهم التيمات المشتركة بين كل الفصول هي:

1 – الصراع من أجل تحقيق الحرية الفكرية وحرية البحث العلمي كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

2 – المساواة في النوع الاجتماعي (الجندر) داخل المجتمعات الأفريقية وحق المرأة في التعليم دون التعرض للمهانة أو الاضطهاد.

3 – الأوضاع المتردية للمؤسسات التعليمية في البلاد.

4 – مدى تقبل المجتمعات والدولة (كمؤسسة ذكورية) أو المقاومة لمفاهيم الحرية الفكرية والمساواة وانعكاس هذا على التعليم الأكاديمي.

وتقول إبريما سالفي المقدمة أن هذا هو واحد من سلسلة كتب صدر أولها عام 1996 تحت عنوان أوضاع الحرية في الحياة الأكاديمية في أفريقياوكان قد قدم فكرة عامة عن الحياة الأكاديمية في أفريقيا على عكس الكتاب الحالي الذي يحتوى على دراسات أجراها باحثات وباحثون متخصصون وقريبون من مسرح الأحداث في كل دولة أفريقية على حدة. کا تقوم كل الأبحاث بالدفاع الشرعي عن حرية الرأى والفكر والبحث العلمي ويطرح الحلول التي تربط بين هذه المفاهيم وحقوق الإنسان في حرية التعبير.

وتتحدث إبريما سال عن أهداف الكتاب قائلة إن الهدف الأساسي هو محاولة إيضاح التطورات الحديثة في مجال البحث الأكاديمي والتي لها علاقة مباشرة بالجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في بلد ما في أفريقيا، كما تسهم تلك الكتب في تعميق الفهم للمشاكل المصاحبة للحرية الفكرية والصراع من أجل إرساء قواعد الديمقراطية وخلق شكل جديد لمفهوم (المواطنة). بالإضافة إلى ذلك يلقى الكتاب الضوء على تأثير قضايا الجندر على حرية الدراسات الأكاديمية وخصوصًا النسائية منها.

وتعتبر الباحثة الصراع من أجل الحصول على الحرية الأكاديمية مساو للصراع من أجل المواطنة الصحيحة وبالتالي فإن هذا الصراع يضم فئات متعددة من داخل الحياة الأكاديمية مثل الباحثين، صغارهم وكبارهم، والطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس وما يسمى بالأقليات الدينية والعرقية في أفريقيا، ويقوم هذا الصراع من أجل السيطرة الكاملة على المؤسسات التعليمية الأكاديمية دون تدخل قوى خارجية. ونقلاً عن مؤتمر كمبالا الذي عقد تحت عنوان (الحرية الفكرية والمسئوليات الاجتماعية) تقول سال إن المؤتمر قد قسم القيود التي تؤثر سلبًا على حرية الحياة الأكاديمية إلى أربعة أنواع هي: الدولة والمجتمع المدنى، والممولين والأكاديميين أنفسهم. كما توجد مؤثرات خارجية عالمية مثل مفهوم الجندر والتمييز بين الجنسين وكيفية رؤية المجتمع المدني لهذا المفهوم في دولة ما في أفريقيا.

وأيضًا هناك ما يسمى بعلاقة الطبقات الاجتماعية بأحقية الالتحاق بالتعليم وخصوصًا التعليم العالى. وتشرح سال أن نسبة التحاق النساء بمجال التعليم سواء كطالبات أو عضوات هيئة التدريس أقل من الرجل بالرغم من وجود المؤسسات التعليمية المحايدة في الجندر (Gender neutrality) (مقدمة ص 11) والتي تحدد أسلوب الالتحاق بها وتضع الشروط لها السهل منها والصعب للمتقدمين للحصول على وظائف بالجامعات.

وتعتبر سال أن ظهور هذا الكتاب في عصر ما بعد مؤتمر بكين 1995 والذي تعتبره نقطة تحول حقيقية على المستويات كافة مهمًا، خصوصًا وأن الذي أصدر هذا الكتاب هو مؤسسة CODESRIA والتي من أهم أهدافها هو أن تكون الدراسات النسائية جزءًا لا يتجزأ من الدراسات الأساسية أو الرئيسية في مجالات الحياة المختلفة (mainstreamed) (مقدمة ص 13) (أي دراسات ليست فرعية أو هامشية أو ثانوية) ولذا فإن التركيز على قضايا الجندر لا یعنی التركيز على قضايا المرأة لأنه تركيز على دور اجتماعى وليس بيولوجي حيث تُعرف الباحثة ماريا دي برين مصطلح (الجندر) على أنه المفاهيم الاجتماعية التي تطلق على نوعين هما المرأة والرجل” (مقدمة ص: 12).

ولذا فإن (الجندرة) تعنى الخوض في جوانب الحياة المختلفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتغيير مجرى الحياة نفسه بما فيه من الجوانب المرتبطة بقضايا التعليم والحرية الفكرية والأكاديمية. وبالطبع الأمر ليس سهلاً ولكنه يحتاج إلى صراع طويل يتبناه CODESRIA ويعتبر من أهم أهداف هذا المجلس هو تحفيز وتفعيل وتطوير أبحاث العلوم الاجتماعية ذات الحساسية الجندرية (gender sensetive) (مقدمة ص: 13) في أفريقيا كما يعمل على (جندرة) (engendering) المجتمع الأفريقي بأسره بجميع مؤسساته نحو حياة أكثر إيجابية (مقدمة: ص 13).

وفي نهاية المقدمة تشير الكاتبة إلى كل المقالات المنشورة في الكتاب والتي تطرح كل منها جوانب من قضايا الجندر وعلاقته بالتعليم الأكاديمي وحرية البحث والتعبير في أحد البلاد الأفريقية وتعتبر المقدمة عرضًا وافيًا عن نشاط الناشر وهو مجلس CODESRIA والذي يقدم دورًا حيويًا في نشر الثقافة (الجندرية) في أفريقيا. كما تساعد المقدمة على عملٍ موجزٍ عن الأبحاث المنشورة.

الفصل الأول: تحرير سلفيا تامالو جو أولوكا أونيانجوولهذا الفصل عنوان مثير وهو (إناث الكلاب يعملن في مجال التعليم الأكاديمي الجندر والحرية الأكاديمية في أفريقيا) Bitches at the Academy: Gender and Academie Freedom) (in Africa ويقتبس الباحثان لفظ (إناث الكلاب) أو (Bitches) من خطاب وجهه إحدى الباحثات الأكاديميات يسبها ويهددها إذا لم تحتفظ بآرائها عن الجدر والحركات النسائية لنفسها وقامت بإعلانها على المجتمع الأوغندي وربما يشير هذا التهديد إلى نوعية وكم العداء الذي يواجهه العمل في مجال دراسات الجندر. وبالطبع ينعكس هذا العداء على شكل العلاقات بين الجنسين في قلب الحياة الأكاديمية والمؤسسات التعليمية خاصة بالنسبة لاختيار المناهج الدراسية أو قبول تعيينات جديدة أو ترقيات في الوظائف. ويزداد الأمر سوءًا مع الأزمة العالمية الجديدة التي تواجه التعليم الجامعي ويقصد بها ما أشارت إليه المنظمة الأفريقية للعلوم السياسية وهو صراع المحاضرين من أجل البقاء في الوظيفة ورؤية البنك الدولى للتعليم الجامعي على أنه رفاهية باهظة التكاليف المالية؛ ولذا يجب أن يمولها من يستفيد منها فقط (ص 19).

ويشير الباحثان إلى أهداف البحث وهي توضيح المشاكل المحيطة بنظرية (الجندر) وعلاقتها بالحرية الأكاديمية في داخل الجامعة الأفريقية المعاصرة (ويقصد بالجامعة هنا التعليم العالي في أي جامعة أفريقية والذي يواجه مشاكل الجندر والفوارق بين الطبقات الاجتماعية والاستعمار وأثاره) (ص 19) كما يقوم هذا الفصل بتحليل ما يسمى بالمساواهز و الحرية الأكاديميةمعتمدا على الأبعاد التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية والجغرافية والقانونية للموضوع. هذا بالإضافة إلى التجارب الشخصية التي مر بها الباحثان باعتبارهما يعملان في مجال الحياة الأكاديمية.

وتحت عنوان (الجندر والحرية الأكاديمية) ينفى الباحثان وجود حرية كاملة تمنحها الدولة للمؤسسات التعليمية من أجل نشر الثقافة والمعرفة. فهناك تحيز وتمييز ضد المرأة عند الالتحاق بالمؤسسات التعليمية بدءًا من عهد الاستعمار وهناك عوامل شتى أدت إلى تخلف المرأة عن الرجل في مسألة التعليم ومن هذه العوامل المسئوليات الاجتماعية التقليدية التي تقع على عاتقها ومشكلة الفقر ونظرة المجتمع الذكوري إليها على أنها أقل من الرجل مكانة. ويقول الباحثان إن حرية التعبير وحرية التعليم هما وجهان لعملة واحدة ومفهوم الحريةيتعلق بكلاهما. وحرمان المرأة من التعليم يعتبر قيدًا على حريتها وحرمانها أيضًا من القيام بدورها في مجالات الحياة المختلفة.

ويؤكد الباحثان أن المرأة الأفريقية التي تعمل في المجال الأكاديمي مثقلة بأعباء مضاعفة مثل مشاكل الإنجاب وتربية الأطفال والأعمال المنزلية التي لا يقدم فيها الرجل يد المساعدة ومع كلٍ لا يوضع ذلك في الاعتبار عند تقييمها في مجال عملها.

ويشير الباحثان إلى اتفاقيتين من الاتفاقيات التي تم عقدها في أفريقيا حول قضايا الحرية الأكاديمية وهما: (دار السلام) و (كمبالا). والتي شارك فيهما الرجال فقط وبالتالى كان التركيز فيها على قضايا الدولة (التي هي مؤسسة ذكورية) أكثر من تركيزهما على أي من الأمور المتعلقة حقا بالحرية الأكاديمية أو عدم المساواة، كما تم حذف المواد الخاصة بالأوضاع المؤسفة للمرأة التي تعيش في مجتمعات ذكورية.

ويعتبر هذا تمييزًا ضد المرأة خصوصًا لعدم الاهتمام بقضايا التحرش الجنسي أو العنف مما يلقى الضوء على مجموعة من المتناقضات بين ما يسمى بالحرية الأكاديمية وواقع حياة المرأة في المجتمع الذكوري. وفي إطار توضيح تلك المتناقضات (الجندرية) يعدد الباحثان سمات المتناقضات كالآتى:

1 – تشير الإحصائيات إلى أن نسبة تعليم الفتيات أقل بكثير من أقرانهن من الذكور في بعض البلاد مثل تشاد والسودان وخصوصًا في المناطق الريفية التي تضع الأعباء على كاهل المرأة في إدارة المنزل ورعاية الأطفال مما لا يترك لها مجالاً أو وقتًا للتعليم.

2 – المناخ التعليمي الحالي يساعد على بقاء المجتمعات الذكورية على حالها عندما توجه الفتيات إلى اختيار مواد تعليمية خفيفة” (Soft) مثل التدبير المنزلى والآداب مع دفع الذكور نحو دراسة المواد الثقيلة (hard) مثل العلوم والهندسة.

3 – يعتبر العمل والبحث في قضايا الجندر مقصورًا على المرأة فقط كما أن تأثيره على المجتمع محدود للغاية.

ومع ما سبق من مشاكل ومتناقضات يعرض الباحثان بعض الحلول مثل التوسع في دراسة قضايا الجندر بهدف تحقيق المساواة بين الجنسين، أو تدريس المواد التعليمية لكلا الجنسين بطريقة بينية (inter disciplinary). فلا يستطيع أحد فصل الخفيف عن الثقيل منها.

ويستعرض الباحثان المعوقات التي تمنع المرأة من ممارسة حقوقها في العمل الأكاديمي بالإضافة إلى وسائل القهر التي تتعرض لها الطالبات مثل التحرش الجنسى أو الاغتصاب وكذلك التعتيم عن هذه الحوادث خوفا من الفضيحة أو الانتقام.

أما عن الجانب القانوني فيقول الباحثان إن القانون لا ينصف المرأة التي تعمل في المجال الأكاديمي ولا يضمن لها الحرية في ممارسة عملها. وبالرغم من عقد عدة مؤتمرات دولية مثل مؤتمر CEDAW 1981 الذي يناقش مسألة المساواة فإن تلك المؤتمرات لا تتعرض لكثير من الأمور الخاصة بالدول الأفريقية بعينها ولذلك فهناك حاجة إلى النظر لتلك المشاكل الأفريقية عن قرب.

وفي الخاتمة يؤكد الباحثان أن المشكلة ليست قانونية فحسب ولكنها مشاكل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية تتداخل في قضايا الجندر وبالتالي فإن تلك القضايا لا يمكن فصلها عن قضايا حقوق الإنسان في الحرية والديمقراطية.

وعلى وجه العموم أن ما يميز هذا الفصل هو شمولية النظرة إلى مشاكل الحياة الأكاديمية في شتى المؤسسات التعليمية في العديد من دول أفريقيا وربطها بالمشكلات على المستوى العالمي أيضًا.

في الفصل الثاني: (تانزانيا: الحرية الأكاديمية) بقلم سايدة يحيى عثمان. هو عن الوضع في تانزانيا تقول الباحثة إن الحديث عن الحرية الأكاديمية يعنى التطرق إلى السياسة الاجتماعية والاقتصادية والمعايير الخاصة بالتعليم فتحرم البعض أو تشكك في قدرات فئة ما مثلما يحدث مع النساء في تانزانيا. فالمرأة هناك تعانى الحرمان مما يسمى بالحرية الأكاديمية منذ الصغر في المدرسة حتى أصبح التعليم الجامعي حلها صعب المنال بالنسبة لها.

وتشرح الباحثة النظام التعليمي في تانزانيا الذي بدأ بعد استقلال البلاد حيث ركزت السياسة التعليمية على مرحلة التعليم الابتدائي على حساب التعليم الثانوي المتخصص. فمن خلال جدول يرصد إحصائية بأعداد الطلاب يُلاحظ أن العدد الكبير للتلاميذ في المرحلة الابتدائية يتناقص تدريجيًا إلى أن يصل إلى الجامعة عدد ضئيل من الطلاب.

وتؤكد الباحثة أن الحكومة في تانزانيا تنفق القليل من المال لدعم التعليم (3% فقط من الميزانية العامة) على عكس الكثير من الدول الأخرى. وبالتالي تفتقر المدارس الحكومية إلى أبسط الإمكانات التي تساعد على التعليم الصحيح. كما يعتبر المدرسون من أقل الفئات دخلاً وحصولاً على الدورات التدريبية: ويضطر الأهالى إلى الإنفاق على شراء الكتب من ناحية ويركز المدرسون على طرق النجاح في الامتحانات بدلاً من تشجيع الطلاب على المعرفة والإبداع من ناحية أخرى.

أما عن التعليم الجامعي فتقول الباحثة إن الحال ليس أفضل بكثير حيث يلتحق عدد قليل من الطلاب بالجامعات حيث يتم تطبيق نظام القروض لدفع المصروفات والتي يضطر الطالب إلى تسديدها بعد التخرج. أما عن الإمكانات فهي تعتبر هزيلةً أيضًا فلا يوجد ما يكفي من تجديد المكتبات أو دفع مرتبات مجزية لأعضاء هيئة التدريس مما كبل قدراتهم في البحث واضطرهم إلى السعى وراء لقمة العيش خارج الجامعة.

وإذ تتحدث عن الحرية الأكاديمية تؤكد الباحثة أن الجامعات في وضعها الحالي لم يعد لديها القدرة على تحقيق أهدافها؛ أو وضع برامج دراسية جيدة وذلك لاعتمادها على الإعانات الحكومية والتي تكبل الإمكانات في التنوع والتوسع والتوظيف والتدريب.

وتحت عنوان (اختراق الحرية الأكاديمية تقول الباحثة أن انحياز الجامعة لأحد الأحزاب السياسية في الفترة من 1980 -1970 قد أدى إلى اختراق الحريات وتدخلت السياسة في اختيار المناهج الدراسية وموضوعات البحث الأكاديمي والذي يعتبر تعديًا سافرًا على الديمقراطية وحقوق الإنسان وتتعدد أشكال التعدى على الحرية في فصل أعضاء هيئة التدريس أو إحالتهم للمعاش بسبب ميولهم السياسية المعادية أو إجبار الطلاب على دراسة مواد معينة لشغل وظائف حكومية أو الاعتداء الأمنى على الطلاب أثناء مسيرات الاحتجاج السلمية أو إغلاق الجامعة (أحيانا لمدة عام كامل) بسبب مطالبة الطلاب بعمل تعديلات ديمقراطية (1990).

وتتطرق الباحثة لنوع جديد من اختراق الحريات مثل سياسة الخصخصة التي تمثل ضغطًا عالميًا على نظام التعليم أدى إلى التدخل الأجنبي. وإن كان هذا التدخل قد ساعد على زيادة الموارد وعمل برامج تبادل ثقافي وتدريب للمدرسين وأتاح الفرص لمشاركة الطلاب بصورة أكبر. لكن الرسوم التعليمية قد ارتفعت كثيرًا حتى أصبح الالتحاق بالجامعة أمرًا غاية في الصعوبة بالنسبة لمعظم الأسر.

وعن اشتراك المرأة في التعليم تشير الباحثة إلى ارتفاع نسبة الفتيات الملتحقات بالتعليم الابتدائي وتركهن للتعليم في مراحل متقدمة بسبب العادات الاجتماعية السيئة مثل الزواج المبكر والإنجاب ونظرة المجتمع التي لا ترى أن تعليم الفتاة ذو أهمية كبرى. هذا بالإضافة لأداء الفتيات المتدني في التعليم بسبب تكليفهن في المنازل بأعمال كثيرة لا تترك لهن الوقت الكافى لمتابعة الدراسة. وتقول الباحثة إن هذه الممارسات الظالمة بالنسبة لعلاقة المرأة بالتعليم في تانزانيا لا يمكن تغييرها بقوانين أو مؤتمرات وبيانات ولكن يمكن التغلب عليها بالإصرار على التعليم ذاته.

أما عن عضوات هيئة التدريس في الجامعة فأعدادهن قليلة مقارنة بزملائهن نسبة 62 إلي 539 في جامعة دار السلام. وتتنبأ الباحثة بأن الوضع في تانزانيا سيبقى على ما هو عليه بسبب قلة نسبة تعليم الفتيات منذ الصغر، بالإضافة إلى الأعباء والضغوط الاجتماعية التي توضع على عاتقهن وأخيرا بسبب ضعف التمويل أو التدريب في قطاعات التعليم التي يكثر بها عدد النساء مثل قطاعات الآداب والعلوم الاجتماعية.

وتحت عنوان (التحرش الجنسي/ الاضطهاد) تشير الباحثة إلى الاضطهاد والمضايقات التي تتعرض لها المرأة الباحثة والتي تظهر تفوقًا على أقرانها من الرجال في مجال الحياة الأكاديمية. وتشير أيضًا إلى التحرش الجنسي الذي تتعرض له الطالبات سواء من زملائهن أو الأستاذة مقابل درجات إضافية في التقييم أو الامتحان.

وبالرغم من كل تلك السلبيات تذكر الباحثة بعض الخطوات الإيجابية التي اتبعتها الحكومة في الأونة الأخيرة مثل بناء مدارس خصيصًا للبنات أو تحديد نسبة 30% للتعيينات الخاصة بالإناث في الجامعة.

وفى الخاتمة تلخص الباحثة كل ما سبق بالإضافة إلى المطالبة بالعمل على زيادة الوعى داخل المجتمع التنزاني بالمتغيرات الحديثة والدراسات الجديدة التي أجريت في مجال الجندر؛ خاصة عندما نتناول قضية مثل قضية الحرية الفكرية في مجال الحياة الأكاديمية في أفريقيا.

وفي المجمل قدمت الباحثة التانزانية سايدة يحيى عثمان بحثًا عمليًا تستند فيه إلى الإحصائيات والأرقام التي توضح مشاكل التعليم في بلادها والتي تشترك مشكلاته مع مشكلات بلاد أخرى في داخل القارة الأفريقية.

وفي الفصل الثالث (الجندر والحرية الأكاديمية في مالاوى) تحرير إيزابيل أباو فيرى تؤكد الباحثة أنه ثبت بالدليل القاطع أن هناك قدرًا محدودًا للغاية من الحرية الأكاديمية التي تسمح بإعلان الحقائق حول قضايا الجندر في جامعة مالاوي.

وفي هذا السياق تتحدث الكاتبة والتي تعمل كمحاضرة في كلية الشريعة والعلوم الدينية في جامعة مالاوي عن حقائق حول واقعة شخصية تعرضت فيها للمهانة والاضطهاد بسبب بحث علمی جرئ تقدمت به لأحد المؤتمرات عام 1995 وعنوانه (العنف ضد المرأة في المؤسسات التعليمية: حالات التحرش الجنسي والاغتصاب في داخل جامعة شانسلر) وفى واقع الأمر كانت الباحثة قد شاركت فقط في عمل هذا البحث مع أربعة أساتذة آخرين من القسم العلمي نفسه الذي تعمل به لم يتمكنوا من التواجد أثناء إلقائه في المؤتمر.

وقد كانت أهداف هذا البحث تعتمد على استبيانات لمعرفة عدد حالات الاغتصاب أو التحرش الجنسي التي تتعرض لها الطالبات ومحاولة معرفة المسئولين عن مثل هذه الجرائم وردود أفعال الضحايا أو إبلاغهن للجهات المختصة لاتخاذ اللازم. وقد أظهر الاستبيان من تعرض أكثر 12 % من الطالبات للاغتصاب و 67% للتحرش الجنسى وقد طالبت الكثيرات بصدور قوانين رادعة ووجود سياسة واضحة وإجراءات صارمة تجاه مثل هذه الأفعال.

وقد كان البحث كفيلاً بإثارة الجدل أثناء مناقشته في المؤتمر ثم ازداد الأمر سوءًا عندما أجرت الباحثة حديثا إذاعيا في اليوم التالى على موجة MBC تعلن فيه نتائج البحث نفسه الذي ألقته في المؤتمر.

وكان هذا بمثابة الفتيلة التي أشعلت نارا لم تنطفئ حيث قامت الدنيا ولم تقعد فقد طالب طلاب الجامعة بعمل حديث إذاعى على الهواء يرفضون فيه ما جاء على لسان الباحثة ثم توجهوا إلى منزلها وقاموا بتحطيمه وتحطيم سيارتها وتعريض حياة والدتها وابنها الطفل للخطر. أما عن رئيس الجامعة فقد وجه إليها خطابا يطلب فيه التحقيق معها بخصوص الحوار الإذاعي ويتهمها بالتشهير بسمعة الجامعة كما شكك في البيانات التي قدمتها ومنع الباحثة من السفر لحضور مؤتمرات أخرى حتى انتهاء التحقيق. وبالرغم من مساندة القسم للباحثة وإدانته للطلاب الذين اعتدوا على منزل الباحثة وأسرتها بل واستئجار حراسة خاصة لها فإنه على المستوى الشخصي تلقت الباحثة ردود أفعال سلبية من قبل الزملاء.

وتقول إن كثيرًا من الصحف كانت قد أفردت الصفحات لمتابعة هذه القضية وقد اختارتها إحدى الصحف لتكون (سيدة هذا العام) لقدرتها الهائلة على الاحتمال لهذا الكم من الهجوم.

وفي الخاتمة تقول الباحثة إن هذه الحادثة ليست جديدة فهي ترى أن الأحاديث التي تمس حرية المرأة شائكة. ولكنها سعيدة أيضًا بما سمعت من الطالبات اللاتي تحسنت أوضاعهن ومعاملتهن مع زملائهن بعد ما أثاره البحث من جدل أي أن الباحثة تشير إلى التغيير الإيجابي الذي استشعرته بعد ما أصبح الحديث عن قضايا الجندر شائعًا، ومما يدل على أن هذا البحث قد ساهم في تنمية الوعي لدى البعض في مالاوي.

وعمومًا التجربة الشخصية التي مرت بها الباحثة تكشف النقاب عن مفاهيم ذكورية تسود المجتمع كما توضح قدر التمييز ضد مفاهيم الجندر بالإضافة إلى الرغبة في التعتيم على الوقائع التي يكون فيها ذلك التمييز واضحًا.

في الفصل الرابع: (الحرية الأكاديمية وقضايا الجندر: تقرير من السنغال). بقلم بندا مبو تؤكد الباحثة السنغالية مرة أخري أن التعصب ضد المرأة هي سمة عامة في المجتمعات الأفريقية وأن حرية التعبير أمر ليس بالسهل تحقيقه، فقد تعرضت الباحثة السنغالية بنوامبو لتجربة مماثلة للباحثة إيزابيل فيرى في مالاوى بسبب بحث تقدمت به لأحد المؤتمرات عن (المرأة ومرض الإيدز) ويختلف هذا البحث عما قبله لدخول العامل الديني في صلب الموضوع.

وفى هذا البحث ربطت الباحثة بين السلوك الشخصي للرجل في المجتمع الإسلامي وانتشار مرض الإيدز حيث ينتقل المرض بين النساء بسبب تعدد الزوجات أو زواج المتعة أو المسيار. وبالطبع تعرضت الباحثة للهجوم الشديد من جانب المتشددين دينيًا الذين اتهموا الباحثة بأنها عميلة. وهكذا تؤكد الباحثة الصعوبة البالغة التي يقابلها الباحث أثناء القيام يبحث ذي منهج علمي في قلب مجتمع إسلامي وخصوصًا إذا مس هذا البحث أحد الثوابت من الأحكام الدينية. ويرجع هذا إلى الجمود في الأفكار وعدم قدرة المجتمع على تقبل أي تفسير علمي حول أحكام الدين الإسلامي في السنغال خاصة إذا قامت بهذه الأبحاث باحثات من النساء.

وعلى صعيد آخر يقوم البحث بتحليل علاقة الجندر بالتعليم الأكاديمي والوضع الأدبي والمادي للأستاذة الجامعية في جامعة دكار. كما تقوم الباحثة برصد الملامح العامة التي تميز الطالبات الجامعيات في السنغال في العصر الحالي.

تؤكد الباحثة أن نسبة الأمية بين النساء تعتبر نسبة عالية، وأن التعليم هو من أهم المطالب التي تطالب بها الحركات النسائية في السنغال. حيث تلعب الباحثات في مجال العلوم الاجتماعية دورًا حيويًا في تحرير المرأة من القهر وبناء مجتمع ديمقراطي متحضر وحديث، خاصة بعد سنوات الاستعمار التي شهدت تهميش دور المرأة على جميع المستويات.

وتحت عنوان (الوضع في جامعة دكار) تشير الباحثة إلى الإحصائيات والجداول التي أجراها اليونسكو على المرأة في السنغال، حيث تؤكد تلك الإحصائيات أن حصول المرأة على أعلى الدرجات العلمية لا يمكنها من الحصول على الوظائف أو المراكز الحيوية في مجالات السياسة والاقتصاد وبالأخص إذا كانت تلك الوظائف ذات عائد مادي مجز. وبالطبع يبين هذا عدم المساواة بين الرجل والمرأة مما يستلزم العمل على الإصلاح بالطرق الآتية:

1 – تحسين الأوضاع التي تمكن النساء من الالتحاق بالتعليم العالي والعمل على تدريبهن.

2 – إعطاء النساء المساعدات المالية التي تمكنهن من مواصلة التعليم وفرص أفضل في العمل.

3 – تحسين الخدمات المحيطة التي تساعد المرأة على التفرغ من أجل الدراسة والعمل.

4 – المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة وإعطائها الحوافز والمكافآت وتشجيعها على تحمل المسئوليات.

أما عن معاناة الأستاذة الجامعية فتقول الباحثة إن الظروف الاجتماعية تؤثر سلبًا على العمل الأكاديمي بسبب الدور الاجتماعي التقليدي الذي تلعبه المرأة مثل تحميلها الأعباء المنزلية وتربية الأطفال وغيرها. ومن ناحية أخرى تشير الباحثة إلى أن تمويل الأبحاث الخاصة بالجندر أو الدراسات النسائية من قبل الجهات الحكومية محدود للغاية وخاصة لأن النساء من الأكاديميات يخشين أن يلقبن بالمناهضات ويتملصن من الخوض في أحاديث عن أمور شائكة، فمن منهن تستطيع أن تهاجم فكرة تعدد الزوجات بطريقة علمية ؟ ومن منهن تستطيع أن تطالب بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية؟

وتقتبس الباحثة إحدى المقولات التي قالها أحد مديري العموم في الأمم المتحدة عندما صرح بأن العقبة الأساسية التي تواجه مسألة المساواة بين الجنسين في أفريقيا تكمن في المعتقدات الاجتماعية الراسخة” (ص 71 ).

أما عن وضع المرأة الباحثة في الجامعة فتقول أن الباحثات في مجال الدراسات النسائية يعانين من عدم إمكانية الحصول على دوريات أو مجلات علمية حديثة في هذا المجال، ولا يمكنهن الاشتراك في ندوات أو سيمنارات عن قضايا الجندر وخاصة أنهن محاصرات بأبحاث ذكورية من شأنها إظهار صورة المرأة كمخلوقة مهمشة. هذا بالإضافة إلى غياب المرأة عن اتخاذ كل القرارات المصدرية أو اعتلائها الوظائف القيادية.

أما عن وضع الطالبات في الجامعة فتقول الباحثة إن إقبال الطالبات على دراسة مجالات دون أخرى مثل الآداب والاقتصاد والحقوق يعكس المفاهيم الاجتماعية العامة التي تقلل من أهمية دراسة العلوم الحديثة بالنسبة للمرأة. كما أن الأعباء الاجتماعية والعائلية تقف في سبيل تعليم الفتيات خاصة في المناطق الريفية من البلاد.

وتعدد الباحثة الحواجز والعقبات التي تعترض التعليم في الجامعة كالتدخل الأمنى وإغلاق الجامعة بعد المظاهرات هذا بالإضافة إلى غياب التوجيه والإرشاد، الأمر الذي يعانيه الطالبات والطلاب ويجعلهم يتوجهون نحو الجماعات الدينية المتطرفة (المسلمة والمسيحية) التي تقوم بدور الإرشاد لهؤلاء الشباب في مرحلة الجامعة. وبالتالي أصبح المد الديني من أكثر الأمور جدية فقد زاد عدد المتشددين دينيًا عامًا بعد عام وارتدت الكثيرات ملابس الحجاب التي أصبحت مثل الشعار أو الشارة التي تجمعهن بكثيرات أخريات، وفى النهاية تؤكد الباحثة أن الصراع من أجل تحقيق الحرية الفكرية والبحث هو جزء لا يتجزأ من الصراع حول حقوق الإنسان. كما تعتبر أن الدراسات النسائية هي السبيل الوحيد لإعادة تفسير علاقات الجندر في المجتمع. وتطالب الباحثة كل الجهات المعنية بالاهتمام بالدور الحيوي الذي يقوم به الدين في قلب الحياة السياسية والاجتماعية وبالتالي فمن المهم الاهتمام بنشر التعاليم الدينية الصحيحة ومناقشتها بموضوعية في ضوء المتغيرات الحديثة.

وفي واقع الأمر فإن البحث الذي تقدمت به الباحثة السنغالية يلقى الضوء على جانب حيوى في الحياة، غاية في الحساسية، وهو الجانب الديني أو العقائدي الذي يستغل في كثير من الأحوال لفرض أحكام أو آراء على المجتمعات أو ليكون العقبة التي تقف في سبيل التقدم وبهذا يخالف المتشددون الجوهر الأصلى للدين والذي شرعت من أجله الأديان وهو التمسك بالقيم والتقدم العلمي واستمرار البحث الذي يضيف المظهر الحضاري للأمم المتمسكة بأمور دينها، فالعلم والدين لا يتعارضان.

واستكمالاً للحديث عن الدين وربطه بالسلطة يبدأ الحديث عن البحث الخامس (المعايير الاجتماعية والحرية الفكرية والأكاديمية في مصر). تحرير حلمي شعراوي. ويعتبر هذا البحث أكثر الأبحاث طولاً لأنه يتناول علاقة الحريات بالسياسة أو السلطة في خلال حقبة تاريخية ليست قصيرة في مصر، فعلى مر العصور منذ دخول الإسلام إلى مصر وحتى وقتنا المعاصر كان للسلطة التشريعية والدين أثر إما سلبيًا أو إيجابيًا على حرية الفكر والتعبير. ومن الملاحظ أن الباحث لم يركز في هذا البحث علي وضع المرأة تحديدًا حيث اعتبر أن حريتها الفكرية والأكاديمية مساوية لوضع الرجل من قضية الحرية الفكرية والأكاديمية على وجه العموم في ما مصر.

وفي البداية يحدد الباحث أهداف البحث في أربعة محاور هي:

1 – مناقشة المؤسسات الدينية ذات الجذور العميقة الممتدة في التراث السياسي.

2 – تأثير التراث على نظام الدولة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي (مشكلة الوعى

والثقافة السياسية).

3 – موقف الجامعات والحركة التعليمية تنمية المجتمع ومظاهر الحداثة فيه (مسألة الحرية).

4 – موقف النساء في قلب الفكر الديني ومحاولات استبعادهن من المشاركة في بناء المجتمع.

يؤكد الباحث أن كلاً من الدولة والمؤسسات الدينية قد تبادلا الأدوار على مدى التاريخ لوضع حدود الحريات والمشاركات التي تقوم بها بعض الفئات دون غيرها وذلك كله من منظور ذکوری بحت.

ويذكر الباحث مثالاً على تقييد الحريات الفكرية يتمثل في الدكتور نصر حامد أبو زيد الذي اتهمه كبار أساتذة الشريعة الإسلامية (بعد ثلاث سنوات هي مدة نظر قضيته في المحاكم المصرية) بالكفر، وبالردة والتفريق بينه وبين زوجته المسلمة (أستاذة جامعية تعمل معه في أكبر جامعة في مصر) وذلك لأنه تقدم بأبحاث يقوم فيها بإعادة تفسيره لبعض الآيات القرآنية من خلال بحثه (القرآن في النظم الحديثة) 1993. إن العقاب الذي ناله الدكتور نصر أبو زيد إنما يعبر عن قفزة التاريخ والموروث القديم إلى الحاضر بل وسيطرته على الثقافة السياسية في مصر ومعظم البلاد العربية. ومما لا شك فيه أن هذه القفزة التاريخية للحاضر تؤثر تأثيرًا بالغًا على الحرية الفكرية والبحث العلمي. وهذا بالتحديد هو أهم محاور ذلك البحث.

ويضيف الباحث أن موافقة السلطات السياسية ضمنيًا على هذا الحكم يعكس رغبة الدولة في الاستقرار السياسي مع العلم أنها تتصدى بشدة للتيار الديني المتشدد (وتعتبره قوة إرهابية). وعلى هذا يحاول الباحث تفسير أسباب توتر العلاقة ما بين الدولة والمجتمع الديني والمجتمع المدني في مصر من خلال إقراره لعدة وقائع وهي:

1 – لم تعبأ الدولة بتطوير أى من المؤسسات الاجتماعية (التعليمية – القضائية – التشريعية) لأنها تستطيع السيطرة عليهم تمامًا.

2 – تعتمد الدولة على عدة قوانين (تاريخية) لم تتغير على مدى قرنين من الزمان، هذا بالإضافة إلى قدرتها على السيطرة الكاملة على صدور أي قوانين جديدة في الفترة ما بين 1952- 1996 وسط مناخ يتظاهر بمحاباة التعددية بينها في جوهره هو شديد التحفظ وتقليدي.

3 – تسيطر الدولة على نوعية العلاقات الاجتماعية والفكرية وثباتها بدلاً من العمل على تشجيع الحرية العامة ويظهر هذا في ربط ما بين الحكم على نصر أبو زيد (بالردة) وهو حكم ديني (والتفريق بينه وبين زوجته) وهو حكم اجتماعي.

ويشرح الباحث نبذة تاريخية عن علاقة الأزهر باعتباره أكبر مؤسسة دينية في مصر بالحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية. ويؤكد بأن الأزهر قد استسلم للحكام منذ عهد محمد على ومن خلفوه وبرغم حركة الإصلاح الديني التي قامت في القرن 19 على يد الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني لم يستطع الأزهر التواؤم مع التطور ولكنه استمر في تمثيل الشرعية الدينية التي تخاطبها الجهات السياسية في مصر.

إن منافسة الأزهر مع الأخوان المسلمين الذين دمجوا الدين بالسياسة أدى إلى الاتجاه إلى رغبته في الاستحداث ثقافيًا وإن كان هناك تناقض عندما تنكر الأزهر للتحرريين مثل الشيخ على عبد الرازق (الأزهرى) الذي انتقد فكر الخلفاء ومن بعده طه حسين وأخيرًا نصر حامد أبو زيد. هذا بالإضافة إلى العلاقات بين الأزهر ووزارة الأوقاف التي تقوم بتعيينات أثمة المساجد، وبالتالي تتحكم في شئون الأزهريين. إن رأى الأزهر في القضايا مثل قضية نصر حامد أبو زيد يؤثر بالضرورة على الرأى العام المصرى بل إن تأثير الأزهر قد شجع المؤسسات الدينية المسيحية (الإنجيلية والأرثوذكسية) على السير في الطريق نفسه المؤدى إلى كبت الحريات الفكرية وذلك عندما قامت تلك المؤسسات باستبعاد مفكرين مسيحيين مثل د. عاد نزيه ود. رفيق حبيب. أي أنه من الواضح أن المؤسسات الدينية في مصر هي مؤسسات تتبع نظام الدولة ولا تنفصل عنه.

وفي الجزء الثاني من البحث وتحت عنوان(الثقافة السياسية تحت مظلة الرأسمالية) يقوم الباحث برصد المتغيرات السياسية في مصر وتأثير ذلك على الحرية الفكرية وخصوصًا بعد ثورة 1952.

ففي عهد جمال عبد الناصر الذي قاد مشروعات قومية عملاقة للتحديث والبناء مما قد يدفع البعض إلي أن يظن أن الأجواء تشجع على الحرية الفكرية آنذاك تم اعتقال آلاف الشيوعيين ومطاردة الإخوان المسلمين حتى أنه تحت شعار (العدالة الاجتماعية) منعت الدولة أي جماعة ذات فكر خاص من النشاط أو حتى من التكوين.

أما في عهد السادات وعندما رفع شعار (الديمقراطية) بدلاً من (العدالة الاجتماعية) وسمح بالتعددات الحزبية وشجع دخول النظام الرأسمالي وإصدار عدد كبير من الصحف (وإن كانت الإذاعة والتليفزيون وأكبر هذه الصحف تحت السيطرة الحكومية) تدهور العمل الاجتماعي وتقلص دور الرأسمالية (التي قد توحى بوجود الحرية الفكرية) ليكون نظامًا اقتصاديًا فحسب وزاد نشاط الإخوان المسلمين العائدين من دول الخليج وقويت شوكتهم. وفى عهد السادات استمرت سياسة القمع وفشلت الإدعاءات الليبرالية الزائفة بسبب عدة عوامل سياسية منها معاهدة السلام التي قام بها السادات منفردًا وعدم قدرته على ترغيب الغرب في الاستثمار في مصر بدلاً من إسرائيل بسبب اضطراب الأحوال داخليًا هذا بالإضافة إلى أن الدخل القومي لم يكن يكفى لبناء ما كان يحلم به (رأسمالية قومية). وبالتالي فإن سياسة قمع الإسلاميين أدت إلى اغتيال السادات.

أما عن الإخوان المسلمين فقد أصروا على الحصول على مزيد من المكاسب السياسية. هذا بالإضافة لظهور طبقة اجتماعية جديدة من الأثرياء (سماسرة العقارات والعسكريين السابقين والبيروقراطيين الذين تركوا العمل في القطاع العام) والذين دفعوا بالحكومة لإجراء مزيد من سياسة القمع لضمان استقرار أوضاعهم المالية.

وتطور عصر الانفتاح وجاء عصر (الخصخصة) الذي شهد غياب دور الحكومة في العشرين عاما الأخيرة. ودخلت مصر مرحلة جديدة من السيادة وكبت الحريات مع زيادة نسبة الفقر الذي أدى إلى زيادة العنف وخاصة عند الجماعات الدينية المتطرفة. وقامت الدولة بردود أفعال تتنافى مع مفهوم الليبرالية مثل تضييق الخناق على الأحزاب السياسية الصغيرة ومنع الإخوان المسلمين من تأسيس حزب ديني بالإضافة إلى السيطرة على الجامعات المصرية. ومع تطور عنف الحكومة زاد عنف البوليس الأمر الذي أفقد الشعب الثقة فيه أو ومع التعاطف معه حتى في حربه ضد الإرهاب.

وتحت عنوان (الجامعة والبحث العلمي) يتحدث الباحث عن قدسية الجامعة وتاريخ إنشائها وارتفاع نسبة التحاق المرأة المصرية بالتعليم الجامعي (الأمر الذي لم يغير من واقعها الاجتماعي أو الوظيفي) ثم يرصد القوانين التي صدرت في عهد السادات لقمع الحرية الفكرية مثل قانون 40/ 1972 الذي يمنع حق التعبير الجماعي أو التصرف الحر وقانون 809/ 1975 والذي يمنع اشتراك اتحاد الطلاب في أي نشاط سياسي.

وقد ساعدت هذه القوانين على تجريم المسيرات أو المظاهرات أو إصدار المنشورات. وألغى نظام انتخاب العمداء للكليات وتم وضع المجلس الأعلى للجامعات تحت سيطرة وزارة التعليم العالى مما زاد من كبت الحرية الفكرية.

(الحركة النسائية وحركة الفكر): تحت هذا العنوان ينفى الباحث وجود دور للمرأة في أي تغيير سياسي أو تحول في الآونة الأخيرة حيث يرى المتطرفون أن مشاركة المرأة مظهر من مظاهر (التغرب) ويؤكد أن المعوقات التي تواجه الرجل هي نفسها التي تواجه المرأة خاصة مع ربط الدولة بالدين.

كما ينفى الباحث أن تكون مصر دولة متخلفة في مسألة التعليم أو المساواة ولكن تكمن المشكلة الأكبر في هيمنة الحزب الحاكم ودفع الثقافة الجماهيرية في طريق واحد مما أدى إلى تقاعس المجتمع المدني عن تقبل الحرية الفكرية. كذلك هذا الربط بين الدين والدولة قد ساعد على استمرار الدفاع عن حقوق الرجل من منظور ذكوري.

ويرصد الباحث تاريخ بدايات تعليم المرأة منذ عهد محمد على واشتراكها في ثورة 1919 ووجود رائدات ممن عملن في الأحزاب السياسية والصحف المصرية مثل ملك حفني ناصف ونبوية موسى ومى زيادة ودرية شفيق وغيرهن مرورًا بفترة الأربعينيات واشتراك الفتيات في الحركات الطلابية ومقاومة الاستعمار مثل لطيفة الزيات وفاتيما زكي ثم حصول المرأة على حق الانتخاب عام 1956.

وفي عهد السادات ظهر قانون الأحوال الشخصية رقم (44/ 1979) الذي قُوبل بالاعتراض الشديد من قبل رجال الدين وألغي في عهد مبارك بقانون رقم (100/ 1985) أو القانون الذي أتاح 30 مقعدًا في البرلمان للمرأة (1979) الذي ألغي في عهد مبارك عام 1992 بسبب ضغوط بعض الجهات.

ويرصد الباحث ظاهرة غياب المرأة عن كثير من الوظائف الحكومية القيادية مثل القضاء أو الوظائف العسكرية أو رئاسة الجامعة. وبغياب المرأة عن تلك الوظائف تخشى السلطة الدينية التقليدية أعطاءها حقوقًا إضافية خوفًا من الجماعات المتطرفة. وإذا كانت السياسة العامة فإن تجعل قرينة رئيس الجمهورية تقوم بأنشطة خاصة بالثقافة والتنوير ورعاية قضايا المرأة إلا أن الصحف الحكومية تقوم بشن هجمات يقودها متطرفون يطالبون بعودة المرأة للمنزل ويلصقون بالمرأة العاملة التهم مثل ظاهرة أطفال الشوارع التي تهدد المجتمع كله. ولا يرى الباحث أملاً قويًا في تحسن أوضاع المرأة في ظل أزمة البلاد الحالية حيث تعانى من ضغوطًا يمارسها المتطرفون عليها مثل مسألة الحجاب والعودة إلى المنزل بدلاً من النزول إلى ميدان العمل.

وتحت عنوان (عقبات في طريق الحرية الفكرية للمرأة) يقوم الباحث بسرد بعض من العقبات التي تقف في سبيل تحسين أوضاع المرأة قائلاً:

1 – التاريخ الثقافي يضع الرجل في موقع السيادة وذلك في سياق الأمور القضائية وتفسير القرآن مما يجعل هذا الوضع أمر مسلم به بالنسبة للمرأة ذاتها” (Tabour 1992) ص 10.

2 – بعض النساء تحررن من المفهوم السابق بسبب تأثر هن بالغرب مما عرضهن للهجوم من الآخرين والعزلة.

3 – الضغوط الاجتماعية ومسئولياتها في المنزل تعوق تقدمها وإنجازاتها العلمية.

4 – تقلص دور المرأة في عهد الانفتاح وكانت صورتها النمطية هي أن تكون ربة منزل آنذاك وخصوصًا مع توافق هذه الصورة مع صورة المرأة في الخليج.

5 – غياب الحركات النسائية وتقييد الحكومة للدور النشاطي الذي يعطى الجمعيات النسائية غير الحكومية قدرًا كافيًا من الحرية.

وبسبب كل ما سبق تتعرض الكثيرات من النساء ذوات الآراء الفكرية الجريئة لكثير من الانتقادات والهجوم.

وعلى وجه العموم يعتبر هذا البحث مرجعًا تاريخيًا وافيًا عن علاقة الدين والدولة بالحرية الفكرية في مصر على مر العصور التاريخية المختلفة وخاصة في عصر الحداثة وبعد ثورة يوليو 1952. وربما كان البحث يفتقر إلى التركيز على المعوقات الاجتماعية في مصر التي وقفت في سبيل تقدم المرأة بدلاً من التركيز على الجانب السياسي فقط الذي يغفل الاضطهاد والقهر الذي تعرضت له المرأة أكثر من الرجل في مجال إتاحة الفرص للتعليم والتفوق الأكاديمي وحرية التعبير. كما أغفل البحث نشاط الحركات النسائية في العصر الحديث ودورها النشط في زيادة الوعى من خلال أبحاث ودراسات تركز على مفاهيم (الجندر) ومدى تأثير ذلك على تنمية الوعي في مصر.

في الفصل السادس وعنوانه (التحديات التي يواجهها البحث العلمي في موريتانيا) يتناول الباحث محمد عبدولي ثلاثة عوامل تؤثر تبادليًا في قضايا التعليم العالي والباحثين الأكاديميين في موريتانيا وهم المفكرون أو الباحثون في مجال العلوم الاجتماعية والدولة والمجتمع ذاته. ويظهر ذلك من خلال دراسة الباحثين لظروف المجتمع والأحكام التي يمكن تطبيقها داخل هذا المجتمع مع مراعاة النظم السياسية والظروف الاقتصادية والاجتماعية.

ويذكر الباحث بعض التشريعات التي قد تتسبب في إثارة المشاكل أكثر من العمل على الإصلاح في المجتمع مثل قوانين تتعلق بخطط إصلاح الأوضاع الاقتصادية والمالية (1985 – 1988) أو المشروع القوم لاستصلاح الأراضي (1983) وإرساء قواعد الديمقراطية (1992) وكذلك بعض التغييرات التي أدخلت على نظام الجامعة في نواكشوط فتسببت في كثير من المشاكل.

ويشير الباحث إلى المهمة التي أسندت إلى الجامعة عام (1981) وهي تطوير وتنمية القيم الثقافية الأفريقية والعربية“. ص 106. فيقول الباحث تعقيبًا إن هذه التركيبة (العربية والأفريقية) غير دقيقة وتحمل معاني غامضة متعمدة. بالإضافة أنه يعكس مدى السيطرة الخارجية على الجامعة والبعد عن تحقيق معايير الجودة والكفاءة التعليمية.

فقضية التعريب (arabisation) في موريتانيا ذات آثار سلبية وخصوصًا على القومية وإدماج أو ذوبان الفروق بين الطوائف العرقية والاجتماعية المختلفة في داخل البلاد. وخصوصًا بالنسبة لمتحدثي اللغات الأفريقية أو اللغة الفرنسية وذلك بعد أن أصبحت دراسة اللغة العربية أمرًا اختياريًا. وبالتالي أصبح من لا يعرفون العربية مهمشين في داخل الإدارات الحكومية.

ومن ناحية أخرى يتحدث الباحث عن أزمات داخل الجامعة تتمثل في ضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمي والتي لا تتحمل أكثر من درجات الماجستير والدكتوراه ضعيفة المستوى العلمي (ص 109). كما أن اهتمام الدولة والمجتمع بالبحث العلمي ونتائجه محدود.

ويوضح الباحث علاقة البحث العلمي أو الجامعة بالدولة قائلاً إن الشعارات القومية التي تصدرها الدولة كانت تقف في سبيل حرية المفكرين، أعضاء الكونجرس الموريتاني بل وتطوق أفكارهم بأفكار أحد الأحزاب السياسية وذلك لأن المفكرين يمثلون الخطر الداهم الذي بإمكانه الكشف عن ما تخفيه الحكومة عن الرأى العام ويتعارض مع أهدافها ولذلك تعمل الدولة على مراقبتهم بدقة والضغط عليهم أو تهديدهم في حالات معينة.

أما عن العلاقة بين الجامعة والمجتمع فيقول الباحث إن من أهم العقبات التي يواجهها المفكر أو الباحث في التعبير هو عدم المساواة أو العدالة الاجتماعية لأن موريتانيا تتكون من مجتمع قبلي وعشائري مما يجعل الموضوعية المطلوبة في أبحاث العلوم الاجتماعية أمرًا شديد الصعوبة. وفي النهاية ينادي الباحث بمحاولة تأسيس وتعديل فكر اجتماعى مستقل يقيم العدل ما بين الطوائف السياسية والاجتماعية والمهنية ويحترم فكرة التعددية.

وفي النهاية بالرغم من أن الباحث أوضح علاقة الجامعة بالدولة والمجتمع وألقى الضوء على المشاكل التي تحد من الحرية الفكرية في موريتانيا فإنه لم يتطرق لمشاكل الجندر في موريتانيا وما تواجهه المرأة من صعوبات مع التعليم الأكاديمي.

وفي الفصل السابع تتحدث الباحثة أولوتين ميجوتى فاشينا عن (الحرية الأكاديمية والمرأة في نيجيريا) وفي هذا البحث تركز الباحثة على تأثير الجندر على الحرية الأكاديمية في بلادها من خلال مناقشة ثلاثة محاور أساسية هي:

1 – المرأة الأكاديمية وموضوع البحث العلمي.

2 – علاقة الأمومة بالمرأة الأكاديمية.

3 – القوانين الظالمة والمرأة الأكاديمية.

 

تؤكد الباحثة أن الدراسات التي تجرى في مجال الجندر أو الدراسات النسائية لا تؤخذ مأخذ الجد. وأن بعض الرجال في المجتمع النيجيرى لا يعترفون بأخطائهم وسلوكهم السيء (الظالم) مع المرأة، أما البعض الآخر فهم لا يعترفون أساسًا بأن للمرأة حقوقًا منفصلة عن الرجل.

تحت هذا العنوان تستنكر الباحثة عدم تنفيذ القوانين التي تصدر لصالح المرأة؛ ومنها ذلك القانون الذي صدر عام 1992 والذي يعطى للمرأة الحق في ثلاثة شهور إجازة مدفوعة الأجر لرعاية الطفل. وتؤكد الباحثة أن مثل هذه القوانين أصبحت موضع سخرية بين الرجال من الأكاديميين ولا تستطيع المرأة الحصول عليها.

تقول الباحثة إنه لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المالية أو المحاسبات الضرائبية، فالرجل يعامل كما لو كان هو مصدر الدخل الوحيد في الأسرة وهذا غير صحيح. وفي الخاتمة تؤكد الباحثة أن ما تتعرض له المرأة في مجال الأكاديمية من اضطهاد وظلم يضعها كثيرًا في موقف اختيار بين حياتها الوظيفية أو حقوقها في الأمومة ورعاية الأسرة. وأخيرًا يعتبر هذا البحث من الأبحاث الموجزة التي تركز على نقاط قليلة ولكنها في صميم الموضوع الأساسي للكتاب.

أما في المقالة الأخيرة (الحرية الأكاديمية ووضع المرأة في الكاميرون) بقلم نوربرت ن اويندجي.

فلا يوجد اختلاف كبير بين الأوضاع في الكاميرون عنها في بلاد أفريقية أخرى بالنسبة لمشكلة الحرية الأكاديمية والجندر أو سوء أحوال التعليم سواء في المدارس أو الجامعات.

وتبدأ الباحثة هذا البحث بذكر أحداث عاصفة في الجامعة حدثت بسبب تقليل عدد المنح الدراسية للطلاب بل ومطالبة الطلاب بدفع رسوم إضافية مقابل خدمات إما وهمية أو من المفترض أنها ضرورية مثل استخدام المعامل والمكتبات ودورات المياه.

وتعرض الطلاب الذين اشتركوا في المظاهرات العاصفة ضد هذه الأوضاع إلى الفصل من الجامعة أو الحبس أو التعذيب الجسدي والنفسي وإن كانوا قد حصلوا على تأييد شعبى عريض من جانب المعارضة السياسية وزملائهم في اتحادات الطلاب في الجامعات المختلفة. أما بالنسبة لعمل المرأة في الكاميرون فالنسبة قليلة جدا، خاصة أن أكبر نسبة تعليم للفتيات موجودة في الكاميرون، وبالرغم من هذا فإن نسبة التحاق الفتيات بالتعليم أقل من نسبة التحاق البنين وذلك للأسباب الآتية:

1 – يفضل الأهالي الأنفاق على تعليم الذكور أكثر من الإناث.

2 – الزواج المبكر والإنجاب المبكر ظاهرة طبيعية في البلاد.

3 – يوضع على عاتق الفتاة القيام بالأعمال المنزلية.

4 – تفتقد الفتاة في الكاميرون القدوات اللاتي يعملن في المجالات العلمية والتكنولوجيا كما يفتقدن الثقة بالنفس.

وفي الجزء الثاني من البحث تلقب الباحثة الجامعات بـ (سوبر ماركت الجنس) حيث تشير إلى أن الجامعات تعد للعلم بل أصبحت مقابر جماعية لشباب الكاميرون. وتشتكي الباحثة مثل آخرين من سوء حالة المباني وتقاعس الأساتذة بسبب عدم الحصول على حقوقهم المالية واختفاء الخدمات الاجتماعية داخل الجامعة. وزاد الأمر سوءًا مع تطبيق نظام الساعات المعتمدة والذي يفرض على الطالب النجاح في جميع المواد قبل الانتقال إلى السنة التالية أو إنهاء دراسته وبهذا زادت حالات الغش وعمت الفوضي

وقد تسبب هذا في تعرض الفتيات للمهانة والابتزاز حيث يقوم الأساتذة بتفتيش الفتيات ذاتيًا أثناء الامتحان كما يضطررن الطالبات إلى تقديم التنازلات (الجنسية) التي تمكنهن من النجاح بنسبة أعلى من الذكور. ولكن الرشاوى تحل المشكلات نفسها فقد يشتري بعض الأغنياء نجاحهم. ونقلاً عن أحد الصحفيين في وصف الجامعة هي مركز للمساخر من جميع الأنواع، ووكر للملذات، مركز تجارى حيث تفتح الأموال والجنس جميع الأبواب أو تغلقها حتى تلك المؤدية إلى أعلى الشهادات“. ص 138.

وبالتالي أصبح الحصول على الشهادات العلمية بالمجهودات الذاتية أمرًا مشكوكًا فيه ولذا زادت البطالة أو عملت الكثيرات ذوات المؤهلات في الأماكن الرخيصة أو اتجهن إلى ممارسة الدعارة التي تقودهن إلى مستقبل مظلم.

وفي الخاتمة تقول الباحثة إن المرأة في الكاميرون لا تتعرض للتمييز الذي تتعرض له الكثيرات من النساء في بلاد أخرى بسبب مشاكل الجندر والتي قد تقف في سبيل إنتاج المرأة في مجال العمل. وترى الباحثة أن المشكلة الكبرى تكمن في وضع المرأة الاجتماعي الذي يفرض عليها العناية بالآخرين مما يترك لها القليل من الوقت فقط للتفكير والإبداع الأدبي أو العلمي.

وعلى وجه العموم يعتبر هذا الكتاب من الكتب التي يمكن أن يستفيد منها القارئ المتخصص في مجال التعليم أو المجال الأكاديمي وغير المتخصص في ذلك. فبالإضافة إلى أنه يلقى الضوء على التمييز الشائع في جميع البلاد الأفريقية ضد المرأة والمشاكل المحيطة بقضايا الجندر وتكبيل الحريات الفكرية في داخل الجامعة لكنه بالنسبة للمتخصص يعد مرجعًا علميًا يستند إلى الاحصائيات والوقائع والقوانين في كثير من البلاد الأفريقية. وبالنسبة للمتخصص أيضًا هناك قوائم طويلة من المراجع التي يمكن الاستفادة منها في عمل أبحاث في هذه المجالات والقضايا المطروحة في الكتاب على نطاق واسع. ومن المثير أيضًا هو أن الكتاب يعرض وجهة نظر الجنسين لأن من اشترك في تحرير المقالات المنشورة هم باحثون وباحثات، متعددو الاهتمامات والجنسيات وإن كانوا جميعًا أجمعوا على وجود وعوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية مشتركة أدت إلى كبت الحريات وتردي الحالة التعليمية لكن هناك اختلافا بين الأبحاث التي قدمتها النساء حيث إنها تتناول قضايا الجندر بصورة بها حساسية أكثر من تلك التي قدمها الرجال. فقد غفلت الأبحاث الأخيرة مشاكل الجندر وركزت على المشاكل العامة في مجال التعليم والحرية الفكرية. وفي النهاية فإن معظم الأبحاث مكتوبة بلغة سهلة تمكن القارئ من متابعتها بسلاسة ويسر.

سهى رأفت: أستاذة مساعدة بقسم اللغة الإنجليزية/ جامعة حلوان، وعضوة بمؤسسة المرأة والذاكرة.

(*) Ebrima Sall. Ed. Women in Academia: Gender and Academic Freedom in Africa. Dafos CODESRIA, 2000.

اصدارات متعلقة

شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6
شهادة 5
شهادة 4