النساء ومهنة الطب في المجتمعات الإسلامية

طباعة: Promotion Team

رقم الايداع:

99/11712

الترقيم الدولي:

977-5895-04-9

رقم العدد:

1

رقم الطبعة:

الطبعة الثانية

تاريخ النشر:

2004

النسـاء ومهنـة الطـب

في المجتمعات الإسلاميـة

(ق7 م – ق ۱۷م)

لماذا هذا البحث؟

قد يقول قائل في تعليقه على فكرة هذه الورقة حـول طبيبـات الإسلام: “هذا غير وارد، أنتن تكتبن عن شئ غـير موجـود تـردن إيجاده“. وهذه العبارة القاطعة تلخص فعلاً المشكلة قديمًا وحديثـًا، فتعكس الإحباط الذي يواجه الباحثة في الوقت الراهن عند التنقيب عـن مادة تاريخية وافية حول المسلمات في العصور الأولى والوسطى، كما تعبر عن الانطباع الحديث الذي نتج عن ندرة هذه المـادة التاريخيـة وهو أن الأحداث أو الأنشطة إن لم تكن موجـودة ساطعة ومؤكـدة ومتواترة في سجلات التاريخ الرسمى فهي إذا غير هامة وغير جديرة بالدراسة ولم تستحق التدوين أصلاً. هذه نقطة؛ والنقطة الأخرى: تلـك المسألة بالتحديد تمثل التحدي الأكبر للمجتهدات في التاريخ الإسـلامي (وللمدرسة التاريخية النسوية بصفة عامة)، المهتمات بدراسـة مكانـة المرأة في المجتمعات الإسلامية وتحليل التصورات الثقافية والخطابـات حول دورها في الحياة. ونحن نرى أن هذه العملية ضروريـة حـتـى يتسنى لنا تتبع التغيرات التي تطرأ على النظرة إلى النسـاء وعملـهن واشتراكهن في مجالات الحياة المتنوعة، والمقارنة بالنموذج المرجعـي لتعاليم الإسلام. وفي النهاية قد نكون فعلاً نريد إيجاد شئ غير موجود وهو تفعيل الوعي التاريخي لدى النساء خاصة، لتعزيز الشعور بأنـهن قد شاركن في صنع الماضي بكل سعة ممكنة وعلى مستويات متعـددة. إن إضافة هذا البعد التاريخي والثقافي لدراسة موضوع النسـاء فـي الإسلام (إلى جانب الدراسات النظرية عن تعاليم القرآن والسنة النبويـة فيما يخص المرأة المسلمة) من شأنه أن يلفت النظر إلى معنى تطـور التشكيل الاجتماعي والثقافي لأدوار النساء والرجـال عـبر الحقـب الزمنية المختلفة، وإلى فعاليات موازين القوة في الواقع وفـى تدويـن التاريخ واستدعائه.

هل كان هناك طبيبات احترفن المهنة بالفعل فـي التـاريخ الإسلامي؟ وماذا تعنى الإجابة لنا الآن كنساء؟ والشـق الثـانـي مـن السؤال: هل برزت طبيبات بعينهن وهل تركن آثارًا نعرفـها؟ ومـرة أخرى ماذا تعنى الإجابة على هذا السؤال لنساء المجتمعات الإسلامية الآن؟ تحاول هنا تحقيق هدفين شاملین: أولاً، إعـادة تكويـن صـورة النساء المشتغلات بفروع الطب المختلفة لإبراز الموضـوع وتأطيره وإعطائه مركزية لم ينلها؛ ثانيًا، وضع هذه الصورة التاريخية في إطار تحلیلی جديد لا يأخذ بالفرضية الاستشراقية القائلة بأن المرأة المسلمة لابد وأن تكون مقهورة في كل زمان ومكان بحكم المرجعية الدينيـة القاهرة، ولا يسلم بأن العراقيل لم توضع في طريقها وأن الخطابات لـم تنشأ لتبرير الاستهانة بها وتحجيم دورها في الحياة. وقبل الحديث عـن النساء ودورهن نود أن نعطى القارئ نبذة سريعة عن الطب الإسلامي بوجه عام مع عرض لأهم مصادر البحث.

 

اعتمدنا في إعداد هذا البحث على عدد من المصادر والمراجـع والدوريات العربية والأجنبية، وسوف نقصر حديثنا على عرض لأهـم المصادر الأساسية والمراجع. وتأتي في المقدمة كتب الطبقات وأقدم ما بين أيدينا منها كتاب الطبقات الكبـيرة لابـن سـعد (المتوفـى سـنة ۲۳۰هـ/815م)، والذي عالج فيه الأرستقراطية العربية وقسمهم إلـى مجموعات تبعًا لطبقة كل فرد منهم في الدولة الاسلامية سواء كان مـن الصحابة أو التابعين. وترجع أهمية هذا العمل بالنسبة لبحثنـا الـى أن ابن سعد أفرد جزءًا كاملاً خصصه لمشاهير النساء ممن كن مقربـات من الرسول والخلفاء الراشدين. وقد استطعنا أن نستخلص عـددًا لا بأس به من النساء اللاتي شاركن في مجال الطب مـن هـذا الجـزء الخاص بالنساء، غير أن ذلك لم يكن بالأمر اليسير حيث إن المعلومات التي تناولت النساء والعمل الطبي جاءت متناثرة متفرقة عبر صفحـات هذا الجزء من كتاب ابن سعد، هذا فضلاً عن أن العمل توقـف عنـد بداية القرن الثالث الهجري/ الثامن الميلادي حينما توفى المؤلف، ولـذا كان علينا البحث عن مصادر أخرى لسد النقص في الفترات الزمنيـة اللاحقة.

وإلـى جـانـب كـتـاب ابـن سعد هناك كتب طبقات أخـرى أفادتنا إفادة كبيرة في بحثنا هذا، مثل كتاب أسد الغابـة فـي معرفة الصحابة لابن الأثير (المتوفـى سـنة 630هـ / ۱۲۳۲م) وكتـاب الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني (المتوفي سنة ٨٥٢هـ/١٤٤٨م) وقد سار هذان العملان على نفس نهج كتاب ابـن سعد حيث أفرد كل واحد منهما جزءًا خاصًا من العمل لمشاهير النساء من الصحابيات والتابعيات. ولابن حجر عمل آخر وهو كتاب الـدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ويعتبر هذا الكتاب مـن أشـهـر كـتـب التراجم التي ظهرت في القرن التاسع الهجري/الرابع عشر الميلادي. وكتب التراجم بوجه عام تتناول شخصيات متنوعة من ملوك وسلاطين ووزراء وكتاب وقواد جيوش وعلماء وفلاسفة وشعراء وفقهاء وأدبـاء وغيرهم ممن كان لهم آثار واضحة على مجتمعاتهم حيث أن المـؤرخ غالبًا ما يترجم للشخصيات البارزة في بلد معين أو في قـرن مـحـدد. وابن حجر في عمله هذا اختار مشاهير المائة الثامنة للهجرة ليـترجم لهم فترجم لخمسة آلاف ومائتين وأربعة ممن عاشوا في هـذا القـرن. من ضمنهم عدد من التراجم لمشاهير النساء غير أننا لم نجد في تراجم النساء هذه أي شيء يشير إلى أن واحدة منهن مارسـت مهنـة الطـب ولكن وجدنا أحيانًا ذكرًا لدور طبيبة في معرض ترجمة لشخص آخـر مثل أن تكون أمه أو أخته أو ابنته.

ولكي نقوم بتغطية شاملة لكتب الطبقات والتراجم التي تنـاولت النساء بالدراسة كان لزامًا علينا أن نبحث فـي كتـاب تـاريخ بغـداد للخطيب البغدادی (المتوفى 463هـ/۱۰۷۳م) والذي أفرد فيه جـزءًا خاصًا بنساء بغداد. وقد كان يحدونا الأمل عندما بحثنا في هذا الكتـاب أن نجد إحدى نساء بغداد تكون قد شاركت في مهنـة الطـب ولكـن الخطيب البغدادي أهمل دور النساء في هذا المجال وركز فقـط علـى دورهن في الحياة السياسية والدينية وأعمال الخير.

ولتغطية أخبار النساء في المجتمع الإسلامي كـان لابـد أن نتطرق إلى نساء المغرب العربي وتحاول معرفة دورهن فـي مجـال الطب. وهناك عدد كبير من كتب التراجم الخاصة بهذه المنطقة حيـث أن كتاب المغرب العربي اهتموا اهتمامًا كبيرًا بتجميع تراجـم وسـير أشرافهم ومشاهيرهم مهتمين بإثبات نسبهم العربـي بسـبب اصطـدام العنصرية العربية بعناصر بربرية وصقلبية. ويعتبر كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (المتوفى سنة 463هـ/۱۰۷۳ م) من أشهر كتب تراجم هذا الإقليم. غير أن هذا الكتاب لم يفـرد جـزءًا خاصًا بمشاهير النساء ولكن جاءت تراجم النساء فيـه متداخلـة مـع تراجم الرجال فضلاً عن كونها قليلة جدًا في العدد. وبفحـص تراجـم النساء هذه لم نجد أي معلومة عن كون أي واحدة منها طبيبـة ولكـن وجدنا في تراجم الرجال ذكرًا لاثنتين النساء عملن في مجال الطب ونلن شهرة واسعة في بلاد الأندلس والمغرب العربي.

وإلى جانب كتب الطبقات والتراجم العامة هناك كتب طبقـات متخصصة اهتمت بتدوين تاريخ أعضاء مهنة معينة أو صنعة معينـة؛ مثال على ذلك الكتب التي تخصصت في طبقات الأطباء والتـي مـن أشهرها كتاب عيون الأبناء في طبقات الأطباء لابـن أبـي أصيبعـة (المتوفى سنة 668هـ/۱۲۷۰ م) وكتاب طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل (المتوفى أواخر القرن الرابع الهجري/التاسـع الميـلادي) وكتاب إخبار العلمـاء بأخبـار الحكمـاء للقفطـي (المتوفـى سـنة 646هـ/1248م). وهذه الكتب الثلاثة على الرغـم مـن أهميتـها للباحث في مجال الطب والأطباء في العالم الاسلامي إلا إنها تجـاهلت تمامًا دور المرأة في هذا المجال فلم يأت في هذه الكتب الثلاثة سـوى ذكر لامرأة واحدة مارست مهنة الطب ضمنها أبن أبي أصيبعة ضمـن تراجم أطبائه. وهذا العزوف عن التأريخ الوافي للنساء يجب الوقـوف عنده ومعرفة أسبابه. هل هو إهمال عن غير قصد أم تجاهل عن عمـد ومحاولة لتصغير دور المرأة وشأنها في المجتمع؟ بوجه عام لم يبـدأ التاريخ للأطباء في المجتمع الاسلامي إلا في العصور الوسطى خاصة الفترة التي ساءت فيها أحوال الأمة الإسلامية وانتشـر التحـرر مـن الضوابط الأخلاقية الأصلية، وقد أنعكس هذا على وضع النساء حيـث أن المجتمع قام بوضع المحاذير حول المرأة وعمل على عزلتها خوفًا مما قد تتعرض له من المفاسد وسدًا للذريعة، وأيضًا کرد فعـل لـهذا الفساد والتسيب الاخلاقي المتزايد في المجتمع ولذا جاء دورهـا فـي كتابات الرجال في هذه الفترة محدودًا للغاية إن لم يكن نادرًا1. هنــاك تفسير آخر تذكره الكاتبة روث روديد في كتابـها المـرأة فـي كـتـب الطبقات الإسلامية عن هذا الموضوع حيـث قـالت إن المـرأة فـي العصور الاسلامية الوسطى ظهرت بصورة جلية على مسرح الأحداث السياسية وتدخلت في شئون الحكم بل أن بعضهن حكمن بالفعل وقـد كان حصول المرأة على هذه السلطة السياسية وسيطرتها على مقـــــــاليد الحكم مستفزًا لبعض الحكام والمؤرخين الذين قاموا بعزل المرأة من كتاباتهم أو بتقليص دورها في مختلف المجالات کرد فعل لهذا الوضع الجديد الذي رأوا أنه مخالف لتقاليد الاسلام وتعاليمه.2ولنا في الجـزء الأخير من هذه الورقة تعليق آخر على هذه النقطة.

وبالإضافة إلى كتب الطبقات المتخصصة وغير المتخصصة هناك كتب التاريخ العامة التي من أهمها كتاب تاريخ الرسل والملـوك للطبري (المتوفى سنة 310هـ/۹۲۲ م). وفي هـذا الكتـاب يـتـاول الطبري أخبار البشر من عهد آدم حتى عصره، ومرتبة ترتيبًا زمنيًـا. لقد قدم لنا هذا الكتاب مادة علمية واسعة عـن أحـداث القـرن الأول والثاني للهجرة واستطعنا أن نتعرف من خلاله على وضع المرأة بوجه عام في هذا المجتمع وهو الأمر الذي كان ضروريـا للتعـرف علـى تطور انخراط النساء في حياة الجماعة والحياة المهنية العامة.

وتمثل كتب الحسبة أهمية خاصة فهي من أهم مصادر الـتراث الحضاري وتصـور بدقة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمهنية فـي العصور الإسلامية مثل كتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة لابن بسـام المحتسب وكتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة لابـن عبـد الرحمـن الشيرازي وكتاب الحسبة في الإسلام لابن تيمية وكلـها كـتـب أمدتنـا بمعلومات هامة جدًا وقيمة عن طبيعة مهنـة الطـب فـي المجتمـع الاسلامي وأصول ممارستها.

والى جانب كل هذه المصادر هناك كتاب الأغاني للأصفهاني وهذا الكتاب مثير للاهتمام فهو كتاب موسيقى وغناء وطرب وقد ترجم مؤلفه لأكثر المغنيين والمغنيات المشهورين فـى صـدر الإسـلام والدولتين الأموية والعباسية غير إننـا وجدنـا أن بعـض المغنيـات المشهورات عملن في مجال الطب وخاصة الطب النسـوى (الـولادة والقبالة).

ومن كل ما سبق ذكره نلاحظ أنه علـى الرغـم مـن كـثرة المصادر عن الطب والأطباء إلا أن المعلومات الخاصة بدور المـرأة في مهنة الطب كانت قليلة ومتناثرة ولذا كان علينا بذل مجهود كبــر لتجميع هذه المعلومات ومحاولة استنباط ما بين السطور مـن أجـل الحصول على صورة حقيقية لدور النساء فـي مهنـة الطـب ولكـي نستشف بقدر الإمكان وضعهن وظروفهن في ظل هذا العمل وتصـور المجتمع لهن.

ومثلما كان الحال مع المصادر كان الحال أيضًا مع المراجع فهناك مراجع كثيرة تناولت الطب الاسلامي وحياة الأطباء وطـرق ممارستهم لمهنة الطب غير أن هذه المراجع لم تذكر دور المرأة فـي هذا المجال سوى بطريقة عابرة وسطحية في سطور قليلـة ينقصـها التحليل والتدقيق في مسألة دور المرأة المطموس فــي هـذا التـاريخ ومسألة التوزيع غير المتكافئ في إتاحة الفرص التعليمية والمهنيـة. وأملنا أن نسد هذه الثغرة أو نفتح الباب تجاه هذا السبيل ونحقق الفـائدة المرجوة التي تحتاجها المكتبة التاريخية الإسلامية.

كان للعلوم الطبية مكانة خاصة في الإسلام حيث أن الرسـول (صلى الله عليه وسلم) كان دائمًا يحث الصحابة على البحث عن الشفاء بوسائل العلاج والتطيب المعروفة، مما شجع المسلمين على وضع علـم الأبدان في مصاف واحد في أهميته مع علم الأديـان3، وهكـذا أهتـم المسلمون بصناعة الطب اهتمامًا كبيرًا فتسابقـوا لـدراسة الطب بكـل نظرياته وقوانينه وأصوله العملية والنظرية، ومنذ بـــــــداية الإسـلام وحتى اليوم نجد أن تاريخ الدولة الإسلامية حـافل بأسـماء أطبـاء عظـام خدموا دولتهم والعالم أجمع وأسماؤهم ما زالت تــردد حتـى اليوم في الأوساط الطبية في الشرق والغرب. ولكن مثلما كـان هنـاك عدد كبير من الأطباء المشهورين كانت هناك أيضًا طبيبات مسلمات شاركن في مهنة الطب منذ بداية الإسلام وكن جـزءًا مـن تطورهـا وتدرج أطوارها. غير أن هؤلاء الطبيبات لم ينصفـهن التـاريخ بـل تجاهل دورهن ووجودهن ولذلك رأينا لزامًا علينا أن نظهر دور هؤلاء الطبيبات ونوضح مدى مشاركتهن في الحيـاة الطبيـة فـي الدولـة الإسلامية. ولكن قبل الدخول في أية تفاصيل عن حياة هؤلاء الطبيبـات أو تحليل البيانات الخاصة بهن، نود أن نقدم للقارئ نبذة سريعة عـن مهنة الطب في المجتمع الإسلامي بوجه عام.

الطب، علم الأبدان، العلم الحافظ للصحة الموجـودة والـراد للصحة المفقودة،4 يعتبر من أكثر العلـوم التـي أولاهـا المسلمون رعايتهم واهتمامهم. وقد بدأ اهتمام المسلميـن بهـذا العلم منـذ بدايـة عهد الإسلام حينما كان الرسول، كما ذكرنا سابقًا، يحث المسلمين على دراسة الطب والتخصص فيه. ومن أجل دراسة هذا العلـم دراسـة مستفيضة اتجه المسلمون الأوائل إلى قراءة التراث الطبـي اليونـائي والفرعوني والهندي والبابلي وقد كان للتراث الطبـي اليوناني أكبر الأثر على الأطباء المسلميـن حيـث أن حضـارة اليونان تعتبر مـن أكثر حضارات العالم ثراء فـي الإنتـاج الطبـي.5عكـف الأطبـاء المسلمون على دراسة التراث الطبي اليوناني باجتهاد فقاموا بقراءتـه كله وترجمته ترجمة تفصيلية ثم أضافوا إليـه خلاصـة تجاربـهم وترجمته ترجمة تفصيلية ثم أضافوا إليه خلاصة تجاربهم وملاحظاتهم العلمية الدقيقة وأخرجوا نظريات طبية جديدة ما زال العالم يتحدث عن عظمتها حتى اليوم.6

وبسبب أهمية كتب التراث الطبي اليوناني كان مـن الواجـب على طالب الطب أن يبدأ دراسته بقراءة أشهر كتبها مثل كتب أبقـراط وجالينوس. ثم بعد ذلك كان الطالب ينتـقـل إلـى كـتـب مشـاهير الأطباء العرب ولقد كان الطالب يعتمد أساسًا على أسلوب الحفظ عـن ظهر قلب، وكانت فكرتهم في ذلك تقوم على أساس أن الحفـظ يحفـظ المادة العلمية عبر السنين في حـالات ضيـاع أو تلـف الكتـاب أو المصـدر.7 ولـم يكـن هنـاك منهج محدد أو كتب معينة يجـب أن ينتهى الطالب مـن دراستهـا حتى ينال الإجازة ولكن كان كل أسـتاذ يعطى الطالب الإجازة وفقًا لتقديره وبوجه عام لم تتطلب دراسة الطـب السفر والترحال الكثير مثلما كانت تقتضى دراسة العلوم الدينية، وربمـا كان هذا من العوامل التي يسرت هذا المجال للمـرأة فـي المجتمـع المسلم.

كانت هناك ثلاثة طرق رئيسية يستطيع مـن خـلالـهـا طـالب الطب أن يحصل على الإجازة ويصبح طبيبًا ممارسًا للمهنة:

أ – دراسة الطب في المستشفيات حيث كان الطالب يتدرب على مهنة الطب تدريبًا عمليًا فيقضي وقته مع المرضـى يـتـابع حالاتـهم المختلفة وتطورات أمراضهم. وإلى جانب الدراسة العملية كـان هناك جانب نظري لدراسة الطب في المستشفيات حيث أن معظـم المستشفيات في العالم الإسلامي كانت تحتـوى علـى قاعـات للمحاضرات ومكتبات كبيرة.

ب – دراسة الطب في مدارس خاصة متخصصة: غالبًا ما كان يقـوم أطباء مشهورون بإدارة مثل هذه المستشفيات.

ج – طريقة التدريس الخصوصي: وهي حينما يلازم طالب واحـد أو طالبان على الأكثر طبيبًا مشهورًا للتعلم منه، وغالبًا مـا يـلازم الطالب أستاذه في العيادة والمستشفى والزيارات المنزلية، يتعلم منه طريقة فحص المريض وتشخيص الأمراض. وفي كثير مـن الأحيان يكون الأب هو الأستاذ أو المعلم الخصوصـى لابنـه أو لابنته حيث أن توارث مهنة الطب بين أبناء الأسرة الواحدة كـان أمرًا شائعًا في العصور الإسلامية الأولى والوسطى8.

وإلى جانب هذه الطرق الرئيسية في تعلم الطب كـانت هنـاك طريقة تعلم الطب بالممارسة والخبرة العملية بدون دراسة رسـمية أو منهجية وقد ذكر جواتيينفي كتابه مجتمع البحر المتوسط أن عددًا كبيرًا من نساء اليهود مارسن هذا النوع من الطـب العملی فلـم يدرسن في مدارس أو يتعلمن في مستشفيات وإنما اكتسبن الخبرة فـي هذا المجال بالممارسة. وهذا النوع من الطبيبات كن ينتميـن للطبقـة الفقيرة والمتوسطة بأعداد غير قليلة.9 ومن الممكن لهذه الظـاهرة أن تنسحب على بقيـة أفـراد المجتمع العربي المسلم في ذلـك الوقـت حيث أن اليهود عاشوا وعملوا داخـل الدولة العربية الإسلامية وتحت رايتها وفي ظل نظامها الاجتماعي والمهني العـام. إلا إنه رغم وجود عدد كبير من النساء المسلمات الممارسات لطب العامـة فـي هـذه الطبقـات، هنـاك أدلة على وجود عدد لا بأس بـه مـن الطبيبـات اللاتي درسن من خلال القنوات الرسمية وفي سياق مجتمع الصفوة، عليها لقب طبيبةوهي صيغة تصغير توحي بالحب والتدليل مما يدل على مكانتها الخاصة بين أفراد المجتمع.

وتعلمن على أيدى كبار الأطباء مثل القوابل اللاتي تعلمن الطـب مـن الطبيب الأندلسي المعروف الزهراوي وعملن مساعدات له10.

وبعد أن ينتهي الطالب من دراسة الطب بأی مـن الطـرق السابقة الذكر يبدأ في ممارسة المهنة مباشرة في المستشفيات والعيادات أو في بيوت المرضى. ويزور الطبيب المريض الغني في بيته حيـث أن الأغنياء فقط كانوا قادرين على جلب الأطباء لعلاجهم في بيوتـهم بينما يذهب أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة إلى المستشـفيات للعـلاج حيث كان العلاج بالمجان. ويعتبر المؤرخـون أن خيمـة رفيـدة” – إحدى المسلمات الأوليات – أول مستشفـى فـي الإسـلام وقد كـان يتم فيها تضميد جروح المسلمين وعلاجهم في الحروب. وبعـد هـذه البداية التي وضعت أساسها امرأة في المجتمع الإس سلامي الأول بـدأ المسلمون يهتمون بالمستشفيات وعملوا على تطويرها وازدهارها فـي العصور التي تلت. وقد ذكر لنا المؤرخ أحمد عيسى في كتابه تــاريخ البيمارستانات أن طبيبة تعرف بإسم ابنة شهاب الدين الصـائغ كـانت تعمل بدار الشفاء المنصوري، أكبر مستشفى في مصر فـي العصـور الوسطى وكان لها دور بارز فيه.11 وسنتحدث فيما بعد عن هذه الطبيبـة بالتفصيل.

وإلى جانب عمل المرأة في المستشفيات عملت المرأة أيضًا في العيادات وقامت بزيارات منزلية لمداواة مرضاها مثلها مثل الرجـال، فقد ذكر الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك أن أبـو الحسـن المتطبب بباب المحول قال: جاءتى امرأةفقالت لقد طفت لعلاج جرحی فوصفوا لي هذا المكان أريد أن تعالج شيئا في كتفي قلت لـها: أنا كحال وههنا امرأة تعالج النساء وتعالج الجراحات فانتظری مجيئـها قام احمد عيسى في كتابه بتغطية شاملة لتاريخ المستشفيات في الإسلام – ظهورها وتطورها ونظام العمل بها وأهميتها كمكان تعليمي وعلاجي.

فقعدت فقمـت معها إلى المتطببة لما جاءت أوصيتـهـا بـها فـعـالجت جرحها وأعطتها مرهما“.12 و هذا المكانالذي يتحدث عنه الطبــرى هنا هو مثل العيادة العامة بها تخصصات كثيرة مـن ضمنـها هـذه الطبيبة الجراحة التي تعمل في نفس المكـان مـع الأطبـاء الرجـال ويرشحها الرجال لمن يحتاج الى جراحة. أما عـن زيـارات المـرأة الطبيبة لمرضاها في البيوت فقـد كـانت كثيرة حيث إن القوابـل والعاملات في مجال النساء والولادة كن يقمن بعملهن هذا في البيـوت. وقد تحدث ابن الحاج في كتابه المدخل الذي جاء فيه تسجيل لبعـض جوانب حياة النساء في القاهرة المملوكية في القرنيـن الثـالث عشـر والرابع عشر الميلادي، عن كيف كان الناس يستقبلون القوابـل فـي بيوتهم والترتيبات التي كانت تقوم بها القابلة استعدادًا لذهابها الى بيـت الحامل والمهام الخاصة بالتوليد ورعاية الأم والطفل بعد الولادة.13

وبعد أن عرضنا الأماكن التي كان يمارس فيـها الطبيـب أو الطبيبة مهنة الطب نود أن نعرض أساليب العلاج وطرق المداواة التـي كانت متبعة في هذه العصور. وقد لاحظنا أن المؤرخين لم يقدموا لنـا وصفًا دقيقًا لطرق علاج المرضى في هذه الفترة المعنية وقـد يكـون السبب في هذا أن طرق العلاج نفسها لم تكن دقيقة، فنجد مثلاً أن ابـن أبي أصيبعة أشهر من أرخ للأطباء لم يعطنـا وصفًا دقيقًـا لكيفيـة تشخيص الأمراض ومداواتها أو أي تفاصيل للأدوية المركبة وطرق تركيبها، ولكننا علمنا من كتب الحسبة معلومات عن الممارسات الجراحية التي مارسها الأطبـاء فـي العص الإسلامية الأولـى والوسطى والتي كان من أشهرها وأهمها والفصـد والجحامة.14 وإلى جانب هذه الإجراءات الجراحيـة البسيطة عـرف الأطباء في هذه العصور العمليات الجراحية المعقدة مثـل جراحـات البطن والفتق والدوالي والبواسير والنواصير، كذلك عرفوا جراحـات المسالك البولية وجراحات النساء والجراحات الخاصة بالأطفال، هـذا كله فضلاً عن جراحات الأورام والعظام وجراحات الحروب.15 ولكـن على الرغم من تطور أساليب الجراحة وتنوعها إلا أن الأطباء في هذه العصور كانوا يفضلون تجنب التدخل الجراحـي ويحاولون معالجـة المرضى بالأدوية والعقاقير. وقد كان للمرأة نصيب كبير فـي مجـال الجراحة وسنرى فيما بعد كيف أن الجراحات بوجه عام – وعلى غير ما نتوقع أو نعرف – كانت من المجالات التي اشتغلت فيـها أيضـًا المرأة الطبيبة، إلى جانب القبالة والتوليد والكحالة والعيون.

أما بالنسبة للأدوية والعقاقير كان الأطباء في هـذه العصـور يهتمون بدراسة أنواع العقاقير المختلفة ويحاولون إعداد وتجهيز أنـواع مختلفة من الترياق والدواء. وفعلاً نجـح الأطبـاء المسلمون فـي القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي في اكتشاف وإعداد ثلاثـة آلاف نوع من الدواء لم تكن معروفة لغيرهم من الأطباء فـي البلـدان الأخرى.16 ولقد كانت هناك ثلاث فئات في المجتمع مرتبطـة بـإعداد الأدوية والعقاقير:

1.الشرابين: يبيعون عقاقير عبارة عن سوائل غالبًا ما تصنع مـن العسل.

۲. العطارين: يبيعون الأعشاب الطبية المختلفة وإلى جانبها يبيعـون العطور والبهارت.

3. الصيادلة المتخصصين: على علم كبير بصناعة وحفظ الأدويـة والعقاقير البسيطة والمركبة.17

ومـن المؤكد أن النساء عملن في مجال تركيـب الأدويـة، حيث تقابلنا تفاصيل عـارضة عن استخدام النساء لقطرات أو مراهـم قمن بتركيبها مثل الطبيبة السالفة الذكر في الطبري وزينب بنت بنـى أود (ستأتي لاحقًا) والتي كانت تكحل من به رمد فتعالجه، كذلك ذكرت لنا المصادر أن ابن سينا كان يستخدم قطرة بطب العيون ركبتها امـرأة خبيرة بصناعة الطب.18 كما نقرأ أيضًا عن ست الشام خاتون وهـي شقيقة توران شاه (من ملوك بني أيوب)، المتوفيـة سـنة 616هـ فكانت تتبنى وتشرف على تصنيع بدارها أشربة وسـفوفات وعقاقير بمبلغ عظيم ليفرق على الناس.” 19

وترتبط مهنة الطـب فـي المجتمعات الإسلامية بوظيفـة المحتسبوهو الموظف المختص بضبط الأخلاق العامة والإشـراف عليها في الدولة الإسلامية، الأمر بالمعروف والنهي عـن المنكر.”20 وكان المحتسب يشرف على جميع المهن في المجتمع بما فيـها مهنـة الطب والصيدلة، وكان يشترط على الطبيـب أن يـأخذ قسـمًا قبـل الحصول على الإجازة لممارسة المهنة ويتأكد من قدرة الطبيب على تشخيص المرض والعلاج: “يطلب سائر الأطباء بما شرحه يوحنا بـن ماسويه المتطبب في كتابه المعروف بـ محنة الطبيب فمن وجده قيمًـا بجميع ما حوته شروطه فصلاً فصلاً آمره في معيشته ومن كان بضـد ذلك صرفه عن هذه المعيشة ويمضي في الدروس فيلزم قراءة الكتـب قبل انتصابه لمداواة الناس لما في ذلك من الضرر الواقع بالمرضى21. وقد دون المحتسبون في كتاباتهم أصول مهنة الطب وشروط ممارستها وعلاقاتهم المباشرة بالأطباء وعلى رأسهم شيخ الأطباء أو – رئيـــس الأطباء – الذي كان يتولى هذا المنصب بتعيين من المحتسب.22

وعلى الرغم من أن المحتسب ذكر تفاصيل دقيقة عـن مهنـة الطب إلا أنه لم يذكر شيئًا عن المرأة الطبيبة ولكن في أغلب الظـن أن المحتسب حينما تحدث عن الطبيب كان يقصد أي شخص يمارس مهنة الطب رجلاً كان أو امرأة فمن المؤكد أنه كانت هناك علاقة مباشـرة بين المحتسب والمرأة الطبيبة حيث أن المحتسب كان يشـرف علـى مهنة الطب بكل تخصصاتها بما فيها مجال النسا والولادة الـذي كـان مليئا بالنساء طبيبات وقوابل وممرضات.

بعد رصد الطبيبات التي جاء ذكرهن في المصادر التاريخيـة المختلفة في كتب الطبقات والتراجم والسير والتاريخ العام تمكننا مـن حصر أربعة وعشرين اسمًا لنساء ساهمن في مجال الطب والعلاج وتم إدراجهن في السجلات التاريخية على اعتبار أنهن طبيبـات أو لـهن إسهامات تستحق الذكر. وعند ترتيب البيانات الخاصة بهن في شـكل جداول، حصلنا على صورة عامة ولكن أيضًا مركزة لطبيعة وظروف هذه الفئة من نساء المجتمعات الإسلامية المبكرة.

والجدول التالي يعرض أسماء هؤلاء الطبيبات والمصادر التـي تحدثت عنهن:

جدول رقم (1)

م

الطبيبات

المصادر

1

2

3

4 5

6

7

8

9

10

11

12

13

14 15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

رفيدة الإسلامية

الربيع بنت معوذ الأنصاري

أمية بنت قيس الغفارية

سلمى أم رافع

معاذة الغفارية

كعيبة الغفارية

ليلى الغفارية

أم العلا الإنصارية

أم عطية الإنصارية

فريد الكبرى

زينب طبيبة بني أود

خرقاء العامرية

سلامة القس

حبابة

متيم الهامشية

رحاص

محبوبة

فضل جارية المتوكل

أم أسية القابلة

أم أحمد القابلة

أخت أبو بكر بنت زهر

وابنتها

جارية أبي عبد الله الكنان

أم الحسن بنت القاضي

ابنة شهاب الدين الصائغ

أسد الغابة لابن الأثير

الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر

أسد الغابة لابن الأثير

الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر

أسد الغابة لابن الأثير

كتاب الطبقات الكبير لابن سعد

الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر

أسد الغابة لابن كثير

أسد الغابة لابن كثير

كتاب الطبقات الكبير لابن سعد

الأغاني للأصفهاني

طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

الأغاني للأصفهاني

حسن العقبى لابن الداية

تحفة الأحباب للسخاوي

الاستيعاب لابن عبد البر

البيان المغربي لابن عذاري

الدرر الكامنة لابن حجر

خلاصة الأثر للمحبي

الجدول رقم (2 )

م

الطبيبة

تاريخ الميلاد/ الوفاة

الميلاد/ الإقامة

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

رفيدة الإسلامية

الربيع بنت معوذ الأنصارية

أمية بنت قيس الغفارية

سلمى أم رافع مولاة الرسول

معاذة الغفارية

كعيبة الإسلامية

ليلى الغفارية

أم العلاء الأنصارية

أم عطية الأنصارية

فريدة الكبرى

زينب طبيبة بني أود

خرقاء العامرية

سلامة القس

حبابة

متيم الهامشية

رحاص

محبوبة

فضل جارية المتوكل

أم آصية القابلة

أم أحمد القابلة

أخت أبي بكر بنت زهر وابنتها

جارية أبي عبد الله الكنان

أم الحسن بنت القاضي

ابنة شهاب الدين الصائغ

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

عصر الرسول

العصر الأموي

العصر الأموي

العصر الأموي

العصر الأموي

توفيت سنة 105هـ

توفيت سنة 224هـ

توفيت سنة 245هـ

توفيت سنة 247هـ

توفيت سنة257هـ

الدولة الطولونية

العصر المملوكي

الدولة الموحدية

الوفاة في القرن 5 هـ

موجودة سنة 750هـ

موجودة سنة 1036هـ

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

المدينة

الحجاز ثم الشام

الشام

الجزيرة العربية

المدينةالشام

البصرة

البصرة

بغداد

العراق

بغداد

مصر

مصر

الأندلس

المغرب العربي

الأندلس

مصر

من عرض العصر الذي عاشت فيه الطبيبات ومكان ميلادهـن أو إقامتهن نجد أن معظم الطبيبات كن ينتمين للعصر الإسلامي الأول عصر الرسول والصحابة – فثمان نساء من أربع وعشرين عشـن في عصر الرسول والصحابة، أما الباقيات عشن في عصور متفرقـة مثل العصر الأموي والعباسي والطولوني والمملوكي والموحدين فـي المغرب والأندلس. ونلاحظ أيضًا من هذا الجدول أنه باستثناء المدينـة مقر إقامة الطبيبات الأوليات ليس هناك بلد واحـد أو مدينـة واحـدة اشتهرت بظهور الطبيبات بين أهلها أكثر من غيرها فتوزيع الطبيبـات – بالجدول – على البلاد الإسلامية جاء بنسب متساوية تقريبًا.

ويعد وجود معظم الطبيبات في الفترة الإسلامية الأولى دليـلاً على تشجيع الرسول والمسلمين الأوائل للمرأة على العمـل فـي هـذا المجال فأبلت المرأة بلاًء حسنًا في صناعة الطب ومـداواة الجرحـي الأمر الذي أخذ في التقلص مع مرور الزمن حتى أننا كما هو واضـح من الجدول لم نستطع حصر أكـثر مـن اسـم أو اسـمين لطبيبـات مشهورات في كل عصر من العصور التي تلت، ولكن يمكن القول أن دور المرأة لم يختف اختفاء حقيقيًا بقدر ما تقلصت كتابات المؤرخيـن عن المرأة وتسجيلهم لدورها وحياتها، فلا نعتقـد أن نمـط التـاريخ المتناقص كما هو واضح في نموذج الجدول يتطابق تطابقًا تامًـا مـع الواقع. وقد أبدى المؤرخون الأوائل استعدادًا كبيرًا لتسجيل عدد كبـير من النساء وأعمالهن وكل جوانب حياتهن ليكن مثالاً تحتذي به النسـاء في العصور التي تلت بينما لم تحظ النساء المتأخرات بنصيـب عـادل في التاريخ بسبب التباين حيث كان الاتجاه العام للمجتمع هو عزلـهن وتجنب الحديث عن أعمالهن كرد فعل أو خوفًا من التسيب الأخلاقـى والتحرر من العفة الذي تحدثنا عنه من قبل.

الجدول رقم (3)

م

الطبيبات

التخصص

المكانة الاجتماعية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

رفيدة الأسلمية

الربيع بنت معوذ الأنصارية

أمية بنت قيس الغفارية

سلمى أم رافع مولاة الرسول

معذاة الغفارية

كعيبة الإسلامية

ليلى الغفارية

أم العلاء الأنصارية

أم عطية الأنصارية

فريدة الكبرى

زينب طبيبة بني أود

خرفاء العامرية

سلامة القس

حبابة

متيم الهامشية

رحاص

محبوبة

فضل جارية المتوكل

أم آسية القابلة

أم أحمد القابلة

أخت أبي بكر بنت زهر ابنتها

جارية أبي عبد الله الكناني

أم الحسن بنت القاضي

ابنة شهاب الدين الصائغ

جراحة حروب

جراحة حروب

جراحة حروب

جراحة حروب

جراحة حروب

جراحة حروب

تمرض المرضى

الكحالة

مولدةأمراض نسا

الكحالة

الكحالة

مولدةأمراض نسا

مولدةأمراض نسا

مولدةأمراض نسا

مولدةأمراض نسا

مولدةأمراض نسا

مولدةأمراض نسا

أمراض نسا

قابلةأمراض نسا

قابلةأمراض نسا

أمراض نسا

علم الطبائع والتشريح

فنون من الطب

لم يحدد تخصصها

من المسلمات الأوائل وصاحبة أول مستشفى في الإسلام

من المسلمات الأوائل المبايعات للرسول عند الشجرة

من المسلمات الأوائل

مولاة رسول الله (ص)

من المسلمات الأوائل

من المسلمات الأوائل

من المسلمات الأوائل والمبايعات للرسول

من المسلمات الأوائل

جارية

كانت طبيبة مشهورة وذائعة الصيت بين العرب

إحدى نساء بني عامر بن ربيعة، شاعرة وعارفة بالأدب والغناء

من جواري الخليفة الأموي

جارية وشاعرة وعارفة بالأدب والغناء

جارية ومغنية

جارية وشاعرة

جارية الخليفة المتوكل العباسي وشاعرة

قابلة أولاد السلطات خمارويه

اشتهرت لأنها كانت تقبل لوجه الله

أخت طبيب مشهور وكانت تعالج نساء الخليفة الموحدي

جارية

ابنة قاض مشهور

تولت مشيخة الطب

نلاحظ من الجدول السابق أن النساء بصفة عامة تخصصن في ثلاث مجالات: جراحة الحروب، القبالة وأمراض النسـاء، والكحالـة وأمراض العيون. فهناك سبعة طبيبات من أربع وعشرين تخصصـن في جراحة الحروب بينما إحدى عشرة اشتغلن بأمراض النسا والولادة في حين أن اثنتين فقط عملتا في مجال العيون وأربعة طبيبات لم تحـدد تخصصاتهن. وفي كل واحد من هذه التخصصات كان يعتمـد علـى المرأة لكي تشفى مرضاها وتخفف عنهم آلامهم. فمن أهم الممارسات التي قامت بها النساء في جراحة الحـروب كـان تطهير الجـروح والمحافظة على نظافتها ووقف النزيف. وقد كانت هناك عدة أساليب تلجأ إليها المرأة الطبيبة لوقف النزيف مثل استخدام الصوف المحـروق والضغط به کرباط على الجرح كما كن يلجأن أيضاً لأسـلوب الكـى لوقف النزيف23. هذا كله فضلاً عن قيام النساء بـإخراج السـهـام مـن جرحى الحرب وهو أمر شاق للغاية، غير أن المرأة أثبتت وعيًـا وحسن تصرف في عمليات إخراج السهام هذه فقد ذكرت لنا المصـادر كيف أن رفيدة الأسلمية عندما رأت سعد بن معاذ قد أصابه سهم فـي صدره تصرفت بحكمة ووعي فأسرعت بإيقاف النزيف ولكنها أبق السهم في صدره لأنها كانت تعلم أنها إذا سحبت أو أخرجـت السـهم سيحدث نزيف لا يتوقف في الجزء المقطوع.24

أما بالنسبة لأمراض النسا والقبالة فقـد ذكـرت لنـا بـعـض المصادر وصفًا للممارسات التي كـانت تقـوم بـها المـرأة الطبيبـة المتخصصة في هذا المجال فوصف لنا ابن الداية في كتابـه المكافـاة وحسن العقبي كيف أن قابلة أولاد خمارويه كانت تمسح جوف الحـامل وتنتظر حتى يأتيها المخاض فتجلسها على كرسى الولادة التي كـانت تتم عليـه الولادة بسهولة،25 هذا كله فضلاً عن العمليات المعقدة التـي كانت تقوم بها القوابل والتي سنتحدث عنها بالتفصيل فيما بعـد مثـل عملية إخراج الحصاة من النساء. وقد تدربت القوابل تدريبًا جيدًا علـى أيدى كبار رجال الطب مثـل الزهـراوى وتعلمـن اسـتخدام الآلات الجراحية مثل المشداخ الذي يشد به رأس الجنين أو المدفع الذي يدفـع به الجنين وكذلك اللولب الذي يفتح به فم الرحم 26. أمـا عـن الكحالـة وطب العيون فالطبيبتان المذكورتان في الجدول لم تذكر لنا المصـادر أن أية واحدة منهما قامت بجراحات في العيـون ولكنـهما عالجتـا مرضاهما بالقطرات التي اشتهرتا بتركيبها.27

وإذا انتقلنا بعد ذلك للجزء الثاني من الجدول الخاص بمكانـة الطبيبة الاجتماعية سنجد أن معظم الطبيبات اللاتي تم حصرهن كـن ينتمين بطريقة أو بأخرى الى الحكام أو الصفوة. وهذا الأمر يثبـت أن المؤرخين اهتموا فقط بأخبار هؤلاء المشهورات من النساء مما يجعلنـا نقول أنه كان هناك بالطبع عدد أكبر من الطبيبات اللاتي لم ينلن حـظ إدراج أسمائهن في كتب التـاريخ بسبب بعدهـن عـن الخاصـةوارتباطهن بـ العامة، والدليل على ذلك وجود ثلاث طبيبات فقط من الأربع والعشرين طبيبة المعنيات، لم يرتبطن بالسلطة أو الصفـوة ولكن نلن شهرة بسبب براعتهن في المهنة: زينب الأوديـة وخرقـاء العامرية وأم أحمد القابلة.

كذلك ومن اللافت للنظر في الجدول السابق وجود عدد كبـير من الجواري اللاتي تخصصن في مجال أمراض النسا وكن مولـدات مما يغير في أذهاننا الصورة النمطية للجارية كرمز للمتعة واللهو فقط. حيث إن معظم هؤلاء المولدات كن أيضًا عارفات بـالأدب والفنـون. وخير مثال على ذلك جارية الطبيب أبي عبد الله الكناني التي وصفـها ابن عذاري بقوله: “لم ير في زمانها أخف منها روحًا ولا أسرع حركة ولا ألين عطافاً ولا أطيب صوتًا ولا أحسن غناء ولا أجود كتابـة ولا أجود خطًا ولا أبدع أدبًا ولا أحضر شاهدًا مع السلامة في اللحن فـي كتبها وغنائها لمعرفتها بالنحو واللغة والعروض إلى المعرفة بــالطب وعلم الطبائع ومعرفة التشريح وغير ذلك مما يقصـر عنـه علمـاء الزمان.”28 ومعنى ذلك أنها نبغت في علوم اللغة والأدب والشعر إلـى جانب العلوم الطبية والتشريح.

بعد عرض وتحليل مضمون الجداول نلقي الضوء على بعـض النقاط المتعلقة بالموضوع بوجه عام؛ فمثلاً نلاحظ ارتبـاط نشـاط الصحابيات أثناء عهد الرسول (صلى الله عليـه وسـلم) فـي مجـال التمريض والتطبيب بميادين القتال والغـزوات حيـن كـن يخرجـن كمقاتلات وساقيات وآسيات،29 يحاربن ويقتلن الأعداء، يناولن الســـهام على سبيل الإعانة في خضم رحى المعركة، ويسقين القوم، ويغزلـنالشعر الحماسي لتشجيع المحاربين في الصفوف، ثم يداوين الجرحى ويمرضنهم أو حتى يقمن بدفنهم ونقل الجثث في آخـر الأمـر. أي أن هؤلاء النساء الصحابيات كن مجاهدات بحق، تواجدن في كافة مراحـل ومجالات الجهاد من أوله حتى آخره. نجدهن في كل مكان يقمن بكـل هذا في نفس الوقت، يشاركن في أي نشاط موجود على الساحة يعيـن الأمة في كفاحها ويقمن بما لزم لدفع ونصـرة المسلمين. فـي هـذه المرحلة المبكرة لم يتم إقصاؤهن أبدًا عمدًا أو الحد من حركتهن بأيـة حجة من الحجج، بل استفاد مجتمع المسلمين من قدراتـهن المتنوعـة وتكبدهن لأنواع المشاق من هجرة وارتحال وغزووخلافه. ومـن هذا المنطلق، وفي هذا السياق المتكافئ نسـمع أول مـا نسـمـع عـن طبيبات التاريخ الإسلامي. وهذه نقطة هامة لأن الملاحظ هو اختفـاء الفصل الصارم في هذه المرحلة بين المجالين العام والخاص، أو تقنينـه وتجميده بحيث يصبح الانتقال من حيز إلى آخر بمثابة خرق أو تخـط لهذه الحدود الفاصلة، بل نلاحظ عدم وجود هذا الاستقطاب الـذي أدى بعد ذلك إلى وضع قيمة أعلى على العمل العام الخارجي وتخصيصـه لفئة واحدة من المجتمع على حساب أو في مقابل – ما سمى بعد ذلـك – بالخاص المتوارى عن العيون والمخصص تحديدًا لفئة أخـرى. أن تداخل الخاص والعام في هذه المرحلة المبكرة يشـى أن المقيـاس الوحيد الذي كانت تقاس به الأعمال في مجموعـها هـو أن يحسنالإنسان – أي يجود ويتقن – ما يفعله.

سنتوقف عند بعض النماذج والأمثلة التي قابلتنا فـي تراجـم هؤلاء المسلمات الأوليات ونتأمل دلالتها وتواتر أدلة وتفصيلات معينة تخص عملهن ونظرة المجتمع لهن. نقل لنا ابن الأثير علـى لسـان أم علاء الأنصارية، وهي من المبايعات، أن الصحابي عثمان بن مظعون عندما سكن عندهم من ضمن من سكن من المهاجرين عند الأنصار واشتكى علة من العلل، مرّضناه حتى إذا توفى أدرجناه في أثوابه“. وجدير بالملاحظة أن التي تقوم بالرواية والتي أخبرت عن مـا حـدث في المنزل من مرض وتمريض ووفاة ودفن هي أم علاء التي تتحـدث بصيغة الجمع بما يفيد اشتراكها – ربما مع بقية نساء نزل فی تمريضعثمان، وهذا يدل على اعتياد النساء فـي ذلـك الوقـت أو خبرتهن في ممارسة التطبيب وعلاج الآلام والأمراض. ونستنتج أن التمريض في هذه السياقات وفي ذلك الوقـت ليـس المـرادف/ أو لا يتطابق مع مفهومنا الحديث للتمريض الذي يحتل المرتبة الثانيـة فـي المداواة فنفصل بينه وبين ممارسة الطب؛ بل هذا التعبير يفيد بأنه كـان أقصى درجات العلاج المعروفة في ذلك الحين عن طريق استخدام كل الوسائل والأدوية والإمكانات المتاحة، ما يهمنا هو الانطباع الذي يتولد لدينا عند الإطلاع على هذه المصادر أن العلاج – في مراحله الأولـى هذه في المجتمع المسلم الأول – كان يفهم على إنه من اختصاص النساء أو من فنونهن وقدراتهن الخاصة. وقد كثر الحديث كذلك عـن اشتغال العدد الأكبر من النساء أثناء القتال بمداواة الجرحـيونزع السهاموما يتبع ذلك من تضميد للجروح ووقف النزيف وأحيانًا البـتر والكي واستخدام الحناء والمراهم للقروح وغيره، كما سبق شرحه فـي تحليل الجداول عن طب جروح الحرب. فنستنبط من هذا كله أن مـهام المسلمات المجاهدات الأوليات كانت تتـراوح بيـن الإسعاف المباشـر في ساحة القتال وسط الخيل والمبارزة والسهام والنبال، إلـى نقـل أصحاب الجروح الكبيرة والنزف إلى الخطـوط الخلفيـة فـي الخيـم للعلاج، ثم إلى نقل الجثث على الجمال ودفنهم.

وفي ترجمة أم زياد الأسلمية المجاهدة تقـول إنـها والنسـاء خرجن و معنا دواء للجرحى، أي أنه كـان فـي حوزتـهن أدويـة وعقاقير خاصة ركبنها واستخدمنها في الجروح وتسكين الآلام. وهـذا يذكرنا بسلمي أم رافع – مولاة رسـول الله – التـي كـان الرسـول يقصدها لتداوي قروحه بالحناء. فمنذ البداية تعاملت النساء المسلمات مع تركيب الدواء بغرض العلاج والتطبيب، حتى سمعنا بعد ذلك عـن مزيد من الطبيبات يستخدمن قطرات أو كحل أو مراهم.

كان من الطبيعي إذًا أن تقيم رفيدة الأسلمية زمن الرسـول أول عيادة أو مستشفى في الإسلام، والتي اشتهرت بـ خيمـة رفيـدة، أقامتها في مسجد الرسول وكانت تداوى الرجال والنساء معا في وقـت السلم والحرب. فمثلاً عندما أصيب الأنصاري المحارب سعد بن معـاذ بسهم في غزوة الخندق أشار الرسول لأصحابه انقلـوه إلـى خيمـة رفيدة“. وهناك مكث مع رفيدة وصاحباتها حيث أسعفته ومرضنه، ثـم اضطرت رفيدة في آخر الأمر أن تكوى الجرح لإيقاف النزيف، وكـان الرسول يزوره هناك كل يوم. وكانت رفيدة تصحـب المسلمين فـي غزواتهم لهذا الغرض ومعها فريق من نساء الصحابة والمتدربات على الإسعاف والعلاج. وما يعنينا هنا هو مغزى هذه الواقعة المسجلة والتي لم يستغرب لها أو يستنكرها المسلمون الأوائـل: أن تطبـب امـرأة المجتمع المسلم الموجود حينذاك وأن تكون في موقع الصدارة بينهم أو التفوق المهني على رجال الأمة، فتتبوأ الإشراف والإدارة ولـو مـن خلال هذا الشكل الابتدائي البسيط (بالنسبة لنا الآن في الوقت الحـالي). كانت رفيدة ومن عملن معها من المؤمنات المجاهدات جزءًا لا يتجـزأ من العمل العام والجهاد الشامل لمصلحة الأمة وخدمة رجالها ونسائها، ولا يفوتنا أن نلحظ مقدار الثقة الموضوعة في كفاءة هذه المـرأة فـي أمر خطير يتوقف عليه حيـاة المسلمين ومستقبلهم مثـل عـلاج المحاربين، فمن الواضح أن المقياس أو القاعدة التي أرساها الرسـول في مجتمعه الأول هو تقدير الخبرة والمقدرة المهنية.

ومع تقلص دور النساء الفعال في الحرب والقتال وبالتالي فـي الإسعاف المباشر للجرحي، نجد ذكرهن يأتي بعد ذلك وعلى الأخـص في مجالات القبالة (التوليد وأمـراض النسـاء) والعيـون. فيصادفنا استخدام كلمة طبيبةلأول مرة في المصادر عند ذكر زينـب طبيبـة بني أود ثم أم الحسين في معرض ترجمة أحمد بن عبد الله بـن عبـد المنعم الطنجالي الذي قرأ صناعة الطب وقد رأى المؤرخ ابن حجر أن تكون تتمة التعريف به عن طريق التعريف بأنه والد الطبيبة الأديبـة، التي يبدو أنها أيضًا كانت ذات شهرة وصيت؛ أما جارية الطبيب أبـي عبد الله الكناني فقد مدحها المؤرخ وفيما أثنى عليها معرفتها بـالطب وعلم الطبائع ومعرفة التشريح وغير ذلك مما يقصـر عنـه علمـاء الزمان.”

هكذا أنت المعرفة والثقافة العلاجية والطبيـة بالنسـاء إلـى الممارسة الفعلية للتطبيب والعلاج خاصة كما ذكرنا في مجالي القبالـة والعيون (وإن لم يقتصر كل عمل الطبيبات على هذا فقـط). ويؤكـد المؤرخ في ترجمته لزينب الأودية أنها عارفة بالأعمال الطبيةمـن ناحية وخبيرة بالعلاجمن ناحية أخرى، أي أنها جمعت بين المعرفة والتطبيق. ومرة أخرى مثل الحال مع رفيدة، تثبت الواقعة المسجلة أن زینب كانت طبيبة عامة تداوى الرجال والنساء دون استنكار أو حـرج. ونقرأ في الطبري إشارة إلى متطببةعالجت جرحًا لامرأة في كتفـها وأعطتها مرهمًا مما يدل على وجود مجموعات من النساء حتى ذلـك الوقت كانت لا تزال تعالج جروحًا رغم انتهاء زمن اشتراك المسلمات في الجهاد.

ونلاحظ أن شئون القبالة وأمراض النساء كانت تعتبر فرعًـا أو فنًا” (الكلمة المستخدمة في المصادر) من فنون الطب الممـارس فـي ذلك الوقت، وعندما تطور لقب القابلةأو المولدةإلى دايةعرفنـا مؤرخين للطب باسم ابن الدايةمثلاً الذي كتب كتابًـا عـن أخبـار الأطباء، أي أنها كانت مهنة رسمية معروفة يعتد بـها فـي المجتمـع وممكن أن تستخدم كلقب أو كنية للبعض في انتسابهم لمهن أمهاتهم أو أخواتهم أو بناتهم مثلاً، وفي هذا المضمـار نـلاحـظ اسـتخدام لفـظ تطببانفي الإشارة إلى عمل أخت الحافظ أبي بكر بن زهر وابنتـها اللتان كانتا تعالجان وتقبلان نساء المنصور. إلا أن المعالجات للنسـاء في أمور التوليد وخلافه كان أيضًا يندرج تحت عملهن وتدربهن علاج حالات أخرى مثل المثانة والمسالك البولية واستخراج الحصوات، فكـن بذلك طبيبات لتخصصات عدة في نفس الوقت، وقد وصف الزهـراوى عملية إخراج الحصاة من النساء عن طريق الفرج فيقـول أن القابلـة كانت تفتش على الحصاة بعد أن تضع يدها اليسـرى علـى المثانـة وتعصـرها عصرًا جيدًا ، فإن وجدتها فينبغي أن تدرجـهـا عنـد فـم المثانة الى أسس مبلغ طـاقتها حتى تنتهي الى أصل الفخذ ثـم تشـق عليها عند قبالة نصف الفرج عند أصل الفخذ 30.

وتفيد المعلومات التي وصلتنا عـن القوابـل حـتـى العصـر المملوكي أنها كانت مهنة تتكسب منها النساء ويأخذن الأجر عنها (مثل مهنة المحدثات مثلاً)، والاستثناء المذكور في السخاوي عن أم أحمـد القابلة التي كانت تسكن بالمقطم في مصر وهي أنها لم تـأخذ أجـرة عن قبالتها تطوعًا بعملها يؤكد القاعدة المعمول بها وهي الاحـتراف، ويلفت النظر إلى استغراب السخاوي أو اعتباره أنه شئ غير عادي أن تعمل أو تعانىأي تمتهن هذه المهنة بدون أجر. كان للقوابل وسـائل معروفة وأدوات خاصة يستخدمنها وينقلنها معهن مثل كرسي الـولادة كما ذكرنا الذي ورد ذكره أيضًا في رواية على لسان أم آسـية قابلـة أولاد خمارويه بن طولون، والتي حكت عن تجربتها الأولى في هـذا المجـال واستخدمت تعبيرات مثل حذق صناعة ولطف فـي مهنـة31 بمعنى البراعة والدقة المطلوبتـين في هذه الممارسة، وشرحت كيـف كانت تضع يدها على جوفأي بطن المرأة للإعانة على المخاض إلى آخره، مما يفيد بأن هذا العمل كان ينظر إليه على أنه احتراف ويستلزم قدرًا من المهارة والخبرة التخصصية، ومن الواضح أن كلمـة صناعةهي المرادف لـ مهنة“.

أما ابنة شهاب الدين بن الصائغ التي تولت مشيخة الطب بـدار الشفاء المنصوري بعد والدها، فهذا مثل لطبيبة لم يقتصر نشاطها علـى ممارسة الطب فقط بل تولت رئاسة أطبـاء عصرها وبلدها، فالمشيخة هي المعادل لنقابات المهن في العصر الحالي، أي أنـها تولـت نقابـة الأطباء في الإشراف على ممارسي المهنة وتحمـل المسئولية أمـام المحتسب الذي كان من عمله مراقبة المهنيين كما ذكرنـا سـابقًا فـي الحديث عن مهام المحتسب. أي أنه كان منصبًا علميًا وقياديًا في نفـس الوقت يستلزم المعرفة بصناعة الطبوقواعد وأخلاقيات ممارسة المهنة والإشراف على الأطباء.

الملاحظ في ما سبق أنه على الأقـل لـم يكـن مستغربًـا مستنكرًا تواجد واشتراك النساء في مجالات متنوعـة مـن التطبيـب وخلال مراحل تطوره بدءًا من التمريض والإسعاف، إلـى أمـراض العيون، إلى الجراحة والعلاج، إلى القبالة؛ أو أن يكون نشاطهن أی مستوى عام يتراوح من المعرفة وحضور مجالس الأطباء إلـى الممارسة والخبرة إلى الإشـراف والاحـتراف. وحتـى إذا قلنـا إن المؤرخين القدامى قد ضنوا بإفراد مساحات أكـبر وتراجـم شافية منفصلة للنساء المشتغلات في هذا المجال، فعلى الأقل لا يوجد في هـذا القليل المدون نبرة استهجان صريحة تسود خطاب التأريخ نفسـه، أو لا نلمس في أسلوب الروايات مثلاً أي دهشة مثل التي قد تعترينـا فـي الوقت الراهن أن طبيبة طلبت من مريض أن يضطجع لتداوى عينيـه من رمد أصابه (الواقعة المروية عن زينب الأودية). لابد أن الـراوى لم يشعر أن الواقعة بحاجة إلى شرح وتبـرير فـي سـياقها المـهنى الطبيعي – وسنعود إلى هذه النقطة بالتحديد عند مقارنة أسلوب القدماء في الرواية بأسلوب بعض الكتَّاب المحدثين.

ونعود لنسأل السؤال مرة أخرى: لما التناقص التدريجـي فـي التاريخ للنساء في الثقافة الإسلامية، وهل هـذا يعكـس فعـلاً عـدم مشاركتهن على الإطلاق في الحياة العامـة؟ قلنـا سـابقًا إنـه ليـس بالضرورة أن نستنتج غياب النساء الكامل من مجال الطب مثلاً، فحتـى لو رصدنا طبيبة واحدة أو اثنتين فقط ذكر سريعًا أنـهما عملتـا فـي مستشفى فليس معنى هذا أنهما ظهرتا فجأة دون ســــابقة ودونـا عـن غيرهن من آلاف النساء على مدى قرون، فمن المؤكد أن هذه علامـة تدل على وجود تراث سابق أو سياق معين: أي سلسلة متواصلة مـن التطور سمح لهذه الطبيبة بالتواجد والممارسة المهنية في هذه اللحظـة التاريخية بالذات. المشكلة الرئيسية إذا تكمـن فـي تقصـير التوثيـق التاريخي، حتى لو سلمنا بأنه لو كان أتيـح للنسـاء فـي المجتمـعـات الإسلامية فرص متكافئة تمامًا في التعليم والتدريب والممارسة لشـهدنا تطورًا أبرز لإمكانياتهن وقدراتهن.

مر بنا من قبل الآراء القائلة: (أ) بأن معظم مؤرخي التـاريخ الطبي مثلاً اهتموا بتدوين أطباء الخاصة أو من قـرب مـن السـلطة وصفوة المجتمع؛ (ب) أو أنهم صبوا اهتمامهم علـى الإسـهـاب فـي التاريخ للنساء الأوليات من الصحابيات أو التابعيـات فقـط كقـدوة ونموذج أخلاقي يحتذى به في عصر تفشى فساد الأخلاق فيـه؛ (ج) أو أن هذا التجاهل كان رد فعل للحد من ظهور وفاعلية النساء في جنبات الحياة المختلفة وعدم الرغبة في الاعتراف بذلك والتـأكيد عليـه فـي السجلات الرسمية للتاريخ. وهذا الرأي الأخير يرتبط بتفسـير تقدمـه الكاتبة ليلى أحمد التي تضيف بعدًا تحليليًا إلى الموضوع عندما تلفـت نظرنا أنه بعد الفترة الأولى من المجتمع الاسلامي توقفت النساء عـن إنتاج مادة نصية32 مباشرة تكون جزءًا من التراث الثقـافي بسـبب تدهور مفهوم التكافؤ بين الجنسين والتوزيـع غـيـر العـادل للقـوة والسيطرة على مقاليد أمور الجماعة أو داخل منظومة العلاقة نفسها بين النساء والرجال – وهو تعريف أشمل لعنصر السياسةالمتحكمـة في العلاقات الإنسانية داخل المجتمع، ومعناه أن هذا العـامل ينعكـس بالسلب – اجتماعيًا وثقافًة – على حياة النساء وتوافر فرص التعليـم والعمل وعلى الحياة الأسرية الكريمة العادلة.33

يقول هذا الرأى إذا بتنامي – عبر التاريخ الإسلامي – مفهوم ضمني عن دونية المرأة وتطور فرضيات وتصورات ثقافية معينة فـي اتجاه مضاد للقيم التحررية ومنظومة التكافؤ الأصلية لرسالة الإسـلام ونموذج الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فتشير ليلى أحمد مثـلاً إلـى المعادلة الذهنية المتسربة إلى كثير من كتب التـاريخ بيـن المـرأة و الشيءوليس المرأة الإنسان.34 وفي سياق هذا التحليل نود أن نلفـت النظر إلى أنه ما كان ضمنيًا فقط في خطاب القدماء أحيانًا يصرح بـه في الخطاب الحديث ونجده منطوقًا بالفعل وبإسهاب. فإذا كان القدمـاء لم يستطيعوا تجنب ذكر المرأة حين تبرز أو تتفرد في علم أو مهنة فلـم يكن تدوينهم مذيلاً (أو لم يتبعوا التدوين بتذييل عـن) بمفـاهيم عـن طبيعةالمرأة وعاطفتهاالمفرطة المعوقة للتفكير المنطقي والعقلاني، ولم يكن واردًا الحديث عن التنميط المقنن لقدرات النساء المتواضعـة35 ونضرب هنا مثلاً على هذه النوعية من الخطاب ببعض المطبوعـات الحديثة التي تتخذ موضوعًا رئيسيًا لها الفـوارق النفسية والسلوكية والعقلية بين الرجل والمرأة في الدين الإسلاميلتبيان القصـور فـي التفكير السليم وحدة العاطفة وعدم القدرة على مقارعة الحجة بالحجـةوأن سيطرة المرأة على العالم الخارجي محدودة لأنها لا تملـك روح الثبات والصلابة والاستمرار في أي مشروع عمل جدى، ومـن هنـا كانت ضرورة وقوف كل من الجنسين عند طبيعته، خاصة في أعمال حظرت على المرأة بحكم طبيعتها،36 وهكذا إلـى آخـر هـذا الكـلام المقصود به تبرير هيمنة فئة معينة على العمل العام الذي يكتسب فـي هذا الخطاب قيمة أعلى من أي شئ أخـر تفعلنـه النساء وبعـدا أعقد يصعب على المرأة، كما يقصر على حيز خارجي لا تطوله. مثـل آخر يرد في مقال حديث بعنوان دور المـرأة المسلمة فـي الطـب والمواساة،37 فالكاتب في معرض حديثه عن المجـاهدة الصحابيـة أم سنان الأسلمية التي أذن لها الرسول أن تخرج إلى الحـرب إما مع قومها أو مع المجموعة المصاحبة للرسول وزوجته أم سـلمة، يلحـق تعليقًا صغيرًا عن أن خروج المرأة مع الجيش بموافقة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وموافقة زوجها أو ولى أمرها ومن يتولى إمرة الجيـش وأن يخلفها من يدبر أمور بيتها وأن تكون مع جماعة من النسـوة ولا يسمح أن تكون مفردة.” ونتساءل كيف استدل من الواقعة على كل هـذه الشروط المسبقة؟ لماذا نجد أنفسنا اليوم في حاجة إلـى طـرح هـذه المحاذير والشروط والمبررات والمفاهيم التي لم تكـن واردة أو غير ذی موضوع في التاريخ القديم؟ هناك إذا تغييرات تطرأ على الخطـاب التاريخي وهذا يعكس تغييرات تطرأ على التصـور الثقـافي ونظـرة المجتمع، مما يؤثر بدوره على حياة الناس الفعلية وما يتاح لـهم ومـا يمنع عنهم. ونتذكر هنا كلمات لملك حفنى نـاصف (باحثة الباديـة، 1886/1918) إذ تقول: لو كنت ركبت المركـب مـع خريستوف كولمب لما تعذر على أنا أيضًا أن أكتشف أمريكا38 كذلك قولها ومـا أظن أصل تقسيم العمل بين الرجال والنساء إلا اختياريًا، بمعنى أن آدم لو كان اختار الطبخ والغسل، وحواء السعي وراء القوت لكـان ذلـك نظامًا متبعًا الآن….”39

خلاصة القول، يتضح إذا أن الصورة المتكاملة للنسـاء فـي المجتمعات الإسلامية الماضية أعقد بكثير مما نظن، فالنسـق القيمـي الخاص بالإسلام وعرفه لم يمنـع مـن اشـتغال النسـاء بـالتدريس كمحدثات، أو بالعلوم الدينية كعالمات مفتيات وفقيهات وصوفيــات، أو بالإدارة والعمل الاجتماعي كشيخات للربط والمساجد ومدارس القرآن، أو بالعلاج كطبيبات. ورغم هذا فإن التمثيل التاريخي لم يكن منصفًـا وحتى عندما لم يجد المؤرخ غضاضة في الثناء علـى امـرأة عندمـا تبرع في عمل تؤديه، فإن ميزان القوة والسيطرة علـى الأمـور المصيرية ظل غير متوازن تمامًا وفي صالح فئـة دون فئـة، وظـل يفرض نوعية من الخطاب يطل علينا أحيانًا يخلـق الأساطير حـول شخصية المرأة وينال من إنسانيتها، ولا يأخذ في الاعتبـار الظـروف المعيشية المفروضة عليها، أو يكتفـى بتقريـر الحقـوق نظريًـا دون الاهتمام بتحقيقها وتيسير السبل إليها.

1.Huda Lutfi, “Al-Sakhawi Kitab al-Nisa as a Source for the Social and Economic History of Muslim Women during the Fifteenth Century A.D.”, The Muslim World, LXXI (1981), p. 105.

2.Ruth Roded, Women in Islamic Biographical Collections from Ibn Sa’d to Who’s Who, (Boulder & London: Lynne Rienner Publishers, 1994), p. 121.

3. ابن القيم الجوزية، الطب النبوي، تحقيق محمد فتحى أبو بكر، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، ١٩٩٤)، ط۲.

4. ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس

السعدي الخزرجي، عيون الأبناء في طبقات الأطباء، شرح وتحقيق د. نزار رضا، (بيروت: دار مكتبة الحياة، بدون تاريخ) ص۷.

5. Muhamed Zubayr Siddiqi, Studies in Arabic and Persian Medical (Calcutta, 1959), see the Introduction.

6. Michael Dols, Medieval Islamic Medicine, (California: University of1 California Press, 1984), the Introduction.

7. Ibid, p. 30.

8.Dols, Medicine, pp. 36-38.7

9.S. D. Goitien, A Mediterranean Society, vol. 1, (California: University of California Press, 1971), p. 128

تحدث جواتيين بالتفصيل عن الطبيبات بالممارسة وأوضح كيف أن الطبيبة كانت شخصية محترمة محبوبة في المجتمع لها تأثير إيجابي على الطبقات الفقيرة التي كانت تنتمي إليها وتخدمها، وكان يطلق

10.عبد العزيز اللبيدي، تاريخ الجراحة عند العرب، (عمّان: دار الكرمل للنشر والتوزيع، ۱۹۹۲)، ص۱۸۲.

11.2T Ahmad Issa, Histoire des Bimaris’ans a l’Epoque Islamique, (Le Caire: Imprimerie Paul Barbey, 1928), p. 165.

12. أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، (بيروت: مطبعة عز الدین، ۱۹۹۲)، ج۱۰، ص٣۸۳٣٨٤.

13. أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الصدري الخامس المالكي، ابـن الحاج، المدخل، (المطبعة المصرية بالأزهر، ۱۹۲۹)، ص٢۸۱٢٩٦. وعلـى الرغم من رؤية ابن الحاج الانتقادية لكثير من الممارسات في عصره بما فيـهم القوابل، إلا أن الكتاب يشكل مصدرًا تاريخيًا ثريًا لتفاصيل وأسلوب الحياة فـي المجتمع القاهرى المملوكي.

14. محمد بن أحمد بن بسام، نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيـق حسـام الديـن السامرائي، (بغداد: مطبعة العارف، ١٩٦٨)، ص۱۰۸۱۱۸.

15. اللبيدي، تاريخ الجراحة عند العرب، ص155-٢٣٤.

16. 3Amin A. Khayrallah, Outline of Arabic Contribution to Medicine, (Beirut: American Press, 1946), p. 150.

17. Sami Khalaf Hamarnah, Health Science in Early Islam, (Texas: Zahra Publications, 1984), vol. 1, pp. 119-120

18. أسعد داغر، حضارة العرب، ( مصر، ۱۹۱۸)، ص۱۹۲

19. صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، الوافي بالوفيات، (إستانبول: مطبعـة الدولة، ۱۹۳۱)، ج۱۵، ص۱۱۹.

20. أبو العباس أحمد بن تيمية، الحسبة في الإسلام، (مطبعة المؤيد، ۱۹۰۰).

21. ابن بسام، نهاية الرتبة في طلب الحسية، ص۱۰۸.

22. Hamarnah, Health Sciences, vol. 1, pp. 119-120.

23. اللبيدي، تاريخ الجراحة عند العرب، ص۲۲۸.

24. أحمد بن على بن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيـق علـى محمد البجاوي، (مصر: مكتبة نهضة مصر، بدون تاريخ)، ق4، ص۱۸۳۸.

25. أحمـد بن يوسف الكاتب ابن الداية، كتاب المكافاة وحسـن العقبـي، تحقيـق محمود شاكر، (طبعة ؟، ١٩٤٠)، ص١۳۷١٤٠. وقد صف ابن الداية في كتابه هذا كرسي الولادة وذكر أنه كان من أهـم مسـتلزمات الولادة فـي العصور الإسلامية الأولى والوسيطة أن كل داية أو قابلة كانت تملك مثل هذا الكرسي ترسله الى بيت المرأة الحامل قبل أن تذهب هي.

26. Sami Khalaf Hamarnah and Glenn Sonnedecker, A Pharmaceutical View of Abulcasis al-Zahrawi in Moorish Spain, (Leiden: Brill, 1963), pp. 52-54.

27. ابن أبي أصبعية، عيون الأبناء، ص۱۸۱. أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، شرحه وكتب هوامشه عبد على مهنا وسمير رجب، (بیروت: دار الكتب العلمية، ۱۹۹۲)، ط۲، ص٤١٤٧.

28. أبو العباس بن عذاري، البيان المغربي في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق لافي پروفنشال، (باريس: بولس جنتر، ۱۹۳۰)، ص۳۰۸.

29. وجدنا كلمة آسيفي لسان العرب بمعنى (طبيب) وهي الكلمة المستخدمة في كثير من المصادر إشارة إلى هؤلاء المجاهدات الصحابيات.

30. اللبيدي، تاريخ الجراحة عند العرب، ص۱۸۲.

31. ابن الداية، كتاب المكافاة وحسن العقبي، ص۱۳۷١٤٠.

32.Leila Ahmed, Women and Gender in Islam: Historical Roots of a modern Debate, (Cairo: AUC Press, 1993), p.82.

33. رجاء النظر إلى الكتابين الآتيين، وفيهما عرض وتنظير للاتجاهات الحديثة في الدراسات التاريخية، حول إعادة قراءة التاريخ من وجهة نظر النساء:

34.Ann-Louise Shapiro, Feminists Revision History (Rutgers, 1994); Joan Wallach Scott, Gender and the Politics of History (Columbia UP, 1988). Leila Ahmed, Women and Gender, p.852.

35. ” أحيل القراء إلى مقالة د. هدى الصدة، النماذج النمطية للمـرأة فـي الإعـلام وأثرها على وعى النساء في هاجر 5/6، (القاهرة: دار نصـوص، ۱۹۹۸)، ص٤٥– 56؛ وهي دراسة هامة عن مفهوم النماذج النمطية واستخدامه للتعبير عن علاقة قوى غير متوازنة بين مجموعتين من البشربحيث يتزايد التنميـط عند المجموعة الأضعف أو المجموعة التابعة، كما يحول ما هو تاريخي أو مجتمعي إلى خصائص طبيعية وأبديةص٤٩. وهذا بالضبط ما يحدث في المطبوعة التي نعرضها هنا.

36. عبد المنعم سيد حسين، طبيعة المرأة في الكتاب والسنة، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٨٥)، ص٥٩، ٨٦.

37. قام الأستاذ سعيد الديوه جي يرصد بعض الأسماء للطبيبات في مقالـة مختصرة قدمت لمؤتمر الطب الإسلامي بالكويت سنة 1981، ولكنـه لـم يتطرق إلى تحليل السياق التاريخي الاجتماعي للفترة الزمنية التي عاشت فيها هؤلاء الطبيبات.

38. ملك حفني ناصف، النسائيات، الطبعة الثالثة، (القاهرة: ملتقى المرأة والذاكرة،۱۹۹۸)، ص١٣٥.

39. المصدر السابق، ص 134.

1- ابن أبي أصبيعة:

موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونـس السعدي الخزرجي ( ت 668 هـ / ۱۲۷۰ م ).

عيون الأبناء في طبقات الأطباء، تحقيق د. نزار رضا، دار مكتبة الحياة بيروت، بدون تاریخ.

2- ابن الأثير:

أبو الحسن علی بن محمد الجرزي ( ت 630 هـ/۱۲۳۲م ). لسد الغابة تحقيق محمد إبراهيم البنا ومحمد أحمـد عاشـور، (القاهرة: كتاب الشعب، ۱۹۷۰).

3- ابن بسام :

محمد بن احمد

نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق حسام السامرائي، بغداد: مطبعة العارف، 1968).

4- ابن تيمية :

أبو العباس أحمد (ت728هـ/1328م)

الحسبة في الإسلام، (مطبعة المؤيد، 1900)

5- ابن جلجل :

أبو داود سلمان بن حسان الأندلسي(ت: أواخر القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي)

طبقات الأطباء والحكماء، تحقيق فؤاد سيد،(القاهرة : مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للأثار الشرقية بالقاهرة، 1955).

6- ابن الحاج :

أبو عبد الله بن محمد بن محمد ا لصدري الخامس المالكي (ت: 737هـ/1336م)

المدخل، الطبعة المصرية بالأزهر 1929)

7-ابن حجر العسقلاني:

أحمد بن على(ت 852هـ/ 1448م)

الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق على محمد البجاري، (مصر: دار نهضة مصر، بدون تاريخ)

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تحقيق صالم الكرنكوي، (بيروت: دار الجيل، 1993)

8-ابن الداية:

أحمد بن يوسف الكاتب (ت230هـ/ 951م)

كتاب المكافأة وحسن العقبى، تحقيق محمود شاكر(1940)

9-ابن سعد :

محمد(ت230هـ/ 845م)

كتاب الطبقات الكبير، تحقيق إدوارد سخو،(ليدن: مطبعة بريل 1321هـ)

۱۰ابن عبد البر :

أبي عمر ي وسف بن عبد الله بن محمد(ت463هـ/1973م)

الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق على محمد البجاوي،(القاهرة: دار نهضة مصر، بدون تاريخ)

۱۱ابن عذاری :

أبو العباس

البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب، اعتنى بنشره لافي بروفنسال، (باريس: بولس جنتر،1930).

١٢الأصفهاني :

أبو الفرج (ت356هـ/966م)

الأغاني، شرحه وكتب هوامشه عبد على مهنا وسمير رجب،(بيروت: دار الكتب العلمية، 1992)ط2.

13- الجوزية :

ابن القيم

الطب النبوي، تحقيق محمد فتحي أبو بكر، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2994م)،ط2

14- السخاوي:

أبو الحسن نور الدين على بن أحمد بن عمر بن خلف بن محمود(ت:902هـ/1496م).

تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات، والتراجم والبقاع المباركات، صححه وراجعه لفيف من العلماء، (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1986).

15- الصفدي:

صلاح الدين خليل بن أيبك (ت:764هـ/ 1362م)

الوافي بالوفيات، (استنابول: مطبعة الدولة،1931).

16- الطبري:

أبو جعفر محمد بن جرير(ت: 310هـ/922م)

تاريخ الرسل والملوك، (بيروت: مطبعة عز الدين،(1992)

17- القفطي:

جمال الدين بن يوسف بن إبراهيم(ت646هـ/1248م).

أخبار العلماء بأخبار الحكماء، (القاهرة: مكتبة المتنبي، 1984)

18- المحبي:

محمد أمين بن فضل الله

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر،(بيروت:دار صادر ، بدون تاريخ).

1- أسعد داغر حضـارة العـرب، (القـاهرة: مطبعـة هنديـة بالموسکی، ۱۹۱۸).

2- عبد العزيز اللبيدي تاريخ الجراحة عند العرب، (عمان: دار الكرمـل للنشر والتوزيع، ۱۹۹۲).

3- عبد المنعم سيد حسن طبيعة المرأة في الكتاب والسنة، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٨٥).

4-محمد حسين كامل الموجز في تاريخ الطب والصيدلة عند العـرب، طبع على نفقة حكومة الجمهورية العربية الليبية.

5-مرسي محمد العربي لمحات عن التراث الطبي العربي، (الإسكندرية، ١٩٧٥ ).

6- يحيى شريف تاريخ الطب العربي، (القاهرة: مطبعـة سـجل العرب، بدون تاريخ).

مقالات عربية :

سعيد الديوه جي : “دور المرأة المسلمة في الطب والمواساة، الطب الإسلامي (الكويت ۱۹۸۱)، تحقيق الدكتور عبد الرحمـن عبـد الله العوضي، ص 806 – ۸۱۱

هدى الصده: النماذج النمطية للمرأة في الإعلام وأثرهـا علـي وعـي النساءفي هاجر 5/6، القاهرة: دار نصوص، ۱۹۹۸، ص 45-56.

1. Dols, Micheal. Medieval Islamic Medicine. University of California Press, California, 1984.

2. Goitein, S.D. A Mediterranean Society. Vol.1. University of California Press, California, 1971.

3.Ahmed, Leila. Women and Gender in Islam: Historical Roots of a Modern Debate, Cairo: AUC Press, 1993.

4. Hamarnah, Sami Khalaf and Sonnedecker, Glenn. A Pharmaceutical View of Abulcasis al-Zahrawi in Moorish Spain. Lieden: Brill, 1963.

5. Hamarnah, Sami Khalaf. Health Sciences in Early Islam. Vol. I & II. Texas: Zahra Publication, 1984.

6. Issa, Ahmad. Histoire des’Bimaristans a l’Epoque Islamique. Le Caire: Imprimerie Paul Barbey, 1928.

7. Kharyallah, Amin. Outline of Arabic Contribution to Medicine, Beirut: American Press, 1946.

8. Roded, Ruth. Women in Islamic Biographical Collections From Ibn Sa’d to Who’s Who. Boulder & London: Lynne Rienner Publishers, 1994.

9. Scott, Joan Wallach. Gender and the Politics of History. Columbia UP, 1988.

10 Shapiro, Ann-Louise. Feminists Revision History. Rutgers, 1994.

11. Siddiqi, Mohamed Zubayr. Studies in Arabic and Persian Medical Literature, Calcutta, 1955.

مقالات أجنبية :

Lutfi, Huda. “Al-Sakhawi Kitab al-Nisa as a source for the Social and Economic History of Muslim Women During the Fifteenth Century A.D.” The Muslim World, LXXI (1981), pp. 104-124.

أميمة أبو بكر أستاذة بكلية الآداب، قسم إنجليزي، جامعة القاهرة، وعضوة بمؤسسة المرأة والذاكرة. لها مقالات في النقد الأدبي والأدب المقارن، متخصصة في كتابات العصور الوسطى وتكتب عن النساء في التاريخ الإسلامي والتصوف والكتابات الإسلامية التاريخية

هدى السعدي مدرسة بكلية الآداب، قسم التاريخ، جامعة القاهرة فرع بني سويف، وعضوة بمؤسسة المرأة والذاكرة. تدرس تاريخ الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومتخصصة في دراسات التاريخ الإسلامي ومنهجه. كتبت رسالة الماجستير عن قواميس الأعلام الطبية في التاريخ الأسلامي، ورسالة الدكتوراه عن دولة بني رسول في القرن الثالث عشر الميلادي.

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي