النساء والنوع الاجتماعي والنزعة القومية الجديدة(*)
لقد تفاعلت النزعة القومية قضايا النوع الاجتماعي، والتصورات المتعلقة بدور المرأة، من خلال أنماط تثير الانتباه وغالبًا متناقضة. وتتراوح هذه الأنماط من مشاركة المرأة في النضال الوطني إلى دور الأسرة في سياسات الحماية، في ظل اعتبار النساء منتجات ومستهلكات. لكن الدراسات العلمية حول النساء والنوع الاجتماعي في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا قد وفرت بعضًا من الرؤى الجديدة والمثيرة للاهتمام داخل النزعة القومية. ومع الأسف، نجد أن الدراسات التي تدور حول الشرق الأوسط تجرى قراءتها وكتابتها في الأساس من جانب نساء أخريات، ولم تُدمج داخل نصوص “الاتجاه السائد” حول التاريخ السياسي، والعلاقات الدولية، أو العلوم السياسية. كما لم يندرج الموضوع في المواد الدراسية، على الرغم من سياسات “التعددية الثقافية” التي توجه التعليم العام في الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تميل إلى التركيز على القضايا “الثقافية” أو “الدينية“. أما في الشرق الأوسط، فإن الاهتمام بقضايا النوع الاجتماعي، والمجال الأضيق المتعلق بالنوع الاجتماعي والنزعة القومية، فنجده داخل قطاعات صغيرة – وأساسًا نسائية – من المجتمع، وفي الهيئات الدولية المعنية بالتنمية، ولدي القائمين على إعداد الإحصائيات، وبين الشباب المتعلم.
وتوضح برامج النزعة القومية الجديدة دور البُنى البطريركية في مجتمعات المنطقة، وتدعمها. وهناك البعض منها الذي يضم عناصر الإصلاح الاجتماعي، ويهدف إلى تحسين قدرات المرأة وأهدافها، بينما يكفل ولاءها إلى الأسرة والمجتمع والأمة.
ويندر وجود أي اهتمام، على المستوى الوطني، للإصلاح في مجال قضايا النوع الاجتماعي للرجال. ومع ذلك، تقر المنظمات غير الحكومية بأن البرامج الموجهة نحو إيجاد حلول – مثل البرامج التي تتناول مشكلات العنف ضد المرأة – أو التهديدات العالمية مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) – يجب توجيهها إلى الجنسين.
إن أحدث مجموعة من التفاعلات بين القومية الجديدة في الشرق الأوسط والحركات النسائية تقع تحت مظلة قضايا حقوق الإنسان، وقد جذبت الاهتمام العالمي، وكذا مجمل صناعة المنظمات الصغيرة غير الحكومية. وهناك مجال فرعي، وإن كان مهمًا، وهو دراسات النوع الاجتماعي والمواطنة (وأغلبها يضم النساء وليس الرجال)، وتتناول أساسًا افتقاد النساء لحقوقهن الكاملة كمواطنات، أو في علاقتهن بالدولة، مقارنة بالرجال. وعلى سبيل المثال، يقدم قمع طالبان للنساء في أفغانستان مثالاً للصدام بين مفهوم عالمي لحقوق المرأة والقيود التي تفرضها النزعة الإسلامية الجديدة على أجساد النساء وحركتهن وعملهن. وبمجرد استيلاء التحالف الشمالي على كابول، بحث المراسلون عن النساء اللاتي كشفن مؤخرًا عن وجوههن رمزًا للتحول من تفسير قومي جديد لقوانين النوع الاجتماعي إلى مجموعة من الممارسات أكثر تسامحًا إلى حد ما. لكن الأفغان “الجدد” لم يتوقعوا الاهتمام الخارجي بترشيح المرأة وخوضها انتخابات المناصب العامة. وسرعان ما تطورت فضيحة حول “سيما سامار“، وزيرة النساء، والتي اتهموها بالتجديف على الله وأطلقوا عليها سلمان رشدى أفغانستان. وحتى في ظل غياب طالبان، هناك تحامل ضد أدوار المرأة في الحياة العامة. وبالتالي، ينخفض بدرجة كبيرة في أفغانستان “المحررة” تمثيل المرأة السياسي. وفي المجلس العراقي المؤقت، الذي أُعلن عنه كهيئة “تمثيلية“، تم اختيار امرأتين فحسب، على الرغم من خوض النساء الأخريات لانتخابات المنصب في عام 2005.
في فترة مبكرة من القرن العشرين، كانت الدول الأوروبية مهتمة أساسًا بالحفاظ على الهيمنة السياسية في الشرق الأوسط. وقد اندمجت الاعتبارات الإستراتيجية والنزعة الأبوية الغربية مع المصالح التجارية من أجل الإبقاء على الشرق الأوسط مصدرًا للمواد الخام وسوقًا للسلع الُمصنعة. وقدمت الحركات القومية في الشرق الأوسط انتقادات لجوانب من نظامها الأصلي ذاته حول النوع الاجتماعي. لكن بعض القوميين دافعوا عن تلك الملامح نفسها لأنهم كانوا يأملون في الحفاظ على جوهر شرعي ثقافي للمجتمع، لا يغرس في الذهن تلقائيًا الأنماط والأعراف الغريبة. ويدرس الباحثون نوعي رد الفعل في الشرق الأوسط، وخاصة على ضوء النقاش العام الدائر حول فصل النساء وارتداء الحجاب، فضلاً عن نشأة الكتابات النسائية في ميدان العمل العام مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (1).
يطرح البعض، مثل المؤرخة ليلى أحمد، وجود تواطؤ بين الإصلاحيين من البلد والمصالح الاستعمارية. كما كتب قاسم أمين، أحد تلامذة الُمصلح محمد عبده، هجومًا ضد معاملة المصريين المسلمين للنساء – في كتاب “تحرير المرأة“، الذي نُشر عام 1899. لقد فجر هذا الكتاب فيضُا من النقاشات، والاتهامات، والخلافات حول وضع المرأة. وكتبت ليلى أحمد تقول إن قاسم أمين كان متأثرًا بالجهود البريطانية المبذولة لوصم المصريين، بوجه خاص، والمسلمين، بوجه عام، بأنهم أدنى اجتماعيًا وسياسيًا بسبب معاملتهم للنساء(2).ولقد كان الموقف البريطاني زائفًا لأن كثيرًا من الرجال والمسئولين البريطانيين، بمن فيهم لورد كرومر (Evelyn Baring)، كانوا يعارضون توسيع حق الاقتراع ليشمل المرأة البريطانية.
إنني أشك في أن قاسم أمين كانت لديه أي نية لاستخدامه على هذا النحو. بل كان مقتنعًا بالأحرى أن خوف النساء من الطلاق وتعدد الزوجات، فضلاً عن عزلتهن وعدم تعليمهن، قد خلق علاقة فاسدة وغير متساوية بين الرجال والنساء يمكن ويجب معالجتها. فالخلفية الطبقية الخاصة لقاسم أمين ترتبط بنشأة أفكاره، كما أشـارت جـــوان كول (Juan Cole) بمقارنة قاسم أمين بطلعت حرب، رجل الأعمال القومي المصري، إن طلعت حرب، الذي ينحدر من مرتبة أدنى قليلاً بالمجتمع، قد جادل مع قاسم أمين حول قضايا النوع الاجتماعي، حيث كان طلعت حرب يتبنى منظورًا أكثر محافظة. وقد أشارت كول إلى أن الطبقات الوسطى كانت تطمح إلى الفصل بين الجنسين كما تفعل النخب. لكن الفصل بين الجنسين لم يكن مسألة عملية بالنسبة للطبقات الأدنى، حيث كانت نساء كثيرات مضطرات إلى العمل، وكان موضوع الحجاب رمزيًا – جزءًا من خطاب الاحتشام والشرف (3) – لكن افتقار النساء إلى التعليم والتعرض للعالم كان يضر بالجنسين، وبالتالى يضر بنظام الأسرة، ويحول دون التقدم بشكل مناسب نحو الحداثة التي كان قاسم أمين وغيره من الإصلاحيين يتصورونها.
وقدم آخرون توثيقًا لنشأة أنصار النسوية من الذكور والإناث، والانتقادات الداخلية لنماذج النوع الاجتماعي بوصفها تجليًا للوعي النسائي المتنامي، واستهلالاً لمشاركة المرأة في الحركات القومية في تركيا ومصر وإيران، علاوة على بلدان جنوب وشرق آسيا(4) . ومن لم يقرأ تلك الأدبيات يخطيء أحيانًا ويعتبر الغرب مصدر أو محرك الإصلاح في مجال النوع الاجتماعي بالعالم أجمع. إن هذه المعلومات حول مشاركة النساء المبكرة في الحياة العامة في هذه البلدان الشرق أوسطية أو الأسيوية توضح، في المقابل، الجذور الأصلية للإصلاح في مجال النوع الاجتماعي.
لقد أدت ردود الأفعال المختلطة للنقاش الدائر حول دور النساء في الحياة العامة إلى وجود برامج مختلفة لدى الحركات القومية في ما يتعلق بقضايا المرأة ودور الأسرة في المنطقة. وكان النموذج الأكثر انتشارًا يتعلق بالتعامل مع النساء المرتبطات بالحزب الرئيسي باعتبارهن يقدمن مجرد مساعدة إضافية. ويمكن أن تطرح مثل تلك المجموعة أهدافًا نسوية بقدر ما يتعلق الأمر باعتبار تلك الأهداف مكونًا من مكونات الحداثة. لكن النساء قدمن هذه المساعدة الإضافية بحماس لأحزاب أخرى أيضًا، وعلى سبيل المثال حزب الرفاه في تركيا، حيث لا يجرى ترشيح النساء للمناصب العامة، لكنهن يقمن بدور حيوي في حشد الأصوات وتجنيدها لصالح موقف الحزب(5).
وفي التسعينيات، شهدت بعض قضايا النوع الاجتماعي إعادة تقييم بسبب الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان. إن أسلوب النظر إلى نظام النوع الاجتماعي، فضلاً عن التمييز بين الجنسين في الشرق الأوسط، كان مقدمًا إلى الغرب كدليل على المفارقات التاريخية في الشرق الأوسط، أو البربرية، فهناك قضايا – مثل: ختان الإناث (في مصر، والسودان، والقرن الأفريقي، وغيرها من المناطق الأفريقية المسلمة مثل أجزاء من نيجيريا)، والقتل دفاعًا عن الشرف، وارتداء الحجاب، والفصل بين الجنسين، والتمييز من خلال قانون الأسرة التقليدي، وانخفاض نسبة عالة الإناث (في مقابل عمالة الذكور) – تم تقديمها جميعًا، بالإضافة إلى مشكلات خاصة أقل إقليمية مثل: التمييز في مكان العمل، والسقف الزجاجي، واستبعاد المرأة من من صنع القرار. كما أخذت هذه القضايا في الحسبان أيضًا من منظور التنمية الدولية، والخصخصة، والعولمة. وأصبح يبدو للعالم الخارجى عدم مواجهة الأشكال التقليدية للتمييز بين الجنسين، أو تعزيزها بسبب الضغوط الدينية. ولم يكن المنطق القومي حول وجود فجوات بين الجنسين مفهومًا دائمًا بشكل جيد.
لقد تعرضت النسويات الغربيات للإهانة عندما قام طالبان في أفغانستان بتجريد النساء من حقوق الإنسان (6) , حتى بعد الاستيلاء على الحكم في عام 1997. ومع ذلك, سعت العناصر البراجماتية في حكومة الولايات المتحدة إلى التفاوض مع طالبان كقوة يمكن أن تحقق الاستقرار في أفغانستان. وربما كان الدافع الأولى يتمثل في إمرار خط أنابيب للنفط خلال أفغانستان. لقد كتب الصحفيون عن طرد الفتيات والنساء من المدارس المختلطة، وطرد الموظفات من المستشفيات والمكاتب، وضرب النساء اللاتي خرقن قواعد بعينها حول الغطاء في ملبسهن. ومع ذلك، أصبح واضحًا عدم وجود وسيلة سهلة للتأثير على المناطق التي يسيطر عليها طالبان. وبالفعل، كانت سياسات النوع الاجتماعي لطالبان تحتل موقعًا مركزيًا في أجندته السياسية والوطنية (7)، ولجنوده في القوات المحاربة.
ومن هنا، يجب تغيير الأسئلة التي نطرحها في ما يتعلق بالنوع الاجتماعي والقومية. كانت هذه الأسئلة تضم سابقًا ما يلي:
هل يتغير وعى النساء وفهمهن للنوع الاجتماعي عندما يساعدن في النضال الوطني؟ هل النضال الوطني يحل حتمًا محل الإصلاح في قضايا النوع الاجتماعي؟
أما الأسئلة المعاصرة فتضم:
كيف يمكن أن تتغلب النساء على انتهاك حقوقهن الإنسانية؟
ما الدور الذي يجب ان يضطلع به التدخل أو الضغط الدولي في هذه العملية؟
كيف ساعدتنا بحوثنا حول النساء والنوع و“الأمة” في الشرق الأوسط على تحديد الأنظمة المختلفة للنزعة الأبوية والتمييز بينها، وإن كانت متوازية – في الأسرة، وفي مكان العمل، وفي المؤسسات السياسية، وفي المؤسسات الثقافية، وفي أمور الحياة الجنسية؟ (8)
وكيف تأثرت، بدورها، كل هذه المجالات بوجه خاص بتاريخ القومية الجديدة والسياسات التي نناقشها هنا؟
هناك العديد من الدراسات المنشورة حول المرحلة الأولى من القومية وعلاقتها بالحركات النسائية وقضايا النوع الاجتماعي(9), وهناك أيضًا أبحاث أكاديمية تصف أدوار النساء في الحركات القومية المعاصرة، وفي بُني الدولة (10). ويتمثل أحد الأسئلة في ما إذا كانت الجهود النسائية قد استهدفت بالفعل تغيير التقسيم “العادي” للعمل على أساس النوع الاجتماعي، أو غيره من الأنماط الاجتماعية، أم أنها سعت فحسب إلى تحسين سوء معاملة المرأة – كما جاء الوصف بالنسبة للمجموعات ذات الإطار “المرأوي“. إن سيما نطيقا “المرأوية” – وهو مصطلح استخدمته أليس ووكر (Alice Walker) وغيرها في مواجهة كلمة “النسوية (11) – تظل قضية مطروحة للنقاش، لأن النزعة النسوية ترتبط الآن بالغرب بصورة أعمق من ذي قبل، على الرغم من تاريخ النزعات النسوية الأصلية. إن الزميلات في الشرق الأوسط، والمنخرطات في بحوث حول نساء الشرق الأوسط، يشرن بفكاهة إلى كلمة “النسوية“. بل ترفض نساء كثيرات أن يتم تحديدهن باعتبارهن “نسويات“.
لقد قامت الكتابات النظرية بتحليل “الموجة الأولى” من النزعة النسوية وظهورها في أنحاء العالم بجانب أهداف اجتماعية أخرى – الاعتدال وإلغاء الرق في الولايات المتحدة، والاستقلال من الحكم الكولونيالي في العالم الثالث(12). إن إدخال النظرية يتيح لهذه الدراسات تصنيف أو تقدير تلك الحركات على أساس درجة استقلالها الذاتي عن الحركات القومية التي يديرها رجال، ومدى نجاحها في تحدى أو تغيير وضع المرأة، وزيادة فترة حياتها. وهناك العديد من الكتب التي تضم مقتطفات أدبية مختارة تغطى النوع الاجتماعي ودوره في الدول القومية بالمنطقة، لكنها في الواقع ليست دراسات مقارنة، بل عبارة عن تجميع لدراسات حالة توجد في بلدان مختلفة. وغالبًا تُعد مقدمات هذه الكتب بمثابة التحليل المقارن الوحيد المطروح، وحتى بشكل عام. وبالتالي، تعاني البحوث حول المرأة والنوع الاجتماعي من نقص في التحليل المقارن بين منطقة وأخرى، وأيضًا بين بلد وآخر. وهناك أسباب لهذه الفجوة، يمكن تحديدها على النحو التالي: تفضيل الناشرين للموضوعات التي تلقى اهتمامًا أوسع، وتخصص الباحثين الذي يحد معرفتهم بالحالات الأخرى، علاوة على وجود ميول أيديولوجية بعينها. وعلى سبيل المثال، هاجم بقسوة بعض الباحثين في مجال دراسات الشرق الأوسط البحوث المقارنة حول النساء في المنطقة: (أ) اسموها بحوثًا استشراقية أو جوهرية لإدماج نساء الشرق الأوسط (أو العالم الثالث) داخل فئة أو فئات مماثلة من المشكلات والصور (13) ,(ب) المقارنات الخاطئة التي عقدها الباحثات التسويات في العالم الثالث بين النساء والنوع الاجتماعي في المجتمعات المتقدمة والنامية، لأن الظروف المادية تختلف بدرجة كبيرة. على أن المقارنات مفيدة وضرورية، وبالتالي يشير كثير من الباحثين اليوم إلى تعددية النزعات النسوية، والتي تشكلت عبر سياقاتها الخاصة (14)
إن التسلسل الزمني لأفعال القوميات النسويات، والنساء التربويات، والكاتبات، يخلق تاريخًا نسويًا موازيًا لتاريخ القادة في قصة تشكيل الأمة. وتوضح قصصهن أنماطًا بعينها للتركيب الذي يضم قضايا النوع الاجتماعي مع النزعات القومية في فترة مبكرة من القرن العشرين. لقد واجهت هؤلاء النساء وناقشن بعض القضايا نفسها المطروحة أمام النساء في الغرب: التقاليد التي تمنع المرأة من الحديث العام، واحتياج النساء إلى الحقوق السياسية، وتحقيق تعليم أفضل للبنات والنساء، وفتح الفرص المهنية أمامهن. کما درست هؤلاء النساء أيضًا قضايا تعدد الزوجات، وارتداء الحجاب، وغير ذلك من القضايا المحلية.
ملك حفني ناصف (1886 – 1918)، التي كانت تكتب تحت اسم مستعار “باحثة البادية“، اكتشفت بعد زواجها أن زوجها لديه زوجة أخرى. ونظرًا لأن تعدد الزوجات كان حقًا للرجال ورد في القرآن الكريم (15)، فقد ظل موجودًا في القانون المصرى الحديث، أما الأمم الإسلامية الوحيدة التي لم تُبحه فهي تركيا وتونس. واجهت ملك حفني ناصف هذا الوضع دون أي بدائل قانونية. ولأنها أكثر محافظة من النساء الأخريات المناديات بالإصلاح، لم تكن تعتقد أن المجتمع مستعد لقيام نساء النخبة بخلع الحجاب، لكنها كانت تأمل أن التعليم والوقت قد يحدثان التغيير. وبالمثل، لم يكن أمام نساء تلك الفترة سوى التسليم بعدم ظهورهن في أماكن عامة مختلطة، وبالتالي قامت بتفويض رجل بقراءة قائمة مطالبها في اجتماع المؤتمر الوطنى المصرى عام 1910. وقد تضمنت هذه المطالب ما يلي: حق المرأة في الصلاة بالمسجد، وإجراء تغييرات في قوانين الأحوال الشخصية (في مجالات الزواج، والطلاق، والميراث، وحضانة الأطفال)، وزيادة تعليم النساء، وإتاحة الفرص المهنية للاستفادة منها (16). وكما أشرنا أعلاه، وافقت ملك حفني ناصف على استمرار زواجها في ظل وجود زوجة ثانية، لكنها أشارت بطريقة جافة إلى العلاقة بين هيمنة الذكور والكولونيالية، عندما قالت إن الزوج المتزوج من زوجتين أو أكثر يجب تعيينه وزيرًا للمستعمرات (17).
أما “نبوية موسى“، فقد طرحت المرأة في التعليم عن طريق تقديم التماس حول حق البنت في التعليم حتى حصولها على شهادة البكالوريا(18)، وأصبحت أول امرأة مصرية تعمل ناظرة مدرسة ومفتشة في مدارس البنات، لقد أدركت نبوية موسى، وهي قومية متحمسة، أن المدرسات المصريات بمقدورهن منافسة مدرسات الغرب اللاتي أتين إلى مصر. وهو ما أوجد هنا، بالإضافة إلى الهيمنة الذكورية والكولونيالية (الذكورية) البريطانية، “كولونيالية “نسائية ثانية: (19). ولا يزال نظام التعاقد الأجنبي هذا مستمرًا في مدارس اللغات الأجنبية رفيعة المقام حتى يومنا هذا.
واجهت “هدى شعراوي” أيضًا قضايا تعدد الزوجات، وعزل النساء، وأساليب سيطرة الذكور على النساء بما يؤدى إلى تقليص قدراتهن في حياتهن الشخصية (20). لكن الناس عادة ما تتذكر هدى شعراوي بموقفها الرائع في خلع حجاب الوجه ومعها سيزا نبراوي في عام 1923. لقد كانت هدى شعراوى قائدة في الحركة القومية ضد البريطانيين. فقد اشتركت النساء المصريات من جميع الطبقات الاجتماعية في المظاهرات ضد، أو المواجهات مع، البريطانيين في عام 1919، لكن الرجال كانوا الممثلين والمندوبين الوحيدين والساسة الرسميين. وكان زوجها على شعراوي نائبًا لرئيس حزب الوفد، وساعد – علاوة على جهودها – إلى قيادتها للجنة المركزية للنساء الوفديات (تشكلت عام 1920) والتي أصبحت فيما بعد الاتحاد النسائي المصري.
أرسل الاتحاد النسائي المصرى وفدًا إلى المؤتمر الدولى لرابطة حق المرأة في الاقتراع، الذي العقد في روما، وشارك في الأنشطة السياسية والأعمال الخيرية، كما أصدر مجلة. وكانت معرفة القراءة والكتابة قضية مهمة بالنسبة للمجتمع، فحوالي 2٪ فقط من النساء كن متعلمات في عام 1927. لقد نجح الاتحاد النسائي المصري في الضغط على الحكومة لفتح مدرسة ثانوية للبنات عام 1925. وفي عام 1929 سمح أحمد لطفى السيد – عميد جامعة القاهرة – لمجموعة من النساء أن يبدأن في الدراسة الجامعية (21).
إن جهود الاتحاد النسائي المصري في مجال تقديم الخدمات الاجتماعية، على نحو مستقل، إلى الفقراء كان نشاطًا تمارسه بالفعل نساء أخريات من الطبقات العليا، واللاتي قمن يتأسيس مبرة محمد علي، وعديد من العيادات الأخرى، والمستوصفات، والمشروعات، ونجحن في إقناع النخب بتوفير التمويل اللازم لجهودهن. وأخيرًا، سارت الحكومة في هذا النهج (22). كما بدأ الاتحاد النسائي المصرى أيضًا في بذل جهود لإصلاح قانون الأحوال الشخصية، ومهاجمة الدعارة المقننة (23).
إن قضايا النشاط القومي، ودور النساء في مجال العمل العام، والجهود المبذولة لإصلاح قانون الأحوال الشخصية قد أثرت في قصة النساء والقومية في بلدان أخرى أيضًا. ففى ترکیا، كما في مصر وإيران، جادل الرجال من أجل إصلاح قضايا النساء والنوع الاجتماعي في القرن التاسع عشر بمن فيهم نامق كمال. وهناك هاليد إديب أديفار (1884 – 1964)، وهي النظيرة التركية لـ “هدى شعراوي“، والتي تزامنت طفولتها تاريخيًا مع بيئة الحريم، وأدرجت أوصاف ميراثها الإسلامي في كتاباتها الإبداعية (24). لقد كانت وطنية ونسوية، ألقت الخطب في مظاهرات جماهيرية ضخمة أثناء احتلال الحلفاء لاسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى. وهناك نسوية أخرى في فترة مبكرة، وهي فاطمة أليف هانم، والتي نشرت “النساء في الإسلام” وأصدرت صحيفة للنساء كجزء من مجموعة متنامية من المطبوعات للنساء القارئات في المنطقة.
والأكثر دلالة بالنسبة للنساء في تركيا هي التغيرات القانونية التي شهدها عام 1923. فقد كانت الطريق ممهدة لمثل تلك الإصلاحات، نظرًا لوجود حركة نسوية مبكرة في العهد العثماني، أو نسوية لجنة الاتحاد والتقدم. وقد كتبت دينيز كاندایونی (Deniz Kandiyoti) قائلة إن جهود لجنة الاتحاد والتقدم التي سبقت إصلاحات أتاتورك للنساء قد نبعت من:
طبقة وسطى أصلية من رجال الأعمال الأتراك المسلمين. وكان واضحًا أن التوسع في عمل المرأة وفرصها في الحصول على تعليم عالٍ جزءٌ من هذه العملية ونتيجة للحاجة إلى كوادر جديدة وليس نتيجة لرؤية حديثة حول مشاركة المرأة علـى قـدم المساواة. ويجب التأكيد أيضًا على أن آثار الاضطراب والخسائر البشرية من جراء حروب البلقان والحرب العالمية الأولى هي التي دفعت النساء العثمانيات إلى العمل وتأدية الخدمات التي كانت سابقًا مجالات مقصورة على الرجال (25).
لقد كان أتاتورك قادرًا على تغيير النظام القائم، نظرًا لمكانته كبطل قومي تمكن من هزيمة جيوش غربية عديدة كانت تهدد الاستقلال التركي. وقد قام بإصلاحاته بفكرة خلق دولة جديدة تمتلك قاعدة قوة مختلفة تمامًا عما كان موجودًا من قبل. فقد قضى على سلطة “العُلما“، وكانت أقوى سلطة في مجالات التعليم وقوانين الأحوال الشخصية، كما حظر أتاتورك بعض الممارسات التي كانت قائمة حينذاك – مثل تعدد الزوجات – وأدمجت فلسفته ذات النقاط الست (السهام الستة للكمالية: القومية، والجمهورية، والدولانية، والشعبوية، والعلمانية، والإصلاحية) فكرة الإصلاح بالنسبة للنساء وإدخالهـن إلـى الـدولـة القومية بوصفهن مواطنات كاملات وإنتاجيات. كما أوضح أفكاره من خلال معاملته التقدمية لبناته، وتشجيع دخول المرأة إلى العمل المهني، وإدخال إصلاحات في الملبس والرياضة البدنية للبنات، ومهاجمة مشكلة الأمية من خلال إصلاحات كاسحة في مجال اللغة، علاوة على برنامج لتعليم الكبار.
وقد يبدو أن نساء الطبقة الوسطى بالحضر، بوجه خاص، استفدن من سياسات الدولة. وفي المجمل، ازدادت العمالة النسائية في تركيا، وهو بلد اقتصاده ليبرالي ولكن ليس بالقدر المتوقع خارج صناعات النسيج والملابس. ويصعب قياس العمالة النسائية غير الرسمية، سواء من خلال العمل بالقطعة أو في مجال توفير العمالة الزراعية في الريف (إذ لا يعترف به قادة الأسرة المعيشية الذكور، وبالتالي لا يظهر في الإحصاءات) (26) . على أن هناك جوانب بعينها في المواقف البطريركية للدولة تبدو تحت النقاش، فضلاً عن محاولة إصلاح القانون المدني – وعلى سبيل المثال تلك الجوانب التي تتعلق بنفقة الزوجة المطلقة، أو دعم ماليًا، ومنح المواطن / المواطنة نتيجة الزواج. لكن مشكلات العنف الأسري، والمشكلات المتعلقة بالقتل دفاعًا الشرف، استمرت على الرغم من اتخاذ خطوات عديدة في عملية إصلاح القانون الجنائي من أجل تناول تلك القضايا. ويطرح الخبراء المحليون أن بعض النساء المسئولات (اللاتي انجذبن إلى بنية الدولة خلال عملية التعليم والإصلاح) يدعمن المواقف البطريركية القصوى (27) , ولكن هناك نساء أخريات قمن بالتعاون بنشاط مع المجموعات النسوية المحلية.
كان الحبيب بورقيبة قائدًا قوميًا ورئيسًا لتونس لفترة طويلة. وقد نال الاحتفاء في جنازته بوصفه محرر النساء التونسيات، وواضع التحولات الاجتماعية والقانونية الماثلة لتلك التي قام بها أتاتورك. وكما هي الحال في تركيا، توجد في تونس نساء قاضيات، كما توجد قوانين أكثر ليبرالية تحكم الطلاق بالنسبة للنساء. لقد كانت توجد حركة نسوية صغيرة قبل الاستقلال، وضمت مجموعات مثل “اتحاد المرأة المسلمة التونسي” (وهو فرع من مجموعة زيتونة)، و“اتحاد المرأة التونسي” المقترن بالحزب الشيوعي. وبعد الاستقلال، تشكل “الاتحاد الوطني للمرأة في تونس” – وهو بمثابة منظمة لـ “تسوية الدولة“. وفي أواخر السبعينيات ظهرت مجموعات مستقلة أصغر مثل “جمعية طاهر حداد“، والمعروفة أيضًا باسم “جمعية دراسة ظروف المرأة“، أو “لجنة دراسة ظروف المرأة العاملة“، بالإضافة إلى أربع أو خمس مجموعات أخرى على الأقل. وكان العدد الأكبر من النساء نشطاء في حزب الأغلبية، أي “حزب الدستور الجديد“، لكن ذلك، كما كانت الحال في مصر ولبنان، لم يُترجم إلى زيادة النظرة إلى النساء كقائدات سياسيات. أما اليوم، فهناك مجموعات مثل “الرابطة التونسية للنساء الديمقراطيات” و“رابطة المرأة التونسية لبحوث التنمية“، فضلاً عن مجموعات عديدة أصغر، تسعى جميعها إلى تنفيذ إصلاحات قانونية إضافية وتقييم تأثير التغيرات الاقتصادية (28) .
ولا يبدو واضحًا في تونس ما إذا كانت زيادة عمالة النساء قد أثرت بشكل مباشر على أوضاعهن. هناك تحولات واضحة بجلاء، حيث يشير المراقبون منذ فترة طويلة إلى أن الاختلاط بين الجنسين يحدث بالفعل في شوارع المدينة التي كانت مفصولة قبل ذلك – فالأولاد يسيرون وأيديهم فـى أيدى الفتيات، ويجلسون معًا في المقاهي الموجودة على الأرصفة(29). أما انخفاض الأرقام المعطاة حول أنشطة النساء في الزراعة (حيث تعمل النساء ولكن دون إدراجهن بالضرورة في الإحصاءات، كما أنهن لسن هدفًا لمشروعات بعينها للنساء المزارعات)، فربما يتعلق بالمواقف البطريركية لملاك الأرض في الريف (30) . وفي قطاع السياحة، يرتبط انخفاض العمالة النسائية بالمحظورات النمطية حول الاتصال بالرجال الذين لا تربطهن علاقة بهم، كما في الفنادق أو المطاعم، لكن ذلك يمكن أن يتغير تدريجيًا كما حدث في لبنان.
وفي أواخر عام 2002، بدأت في تونس جهود قانونية لمكافحة التحرش بالنساء في مكان العمل، وقد واجهت المشتكية ومحاميتها تهديدات فجة وذات طابع جنسي من جانب الشرطة. لكن القانون الجنائي التونسي لا يزال مستمرًا في التمييز ضد المرأة بمختلف الطرق؛ فهو يدمج بين أركان من القانون الفرنسي ومبادئ الشريعة، بما يمثل إشكالية في حالات القتل دفاعًا عن الشرف، وقتل الزوج/ الزوجة، والاغتصاب، والإساءة إلى الأطفال جنسيًا، وفي حالات الأمهات العزباوات. كما أن القوانين المدنية التي تتناول البغاء والتعايش المشترك من دون زواج هي أيضًا محل دراسة (31).
كانت إيران حالة أخرى جيدة التعريف لنسوية الدولة. لقد بذل رضا شاه جهودًا مهمة لعدم تشجيع ارتداء “الشادور” (الحجاب التقليدي)، وتوسيع فرص تعليم النساء، لكن نسوية الدولة برزت في ظل حكم ابنه – شاه محمد رضا – مع وجود أعداد كبيرة من النساء المشاركات والمتأثرات. كان الشاه يعتقد في ضرورة زيادة أعداد النساء المتعلمات والمنتجات.
على أن وجهات النظر الخاصة حول النساء – كما أدلى بها إلى الصحفية أوريانا فالانشي (Coriana Pallace) – كانت كارهة للنساء على نحو صادم:
إنكن لم تنتجن مايكل أنجلو أو بالح، بل لم تنتجن أبدًا حتى رئيس طهاة عظيم. وإذا تحدثتن معى حول الفرصة، فكل ما يمكنني قوله: هل هذه نكتة؟ هل فاتتكن أبدًا فرصة إعطاء التاريخ رئيس طهاة عظيم؟ إنكن لم تنتجن أي شيء عظيم، أي شيء! … إنكن بلا قلب عندما تمتلكن السلطة. هل تتذکرن کاترین دی میدیشي في فرنسا، وكاترين الروسية، وإليزابيث الأولى في انجلترا، ناهيك عن لوكريزيا بورجيا وسمومها ومكائدها. إنكن مدبرات للمكائد، إنكن شريرات. كلكن (32)
ومع ذلك، كان الشاه بری أيضًا تقدم المرأة باعتباره حجر زاوية للحداثة. إن شقيقته أشرف بهلوى كانت رئيسة منظمة نسائية إيرانية كبيرة جدًا تضم الكثير من المنظمات الصغيرة. وقد ساعدت هذه المنظمة في ممارسة الضغط على الحكومة لإصدار قانون حماية الأسرة في عام 1967، ثم إصدار صيغة أقوى من القانون نفسه في عام 1975. وكان هذا الإصلاح القانوني يتناول الطلاق، ووضع حدود على تعدد الزوجات من خلال استخدام شروط تحددها المرأة في عقد زواجها (33) . وقد عارض بعض “العُلما” بقوة إصدار هذا القانون، كما تم تخفيف القوانين التي تحظر الإجهاض بحيث تبيحه في ظل ظروف معينة. وبعد الثورة الإسلامية في عام 1979، أُلغيت إصلاحات قانون الأسرة والقانون الجنائي، وبدأ الهجوم على نسوية الدولة السابقة. وعلاوة على ذلك، تبنت الدولة تطبيق عقوبات الحدود بصرامة في حالات الزني، أي على خط جهود الدولة نفسه لأسلمة القوانين. على أن مفهوم النساء كمواطنات يتمتعن بوضع مكافيء (إن لم يكن على قدم المساواة تمامًا) ولهن احتياجات محددة، والنساء كعاملات، قد ترسخ بحزم في ذلك الوقت. وفي ظل الصراع الحالي بين الحكومة الإيرانية وحركة الإصلاح، لم يعد مصير النساء واضحًا. لقد تم إغلاق العديد من الإصدارات، وأصبحت حرية التعبير محاصرة بالطبع، مما يعوق النقاش المنهجي حول ضرورة إجراء إصلاحات قانونية واجتماعية لصالح النساء.
ما الذي يمكن قوله حول النساء والنوع الاجتماعي في المنطقة؟ إن تفاعل القومية الجديدة والنوع الاجتماعي قد تم تأطيره من خلال التوقعات النسوية التي تطرح أن التغيرات في سلطة النساء يمكن أن تحدث نتيجة المكاسب التي تتحقق عند حدوث تغيير في أربعة مجالات أساسية: التعليم، والنمو الاقتصادي، والإصلاح القانوني، ونتيجة الأزمات والأنشطة الاقتصادية. كما أدركت نساء المنطقة أيضًا أهمية التأريخ الزمني لمشاركة المرأة في التاريخ والحياة الثقافية وتعزيز هذه المشاركة، وقد فعلن ذلك.
ولم تلق الأفكار الأساسية لأدوار الجنسين تحديات نقدية أثناء فترة الاشتراكية العربية، والفترة المكافئة في تركيا وإيران، لكن مثال خدمة النساء للدولة قد تغير.
تزعم إحدى الأطروحات أن نسوية الدولة تتحرك ببطء نظرًا للتقسيمات الطبقية في المجتمع المصري. وكما هي الحال في تركيا، تراكمت فوائد عديدة لصالح نساء الطبقتين الوسطى والعليا. لكن الوضع أكثر إشكالية بالنسبة لنساء الطبقة الدنيا اللاتي يُعتبرن أكثر تأثرًا بممارسات مثل ختان الإناث والعنف الأسري، كما لا يجدن ميزات عظيمة في دخولهن إلى قوة العمل بسبب ازدواجية اليوم وانخفاض الأجور.
لقد شهــدت العقـود الوسطى مــــــن القرن العشريــــــن، أي سنوات الأربعينيات والخمسينيات، نضوج الحركة النسوية (34) . ففي تلك الفترة أصدرت “درية شفيق” مجلاتها، ومارست أفعالاً راديكالية مثل مسيرات الاحتجاج على افتقاد المرأة لحقوقها السياسية، وهو ما أسفر عن حق المرأة في ممارسة حق الانتخاب. كما حاولت أيضًا، دون أن تحقق نجاحًا، أن تضغط على الدولة في قضايا أخرى (35) . ومن الملامح المثيرة للاهتمام بالنسبة للحركة النسائية عدم شعور البعض بالراحة من جراء إلقاء الضوء على دور درية شفيق، نظرًا لحصولها على درجة علمية من جامعة السوربون، فضلاً عن كتاباتها باللغة الفرنسية، ووضعها باعتبارها من نساء النخبة. وهو الأمر الذي يتيح لنا معرفة المزيد حول الحركة النسائية المعاصرة أكثر مما يتيح لنا معرفة درية شفيق. فالحركة تسعى لبناء تاريخها الخاص في سياق يموج بالخلاف والنزاع.
لقد استمر نشاط كل من النسوية الخاضعة للدولة والنسوية المستقلة في مصر. وتوجد اليوم منظمة بمثابة مظلة، وهي “المجلس القومى للمرأة” التابع للحكومة المصرية وترأسه رسميًا السيدة الأولى سوزان مبارك ومعها فرخندة حسن، وتنخرط هذه المنظمة في أنشطة نسوية، ومع تدافع أيضًا عن موقف الحكومة في التقرير المقدم إلى لجنة اتفاقية القضاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة. إن مصر، بوصفها وقعت على هذه الاتفاقية، عليها أن على تقدم تفسيرًا لأشكال التمييز المؤسسي بما في ذلك القوانين، ومطلوب منها أيضًا أن تتخذ موقفًا في أوضاع المرأة. وعلى حين تتولى هذه المنظمة الرسمية تمثيل مصر في كثير من الاجتماعات الدولية، هناك منظمات نسوية أصغر تنشط في مصر أيضًا، وينتقد بعضها بقوة موقف المجلس القومي للمرأة وموقف الحكومة المخفف تجاه لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وعلى الرغم من توفر بعض المعلومات حول تاريخ نشاط المرأة العام، فإن جهود المجموعات النسوية المستقلة كانت مهمة إلى حد كبير بالنسبة لمكاسب المرأة في البلد. فهذه المجموعات أكثر قدرة من نخب الدولة على الاستبطان الداخلي والنقد الذاتي، كما تحمل أفكارًا عميقة حول مشكلات الحركة والدولة (ومشكلات كل منهما مختلفة)، وقد كتبت نادية العلى دراسة مهمة عن النسويات في مصر، وطرحت بوجه خاص تعليقات على التزام النسويات بالعلمانية، وهي قيمة لا تعتنقها الدولة دائمًا (36).
لقد راجعت الأشكال المختلفة للقومية الجديدة – قومية الدولة، القومية التحررية، القومية الجديدة الدينية، والسياسات الحمائية، ويمكننا أن نتوقع تفسيرًا مختلفًا لقضايا النوع الاجتماعي في كل شكل من تلك الأشكال، وقد تتفوق عليها قضايا “أولية” في أزمنة مختلفة ولأسباب مختلفة. على أن هناك شيئًا واحدًا مؤكدًا – لا يمكن أن يتأثر التسامح على مستوى الدولة، إذا كانت القوانين والسياسات والأعراف الاجتماعية تضر بالمرأة إلى الدرجة التي نراها اليوم.
لقد ظفرت شعوب الشرق الأوسط باستقلالها من الحكم الكولونيالي في أنحاء المنطقة كافة من ثلاثينيات إلى ستينيات القرن العشرين لكن مجموعات بعينها – مثل الفلسطينيين، والأكراد (في تركيا)، والصحراويين – لم تحقق استقلالها أو تحصل على الحكم الذاتي بعد، ويمكن أن يضيف كثير مـن العرب – الآن – العراقيين إلى هذه القائمة. ولهذا، فإن العلاقة بين القومية والنسوية أو الكيان النسائي تختلف من حالة إلى أخرى باختلاف أهمية قضايا النوع الاجتماعي أو مشاركة المرأة – فاليسار يشير عادة إلى إدراج قضايا النوع الاجتماعي للنضال التحرري بالعالم الثالث, مع آمال وتوقعات. ونجد، في واقع الأمر، أن الملصقات والكتيبات الثورية، وغيرها من المواد المرئية، تصور النساء عادة يحملن أطفالاً رضع بين ذراعيهن (أو على ظهورهن) ويقاتلن من أجل الحرية حاملات للسلاح.
وفي واقع الأمر، أشارت سوندرا هال (Sondra Hale)، إلى “فشل الرجال والنساء، مع قليل من الاستثناءات، في هذا النضال في إنهاء الأشكال البطريركية من الهيمنة، وإعادة إدماج العام والخاص من أجل إنتاج الذات خلال الجنسانية وتسييس شبكات الحياة اليومية.” (37) لقد انخرطت النساء السودانيات في بعض جهود نسوية الدولة، وأيضًا في المشاركة السياسية من خلال الحركات المعارضة لليسار (الشيوعيين) واليمين (الإسلاميين). وكما تشير “سوندرا هال” في تعليقها العام، فإنه على الرغم من مشاركتهن في الحركة الشيوعية الأكبر في المنطقة، فقدت النساء السودانيات قدرًا كبيرًا من الأرضية من زاوية العمالة والحقوق القانونية – وذلك مع حلول قوانين الشريعة، وتحالف النظام مع الجبهة الوطنية الإسلامية في عام 1989. إن تأثير الأسلمة يعني أن أي تحليل يرتكز على أيديولوجية النسوية والتحرر قد لا يناسب السودان مع مرور الوقت.
لقد كانت المحاولات القومية لتحقيق انسحاب القوات الأجنبية، وتحمل الهجمات العسكرية، أو الإطاحة بالنظم الوطنية المتعاونة مع العدو، تحتل موقع الأولوية في القضايا الإقليمية والسياسية يسبق موقع القضايا الاجتماعية. وقد ساهمت النساء في الخدمات المعاونة، وفي الاستخبارات، فضلاً عن مساهمتهن في توفير العون الطبي والتمويل. كما انخرطن في مناقشات حول قضايا النوع الاجتماعي مع بعضهن البعض، إن لم يكن مع أعلى المستويات القيادية في كثير من البيئات القومية المعاصرة. وأضفت القيادة التي يهيمن عليها الذكور وضع “الرجال المكرمين” على بعض النساء حتى يمكنهن الانخراط بشكل مستمر فی النضال الوطني عندما يُسجن الرجال، أو يشاركون في جبهة القتال، أو عندما يتطلب الأمر إخفاءهم، أو عند قتلهم. وقد حدث ذلك في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (38) لأن ظروف الطوارئ أتاحت حدوث نوع من التمزق في النظام المعتاد للنوع الاجتماعي، لكن السنوات التي تلت اتفاقيات الطائف شهدت إنبعاث البني السياسية ذات الهيمنة الذكورية.
وبالمثل، كان الوضع الحقيقي للمرأة في الحركات القومية مبهمًا. وعلى سبيل المثال، كانت الفلسطينية ليلى خالد – وهي رمز للمناضلة المبكرة في عهد ولى – توصف بأنها امرأة “رجل“؛ أي المرأة التي يمكنها أن تفعل ما قامت به، أي اختطاف طائرة، من خلال اتقاد حماسها للحركة، وبنبذ ناذجها الأنثوية(39). لقد كانت تحاكي مثال والدها، وتفتخر لنبذها لدور المرأة المقبول إقليميًّا. لكنها كانت رمزًا لانقلاب النوع الاجتماعي بصورة إشكالية ورمزًا للعنف – وهو الأمر الذي رفضه بعض الفلسطينيين فيما بعد. هل كان يهم على الإطلاق كونها امرأة؟ هل ما زالت النساء في حاجة إلى اعتبارهن رجالاً كي يضطلعن بأدوار الذكور؟
يؤدي تمايز فترات النضال الوطني إلى توليد تحولات في العلاقة بين النسوية والقومية. فطبيعة السيطرة على فلسطين وسوريا ولبنان، وردود الأفعال المحلية هناك، قد دفعت النساء إلى دور المعاونة والتمويل والتمريض، معزولات عن القتال النشط. ولم تثر تساؤلات حول طرق معاملة رجالهن المنفردين لهن، ذلك أن المجتمع المحلى ونضاله كان يجب أن يستمر. وربما لهذا حصلت النساء على بعض المساحة في المجال العام، لكنهن تحملن سوء معاملة الزوج أو الأسرة. إن تجاهل سلوكهن الجنسى أو حتى الاجتماعي، يمكن أن يمثل خطرًا، وبالتالي كانت النساء تقلص من نشاطهن العام إذا ما عارضت أسرهن.
وفي الفترة التالية على ذلك، كانت أولويات الدول المستقلة تختلف عن أولويات تلك الكيانات (على سبيل المثال الفلسطينيين)التي لم تحقق الاستقلال. وقامت النخب التقليدية، وإن كانت قومية، وحلفاؤها بقيادة جهود بناء مؤسسات في سوريا ولبنان – كما قام بذلك الفاعلون الماثلون في العراق قبل عام 1958، وكان العمل هناك، بعد الحرب العالمية الثانية، يعكس الخبرة المصرية المبكرة بطريقة ما، بينها ابتعد عنها بطرق أخرى. ففي لبنان، استمر (حتى الحرب الأهلية) نمط أتاح دخول النساء إلى المدارس والجامعات بأعداد كبيرة، مما أثر على العمالة، لكن ضغوط الأسر والإجحاف ضد المرأة في مكان العمل والحياة السياسية ظل باقيًا. إن استمرار تلك المواقف لدى النساء وأيضًا الرجال يبدو واضحًا من خلال دراسة أكملها “معهد دراسات المرأة في العالم العربي” في بيروت (40). وتشير “منى خلف” إلى ارتفاع تقدير النساء لعمالتهن، لكن عمل الرجال لا يزال يعتبر عملاً “من أجل كسب العيش” (41) کما تصطدم النساء بسقف زجاجي، ويحصلن على رواتب أقل، وتنال إنجازاتهن احترامًا أقل .
وعلى الرغم من أن لبنان كان يُعتبر أكثر المجتمعات العربية تسامحًا أو ليبرالية (من زاوية الإنتاج الثقافي وليس المواقف الاجتماعية)، فلم تحقق النساء أي نجاح آخر هناك في ما يتعلق بدخول عالم السياسة أكثر مما أمكن تحقيقه في البلدان الأكثر محافظة. لقد كانت النساء ممثلات داخل الأحزاب التي يتزايد استقطابها، ولكن ليس كفاعلات من أجل النوع الاجتماعي. وعندما اندلعت الحرب الأهلية، حارب الرجال والأبطال والوطنيون مع مشاركة نشطة من أعداد صغيرة من النساء.
کما ظهر وصف وحشية الحرب في صور شديدة التقليدية والقومية(42) – قوة الذكور والتزامهم في الدفاع عن النساء، والأمة، والشرف. لقد قطعت الحرب التحول الاجتماعي، وألغت مؤقتًا المقاييس العرفية للسلوك والتي كان من المفترض أنها تحمى المرأة. لقد هاجم الرجال نساء العدو؛ فالمرأة هي مركز الشرف والسمعة. كما تم اختطاف النساء واغتصابهن وتحويلهن إلى ضحايا، كما كان حالهن في عصور أخرى من الإبادة الجماعية. وواجهت النساء الهجر عندما كان الرجال يحاربون مع جماعات الميليشيا، ويهربون عبر البحار أو يختفون (في أعداد كبيرة)، (ربما يُقتلون أو يخطفون ثم يًقتلون). ولجأت بعض النساء المسلمات إلى ارتداء الحجاب، بما يتسق والأيديولوجية الإسلامية للنوع الاجتماعي. وقد بدا تقدم المرأة في مجالات التعليم أو في أوضاع عمل النخبة، بلا معنى في وجه الدمار. وكانت الناجيات يتساءلن حول معاني النوع الإجتماعي في النزاع (43) . وكان لبنان يوصف على المستوى المحلى بأنه ضعیف و جميل (مثل المرأة)، ذلك أنه انهار نتيجة انقسامات التحالفات الإقليمية.
وفي فلسطين، تبددت في نهاية المطاف قاعدة القوة للنخب التقليدية نتيجة كارثتي عام 1948 وعام 1967، فضلاً عن تجربة الاستلاب المتعلقة بالشتات. وفي ظل التوترات والظروف الخاصة لحياة الفلسطينيين تحت الاحتلال أو كلاجئين أو مهاجرين، ظهرت مصادر جديدة غير تقليدية للقيادة. فقد بدأت القيادة الفلسطينية في مناقشة وتبنى عناصر أكثر ليبرالية بمقاربات مختلفة نحو السلطة والتفاعل الاجتماعي. وفي فترات بعينها، وإن كانت بطيئة، أدى النشاط السياسي إلى إضفاء شرعية على المقاربات الجديدة نحو التفاعل الاجتماعي والقضايا الاجتماعية.
أما في لبنان وفي هضبة الأردن، فقد اشتركت النساء الفلسطينيات في البرامج التدريبية اللازمة لإعدادهن للنشاط العسكري النشط. ودافعت المقاومة أو اللجان عن الهدف القومي مع آباء النساء الشابات، الذين كانوا يخشون على شرفهم. لكن أعداد النساء اللاتي حصلن على هذا التدريب كانت منخفضة إلى حد كبير، وفاقها عدد النساء اللاتي بقين في المخيمات يقدمن خدمات الدعم. وشعرت المقاومة بأن النساء يجب أن يضطلعن بأدوار عديدة، وأن أشكال الدعم التقليدية كانت ضرورية بسبب أنماط النوع الاجتماعي السائدة في المجتمع المحلي. على أن المقاومة لم تسع إلى تغيير الوعي بالنوع الاجتماعي لدى النساء المتزوجات أو الكبيرات في السن، واللاتي – نظرًا لمسئولياتهن الأسرية – لم يكن بإمكانهن إلا القيام بمساهمات محدودة أو متقطعة. وقامت المقاومة بتعريف ومديح مساهمات النساء في الحركة من خلال المحطات الإذاعية، والبيانات، وبطرق أخرى (44). وفي مرحلة تالية، في ظل السلطة الفلسطينية، عانت الحركة النسائية من نكسات. فلم يتم تعيين سوى عدد قليل من النساء في مواقع قيادية، كما برزت نزاعات بين منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الإسلامية “حماس” حول أهداف المرأة.
لقد أدت العسكرية جزئيًا إلى إعادة تعريف أدوار النساء في إسرائيل أيضًا. فالنساء الشابات يخدمن 18 شهرًا في الجيش. وعلى الرغم من أنهن غير مكلفات بالقتال النشط، فإن وجودهن مرتديات الزي العسكري في كل أنحاء البلد – وهن يوقفن السيارات لركوبها، ويركبن الحافلات العامة، ويتخذن مناصب عديدة – كل ذلك ينقل شعورًا بقيمتهن للكيان، ودرجة الثقة في إنجاز المهام الدقيقة، بما يرفع من شأن الجيش لدى السكان (مادام كل الأبناء والبنات يخدمون في الجيش). ويبدو أن النساء الشابات يحصلن عادة على بعض الوظائف أكثر الرجال، مثل فحص جوازات السفر وأمن المطار. ومع ذلك، لا تزال النساء تواجه جداول عمل غير مناسبة فـى أماكن العمل، وبمدارس أطفالهن، كما يواجهن التمييز، والسقف الزجاجي. ويجرى أيضًا توظيف نساء المجتمع الأكاديمي في درجات أدنى أساسًا، ويشعرن بالكبت من الثقافة الذكورية بالمؤسسات. ومع ذلك، تؤثر رمزية الخدمة العسكرية تأثيرًا جيدًا على صورتهن.
وفي الجزائر، لم يكن الجدال حول وضع المرأة عنصرًا مهمًا في فترة ما قبل الثورة، لكن الفرنسيين انتقدوا معاملة المسلمين للنساء في بنى الشرق الكولونيالي. وفي نهاية المطاف، أصبحت فكرة تحسين وضع النساء برنامجًا لجبهة التحرير الوطنية – الحزب الثوري الجزائري – كما كان الوضع بالنسبة للهوية العربية الإسلامية. وقد قامت النساء بدور جوهری وواسع في مقاومة الفرنسيين الطويلة والدموية. تقول مارى هيلي لوكاس (Marie Helie-Lucas) إن النساء لم يحصلن أبدًا على تسمية “مقاتلات“، وإن مهامهن العسكرية كانت توصف كأنشطة مدنية، وعندما حل السلام، حرمت النساء من ماضيهن الثوري، كما حُرمن من الحصول على المزايا التي يحصل عليها المحاربون القدامي. وشعرت النساء غير المتدينات بالاشمئزاز من انتقاد تلك المشكلات، أو من التشوش التدريجي بين الممارسات القومية والإسلامية لأنهن كن يعتقدن بقوة في أن الاستقلال من شأنه أن يفيد المرأة مع الرجل. إن الاشتراكية، حسبما كان يجرى تعريفها وتطبيقها في الجزائر، كانت أيضًا تمييزية من حيث فشلها في مواجهة المميزات التقليدية التي تتمحور حول الرجل. وبعد إدراك متأخر، أوصت هيلي – لوكاس بالخلاف في الرأي بدلاً من التضامن والولاء، وبالتداخل القومي بدلاً من القومية (45) .
ولنبحث الآن في أمثلة أخرى حول النساء والقومية الجديدة في الحركات الوطنية غير المرتبطة بالدول.
تقترن الحركة الصحراوية بجبهة البوليزاريو، وهي منظمة تناضل من أجل تحقيق السيطرة السياسية على الأراضي الإسبانية السابقة في الصحراء الغربية. وينشط الصحراويون في ظل مرحلة من مراحل النزعة القومية الجديدة في التاريخ، حيث لا يقاتلون الآن ضد الكيانات الكولونيالية السابقة (إسبانيا، وفرنسا) في المغرب (46) ، لكنهم يواجهون سلطة محلية، أي المغرب التي حققت استقلالها عن فرنسا، كما يواجهون أيضًا القوات الموريتانية، ويحصلون على دعم من الجزائر وليبيا. وفي هذا النضال أيضًا، هناك ضغوط الاقتصاد العالمي ما دامت المعادن الثمينة مدفونة تحت رمال الصحراء الغربية. على أن القومية الجديدة المغربية تتجاوز هذا التفسير؛ فالمغرب قاتل على الجبهات الدبلوماسية والعسكرية لاستعادة سيطرته على المنطقة (47) .
أصبح الصحراويون لاجئين منذ عام 1975، عندما أبعدت إسبانيا نفسها رسميًا عن مستعمرتها السابقة ريو دي أورو “Rio de Oro (باقي المغرب كان محمية فرنسية)، وحققت المغرب سيطرتها على المنطقة. . الصحراويون أنهم اتبعوا سياسات تقدمية في مجالي النوع الاجتماعي والعنصر، وحاولوا التنصل من المسئولية القبلية أيضًا. والجزائر، حليفهم الذي يضم قاعدة ماركسية، ليس مسئولاً عن هذا النهج، كما لم تكن الثقافة الأبوية والبطريركية لسلطة إسبانيا السابقة مسئولة عنه أيضًا. وعلى الرغم من وجود بعض الأدبيات حول السلطات التقليدية للنساء في المجتمع البربري، فإن ذلك لا يفسر موقف الصحراويين حول النوع الاجتماعي؛ ذلك أنهم بوضوح شديد خليط من مجموعات البربر، والماقيل العرب، ومجموعات السود. وتحصل النساء الصحراويات على تدريب عسكري أساسي، لكنهن لا يحاربن على الجبهة (48). لقد استفدن من السياسات التعليمية، ووصلت بعضهن إلى مواقع من التدريس ومواقع قيادية.
ومع ذلك، من المتوقع وجود التقسيم التقليدي للعمل في ما يتعلق بتأكيد دور المرأة الإنجابي (49) . وعلى الرغم من مقاييس الصحراويين عن التغيرات التقدمية التي شهدتها حياة النساء، فلا تزال البنى البطريركية تصوغ حياتهن. ومع ذلك، يحافظ الصحراويون – مثلهم مثل الحركات القومية الأخرى – على تفسيرات أكثر مرونة نسبيًا للأدوار الجنسية خلال النضال الوطني (50) .
إن معرفتنا بالنضال الصحراوي أقل من معرفتنا بالنضال الفلسطيني. وعلى الرغم من النغمة التقدمية لحركة النساء الصحراويات، تبدو هؤلاء النسوة محرومات مقارنة بنساء المغرب اللاتي استفادت كثيرات منهن من سياسات الدولة والإصلاحات القانونية، واللاتي يمكنهن الظفر بمزيد من السلطة عبر الإصلاحات السياسية الأخيرة التي سنشير إليها في نهاية هذا المقال.
هل تنخرط النساء الإسلاميات في النزعة القومية الجديدة؟ يشكل الإسلاميون بُعدًا مهما من أبعاد نزعة القومية الجديدة، ويسعون إلى السيطرة على الدولة، لكن أيديولوجيتهم عبر قومية – فهم يعترفون بالأمة الإسلامية، لكنهم عادة ما يرفضون شرعية الهوية الوطنية (السورية، المصرية، الليبية،… الخ). وبالتالي، يقعون بشكل ما في موقع بين فاعلى الدول وفاعلى التحرر الذين نتناولهم في هذا المقال. كما أن الظروف السياسية والاقتصادية التي تؤثر في المجموعات الإسلامية ترتبط بصلة وثيقة بصياغاتـهم لقضايـــا النوع الإجتماعي. فالتجمعات الإسلامية في مصر تجمعات سياسية وشبه سياسية، وبالكاد ما تكون متعلمة (لكنها لا تخلو من محتوى معارض). وهم يعبرون عن أفكار متمايزة حول السلوك المناسب للمرأة، وأهدافها، ومظهرها. وتقع النساء في مركز الأسرة المسلمة المؤمنة. ويجب أن يضعن أهدافًا تتمثل في وحدة الأسرة والتضامن المجتمعي قبل أي طموحات أخـرى تتعلق بالوظيفة أو السفر أو الاستقلال. وهذه المثل يتقاسمها كثير من المسلمين التقليديين أو “المحافظين“.
يعتبر الإسلاميون، الذكور والإناث، دخول المرأة إلى مكان العمل نتيجة مريبة للحداثة. فهم يدركون، من ناحية، أن إنتاجية المرأة من المفترض أنها تسهم في تحسين ظروف المجتمع برمته. لكن الإصلاح المصاحب لذلك في قوانين الأحوال الشخصية، ارتكازًا على الشريعة، فضلاً عن مظهر الصورة ذاتية المركز ذات الطابع الغربي للمرأة العاملة التي تتمتع بالحرية الشخصية والاختلاط مع الرجال، قد أدى – كما يقولون – إلى كارثة أخلاقية. كما أن التضخم وبروز نخب جديدة، علاوة على عدد الخريجين الكبير الذين يجب على الدولة توظيفهم، قد تزامن مع نقص المساكن الذي أدى بدوره إلى تأخير آمال الزواج لدى كثير من الشباب. ويرى الإسلاميون أن المجتمع المسلم سوف يكرر إخفاقات الحضارة الغربية، ما لم سرة والأمة إلى كيانات أكثر تماسكًا ووعيًا اجتماعيًا. وتتمثل إحدى الطرق لتحقيق ذلك في تنشيط السيطرة على الحياة الجنسية للمرأة عن طريق القضاء على الظروف التي تقود إلى وجود علاقات خارج الزواج، بالإضافة إلى العمل على تقييم دور النساء الإنجابي وليس قدراتهن الإنتاجية .
إن الفلسفة الإسلامية للنوع الاجتماعي تتعارض بطرق معينة مع أيديولوجية الحركات التحررية تجاه النوع الاجتماعي، أو الدول ذات نزعة القومية الجديدة. كما أنها تذهب أيضًا إلى ضرورة تثقيف النساء لأنفسهن، والاضطلاع بدور قوى في الحياة السياسية. على أن الإسلاميين يتشككون في سلطة النساء، وحق المرأة في تفسير المذهب الديني، وحقها في الحكم أو إصدار الأحكام القضائية، كما يعتبرون وضع المرأة غير متساوٍ في ما يتعلق بالشهادة في المحكمة، وفي الميراث، وفي الطلاق. ويقول الإسلاميون إن هذه القيود لا تنكر المساواة الأساسية بين النساء والرجال، لكن بعض النساء في حركات القومية الجديدة لا يوافقن على ذلك.
وتسير إيديولوجية النوع الاجتماعي الإسلامية مصاحبة لفلسفة أكثر عمومية تطرح العودة إلى أسلوب الحياة الإسلامي في ظل دولة دينية (51). وترى النساء الإسلاميات أن عليهن تجنب الاتصال، بقدر الإمكان، مع الرجال الذين لا تربطهن صلة. كما يقلن إن بإمكانهن إحباط المقاربات الذكورية غير المرغوبة، وذلك برفض النساء تحويل أنفسهن إلى سلعة – مع الملابس المغرية، واستخدام مستحضرات التجميل، وتسريحات الشعر الحديثة. وقد بدأت النساء، منذ السبعينيات، في تبنى الرداء الإسلامي، المعروف أيضًا باسم الزي الشرعي أو الحجاب، والذي أصبح شائعًا الآن في المدن الكبرى والمراكز الريفية. على أن نمط الزي قد لا يشير إلى آراء إسلامية، أو حتى وعى سياسي. وفي الشكل المتطرف من الزي الإسلامي، ترتدى بعض النساء النقاب لتغطية وجوههن، كما يرتدين أيضًا القفازات. وهذا الرداء بعينه تبنته أيضًا النساء المتدينات بوجه خاص، اللاتي يعتنقن المثل الإسلامية لكنهن لسن بالضرورة أعضاء في منظمات غير قانونية.
وعلى الرغم من أن المؤرخين الذكور لم يعيروا اهتمامًا كبيرًا للزي، فإن هذه الظاهرة، والمعارك القانونية التالية لها في تركيا وفرنسا ومصر وتونس، فضلاً عن المعارك المبكرة حول حجاب الوجه العثماني، تؤكد أن الرداء هو علامة على الوضع والإيديولوجية. وقد كتبت فيكتوريا دي جرازیا (Victoria de Grazia) حول معارك الفاشيست ضد “أمركة” مفاهيم جمال الرداء النسائي، وكيف أن زيهن الجديد استلزم إيديولوجية جديدة. لقد كانت النساء تميل إلى قبول وعودهم بالحداثة والنظام والوطنية الإيطالية(52). وقد أشرت سابقًا إلى ارتداء شباب الرجال في القمصان الخضراء لإظهار ولائهم لحركة مصر الفتاة في ثلاثينيات القرن العشرين، أو القمصان الزرقاء للإشارة إلى الولاء لألوية شباب الوفد(53)؛ بينما ارتدى الشباب السوري القمصان الرمادية للإشارة إلى تدعيمهم للدكتور شهبندر. وخلال القرن العشرين، كان يمكن تحديد النساء من خلال زيهن المدرسي، أو زي التدريب العسكري، وألوية شباب حزب البعث في سوريا. وفي لبنان، والضفة الغربية ومصر، كانت الأزياء العادية والشعر القصير تميز أحيانًا النساء “التقدميات” الشابات عن أقرانهن الأكثر تدينًا أو الإسلاميات.
لقد انصب اهتمام الإسلاميين في مجال النوع الاجتماعي على الزي وأنماط السلوك في مقابل وضع النساء الغربيات، وأيضًا في مقابل وضع النساء المسلمات غير الإسلاميات. وفى هذه المقارنات، ارتبطت المجموعات النسوية مع الأسف بالصور التي تبثها الدولة عن النساء. وأصبحت مصطلحات مثل “الطابع الغربي” و“المتحرر” و“التقدمي” تثير الشك، لكنها لا تحل محل وضع الاندماج أو الكومبرادور. واعتبر الإسلاميون أن لديهم ولاًء ثقافيًا، وإن كانوا جزءًا من روح الإصلاح، ولهذا فهم قوميون بعمق( (54) .
کما عبَّرت النساء الإسلاميات أيضًا عن التزامهن بالحجاب – معنى للهدف الإسلامي، أو معارضة لإسرائيل في حالتي لبنان وفلسطين. وقد ظهرت النساء “اللاتي استشهدن” أو المجاهدات من أجل الحرية في أثناء الحرب اللبنانية الأهلية، ومرة أخرى في السنوات العديدة الأخيرة من العنف في إسرائيل والضفة الغربية. لقد درست ميريام كوك (Miriam Cooke) تقاليد النساء والنضال الإسلامي، وأشارت إلى وجود تقاليد طويلة في التاريخ الإسلامي، واختلافات في تفسير مسئوليات المجاهدات، بل ووجود خطر في موازاة الجوانب العسكرية في السلوك والتفكير بين الرجال والنساء (55).
هناك اختلاف في مدى الاتساق بين القومية الجديدة والبرامج المؤيدة للمرأة. هل المعارضة للحالة الحالية أو المهيمنة لا تنتج سوى صـورة منعكسة لإيديولوجية النوع الإجتماعي؟ هل النساء الصحراويات تحررن نسبيًا لمجرد تقديم صورة مقابلة حتى المغربيات الأكثر تحررًا؟ هل تحد النساء الإسلاميات من أفقهن لأن صورة النساء السائدة، والتي بثتها الدولة، قد ألقت بخصائصها مفتوحة على نطاق واسع؟ ولنختبر إحدى الحالات بتفصيل أكبر.
إن أدوار النساء وخبراتهن في الحركة الوطنية الفلسطينية توازي أدوار النساء وخبراتهن في الحركات النسوية/ القومية الأخرى (مصر، تركيا، جنوب أفريقيا، فيتنام، الهند، نيكاراجوا، إريتريا، الجزائر). وهناك أيضًا ملامح متفردة لمساهمات النساء. فالحركة الوطنية الفلسطينية امتدت طوال القرن العشرين. ثانيًا، كانت النساء جزءًا من الحركة الوطنية قبل الاحتلال، وخارج هوامشها في الشتات. ثالثًا، كانت أدوار النساء في الحركة الوطنية معقدة على الدوام نتيجة التفاعل بين الكيانات الفلسطينية، والدول العربية، وإسرائيل، والدول الغربية. ورابعًا، وعلى خلاف نساء جنوب أفريقيا أو نساء إريتريا، ظلت النساء الفلسطينيات ممنوعات من الدخول لعصر ما بعد الكولونيالية. وعندما يفعلن ذلك، سيكون على نسبة ضئيلة من الأراضي التي كانت في يوم ما تابعة للأجيال السابقة؛ وبالفعل، وفي ظل الترتيبات وفي ظل الترتيبات الراهنة، سيظل أربعة ملايين فلسطيني في الشتات.
إن أي تأريخ للنساء الفلسطينيات والقومية يجب أن يلمس وجود خصائص للتاريخ السياسي من حيث التسلسل الزمني للمنظمات والروابط الصغيرة والنشاط النسائي. وهناك خلافات حول الليبرالية النسبية أو القيم الأسرية المحافظة بالمجتمع الفلسطيني. وهناك الكتابات حول أدوار النساء بين تغطية أكبر نسبيًا حول النساء القائدات، بينما يقل حجم الجماهير كعاملات وفلاحات، ولاجئات. هناك بالأحرى تأطير رومانسي لخبرة النساء يدور حول فرضية تطرح أن الأنشطة الثورية أو الجماهيرية من شأنها أن تقود بحكم طبيعتها إلى تحرير النوع الاجتماعي. إن مثل هذا التأريخ يثير تعليقات على الاتجاهات الجديدة في تقييم التمثيل الذاتي، والتحولات في النمط التاريخي التي تبدو واضحة بجلاء في التقييمات المدرسية والحزبية، من حيث تركيزها النسوي – منذ منتصف الثمانينيات – على حكى النساء الذاتي واستخدام المقابلات والتواريخ الشفاهية.
ولاتزال الفجـوات موجـودة، وخاصـة فـي تاريخ النساء قبل وأثنـاء الانتداب. والفلسطينيون في إسرائيل غائبين نسبيًا في الأدبيات، وخاصة التي تدور حول بناء الدولة الإسرائيلية. ويصدق هذا أكثر على النساء البدويات داخل إسرائيل، واللاتي يتم تمييزهن عن النساء “الفلسطينيات“. وفي المجمل، وحتى مؤخرًا، يجرى تقديم دور النساء في الحركة الوطنية في أشكال متشظية. على أن تاريخ النساء الفلسطينيات – من خلال أدبياتهن، وفنهن المرئي، والتطريز، والأغانى – يظهر أحيانًا في شكل مطبوع. وبطبيعة الحال، تستدعى التواريخ الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين الانتباه بشكل عام.
هناك نهج نسوى غربي نحو النساء في الحركة الوطنية يحث الهجوم الموجه للجنسانية، وتعمل البطريركية على إخراج ظروف النساء السياق، لكنه نال الانتقاد جانب الباحثين المهتمين بدراسة الحركة(56) . على أن التحليلات النسوية للنزعة القومية، بوصفها نموذجًا تاريخيًا يركز على الذكور، لا تزال مستمرة – كما في كتابات إليس يونج (Elise Young) عندما تقارن النساء الإسرائيليات بالنساء الفلسطينيات (57) . إن يونج (وآخرون يكتبون في هذا الاتجاه) تقع في “شرك الاتساق “(58) ، بتعبير شرنا جلك (Sherna Gluck)، حيث تحجب النقطة النهائية في التحليل النسوى عدم المساواة في السلطة (59) – في هذه الحالة، بين الإسرائيليات والفلسطينيات. ومن ناحية أخرى، فإن من يسعون إلى استبعاد أي تطبيق للنظرية والمنهج النسوى على دراسة النساء الفلسطينيات يمكنهم التغافل عن أهمية الروابط القائمة بين الوعي القومي والوعى النسوي.
وقد عبَّرت النساء في الحركة الفلسطينية (مثل النساء الإسلاميات) عن نظرية للمجتمع المؤسسي، المبنى على تكامل الجنسين، تقوم على النوع الاجتماعي، لم تطرح النساء تدمير نظام الأسرة، فهو ضروري للبقاء النفسي في ظل الاحتلال، وإنما طرحن بيئة تخفف الآثار السلبية للبنى القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تؤثر على النساء، نظرًا لظروف الحركة الوطنية واحتياجاتها الخاصة. وهناك شهادة بسيطة على أن الخبرة التاريخية، والعمل السياسي، والانخراط مع حيوات النساء الأخريات قد أشعلت فتيل الوعى النسوى للمرأة.
كما أوضحت المؤرخة جوديت تاكر (Judith Tucker) أن النساء في نابلس كن مقيدات بالنظام البطريركي في الفترة ما قبل الحديثة، لكن التمايزات الطبقية لم تمنعهن من السعى من أجل حقوقهن القانونية، وأن النساء اللاتي عانين من مشاهدة وفيات مبكرة (عادة في فترة طفولتهن) كن قادرات على اتخاذ قرار الطلاق، وإعادة الزواج، وممارسة امتيازاتهن(60). وبعبارة أخرى، فاوضت النساء النظام البطريركي ولففن حوله.
لقد بدأ “الاحتلال“، بمعنى فقدان الحقوق السياسية والسيادة، مع الاستيلاء البريطاني على الانتداب. وبداية، ركزت الحركة الوطنية وتطور الوعي الوطني – عند نهاية الحرب العالمية الأولى – على بنية الانتداب المصطنعة وموقع فلسطين التاريخي في سياق السنجق العثماني السابق لسوريا. وقد اشتبكت القومية العربية، وليس القومية الفلسطينية المرتكزة إقليميًا، في هذا الجدال. وكان يرتكز على تاريخ الأفراد والأفكار، وانتقالها بين المدن العربية والأقاليم العربية ومقاسمتها لغتهم وثقافتهم وأملهم فـي دولة عربية يرأسها فيصل. ومع غياب اليقين العربي بعد هزيمة فيصل، ظهر إحباط تجاه سلطات الانتداب – وخاصة عند تعيين مسئوليين متعاطفين مع الصهاينة، مثل سير هربرت صامويل (Sir Herbert Samuel )المفوض لفلسطين.
ويُعد تفسير وضع المرأة في هذه الفترة المبكرة مهمة عسيرة، ففي أغلب النصوص التاريخية والسياسية القياسية، بما في ذلك الأعمال الثمينة في مجال المراجعة، لا نجد النساء أنشطة النساء، واهتمامات النوع الاجتماعي فئة مرئية من فئات التحليل (61). وعند إدراج أنشطة النساء، نجدها لا تشكل سوى طبقة واحدة من طبقات الظروف الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني. إن الانطولوجيات القليلة في الثلاثينيات – مثل كتاب هلما جرانكفيست (Helma Granqvist) حول النساء القرويات الفلسطينيات، وكتاب توفيا أشكينازى (Tovia Ashkenazi) حول البدو (62) – تضم ملاحظات عديدة مثيرة للاهتمام؛ فقد أعدت جرانكفيست كتالوجًا لأغاني النساء وممارساتهن الاجتماعية. لكن هذه الكتابات كانت ترتبط بدرجة كبيرة بالمشروع الاستشراقي، والأسطورة الصهيونية حول فلسطين كمجتمع بدائي متخلف يفتقر إلى الهوية الوطنية. وبالتالي، كانت هذه المجموعات مجرد “عرب“، وعلى إسرائيل أن تساعدهم كي تضطلع بدور النموذج الوطني وقوة التحديث .
قامت النساء الفلسطينيات أيضًا بإنشاء منظمات قومية نسوية في هذه الفترة المبكرة. وهناك توازيات مباشرة للحالة المصرية، من زاوية تقديم النساء لخدمات خيرية واجتماعية إلى السكان في غياب الخدمات التي ترعاها الدولة (63).
ظهرت المنظمات النسائية بداية على أساس ديني، ثم بعد ذلك كمجموعات مختلفة ، (مسلمين/ مسيحيين) في عام 1904 في عكا، وفى عام 1906 في القدس (64) , في وفي عام 1911 يافا (في ظل مدام افتايم أزار (Madam Ephtime Azar))، وفي حيفا (الجمعية الخيرية المسيحية العامة للسيدات) (65) ، ثم في عام 1919 كمجموعة مختلطة برزت في القدس. وكانت هذه المنظمات المبكرة منظمات خيرية من حيث وظيفتها، لكنها مثلت أيضًا مواقف النساء القومية. وعلى سبيل المثال، سافرت مدام فايز بيه حداد في عام 1919 إلى دمشق كمندوبة لتهنئة فيصل (66) . ولم تكن الجمعيات مقصورة على مدينة أو مدينتين، بل انتشرت في أنحاء البلد: في بيت لحم، وجنين، وعكا، ورام الله، والقدس، ونابلس، وطولكرم، وصفد، وحيفا، ويافا.
ومع حلول أغسطس 1929، ومع وحشية إخماد المظاهرات والهبات الشعبية ضد الهجرة اليهودية، بما أسفر عن وفاة تسع نساء قرويات في واقعة البراق، لجأت النساء إلى تحديد شكل لموقفهن القومي. حضرت مائتا امرأة مندوبة مؤتمر المرأة العربية في فلسطين. وعندئذ قدمت بعضهن قراراتهن إلى المفوض السامي، وخرجن في مظاهرات عامة في السيارات وسيرًا على الأقدام(67).
وبقيامهن بذلك، حطمن التقاليد الاجتماعية، كما فعلت نظيراتهن المصريات بمقابلتهن مع المسئولين الذكور الأجانب، والظهور والتحدث علانية، والكتابة بأسمائهن، وإقامة اتحاد وطنى للمرأة كانت أهدافه قومية وخيرية وملتزمة بتعليم المرأة وبالتنمية (68).
وقد اتسع نطاق تعليم النساء في تلك الفترة وعزز انخراطهن في النشاط القومي. وحتى قبل زوال العثمانيين، كانت النساء تحضر بالفعل المدارس العامة للغة التركية، علاوة على المدارس التبشيرية. وعلى الرغم من أن سلطات الانتداب فعلت القليل لرعاية تنمية تعليم النساء (وهنا نرى توازيًا آخر مع فترة كرومر في مصر)، فقد اكتسبت المدارس طلابًا في ذلك العصر، وتم إنشاء مدارس أخرى، بما في ذلك مدرسة “بير زيت” عام 1924 التي تطورت وأصبحت جامعة “بير زيت“.
وتؤكد بعض المواد التاريخية أولوية مواقف النساء القومية، بينما تؤكد مواد أخرى أجندة تسوية مصاحبة. كانت النساء في الدول العربية الأخرى يجادلن من أجل الإصلاح لوضع نهاية لزواج الأطفال، وقد حظرت الإصلاحات التركية تعدد الزوجات. وتشير ماتيل موجانام (Matiel Mogannam) إلى أن سلطات الانتداب في فلسطين لم تكن تضع في اعتبارها مثل تلك المبادرات. وقال البريطانيون إن وضعهم كسلطة أجنبية، وليس كحكومة وطنية، جعل تدخلهم في مثل تلك الأمور محفوفًا بالمخاطر، فقد كانوا يخشون رد الفعل الديني (69) . وكانت نساء الاتحاد على اتصال مع المجموعات النسوية والقومية المصرية والسورية واللبنانية، وقمن بمقارنة الإصلاحات القانونية الكمالية بافتقارهن إلى “العقوبات التشريعية (70) .
وفى عام 1932 وحده، هاجر أكثر من 30 ألف يهودي إلى فلسطين، وزاد العدد العوامل السياسية فـي كل من شرق أوروبا وغربها. وأدرك الفلسطينيون أن السلطات البريطانية كانت تنقض قواعد الهجرة. وفي ذلك العام، احتجت النساء العربيات على زيارة “لورد ألنبي” ” للاحتفال ببناء اليمكا الفني في القدس. لقد بدأن بمقاطعة، ثم بعد مسيرة إلى جامع عمر ألقت امرأة مسيحية خطابًا من على منبر الوعظ (71). وقد أعلن عن إضراب عام في أكتوبر 1933، مظاهرة في القدس في 13 أكتوبر ضمت النساء والرجال أيضًا. واندلعت المظاهرات في أماكن أخرى في يافا وحيفا ونابلس، وأسفرت عن عدد كبير من الجرحى. وقام اتحاد المرأة العربية في فلسطين بإعداد احتجاج رسمى ثان ضد المفوض السامي، يشجب سوء التمثيل الرسمي لوحشية الشرطة في تلك المظاهرات (72)
وشاركت النساء في الإضرابات العامة خلال الفترة 1936 – 1939، ونقلن السلاح والطعام إلى الرجال في الجبال، وعانين من الاعتقال في حيفا، وقمن بتنمية الموارد المالية للمقاتلين بما في ذلك بيع مجوهراتهن، لكنهن قمن أيضًا بدورهن كناشطات – على سبيل المثال – في الحركة السرية التي بدأها الشيخ عز الدين القسام ” (73)
وحتى عام 1947-1948، كما لاحظت المؤرخة إلين فليشان (Ellen Fleischman)، كان الناس قادرين على العيش والعمل برغم فترات الاضطراب العنيفة القصيرة. ومع ذلك، كانت المجموعات النسائية مسيسة ومنشغلة عن حق بالمسألة الوطنية، مقارنة بنظرائهن في أماكن أخرى. كما أن تلك المجموعات لم تكن بعيدة عن الانقسامات، حيث كان الانشقاق بين المنظمات النسائية في القدس يعكس التنافس بين أسرتين تتمتعان بالمكانة والشهرة، وهما أسرة النشاشيبي وأسرة الحسيني (74) .
ومع اشتداد الأعمال العدائية، انضمت بعض النساء في عام 1974 إلى مجموعات عسكرية مساعدة عرفت باسم الأقحوان(75)، كما طرد حوالى 300 ألف فلسطيني من منازلهم حتى قبل إعلان دولة إسرائيل. إن هزيمة الجيوش العربية عام 1948 تركت الفلسطينيين مقتلعين من جذورهم ومحرومين من الوراثة والتوريث ومشتتين.
إن العمل الجماعي النسائي بعد 1948، سواء في فلسطين – بالضفة الغربية وغزة – أو – في الدول العربية وعبر البحار، كان يركز في الأساس على مجالات خدمات الإغاثة والعمل الخيرى وزيادة الموارد المالية التي تقوم بها نساء الطبقة الوسطى. فقد قمن بإعداد مطاعم وجمع الملابس وتوزيعها، وتشغيل محطات الإسعاف، وتنظيم تدريب الممرضات، ومد يد المساعدة قبل وبعد دخول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – في الشرق الأدنى (الأونروا). وفي تلك الفترة، كانت النساء في الضفة الغربية يخضعن القانون الأردني؛ وكانت النساء في غزة يخضعن للسلطة المصرية.
وتتذكر السيدة هاجر من جمعية بيت لحم للنساء العربيات، التي تأسست عام 1947، جهود النساء لتقديم وجبات لحوالى 500 شخص يوميًا، بالإضافة إلى مناشدات للمهاجرين من بيت لحم ويعيشون في أمريكا اللاتينية من أجل تنمية الموارد المالية (76). وقامت مجموعات مماثلة بتأسيس عيادات، وبيوت للمسنين وملاجئ، وبرامج للقروض، … إلخ. كما ظلت بعض فروع اتحاد النساء العرب في فلسطين نشطة أيضًا في تلك السنوات.
ومن بين 1,3 مليون فلسطيني، فر حوالى 260 ألف شخص إلى بلدان عربية أخرى(77)، وظل 133 ألفًا أو 150 ألفًا (78) (أو ربما حتى 170 ألف) فلسطيني في فلسطين وأعلن أنهم عرب إسرائيل. لقد كانت فترة من الحرمان والصعاب، وعززت دون شك من الميل نحو تمجيد الجوانب التقليدية من الثقافة، بما في ذلك أدوار النوع الاجتماعي، كوسيلة لتمييز المستعمرين عن المستعمرين – أي تمييز الشعب المحتل عن محتليه.
ونظرًا لاستمرار الحاجة إلى الخدمات الاجتماعية، ظلت وظيفة المنظمات النسائية كما هي لعدة عقود. وقد كتبت ريتا جياكامان (Rita Giacaman) و “منى عـودة” أن النساء “انحصرن داخل صيغة خالية من مفهوم التناقضات الاجتماعية الداخلية المستقلة عن الكولونيالية أو الاحتلال” (79) . وهو ما كان يعني عدم إمكانية إعادة هيكلة المواقف القائمة على النوع الاجتماعي والطبقة إلى أن يتحقق تجذير لأجزاء من المجتمع الفلسطيني عبر خبرات عسيرة ويبدأ التطور التنظيمي.
وتستخدم “إصلاح جاد” كلمة “البوتقة” لوصف الاحتلال، حيث إنها خبرة صهرت وشكلت الأفراد وأقدارهم (80). لقد أجبرت بعض الفلسطينيين غير الراغبين في الهجرة على النفي، وأجبرت البعض الآخر على نمط للحياة في مواجهة المؤسسات الإسرائيلية التي تهيمن على حياتهم – وهو ما كان يتطلب بالضرورة معرفة اللغة العبرية واستخدامها، وبالتالي استخدام مصطلحات الغزاة ومفاهيمهم. وقد أوضحت الأدبيات التي توثق خبرات النساء من خلال المقابلات أن علينا أن نستكشف كل الطرق المؤلمة التي استخدمها الاحتلال وأدت إلى تقسيم (81) المجتمع الفلسطيني وأيضًا توحيده في المقاومة، سواء جغرافيًا أو من خلال الخبرة.
وتوضح تجربة “سميرة خوري” افتقادًا مماثلاً للفصل بين الأنشطة القومية والأنشطة النسوية للنساء داخل إسرائيل. وهي تصف كيف أقنع الحزب الشيوعي سكان الناصرة بالاستمرار في الصمود عند حصارها عام 1948. كما يوضح انتماؤها السياسي للحزب الشيوعي أن للفلسطينيات داخل إسرائيل تفاعلات أكبر مع النساء الإسرائيليات – فقد عملت بداية مع جمعية النهضة، ثم مع اتحاد النساء الديمقراطيات والذي ضم فلسطنيات وإسرائيليات، ونشطت أيضًا مع مجموعات فلسطينية خيرية (82) .
لقد ساد مذهب الصمود، أي الوفاء والإخلاص للأرض وللهدف الوطني، بوصفه استعارة من مواقف الفترة الواقعة بين عامي 1948 و1968. فقدت النساء الأقارب الذكور، كما فقدن الأرض. والصمود يتطلب قوة وجدانية كبيرة وكبرياء في وقت المحنة. إن الحفاظ على الممتلكات وحقوق الأرض داخل دولة إسرائيل الجديدة كان يقتضى الصمود في وجه الإمبريالية الثقافية وأيضًا السياسية. وكانت مقاومة الاعتقال والتحقيق، والتعذيب، والأحكام بالسجن تستدعى الصمود، كما كانت الطاقة الضرورية لخلق منظمات جديدة للوفاء بالاحتياجات المتغيرة للسكان. وكان الحمل وتربية الأطفال في ظل تلك الظروف غير اليقينية شكلاً أيضًا من أشكال الصمود، وأكدت الحركة القومية ومجدت إسهام النساء الإنجابي منذ عام 1948 وما بعده، كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية (والأحزاب الإسلامية).
وقامت “سميحة سلامة خليل“، في الضفة الغربية، بتأسيس جمعيات عديدة في الخمسينيات، ملقية الضوء على فكرة المساعدة الذاتية من خلال الأنشطة المدرة للدخل للنساء. وهذه الجمعيات هي: “جمعية الاتحاد النسائي” في عام 1952، و“اتحاد المرأة العربية” في البيرة، ثم مجموعة أكبر في عام 1965 باسم “إنعاش الأسرة“. وكانت مجموعة “إنعاش الأسرة“، بوجه خاص، تسعى إلى تدريب النساء على أنشطة مثل التطريز وبعض الحرف، والأعمال التي يمكن إكمالها في البيت ثم بيعها – وذلك بفكرة الفائدة الكبيرة لاحترام الذات والمرتبط حتى بالدخل المحدود. وقد تعرضت سميحة خليل للسجن ست مرات، ووضعت مرات ووضعت تحت الحبس داخل البلدة، حيث كانت السلطات الإسرائيلية تعارض إلى حد كبير جهودها لتخفيف آثار الاحتلال(83).
وشهد الفلسطينيون تشكيل وانهيار الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961). کما ظهرت عقبات أخرى أمام الاشتراكية العربية في التواريخ السياسية للعراق وسوريا. وفي تلك السنوات تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية، بمثابة الرابطة المظلة، وكانت ترمز إلى الإصرار الفلسطيني لاستعادة الأرض والسلطة السياسية. ومنذ تلك الفترة، وإن كان حتى بصورة أكبر بعد هزيمة 1967، أصبحت أدوار النساء في النضال القومي والعلاقات مع الحركة أدوارًا راديكالية، وبالتالى تغيرت العلاقات مع مختلف الدول العربية. فقد بدأ عدد صغير ، لكنه مهم ، من النساء في الأردن ولبنان في الاضطلاع بأدوار قتالية، كما أشرنا أعلاه. وشاركت بعض النساء في أعمال راديكالية – مثل “ليلى خالد” من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي قامت في عامي 1969 و1970 باختطاف طائرة (84).
ومع خروج . منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن إلى بيروت بعد أيلول الأسود (عام 1970)، تصاعدت الجهود التنظيمية في المخيمات هناك. واللجان التقدمية الثلاث لمنظمة التحرير الفلسطينية – الحزب الشيوعي، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – اعترفت بقمع النوع الاجتماعى على نحو أكثر صراحة من فتح، وربما يرجع ذلك إلى تعاليمهم التاريخية الماركسية. وكانت توجد بعض الاختلافات بين هذه الأحزاب: فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت ذات نبرة أكثر نضالية، بينما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي كانا يتناولان بعض القضايا بأسلوب يغلب عليه الطابع الفكري. على أن المقاومة كانت تتطلب إعطاء الامتياز للأهداف القومية، والإقرار ببنية النوع الاجتماعي لأغراض الحشد أساسًا – وليس لغايات التغيير (85). لكن إدخـال النساء فـي قيادة هـذه الأحـزاب لم يكـن بأعداد تعكس انخراطهـن فـي هـذه المجموعات.
لقد كان الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أكبر منظمة للنساء الفلسطينيات في الشتات. وكان على كثير من المجموعات في الضفة الغربية في الخمسينيات أن تُسقط كلمة “فلسطيني” من اسمها لغرض التسجيل، لكنها كانت توجد كجزء من الاتحاد، جمعية المرأة العربية. وفي مكاتبها في القدس عام 1965، اتفقت المندوبات على بنيه تتيح تمثيل النساء الفلسطينيات في أنحاء العالم كافة. وقد نص قانون الاتحاد على ضرورة وجود مقره في البلد نفسه الذي يستضيف المكتب الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتوضح لوری براند (Laurie Brand) أن الحكومة الأردنية سعت إلى وضع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية تحت إشراف الاتحاد العام للمرأة الأردنية، وهو ما سمح بالحشد خلال الأزمات، لكنه لم يتح أفعالاً أخرى تتحدد على نحو مستقل (86). وعندما قام النظام الأردني بإغلاق مكتب الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في القدس عام 1966، نقل الاتحاد مقره إلى القاهرة، حيث بقي (بالرغم من فتح مكتب رئيسي ثان في لبنان) حتى عام 1947، متفاعلاً مع المنظمات النسوية المصرية . وتضمنت الأنشطة دعم الطلات والأسر الفقيرة الفلسطينية، إعداد فصول لمحو الأمية والتطريز والتمريض ومهارات أعمال السكرتارية، ورعاية تشكيل فرع الإسكندرية (87). وفي عام 1970 تم إنشاء فرع للاتحاد في الكويت (88) , وفى العراق وسوريا، وكانت توجد فروع نشطة أيضًا في الولايات المتحدة. لقد لعب الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية دورًا مهمًا في لبنان، من خلال رفع الوعي السياسي وحشد الدعم في المخيمات. وفـي المجمل، كان يبدو أن عرقلة أعماله ناتجة عـن الانقسامات الحزبية، والانقسامات بين الكوادر والمتطوعين (89) . لقد كان الوضع الفلسطيني في لبنان يعاني بالتأكيد من قيود أخرى كثيرة تناولناها في موضع آخر (مثل الانقسام داخل منظمة التحرير الفلسطيني، والتوترات مع اليمين المسيحي، وبعد ذلك مع الأسد وانشقاقات أخرى، وتلى ذلك الغزو الإسرائيلي وطرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان برمتها ).
واستمر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية. لقد جسد فئات تقليدية لأدوار النساء في الحياة العامة وفي الأسرة. ومع حلول عام 1991، شرعت المنظمة في برامج تهدف إلى مناقشة صورة المرأة العربية، ومعنى النسوية في الحركة على المستويين الثقافي والسياسي. وكان مشروع الوثيقة الخاصة بمبادئ حقوق المرأة نسبويَّا صراحة (90). كما كانت هناك تغيرات أخرى ناتجة عن نقل المكتب الرئيسي للاتحاد من تونس إلى مدينة غزة.
وفي الأراضي المحتلة، بعد حصول النساء على حق الاقتراع عام 1977 ونتيجة تأثير التعليم العالي، تجاوز الجيل التالى من النساء الناشطات إطار “إنعاش الأسرة“، وقام بتأسيس أول لجنة نسائية عام 1978 – من بين أربع لجان – وهي . عمل المرأة. وتكمن الدلالة التاريخية لهذه اللجان في أن تشكيلها اعترف باستبعاد المرأة من المواقع الأساسية لصنع القرار وافتقارها إلى المساواة داخل هياكل منظمة التحرير الفلسطينية. ثانيًا، تتحدث أهداف اللجان في حشد النساء عبر الانقسامات الطبقية عن وعى ناضج لأدوار القيادة والمشاركة داخل حركة قومية. ثالثًا، نشطت اللجان في تناول الشروط الخاصة التي مرت النساء بخبرتها في ظل الاحتلال في الأراضي المحتلة (مقارنة بأجندة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية).
وكانت كل لجنة تناظر حزبًا من الأحزاب الأربعة الرئيسية: لجنة عمل المرأة مناظرة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ولجنة اتحاد النساء الفلسطينيات العاملات (1980) تابعة للحزب الشيوعي، ولجنة المرأة الفلسطينية (1981) تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولجنة المرأة للعمل الاجتماعي (1982) مع فتح. ويشهد تطور اللجان الأربع على بلورة الانقسامات داخل الحركة. لقد اختلفت المواقف الأيديولوجية للجان، لكنها تمكنت بعد عام 1984 من تنسيق بعض الأنشطة بصورة غير رسمية (91) . وقد تتشابه فلسفة اللجان في ما يتعلق بتمكين المجتمع المحلي، وشن حملات للعمل النسوى حول قضايا المجتمع المحلى في الولايات المتحدة والمكسيك ومناطق أخرى في أمريكا اللاتينية. ولا يمكن فصل دراسة المشكلات النابعة من “الاجتماعي“، أو قضايا النوع الاجتماعي، عن احتياجات السكان الذين يأملون في التعبئة. إن جهود اللجان في مجالات الرعاية اليومية والتطريز – وغير ذلك من المشروعات المدرة للدخل، والخدمات الصحية، وبرامج محو الأمية – تندرج في مجالات الخدمات الأنثوية التقليدية التي كانت تقدمها المجموعات الخيرية في فترة مبكرة (92) ، وإن يكن بحساسية سياسية عالية تجاه قضايا الطبقة وتوسيع جذب النساء.
کما ظفرت لجان عمل اتحاد النساء الفلسطينيات بأعضاء أيضًا (700 مع حلول عام 1986) في غزة، حيث كان القمع الإسرائيلي أكثر قسوة حتى من الضفة الغربية (93) . ويمكن أن تُعزى إنجازات اللجان في حشد النساء إلى التغيرات التي حدثت داخل السكان أنفسهم، وأيضًا إلى التقاليد التاريخية الطويلة للنشاط القومي/ النسوى المنظم. فقد قام الاحتلال بتحويل قطاع ضخم من السكان الفلسطينيين بعد عام 1948 ومرة أخرى بعد 1967 في الأراضي المحتلة إلى صفوف البروليتاريا (وحدث ذلك داخل إسرائيل أيضًا). وعلاوة على ذلك، أدى النهوض الذي تلى ذلك لحزب الليكود إلى زيادة قمع الفلسطينيين، وهو ما أسفر عن زيادة الإحباط والنشاط وليس الاغتراب السلبي. وقد أسهمت كل هذه العوامل في تخفيف القيود على حركة المرأة، حيث حضرت النساء الاجتماعات أو تولين تنظيم نساء أخريات.
وفي الواقع، أدى الاحتلال أيضًا إلى مراجعة بعض الفلسطينيين لمواقفهم تجاه شرف المرأة، في ظل معرفة استخدام الإسرائيليين للإهانات الجنسية أو الاغتصاب في عمليات الاستجواب – وهو تحول كان مستحيلاً إن لم تقرر الضحايا بوعى وشجاعة وصف خبراتهن – وبالتالي تغير شعار “العرض قبل الأرض” إلى “الأرض قبل العرض“. وقد وصفت كتيبات منظمة العفو الدولية خصوصيات الإساءة إلى النساء في السجن (94) . فقد أدى عدم رؤية السجناء، والقبول الغربي للتعريفات الإسرائيلية للإرهاب، إلى إخفاء هذه الفظائع عن العالم. وكانت تدخلات المحامين بما في ذلك المحامون الإسرائيليون، والمراقبون والصحفيون الغربيون، والباحثون المعنيون – مفيدة في نقل المعلومات للخارج في ما يتعلق بقضيتي انتصار الحق وتيرى بولاتا (Terry Boullata) (95) .
وعندما كانت محطة سي.إن.إن (CNN) وغيرها من مصادر الإعلام المحلية تذيع وقائع الانتفاضة، بدا كما لو أن قطاعات من العالم الخارجي تدرك فجأة وحشية الاحتلال للمرة الأولى. لقد غيرت الانتفاضة التصورات حول أدوار النساء ونشاطهن، ونسجت أساطير شعبية حول شجاعة النساء اللاتي حاربن، وقمن برعاية الأسر، وإخفاء شباب الرجال، وعرقلة اعتقال الإسرائيليين للأولاد والرجال(96) . وفي أي فترة بعينها، كان جزء كبير من السكان الذكور محتجزًا أو مسجونًا، وكانت اللجان النسائية فعالة بوجه خاص في تقديم المساعدة لهم وحشد الناس خلال مختلف الأزمات. كما أوضحت ظروف الانتفاضة براعة النساء وفاعليتهن: كمعلمات بدلاً من المدارس المغلقة، وكعاملات، وكمعيلات للأسرة في غياب أو سجن الرجل، وكنساء وصلن إلى مواقع القيادة في الأحزاب السياسية.
وقد تضمنت الآثار السلبية للانتفاضة خضوع قضايا المرأة لأجندات الأحزاب السياسية. لقد تنامي الفقر، وخاصة في أعقاب حرب الخليج، كما زاد الاعتماد على بنية الأسرة. وانخفض متوسط سن زواج النساء(97) . وفي غضون ذلك، اكتسبت المنظمات الإسلامية قوة. وجرت مصادمات بين طلاب الجامعات الإسلاميين والطلاب الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما انتشرت المجموعات الدراسية الإسلامية(98) . وأعلن مؤيدو حماس أن الحركة القومية إذا لم تتمكن من الاستمرار، فإن “الإسلام هو الحل“. وأعربت الشابات الفلسطينيات الإسلاميات عن ازدرائهن تجاه “تغريب” أو “إضفاء طابع إسرائيلي” على سلوك النساء أو ملبسهن. ولهذا ارتدين الحجاب، حتى إذا ما اعترض أزواجهن. ووصف قادة حماس “الانتفاضة المجيدة” بكلمات براقة، لكنهم لم يعترفوا بمشاركة النساء النشطة في جوانبها المختلفة“(99) . وقد زادت التوترات بعد حرب الخليج، عندما أعلنت الصحف عن وجود شعارات على جدران غزة تطرح ما يلي: “حماس تعتبر غير المحجبات متعاونات بشكل ما مع العدو” (100) . کا ظهر استهداف للنساء اللاتي يرتدين الجينز أو الرداء الغربي، ولا يغطين شعورهن، حيث ألقى عليهن الشباب البيض والطماطم، وفي واقعة واحدة على الأقل ألقوا الحامض (101) . وجاء رد القيادة الموحدة للانتفاضة دفاعًا عن النساء غير المحجبات، لكنه جاء متأخرًا إلى حد ما، وكان رد فعل النساء أنفسهن مختلطًا.
وفى مرحلة ما بعد أوسلو، واجهت النساء في العملية الوطنية آثارًا مستمرة لهذه المعارك حول الحجاب بفضل الهدنة غير اليسيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس، حيث استمرت قوة حماس في غزة. كما ضعفت اللجان التقدمية عن طريق عرفات، ولهذا جاءت سيطرة فتح على الأحداث السياسية، وضعفت قوة وكفاءة اللجان النسائية.
ومن الناحية الأخرى، قاد الاهتمام الخارجي بوضع الفلسطينيين إلى تقديم الهيئات المانحة للدعم إلى المنظمات الفلسطينية غير الحكومية، وتشير “آمال كوار” إلى أن التمويل أتاح للنشطاء “الحصول على درجة من الاستقلال الذاتي” بعيدًا عن الإشراف الحزبي، كما تناول قضايا تمكين المرأة (102). وقد أدى إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية لهياكل وزارية إلى توفير طريق جديد للمشاركة النسوية، على الرغم من وجود عدد صغير فحسب من النساء في المجلس التشريعي الفلسطيني (5 من 88). أصبحت أم جهاد وزيرة للشئون الاجتماعية، وأصبحت فاطمة برناوي رئيسة القوات النسائية بالشرطة الفلسطينية. أما حنان عشراوي، وهي نسوية بالتأكيد، فقد اختارت عدم المشاركة في السلطة الوطنية الفلسطينية، لكنها ترأست اللجنة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن.
وهناك واقعة أخرى تتمثل في إنشاء برنامج دراسات المرأة بجامعة بير زيت (103) , إنشاء مراكز نسائية جديدة بما فيها : مركز نابلس لشئون المرأة (عام 1988)، ومركز القدس لدراسات المرأة (1989)، ومركز المرأة للاستشارات القانونية والاجتماعية (1991)، ولجنة دراسات المرأة في رام الله بمركز بيان للبحث والتطوير (1990)، واللجنة التقنية لشئون المرأة (تم تنظيمها في تونس عام 1992) (104) . وعلى الرغم من أن تحقيق نبرة خاصة بالتغير تجاه النوع الاجتماعي في فترة ما بعد أوسلو، كانت هناك مجموعة متنوعة من البنى الجديدة التي تتمتع بإمكانات لتشجيع تمكين الإناث.
إن تفجر انتفاضة الأقصى في خريف عام 2000 كان يعني زيادة الأعمال العدائية بين الجماهير الفلسطينية وقوات الأمن الإسرائيلية. وجاء انتخاب إريل شارون، وشعار “الأمن قبل السلم“، وتلاه أفعال للعنف من الجانبين أثرت بشكل سلبي على عملية مأسسة السلطة الوطنية الفلسطينية. كما تراجعت قضايا المرأة من حيث أهميتها، وظلت في المؤخرة طوال عام .2003
كان التحول من الانتفاضة الأولى إلى فترة ما بعد أوسلو يعني نقل السلطة من اللجان النسائية المرتكزة على القواعد الشعبية، ومن القيادة الموحدة للانتفاضة، إلى هياكل ” تشبه ” هياكل الدول“. ومنذ ذلك الحين، ظهر أن مستقبل النساء في الحركة الوطنية يقع “بين النقد والرؤية الجديدة“(105) – كما تطرح إلين كوتاب (Eileen Kuttab) – وسوف يرتكز على مدى نجاح النشطاء في تحديد الأولويات. وأقسم الإسلاميون على عرقلة إنشاء نظام قانونى مدني. وكانت النزعات الداخلية تتسم بالدلالة، كما هي الحال في مشكلة الهيمنة الذكورية على القيادة، لكنها تضعف مقارنة بالمشكلات التي تولدها الحكومة الإسرائيلية. وسوف يستمر العمل داخل الشعور بعدم الأمان الاقتصادي في الأراضي المحتلة واعتادها الدائم على فرص العمل داخل إسرائيل. وهناك شعور متعاظم أيضًا بعدم الأمن السيكولوجي، علاوة على التحرشات التي تعانى منها النساء والفتيات عند محاولتهن عبور الجدار والحواجز الأمنية.
هذه النظرة العامــة لحالة النزعة القومية والنزعــــة النسويـــــة تطرح صمود النساء الفلسطينيات في مواجهة تدمير مجتمعهن وإعادة تشكيله، وإثبات كفاءة على الرغم من – أو ربما سبب – قرب خصومهن وقوتهم. وقد أثار التسييس المبكر للمجموعات الخيرية خلافات بين الفلسطينيين حول فاعلية النساء، لكن قضايا النوع الاجتماعي لم تكن من البنود المتقدمة في الأجندة، وتبذل فقط المجموعات النسوية المستقلة في الفترة المعاصرة جهودًا عمدية ومستمرة لتذكير “الدولة” – وهي اليوم السلطة الوطنية الفلسطينية – بأن نضالات المرأة مهمة أيضًا.
هناك ثروة من المواد المتعلقة بالنساء، والنوع الاجتماعي، والقومية الجديدة – ولم يكن ممكنًا ببساطة إدراجها في هذا المقال نتيجة لصغر المساحة. وإن لم يكن بسبب هذه القيود، لكنت أدرجت هنا استعراضًا لمختلف الجهود التي بذلتها الدول لتمكين النساء سياسيًا واقتصاديًا ومن زاوية التعليم والتدريب. فمن المهم التفرقة بين وجهة نظر الدول في مثل هذه الجهود الرامية إلى تمكين النساء، ووجهة نظر النساء أو القواعد الشعبية أو منظور المنظمات غير الحكومية . ومع ذلك يمكن تحديد بعض النقاط القليلة بشكل سريع. أولاً وقبل كل شيء، تشهد دول عديدة توترات تتولد، نتيجة جهودها الرامية إلى “تطوير” القدرات والفرص أمام النساء، مع وجود سياسات متزامنة للسيطرة على المعارضة الإسلامية أو الدينية المحافظة لمثل هذه الإصلاحات. ثانيًا، يمكن الإطاحة بكثير من “الإنجازات“، وبالتالي فإن التحولات في وضع المرأة ليست أحادية الاتجاه.
-
إصدار قانون جديد في مصر، في يناير 2001، يتيح الطلاق بصورة أبسط على أساس الخلع (والذي بمقتضاه ترفع المرأة قضية، حيث تعيد الزوجة مهرها إلى الزوج لتحرر نفسها بالطلاق. وبموجب القانون الجديد، فإنها تعطيه أيضًا هدايا الزواج، لكنها لا تحتاج إلى توفير أسس قضائية للطلاق).
-
احتجاز حصة من المقاعد للنساء – تبلغ 30٪ – في برلمان المغرب، وما يليه من انتخاب النساء اللاتي يمثلن الآن 10٪ من ذلك البرلمان (أكبر نسبة مئوية في العالم العربي).
-
منحت قطر والبحرين حق المرأة في الاقتراع والترشيح للمناصب العامة.
-
حصلت النساء الإيرانيات على إصلاح لقانون الأسرة نص على إعطاء نفقة للزوجة المطلقة (وهو ما لم يكن مسموحًا به في التفسيرات الكلاسيكية للشريعة).
-
أوضحت الإحصاءات زيادة التحاق الإناث بالتعليم الابتدائي والثانوي وبمؤسسات التعليم المتوسط في أنحاء المنطقة كافة.
-
انخفاض ملحوظ في خصوبة النساء في بعض المناطق الحضرية في العالم العربي (مثل تونس)، على الرغم من استمرار وجود معدلات خصوبة شديدة الارتفاع في بعض المناطق الأخرى (مثل قطاع غزة والجزائر).
-
ترتكز عدید (آلاف) من المنظمات غير الحكومية في العالم العربي على تطوير تنمية مستدامة ومشروعات لإدرار الدخل للمرأة، أو على الإصلاح القانوني.
-
زيادة الأدلة على معارضة، أو على الأقل تساؤل، بعض السكان للعنف ضد المرأة. والإصلاحات القانونية لقوانين العقوبات التي تتيح تخفيف الأحكام على القتل بدعوى الشرف قد دخلت حيز النفاذ في لبنان، وفي طريقها إلى ذلك في تركيا.
-
تشريع الزواج العرفى في مصر في إطار قانون الخلع نفسه المشار إليه أعلاه؛ وتشريع رجال الدين السعوديين لزواج المسيار؛ ودعم الحكومة الإيرانية لزواج المتعة ( المؤقت ). ويبدو أن هذه الأشكال البديلة أو المؤقتة للزواج تفيد الرجال أكثر مما تفيد النساء.
-
ارتفاع تكلفة الزواج في مناطق الحضر عبر أنحاء المنطقة، وإعداد البرامج الوطنية لإدرار الدخل للنساء بحيث يستخدمنه للمساعدة في تلبية هذه التكاليف.
-
انخفاض تكلفة نفقات بعينها للزواج (مهر العروس) في مناطق قليلة مثل النجف، حيث توجد زيادة مصاحبة في تعدد الزوجات.
-
زيادة أعداد النساء المعيلات في المناطق الريفية بسبب هجرة رة الذكور.
-
زيادة أعداد النساء المهاجرات للعمل، وعلى سبيل المثال إلى إيطاليا وفرنسا أو إسبانيا، أو اللاتي هاجرن للزواج (107)
-
إلقاء القبض على 47 أمرأة في “مظاهرة قيادة سيارات” في العربية السعودية عام 1990، وبعدها صدور فتوى ضد قيادة المرأة للسيارة (قيادة السيارات كانت “غير قانونية” ولم يصدر أي حكم رسمى ضدهن حتى ذلك الوقت).
-
عجز النساء القطريات عن النجاح في أول انتخابات خضنها.
-
وجود إحصاءات توضح أن ممارسة ختان الإناث تضم عددًا ضخمًا من النساء في مصر وحدها، ووفاة عديد من الفتيات الصغيرات – مثل منى عبد الحفيظ التي تبلغ من العمر 11 عامًا – نتيجة لمضاعفات الختان، على الرغم من إصدار الدولة لحكم عام 1996 يؤكد عدم قانونية إجراء العملية في المكاتب الطبية.
-
ضرب النساء في الطريق العام وإصدار حكم ضد النساء اللاتى تظاهرن في السودان بسبب مخالفات تخص قانون الملبس، بينما كن يعارضن الدولة.
-
إطلاق النار في الشارع على النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب في الجزائر .
-
شن حملة معارضة مـن أجل إصدار قانون مدنى للأحوال الشخصية في لبنان (108) .
-
وجود قوانين في الدول العربية تمنح المواطنة على أساس جنسية الأب – وليس الأم.
-
هجوم الإسلاميين على النسويات البارزات، وعلى سبيل المثال: توجان الفيصل في الأردن، ونوال السعداوي في مصر.
-
هزيمة الاقتراع النسائي المقترح في الكويت بعد حملة شنها الأمير.
-
هزيمة الإصلاح المقترح لقانون العقوبات الأردني، والذي يتناول الأحكام المخففة ضد من يقترفون جرائم القتل بدعوى الشرف.
-
الاغتصابات، وعمليات الاختطاف، والدعارة الإجبارية للنساء والفتيات بعد الحرب في العراق.
لقد أدرجت هذه القائمة السابقة لتأكيد الدور الذي يمكن أن تلعبه الدولة في تغيير وضع المرأة. فكثير من التغيرات المشار إليها أعلاه قد حدثت خلال تحالفات بين الدول القومية والنسويات. وهناك نجاحات أخرى – مثل تعاظم كيان تاريخ المرأة – وهو لا يمكن أن يُعزى إلى الحكومات، كما لا يمكن أن يُعزى إلى مبادرات المنظمات غير الحكومية. وهناك جوانب أخرى عديدة لهذا الموضوع لم نتناولها هنا، لكن الدولة الحديثة تلعب بالتأكيد دورًا مهمًا في تغيير حياة النساء، وهذا الدور لا يشكل دائمًا قوة التحديث والتقدم التي يمكن أن نتوقعها.
شهرت العالم : مترجمة .
(*) مـن كـتـاب :
The Middle East: Politics, History, and National Institute of Middle Eastern, Islamic, and Diasporic Studies. 2003.
(1) انظر/ي :
Lila Abu-Lughodm ed. Remaking Women: Feminism and Modernity in the Middle East (Princeton: University Press, 1998); Margot Badran and Miriam Cooke, eds. Opening the Gates: A Century of Arab Feminist Writing (Bloomingtio: Indiana University Press, 1990).
(2) أنظر/ي:
Lila Ahmed. Women and Vender in Islam (New Haven: Yale University Press, 1991).
(3) أنظر/ي:
Juan Ricardo Cole, “Feminism, Class, and Islam in Turn-of-the-Century Egypt.” International Journal of Middle East studies. Vol. 13 (November, 1981).
(4) أنظر/ي:
Deniz Kandiyoti. ed. Women, the State and Islam (Philadelphia: Temple University Press, 1991); Margot badran. Feminists, Islan and Nation (Princeton University, 1995) Kumari Jayawardena. Feminism and Nationalism in the Third World (London: Zed, 1986).
(5) أنظر/ي:
Yasim Arat, :Women in Turkish Politics: The islamist Alternative, “in Sherifa Zuhur, ed. Women and Gender in the Middle East and the Islamic World Today (Berkeley: University of California Press and UCIAS, 2003-4).
(6) في ربيع 1999 ، بدأت منظمة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها ، وهي منظمة الأغلبية النسائية ، في حملة ضد ممارسة طالبان ” الأبار تايد (الفصل) بين الجنسين” ، ودعت الرأى العام إلى منع الولايات المتحدة والأمم المتحدة من الأعتراف الرسمي بطالبان.
(7) أنظر/ي:
Larry Goodson, Afghanistan’s Endless War (Seattle: University of Washington Press, 2001) Chapter Four, Larry Goodson, “Women and Talibanization in Afghanistan. Paper presented to the Middle East Studies Association, Orlando, Florida November 18,2000.
(8) هنا، قمت بإعادة ترتيب فئات النزعة الأبوية المقترحة للملكة المتحدة (لكنها مناسبة لحالات غربية أخرى) بهدف توصيف المنطقة على نحو أفضل. وهذه تجري مناقشتها في:
Sylvia Walby, “The Declining Significance, or the “Changing Forms of Patriarch.” In Valentine Moghadam, ed. Patriarchy and Economic Development: Women’s Positions at the End of the Twentieth Century (Oxford: Clarendon, 1996) pp.19-33.
(9) أنظر/ي:
Afsaneh najmabadi, the Hazards of modernity and Morality: women , state and ideology in contemporary Iran , in Deniz Kandiyoti, ed. Women, Islam, and the state (Philadelphia: Temple University, 1991); Margot Badran, “Dual Liveration: Feminism and Nationalism in Egypt, 1870,s-1925,” Feminism and Nationalism,” in images of Women: The Portrayal of Women in Photography of the Middle East 1860-1950 (New York: Columbia Universtiy Press, 1988); Lila Abu-Lughod, ed. Remaking Women: Feminism and Modernity in the Middle East.
(10) تتعلق بالحالات المدروسة في هذا المقال:
Julie Peteet, Women and the Palestinian Resistance (New York: Columbia University Press, 1992) and Biancamaria Scarcia Amoretti, “Women in the Western Sahara,”in Richard Lawless and Laila Monahan eds. War and Refugees: The Western Sahara Conflict (London: Pinter, 1987)
(11) أنظر/ي: شريفة زهور “قراءات في قضية المرأة” ، قراءات سياسية ، المجلد 2 ، العدد 10 (1993)، ص 41-27.
(12) أنظر/ي:
Kumari Jayawardena, Feminism and Nationalism in the Third World; Janet Chafetz and Anthony Dworkin. Female Revolt: Women’s Movements in World and Historical Perspective (Totowa, New Jersey: Rowman & Allenheld, 1986); Rosemary Ridd and Helen Callaway, Women & Political Conflict (New York: New York University Press, 1987); Sheila Rowbotham, Women, Resistance, and Revolution (New York: Pantheon, 1972).
(13) على الأقل بالطريقة التي تقترحها شاندرا موهانتي في:
Chandra Mohanty, ed. Third World Women and Feminism (Bloomington: Indiana University Press, 1991).
(14) أنظر/ي:
Amrita Basu, ed. The Challenge of Loval Feminisms: Women’s Movements in Global Perspective (Boulder: Westview, 1995).
(15) يشير كثير من معارضي تعدد الزوجات إلى أن الأيات الخاصة بذلك في القرأن الكريم تنص على شروط معينة:”ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ” (الإية 129 من سورة النساء ) ، ” فأن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ” (الآية 3من سورة النساء).
(16) أنظر/ي:
Evelyn Early, “Bahithat al-Badiyya: Cairo Viewed from the Fayyum Oasis,” Journal of Near Eastern Studies,40 (1981) pp. 339-341;
ملك حفنى ناصف، ” الحخجاب أم السفور؟: النسائيات (القاهرة، مطبعة التقدم ، 1910 ، وأعيد طبعه في القاهرة عام 1998 عن طريق منتدى المرأة والذاكرة)
(17) أنظر/ي:
Margot Badran, Feminists, Islam, and Nation: Gender and the Making of Modern Egypt (Princeton: Princeton University Press, 1995) p. 129.
(18) المرجع السابق ص44
(19) المرجع السابق، ص166
(20) أنظر/ي:
Hoda Sha,arawi, Harem Years: Memoirs of an Egyptian Feminist, trans. And edited by Margot Badran (New York: Feminist Press, 1086).
(21) أنظر/ي:
Thomas Philipp, “Feminism and Nationalist Policies in Egypt,” in Lois Beck and Nikki Keddie, eds. Women in the muslim World (Cambridge: Harvard University Press, 1978)
(22) أنظر/ي:
Badran, Feminism pp. 113, 117; also Afaf Lutfi al-Sayyid Marsot, “The Revolutionary Gentlewomen in Egypt, In Lois Beck and Nikki Keddie, eds. Women in the muslim World (Cambridge: Harvard University Press, 1978).
(23) أنظر/ي: Badran, p. 195
(24) أنظر/ي:
Halide Edip Adivar. Memoirs of halide Edip (New York, 1972); Halide Edip, The Turkish Ordeal; Being the further Memopirs of Halide Edip (Ne York and London, 1928); and Halide Edip Adivar, Senekle bakkal (1935-1936).
(25) أنظر/ي:
Deniz Kandiyotti. “Some Awkward Questions on Women and Modernity in Turkey, ” in Lila Abu Lughod, ed. Remaking Women: Feminism and Modernity in the Middle East (Princeton: Princeton Univerity Pres 1998) p. 274.
(26) أنظر/ي:
Valentine Moghadam, “Development Strategies, State Policies and the Status of Women: A Comparative Assessment of Iran, Turkey, and Tunisia,” in Valentine Moghadam, ed. Patriarchy and Development, pp. 250-255.
(27) أنظر/ي:
Yesim Arat, ” Gender and Citizenship in Turkey,” in Suad Joseph, ed. Gender and Citizenship in the Middle East (Syracuse University Press, 2000) especially pp. 280-281.
(28) أنظر/ي:
Hafidha Chekir, Elham Mersouki, and Khadija Cherif, “The Feminist Movement in Tunisia” in Nadia Abdel Wahhab al-Afifi and Amal Abdel Hadi, eds. The Feminist Movement in the Arab World: Intervention and Studies from Four Countries (Cairo: New Woman Research and Study Center, 1996) pp. 83-134.
(29) اتصال شخصي مع لاري ميشالاك (Larry Michalak) ، وهي عالمة أنثروبولوجيه ومتخصصه في تونس.
(30) أنظر/ي: Moghadam, “Development Strategies:” pp. 255-258
(31) أنظر/ي:
Sherifa Zuhur, Criminal Law and Sexuality in the Middle East, North Africa, and the Islamic World (Istanbul: New Ways/Women for Women’s Human Rights, forthcoming, 2005); Comments and Interventions by Ahlem Belhadj, Association Tunisienne des Femmes Democrates, (ATFD) at the Conference “Deconstructing Masculinity and Femininity in the Middle East and the Maghreb” held in Beiryt, November 22-23, 2002; Bochra Belhaj Hmida of the ATFD and Khedija Arfauoi, Association of Tunisian Women for Research about Delvelopment at the Workshop “Sexual and Bodily Rights as Human Rights in the Middle East and North Africa,”St. Andrew.s Malta, May 30-June 1, 2003.
(32) أنظر/ي:
Oriana Fallacci, Interview with History (Boston: Houghton Mifflin, 1967) p. 272.
(33) أنظر/ي:
Nikki Keddi, Roots of Revolution: An Interpretive History of Modern Iran (New Haven: Yale University Press, 1981) pp. 179-180.
(34) أنظر/ي:
Akram Khater and Synthia Nelson, ” Al-Haraka al-Nisaiya: The Women’s Movement and Political Participation in modern Egypt.” Women’s Studies International Forum Vol.11.,No.5 (1988) pp.465-483.
(35) أنظر/ي:
Cynthia Nelson, Doria Shafic: Egyptian Feminist – A Woman Apart. ( Cairo: American University Press, 1996)
(36) أنظر/ي:
Nadje Al-Ali, Secularism, Gender and the state in the Middle East: The Egyptian Women’s Movement (Vambridge University Press, 2000).
(37) أنظر/ي:
Sondra Hale, “Sudanese Women and Revolutionary Parties: The Wing of the Patriarch, “Middle East Report (January/February 1986).
(38) على سبيل المثال:
Yolla Polity Sharara, “Women and Politics in Lebanon, : in Miranda Davies, ed. Third World : Second Sex (London: Zed Books, 1987) p.24; or in Layla and the Wolves, (a film) dir. Heiny Srour (1984).
(39) جوزيف مسعد ، ورقة غير منشورة مقدمة إلى:
Middle East Studies Association Meetings, October 29-31. Portland, Oregon 1992.
(40) أنظر/ي:
Institute for Women’s Studies in the Arab World, Lebanese American University, Female Labor in Lebanon (Beirut: 1998).
(41) أنظر/ي:
Mona Khalaf, “Womens Employment in Lebanon and its Impact on their Status.”presented to the Conference, “Women and Gender in the Middle East: A Multidisciplinary Assessment of Theory and Research.” Bellagio, Como. Italy, August 28, 2001.
(42) أنظر/ي:
Jean Said Makdisi, Beirut Fragments: A War Memoir (New York: Persea Books, 1990 p. 201.
(43) أنظر/ي:
Sharara, “Women and Politics,” p. 27; or as in Etal Adnan, Sitt Marie Rose (Sausalito: Apollo Press, 1982) Also see Miriam Cooke, Wars Other Voices: Women Writers on the Lebanese Civil War (Cambridge: Cambridge University Press, 1988).
(44) أنظر/ي:
Julie Peteet, Women and the Palestinian Resistance (New York: Columbia University Press, 1992) Also see Rita Giacaman and Muna Odeh, “Palestinian Women’s Movement in the Israeli-Occupied West Bank and Gaza Strip” In Nahid Toubia. Ed. Women of the Arab World (London: Sed Press, 1988).
(45) أنظر/ي:
Marie-Aimee Helie-Lucas, “Women, Nationalism and Religion in the Algerian Liberation Struggle, “in Margot Badran and Mirian Cooke, eds. Opening the Gates: A Century of Aran Feminist Writing.
(46) لا يشكل ذلك ببساطة تطورات في “إمبريالية العالم الثالث” أي أن إمبريالية العالم الثالث لا تزال مرتبطة بالسياق العالمي.
(47) أنظر/ي:
Virginia Thopson and Richard Adloff, The Western Saharans: Background to Conflict (London: Croom Helm, 1980); Tony Hodges, Western Sahara: The Roots of a Desret War (Westport, Connecticut, Lawrence Hill, 1983).
(48) أنظر/ي:
James Firebrace, The Saharawi Refugees: Lessons and Prospects, in Richard Lawless and Laila Monahan, eds. War and Refugees: The Western Sahara Conflict (London: Pinter, 1987) pp.181-182.
(49) أنظر/ي:
Biancamaria Scarcia Amoretti, “Women in the Western Sahara” in Lawless and Laila Monahan, eds.War and Refugees.
(50) غالباً ما تتم الإشارة إلى المثال الجزائري ، ويتضح بقوة استخدام النساء في النزاع في:
The Battle of Algeria, (a film) dir. Gilles Pontecorvo, or see Helie Lucas, “Women. Nationalism, and Religion in the Algerian Liberation Struggle, “pp. 104-114.
(51) أنظر/ي:
Sherifa Zuhur, Revealing Reviling: Islamist Gender Ideology in Contemporary Egypt (Albany: State University of New York Press, 1992).
هناك كتابات مطولة باللغة الإنجليزية حول الأهداف العامة للأسلمة، أنظر/ي:
Emmanuel Sivan, Radical Isalm: Medieval Theology and Modern Politics (New Haven: Yale University, 1985); John Esposito, The Islamic Threat (Oxford University Press, 1992); and the relevant Chapters (John Volls and Ezzedine Sachedinas) in Martin Marty and R. Scott Appleby, eds. Fundamentalisms Observed (Chicago: University of Chicago Press, 1991).
(52) أنظر/ي:
Victoria de Grazia, “Nationalizing Women: The Competition Between Fascist and Commercial Cultural Models in Mussolinins Italy. “Unpublished paper presented to the Kenan Sahin lecture series, Massachusetts Institute of Technology, February 1992; and Victoria de Grazia, How Fascism Ruled Women Italy 1922-1945 (Berkeley: University of California Press, reprint edition, 1993).
(53) طارق البشري “الحركات السياسية في مصر، 1945-192 ، (القاهرة: الحياة المصرية، 1972) وانظري كذلك:
Afaf Lutfi al-Sayyid Marsot, A Short History of Modern Egypt (Cambridge: Cambridge University Press, 1985)
(54) أنظر/ي:
Sherifa Zuhur, “Tajdid (Renewal). Ikhlas (Cultural Loyality) and Egyptian Women.” Unpublished paper presented at the Western Association of Women Historians, San Marino, California, June 1990.
(55) أنظر/ي:
Miriam Cooke, “Women’s Jihad Before and After 9/11,” in Sherifa Zuhur, ed. Women and Gender in the Middle East and the Islamic World Today (Berkeley: UC press/UCIAS, 2003) and in process for print publication with University Press of Florida>
(56) أنظر/ي:
Souad Dajani, “Palestinian Women under Israeli Occupation,” in Judith Tucker, ed. Arab Women: Old Boundaries, New Frontiers (Bloomington: Indiana University Press, 1993).
(57) أنظر/ي:
Elise Young, Keepers of the History: Women and the Israeli-Palestinian Conflict. (New York and London: Teachers College Press, 1992) throughout, But especially p. 200.
(58) أنظر/ي:
Sherna Gluck, “Advocacy Oral History: Palestinian Women in Resistance,”in Sherna Gluck and Daphne Patai, eds. Women’s Words: The Feminist Practice of Oral History (New York: Routledgy, 1991) p. 206.
(59) أنظر/ي:
Avtar Brah, “Questions of Difference and International Feminism>” In J. Aaron and S. Walby eds. Out of the margins (London: Falmer, 1992) pp.168-176.
(60) أنظر/ي:
Judith Tucker, “Ties that Bound: Women and Family in Eighteenth and Nineteenth-Century Nablus, ” in Beth Baron and Kikki Keddi, eds. Women in Middle Eastern History (New Haven: Yale University Press, 1991).
(61) كما نجد، على سبيل المثال، في:
Rashid Khalidi, “Palestinian Identity: The Construction of Modern National Consciousness (New York: Columbia University Press, 1997)
وأنا شديدة الإعجاب بهذا الكتاب ، على الرغم من أنه لا يتضمن أي إشارة إلى النوعالإجتماعي كمكون للهوية.
(62) انظر/ي:
Helma Granqvist, Marriage Conditions in a Palestinian Village (Helsingfors, 1931); Tovia Ashkenaz, Tribus Semi-nomads de la Palestine du Nord (Paris: Librairie Orientaliste de Paul Geuthner, 1938).
(63) انظر/ي:
Afaf Lutfi al-Sayyid Marsot, “The Revolutionary Gentlewomen in Egypt, in Lois Beck and Nikki Keddie, eds. Women in The Muslim World (Cambridge: Harvard University Press, 1978).
(64) انظر/ي:
Leila Jammal, Contributions by Palestinian Women to The National Struggle For Liberation (Washington DC: Middle East Public Relations, 1985); and cited in Amal Kawar, Daughters of Palestine: Leading Women of the Palestinian National Movement (Albany: State University of New York Press, 1996) p.3.
(65) انظر/ي:
Matiel E. T. Mogannam, The Arab Woman and the Palestine Problem (Westport, Connecticut: Hyperion Press, 1937) pp. 61-61.
(66) انظر/ي: Mogannam, The Arab Woman, p. 55
(67) انظر/ي:
Islah Abdul Jawwad, “The Evolution of the Political Role of the Palestinian Women’s Movement in the Uprising, in Michael Hudson, ed. The Palestinians (Georgetown: Center for Contemporary Arab Studies, 1990) p. 63; Mogannam, The Arab Woman, pp. 68-77; Mona Rishmawi, “The Legal Status of Palestinian Women in Occupied Territories,” in Nahid Toubia, ed. Women of the Arab Word, p.82.
وقد وضعت قائمة تضم ثلاثة آلاف امرأة، وربما تشير إلى العضوية وليس عدد المندوبين.
(68) انظر/ي:
Kitty Warnock, Land Before Honour: Palestinian Women in the Occupied Territories (New York: Monthly Review Press, 1990) p. 159.
(69) انظر/ي: Mogannam, The Arab Woman, pp. 52-55
(70) المرجع السابق، صـ -55-54
(71) المرجع السابق، صـ -99-96
(72) المرجع السابق، صـ -231-226
(73) كانت مجموعة القسام نشطة في منطقة حيفا. انظر/ي:
“Palestinian Women in the 1936-1939 Revolt: Implications for the Intifada. ” Paper presented at the University of Massachusetts, Amherst, December 2, 1989.
(74) أنظر/ي:
Ellen Fleischman, Jerusalem Women’s Organization During the British Mandate 1920s-1930 (Jersalem: Passia, 1995) p. 28.
(75) أنظر/ي:
Leila Jammal, Contributions by Palestinian Women, p. 18; Rosemary Syigh, in the Introduction to Orayb Najjar with Kitty Warnock, Portraits of Palestinian Women (Salt Lake City: University of Utah Press, 1992).
(76) مقابلة مع السيدة هاجر مقتبسة في: Warnock, Land Before Honor, pp. 159-160
(77) أنظر/ي:
Laurie Brand, Palestinians in the Arab World: Institution Building and the Search of State (New York: Columbia University Press, 1988) p. 9.
(78) أنظر/ي:
United Nations: Reportof the Economic Survey Mission for the Middle East (New York: 1949) p. 22; UNRWA:A Brief History 1950-1982, pp. 2-6;
الفلسطينيون في الوطن العربي (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، 1978) صـ 89-95
(79) أنظر/ي:
Rita Giacaman and Muna Odeh, “Palestinian Women’s Movement in the Israeli-Occupied West Bank and Gaza Strip” in Amrita Basu, ed. The Challenge of Local Feminisms: Women’s Movements in Global Perspective.
(80) أنظر/ي:
Islah Jad, “Claiming Feminism, Claiming Nationalism: Women’s Activism in the Occupied Territories,” in Amrita Basu, ed. The Challenge of Local Feminisms: Women’s Movements in Global Perspective.
(81) كما ورد في سرد أم إبراهيم سوابكة، التي وصفت قسوة بعض الفلسطينيين الذين استعادوا أرضهم مقارنة بأولئك الذين تم إجبارهم على العمل كعمالة يومية، وعدم حساسية بعض النساء المتعلمات مع الفقيرات ممن تتصل بهن خلال اللجان. أنظر/ي:
Oreyb Najjar with Kitty Warnock, Portraits of Palestinian Women, pp. 29-34.
(82) أنظر/ي:
Didar Fawzy, “Palestinian Women in Palestine, ” in Monique Gadant, ed. Women of the Mediterranean. (London: Zed Books, 1986) pp. 77-81.
(83) أنظر/ي: Najjar, Portraits, pp. 35-51
(84) أنظر/ي:
Leila Khaled, My People Shall Live: The Autobiography of a Revolutionary (London: Hodder and Stoughton, 1973); Amal Kawar, Daughters of Palestine: Leading Women of the Palestinian National Movement pp. 24-25.
(85) تشير بيتيت (Peteet) إلى التركيز على الاتصال بالنساء غير المتزوجات وحشدهن، وأنه على الرغم من أن النساء المتزوجات لعبن أيضا أدوارا مهمة في مجال الدعم، فقد كانت الكوادر النسائية، وأيضا الذكورية، تعتبرهن غير متفرغات، وذلك لمسئولياتهن الأسرية. أنظر/ي:
Jule Peteet, Gender in Crisis: Women and the Palestinian Resistance (New York: Columbia University Press, 1992).
(86) أنظر/ي:
Brand, Palestinians in the Arab World: Institution Building and the Search of State.
(87) المرجع السابق، ص 94-98
(88) المرجع السابق، ص 133-134:
(89) أنظر/ي:
Rosemary Sayigh, “Palestinian Women and Politics in Lebanon,” in Judith Tucker, ed. Arab Women: Old Boundaries, New Frontiers (Bloomington: Indiana University Press, 1993).
(90) كانت المسودة الثالثة لهذه الوثيقة عبارة عن مراجعة قامت بها مجموعات نسائية من الضفة الغربية لوثيقة صادرة عن تونس/ منظمة التحرير الفلسطينية. أنظر/ي:
Suha Sabbagh, ed. Arab Women Between Defiance and Restraint (New York: Olive Branch, 1996) Appendix A.
(91) كما وردت الإشارة في:
Shena Gluck, “Advocacy Oral History: Palestinian Women in Resistance, ” pp. 209. 213; and Joost Hiltermann, Behind the Intifada: Labor and Women’s Movements in the Occupied Territories (Princeton: Princeton University, 1991) pp. 133-136.
(92) أنظر/ي: Jad, “Claiming Feminism,” p. 233
(93) أنظر/ي: Hiltermann, Behind the Intifada, p. 137
(94) أنظر/ي:
Theresa Thornhill, making Women Talk: The Interrogation of Palestinian Women Detainess by the Israeli General Security Services (London: Lawyers for Palestinian Human Rights, 1992).
(95) حتى في ظل وجود موقف نقدي متعمد تجاه الإسلام، كما في:
Jan Goodwin, Price of Honor, Muslim Women Lift the Veil of Silence on the Islamic World (New York: Plume, 1995) pp. 294-298.
(96) أنظر/ي:
Sharif Kananna, “Women in the Legends of the Intifadhah.” In Suha Sabbagh, ed. Palestinian Women of Gaza and the West Bank (Bloomington & Indianapolis” Indiana University Press, 1998).
(97) أنظر/ي:
Islah Jad, “The Feminist Movement in Palestine (A New Approacj),” in Nadia Abdel Wahhab and Amal Abdel Hadi, eds. The Feminist Movement in the Arab World: Intervention and Studies (Cairo” The New Woman, 1996) pp. 157-158; Islah Jad, Patterns of Relations within the Palestinian Family within the Intifadah. In Suha Sabbagh, ed. Palestinian Women of Gaza and the West Bank, pp. 58-61.
(98) أنظر/ي:
Dianne Baxter, “A Palestinian Women’s Islamic Group on the West Bank,”” Paper Presented to the 23rd Middle East Stuies Association meetings, Toronto, Canada. 1989; Ziad Abu-Amr,Islamic Fundamentalism in the West Bank and Gaza (Bloomingtion’ Indiana University Press, 1994).
(99) ليس بناء على: Baxter, “A Palestinian Women’s Islamic Group”
(100) أنظر/ي:
Jean-Francois Legrain citing the Independent, 5 June 1991 in AA Defining Moment : Palestinian Isla,ic Fundamentalism” in Piscatori, ed. Islamic Fundamentalisms, p. 8.
ونظراً لأنها إشارته الوحيدة للبُعد الخاص بالنوع الإجتماعي، علينا إذن زيادة البحث.
(101) أنظر/ي:
Rema Hammami, “Women the Hijab and the Intifadhah, ” Middle East Report, 20. May-August, 1990; Amal Dawar. Daughters of Palestine, pp. 114-118.
(102) أنظر/ي:
Amal Kawar, Palestinian Women’s Rights After Oslo, in Sabbagh, ed. Palestinian Women of Gaza and the Bank, p. 234.
(103) أنظر/ي:
Eileen kuttab, The Women’s Studies Program in Palestine; Between Criticism and New vision. A paper presented to the Arab Regional Gender/Women’s Workshop. Cairo AUC, May 1-3 1997; and Kuttab “Women’s Studies Program in Palestine: Between Criticism an New Vision”, Cairo Papers in Social Science, 20, No. 3, (Fall 1997)
(104) أنظر/ي: Jad, “The Feminist Movement in Palestine”
(105) أنظر/ي: Kuttab, “The Women’s Studies Program”
(106) هذه الورقة المتوازنة معدلة من مخطوطة كتاب حول التحولات في حياة نساء الشرق الأوسط:
Sherifa Zuhur, Empowering Women in the Arab World.
(107) أنظر/ي:
Jennifer Olmsted ” Gendered Palestinian Migration in a Glovalizing Economy,” in S. Zuhur, ed. Women and Gender in the Middle East and the Islamic World Today (Berkeley: University of California Press and UCIAS, 2003
وقد يجري إدخالها إلى الصيغة التي تُطبع حالياً بجامعة فلوريدا.
(108) أنظر/ي:
Nadia El Cheikh, “The 1998 Proposed Civil Marriage Law in Lebanon: The Reaction of the Muslim Communities, ” in Yearbook of Islamic and Middle Eastern Law, Vole. 5 (1998-9) pp. 147-161; Sherifa Zuhur, “Empowering Women or Dislodging Sectarianism? Civil Marriage in Lebanon, ” Yale Journal of Law and Feminism. Vole.14, No. 1 (Summer, 2002) pp. 177-208; Ghada Khouri, “Caught in the Middle: Women in Lebanon.” Women’s International Net. Issue 13A (September 1998).