النساء والطب والسلطة

تاريخ النشر:

2002

كتابة:

النساء والطب والسلطة

العلم وتأسيس الدولة المصرية

قبل أن نلقي نظرة متعمقة علي المدرسة وفعالياتها اليومية، قد يكون من المفيد أن نتلمس أصول الرؤية التقليدية لمدرسة القابلات. المدهش أن أحد المصادر هي تصريحات محمد علي نفسه لضيوفه الأوروبيين. أولئك الرحالة الأجانب كانوا في العادة مهتمين بإضافة المزيد من الحيوية لرحلتهم الشرقية الحافلة بالغرائب وذلك بزيارة العنكبوت العجوز في عرينهعلي حسب وصف الرحالة البريطاني للمقابلة الروتينية مع الباشا في قلعته بالقاهرة (11). ومن ناحيته كان الباشا يستميت للتأثير علي الرأي العام الأوروبي وتحسين فرصه لدفع السلطات العثمانية لمنحه حكم مصر وراثياً، وعليه؛ كان يستغل هؤلاء الرحالة ضمن جهوده لرسم صورة لنظامه كنظام للمساواة والاستنارة يسعى لإدخال الأفكار الحديثة لإقليمه في الوقت الذي كانت المناطق الرئيسية للمملكة العثمانية تعاني من التعصب والخرافات.

كان محمد علي يدرك أنه ليس من حقه مقابلة الممثلين السياسيين (السفراء أو القناصل) في عواصم أوروبا، حيث أنه قانونياً وعمليًا ليس إلا حاكما لإقليم عثماني. على أنه كان يلجأ لاستخدام بعض الأدوات المتاحة لمشروعه في التأثير علي الرأي العام الأوروبي. إحدى هذه الاستراتيجيات كانت مسرحة زيارات الرحالة الأوروبيون والتحكم بصورة ما فيما سيكتبون عنه(١٢). وتشير السجلات التي خلفها هؤلاء الرحالة إلي أنه كثيرًا ما نجح في استخدامهم لهذا الغرض. لنر علي سبيل المثال هذه المقابلة التي جرت مع سير جون باورينج المستشارالذي أرسله اللورد بالمرستون وزير الخارجية البريطاني إلى مصر ليقدم تقريرًا عن حكومة الباشا وأحوالها المالية ولكنه سرعان ما عقد صداقة حميمة مع الباشا العجوز. “لا تحكم علي بناء علي مقاييسك، أحكم علي في إطار الجهل المحيط بي.. أنني أجد القلة التي تفهمني وتنفذ أوامري.. . لقد عشت تقريبًا وحيداً في غالبية حياتي“(13). كيف يمكن للمرء ألا يتأثر بمثل هذا التصريح البارع الذي يقدم به الباشا نفسه كمصلح كبير، وحيد، غير مفهوم من قبل شعبه، ولكنه برغم ذلك مصر علي دفع بلده للتقدم. قدم للبلاد وهي بائسة تترنح على وشك التداعي، فأنتشلها من حافة الفوضى الشاملة، وبثبات ودأب شرع في تحديثها. الشيء الملحوظ هنا هو إشارته للعلم الحديث لتبرير وضعه في مصر وللرد علي انتقادات الأوروبيون لحكمه ولتمرده المثير للجدل ضد السلطان العثماني.

ومن الملاحظ أيضًا أنه في محاولاته للتأثير علي آراء هؤلاء الزوار الأجانب وتوجيهها والتأثير بالتالي علي ما يكتبون، كثيرًا ما نجح محمد علي وكبار موظفيه في تقديم المؤسسات التي يقوم الزوار بتفقدها بأفضل وسيلة ممكنة، تمامًا كما هو حال الزيارات المفاجأةالتي يقوم بها المسئولون المصريون في أيامنا. فعلي سبيل المثال توضح رسالة من اللجنة الطبية (شوري الأطباء) لديوان الجهادية المشرف عليها فنيا ربع مستشفي قصر العيني حالياً تحت الإنشاء. هذا القسم مخصص لصيدلية المستشفي ومعملها، يوجد لدينا الآن مبني مؤقت للمعمل ليس له سقف، وهو غير لائق تماما حتى أننا لا نجرؤ علي عرضه للسياح“(١٤).

وتفيد رسالة أخري لديوان تفتيش صحة المحروسة موجهة لإدارة بوليس القاهرة (ضبطيات مصر)، بأنه أثناء تفقد شوارع حي الأزبكية، كانت الشوارع قذرة والقمامة متراكمة؛ هذا غير مقبول خصوصاً وأن مقركم الرئيسي يقع في هذا الحي الذي يقطنه معظم الأجانب المقيمين والقناصل الأوربيين.. نطالبكم ببذل الجهد للمحافظة علي صحة ونظافة الحي، خاصة وأن كل السياح يفدون إليه بانتظام وإن وجدوا الحي بهذا الحال، فقد يعتقدون أن سائر أحياء القاهرة الأخرى علي شاكلته في القذارة وهذا شيء لا يمكن أن يسعدكم“(١٥). وفي رسالة أخري كتبت الشورى لديوان المدارس تعضد طلب أحد مدرسي مدرسة القابلات لبعض الأدوات الضرورية المطلوبة، مؤكدة على أن هذه الأدوات ضرورية لتحسين أداء المدرسة الذي بالإضافة لنفعه لطلبتها فهو ضروري أيضًا لصورتها خاصة أن كل السياح المهمين يذهبون للمدرسة لتفقدها“(١٦).

لابد وأن هذه الاستعدادات كانت ناجحة جداً، ذلك أنه رغم أن التقارير المحفوظة تظهر وجود شكاوى دائمة من أداء المؤسسات الطبية المتعددة، فإن الكتاب الأوروبيين المعاصرين يصفون المستشفيات كما لو كانت بلا نقيصة. ولنأخذ علي سبيل المثال الوصف التالي للدكتور وايلد لمستشفي قصر العيني بعد زيارته لها في ٢٧ يناير ١٨٣٨: “مصحوبًا بتوصية إلى رئيس الأطباء المقيم د. برونر، قمت هذا الصباح بزيارة المستشفي العسكري ومدرسة الطب في قصر العيني.. -. يقع هذا المبني الضخم الذي أحسن بناؤه والذي يعكس مدي إنسانية وليبرالية الباشا أكثر من غيره من الإضافات الكثيرة مؤخراً في مصر وسط أكثر الحدائق سحراً.. وأجد نفسي مرغماً علي القول بأنني لم أقم بزيارة مؤسسة طبية أكثر نظافة ونظاماً وأحسن إدارة منه (۱۷).

لقد قصدت أن أضع هذا الاقتباس من د. وايلد جنباً إلي جانب رسائل الموظفين الطبيين التي تلمح إلي احتمال أن تكون زيارته قد تم ترتيبها، لأحذر من التعامل غير النقدي مع ما رصده الرحالة ونحن بصدد تكوين رأينا حول مدرسة القابلات، ولألفت النظر بوجه أعم إلى أن الباشا الكبير نفسه قد ساهم في تشكيل رؤيتنا عنه. كما لو كان الباشا قد نجح في إملاء سيرته الشخصية من قبره. ومرة أخري كان العلمملاذه للتأثير علي كيفية رؤية وحكم زواره الأوروبيون علي حكمه للبلاد. لقد ترك لنا هؤلاء المحدثين الأوربيين العديد من الروايات روايات شهود العيان التي تشهد للباشا وحكمه المستنير. وعلينا أن نقرأ تلك الروايات بعناية بدلاً من تقبلها دون رؤية نقدية كما فعل عدد من كتاب سيرته(۱۸).

هناك مصدر آخر هام في رسم صورة الباشا المستنير يمكن تتبعه في كتابات معاصريه المصريين وخاصة أولئك الطلبة الذين أرسلهم ليروا بأعينهم.. كيف ولم يتفوق الغرب علينا” (۱۹). ففي عهده أوفد ما يزيد عن ثلاثمائة طالب للدراسة في العديد من الدول الأوروبية وإن كان أغلبهم أرسل لفرنسا. أوفد حوالي خمسين منهم لدراسة الطب، وعقب عودتهم عكف البعض منهم علي ترجمة الكتب من اللغات الأوروبية، ونشر المعلومات التي تلقوها في أوروبا بين زملائهم المصريين الذين يتعلمون في مستشفي قصر العيني المتنامي. شباب الأطباء هؤلاء الذين انتقاهم الباشا لا يرقي إليهم الشك في أن محمد علي هو الذي أدخل الطب الحديث لمصر. وإذا كان الباشا قد أراد أن يرسم لنفسه صورة الحاكم المستنير، فإن الطلبة الذين أوفدهم لأوروبا فضلوا أن يروه كنبي قام بتحسين أوضاع شعبه عبر رؤيته وإصراره. ولنأخذ علي سبيل المثال كتابات أحد هؤلاء الطلبة أحمد الرشيدي الذي أوفد لفرنسا عام ١٨٣٢ بعد انتهائه من دراسته بقصر العيني. كتب الرشيدي عند عودته لمصر علم الطب قد أختفي تماماً من مصر.. وكان يمارس عن طريق شتي أنواع المشعوذين.. الذين لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الطب، قواعده أو أسسه. (واستمر هذا الحال) حتى أرسل الله إلينا أكبر مصلح علي الأرض.. محمد علي.. الذي عقد العزم علي إحياء هذا العلم بإنشاء مدارس طبية” (٢٠). وفي نهاية الأمر قرر نفس الطبيب أن يقوم بترجمة كتاب عن الحمل والولادة لتستخدمه القابلات بمدرسة القابلات (حديثة الإنشاء) “علي أمل أن يجدنه نافعًا” (۲۱).

هذا الخطاب حول العلم والتحديث والتنوير لم يكن حكراً علي محمد علي ومحاوريه الأجانب أو طلبته المصريين، فالمؤرخون القوميون في سعيهم الدؤوب لإيجاد أب للدولة المصرية اختاروا الباشا الكبير كنموذج لهذا الزعيم. لذلك فإن الباشا، مؤسس مصر الحديثة، لم يكن مجرد وجه معروف للمؤرخين البريطانيين يذكرهم بمهمتهم الحضارية في الهند(٢٢)، أو للمؤرخين الفرنسيين الذين رأوا في سيرته استكمالاً منطقياً لما خلفه نابليون ناقصًا (2۳)، بل إن المؤرخين المصريين قد صوروه كبطل قومي حقيقي عقد العزم على تخليص مصر من نير العثمانيين وتحريرها أيضًا من الأوروبيين وخاصة سيطرة البريطانيين(24). وكانت سياسته لتخطيط برنامج حديث للصحة العامة علي وجه الخصوص هي التي تقدم كأهم إنجازاته لأنها ساعدت علي التخلص من غيوم الجهل التي خيمت علي البلاد لقرون“(٢٥)، وبالمثل، فإن مدرسة قصر العيني قد قيمت مؤخرا بأنها أكثر من مجرد معهد أكاديمي.. لقد لعبت دوراً محورياً في خلق مهنه الطب في مصر.. وعليه أصبحت تمثل مركزًا للحضارة كان له أثر تنویری علي البلد ككل“(٢٦).

 

بدلاً عن دراسة تأسيس المدرسة الطبية الحديثة في عام ١٨٢٧، أو مدرسة القابلات بعدها بخمس سنوات كمحاولات جادة لأحياء العلوم الطبية؛ علينا أن نضع هذه المحاولات في إطار سيرة الباشا العسكرية ككل. لقد كان تأسيس جيش ضخم وبحرية ضخمة في أوائل عشرينيات القرن (قوة محاربة بلغت في أوجها بعد عقد لاحق تعدادًا مهيباً قوامه مائة وثمانون ألف جندي) هو الدافع لمحمد على لتبني برنامج مثير للجدل ومكلف للإصلاح الطبي. لقد أدرك الباشا أن تكوين جيش يعتمد علي التجنيد الإلزامي يستتبع تجميع وتدريب عشرات الآلاف من المجندين في معسكرات مكتظة وتعليم الآلاف من المبتدئين في مدارس عسكرية مكتظة أيضًا، وعليه بطبيعة الأمور فإنهم يشكلون خطراً صحياً ضخماً، خاصة وأن مصر كانت معرضة للأوبئة والكوليرا.

وعلى نفس القدر من الأهمية، كان الاهتمام الشديد بتعداد الجيش المرجو وهو اهتمام تنامي مع زيادة أوامر التجنيد الإلزامي والسخرة. وجدير بالذكر هنا أن معدلات وفيات الأطفال كانت مرتفعة من جراء الإصابة بالجدري وولادة أجنة ميتة. وكان الاعتقاد السائد أنه يمكن التعامل مع الأمرين إذا تم الاهتمام بإعداد جيل من الممارسات الصحيات. كان كلوت بك يشارك معاصريه من الرجال في تحاملهم على القابلة التقليدية (الداية)، وكان علي قناعة أنها السبب الرئيس وراء ولادة العدد الضخم من الأجنة الميتة سنوياً نتيجة لخرافاتها وسوء ممارساتها. وكان يأمل أن يتيح افتتاح مدرسة للقابلات الفرصة لاستبدال الدايةالتقليدية بحكيمةحسنة التعليم ويعتمد عليها كخطوة للتخلص الكامل مما أعتبره رمزاً لكل تعقيدات طب الزوجات العجائزبما يحمله من أدوية سحرية وتعاويذ(٢٩).

ولكن قدر للجدري أن يكون الأكثر فتكاً بأحلام محمد علي التوسعية وذلك لارتفاع نسبة الإصابة به. ففي أوائل العشرينيات من القرن كان خمسون لستين ألفاً من الأطفال يسقطون ضحايا للجدري سنوياً، وكان المسئول عن تزايد نسبة وفيات الأطفال بنسبة 40 إلي 50 في الألف والذي رفع بدوره نسبة الوفيات سنوياً بين ثلاث إلي أربع في الألف(30). وفي مواجهة ذلك أصدر الباشا أوامره لمعاونيه عام ١٨٩٩ لعمل برنامج قومي للتطعيم ضد الجدري(31). وبعد مرور خمس سنوات طلب الباشا من السيد دروفتي القنصل العام الفرنسي جلب عدد من الأطباء من فرنسا لإدارة برنامج تطعيم في الريف. ووصل ثلاثة منهم إلي مصر وبدأوا في تطعيم الشعب ضد الجدري في مديريات عدة من الدلتا(٣٢) ثم انتقلوا إلي وسط مصر في العام التالي، وبعد وصول د. كلوت عام ١٨٢٥ واستلامه المؤسسة الطبية كلها أقنع الباشا بأن السيطرة التامة علي الجدري وغيره من الأمراض يتطلب مراجعة صحة وسلامة النساء والأطفال الذين لم يكونوا حتى تاريخه هدفاً للسياسية العامة(34). وأوضح كلوت بك أن النساء لابد أن يدربن حتى يقمن بحماية صحة نساء وأطفال مصر(٣٥)، ويوكل لهن علي وجه الخصوص تطعيم النساء ضد الجدري وهو الأمر الذي عجز عنه حلاقو الصحة من الرجال

ورغم أن السيطرة علي الجدري كانت من الدواعي الأساسية التي دفعت الباشا عام ١٩٣٢ لقبول نصيحة مستشاره الطبي والموافقة علي إنشاء مدرسة القابلات، إلا أنها لم تكن الدافع الوحيد. كان هناك مرضا أكثر إزعاجاً ويستلزم التحكم فيه الوصول للنساء ووضع أجسادهن تحت الملاحظة الطبية وهو مرض الزهري. الصلة بين الزهري وجيش محمد علي كانت أوضح من الجدري، ففي القرن الثامن عشر في مصر شأنها شأن غيرها كان يعتقد أن الزهري ينتشر أساسًا عن طريق الدعارة وهي شيء غير مرغوب وإن كان منعه غير ممكن وعليه أضحي ملازمًا للجيش في القرن التاسع عشر.

هناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن البغاء في مصر كان في ازدياد في النصف الأول من القرن التاسع عشر. لم يكن الأمر نتيجة انهيار مفاجئ للأخلاق، أو تفشي مبهم للرذيلة ممثلاً في العالمة كشك هانموفرقتها أو المخنثين(۳۷) الذين كانوا يرقصون في شوارع القاهرة بأزيائهم النسائية لتسلية الأغنياء والفقراء علي السواء. كما لم يكن السبب ارتفاع نسبة الطلاق، أو المزاج الشهواني للنساء المصريات” (۳۸) كما أشار كلوت بك؛ بل كان السبب هو التمزق غير المسبوق للحياة العائلية والذي نجم عن سياسة محمد علي النهمة للتجنيد الإلزامي والتي دفعت بعشرات الآلاف من الرجال للتحرك من مدينة لأخرى ومن منطقة لمنطقة مخلفين زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم وراءهم“… أعدادًا من الزوجات الشابات المهجورات، دفعهن الجوع أو حماية أبنائهن من التضور جوعاً لممارسة البغاء وعاداته الخليعة التي سرعان ما يعتدنها“(٣٩).

في مارس ١٨٣٣ وصف الرحالة البريطاني جيمس سانت جون خلال زيارته لبني سويف في وسط مصر ما يبدو أنه مشهد تقليدي عند الوصول (للبلدة).. كان هناك نشاطاً وحركة غير عادية في الشوارع؛ وسرعان ما عرف السبب وصل أحمد باشا للتو مع فصيل من الجيش المصري من الحجاز، انتشر العساكر عبر المدينة يخطفون بعجلة فرص المتع المتاحة، كل الراقصات والمغنيين والموسيقيين قد تم إحضارهم، ولقد حجز الفندق بأكمله لصالح الحشد العسكري ولم يعد من الممكن الحصول على شقة واحدة(40)

كما هو واضح من ملاحظات الزائر الأوربي المعاصر كان جيش الباشا يشكل ضغطاً ليس فقط على موارد البلاد بل أيضًا على نساء أي منطقة يمر بها والنتيجة، كما في كل تعبئة للجيوش، ساعد جيش محمد علي على انتشار الأمراض التناسلية أينما تحرك(41) ؛ فعلي سبيل المثال بمجرد اندلاع الحرب السورية عام ١٨٣١ عاني الجيش من وباء خطير للزهري(٤٢). لم تستطع المستشفيات الميدانية التي أنشأت سريعاً في سوريا مواجهة الأعداد المتزايدة من الجنود المصابين بالزهري، فأعيد العديدين لمصر للعلاج(٤٣). في كشف طبي على الجيش ظهر أن عدد الجنود المصابين بالزهري كان مساوياً لعدد مرضي شتي الأمراض الأخرى مجتمعة(44). وتقديرا لخطورة الموقف أمر محمد على ابن أخيه أحمد باشا يكن أن يشرف بنفسه على عملية الفحص الطبي(45)، ومما يدل على أن مرض الزهري (بالإضافة لمرض الجرب) قد حظي بعناية خاصة، أن التقارير اليومية المطبوعة للمستشفيات في سوريا قد أضيفت لها خانات منفصلة كان على مدير المستشفي أن يملأها بأعداد مرضى الزهري من الجنود(46). في مواجهة حالات شبه وبائية لمرض الزهري ومع عجز الأطباء غير المؤهلين في التعامل معه كتب كلوت بك بحثا خاصا حول الموضوع(٤٧). تمت ترجمته للعربية وطباعته بمطبعة الجيش. كان البحث في شكل رسالة شخصية من الاستشاري الطبي لكل أطباء الوحدات للجيش. وبصرف النظر عن مدي نفع تلك الرسالة في مساعدة شباب الأطباء على تشخيص ومعالجة المرض فإن السلطات شعرت بأن المشكلة تكمن في عجز المؤسسات العسكرية عن منع انتشار المرض في المقام الأول. كان المنع يتطلب بوضوح نظام تحكم صارم في حياة الجنود الجنسية وحظر تام لدخول النساء لمعسكرات وثكنات الجيش(٤٨). لم يسمح للرجال بمخالطة البغايا وطبقت هذه القاعدة على الضباط الأوروبيين مهما كان مركزهم” (49) وعلى الضباط الأتراك أيضًا(٥٠).

عندما منعت الغواني من دخول المعسكرات ووضعت القيود الصارمة لمنع اختلاط الجنود والضباط بهن ظلت زوجات الجنود من المشكلة. فأثناء بقاء الجند في مصر كان يسمح لعائلاتهم بالانضمام إليهم ومتابعتهم من معسكر لآخر(51)؛ وعليه لأسباب صحية كان لابد لهذا النظام أن يتوقف. ولكن منع الجنود من لقاء زوجاتهم واجه صعوبة في التطبيق حتى أن بعض النساء تتنكرن في زي جنود ليتبعن أزواجهن حتى سوريا(٥٢). وحينما أصرت السلطات على منع الزوجات من مرافقة أزواجهن تذمر الرجال بشدة، ومن أجل مواجهة مشاعر الغضب على قدر الإمكان، سمح لزوجات ومحظيات وأهل المجندين بمرافقتهم” (53).

أثبت محمد على بالإذعان لمطالب الجنود على الجبهة أنه أكثر مرونة وعملية من قواد البحرية البريطانيين الذين عبر النظام غير المنطقي الذي لا يميز ولا يسمح للرجال بإجازات عند وصولهم الميناء كانوا يأملون في مستوي أخلاقيأعلي بكثير من مستوي الرجال الذين طبق عليهم” (54). السماح للنساء بمرافقة أزواجهن في سوريا هدأ الجنود وساعد على كبح تمردهم المحتمل، لكنه تسبب في مشاكل صحية خطيرة ساهمت في انتشار الزهري وغيره من الأمراض التناسلية بين الجنود ووجدت السلطات صعوبة في مواجهتها.

في الجزء الثاني من رسالته عن الزهري وضع كلوت بك طريقة تمني أن تكون ناجحة في منع انتشار الزهري عن طريق الوقاية بدلاً من العلاج. كانت الطريقة تتعلق أساسًا بالحالة الصحية لمساكن النساء وأجسادهن. تم تقسيم زوجات الجنود في كل لواء لأربعة أقسام مثل تقسيم الكتائب داخل الألوية وكان فحصهن يتم عن طريق زوجات الأطباء المسئولين عن الكتائب(55)، وبالتالي كان على الأطباء تعليم زوجاتهن كيفية تشخيص الزهري وكيفية ملاحظة أي علامات له على أجسام النساء اللاتي يفحصنهن. وكان على الطبيبات تقديم تقارير لأزواجهن بعد الفحص الأسبوعي. الأهم من ذلك أن الجنود قد أمروا بعدم السماح لأي نساء بالتواجد داخل المعسكر غير زوجاتهن حتى ولو كانت النساء أمهاتهم أو أخواتهم حيث أن هذا سيزيد الأعباء الاقتصادية للجنود بالإضافة لكونه سببًا آخر لانتشار الأمراض(56).

يتضح من هذه الرحلة القصيرة داخل الشئون العسكرية أن كلوت بك كان متيقنا أن أولئك النساء سواء كن زوجات أو محظيات أو غواني يشكلن خطراً صحياً. وقد قوبل اقتراحه المبدئي بمنع النساء من مرافقة أزواجهن لأسباب صحية باعتراضات عنيفة حتى أن السلطات العسكرية اضطرت للإذعان ورفضت اقتراحه. ورغم ذلك فإن السماح للنساء بدخول معسكرات الجيش قد خلق مشاكل واضحة – خاصة الصحية منها وأدرك كلوت بك أن مؤسساته الصحية المدهشة غير مؤهلة لحلها حيث تفتقد إلى العناصر الطبية المتمرسة التي تستطيع الوصول للنساء

كانت الحالة الصحية للجيش تفزع كلوت بك، لكن فزعه أزداد حينما علم أن الزهري قد انتشر بصورة وبائية بين طلبة المدارس العسكرية في القاهرة. وفي يونيو عام ١٨٤٧ وحين أعلم بأن عدد الطلبة المصابين بالزهري في مدرسة واحدة قد بلغ 305 طالبًا – كتب رسالة حادة لديوان المدارس يطالبهم باتخاذ إجراءات حاسمة للسيطرة على الوضع(57). رد دیوان المدارس بأنه في الواقع يبالغ في حجم المسألة حيث أن هناك أسماء قد تكررت في القائمة أكثر من مرة وأن العدد الكلي للطلبة المصابين ليس بالضخامة التي ادعاها. وأجاب كلوت بك أنه حتى وأن كانت هناك أسماء قد تكررت فإن العدد مازال مرتفعاً ويستوجب الاهتمام، واختتم بقوله أن المرض منتشر بهذا الشكل نتيجة السلوك غير اللائق والأفعال المشينة (التي يقترفها الطلبة) وأنه إن أجريتم الفحص الطبي دورياً فسوف تكتشفون أن معظم الطلبة مصابون“(٥٨).

وعلية فقد توصل إلى أن أساس المشكلة هو البغاء: “علي عكس (الحال في أوروبا)، فإن النساء الفواحش (البغايا) لسن مطالبات بتقديم أنفسهن للفحص الطبي، وامرأة واحدة منهن تكفي لإصابة مائة رجل. وحيث إننا قد أنشأنا مستشفيات في الأقاليم (أقترح) أن تجبر أولئك النسوة على العلاج بها. هكذا نجحت أوروبا في القضاء على الزهري الذي هو أسوء وأكثر خطورة من الطاعون. في رأي أنه لا يوجد خطأ (أخلاقي) في إجبار أولئك النسوة على زيارة المستشفيات فهن النسوة يمارسن البغاء والزنا بلا حياء، ومن المؤكد أنهن لن يخجلن من الفحص الدوري. وإذا رفضن (نستطيع إجبارهن) على تغيير مهنتهن. هذا موضوع شديد الأهمية بالنسبة للصحة، وأنني أرجوكم (ديوان الخديوي) منح العناية الشديدة للموضوع حيث إن فحص هؤلاء النساء أفضل كثيرًا من منعهن من (مزاولة المهنة) وذلك لأن أولئك النسوة لهن صلة وثيقة بالمحافظة على صحة النساء الحرائر، وعدم منعهن من مزاولة المهنة (مع فحصهن في نفس الوقت) أفضل بكثير من (السماح للرجال) باستبدالهن برذيلة أكبر ضد الطبيعة البشرية ونعني بها هؤلاء الشباب الصغار الذين يرقصون ويمارسون ما ليس من اللائق ذكره (59).

إذن كان المدخل لمنع انتشار الزهري هو فحص ومعًالجة البغايا واللاتي كن في ذهن كلوت بك المسئول الأوحد عن انتشار المرض بين النساء الحرائر، كما كان يسمي نساء الطبقة العليا. وفوق ذلك فإن نقص الفحص الطبي للداعرات سوف يدفع الرجال لخوفهم من الأمراض التناسلية إلى البحث عن المتعة في مكان آخر واقتراف ما ليس من اللائق ذكره. لم يسن الفحص الطبي الأسبوعي الإجباري إلا بعد الاحتلال البريطاني عام ١٨٨٢(٦٠) ولكن بناء على ما سبق كان هناك إدراك مبكر في أوائل الثلاثينيات بالحاجة إلى ممارسات لطب النساء لفحص الغواني في القاهرة والمدن الكبرى. وإحدى محاولات التحكم في هذه الفئة المتنامية من البغايا، كانت السعي لإلحاق بعضهن بمدرسة القابلات. وفي رسالة معبرة من ديوان الشورى إلى ديوان المدارس أقترح كلوت بك بما أن القاهرة مدينة كبيرة تحوى عددًا كبيرًا من الفتيات اللاتي يعانين من اليتم أو الفقر الشديد، مما يدفعهن لممارسة الرذيلة؛ فسوف يكون من السهل إلحاق بعض من هؤلاء الفتيات (بالمدرسة). وعليه نطلب (السماح) لنا لمطالبة قائد شرطة القاهرة بجمع مشايخ الحارات بالقاهرة ومطالبتهم بإرسال ثلاث فتيات من كل حي. (٦١) يتضح من هذا العرض الموجز للأسباب التي دفعت السلطات لإنشاء مدرسة طبية للنساء أن الهدف لم يكن بدء مشروع تنويري بين جمهور النساء. قد يكون كلوت بك مهتمًا بأخلاق العامة وأزعجه بوضوح سوء سلوك الطلبة في المدارس العسكرية، وقد يكون أيضًا مهتماً بتنظيف شوارع القاهرة من الداعرات اللاتي يقطعن الشوارع وربما كان راغباً في منحهن فرص أفضل، ولكن السبب الرئيسي لإنشاء مدرسة القابلات بمساندة محمد علي الكاملة لم يكن تحرير داعرات القاهرة، ولم يكن منح النساء الحرائر فرصه للتعليم الحديث بل كان حماية صحة الجنود في الجيش التي أعتقد أنها مهددة بالداعرات المصابات بالزهري، والدايات اللاتي بسبب خرافاتهن ترتفع نسبة المواليد الموتى، مقلصة حجم القوي المحاربة المرجوة. وعليه فإن مستوى الصحة العامة للشعب والذي بالتبعية يؤثر على حجم الجيش، وهدف ملاحظة الأخلاق العامة كانا الدافع لإنشاء هذه المؤسسة الجريئة التي ولدت محددة الواجبات والمسئوليات لطالبات المدرسة عند تخرجهن والمهام المنوطة بهن.

ولكن قبل أن نتابع خريجات مدرسة القابلات لنري ما إذا كن قد حققن توقعات السلطات بعد توليهن مواقعهن الجديدة فلابد أن نذكر أولاً من هؤلاء النسوة وكيف التحقن بالمدرسة.

أول مشكلة واجهها كلوت بك في تأسيس المدرسة الجديدة كانت إيجاد الفتيات اللائي يستطعن ويقبلن ما كان بكل المقاييس برنامج تدريب طويل وصارم وغير تقليدي. الناس عامة ليست النساء وحدهن قاوموا سياسية محمد علي التعليمية المتطورة، وهذه المقاومة لم تكن نتيجة تعصب ولا معارضة أصيلة لقيم العلم الحديث ولكن كانت نتيجة طبيعية لأسلوب تطبيق هذه السياسية وللمنطق الذي أملاها. لابد أن لا نغفل أن محمد علي لم يكن مستريحاً لفكرة تعليم العامة، ناهيك جمهور النساء، فقد كان مدركاً للمشاكل السياسية والاجتماعية التي ستنجم عن منح مواطنيه المتحدثين بالعربية الفرصة لمنافسة الأغلبية الحاكمة المتحدثة بالتركية في الجيش والوظائف (٦٢). وعليه عارض الباشا فتح المدارس الابتدائية لتعليم الفتيات (أو الفتيان لنفس السبب). بالطبع فتح تلك المدارس عندما أصبحت الحاجة ملحة لأن المدارس الثانوية والعالية لم تستطع العمل نتيجة نقص التلاميذ المتعلمين. وهكذا افتقدت سياسته التعليمية للمعني وبدت كمجرد سلسلة من القرارات غير المترابطة التي تؤخذ استجابة للأزمات. كان هذا واضحاً في حالة مدرسة القابلات التي على خلاف مدرسة أبو زعبل الطبية التي كان طلبتها الذكور من بين طلبة الأزهر المعهد الديني المحترم والعريق افتقدت مؤسسة مثيلة للبنات يمكنها أن تقدم لكلوت بك الطالبات القادرات المتعلمات.

وفوق هذا فإن محمد علي ورجال السلطة نادرًا ما سمحوا للشعب بالانضمام للمؤسسات التعليمية بإرادتهم. كان الفلاحون يرفضون بشدة إلحاق الطلبة بمدارس الباشا، وكثيرًا ما أخفت الأسر أبناءها حتى لا يأخذهم رجال الباشا. ولم يكن السبب في هذه المعارضة رفض لقيمة التعليم بل رفض للطريقة التي اتبعتها السلطات في إلحاق الطلاب؛ حيث كان الموظفون الأتراك يأتون من القاهرة لجمع أكبر عدد ممكن من الأطفال ثم يقومون بدفعهم لمدارسهم. تلك الطريقة دفعت الفلاحين لمقارنة لها ما يبررها بينهم وبين رجال التجنيد الإلزامي والسخرة وجباة الضرائب. كانت المعارضة تأخذ أحياناً أشكالاً درامية، كما في حالة أم قطعت إصبع ابنها حتى لا يلتحق بأحد مدارس الباشا ولكن تم إلحاقه رغم ذلك(٦٣).

في مواجهة مشكلة إيجاد فتيات يتطوعن للالتحاق بالمدرسة لجأت الحكومة لوسيلة قد تبدو لنا الآن غريبة جدًا (64). أرسل الموظفون إلى سوق النخاسة للحصول على عشرة فتيات حبشيات وسودانيات شكلن أول دفعة طالبات تلتحق بالمدرسة، وأمر الباشا بتعيين اثنين من الخصيان من قصره بالقلعة لحراستهن في موقعهن الجديد. وبعد ثلاث سنوات قامت الحكومة بشراء عشر طالبات أخريات من سوق النخاسة بالقاهرة فارتفع عدد الطالبات لعشرين. ثم أخذت الحكومة عشر فتيات من الماريستان المنصوري القديم الذي كان يعمل كتكية للفقراء منذ العصور الوسطي(65) – كانت عائلاتهن قد أرسلتهن للعلاج عن طريق ولم يسألوا عنهن. كان هذا المزيج الغريب من جوار سابقات، ونزيلات تكية القاهرة القديمة هو الذي شكل نواة طالبات مدرسة القابلات.

على الرغم من شدة حاجة الحكومة لأولئك الطبيبات لتولي العديد من المهام الطبية كما سنوضح لاحقاً، ظلت صعوبة العثور على الفتيات المناسبات الراغبات مشكلة دائمة عبر تاريخ المدرسة. في البداية تصور كلوت بك تجنيد مائة فتاة وكان هذا الرقم هو أقل ما يحتاجه تكوين فرقة طبية من النساء(66). ورغم ذلك فإن عدد الطالبات نادراً ما وصل لنصف هذا الرقم ؛ فعقب نقل المدرسة من أبي زعبل عام ١٨٣٧ وإلحاقها بالمستشفي العام في الأزبكية لم يكن بها سوي ٢٢ فتاة، زاد عددهن إلى إحدى عشرة فقط في عام 1840(67). في عام 1844 وبناء على تعليمات عيسوي النهراوي مدير المدرسة، أمر كلوت بك بتعيين ست طبيبات للقاهرة أربعة للأحياء الثمانية واثنتين لبولاق ومصر القديمة. ورغم أنهن لم يكملن تدريبهن إلا أنه سرعان ما ظهر أنه لو تم فصل هذه الفتيات الآن فإن مصر ستحتاج لمائة عام لتفي باحتياجاتها من الطبيبات“. وعليه فقد قرر ألا تترك تلك الفتيات المدرسة تمامًا وأن يقسمن برنامجهن اليومي بين الدراسة ومهامهن خارج المدرسة(68). كان ديوان الشورى دائم الشكوى من قلة عدد الطبيبات ولقد أدركوا أن كل حي من أحياء القاهرة يحتاج لطبيبة على الأقل، والتي قد تسقط مريضة ويحتاج الأمر لاستبدالها بأخرى(6٩). ورغم ذلك فإن عددا قليلا من الفتيات التحقن بالمدرسة برغبتهن وكانت غالبيتهن من اليتيمات (70).

في عام 1859 وضع ديوان الشورى ضوابط عامة للالتحاق بالمدرسة في رسالة لمجلس الأحكام (المحكمة العليا والتي كان لها وظائف تشريعية وإدارية) والتي تقول بأن المدرسة لابد وأن تعتمد بصورة أقل على الجواري كمصدر رئيسي للطالبات وأن تعتمد بدلاً من ذلك على اليتيمات وبنات جنود شرطة القاهرة، وبنات جنود الجيش وأخيراً بنات الموظفين العموميين وفقًا لهذا الترتيب(71). وبرغم هذه التعليمات فإن عدد الطالبات في عام 1863 كان أربع وعشرون فقط، مما دفع ديوان الشورى لتشجيع إلحاق أربعة وثلاثين فتاة أخري لزيادة العدد لستين، والذي اعتبر وقتها العدد المنشود(٧٢). ومع ذلك لم يتجاوز عدد الطالبات عام ١٨٧٦ اثنين وعشرين طالبة، وبدا أن ديوان الشوري قد قنع بالعمل على زيادة العدد إلى ثلاثين فقط (۷۳).

بالإضافة لصعوبة تشجيع الفتيات المناسبات للالتحاق بالمدرسة كانت العقبة الأخرى هي توفير المدرسين المؤهلين. عند افتتاح المدرسة عام ۱۸۳۲، درست المجموعة الأولي من الطالبات مع سيدة فرنسية من سانت سايمون تدعي سوزان فوالكان(74)، وكانت مسئولة عن المدرسة حتى عام 1836 حينما حلت محلها سيدة باريسية تدعي بالمير جولت، ولكن من غير المعروف المدة التي قضتها السيدة جولت في مصر. في عام ١٨٤٤ عين الطبيب المصري عيسوي النهراوي مديرًا للمدرسة ورئيسا للمعلمين بها(75). بعد ثلاث سنوات أجري السيد استيفان أفندي بتكليف من كلوت بك مفاوضات لإحضار سيدة فرنسية جديدة للعمل كرئيس معلمين. ولا تقدم لنا السجلات اسم هذه الطبيبة الجديدة، المعروف هو أن عقدها تضمن راتباً سنوياً مقداره ألف وخمسمائة قرش (حوالي خمسة عشر جنيها إسترليني)(76). في نفس الأثناء 1847 أنهت إحدى طالبات المدرسة (تمر حنة) دراستها وعينت كمساعدة لناظرة المدرسة (77). أثبتت تمر حنة أنها حكيمة ممتازة ورقيت إلى كبير معلمين للمدرسة عام ١٨٥٧، وظلت بهذا الموقع حتى وفاتها عام ١٨٦٣(۷۸). بعد وفاتها أوصي كبير أطباء مستشفي قصر العيني والإسكندرية بأن يحل محلها طبيب أوروبي. عزز مجلس الصحة هذه التوصية ولكن المجلس الخصوصي رفضها واقترح اختيار فتاة من طالبات المدرسة حتى نقدم حافزاً للطالبات وتشجيعا لهن على التفوق الدراسي” (79). و في النهاية عقد امتحان عام بين الحكيمات وعينت ظريفة عمر كبير معلمين(۸۰).

أثناء إقامتهن بالمدرسة كانت الطالبات تتقاضين مكافأة شهرية من الحكومة بالإضافة إلى الإقامة المجانية والغذاء. وعند التخرج كن يحصلن على راتب شهري ٢٥٠ قرش (حوالي 2,5 جنية إسترليني)، وعلى رتبة عسكرية مثل زملائهن الأطباء بالإضافة إلى مسكن ووسيلة مواصلات (عادة حمار). وكن يعين على درجة وظيفية في المؤسسة الطبية الحكومية، في العيادات التي أنشأت في القاهرة والأقاليم لتقديم الاستشارات الطبية مجانا للشعب. هذه الصورة تظهر أن خريجات مدرسة القابلات قد تحسن وضعهن في المجتمع ونجحن في تخطي حواجز النوع والطبقة والعرق. لكن بالمتابعة القريبة لهؤلاء النساء في وظائفهن الجديدة، نجد صورة أقل إشراقاً، ووضعهن في المجتمع يبدو أكثر تعقيداً مما يريد لنا أصحاب التحليل الغائي أن نعتقده عن تأثير دخول العلم الحديثإلى المجتمع التقليدي، وهو ما سيتضح عند مراجعة ما الذي قامت به أولئك النسوة بعد التخرج من المدرسة وكيف مارسن المهام التي أوكلت إليهن.

بناء على ما ذكرته الصحيفة الرسمية الوقائع المصرية، مجلة محمد علي، فإن أحد المهام الرئيسية لأولئك النسوة كان الخدمة في مكاتب الصحة حديثة الإنشاء في القاهرة، وهي عيادات تقدم الخدمات الطبية مجانًا لسكان الحضر، وقد قامت مكاتب الصحة بعلاج ٢١,٤٦٨ حالة في الفترة بين 1845 – حين تم إنشاء ست عيادات وعام 1848 حينما ارتفع العدد إلى ثمان عبادات، ست في أحياء القاهرة الثمانية بالاضافة إلى واحدة لبولاق وواحدة لمصر القديمة. كان على هذه العيادات علاج الأمراض الشائعة مثل الرمد، الجرب، الزهري، الأطراف المكسورة أو المخلوعة.. (وفوق ذلك) تقدم استشارات مجانية لكل سكان المدينة، إسعافات أولية للغرقى أو المختنقين، تضميد الجراح تطعيم مجاني، إرسال الحكيمات لحالات الولادة و(أيضًا) تحديد أسباب الوفاة وإصدار شهاداتها“.

هذا ما تود الوقائع المصرية إقناعنا به، أن تلك العيادات كانت مؤسسات خيرية بلا مشاكل. على أي حال فإن قراءة تقارير هذه العيادات تقودنا إلى صورة مختلفة. لم يكن هناك ذلك العدد الضخم من المرضى طالبي المساعدة الطبية المقدمة، ولم تكن الخدمة مجانية، وأكثر من هذا فإن الصورة التي تتضح هي صورة صراع واضطراب، وهي أوضح ما تكون في حالة الحكيمات. ومما لا شك فيه أن التطعيم كان من الأدوار المهمة التي تقوم بها الطبيبات سواء في العيادات أو في المستشفي المدنية بالأزبكية. بالإضافة لتلك المهام كانت أولئك النسوة مكلفات بمسئوليات أخري نادرًا ما تذكر في الأدبيات، مسئوليات محورية لمساعدة السلطات على السيطرة بشكل أوسع وأكثر إحكاما على السكان، وهي مهام أكثر أهمية للدولة من المهام الخيرية التي تبرزها الأدبيات. وقد وضعت تلك المهام الحكيمات وجهًا لوجه مع جماعات من المجتمع أضيرت من إصلاحات الدولة ولم تكن بقادرة على مواجهة القوة الجديدة إلا عبر مهاجمة ممثلاتها الضعيفات.

كما ذكرت سابقاً فإن عدد الحكيمات المتخرجات من مدرسة القابلات كان أقل كثيرًا من العدد المطلوب للإشراف على كل المواليد بالبلاد ولاستبدال الدايات تماما. استمرت الدايات مسئولات عن غالبية الولادات في كافة أنحاء مصر (۸۲). ولقد سجل على سبيل المثال أنه على مدي عامين كان هناك ثلاث ولادات فقط في المستشفي المدني، مما دفع الحكومة لمنح حوافز للسيدات الحوامل لتشجيعهن على التعامل مع خدمات الأمومة بالمستشفي(٨٣). وعلي الرغم من قلة أعداد الحكيمات فأنهن شاركن بشكل غير مباشر في عمليات الولادة وتعاملن مع الدايات. كان على الداية الإبلاغ عن كل حالات الولادات المتعثرة وأن تطلب في الحال مساعدة حكيمة الحي التي تعمل به، فإن لم تجد هذه الحكيمة فلابد من إعلام حكيمة بوليس الأحياء بالقاهرة (الضبطية الموجودة في الأزبكية) في الحال(85). مسئولية أخري كانت تربط بين القابلات الجديدات والتقليديات، ألا وهو شرط تدريب أي امرأة ترغب في الحصول على تصريح للقبالة، ولكنها تجهل المعلومات الأساسية، حيث يعهد بها لكبير معلمي المدرسة لتعليمها، وإن كان ذلك يتم بشكل خاص وخارج المدرسة. أما أهم وظيفة للحكيمات في مواجهة الدايات التقليديات فهو إجبارهن للدايات لإمدادهن بالإحصاءات الحيوية، لأن السلطات كانت دائمة الشك بأن الدايات يتهربن من التعليمات الحكومية الخاصة بتسجيل أسماء وتواريخ ميلاد الأطفال اللذين يساعدن في ولادتهم، ولا يقمن بتسليم هذه البيانات بصورة منتظمة. وفقًا للتعليمات كان على الدايات تسليم البيانات عن المواليد يومياً، ولكن عدداً كبيراً منهن كان يقوم بذلك فقط في نهاية كل شهر. هذه البيانات كان يجب تسليمها لمشايخ الحارات الذين يقومون بدورهم بتسليمها لعيادة الحي، ولكن السلطات كانت دائمة الشكوى من أن عدد المواليد المسجلة قليل بصورة غير منطقية وأن المواليد لا يسجلوا بدقة سواء عن طريق مشايخ الحارات أو الدايات(٨٧)، فكثيرًا ما كانت حالات الوفيات المسجلة أعلي من المواليد وهو أمر يثير الشك عندما لا توجد أوبئة(٨٨).

إحدى طرق التحكم فيما بدا أنه خلل خطير في النظام، كانت تشديد القبضة على الدايات، وتم ذلك عن طريق اشتراط الحصول على تصريح بمزاولة المهنة يتم تجديده كل عام(89). فكانت أي داية يشك في تقاعسها عن تسجيل المواليد طرفها يتم تغريمها في المرة الأولى، ويتم سحب ترخيصها إذا ثبتت إدانتها المرة التالية(90). أما أولئك اللاتي يكتشف مزاولتهن المهنة بلا تصريح فيغرمن ويعاقبن(9١). وأصبحت الحكيمات مسئولات عن متابعة هذه المهمة؛ فتصاريح الدايات يجب أن تختمها الحكيمات(٩٢). وعليه بدا أن الحكيمات أصبحن أداة هامة للسلطة نجحت بها في أن تسوس قطاع من الشعب كان بعيداً عن سيطرة الحكومة وهو قطاع الدايات. التحكم في الدايات كان أمرا هاما ليس فقط لأنهن أجبرن على طلب المساعدة ممن يفوقنهن علماً، ولكن أيضًا لأنه ضمن حصول الحكومة على آخر الإحصاءات الحيوية التي تقوم عليها مسائل مثل الميراث، الزواج، المعاشات، التجنيد الإلزامي، الضرائب والتطعيمات، كما أعرب عنه صراحة بيان رسمي للحكومة عام ١٨٧٩(9۳).

مهمة أخري كانت على عاتق هذه النسوة وهي فحص الجثث لتحديد أسباب الوفاة(94). كان لهذا أهمية شديدة في فترات انتشار الأوبئة وخاصة الطاعون والكوليرا، فبتحديد أسباب الوفاة أمكن السيطرة على الطاعون وتخليص مصر منه. أثناء أوبئة الطاعون والكوليرا لم يصرح بدفن أي جثة بدون شهادة طبية صادرة من طبيب توضح أن الوفاة لم تكن بسبب أي من هذين المرضين أو أي سبب غريب آخر مثل القتل مثلاً. ولأن الدفن كان ممنوعاً في المدن كانت هذه الشهادات تفحص على بوابات المدن(9٥)، حيث يأخذ حراس البوابات الشهادات من أقرباء المتوفى، ويعطونها لبوليس الأحياء. كان الحراس يعاقبون عند ملاحظة أنهم يوصلون شهادات قليلة بصورة مريبة (96). بدا أن النظام قد نجح ولكن المشكلة الوحيدة كانت في فحص جثث النساء وعلي الأغلب ولتهدئة هؤلاء المعترضين على فحص أجساد النساء عن طريق أطباء رجال طلب من الشابات المتخرجات من مدرسة القابلات القيام بفحص جثث النساء وبالتدريج صارت إحدى مهامهن الرئيسية. لم تكن الحكيمات يفحصن جثث النساء في فترات الأوبئة فقط ولكن أيضًا في الحالات التي يشك فيها أنهن قد قتلن. وبصرف النظر عن طبيعة الوفاة (غير الطبيعية) سواء وباء، شك في قتل، كان لابد عن التبليغ الفوري عن كل الحالات الإشكالية لمستشفي قصر العيني.

واجهت الحكيمات في هذا المجال فحص أسباب الوفيات المشتبه بها – معارضة شديدة من شتي فئات المجتمع. في بعض الأحيان يتهمهن رؤساؤهم الرجال بعدم الكفاءة، وفي أحيان أخرى تأتي المعارضة من السلطات الدينية التي ترى أن الحكيمات يمارسن مهام خلافية وغير تقليدية. كان تعاملهم مع الموت سببا في الاعتراض عليهن لأن تشريح الجثة وفحصها بوجه عام كانا الأرض الخصبة التي جرت عليها مناقشات بين الرجال والنساء حول مكان المرأة الملائم في المجتمع، بين السلطات الدينية والعلمانية، بين الطبقة الأرستقراطية الناطقة بالتركية، والمستشارين الأوروبيين في الإدارة المصرية وشباب الأطباء المتحدث بالعربية الذي يشق طريقه للارتقاء في سلم المجتمع، وأخيراً بين لجنة الصحة والأفرع الأخرى من الحكومة المسئولة عن الصحة.

كي نفهم العقبات العديدة والمعارضة التي تلاقيها الحكيمات علينا التوقف أمام الإطار الاجتماعي والإداري والقانوني الذي حكم مدرسة القابلات. لعل أهم العناصر التي أثرت على عمل مدرسة القابلات وكل المؤسسات الطبية التي أنشأها كلوت بك كان افتقادها للاستقلال الإداري لأن لجنة الصحة التي يرأسها الرجل الفرنسي شورى الأطباءلم تكن كيانا حكوميا مستقلا. عملياً كانت الشوري مجرد قسم من أقسام (ديوان الجهادية) وهذا يعني أن كل عملياتها، حساباتها، مطالبها ومراسلتها لابد وأن تعتمد من الجهادية. ولقد شكي كلوت بك ومعاونوه مر الشكوى من التعقيدات البيروقراطية التي يشكلها هذا الوضع. في إحدى رسائل كلوت بك لديوان الجهادية يؤكد أن المستشفيات العسكرية يصرف لها دواء وطعام غير كافيين؛ أنا لا أفهم.. لماذا هناك استعداد دائم ليس فقط للتقليل من شأن الخدمة الطبية كلها ولكن أيضًا لإلغاء أشياء تتعلق بها.. (هذا بالرغم من) أن التعليمات الطبية المتبعة في شتي المستشفيات بمصر تتكلف فقط 1/20 مما تنفقه المستشفيات في أوروبا“(98)، وفي رسالة أخري يعارض اتهام الجهادية لإدارته بأنها المسئولة عن التأخير، ويحتج على اللغة المستخدمة في مخاطبته قائلا طوال مدة خدمتى منذ ما يزيد على أثنين وعشرين عاما، لم يوجه لي توبيخ بمثل هذا العنف” (۹۹).

بل إن الموقف كان أكثر تعقيداً لأن ديوان الشورى كان يخضع أيضًا لإشراف ديوان المدارس في الأمور التي تتعلق بمدرسة قصر العيني الطبية (في حين أن المستشفي نفسها كانت تخضع لإشراف الجهادية). كما كان ديوان الشورى يتبع الداخلية ديوان الخديوي في الأمور التي تتعلق بالمستشفيات المدنية مثل مستشفي الأزبكية وعيادات الأقاليم والمدن (مكاتب الصحة). هذا التشكيل الإداري المزعج تسبب في شتي أنواع الخلافات والتوترات. فمثلاً شكا ديوان المدارس لديوان الشوري من أن عميد المدرسة الطبية (القصر العيني) يخاطب الشورى مباشرة متخطيا ديوان المدارس. ويرد كلوت بك بأن هذا الإجراء يتخذ لتوفير الوقت، وأنه لم يكن يقصد الإيحاء بأن ديوان الشورى على نفس المستوي الإداري لديوان المدارس. كانت أبسط المهام مثل تعيين الأطباء، إدخال المرضي للمستشفيات، تقديم الطلبات، توصيل الطعام والأدوية والمعدات لمستشفيات الأقاليم أو دفع إيجار الشقق التي تشغلها العيادات الطبية في المدن، تتم بعد العديد من المخاطبات(۱۰۱).

أفضل دليل على التوتر الذي ميز العلاقات بين شوري كلوت بك ودواوين الحكومة التي تحكمت وكثيرًا ما تدخلت في عمله هو الرسالة الساخرة التالية التي سطرها كلوت بك لديوان المدارس حول طبيعة وطول البوص الذي يحتاجونه لتغطية أسقف سكني الأرياف: “لقد استلمت رسالتكم الخاصة بالبوص الذي تحتاجه أسقف بيوت الفلاحين المجددة وعلي الرغم من أنني لم أفهم بوضوح العلاقة بين طول البوص والشئون الصحية (الهامة) فأنني أجيب سيادتكم على قدر ما يسعفني ذهني القاصر: أولاً أي سقف لا يمكن أن يغطي إلا بشرائح من الخشب. ثانياً: من زاوية ما يخص الشئون الصحية فلا فارق بين الخوص القصير أو الطويل فيما يتعلق بتغطية شرائح الخشب تلك. ثالثًا: لو أن الغرض الخاص من النقاش حول طول البوص هو مناقشة إمكانية استخدامه بدلاً من الخشب لضغط النفقات فإن هذا يعني أن هذه المنازل لابد وأن تكون صغيرة جدًا لدرجة تجعلها غير صحية وغير ملائمة لسكني البشر. ولما كنتم من الكرم بحيث تراسلوننا بهذا الشأن فإنه لمن دواعي سعادتنا تذكير سيادتكم أن جلالته (محمد علي) ينوي إعادة بناء وتجديد القرى في شتي أنحاء مصر وأنه قد رصد لذلك مبلغ خمسين ألف قرش (حوالي خمسمائة جنية إسترليني) سنوياً، وأن هذا قد تم نشرة في جريدة الوقائع ونقلته كل الصحف الأوروبية، والهدف كان تحسين مستوي صحة الشعب، ولكنا الآن قد أمضينا عام كامل لإعادة بناء ثلاث قري فقط، وبالتالي إن شاء الله لو استمرينا بهذه السرعة سنحتاج لأربعة آلاف سنة لتجديد كل قري مصر“(۱۰۲).

توضح هذه الرسالة نوعية المشاكل اليومية التي كان يعانيها كلوت بك ومؤسساته الطبية، لكنها من جانب آخر مثيرة لأسلوبها اللاذع، فكلوت بك لم يستخدم هذا النوع من اللغة لأنه وصل لتوه لمصر وصدمه عجز وعدم كفاءة البيروقراطية الموجودة، على العكس فهذه الرسالة كتبت بعد أن أمضي أكثر من عشرين عامًا في مصر وبعد أن أستقر وضعه، ما استدعي هذه اللغة اللاذعة هي المعارضة الفعلية التي كان كلوت بك يلاقيها يومياً في عمله معارضة يرجعها للجهل والخرافات أو التعصب الأعمى لكل من رؤسائه وعامة الشعب(۱۰۳).

علي الرغم من مناقشاته العلمية فإن معارضة مشروع كلوت بك لم تكن غير منطقية، ولا صدفة ولا عن تهور، بل انبعثت من أحزاب عدة ترى أن المؤسسة الطبية الحديثة بأكملها تضر بأوضاعهم في المجتمع. علي الرغم من ادعائه المتكرر بأن أعضاء ديوان شورى الأطباء ليس لديهم أية أهداف أبعد من تأدية مهامهم، وتحسين المؤسسة الطبية(104)، كان أفراد البيروقراطية الناطقين بالتركية يرون الشورى ككيان حكومي جديد قوى ومهيب يحظى بمساندة محمد علي وهم ممنوعون من الدخول فيه لافتقادهم اللغة العربية والفرنسية. كذلك أدرك علماء الدين عن حقأنهم ليس لهم وجود على الخريطة الاجتماعية الجديدة لمحمد علي؛ فقد وجهت لهم سابقاً ضربة قاسية عندما وضع الباشا الأوقاف تحت سيطرة قوية للحكومة، كما أن برنامج الإصلاح التعليمي الذي بدأه الباشا لكم يكن به مكان للأزهر، والبناء القانوني الحديث كان يستبدل تدريجياً الشريعة بمزيج من القوانين العثمانية والأوروبية التي لا يملكون ناصيتها، وأخيراً فإن المؤسسة الطبية الحديثة كانت تتحدي ما تبقي من وضعهم في المجتمع خاصة بشأن ممارسة الطقوس المتعلقة بالموت. أما بالنسبة للعامة فقد بدت المؤسسة الطبية الحديثة كمن يتدخل في حياة الناس اليومية بصورة غير مسبوقة، كان الريفيون والحضريون على السواء يرونها مؤسسة قوية تتحكم في، وتؤثر على، أجسادهم بطرق غير مسبوقة عن طريق تسجيل المواليد، التطعيم، الحجر الصحي، تشريح الجثث لمعرفة أسباب الوفاة.

كانت هذه الاعتبارات اللغوية والدينية والصراعات الطبقية هي التي تثير المعارضة للمؤسسة الطبية الحديثة لكلوت بك. كانت المعارضة أعنف بالنسبة لمدرسة القابلات لأن التوتر أضيفت له أبعاد النوع والعرق(١٠٥). وعلي الرغم من أن المقاومة للأدوار الجديدة لأولئك النساء كانت تتخذ أحيانا لغة دينية كما سنري لاحقاً، إلا أن المدرسة وتلميذاتها كثيرًا ما كن يبدين – وعن حق كجزء من مؤسسة أكبر تقابل بالاعتراض لأسباب ليس لها علاقة كبيرة بالإسلام. وبالمثل وعلي الرغم من أن نوعهن قد يكون سببا في بعض الصعوبات التي واجهتها الحكيمات في عملهن اليومي، فإن هناك اعتبارات أخري قد لعبت دوراً في جعل حياتهن صعبة كما يتضح من المثال التالي.

في نوفمبر ١٨٧٧، توفيت فجأة امرأة متوسطة العمر تدعي زهرة بنت سيد أحمد (106). في بادئ الأمر أتهم زوج ابنتها محمد عبد الرحمن بالتسبب في وفاتها حين انتشرت شائعة في بأنه شوهد يضربها في بطنها بقوة عندما تدخلت في مناقشة بينه وبين زوجته؛ وعليه أوقف محمد عن طريق رئيس الحي (شيخ الحارة)، ووضع في الكراكون بالموسكي في شمال القاهرة. استدعيت حكيمة الحي وكان اسمها آمنة لتدلي برأيها في القضية فقررت أنها لم تجد أي دليل للقتل وأن الوفاة حدثت بسبب مشاكل معوية، وأنه إن ظل الأقارب على شكهم فعليهم إرسال الجثة إلى مستشفي قصر العيني لتشريحها. وحينما سمع أبن زهرة محمد الإسكافي بهذا خاف وقبل حكمها وأسقط الاتهام ضد زوج أخته وعليه أطلق سراح المتهم الرئيسي. ولكن بعد قليل تجددت شكوك الابن وذهب للضبطية يطالب بتشريح الجثة. قام بتشريح الجثة بعد استخراجها رجل هذه المرة، وأشار في تقريره أن المرأة كانت تحيا برئة واحدة، وأنه كان من الواضح أن الكبد قد تعرض لصدمة شديدة، وأن الضلع التاسع قد وجد مكسورًا وانتهي التقرير بأن هذه دلائل على أن الوفاة غير طبيعية وأن الوفاة قد نجمت عن ضغط خارجي على الرئة اليمنى السليمة والتي كانت الرئة الوحيدة الصالحة للتنفس ومد الدم بالأوكسجين، مما تسبب في توقف مؤقت للتنفس.. بالإضافة لإصابة الكبد (بسبب الصدمة) وحدثت الوفاة.

وبعد ذلك بقليل قرر ابن المتوفاة وابنتها (زوجة المتهم) إسقاط الاتهام والإدعاء بأن أمهم كانت مريضة منذ فترة وأن وفاتها حدثت قضاء وقدر. وطالبوا بإسقاط كل التهم الموجهة لمحمد عبد الرحمن، ولم تقبل الضبطية طلبهم، اعتمادا على شهادة الجيران الذين رأوا المرأة وهي تضرب (رغم أن هذا لم يتم تأكيده أبدا)، وتقرر اتهام محمد عبد الرحمن بالقتل، هذا الاتهام اعتمد أيضًا على تقرير قصر العيني للتشريح والذي تناقض مع ما كتبته آمنة وهو ما شكك في كفاءتها. لم يتحسن وضع آمنة بإدعاء ابن المتوفاة أنه قد غير رأيه بخصوص طلب تشريح الجثة لأن آمنة أربكته فمن ناحية أخبرته أنه لا يوجد سبب للشك ومن ناحية أخري أخبرته بأنه كي يتأكد من أن الوفاة طبيعية فعليه إرسال الجثة لقصر العيني.

وحين تم تحويل القضية لمحكمة القاهرة الابتدائية (مجالس ابتدائية مصر) نفت الحكيمة تماما أنها قد أخبرته بذلك، وتركزت المحاكمة ليس حول ما إذا كان محمد عبد الرحمن مذنباً أم لا؟ بل على أداء آمنة وكفاءتها. تكونت لجنة خاصة من أثنين من كبار الأطباء لمراجعة التقرير الذي كتبته، وربما حين أدركوا أن مؤسستهم الطبية وليست كفاءة أمنهللسؤال عززوا تقرير آمنة مؤكدين أنهم لم يجدوا فيه شيئا خطأ، وأيدوها في نفيها لمنح ابن المتوفاة معلومات متضاربة. ورغم ذلك قرروا أنها قد انحرفت عن نظمهم التي تستوجب استشارة حكيمة أخري عند وجود أدني شك. وعليه فقد وجدت المحكمة آمنة مدانة بالإهمال البسيط (وليس عدم الكفاءة) وحكمت عليها بعشرة أيام سجن، ثم استبدل الحكم بخصم من المرتب. من جانب آخر أحكم على محمد عبد الرحمن بعام في ليمان الإسكندرية الشهير.

لم تنته القضية عن هذا الحد، فقد استأنف محمد عبد الرحمن الحكم. تخفف محكمة الاستئناف (مجالس استئناف مصر) الحكم على محمد بل حكمت عليه بالسجن عامين في الليمان، وحكمت على آمنة بشهر في سجن النساء ببولاق. استأنفت آمنة الحكم قائلة بأنها تفضل حكم المحكمة الابتدائية. قبلت المحكمة العليا (مجلس الأحكام) الاستئناف. وبمراجعة القضية كلها ألغت حكم محكمة الاستئناف وحكم على محمد عبد الرحمن بسنة واحدة (كان حينئذ قد أمضاها في السجن ومن ثم اطلق سراحه)، أما آمنة فقد أحيلت إلى لجنة الصحة لتحقق معها(107).

المهم في هذه القضية هو كيف أصبحت الحكيمة وشهادتها موضوعاً للآراء المتضاربة والمواقف التي تتخذ من أناس مختلفة فيما يتعلق بالطب الحديث، وموظفي الصحة والدولة بصورتها الأوسع. لنأخذ على سبيل المثال تذبذب موقف محمد الإسكافي (ابن المتوفاة) بشأن إرسال جثة أمه للمستشفي للتشريح. عادة هذا قرار صعب خاصة بعد أن تم دفن الجثة وحيث يعني تشريح الجثة إعادة استخراجها مسببا الكثير من الاضطراب، والانفعالات، والضغوط والآراء المتباينة. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الشخص الذي اتهمه ليس بغريب عنه، أنه زوج أخته (علي قدر ما بهذه القضية من تفاصيل إلا أنها لم تتعرض لطبيعة العلاقة بين الرجلين إلا بالإشارة إلى أنهما لم يكونا معجبين ببعضهما البعض). الصلة العائلية يمكن أن تفسر لماذا أسقط الاتهام في النهاية، ربما حين اجتمعت العائلة وقررت أن المسألة عائلية وأن الحكومة لا شأن لها بالخوض في الشئون الخاصة. لكن السلطات لم تقبل هذا القرار. سألت الضبطية محمد الإسكافي لماذا لم يطلب التشريح من البداية؟ وعند إجابته على هذا السؤال الهام لم يجد شخصاً أضعف من آمنة ليلقي باللوم عليه. وهي في النهاية قد نجت ولكن حكمها كان أضعف نقطة في هذه القضية المعقدة. الذي حوكم هنا مثله مثل محمد عبد الرحمن كانت كفاءة الحكيمة الشابة وقدرتها على التحقق الكاف من أسباب الوفاة. والموقف الذي اتخذه كبار الأطباء لا يقل أهمية. لقد اجتمعوا للإدلاء برأيهم في شهادة آمنة فبينما وجدوها متهمة بإهمال بسيط لم يروا إدانتها وحدها لما حدث واكتفوا بالإشارة إلى أن خطأها أنها خرجت عن نظمهمولم تستشر رأيا آخر وعليه كان الحكم النهائي مقبولاً لهم جداً، لأنهم يفضلون تحقيقاً داخلياً عن تحقيق آخر تقوم فيه أقسام الحكومة الأخرى بالحكم على كفاءتهم ومصداقيتهم.

لم تكن هذه هي الحالة الوحيدة التي روجعت فيها شهادة حكيمة ففي عام 1857 على سبيل المثال،عندما توفيت سيدة تدعي فطومة بنت على الأبيض أعلنت حكيمات الضبطية أنها قد تم قتلها. كان لابد وأن يصدق أطباء مستشفي قصر العيني على حكمهن. الأطباء دحضوا ما وصلت إليه الحكيمات وأعلنوا أن النساء لابد وأن يكن قد تشوشن بالتحجر الذي يحدث للجثة بعد الوفاة، وأوضحوا أن حالة الجثة لم تكن لتسمح للحكيمات بالتحقق من سبب الوفاة. كان على كبار الأطباء أن يدافعوا عن وضعهم لئلا يراجع أحد أفراد المؤسسة القانونية القضية ويرفع الاتهام ضد كل مؤسسة الطب الحديث التي كانت عبر فحص الجثث والتشريح تتدخل بشكل متزايد في عملية التحقيقات الجنائية. كان على الأطباء أن يضيفوا أن تلك الطبيبات لم يتم تدريبهن جيداً في العلوم العملية. ومن الواضح أن شهادة كبار الأطباء هي التي كان يؤخذ بها في حالات الاختلاف(۱۰۸).

هذه الوضعية المتدنية للطبيبات أوضحت في المرسوم ١٨٧٩ الذي قرر أن فحص الجثث يتم أولاً في الثمن (الحي)، ولو كانت النتائج غير حاسمة فإن رأي الأطباء في بوليس القاهرة (الضبطية) هو الذي يسري. وأخيراً لو ظل هناك أي غموض في الحكم الطبي فان الحالة لابد وأن تفحص عن طريق كل طاقم الرجال في مستشفى قصر العيني(109)

وعليه وجدت تلك الطبيبات أنفسهن في أدني موقع في المؤسسة الطبية الحديثة الإنشاء. ورغم أنهن شغلن أماكن هامشية في المجتمع من قبل في حياتهن السابقة وإن يكن وضعاً قلقاً وكثيرًا ما شملته العداوة فقد تم استبداله بوضع شغلن فيه بقسوة أسفل السلم الوظيفي وفوقهن كانت تراتبية وظيفية قاسية وإن لم تكن متجانسة. على رأس الهرم كان كلوت بك الفرنسي، أو أطباء أوروبيون آخرون بعد رحيله وتحت رئاسة هؤلاء الأوروبيين كان الأطباء الشبان المتحدثين بالعربية (حكماء أولاد عرب) الذين تعلموا في قصر العيني أو أرسلوا لأوروبا للتعلم. وتحت رئاستهم غير المتعلمين وغالباً الأميين المتحدثين بالعربية والذين عينتهم الحكومة لخدمة العيادات والمؤسسات الطبية الأخرى في العاصمة. وفي نهاية السلم وتحت رئاسة كل هؤلاء الرجال كانت الطبيبات، على الرغم من التعليم الحديث الذي تلقينه وعلي الرغم من أهمية المهام التي يؤدينها إلا أنهن مازلن يشغلن أدني مرتبة وظيفية في هذه المؤسسة الجديدة، وفي أوقات النزاع فإنهن الخاسرات دائماً.

وهناك مثال قد يساعدنا على توضيح هذه النقطة بصورة أفضل. كما ذكرنا سابقاً لم يكن هناك عدد كافٍ من الطبيبات لمواجهة متطلبات العمل، خصوصاً لفحص الجثث. وكان هذا النقص يتفاقم في أوقات الأوبئة أو عندما تسقط إحدى هؤلاء الحكيمات مريضة ويتم توزيع مهامها على حكيمات أخريات من الأحياء القريبة. وكان هذا يمثل مشكلة لو كان الحيين متباعدين وهما مصر القديمة في الجنوب وبولاق الدكرور في الشمال. في هذه الحال فان ذلك يستغرق وقتاً أطول لوصول البديلة مسببا تأخير الدفن ومستنفرا معارضة رجال الدين. شكي هؤلاء العلماء من أن فشل الحكيمات في أداء مهامهن بصورة لائقة نتج عنه انتهاكات لتعاليم الإسلام بالإسراع بالدفن(١١٠). لم يكن العلماء الذين أضعفتهم الإصلاحات التي أدخلها محمد علي وخلفاءه لمصر، يجرؤون على الجهر بمعارضتهم للمؤسسة الطبية الحديثة، أو على مهاجمة كلوت بك أو أي من مساعديه علانية، ولكنهم يستطيعون أن يكونوا بمأمن عندما يتهمون هؤلاء الطبيبات بأنهن بطيئات وغير أكفاء، وأنهن يعطلن أداء الشعائر الدينية على الوجه الصحيح. ولقد كان لوضع الحكيمات غير المستقر في المؤسسة الطبية الحديثة الإنشاء ما سمح للعلماء بالقيام بذلك.

مواجهات بالاعتراض من شتي الأنحاء وفي نفس الوقت مطالبات بأداء كم هائل من العمل، أبدت بعض تلك الحكيمات درجات من المقاومة تتبدى في غالب الأحول في الشكوى من سوء المعاملة وثقل المهام التي كان مفترضا أن يقمن بها. ربما لم تكن مواقفهن عظيمة أو بطولية، إلا أن هذه المقاومة تظهر أن الحكيمات لم يكن الرعايا الطيعات الصامتات اللائي ظنتهن السلطات. ففي عام 1859 على سبيل المثال عينت زينب بنت محمد حكيمة مدينة دمنهور في الدلتا. كانت مهامها كزميلاتها في القاهرة: التطعيم، فحص الجثث، تسجيل القابلات وخلافه. في يوم طلب منها المساعدة في ولادة متعثرة لسيدة من قرية صغيرة تبعد ساعتين عن دمنهور وتعاني آلام الوضع منذ أسبوع. رفضت الحكيمة، وبالصدفة ماتت السيدة أثناء الوضع. قالت زينب أنها غير مسئولة عن تفقد كل الحالات في الإقليم بأسره، وأنها قد طلب منها ذلك من قبل وتكبدت الكثير من النفقات لأن الحكومة رفضت مرارًا منحها بدل انتقال، وأضافت أنه في هذه الحالة بالذات فإنها لم ترفض الذهاب مبدئياً ولكنها طالبت مرة ثانية ببدل انتقال واثنين من الحرس لمرافقتها في الرحلة الطويلة الخطرة بالإضافة إلى الحصول على حقيبة أدوات طبية لأن الحالة صعبة ولقد رفضت فقط عندما رفضت مطالبها. استمعت لها اللجنة الصحية ولكنها رفضت قبول مبرراتها واعتبرتها مذنبة بالإهمال وحكم عليها مبدئياً بشهرين سجن. ثم سرعان ما اكتشفت اللجنة عدم استطاعتهم الاستغناء عن خدماتها ولذا قرروا استبدال الحكم بخصم نصف راتبها. وقبل أن يقرروا استبدال الحكم كانوا قد قاموا بمراجعة تقاريرها واكتشفوا أنها لم تكن المرة الأولي التي رفضت فيها الخروج من المدينة لزيارات صحية. وعليه قرروا كنوع من العقاب، إعادتها لمدرسة القابلات كطالبة لمدة عام. وحينما استأنفت الحكم أمام مجلس الحكماء فإنها لم تفشل فقط في إبطال حكم لجنة الصحة بل طردت تمامًا من الخدمة(111).

ما قدمناه حتى الآن عن الحكيمات قد شمل خلفية عنهن وعن تدريبهن ومهامهن ووضعهن في المؤسسة الطبية، لكنه بعيد عن تقديم دلالة واضحة لصورة أشمل للمرأة في المجتمع. لو أخذنا مدرسة القابلات لتكون النموذج الأمثل لجهود التحديث التي شهدتها مصر في القرن التاسع عشر فإن الوضع سيكون معقداً. فمن ناحية نجد الحكومة تجمع العبيد الأفريقيات والفتيات اليتيمات وتتيح لهن فرصة لتلقي تعليماً مجانياً في العلوم الطبية. تمنحهن راتباً وأيضًا تقلدهن منصباً عسكرياً داخل البيروقراطية المتنامية الجذابة. ولكن في نفس الوقت تجد هؤلاء النسوة أنفسهن وقد وقعن في شرك مؤسسى تراتبي يشغلن أدني مواقعه. وسرعان ما يدركن أنهن عادة ما يكن هدفا لمعارضة عنيفة تستهدف استراتيجياً المؤسسة الطبية التي يشكلن جزءًا منها. ولأنهن أضعف مكونات هذه البنية الخلافية الجديدة فقد كن الأسهل في التعرض للهجوم، لقد حاولن دفع المعارضة من قطاعات مختلفة من المجتمع ولكنهن كثيرًا ما فشلن.

إن أوضح مثال للطبيعة المبهمة لمدرسة القابلات وكيف إنها كثيرًا ما استخدمت للتحكم وليس لتحرير النساء يخص مهمة معينة كانت على عاتق الخريجات القيام بها في العيادات الطبية بالحضر ومراكز الشرطة كجزء من عملهن الروتيني وهي: الكشف عن عذرية الآنسات الصغيرات المتسكعات في الطرقات بعد الهروب من منازلهن. ولنأخذ حالة صابحة.. امرأة أضناها الفقر فطلبت المساعدة من صديقتها حسناء التي وعدتها بأن تقدمها لابنتها ليفتحا معًا ماخور (كرخانة) “وسوف تصبحين عظيمة وفي غاية الصحة“. قبلت صابحة العرض، وذهبت لحسناء بعد أن هربت من منزلها في أحد أيام الجمع بعد أن ترك والدها المنزل. ولكن والدها سرعان ما وجدها ثملة في إحدى الخمارات، وسألها إن كانت ما تزال آنسة وأجابت بالإيجاب، ولم يصدقها وأخذها لمركز الشرطة حيث أجرت الكشف عليها طبيبة واكتشفت أنها قد فقدت عذريتها(۱۱۲).

واقعة أخري، سيدة فتاة في العشرين من عمرها كانت تحيا مع عائلتها في الجمالية بشمال القاهرة، وكان أهلها يكررون رفض من يتقدم لها مطالبين بمهر أكبر. وحين نفد صبرها قررت ترك المنزل واستغلت فرصة مشادة بين أفراد أسرتها لتهرب سرًا لبيت بعض الأصدقاء وهناك مارست الجنس مع ابنهم حسنين ذي الثامنة عشرة من العمر. بعد عدة أيام وجدها خالها بالصدفة وكان قد علم بتغيبها عن بيت أسرتها وأخذها لقسم شرطة الجمالية للكشف عليها. حكيمة عيادة الجمالية لم تعرف ما إذا كانت سيدةعذراء أم لا؟ وعليه كان لابد من استدعاء الحكيمة في الضبطية في رئاسة بوليس الأحياء بالأزبكية وأعلنت أن الفتاة لم تكن عذراء. وعلي الرغم من أن سيدة وحسنين قد وافقا على الزواج إلا أن الضبطية أصرت على تحويل القضية للمحكمة (١١٣).

حالة أخري، كانت حفيظة تعمل لدي أحمد محمود في منزله وبينما كانت تقوم بعملها في ساحة المنزل هاجمها واغتصبها. فزعت وتوجهت لقسم الشرطة حيث كشفت الحكيمة عليها وقررت أن غشاء البكارة قد أزيل من زمن بعيد وأن الفتاة كانت مستعملةمن قبل. وحين استدعى أحمد محمود نفي في البدء الاتهامات كلية. ثم فيما بعد أقر بأنه عاشر حفيظة ولكن برضاها. وحينما ووجهت حفيظة بشهادة محمد اعترفت بأنه لم يجبرها وأنها وافقته لأنها كانت تريد الزواج منه. وعلي الرغم من أن المحكمة الشرعية سامحت الاثنين خاصة وأن حفيظة كانت راغبة أن تسقط الاتهام إلا أن الضبطية قررت تحويل القضية للمحكمة العليا (مجلس الأحكام)(١١٤).

وفي حالة أخري، التحقت عايدة بالعمل كخادمة في بيت أحد الباشاوات ثم هربت منه دون استئذان. وحينما عثر عليها أرسلت إلى قسم الشرطة للكشف عليها بواسطة الحكيمة ووجد أنها قد فقدت عذريتها (ثيب). أفادت عايدة بأن رجلا يدعي محمد أبو العلا افقدها عذريتها بعد أن خدرها واغتصبها وأضافت بأنها قد زارته مرتين بعد ذلك. في البداية قررت المحكمة الشرعية بعد دراسة القضية أنها حالة زنا واضحة وحكمت على الطرفين بعقوبة بدنية حادة. ولكن بعد تحويل القضية إلى المحكمة العليا حكم على عايدة بستة أشهر في سجن النساء وعلي محمد أبو العلا بستة أشهر مع الأشغال الشاقة(115)

وقضية أخري أكثر دلالة كانت بطلتها عزيزة التي أحبت حسن لكن والدها رفض زواجهما، فهربت وذهبت لتعيش معه في منزل سيدة تدعي أم رزق، وهناك مارسوا الجنس ثم حاولوا الزواج دون علم والد عزيزة وكان والدها قد أبلغ عن غيابها وعينت الحكومة مخبر (بصاص) أمكنه العثور عليها. أرسلت للضبطية حيث كشفت عليها الحكيمة في عيادة بولاق ثم حكيمة الضبطية نفسها وكلتا الحكيمتين وجدتاها قد فقدت عذريتها (ثيب). وأمام رغبة عزيزة وحسن في الزواج وافق الأب أخيراً بعد أن شهد في محكمة شرعية بأنه سيقبل ما تقول به الشريعة من مهر مناسب (مهر المثيلة). ولكن السلطات المدنية وهي في هذه الحالة الضبطية قالت بأنه على الرغم من أن القضية انتهت فيما يخص الشرع، فإن عزيزة وحسن وكذلك أم رزق التي استضافتهما سوف يحاكمون وفقا للسياسيةوهو تعبير كان يعني في هذا الوقت القوانين العلمانية(116).

هذه القضايا تظهر أنه بدلاً من تحرير النساء فإن الدولة بدأت تنظم الأخلاق والنشاط الجنسي للنساء وتأخذ هذه الوظائف من الآباء والأخوة والعائلات. وفوق هذا فقد شهدت هذه الفترة دمجا بين الأخلاق الخاصة والأمن العام.

فقبل إصلاحاتمحمد على فإن والدا يبحث عن ابنته الغائبة أو سيدا يبحث عن خادمة كان عليه أن يجدها بنفسه. فالأمن العام لم يكن أبدأ شأنا خاصا. هذا صحيح، لكن شتي الحكومات المصرية التي سبقت القرن التاسع عشر لم يكن لها بنيان محلى يمكن أن يفرض الأمن ويحافظ عليه بتمكن كما فعل محمد على. إن خلق هذه المحليات في الربع الثاني من القرن التاسع عشر بالقاهرة قدم رؤية جديدة للمدينة: ككيان مشترك لابد من حماية أمنه ووحدته. والسلام والأمن المعني بالدفاع عنه لم يكن ما يخص الأفراد المعنية فكما رأينا حتى بعد أن يوافق الأفراد على إسقاط التهم فالقضية لا تسقط بالضرورة لأن المدينة ذاتها هي التي يتم الدفاع عنها وأمن الحياة الحضرية نفسه هو الذي يراهن عليه. فقدان فتاة لعذريتها لم يعد مسألة شخصية، وأيضًا لم يعد مسألة دينية فقط، لقد أصبح فعلاً يهز هيبة الدولة وقدرتها على حماية أمن المدينة.

كان تعيين الحكيمات في أقسام البوليس حيث يعهد إليهن من ضمن أعمال أخري بالكشف عن عذرية الفتيات بعد العثور عليهن بعد هروبهن يعد انتهاكاً جديداً لحياة الناس. هذا النوع من التحكم بأجساد النساء وحياتهن الجنسية كان غير مسبوق وأصبح ممكنا ليس فقط بمساعدة المخبرين وضباط الشرطة، ولكن أيضًا عن طريق الحكيمات اللاتي تعلمن في مدرسة القابلات.

لكن أكثر الأمثلة التي توضح كيف وجدت تلك النساء أنفسهن وأجسادهن في قاع النظام الطبي المتذمر هي قضية زواجهن الذي كانت بيروقراطية محمد علي المهيمنة تحاول ترتيبه. لم يكن يسمح للحكيمات أن يتركن المدرسة حتى يجدن الزوج المناسب من بين الأطباء المصريين. كان هدف هذه السياسية خفض التكاليف حيث سيعيش الزوجان في هذه الحالة معًا موفرين للحكومة تكلفة بدل الإقامة للحكيمة المتزوجة (١١٧).

مرة أخري نرى التناقض في منطق السلطات فمن ناحية يعينون النساء ويعلمونهن ويمنحونهن رواتب منتظمة ورتبة مرموقة؛ وفي ذات الوقت يمارسون دوراً أبوياً تجاههن؛ أولاً في عدم السماح لهن بترك المدرسة إلا عند الزواج، وثانياً في إيجاد الزوج لهن (118). وبالطبع، وفقا للأبوية الحقة، كان المفترض أن تمنح الفتيات حق الموافقة على الزواج، وكان على السلطات أن تتحقق من ظروف (العريس) بدقة، لئلا يكون متزوجاً من قبل ويسعى للزواج (من إحدى هذه الحكيمات) طمعًا في مالها” (119).

على أي حال كان الواقع مختلفا، وكثيرًا ما شكت الحكيمات من الأزواج الذين اختيروا لهن. فهناك على سبيل المثال حالة آمنة بنت محمد، التي بعد أن أنهت دراستها بالمدرسة ومنحت رتبة ملازم ثان وراتب مائتان وخمسون قرشاً سرعان ما تم تزويجها لعلي أفندى جبريل بمهر 500 قرش (قدرته الشورى بنفسها) وأرسلت للعمل معه في دمياط. عاشا معًا لمدة ثلاثة أعوام وكلاهما يؤدي عمله بكفاءة ويحظي بتقدير رؤسائه. ثم جاءت آمنة في أحد الأيام للشورى بالقاهرة وقدمت طلباً للطلاق قائلة بأنها لا تستطيع الحياة مع زوجها فهو وقح وعنيف معها وأنه يأخذ كل ما تكسبه. وفوق ذلك فهو يعاشر بانتظام عبدة زنجية لا يملكها. وكما لو كان كل هذا ليس بكاف، فقد قام برد مطلقته السابقة لعصمته. أمرت الشورىالزوج بالحضور إلى القاهرة للتحقيق (١٢٠). وحينما وصل علي للشورى بالقاهرة تم إحضار زوجته في حضور كلوت بك ورؤساء الشوري بالأحياء وبعد يومين من المباحثات حلت المشكلة بالطريقة التالية: أولاً: يطلق على زوجته الأخرى ويتخلص من العبدة الزنجية حيث أن كل الخلاف نابع من تكرار ثرثرتهم“. ثانياً على آمنة نفسها ترك منزل والدتها بالقاهرة حيث تحيا أختها أيضًا وحيث لجأت عندما لم تعد تحتمل الحياة مع زوجها. بررت الشورى طلبها لآمنة بترك منزل والدتها بأن كلا من والدتها وأختها قد ساعدتا على تمردها على زوجها. وثالثاً ولأسباب مشابهة يطلب علي من أخاه الذي جاء للعيش معه بدمياط أن يرحل للقاهرة. رابعاً يكف على عن الاستيلاء على كل راتب زوجته ويكتفي بأخذ نصفه فقط وتفعل هي ما تشاء بنصفه الآخر” (۱۲۱).

وكما توضح حالة آمنة فإن سجلات مدرسة القابلات تعكس التعقيدات التي صاحبت ظهور مؤسسة حديثةبمصر في القرن التاسع عشر وشكلت مشروع التحديككل. فمن ناحية يمكن للمرء أن يري بوضوح كيف ساعدت المدرسة الفتيات اللاتي التحقن بها بتحويلهن لحكيمات وحمايتهن بذلك من قدر أسوأ: فقد تم التقاطهن من الطرقات. تعلمن واعتنى بهن ومنحن راتباً منتظما وسكنا أثناء دراستهن، وعند تخرجهن يمنحن راتباً أعلي ويعشن في أماكن عدة ليس فقط في القاهرة بل أيضًا الأقاليم حيث يعهد لهن بمهام مهيبة وهامة. وعليه، فقد منحن تعليما مجانيا وسلطة اقتصادية وقدرة على الحركة ووضعاً اجتماعياً مرموقا. باختصار فقد منحن كل المميزات التي يشير إليها باحثي برامج التحديث بأنها تعود على النساء من جراء هذه البرامج. ولكن كما رأينا فإن هؤلاء النسوة قد وجدن أنفسهن داخل في نظام تراتبي يشغلن منه أدني مرتبة. وعندما يثور خلاف، وكثيرًا ما يحدث، تكتب هذه النسوة التماسات يعترضن فيها على ما يعتبرنه نظاما غير عادل، وكثيرًا ما شكون من دونية وضعهن في النظام الطبي الحديث. وعلي الرغم من ذلك فقد وجدن أنفسهن وأجسادهن تحت مراقبة دقيقة ولا يوجد من يتوجهن إليه سوي أسرهن وأصدقائهن. وسرعان ما يتبين لهن أن المدرسةكانت في آن واحد أداة نظام وتنظيم ومؤسسة تنويروتمكين“. باختصار، على الرغم من أن حياة الحكيمات في المدرسة وما يستتبعها من وظائف قد منحتهن الفرصة ليصبحن متحررات ومتمكنات وفي بعض الأحيان مواطنات قويات الإرادة قادرات على اتخاذ بعض مواقف المقاومة البسيطة؛ إلا أنهن أيضًا كن واعيات بأنهن مستخدمات من الدولة كأدوات نظام وتنظيم، وفوق هذا فأنهن قد أدركن أن أجسادهن كانت مراقبة ومحكومة بعنف.

هذه الطبيعة المتضاربة لمدرسة القابلات واحدة من أكثر مؤسسات محمد على وكلوت بك دلالة هي التي تدفع المرء للتعجب متأملاً حالة آمنة عندما وافقت على الالتحاق بالمدرسة ترى هل كانت تتخيل كيف ستكون حياتها مع علي جبريل؟

كل المادة الأولية المشار إليها من دار الوثائق القومية، وسوف أذكر لاحقاً وصفا مختصراً لما هو مفيد منها مع ذكر الكود الخاص بها.

  • سجلات لجنة الصحة، الشورى مشار إليها بكود 3/S. وهما نوعان

أ ) صادر کرد 122/ 3/ s: تسعة سجلات تحوي كل منها ۸۰۰ ۹۰۰ رسالة كلها حول الفترة ١٢٦١ ١٢٧٨ هجرية، 1845-1861 ميلادية. الرسائل موجهة لثلاث أقسام: قسم المدارس (حول مواضيع مثل الكشف الطبي على التلاميذ في المدارس الحكومية. تقارير حول امتحانات عقدت لطلبة الطب، تعيين الأطباء والصيادلة في المدارس المختلفة)، ديوان الخديوي: قسم الشئون المدنية (حول مواضيع تعني بالمستشفيات المدنية، الأنظمة الصحية، التحقيقات الإجرامية مثل فحص الجثث إلخ..) وقسم الشئون الحربية (حول شئون تخص المستشفيات العسكرية بما فيها قصر العيني، تعيين الأطباء والصيادلة في الفصائل المختلفة إلخ..).

ب) وارد: کود 206/ 3/ S: ستة سجلات تغطي نفس الفترة الزمنية وتقدم الطرف الآخر من المراسلات على الرغم من أن الوثائق هي تلخيص فقط للرسائل

  • سجلات قسم الشئون المدنية كود L/ 1

هذا القسم له أسماء عدة: ديوان الخديوي، ثم ديوان كتخده، ثم ديوان محافظات مصر، عدد هذه السجلات ١٧٨ وكل منها يضم 500 رسالة، وتغطي الفترة الزمنية ١٢٧١١٢٩٦ هـ، ١٨٥٤ ١٨٧٨ ميلادية. السجلات مفيدة جداً لأنها تحوى مراسلات بين العديد من عناصر الحكومة تخص العلاج المدني خاصة صحة المدن والمستشفي المدني بالأزبكية حيث وجدت مدرسة القابلات.

  • سجلات قسم التفتيش الصحي بالقاهرة M/ S:

كان هذا القسم يسمي تفتيش صحة المحروسة. يضم ستة عشر سجلاً تغطي الفترة من ١٢٦٦١٢٩٧ هجرية. ١٨٤٩١٨٧٨ ميلادية. ولسوء الحظ هناك فترات غير متوفرة. تضم هذه السجلات معلومات قيمة عن المكاتب الصحية العشرة التي أنشأت في أحياء القاهرة المختلفة (الثمن) والتطعيم ضد الجدري، الطبيبات، حوادث الطريق، والصحة الحضرية.

  • سجلات شرطة القاهرة (ضبطية مصر) كود L/ 2/ 6

تلك السجلات شديدة الأهمية حيث تسجل حالات القتل أو الاشتباه في القتل، وتلحق بها بالضرورة تقارير فحص للجثث. وهي عديدة ولكن المناسب منها أبواب تحقيق الحالات وذلك في ١٤سجلاً تغطي الفترة من ١٢٩٤۱۲۹۷ هجرية، يوليو ١٨٧٧ ديسمبر ۱۸۷۹ ميلادية.

  • سجلات المحكمة العليا (مجالس الأحكام) كود S/ 7/ 10

مجموعها ۳۱۸ سجلاً تغطي الفترة من ١٢٧٤١٣٠٦ هجرية و ١٨٥٧١٨٨٩ ميلادية. هذه التقارير خاصة بالنظام القانوني وبعضها في غاية الأهمية لأنها صادرة من محكمة كانت تعتبر الأعلى في البلاد. تقاريرها تعرض لقضايا جنائية, تجارية وإدارية. ومنها قضايا عديدة تخص سوء الممارسة الطبية والخلافات الإدارية داخل المؤسسة الطبية.

  • سجلات حملة سوريا (يشار إليها الشام)

تسعة وخمسون صندوقًا تضم معلومات غير ذات أهمية من الحملة (١٨٣١١٨٤٠) بما فيها شئون طبية مثل عدد مرات الكشف الطبي في كل الفصائل وحالة مستشفيات الموقع في سوريا وغيره.

سبق تقديم هذه الورقة في مؤتمرات بفلادلفيا، باريس، ونيويورك، معظم العمل الأرشيفي التي اعتمدت هذه الورقة عليه تم إنجازه في مدة عامين في دار الوثائق القومية المصرية.

1 – ف. م ساندويز تاريخ قصر العيني،تقارير مدرسة الطب الحكومية المصرية (1901):۱۱

2 – “الشيال“. ذكر ستة وخمسون كتابا طبياً وبيطرياً تمت ترجمتها خلال حكم محمد على وحده، ولم يتفوق عليهم في العدد سوي الكتب العسكرية (أربعة وستون). جمال الدين الشيال تاريخ الترجمة والحياة الثقافية في عهد محمد على” (القاهرة: ن. ب ١٩٥١) صـ ٣٨ من الملحق.

3 – لافارن كوهينكي، حيوات في خطر: الصحة العامة في القرن التاسع عشر بمصر” (باركلي ولوس انجلوس: مطبعة جامعة كاليفورنيا، ۱۹۹۰) صـ ۱۲۳

4 – نفس المصدر السابق صـ ۱۲۲

5 – انظر على سبيل المثال جين تولر وجوان برامل القابلات في التاريخ والمجتمع” (لندن: كروم هلم، ١٩٨٦) صـ 99- 146, وجين دونسون القابلات ورجال الطب: تاريخ الصراع لتحديد النسل” (لندن: المطبوعات التاريخية، ۱۹۸۸) صـ ۷۲ -93

6 – سير ويليام روبرت وايلد، حكاية رحلة لمديارا, ت ناريف وشواطئ البحر المتوسط” (دبلن ١٨٤٤) صـ ٢٣٤ – 235

7 – فيكترو شولثر مصر في عام ١٨٤٥” (باريس، ١٨٤٦) صـ ٤٤-45

۸ أميرة الأزهري سنبل، تكون مهنة الطب في مصر ۱۸۰۰ ۱۹۲۲” (نيويورك: مطابع جامعة سایرکيوز ۱۹۹۱ ) صـ 450

9 – ليلي أحمد، النساء والنوع في الإسلام” (نيوهافن: مطبعة جامعة يال ۱۹۹۲) صـ ١٣٥٠

۱۰ ندي طوميش وضع المرأة المصرية في بالنصف الأول من القرن التاسع عشر” “بدايات التحديث في الشرق الأوسطويليام، ربولك وريتشارد ل. تشامبرز (شيكاغو: مطبعة جامعة شيكاغو، ١٩٦٨) صـ ١٨٣-184

۱۱ أ. و. جـ ليندساي، رسائل من مصر، الأرض المقدسة” (لندن: هنري كلبورن، ۱۸۳۸، 1: 34).

۱۲ لمناقشة كيف كان الباشا يمسرح لقاء مع زواره الأجانب انظر خالد فهمي، كل رجال الباشا: محمد على، جيشه وبناء مصر الحديثة” (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج ۱۹۹۷) صـ ۱ -8

13 – جون باورنج تقارير عن مصر وكاندياأوراق برلمانية، تقارير من مراسلين٢١ (١٨٤٠) صـ 146

14 – S/ 3/ 122/ 2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم 389 صـ 163 في ٢٥ جماد الأول 1263/ 11 نوفمبر1846

15 – L1/ 5/ 1 (محفوظات مصر) وثيقة رقم 9 صـ 17: ٣٢ في 16 ربيع الأول ١٢٧٦/ ٢٣ أکتوبر 1859

16 – S/ 3/ 122/ 2 (الجهادية رقم ٤٣٧) وثيق: رقم 46 صـ 49، في ٢٩ ذو القعدة ١٢٦٢/ ١٨ نوفمبر1846

۱۷ وايلد حكاية رحلةصـ ٢٣٤٣٥٠.

١٨ وحتى في وقته كان الباشا معروفا عنه الإدلاء بالكثير من التصريحات وعقد العديد من اللقاءات: انظر تعليق الاسترالي المقيم لم يكن للباشا فضيلة الصمت والتأملوقد ذكر ذلك في م. صبري الإمبراطورية المصرية بقيادة محمد على ومسألة الشرق (١٨١١ ١٨٤٩) (باريس: بول جوتنر: ۱۹۳۰ ) صـ 142

۱۹ باورينج تقرير عن مصر وكاندياصـ 146

۲۰ أحمد الرشيدي، ترجمة ضياء النيرين في مداوات العيانين (القاهرة بولاق، ١٨٤٠) صـ ٣ ٤.

۲۱ أحمد الرشيدي، ترجمة كتاب الولادة (القاهرة: بولاق ١٨٤٢)

۲۲ انظر هنري دودوال، باني مصر الحديثة” (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج ١٩٣١) حيث سادت هذه الفكرة عبر الكتاب وذكرت بوضوح في الخاتمة.

23 – انظر مثلاً أدوارد دريولت محمد علي ونابليون” (١٨٠٧ ١٨١٤) (القاهرة: الجمعية الملكية الجغرافية المصرية، ١٨٢٥).

٢٤ آخر مثال هو عفاف لطفي السيد مرسوت، مصر في حكم محمد على” (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج ١٩٨٤).

٢٥ أحمد عزت عبد الكريم طريقة التعليم في عصر محمد علي” (القاهرة: النهضة المصرية، ١٩٣٨).

٢٦ سنبل، تكون مهنة الطبصـ ٢١

٢٧ لمراجعة مختصرة لتاريخ هذين الوبائين في مصر أوائل القرن التاسع عشر انظر كوهنكي حيوات في خطرصـ ٤٩ ٥٧، ٧٥ – 78

28 – بشأن اهتمام محمد على بقلة تعداد الرجال في مصر لمواكبة احتياجاته العسكرية انظر فهمي كل رجال الباشاصـ 50, 92.

۲۹ کوهینكی حیوات في خطرصـ ۱۲۹

۳۰ دانیال باتراك تعداد المصريين في القرن التاسع عشردراسات آسيوية وأفريقية ٢١ (۱۹۸۷) صـ ۱۸

31 – أمين سامي تقويم النيل” (القاهرة – دار الكتب، ۱۹۲۸) ص ۲: ۲۷۸ رسالة بتاريخ 5 جمادى الأول ١٢٣٤ / ٢ مارس ۱۸۱۹.

۳۲ – S/ 1/ 50/ 5 (معيه سنية، تركي، رقم ١٤) وثيقة رقم 413 وكتخده 1/101، كلاهما في ٢٦ ذو القعدة ١٣٣٩ / ٢٤ يوليو ١٨٢٤ كل قد منحت راتبًا شهريا قدرة خمسمائة قرش (حوالي 5 جنيه إسترليني): وثيقة رقم 419 في ٢9 ذو القعدة ١٢3٩ / ٢٧ يوليو ١٨٢٤.

۳۳ – S/ 1/ 47/ 7 (معيه سنية، تركي، رقم ١٧) وثيقة رقم ٢١٦ في ٢٧ محرم ١٢٤١/ ١٢ سبتمبر 1825

٣٤ في مذكراته زعم كلوت بك أنه بفضله وحده قد دخل التطعيم بمصر وواضح مما ذكر أن ذلك لم يكن حقيقي. أنطوان بارتلامی کلوت. مذكرات. تحرير جاك تاجر (القاهرة: ١٩٤٩) صـ ١٥٧.

٣٥ کوهنكي حيوات في خطرصـ ١٢٣ منح كلوت لقب بك في عام ١٨٣٢ عندما نجح في السيطرة على وباء الكوليرا في العام نفسه.

36 – كانت أشهر راقصة خلدها فلوبير في مذكراته عن مصر، انظر جوستاف فلويير (فوليير في مصر). ذكريات رحلة، تحرير وفرجة فرنسيس ستيجمولر (شيكاغو: مطبعة أكاديمية شيكاغو، ۱۹۷۹) صـ ۱۱۳120

۳۷ هؤلاء كن ممثلات كثيرًا ما كن يرقصن في الشوارع، أمام المنازل وفي بهو بعض المنازل في مناسبات مختلفة ؛ أدوارد و. لين. بیان بسلوكيات وعادات المصريين المعاصريين (لندن وارد، لوك ١890) صـ ٤67.351.

۳۸ أ. ب. كلوت بك نظرة عامة على مصر” (باريس: فورتن، ماسون ١٨٤٠ ) صـ 1: 336

۳۹ جميس أوجستس سانت جون، مصر ومحمد على” (لندن: لونجمان، ١٨٣٤ ) صـ ٢: 176

40 – المصدر السابق صـ ٢٦٥

41 – بخصوص انتشار مرض الزهري في أوروبا في نهاية القرن الخامس عشر وعلاقته بالحروب الإيطالية لعام 1494-1559 انظر ويليام ماكنيل الأوبئة والناس” (نيويورك: دبلدای، ۱۹۷۷) ص ١٩٣ وعن انتشار الزهري عن طريق جيش نابليون انظر جون التنج سيوف حول العرشجيش نابليون الضخم (لندن: ماكسيلان ۱۹۸۸) صـ ٢٩٤.

٤٢ الوقائع المصرية رقم ٣٣٤ في ٢١ ديسمبر ۱۸۳۱ ذكرها كوهينكي حيوات في خطرصـ ١٣٥

43 – انظر الشام 1/27 في ٢٠ جمادي الثاني ١٢٤٧ / ٢٦ نوفمبر ١٨٣١، عن المرضى الذين تم إرسالهم المستشفي أبو زعبل, والشام 2/54 في 7 رجب ١٢٤٧ / ١٢ ديسمبر ۱۸۳۱، والشام 2/ 88 في ٢٣ رجب ١٢٤٧ / ٢٨ ديسمبر ١٨٣١ عن إرسالهم للإسكندرية. في كل هذه الحالات كان المرضي ينقلون بالسفن.

٤٤ الشام 2/101 في 10 شعبان ١٢٤٧ / ١4 يناير ۱۸۳۲.

٤٥ – S/ 5/ 51/ 2 (سجلات عابدين) وثيقة رقم ٦٢ في 30 شوال ١٢٤٧ إبريل ١٨٣٣.

46 – كمثال على هذه التقارير أنظر الشام 7/78 في 11 محرم ١٢٤٨ / ١١ يونيو ١٨٣٢ والشام ١٠ / ١٥٠ في 17 ربيع الأول ١٢٤٨ /11 أغسطس ۱۸۳۲.

٤٧ أ. ب. كلوت بك 11 رسالة من مشورات الصحة إلى أطباء الجهادية (القاهرة: مطبعة ديوان الجهادية ١٨٣٥).

٤٨ قانون الداخلية (القاهرة: مطبعة ديوان الجهادية ١٢٥٠ / ١٨٣٤ ١٨٣٥) مقالة ٢٧٣ صـ 52

49 – S/ 1/ 48/ 4 (معيه سنيه/ تركي) وثيقة رقم ٥٩٤ في ٢٠ جمادي الأول 1250/ 24سبتمبر ١٨٣٤. هذه حالة اثنين من الموظفين الأوروبيون أحدهما صيدلي والآخر أرشفجي وكان بصحتهم راقصة ومغنية في خيمتهم تلك الليلة. كانت لغة الباشا في هذه الرسالة حادة بوجه خاص لمنع الغواني أن يعشن بالقرب من معسكرات الجيش.

50 – أوامر للجهادية 1/10 في 6 صفر ١٢٤٦ / ٢٦ يوليو ١٨٣٠، كانت هذه حالة عثمان أغا الذي حصل على إجازة أربعة وعشرين ساعة ولكنه عاد بعد خمسة أيام وحينما حقق في الأمر أكتشف أنه أمضي تلك المدة في ماخور وتم فصله من الخدمة كلية.

51 – جودیت تاكر النساء في القرن التاسع عشر بمصر” (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج ١٩٨٥، صـ 136

٥٢ – الشام 1/27 في 4 جمادى الثاني ١٢٤٧ / ١٠ نوفمبر ۱۸۳۱

٥٣ بورينج تقرير عن مصر وكاندياصـ 6.

54 – ميشيل أويسالتاريخ الاجتماعي للبحرية” (لندن: جورج ألن وانوين ١٩٦٠) صـ ۲۸۲

55 – كلوت بك. رسالة قسم ۲ مقال 1 صـ 6.

56 – المصدر السابق مقال 4 صـ 6

57 – S/ 3/122/ 2 وثيقة رقم ۱۸۹ صـ ١٨۲ في ١٧ جمادي الأول 1263 / ٢ يونيو ١٨4٧.

٥٨ المصدر السابق، وثيقة رقم ۲۱۲ صـ ١9٥ في،رجب ١٢٦3 / ١٨ يوليو ١٨٤٧.

59 – المصدر السابق، وثيقة رقم ١٤٣ صـ ١6٩ في 7 جمادي الثاني 1263 / 23 مايو ١٨٤٧.

٦٠ – فيليب جلاد قاموس الإدارة والقضاء” (الإسكندرية، ۱890 – ۱۸۹۲) 3: ۱۲۱۷ وزارة النظام الداخلي بتاريخ 11 نوفمبر ۱۸۸۲.

61 – M/1 /1 (دیوان اسبتاليه رقم ٤٣١). وثيقة رقم ٨٢ صـ ١٨ في 15 شوال 1260/11 نوفمبر 1882

٦٢ حول رفض محمد على لانتشار التعليم الابتدائي أنظر فهمي كل رجال الباشاصـ 282 283.

63 – عوقبت بمائتي جلدة: S/ 6/ 2/ 1 (الجمعية الحقانية) وثيقة رقم 5 صـ ٥٢ في 7 شوال ١٢٦٤ / 6 سبتمبر ١٨٤٨.

٦٤ نجيب محفوظ تاريخ التعليم الطبي في مصر” (القاهرة مطبعة الحكومة ١٩٣٥ ) صـ ۷۱

65 – أنشأها مملوك سلطان المنصور قلاوون في 68٣ / ١٢٨٤. كانت هذه إحدى مستشفيات القاهرة الرئيسية التي خدمت فقراء المدن، على الرغم من إنها تبدو الآن غير كافية لتعداد سكان المدنية. حول تاريخها وتطورها وتدهورها الكامل في القرن الثامن عشر. انظر الوصف القيم للرحالة التركي أفليا سيليبي في كتابه سياحا تنمي، مجلد ۱۰/ مصر، السودان، حبشة (1672 80 ) (اسطنبول دفليت باسيمفي، ١٩٣٨) فصل ٣٥. وحول حالة المستشفي أثناء الحملة الفرنسية أنظر وصف مصر طبعة ثانية” (باريس ۱۸۲۲) مجلد ۱۸ صـ ۳۱۸.

66 – كلوت بك ذكرياتصـ 3۲۱.

67 – کوهنكي حيوات في خطرصـ ۱۲۷.

68 – M/ 1/ 1 (دیوان اسبتاليه رقم ٤٣١) وثيقة رقم 195 صـ ٢٣ في ٢٧ شوال ١٢٦٠ / ١٠ نوفمبر ١٨٤٤ ونفس المصدر السابق وثيقة رقم ١٨٢ صـ 40-41 في 16 ذو القعدة ١٢٦٠ / ۲۷ نوفمبر ١٨٤٤.

69 – S/ 3/ 122/ 5 (جهادية رقم ٤٤٢) وثيقة رقم 30 صـ ٤٦، 48 في ٢٨ ذو القعدة ١٢٦٤ / ۲۷ أکتوبر ١٨٤٨.

۷۰ عثرت فقط على عدد ضئيل من العرائض من فتيات للالتحاق بالمدرسة، الأولى من فتاة فرنسية عمرها عشر سنوات تدعي جستينالتي كانت يتيمة بلا أهل أو أقارب ولكنها سليمة الصحة ولائقة للمدرسة“:S/ 3/ 122/ 2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم 66 صـ 58 في ٢١ ذو الحجة ١٢٦٢/ ١١ ديسمبر ١٨٤٦. أنظر أيضًا حالة فتاة تدعي نفيسةكانت معافة صحياً ومتعلمة وطالبت بإرادتها الالتحاق بالمدرسة. نفس المصدر السابق وثيقة رقم ٢١٦ صـ ١٩٥ في 8 رجب 1263 / ٢٢ يونيو ١٨٤٧.

۷۱ -S/ 3/ 122/ 7 (جهادية رقم ٤٥٠) وثيقة رقم 1 صـ ٢ في ٢٢ صفر ١٢٧٦ / ٢١ سبتمبر ١٨٥٩.

۷۲ -S/ 11/8 /4 (المجلس الخصوصي رقم 66) مرسوم رقم 16 صـ 14-15 في 18 ذو الحجة ١٢٧٩ / ٦ يونيو 1863.

۷۳ ساندویز تاریخ قصر العينيصـ 18

74 – انظر سجل رحلتها وإقامتها في مصر الذكريات فتاة من الشعب أو القديسة سيمونين في مصر” (باريس: فرانسواز ماسبيرو ۱۹۷۸ ).

75 – M/ 1/ 1 (دیوان استبالية رقم 431) وثيقة رقم 105 صـ ٢٣ في ٢٧ وشوال ١٢٦٠ /١٠ نوفمبر 1844. لم يكن واضحًا لم اختير النهراوي للوظيفة فلم يكن مسئولاً عن تدريس علم الولادة في مدرسة قصر العيني، على العكس كان أحمد الرشيدي هو كبير مدرسي علم الولادة بالمدرسة والذي قام بنشر كتب حول الموضوع بهجة الرؤساء في أمراض النساء” (القاهرة بولاق ١٨٤٤). قام النهراوي بترجمة كتاب في التشريح العام التشريح العام” (القاهرة: بولاق ١٨٤٥). في ١٨٥٧ عين ككبير الأطباء لمحافظة المنيا S/ 3/ 122 (جهادية رقم ٤٤٤) وثيقة رقم 75 صـ ١٤ في ٢٣ شعبان ۱۲۷۳ /19 إبريل ١٨٥٧.

76 – S/ 3/ 122/ 4 (جهادية رقم ٤٤٠) وثيقة رقم 48 صـ 50 في 8 ذو القعدة 1263/ 18 أکتوبر ١٨٤٧ ونفس المصدر السابق وثيقة رقم ۱۲۰ صـ 9٤ في ١٢ ربيع الأول 1264/ 17 فبراير ١٨٤٨، وحول وصولها للقاهرة والامتحان الذي عقدته للطلبة فور توليها منصبها انظر المصدر السابق وثيقة رقم ٨٧ صـ ٧٤ في ٢٦ محرم ١٢٦٤ / 4 يناير 1848، وحول الخلاف حول تكلفة إقامتها في فندق استوريا (علي الأغلب في الأزبكية) ومن يتولى تغطيتها أنظر المصدر السابق وثيقة رقم 19 صـ 106.101 في 23 ربيع الأول ١٢٦٤ / ۲۸ فبراير 1848

77 – الوقائع المصرية رقم 46 في 5 يناير ١٨٤٧ ص ۱: ۲ ذكر في كوهينكي حيوات في خطرصـ 128.

۷۸ هناك العديد من الرسائل الخاصة بهذه الشخصية المميزة؛ حول تعيينها كمعلم رئيسي انظر S/ 3/ 122/ 9 (جهادية رقم 4٥٢) وثيقة رقم ٢٣٥ صـ 44 في ٢٦ ذو القعدة /19 يوليو ١٨٥٧؛ ( وحول كفاءتها انظر L/1/5/2 محفوظات مصر رقم 185) وثيقة رقم 15 صـ 40 في 16 ربيع الثاني ١٢٧٧ / ١ نوفمبر 1860، L/1/20/5 (محفوظات مصر 1043) حالة رقم ٢٤ صـ ۱۳۷-13٨ في 8 شوال ١٢۷۷ / ١٩ إبريل 1861.

79 – S/11/8/4 (المجلس الخصوصي رقم 66) مرسوم رقم 16 صـ ١٤ ١٥ في 18 ذو القعدة ١٢٧٩ / ٦ مايو ١٨٦٣.

80 – L/1/4/1 (محفوظات مصر) وثيقة رقم ٢٢ صـ ٦٨ في ٢٢ ذو القعدة ۱۲۸۰ ۳۱ مارس ١٨٦٤.

81 – کوهنكي حيوات في خطرصـ ١٤٢ كل معلومات کوهنكي مأخوذة من الوقائع.

٨٢ لم أجد وثائق تذكر بوضوح عدد الدايات: الوثائق التالية قد تقدم تصور لعددهم. عدد الدايات المسجلات (غالبا القاهرة وحدها) في ١٨٥١ كان 565. M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة) وثيقة رقم ١٢٦ صـ 62. في ٢٥ ربيع الثاني ١٢٦٧ / ٢٨ فبراير 1851 في ١٨٦٠ ثم طباعة ستمائة شهادة للدايات في الإسكندرية: M/1/S/1 (محفوظات مصر) وثيقة رقم 7 صـ 56. في 21 جمادي الثاني ١٢٧٦ / ١٦ يناير ١٨٦٠ في نهايات ١٨٥٩ صدر قرار بطباعة أربعة آلاف شهادة للدايات لكل أنحاء مصر. المصدر السابق، وثيقة رقم ٣٨ صـ 65 في 3 جمادي الثاني 1276/ ۲۸ ديسمبر ١٨٥٩.

۸۳ کوهنكي حيوات في خطرصـ ۱۲۹۱۳۰.

٨٤ انظر النظام الواضح الذي وجه لإحدى الدايات هنا بنت حسين الدمنهورييأمرها بأن تقدم تقريرا لحكيمة الثمن في باب السرايا: L/1/5/11 (محفوظات مصر رقم ٢٠٩) وثيقة رقم ۱۰ صـ ۲۷ في ٢٢ جمادي الثاني ١٢٨٦ /۳۰ سبتمبر ١٨٦٩, انظر أيضًا حالة داية لم تعلم الحكيمة المسئولة عن حالة ولادة متعثرة وقاتلة ولكنها أيضًا خرقت القانون وقامت بدفن الطفل الميت في فناء المنزل بمساعدة والد الطفل وكان لابد من معاقبة الاثنين بناء على النظام M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة) وثيقة رقم ١٣٣ صـ 58 في ٢٨ ربيع الثاني ١٢٦٧ /3 مارس ١٨٥١.

85 – L/2/31/1 وثيقة رقم 175 صـ ١٢٤ في ٢٨ شوال ١٢٩٦ / ١٦ أکتوبر 1879

86 – M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة ) وثيقة رقم ۲۰ صـ ٧ في 16 ذو الحجة ١٢٦٦ /19 أکتوبر ١٨٥٠

۸۷ هناك رسائل كثيرة بهذا الشأن أنظر على سبيل المثال M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة) وثيقة رقم 191 صـ 74 في 11جمادي الثاني ١٢٦٧ / ١٣ إبريل ١٨٥١

۸۸هناك رسائل كثيرة بهذا الشأن، أنظر على سبيل المثال LM/1/S/1 (محافظات مصر) وثيقة رقم 6 صـ ٢٧ في 11 ربيع الأول ١٢٧٦ / ٢٧ سبتمبر ١٨٦٠.

۸۹– LM/1/S/1 (محافظات مصر) وثيقة رقم ٣٨ صـ 65 في ٢ جمادى الأول ١٢٧٦ / ٢٨ ديسمبر 1859 والنموذج من هذه الشهادة أنظر LM/1/S/1 وثيقة رقم ١٢ صـ ٣١ في ٢٣ ربيع الأول ١٢٧٦ / ٢٠ أكتوبر ١٨٥٩

90 – M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة) وثيقة رقم 118 صـ 57 في 8 ربيع الثاني ١٢٦٧ /٢٠ فبراير ١٨٥١ 1

91 – LM/1/S/1 (محافظات مصر ) وثيقة رقم ٢٤ صـ ٣٨ في 6 ربيع الثاني ١٢٧٦ / ٢ نوفمبر ١٨٥٩

۹۲ -LM/ 2/31/1 وثيقة رقم ٤٤ صـ ٤٢ في 14 شعبان 1296/ ٤ أغسطس ۱۸۷۹

۹۳ – LM/ 2/31/1 وثيقة رقم 96 صـ ١١٩ في ٢٩ شوال ١٢٩٦ / ۱۷ اکتوبر ۱۸۷۹

94 – 4/122/3/ (جهادية رقم ٤٤٠) وثيقة رقم ٢١٢ صـ ٢١٨ في٢ رمضان 12٦٤/ ٢ أغسطس ١٨٤٨

95 – M/S/1 (تفتيش الصحة المحروسة) وثيقة رقم 4 صـ ٢١ في 11 ذو القعدة 12٦٦/ ١٨ سبتمبر ١٨٥٠

96 – M/4/1 (رقم قديم: تفتيش الصحة رقم ١٦٥) وثيقة رقم ٢٨ صـ ٢٢ في ٢٤ صفر 1266/ ١٠ يناير ١٨٥٠.

97 – M/5/1 (تفتيش صحة المحروسة) وثيقة رقم 3 صـ 3 في 9 في ذو القعدة ١٢٦٦ / ١٦ سبتمبر ١٨٥٠.

۹۸ – S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم 150 صـ ٧٢٧٣ في ١٢ محرم ١٢٦٣ / ١ يناير ١٨٤٧

99 – المصدر السابق وثيقة رقم 155 صـ ٧٤ في ١٢ محرم 1263/ ١ يناير ١٨٤٧

۱۰۰ المصدر السابق وثيقة رقم ٣٨ صـ ٣٨ في ٢١ ذو القعدة 1262 / ١١ اکتوبر ١٨٤٦

101 – الوثائق الخاصة بهذا الشأن كثيرة انظر على سبيل المثال S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم 51 صـ 75 في 11 محرم ١٢٦٣ / ٣٠ ديسمبر ١٨46، وبخصوص العلاقة بين الشوري وديوان الخديوي. S/3/122/4 (جهادية رقم 440) وثيقة رقم ۲3 صـ 34 في 3 ذو القعدة ١٢٦٣ / ١٣ أکتوبر ١٨٤٧ بخصوص خلافات مع مدارسحول كيفية إدارة مدرسة قصر العيني على الوجه الأمثل.

۱۰۲ – S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) جهادية رقم ٤٣٧ وثيقة رقم ١٢٠ صـ ١٠٦١٠٧ في 4 ربيع الأول 1263/20 فبراير1847

۱۰۳ أنظر على سبيل المثال الرسالة المهمة التي يشكو فيها من تقرير نشر في الوقائع والذي يقول أن بقرة ولدت في صعيد مصر عجل برأس إنسان، فقال بأن هذا الخبر ما كان يجب أن ينشر لما قد يسببه من قلاقل، وأوضح قائلاً أنه بسبب مثل هذه الحكايات أتهم الرجل والمرأة في الماضي بمعاشرة البهائم واتهم أيضًا المحافظ المسئول عن الصعيد فكونه يصدق مثل هذه الشائعات فلابد أنه معتوه أو غائب عن الوعي” S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم ١٩٤ صـ ١٨٢ في ١٨ جمادي الثاني/4 يونيو ١٨٤٧

104 – S/3/122/4 (جهادية رقم ٤٤٠) وثيقة رقم 45 صـ 44 في 7 ذو القعدة ١٢٦٣ / ١٦ نوفمبر ١٨٤٧

١٠٥ لابد من تذكر أن أول مجموعة من الطلبة كانت من العبيد الزنوج.

106 – LS/2/6/2 (ضبطية مصر) حالة رقم 199 صـ ١٧٦ ١٧٨ في ٢٢ ذو القعدة ١٢٩٤ / ٢٨ نوفمبر ۱۸۷۷

۱۰۷ – S/7/10/121 (مجلس الأحكام رقم ٤٤١) حالة رقم ٤٤١ في ٢٣ ذو القعدة ١٢٩٥/ ١٩نوفمبر ۱۹۷۸

۱۰۸ – 3/122/ (جهادية رقم ٤٤٤)، وثيقة رقم ١٣٣ صـ ٢٥ في ٢٨ ذو القعدة ١٢٧٣/ ٢١ يوليو ١٨٥٧.

۱۰۹ – L/2/31/1 (ضبطية مصر) وثيقة رقم ٢٨٢ صـ 67 في 8 رمضان ١٢٩٦ / ٢٦ أغسطس ۱۸۷۹.

۱۱۰ انظر المراسلات الشيقة بين ضابط بك والشورى بخصوص الشكوى من رجال الدين بخصوص تأخر الدفن أثناء وباء الكوليرا عام ١٨٤٨ ومسئولية الحكيمات عن ذلك: S/3/122/4 (جهادية رقم 440) وثيقة رقم ٢٠٦ صـ ٢٢٢ في ٢٦ شعبان ١٢٦٤ / ٢٨ يوليو 1848 ومن الشورى للضابط بك S/3/206/3 (جهادية رقم ٤٤١) وثيقة رقم 151 صـ ١٢١ في ٢٩ شعبان ١٢٦٤/ ٣١ يوليو 1848 ومن الضابط بك للشورى. S/3/122/4 (جهادية رقم 440) وثيقة رقم ٢١٤ صـ ٢٢٦ في ٢٩ شعبان١٢٦٤ / ٣١ يوليو ١٨٤٨ للرد على الرسائل السابقة.

۱۱۱ – S/7/10/8 (مجلس الأحكام رقم 670) حالة رقم ٧٤ صـ ١٢٥١٢٧ في 11 ربيع الأول 1276/ ٨ أكتوبر ١٨٥٩.

۱۱۲ – L/2/6/3 (ضبطية مصر) حالة رقم ٢٥١ صـ 196 199 في 1 ربيع الأول ١٢٩٥ / ٥ مارس ۱۸۷۸.

۱۱۳ – L/2/6/2 (ضبطية مصر) حالة رقم ٢٢١ صـ ۲۰۰٢٠۱ في ٢٦ ذو القعدة ١٢٩٤/ ٣ ديسمبر ۱۸۷۷.

114- L/2/6/3 (ضبطية مصر) حالة رقم ١٠٧صـ ٨٣٨٤ في ٢٤ محرم ١٢٩٥/ ٢٨ يناير ١٨٧٨.

115 – S/7/10/8 (مجالس الأحكام ) حالة رقم 556 ص ١٨١ ١٨٢ في ٢٤ رمضان ۱۲۸۰ / ۲ مارس ١٨٦٤ سجن النساء يقع ببولاق انظر S/7/10/3 (مجلس الأحكام رقم 665) حالة رقم ٢٦٣ صـ 41 في 17 ربيع الثاني ١٢٧٥ / ٢٤ نوفمبر ١٨٥٨.

116 -S/7/10/8 (مجلس الأحكام) حالة رقم 410 صـ 100 101 في 4 شعبان ١٢٨٠ / ١٤ يناير ١٨٦٤.

117 – أنظر رسالة من التفتيش لديوان الخديوي حيث يذكر هذا بوضوح M/S/1 (تفتيش صحة المحروسة رقم ١٦٣) وثيقة رقم 1 صـ 1 في 5 ذو القعدة ١٢٦٦ / ١٢ سبتمبر ١٨٥٠.

۱۱۸ هناك أمثلة عديدة لطلبات الزواج تلك: أنظر على سبيل المثال S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم 95 صـ 40 في 4 صفر ١٢٦٣ / ٢٢ يناير ١٨٤٧.

۱۱۹ – S/3/122/4 (جهادية رقم 440) وثيقة رقم ٢١٢ صـ 195 في ۲۷ رجب ١٢٦٤ / ٢٩ يونيو ١٨٤٨.

۱۲۰ – S/3/122/2 (جهادية رقم ٤٣٧) وثيقة رقم ١٢١ صـ ١٢٤ و ١٣٥ في ١٣ ربيع الثاني ١٢٦٣ / ٣١ مارس١٨٤٧.

۱۲۱ المصدر السابق وثيقة رقم ۱۲۸ صـ ١٣٨ و١٤٦ في 7 جمادى الأول ١٢٦٣ / ٢٣ إبريل ١٨٤٧.

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات