النسوية في سياقات أمريكا اللاتينية
ديبرا كاستيلو*
يصف خوان جيلي مفهوم الحقب التاريخية على أنهه نموذج أبوي ضمنيًا يقوم بوظيفته كآلية للإقصاء حيث “تدور الأجيال حول زعيم يصبح أقرب إلى شخصية الأب الاعتبارية“، كما يضيف جولي بأنه “قلما وجدت دراسات عن التداعيات الأيديولوجية لتلك العملية التاريخية الأدبية (Juan 4 Gelpi) وعند استعراض مصادر التاريخ الأدبي التقليدي لأمريكا اللاتينية، نجد أن عمليات الإقصاء والنصوص الأيديولوجية الباطنة الخاصة بتلك الآلية سرعان ما تتكشف فجأة عند التوقف أمام مسألة ثقافة كتابة النساء. وليس من قبيل المبالغة الشديدة القول بأنه حتى الثمانينات من القرن العشرين لم يكن لهذا الكائن وجود. ويستشهد کتاب فالديس وهاتشون بنسبة 93.7% التي تمثل نسبة مجموع الصفحات التي تم إفرادها للكتابات بأقلام الرجال مقارنة بنسبة 6.3% الكاتبات في مصادر التاريخ الأدبي حتى عام 1975 (72 Valdes and Hutcheon,”Rethinking”) ونجد أن المناقشات التي تتناول أعمالا معينة من آداب أمريكا اللاتينية تدعم تلك الإحصائيات، حيث يشير جوان جيلبي إلى أنه منذ خمس عشرة سنة لم يكن قد تم تناول واحدة من النساء في مصادر التاريخ الأدبي البورتوريكي سوى امرأة واحدة فقط هي جوليا دي بورجوس Juan Gelpi 3))، كما تعلق سينثيا ستيل قائلة “إن نموذجًا أبويًا يطغى في الواقع على الكثير من السرد المكسيكي المعاصر، مكونا نصا باطنا يميل إلى التعرض للإغفال بفعل شيوعه” (26 Cynthia Steele)، ويمكن مضاعفة مثل تلك الأمثلة إلى ما لا نهاية.
وقبل حدوث ذلك “الانفجار المفاجئ” للكاتبات في الساحة الأدبية لأمريكا اللاتينية والذي شهدته ثمانينات القرن العشرين، كان يصعب حتى أكثر مؤرخي الأدب اجتهادًا الحديث عن ثقافة أدبية أنثوية باستثناء ثلاث أو أربع نساء – تتكرر أسماؤهن: جابربیلا میسترال (Gabriela Mistral) وديلميرا أجوستيني (Delmira Agustini) وألفونسينا ستورني (Alfonsina Stormi) – يتم الزج بين معا في مجموعات المختارات الأدبية باعتبارهن مجموعة مقدمة من الشاعرات (las poetisas). وتتضمن تلك الفئة بالغة التهميش شاعرات خارجات عن القاعدة ما بين المتسمة بالشهوة الشبقة والعذرية اللذيذة، إلى جانب أعجوبة الطبيعة ممثلة في جابرييلا ميسترال الحاصلة على جائزة نوبل، والتي تميل التعريفات إلى وصفها بكونها تجمع بين “الفحولة” و“الأمومة” في آن واحد. كما يجب على الاعتراف بأن هذه الدراسة هي الأخرى متواطئة بقدر ما مع تلك البنى العتيقة إلى الدرجة التي تجعلها تتبع فرضية زائفة، رغم كونها تاريخية، وهي الفرضية القائلة بانتماء كل الكاتبات جبريًا إلى الهوية الجنسية الغيرية، مما أدى إلى قصور في فهمنا لكاتبات مثل جابرييلا میسترال، حيث أصابت ناقدات نسويات في مراجعاتهن لكتاباتها إذا أشرن إلى دور النص الباطن المثلي المتخفي في أعمالها.
وهكذا نجد سيلفيا مولوي محقة في إشارتها إلى وجود عدم ثبات متأصل عند وصف المرأة الكاتبة، حيث أنه عند وضع الكلمتين جنيا إلى جنب على صفحة واحدة نجدهما تكشفان عن تناقض فاضح. وقد سمح الكتاب الرجال ما بعد الاستقلال بشرعية قيام “السيدات المشخبطات” (scribbling ladies) بإنتاج الشعر الغنائي المؤثر، بل وكان في إمكانهن المساهمة في النصوص المدرسية التعليمية المباشرة، وكما تذكرنا مولوي، فلم يكن في وسع هؤلاء الرجال تقبل فكرة المرأة المؤلفة، أي الكاتبة ذات القوة الفكرية والأهمية الثقافية (108 Sylvia Moloy). والأمر المثير للتعجب وذو الأهمية الفكرية هو أن وجود مثل هؤلاء النساء في التاريخ الأدبي لما قبل ثمانينات القرن العشرين هو مسألة يتم إنكارها تمامًا وكذلك طمسها بشدة، وذلك بطريقة تجعل العودة الحتمية لما تم طمسه وقمعه تمثل مدى ما مثلته تلك العناصر المقموعة من قوة وكونها مصدرًا مهددًا لغيره. فإذا كانت الثقافة الأبوية لما بعد الاستقلال ترى أن النساء غير قادرات على كتابة أعمال أدبية عظيمة (أي أشكال أدبية تبعًا لما يراه الرجل)، فمن المثير للعجب أيضًا أن تتعرض مثل تلك الأنواع الأدبية غير الموجودة نظريًا إلى كل هذا الشجب والرفض. وقد كتبت منذ عدة سنوات المقطع التالي في صيغة اعتبرتها على قدر بسيط من المبالغة اللغوية:
نساء أمريكا اللاتينية لا يكتبن، وإن هذه المقولة تترتب عليها نتائج أخرى وحقائق أخرى في مصادر التاريخ الأدبي لأمريكا اللاتينية، فنساء أمريكا اللاتينية قطعًا لا يكتبن أعمالا سردية. أما القليل الذي يكتبته – ومعظمه من الشعر – فيستحق النسيان، وأي سرد أنتجته النساء من الكتابة الروائية المنزلية الواقعية الجديدة المباشرة، فهو لا يصمد أمام المقارنة بالكتّاب الرجال العظام من مرحلة “الطفرة” وما بعدها، كما لا تليق أعمالهن إلا لجعلها مجرد هامش على سبيل الرأفة، أما الحالات الاستثنائية التي لا تحدث إلا على فترات بعيدة – ممثلة في النساء المتعلمات في الغرب وصاحبات العقلية الأوروبية من أمثال ماريا لويسا بومبال (Maria Luisa Bombal) في شيلي، وإلفيرا أورفي (Ehvira Orphée) وكل من فيكتوريا وسيلفينا أوكامبو Victoria and Silvina Ocampo)) في الأرجنتين، وروساريو فيري Rosario Ferre)) وأنا ليديا فيجا (Ana Lydia Vega) من بورتوريكو، والبرازيلية كلايس ليسبيكتور (Clarice Lispector)، وكذلك إيلينا جارو (Elena Garro) ومارجو جلانتس (Margo Glantz) وباربرا جاکوبس (Barbara Jacobs) وإيلينا بونياتوفسكا Elena Poniatowska)) المكسيكيات، (واللآتي تحمل ألقابهن دلالات لعدم كونها ألقابًا إسبانية الأصل) – في استثناءات توضح تلك النقطة، ولكنها تمثل لغزًا ما في مصادر التاريخ الأدبي التقليدي. وبالطبع ترفض هؤلاء النساء الانتماء والخضوع للأسلوب المنتظم المصطنع المتعارف عليه في الأسلوب الواقعي التقليدي لأعمال الرجال السردية في القرن التاسع عشر، أو الانتماء إلى تلك الكتابات الأخرى التي تتضح فيها الصنعة وتصنع التشتت في مرحلة “الطفرة“. … ومع ذلك تظل هؤلاء النساء هن الأقلية صاحبة الامتيازات في المجتمع وفي التاريخ الأدبي. بل إن هؤلاء النساء المميزات يتراجعن عن تناول أعمالهن بجدية، حيث يكتبن، على رأي كاستيلانوس، من منطلق حالة استقلال خيالية ولكن حقيقية. وكثيرًا ما يتم الطعن في كاتبات أمريكا اللاتينية وتصنيفهن تحت عنوان “الشاعرات” (poetisas) اللآتي تتساوى أعمالهن الشعرية المفترض كونها شعرًا غنائيًا “أنثويا” رقيقًا مع أعمالهن في التطريز بالغ الجمال والمتسم بنفس الدرجة من الزخرفة وعديم الفائدة ضمنيًا. فالقليلات من الكاتبات جديرات بوسام القوة والسلاسة والذكاء، وهي الفضائل التي تم بالكاد إضفاؤها على الحالة الاستثنائية الخارقة للعادة ممثلة في سور خوانا إينيس دي لا كروس (Sor Juana Inés de.(la Cruz ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من نساء أمريكا اللاتينية لا يكتبن على الإطلاق، إلا إذا تمتعن بحسن الحظ المتعلق بالمزايا المضمنة في ألقابهن العائلية مثل جلانتز أو بونياتوفسكا – أي مزايا الأصل والتعليم والثراء. أما النساء، من السود والمستيزو (أي مختلطو الأعراق ممن يجمعون بين أصل مختلط من سكان أمريكا اللاتينية الأصليين ومن المستعمرين البيض) ومن هنود أمريكا اللاتينية، فهن فقيرات وغير متعلمات. وربما تقوم فلاحة محلية ما غير عادية، وفي ظروف غير معتادة، بإملاء سيرة حياتها على شاعرة أو باحثة أنثروبولوجية أو روانية تحظى بمكانة أكثر امتيازًا مقابل تنازلات سياسية. ولكن حتى في تلك الحالات يتم حرمان المرأة غير المتعلمة من الفاعلية … (Talking Back 26-27).
ومما يزيد الأمر تعقيدًا أنه في الوقت الذي تم فيه منع النساء تقليديا من محاولة الاقتراب من أساليب التعبير الثقافي الذكوري، كذلك لا يمكنهن التوجه شرعيًا إلى التجربة الأنثوية، فنقلا عن سيلفيا مولوي “لا يمكن للمرأة أن تكتب المرأة” في أدب القرن التاسع عشر وبدايات العشرين (109 Moloy). ومن المفارقة أن تجد أن شخصية “المرأة” تقع في القلب من جماليات الحداثة، وبالمثل تجد هنا أن غياب الكاتبات في تلك اللحظة من تاريخ الأدب التي تتصف بالوجود النسائي إنما تبقى شاهدا دائما على ما يجب تجاهله ومحوه وإبقاؤه خاضعا عنوة للقمع. فإذا أخذنا في الاعتبار تلك القيود التاريخية والأيديولوجية المفروضة على الفهم الذكوري للنصوص المكتوبة بأقلام النساء فليس من المستغرب أن العدد القليل من النساء اللآتي نفذن عبر ذلك السياج قد تم عزلين داخل هامشين الصغير أو ضمن العنوان الفرعي بحيث يتجنبن تلويث نص التاريخ الأدبي الرئيسي/ الرجالي. إن موضع الاهتمام هنا هو اهتمام تاريخي، والذي تربطه مولوي بتلك اللحظة الخاصة من الحداثة الأدبية في أمريكا اللاتينية، إلا أنه يمكن توسيع نطاق هذا المبدأ – بل وتم توسيعه فعليًا في أعمال ماجناريللي Magnarelli)) وسومير (Sommer) وماسيللو (Masiello) وفرانكو (Franco) وغيرهن – ليمتد إلى حقب/ أنواع أخرى أيضًا، وفي كل حالة منها، تشير هؤلاء الكاتبات إلى تنافر ما في النص الأدبي الرجالي المعتمد (مثل سرديات القرن التاسع عشر الوطنية في حالة سومير، وروايات “الطفرة” في حالة فرانكو)، والتي هي بمثابة تأنيث ظاهري للنص الرجالي مع احتفاظه بالجماليات الذكورية بل والمتحاملة على النساء كخاصية بارزة مشتركة في أعماق بنية العمل السردي. ونجد هنا أيضا، كما هو الحال في نصوص الحداثة التي تستخدمها مولوي كمثال، أن التأنيث الظاهري للنص الرجالي يقوم بوظيفة مضادة لقصر وتفهيد الكاتبات بقوة تفوق ما أطلقت عليه وسولیداد بیانتشی عبارة “جيتو الجنس” (26 “Soledad Bianchi, “el ghetto del sexo) ، أي كتابة المرأة” عبر صفحات التاريخ الأدبي التقليدي مع نزع سلطة الكتابة عن النساء أو قصرها وتقييدها بموقع الهامش من التاريخ الأدبي الرسمي المعتمد.
وتضيف نيلي ريتشارد ملحوظة نزيد الأمر تعقيدا إذ تذكر قارناتها وقراءها بالتداعيات المترتبة على التقسيم العالمي التقليدي للعمل الفكري. فهي تذكرنا بأن التسوية النظرية ما زالت ترى من المنظور الأمريكي اللاتيني باعتبارها تعمل إلى حد كبير داخل سياق البنى الجامعية الأوروبية وفي أمريكا الشمالية، حيث توجد قناعة منتشرة ومثيرة بأن المنظرات للنسوية في الولايات المتحدة وأوروبا، بل والنسويات المتخصصات في أمريكا اللاتينية، يتبادلن الحوار فيما بينهن إلى حد بعيد دون أن يأخذن جديا في الاعتبار المساهمات النظرية للقائمات بالتنظير في أمريكا اللاتينية “فلا حاجة لهن بإشراكهن في تفردهن بميزة الإدراك الذهني” (738 “Nelly Richard, “Feminismo). وفي نفس الوقت، تلاحظ نيلي ريتشارد أن الأوضاع في أمريكا اللاتينية مضادة للتنظير تبعًا لنموذج أوروبا وأمريكا الشمالية: “إن نفس السؤال (ما الذي تنبذه النسوية؟] عند نقله إلى ساحة أمريكا اللاتينية تجده يبلغ قوة متجددة نظرًا لأن الظروف تتطلب، طبقًا للكثيرات من النسويات، مزيدًا من الفعل مقارنة بالخطاب، ومزيدًا من الالتزام السياسي مقارنة بالتشكك الفلسفي، ومزيدًا من الرفض والاستنكار بالكتابة الذاتية المباشرة مقارنة بالزخرفة التفكيكية (“Feminismo” 735). وتشير تعليقات نيلي ريتشارد ضمنيا إلى وجود تواطؤ غير واضح بين المنظرات في أمريكا الشمالية والناشطات في أمريكا اللاتينية، وهو تواطؤ تتم بمقتضاه مراجعة الصورة النمطية القديمة بشأن كون أمريكا اللاتينية موطنًا للممارسة التطبيقية لا النظرية، مع إعادة صياغة تلك الصورة في سياق مختلف تقوم فيه نسويات كثيرات من أمريكا اللاتينية باتخاذ موقف مبدئي دعمًا لعملية إرجاء النظرية إلى حين التمكن من التعامل بطريقة فعالة مع المشاكل الاجتماعية الملحة.
وفي نفس الوقت فإن وجود نموذج أكثر اتساعًا لغياب العدالة في التبادل العالمي للرأسمال النظري سيأخذ في اعتباره الدور الوسيط الذي تقوم به النسويات في أوروبا وأمريكا الشمالية المتخصصات في أمريكا اللاتيني، واللآتي يتم إلى حد كبير سحب البساط من تحت أقدامهن داخل المواقع الأكاديمية في أوروبا وأمريكا الشمالية. ويظل الميل هنا قائما إلى ربط النظرية بما يتم باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وكثيرًا ما تكون علاقة النسويات المتخصصات في أمريكا اللاتينية والعاملات في تلك المواقع علاقة غريبة/ متوترة بزميلاتهن العاملات بتلك اللغتين الأكثر تميزًا نظريًا. وكما نرى في كتابة كاميلسكي في قولها الحاسم: “إن العنصرية وكراهية الأجانب التي تتسبب في التقليل من قيمة اللغة الإسبانية في بلدنا تؤدي أيضًا إلى التقليل من شأن الفكر الذي يتم التعبير عنه بتلك اللغة (۱ Kaminky)، ومن هذا المنطلق فإن الباحثات من أوروبا وأمريكا الشمالية المتخصصات في أمريكا اللاتينية، واللاتي يمثلن السوق الأساسية للأعمال الأدبية والنظرية النقدية من أمريكا اللاتينية، نقل الإمكانيات المتاحة أمامين لنشر أعمالهن في الوسط الأكاديمي، حيث أن ثقافة الوسط الأكاديمي في أوروبا وأمريكا الشمالية تميل إلى التقليل من أهمية إسهاماتهن في المناقشات النظرية أو الثقافية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك هو المسيرة الانجلو فرنسية الخارقة للروائية البرازيلية کلاريس ليسبيكتور (Clarice Lispector)، فيفضل اهتمام هيلين سيكسو (Helene CiNous) الفريد بأعمالها، أصبحت تلك الروانية شخصية رئيسية في الأوساط النظرية الدولية إلى حد إقصاء المفكرات النسويات في كل من أوروبا وأمريكا من ناحية وأمريكا اللاتينية من ناحية أخرى.
ولسوف تقوم نيلي ريتشارد حينها أيضًا، وهي المفكرة واسعة الاطلاع والعارفة بالنظرية (في سياقات أوروبا وأمريكا الشمالية وكذلك أمريكا اللاتينية)، برفض واضح للخلط القائم بين المواقف الأوروبية الواسعة التي تبينها لنا وبين التوجهات الفردية، ومن المدهش أن تقريبًا كل الكانيات اللآتي تستشهد بهن في مقالتها عن “النسوية والتجربة والتمثيل” ( Richard, Feminismo Experiencia y Representación)، والتي تم الاقتباس منها أعلاه، هن كاتبات يحتللن مواقعهن المستقرة في النظريات المعتمدة في أوروبا وأمريكا اللاتينية (ويتيج، دي لوريتيس، بتلر، كريستيفا: Wittig De Lauretis, Butler, Kristeva) أو هن من أمريكا اللاتينية أو متخصصات في أمريكا اللاتينينة مع استقرارهن في المؤسسة الأكاديمية الأمريكية (فرانكو، جيرا، فيدال، سانتي: franco, Guerra Vidal Santi). وهكذا تلمح نيلي ريتشارد ضمنيا إلى أن الفاصل بين النظرية والممارسة التطبيقية (theory/praxis) يتم تناوله بشكل أكثر تعقيدًا مما قد توحي به مقولاتها المنظمة، وأن تلك التوجهات قد تساعد في تفسير الزيادة في الكم والكيف التي شهدها التبادل القائم فيما بين بعض المتخصصات الأنجلو– أمريكيات في أمريكا اللاتينية في الوسط الأكاديمي الأمريكي (مثل فرانكو، كامينسكي وأنا: France, Kaminsky, Castello)، وبين شخصيات من أمريكا اللاتينية في الوسط الأكاديمي بأمريكا الشمالية (مولوي، كاسترو كلارين، جويرا، إلخ: .Molloy, Castro Klaren, Guerra, etc) والنسويات من أمريكا اللاتينية المستقرات في أمريكا اللاتينية (ريتشارد، أراؤوخو، سارلو يونياتوفسكا، إلخ: .Richard, Araujo, Sarlo, Poniatowska, etc)، وبينما ما زال هذا التبادل يتم على هوامش البنى الأكثر رسوخًا في مؤسسة النظرية الأدبية، فإننا نجد أن النسويات من أمريكا اللاتينية وأولئك المتخصصات في أمريكا اللاتينية يمثلن معًا تحديًا متزايدًا في مواجهة التحيزات الثقافية الأوروبية والأمريكية الشمالية الموجودة في الخطاب النظري.
ونجد بمحاذاة ذلك أن ماريو فالديس (Mario Valdes) وشركاؤه يشيرون تحديدًا إلى التحديات التي وضعها النسوية أمام البناء التقليدي للتاريخ الأدبي في أمريكا اللاتينية. حيث يكتب ماريو فالديس هو وليندا هاتشون (Linda Hutcheon) على سبيل المثال قائلين “إن الجانب الذي سيمثل قاعدة معرفية لكل المناقشات الخاصة بهذه الإشكاليات التاريخية المتنوعة سيتمثل في مسألتين هامتين: الوعي بدور الجندر الذي كان يتم إدماجه مسبقا، والتساؤل التأملي حول الشروط والأساليب المستخدمة في التحليل” (8 “Valdes and Hutcheon, “Rethinking)، وفيما يلي الأسئلة التي أود طرحها وتركها معلقة في خلفية الصفحات القليلة التالية: فإذا كان التاريخ الأدبي، كما يطرحه الباحثون والباحثات الواعون بالجندر، هو شكل أبوي من أساسه، فهل عملية “إعادة التفكير” النسوية بشأن إقصاء النساء تمثل عودة للطرف المقموع (داخل نفس البنية) أم إعادة اختراع لأبعاد جديدة؟ وكيف يكون البديلان اللذان يعتمد أحدهما على الآخر وعلى البني المسبقة والمتحاملة الخاصة بشخصية الكاتبات باعتبارهن مثال صورة “المرأة” المجازية؟
ومرة أخرى نجد أن مولوي تقدم نقطة انطلاق وجيزة محكمة لبداية تناول تلك النقاط:
يمكن القول ربما بأن النساء، اللآتي طالما تم تمثيلهن في صور مبالغ فيها بواسطة الرجال، ما زلن حتى وهن يشككن في تلك الصور أو ينشئن بدائل تتحداها يقعن فريسة لنفس نظام التمثيل الذي ينبذنه، وبينما يصح الأمر جزئيًا (وحتميًا)، إلا أنني أجرؤ على القول بأن ما تأخذه الكاتبة من النظام المتمحور حول الرجل (androcentric) ليس في حد ذاته تمثيلاً بقدر ما تأخذ منه بعض الاستراتيجيات التمثيلية التي تراها مفيدة، إن ها الاستحواذ المحسوب ليس عديم الصلة بنظرة المؤسسة الأدبية ذات الغالبية الرجالية تجاه الكاتبات – في الماضي والحاضر. ويجب علينا أن نذكر أنفسنا بأن النقاد في أمريكا اللاتينية كانوا أقل ميلاً إلى قراءة أعمال النساء المؤلفات مقارنة بالمبالغة في عرض أوجه الغرابة التي كانوا يرونها فيهن كأشخاص. (Molloy 115)
وهكذا فكثيرًا ما نجد النساء المؤلفات يقمن بأفعال من منطلق الوعي القوي بتلك الممارسات الإقصائية، كما يلعبن عليها من منطلق تأملي للذات متعاملات معها كما لو كانت حالة مسرحية أو قناعًا أو استراتيجية ما. وعلى سبيل الاستشهاد بمثال محدد، نجد أن روساريو كاستيلانوس (Rosario Castellanos, Poesia no eres tu) تعمل من داخل وفي مواجهة تراث أدبی (Boquer) (مابعد) رومانسي، تظهر فيه المرأة كموضوع الشعر ولكنها لا يكون ذاتا كاتبة أبدًا. وتجد في هذا الديوان الشعري عمومًا عملية إعادة استحواذ وإعادة كتابة لتلك الاستراتيجيات التمثيلية الذكورية العتيقة، وذلك في عملية محسوبة بدقة ونوعي، فإعادة صياغة التاريخ الأدبي – بل التراث الأدبي المعتمد – يجب أن تأخذ في الاعتبار كيف كان لفرضية الإقصاء، بالنسبة لكاتبات مثل كاستيلانوس أن تظل حتى وقت قریب تلعب دورها بطريقة تبدو متناقضة لكونها نقطة انطلاق مثمرة وفعالة للتعبير الإبداعي. أما التناقض الآخر فيبدو في أن إعادة كتابة التاريخ الادبي سيعني إخراج القوة وفعالية التأثير من كثير من النصوص النسائية المعارضة.
ولنذكر أنفسنا ببعض القيود الأساسية الخاصة بالبنية والمفروضة على الكاتبات، وهي قيود ظلت راسخة منذ زمن ما بعد الاستقلال إلى الحاضر: 1) إن الثقافة الأدبية العامة هي من أساسها ثقافة الرجل، وبالتالي تتضح الثقافة الأدبية النسائية عادة في المساحات المقيدة والمحددة من الدوريات النسائية أو الصالونات الأدبية لنساء الطبقة العليا أو في ورش العمل المعاصرة بما فيها من تبادل للمواد المقدمة يكاد يقتصر على المجموعة المشاركة مع قلة تأثيره على الجمهور العام خارج المجموعة واتسام شبكة التوزيع بالمحدودية، ٢) تعتبر القارئات من منظور المؤسسة الأدبية أقرب إلى كونهن كيانًا فاضحًا – تافهات و/أو قارئات غير متمتعات بالقدر الكافي من القدرة، وتقتصر قراءاتهن على النصوص الدنيا المكتوبة لهن بأقلام غيرهن من النساء، 3) ولكن من الغريب أن الكاتبات من نذر انحلال المجتمع، كما قام كتاب بارزون على مدار القرنين الماضيين بالحديث عن التداعيات التي قد تترتب على أخذ النصوص النسائية محمل الجد – أو عدم أخذها بالقدر الكافي من الجدية. فكما تذكرنا الكاتبات المشاركات في “ندوة النسوية والثقافة في أمريكا اللاتينية“: “إن صورة النساء كقارنات تبدو وأنها لا تمثل أي تهديد يذكر في تلك الحالة، فالقراءة تعتبر شكلاً استهلاكيًا من الناحية البورجوازية، أما صورة المرأة الكاتبة فيمكن أن تكون مثيرة نذيراً“، ويمكن التعرف على إحدى مؤشرات هذا التهديد في عملية النشر الحذر لتاريخ الرواية النسائية، والصحف والدوريات والمجلات التي تديرها النساء والتي تخاطب النساء بحيث نجد أن “قصر استمرارية غالبية تلك المداخلات … تشهد على البيئة المعادية التي عادة ما كانت يتم فيها إعداد الكثير من تلك الإصدارات. إن ما اتسمت به الكثير من تلك الإصدارات من رقة وهشاشة … يجب بالتالي أن ينظر إليها باعتبارها علامة على الصراع والندرة” (Seminar 175 – 178). وسأحاول في الصفحات القليلة التالية التوقف أمام الطرق التي أدت بها تلك القيود الفكرية والاقتصادية إلى تشكيل بعض الأعمال الشعرية والروائية لنساء أمريكا اللاتينية.
من الظروف الهامة والتي لا مفر منها فيما يتعلق بالكتابات النسائية لأمريكا اللاتينية هو أنها كانت دوما مشروعًا نخبويًا في القالب، حيث تميل غالبية النساء اللآتي يمارسن الكتابة إلى الانتماء إلى طبقة واحدة. الا وهي الطبقة البورجوازية (وهو ما ينطبق أيضًا على أغلب الرجال، ولكنه أمر يبدو دائمًا غير في دلالة نوعًا ما)، ونظرًا لأنه من السهل جعل سورة الفتاة الفنية النمطية مثارًا للسخرية – بل وفي الواقع أسهل كثيرًا من الصورة النمطية للشاب الغني – فإن صلتها وإمكانية وصولها إلى المنابر الأدبية يتأثر بالشكوك حول مواهبها ودوافعها وشخصيتها، وعند النظر تحديدًا إلى الكتابات النسائية ما بعد الاستقلال، فلا يساعدنا بالطبع أن نرى أن غالبية النساء اللآتي يكتبن أعمالاً تعبر عن التزام اجتماعي – وهي المكون الأكثر بروزًا في أعمال الكتاب “الجادين” – من مخادعات عن قصد ولأغراض استراتيجية فيما يتعلق بمواقفهن بشأن المجتمع الذكوري المحيط مين ولكنه من المثير للعجب أن الهجوم الموجه إلى قيام النساء بتناول القضايا الاجتماعية عادة ما يتخذ شكل المراجعات النقدية المعتمدة على انتماءاتهن وتحيزاتهن الطبقية المفترضة.
وتتحدث بياتريس سارلو عن النزعة الإصلاحية في الكثير من الكتابات النسائية في أمريكا اللاتينية ما بعد الاستقلال، مؤكدة أن “تلك السمة قد تفسر إحدى الاستراتيجيات … المكونة من تحرك مزدوج يجمع بين فرض النفوذ على الساحات والمساحات وبين طمأنة الرجال بعدم تهديد أي تحرك لما يتمتعون به من مزايا وهيمنة” (232 Beatriz Sarlo). وهكذا فإن التحدي يكمن أساسًا في استنكار غياب العدالة بين الجنسين مع عدم المساس بسلطة الرجل، وفي ترك المجال المنزلي الخاص دون الابتعاد عن المسؤوليات الأساسية نحو الزوج والأطفال. إن تلك الإيماءات الخادعة بالضرورة. ومع أنها ما زالت جزءًا من حياة بعض النساء الاجتماعية والسياسية حتى يومنا هذا، إلا أنها تظهر حلها في الأدب الإصلاحي للقرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وأنه بصرف النظر عما كان بلقاء الرجال من عطايا إلا أنها لم تخدعهم، وطبقًا لما ورد عن ماسيللو فإنه “كثيرًا ما ينظر إلى النساء على أنهن قد ضللن طريقهن بعيدًا عن وحدة الأسرة ، … وشجعن الأنشطة التي تضعف من المصالح العليا للدولة” (29 “Masiello, “Women)، وتستجيب بعض الكاتبات، الأكثر إثارة للاهتمام في بدايات القرن العشرين، إلى هذا الاتهام بضلال الطريق عن الوحدة الوطنية/ الأسرية فيخترن هجران المكان (displacement). وكما تشير ماسيللو، فإن روايات الشيلية ماريا لويسا بومبال (Maria Luisa Bombal)، والأرجنتينية نوره لانج (Norah Lange)، والفينزويلية تيريسا دي لا بارا ( Teresa de la hawra) وغيرهن (حيث يمكننا كذلك إضافة كتابات الرحلات مثل مذكرات فلورا تریستان Flora) (Tristan عن رحلتها إلى موطنها في بيرو) هي نصوص متشبعة بصور عن تشرد المرأة وفقدها الوطن:
لقد رفضن الخطاب الموحد الذي يبني جسد المرأة في موضعه … وهكذا فإن هجرة النساء أو رحلاتهن أو تعرضهن لليتم أو الهجر تقدم دافعًا للرواية النسائية في العشرينات من القرن العشرين” (Masiello 37)
وفيما يتعلق بتلك الصيع التي تبدو لي صحيحة ودقيقة تمامًا، أود أن أشير بإيجاز إلى الحديقة التي تجد شخصية الكاتبة المتمردة وشخصية المرأة المصلحة تتواءم بها داخل مجال خطابي معين ومحدد بوساطة المفاهيم المكانية الصادرة عن مجتمع ذكوري سائد. وبالتالي فإن المرأة المصلحة ترغب في “غزو” (وهو نشاط يرتبط بالرجل) مساحات كانت ممنوعة منها مسبقًا، وهي تقترح فكرة القيام بذلك بواسطة الصور المجازية الثابتة للحياة المنزلية الوديعة، وهما عملان يفرضان على بنية النص مسايرة الحيز الخطابي للثقافة السائدة، وذلك بصرف النظر عما إذا كان الأمر يتم من منطق القناعة والثقة أم بوصفه استراتيجية مخادعة، أما المرأة التي تتجاوز الحدود فهي “تضل” عن هذا الحيز (وهو نشاط غامض يتم تمييزه عمومًا في المجتمع السائد بعلامة مميزة ممثلة في تعبير جنسي غير مقبول)، وهي إذ تقوم بفعل التجاوز فإنما هي تبرر إمكانية الترحال، وهو نشاط يرتبط جدًا بالرجال البيض المتعلمين، ويكتب جيمس كليفورد في نبرة من السخرية قائلاً: “الترحال الجيد” (البطولي والتعليمي والعلمي والمغامر والذي يرفع المقام) هو شيء (يجب) على الرجال القيام به، أما النساء فأمامهن ما يعيقهن عن الترحال الجاد….. والرحالة السيدات (البورجوازيات البيضاوات) غير عاديات ويعتبرن ذوات خصوصية،…. يتم جبرهن على الامتثال أو التنكر أو التمرد خفية داخل مجموعة من التعريفات والممارسات الرجالية المتعارف عليها” (105 james Clifford). وفي كلتا الحالتين نجد أن سلوك التجاوز لدى الكاتبات يقع ضمن حدود ثقافة أمريكا اللاتينية البورجوازية. وليس من المستغرب أن تكون الكاتبات المعاصرات قد حاولن تقبل ذلك الطريق المسر الموروث، وذلك بالنضال كما ترى مولوي من أجل صياغة الجوانب الأدبية والثقافية والعرفية والأيديولوجية ضمن النموذج الأنثوي (122 Molloy). كما تعترف روساریو كاستيلانوس ضمنيًا وتأخذ في الاعتبار وجود تراث يوصم الكاتبات بوصفهن بورجوازيات يتلهين بالأدب ويصف القارئات بالسطحية والنقص الأخلاقي. ونجد أن مقالتها عن ماريا لويسا بومبال، والتي تأتي صراحة لتحتفي بالإمكانات الخفية غير المستكشفة للمرأة كقارئة وروائية، تقترح استخدام الصورة المألوفة التي تحط من قيمة النساء، والقيام بعملية يتم بمقتضاها قلب أسلوب التمجيد بهدف تأكيد السمات الأدائية المتحركة والمتغيرة في تصوير الذات لدى نساء أمريكا اللاتينينة:
عندما تمسك امرأة من أمريكا اللاتينية بقطعة أدبية بين يديها، فإنما هي تفعل ذلك بنفس الإيماءة ونفس اللية التي تلتقط بها مرأة، أي تأمل صورتها ويظهر الوجه أولاً … ثم الجسد … ويرتدي الجسد ملابس الحرير والقطيفة المزينة بالمعادن والجواهر النفسية، والتي تغير مظهرها كما يغير الثعبان جلده للتعبير… عن ماذا؟
ويبدو أن روائيات أمريكا اللاتينينة قد اكتشمن قبل روبجریبه بزمن بعيد وقبل منظري الرواية الجديدة (nouveau roman) أن العالم هو سطح ظاهري، وإذا كان العالم سطحا فلنقم بصفله كي لا يكون خشن الملمس ولا صادمًا للرؤية، بحيث يلمع وبحيث يبرق كي ينسينا تلك الرغبة وتلك الحاجة وذلك الهوس بالنظر بعيدًا وإلى ما هو موجود وراء الحجاب ووراء الستار.ولذلك فلنظل محتفظين بما ثلناه، فلا تعمل على تطوير بناء حميم بل الكشف عن سلسلة من التحولات (145 Maria Luisa Bombal, Mujer)
لقد ظللت مشدوهة بتلك الصورة لفترة طويلة. وكما ذكرت في كتابي: “إن كاستيلانوس تواجه هنا مباشرة التراث البلاغي الذي يقوم بتعريف النثر الجيد بوصفه واضحًا ومباشرًا وذكوريًا، أما الذوق السيئ في النثر فهو الإعجاب بالزخرفة الزائدة وبالتالي سمة الأنوثة…. وفي تحديها لهذا التصوير المجازي الراسخ تستعين كاستيلانوس ببصيرتها في التوصل إلى الإمكانيات المذهلة التي تتمتع بها الجماليات الأنثوية باعتبارها نموذجًا مختلفًا جذريًا بالنسبة للسياسات النسوية. وهو ترفض رية المنزل الوديعة المرتبة، وتستدعي مكانها الصور التي لا تخطئها العين لامرأة الطبقة العليا الملولة وهي تبرد أظافرها (تحدّ مخالبها؟)، وتمثل مصدر خطر وتهديد في تسللها مما هو أشبه بجلد الحية–حواء، وهي تخلق نفسها بقوة وثبات في عملية استحواذها على الوجود الممنوح لها، المصقول والسطحي والوصفي، وتجعل العمل الروائي على قدر أكبر من الجمود الخيالي إلى أن يبرق كاعتراف ثوري بحقيقة منسية لا أخلاقية، فهل يتم تقليل الزخرفة الزائدة كعلامة على أنوثة عاطفية مبالغ فيها؟ حسنا، إنها تتبنى تلك الأناقة الفارغة لتكون أسلوبها البلاغي وتتباهي بما فيه من غواية” (Talking 51-52 Back)، إن الرد الجديد الذي تقدمه كاستيلانوس على صورة “المرأة” ليس بالتالي إصلاحيًا تقليديًا ولا ثوريًا تقليديًا، فهي تتعامل مع التجريد بحيث تتبناه مع إعادة رفع قيمته وقراءته في مواجهة نفسه في علاقة تأملية تقوم بتعريف المرأة المؤلفة وقارئتها في سياق المجال الذي يتضمن، وفي نفس الوقت يمحو، الحضور الوسيط للتراث الذكوري الذي تعمل داخلة – ومن أجله – بصياغة بنية صورته الأولية في عملية ظاهرية وتأملية للذات.
إن هذه التكتيكات الشيطانية المعقدة تمثل أساسًا معرفيًا للأشكال الغنانية التي تبدو بسيطة في کتاب کاستيلانوس ( Poesia no eres tu)، وتتضح في قصائدها التي يكثر الاستشهاد بها مثل نص (“Malinche”) كما استعانت سيلفيا مولوي هي الأخرى ببصورتها في التوصل إلى تنويعات على الممارسة الأدائية التي تتحدد بوساطة المقارنة لدى كاتبات متنوعات تمامًا في الأصول الوطنية وفي الأنواع الأدبية، مثل إيلينا جارو (المكسيك، الرواية)، ألفونسينا ستورني (الأرجنتين، الشعر الغداني روساريو فيري (بورتوريكو، القصة القصيرة)، حيث تقوم بتحديد قراءة أدائية مضادة للقراءة السائدة لصور الشخصيات النسائية النمطية من الأساطير الكلاسيكية بوصفها في السيد المعتادة للممارسة النسوية التأملية المتحركة المتغيرة في القراءة والكتابة. إن تحليل مولوي القصيدة جابريلا ميسترال “إليكترا في الضباب” (“Gabriella Mistral, “Electra in the Mist)، وهي القصيدة غير المعروفة للأسف، هو تحليل يقدم مثالاً للقراءة الدقيقة لآليات هذا النوع من الكتابة (Molloy 112-113)، ويمكن توسيع مجال النتائج التي توصلت إليها وتطبيقها على بعض من أكثر أعمال الشعرية إثارة للاهتمام والمنشورة حديثًا، والتي تتناول إعادة الاستحواذ على شخصية “المرأة” الشعرية الأسطورية، مثل أعمال شاعرات مختلفات مثل ميريام موسكونا (Myriam Moscona) (المكسيك، مثل إعادة استحواذها واستخدامها للصور الواردة في الكتاب المقدس مثل صور حواء وزجة لوط من الثراث اليهودي تحديدًا)، ونانسي موريخون (Nancy Morejon) (كوبا، مثل استخدامها الجوانب الروحانية الأفرو– كاريبية في إعادة كتابة شخصية المرأة القوية المتمحورة حول الثقافة الأفريقية). ففي كل حالة من تلك الحالات نجد أعمالاً يتم وضعها عن قصد داخل المحال الأنثوي، وفيما يتعلق بكاتبات مثل موسكونا وموريخون المتنبهات إلى عمليات تشكيل تجربة اللون والعرق، والواعيات في نفس الوقت باعتمادهن بالضرورة على التراث الأدبي السائد وداخله. بينما يقمن في ذات الوقت بفرض تغيير غير عادي على هذا التراث، كما تجدر الإشارة إلى أن مثل ـ الإيماءات الأدائية المقصودة، والتي يمكن إرجاع أصلها الموروث إلى الفتاة الصغيرة الغنية البائسة التي يكثر التهجم عليها بالقول، ولكنها إيماءات أدائية اتسع مجالها بحلول التسعينات من القرن العشرين لتتضمن إعادة تفكير معقد وصحيح للطبقة وللنصوص الأدبية.
وقد علقت ناقدات عديدات على دور الكتابة النسائية في توفير مساحة للشعوب المهمشة في تدخل إلى البناء الأدبي القومي أو الدولي. حيث تتضمن النصوص في هذا الصدد كلا من نص کلوریندا ماتو دي تيرنر “طيور بلا عش” الصادر عام ۱۸۸۹ (Corinda Martto de Turner, Aves sin nido) ، الذي يستهجن الممارسات الاستغلالية في حيازة الأراضي في بيرو وهو النص الذي كان استهلالاً للنوع الأدبي الفرعي المعروف بمسمى “الرواية المحلية” (indigenista novel)، وكذلك الكاتبة الكوبية جيرترودیس جوموس دي أفيلانيدا وكتابها “ساب” الصادر عام 1841 ( Gertrudis Gomez de Avellaneda Sab) بما فيه من مشاعر مستفزة مناهضة للعبودية والرق وقصة حب. ومن البدائل المتاحة لتتبع التاريخ الأدبي في التتبع الدقيق لهؤلاء الأمهات الأدبيات الرائدات وتقصي تأثيرهن على الممارسات الأدبية المعاصرة. حيث أن التحالف أو على الأقل الحوار بين النساء من مختلف الأعراق و أو الطبقات كثيرًا ما يلعب دورًا كنمط في الكتابة يمثل قاعدة للسرديات القوية المعاصرة. وتتضمن الأمثلة التي يسهل التعرف عليها قصصًا مثل قصة روساريو فيري (بورتوريكو) وعنوانها “عندما تحب النساء الرجال” ( Rosario Ferre, “Quando las mujeres quieren a los hombres)، وهي قصة تتناول في واقع الأمر العلاقات بين النساء عبر الحدود الطبقية والعرقية، وكذلك قصة إيلينا جارو (المكسيك) وعنوانها “إنه ذنب أهل تلاكسكالتيكا” ( Elena Garro, “La culpa es de los tlaxcatecas) حيث تستشعر امرأة حديثة مدى الحمل الواقع عليها من الماضي المحلي، أو روايات مثل رواية جياكوندا بيللي (نيكاراجوا) عن “المرأة المسكونة” ((Giaconda Belli, Mujer habitada والنص الذي يمثل ظاهرة كبرى “كالماء للشوكولاته” بقلم لورا إسكيفيل (المكسيك) laura Esquivel, Como agua para chocolate.
ولكن إذا أمكننا القول، بدون جدل نسبيًا، أن للأدب طبقته وعرقه، فلا يمكننا استخدام نفس المقولة بالنسبة للجندر الذي يظل كما هي حالته دواما مسألة متحركة ومتغيرة، وتتمثل المشكلة جزئيًا في العزلة النسبية للإنتاج الأدبي النسائي في كل من السياقات الثقافية لأمريكا اللاتينية على تنوعها وفي المجموعات المختارة ومصادر التاريخ الأدبي الوطنية والأوروبية. فطالما بقيت الكاتبة مهمشة داخل/ من التراث الرسمي، يستحيل الكلام عن الكتابة “النسائية“، حيث أن ما يمكننا حينها مناقشته هو النساء الملتزمات (واللآتي يتم تعريفهن في النصوص التقليدية بمثال الكاتبة المعتادة، مع التفضل والإنعام عليهن بتلك الصفة)، وكذلك النساء المصلحات والمتمردات اللآتي يتواجدن بوصفين حالات استثنائية لعملية كتابة الثقافة التي تم تعريفها كعملية خاصة بالرجل. وهكذا ترى سوليداد بيانتشي مثلاً أنه في الثمانينات من القرن العشرين “أمكن وللمرة الأولى الحديث عن كتابة النساء في صيغة الجمع” (Soledad Bianchi 129)، كما تلمح نيلي ريتشارد إلى أنه في حضور مثل هذا الثراء النسبي في ذلك المجال يمكن عندها فقط العودة إلى السؤال الذي أخذ يطرح نفسه على الكتاب والكاتبات والنقاد والناقدات على مدار السنين: “هل للكتابة جنس؟” ولم يمكن تناول هذا السؤال بالدراسة المتأنية قبل أن يبلغ تلك الأهمية النقدية، حيث كان يميل السؤال كما تراه نيلي ريتشارد إلى أن يفهم لا على أنه قضية نظرية بل باعتباره بناء قائم دومًا فعليًا بدافع سياسي وأتي من مفكر كانت عينه الدفينة في تنحية النساء مرة أخرى ووضعهن في مكانة ثانوية ومعينة فيما يتعلق بالأدب الحقيقي أي الكتابة بقلم الرجل.
وبينما نجد هذا الوضع مفهومًا في السياق التاريخي الأدبي، إلا أن نيلي ريتشارد ترى أن التنويعات المعاصرة للمقولة القائلة “أنا لست امرأة كاتبة بل أنا كاتبة” (I am not a woran writer l’m a writer) ) هي تنويعات مشبوهة لعدة أسباب، بما فيها وأكثرها وضوحًا هو التوجه السياسي للمؤلفة التي تؤكد على تلك المقولة (وهذه هي النقطة التي تبرز فيها الروابط التقليدية الحميمة بين النشاط السياسي المناصر للمرأة وبين التنظير النسوي في شيلي)، حيث تقترح نيلي ريتشارد على نفسها أن تأخذ النظرية الأدبية النسوية في اعتبارها وأن تقوم بتوظيف البعد الخاص بأن “الكتابة إنتاج نصي مثلما أن الهوية تلاعب بالتمثيلات … وذلك من أجل بناء “الأنثوية” (feminine) باعتبارها هي المدلول والدال بالنسبة للنص” (Richard, Masculino/ feminino 34) ، إن التناول الإبداعي والصارم لتلك القضايا سوف يعيد تشكيل فهمنا للمجال نفسه، وترى نيلي ريتشارد أن توسيع فكرتها المطروحة يؤدي بالضرورة إلى إعادة التفكير في كل المزاعم الخاصة بامتلاك المعرفة، لا المعرفة الأدبية فحسب بل العلمية أيضًا، ولا المعرفة الأكاديمية فحسب بل الاجتماعية أيضًا (21 Masculino/ feminino) إن موقف نيلي ريتشارد المشحون سياسيًا في فهمها للسؤال “هل للكتابة جنس؟” وإجابتها على هذا السؤال من منطلق التداعيات المترتبة على فرضية وجود ثقافة مميزة للكتابة بالنسبة للنساء تطرح مشكلات مهمة أمام المزيد من التفكير، وخاصة في السياق الأدبي/ السياسي الشيلي الذي يمثل خلفية محددة لتأملاتها، ومن اللافت للنظر أن هي الأخرى تنتمي إلى النظرية التي تربط بين الإنتاج النسائي النصي وبين اللعب الأدائي للهوية، ولكننا نجد في أعمالها أن مفهوم الأداء والاستعراض قد تطور تطورًا بالغًا من حالات التنكر الأكثر سذاجة الخاصة بالمصلحات في نهايات القرن التاسع عشر واللآتي يمثل جداتها، ومع ذلك فإن التتبع الدقيق لهذا التاريخ الأدبي يمكنه حقًا أن يقدم لنا بعض المفاتيح للتعرف على البنية عابرة القوميات (transnational) وعابرة التاريخ (transhistorical لثقافة الكتابة النسائية خارج الأوساط المحدودة والدوائر المقيدة الممثلة في الصالونات وورش العمل ولقاءات الشاي الأنثوية.
وأود في الجزء الأخير من هذه الورقة أن أتخذ سبيلاً آخر وأنظر في طريقة أخرى يتم بها بناء الثقافات الأدبية النسائية، فالمفاهيم والتصورات التقليدية بشأن الكتابة النسائية تضع المؤلفات في حيز من الذين معتادين وهما: الحيز الأدبي الفرعي، والحيز الطليعي، ونجد أنفسنا هنا أيضًا نتعامل مع ظروف النضال والندرة، وظروف القيود الفكرية والاقتصادية وتأثيرها الذي يشكل أعمال النساء الشعرية والروائية – ولكن في منبر مختلف نوعًا ما، فليس من الواضح في تمامًا كيف تم الربط بين النساء وبين الأشكال الأدبية الأسهل والأصعب تقنيًا، ولا أرى إجابة سوى في كون تلك العلاقة انعكاسًا لتحامل القراء ولتوقعات الثقافة الأدبية السائدة والتي تعبر عن نفسها عبر مجمل الكتابة النسائية وهكذا تميل الأعمال الأدبية النسائية إلى توجيهها نحو أحد هذين القطبين غير المستمرين، بدلاً من المحال الغني المتصل بكتابة الرجال، وهكذا أيضًا نستشعر عملية النسيان والقمع، وأشكال الإقصاء السافر، بما في ذلك من سوء التمثيل المباشر لمجالات التأثير التي تعيدنا إلى الكتابة النسائية. ومن الامثلة على ذلك هو ما تم مؤخرًا نسبيًا من استرجاع للتأثير القوي الفعال لأعمال إيلينا جارو على جابرييل جارسيا ماركيز (Gabriel Garcia Marquez) ومرحلة “الطفرة” عمومًا، وكذلك أثرها على فكر وشعر أوكتافيو پاس (Octavio Paz)، فنجد أمامنا امرأة تتصف أعمالها بالعظمة والضخامة في حد ذاتها، والتي أدى تأثيرها إلى تشكيل أحدث رجلين من أمريكا اللاتينية حصلاً على جائزة نوبل في الأدب، ولكنها خضعت مؤخرًا لإخراج ذكرها من متن التاريخ الأدبي أو إضافتها فقط في الهامش.
إن الأشكال الأدبية الفرعية (الروايات النسائية والشعر الغنائي) ظلت تبعا لمعيار واحد – أي المبيعات – تتمتع بالجماهيرية والانتشار المستمر والمدهش على مدار القرنين ما بعد الاستقلال. إن سمة الانتماء إلى أعلى الكتب مبيعًا على مدار العام هي على قدر من الغرابة تتيح التأكيد على صدارة أعمال الفن الروائي النسائي باعتبارها أشكالاً ثقافية وطنية أمام الإنتاج الخيالي للرجل والأقل انتشارًا بين القراء، والتي يمكن القول أنها لا تنتشر حقا سوى في دائرة النخبة الضيقة، وللأسف فقد شعر النقاد ومؤرخو الأدب أن في إمكانهم تجاهل تلك الأعمال ببساطة نظرًا لأنها تمثل أذواق الثقافة الجماهيرية الدارجة (popular culture) لا قيم الفن العالي الأكثر رقيًا! إضافة إلى ذلك، وكما لاحظت أكثر من ناقدة نسوية. فإنه بصرف النظر عن الاعتبارات الذاتية (المفترض كونها “موضوعية“) بشأن القيمة الكيفية للأدب نجد أن المشروعات المتمحورة حول المرأة (feminocentric) لا تلقى الاعتراف الكافي بها من النقدية (الذكورية) عندما تتعلق بكاتبات وقارئات منتميات إلى جنس النساء ونيتين قضايا متصلة بذلك.
ومن جانب آخر يتم وضع بعض النساء ضمن الحركات الطليعية حيث يكون حضورهن متجزئًا ومهمشًا، فتصبح هؤلاء الكاتبات أقرب إلى الذوبان في الكتابة الطليعية باعتبارهن منتميات إليها دون أعمال تميز واضح، أو بوصفهن نماذج استثنائية تشذ عن القاعدة، وفي كلتا الحالتين لا تخضع الكاتبة الطليعية للقراءة الدقيقة الجادة، فسواء تعرضت للاستيعاب داخل الحركة أو الإقصاء عنها، تظل مثالاً للغرابة وحالة استثنائية، ويبرز التناقض جليًا بين وبين الكاتبات الجماعيات المنتشرات من حيث الآتي: قاعدة ثقافية ضعيفة/ قاعدة ثقافية قوية توزيع محلي/ ممتاز توزیع دول بسيط، كثرة القراء/ قلة القراء، ولا تلتقي هاتان الفئتان إلا في نقطة واحدة، وهي أنه في كنا الحالتين لا تقال الكاتبة اعترافًا أو تقديرًا لما تقدمه من إسهامات نظرية أو تطبيقية مؤثرة ومستحدثة تقدمها للبناء الثقافي (الذكوري) الأوسع نطاقًا ومع ذلك، وإذا أمكن في الجزء السابق من هذه الورقة التأكيد على صياغة المناقشة الواردة باعتبارها تحدد دائرة مغلقة من ثقافة الكتابة النسائية – وفي مناقشة تتم بين النساء – إلا أنه لا يمكن القول بالمثل فيما يتعلق بالثقافة الجماهيرية والحركة الطليعية حيث يسود الساحة الاجتماعية نموذج مختلف من التداول والانتشار. ويبدو أن الدقة التاريخية وحدها تفرض معاملة أكثر عدالة حتى داخل أكثر الدراسات الأدبية اتسامًا بالتقليدية.
وتخاطب إليزابيث سوبيركاسو النساء في شيلي بنبرة ساخرة عن “الأشياء العشرة التي يحب لا تفعلها أبدًا المرأة في شيلي“، فتقدم النصيحة التالية إلى الكاتبة ذات الآمال العريضة، قائلة:
لن يأخذك الرجال محمل الجد. … فإذا كنت كاتبة، سيبتلعك النقاد كما لو كنت بطيخة، وسيبدأون بالقول بأن الأدب الذي تكتبينه هو “غير متسق مع نفسه” و“موجه للجموع” و“سهل“، ولن يكون لدى شخصياتك أبدًا “عمق نفسي“، وسوف تكونين دائمًا ناقلة عن شخص آخر، يكون رجلاً دائمًا: مثل جابرييل جارسيا مارکیز، خوان رولفو، کارلوس فوينتيس، خولیو کورتازار. كما أن نظراءك من الرجال لن يقرأوا كتبك. (Elizabeth Subercaseaux “Diez cosas que una mujer en Chile no debe de hacer jamás” 69)
وبالطبع يوجد شخص ما يقرأ هذه الكتب التي قامت المؤسسة النقدية الذكورية بتنحيها حاليًا رسميًا باعتبارها غير ذات صفة أو غير ذات أهمية، وبالتالي هنالك عدة أشخاص قرأوا كتبًا مثل كتب إيزابيل أليندي ولورا إسكويفيل التي أجبرت المؤسسة على الأقل إلى إعادة النظر في دور المرأة القارعة في تشكيل الذوق الأدبي، وهي القارئة التي سبق تجاهلها وكثر ازدراؤها. وقد تفواتت تلك التأملات ما بين إعادة تقييم تاريخ ما يطلق عليه فريدريك جيمسون مسمى “فن الرومانس” ,(“art romance Fredric jameson 113)، (مشيرًا بالطبع إلى الكتاب الرجال في التراث الأدبي الرسمي المعتمد!)، انتهاء بجهود أوكتافيو باز وآخرين في معركتهم القوية “دفاعًا عن الأدب الصعب” (“defensa de la literatura dificil”) والتي تتضمن استهجانًا شديدًا لألاعيب التسويق الشريرة واستراتيجيات القراءة التبسيطية المخلة وكما يشير ساندرو کوهین “عندما باع كتاب “كالماء الشوكولاته” ما يربو على ۱۰ آلاف نسخة، توتر كتاب الرواية الأدبية، وعندما بلغت المبيعات ما بين 50 الف و ۳00 الف نسخة لجأوا إلى الازدراء، ومع وصول المبيعات إلى مليوني نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية قاموا بمحو لكتاب من خارطتهم (Sandra Cohen 131) ومن المعتاد أن تقوم المؤسسة باستقبال أكثر الكتب الرجالية مبيعًا بوصفها تمثل أفضل وأرقى ما يمكن لأمريكا اللاتينية أن تقدمه من أدب، والمثل الأعلى لتلك الظاهرة هو جارسيا ماركيز وتبرز أعمال مثل “الحب في زمن الكوليرا” و“الحب وعفاريت أخرى” (García Márquez, Amor en tiempos de cólera, Del amor y otros demonio) لما فيها محاولة شفافة لجذب القارئة التي يفترض أنها تلتهم كل كتاب يحمل “الحب” في عنوانه. أما الكتب اللسانية الأكثر مبيعًا فيتم تقديمها باعتبارها وصمة على صدر أوروبا ولابد من تجاهلها وإبعادها أو تنحيتها جانبًا ضمن فئة “الأدب الخفيف” (literatura lite). ولكن في مرحلة ما يصبح من الواضح بجلاء أن الثقافة الميالة إلى التقليدية ونقاد الأدب يعيشون في واقع بديل معبأ للقتال، حيث نجد جين فرانكو تضيف قائلة إن لورا إسكويفيل ربما تكون حاليًا أشهر من جارسيا ماركيز، وتجعلها الشخصية المعبرة عن الأدب أمريكا اللاتينية الروائي خارج أمريكا اللاتينية (Franco, “Afterword” 226) فإذا كانت التداعيات المترتبة على مقولتها تلك ستؤدي إلى النهاية الراديكالية المتوقعة، فمن المتوقع بالضرورة أن التراث الرسمي المعتمد لأدب أمريكا اللاتينية سيتعرض لخلخلة تامة يكون فيها لا مفر من متح الكاتيات مكانة الصدارة مع احتلال نظرائهن الرجال مكانة ثانوية أقل أهمية وأقل تجديدًا.
ولكننا لا نجد كل النسويات، ولا بالطبع كل النسويات في أمريكا اللاتينية، محتفيات بما في فن الرومانس من غواية وإغراء. فنجد مثلاً أن تأتونا ميركادو (الأرجنتين) تنقد اقتصاد سوق الليبرالية الجديدة الذي يدفع بالعديد من هذه الأعمال إلى مجال الكتب الأكثر مبيعًا، وفي الملخص الممتاز الذي تقدمه جين فراكو للمراجعة النقدية التي قامت بها ميركادو نجد جين فرانكو تسلط الضوء على قلق ميركادو من أن “الأدب النسائي الذي يعتمد على إغراءات السرد التقليدي رغم نزعته “النسوية” يصبح بالتالي أدبًا قائمًا على التكيف مع إغراءات السرد التي يمكن مقارنتها بإغراءات البضائع” (228 “France, “Afterword). ولأسباب شبيهة بذلك تقوم الكاتبة الشيلية دياميلا إلتيت بمراجعة نقدية لكثير من الكتبات النسائية بوصفها أعمالاً تحقق نتائج عكسية إذ تعيد تهميش النساء في العير المعزول (الجيتو) الخاص بفن الرومانس حتى عندما تكون الفكرة السائدة في النص فكرة نسوية ظاهريًا (France, “Afterword” 233 – 234)
ومن اللافت للنظر أن نيلي ريتشارد نصف أعمال دياميلا الثبت بأنها “بلا شك أكثر الأعمال الأدبية الأمريكا اللاتينية تفجرًا” ( Richard, Masculino/feminino 42)، وهي الكاتبة التي تعبر بقوة عن الحاجة إلى تحريك صرح الأدب وتتبنى عداوة لا تجاه فن الرومانس بل تجاه كافة التقليدية، وتميل نصوصها الصعبة والمتجزئة إلى ربطها بالفن الطليعي (مهما كان تعريفه)، ولكن اختيارات دياميلا إلتيت للصور وبؤرة التركيز تضاعف من صعبة قراءة أعمالها. وفي حلقة نقاش حول التدريس، تستخدم ماري لويز پرات نموذج دياميلا إلتيت كمثال على مشكلة قراءة النصوص الطليعية بوجه عام قائلة: “فبينما كنا نقرأ كاتبة طليعية، وهي الشيلية دياميلا إلتيت، رفضت مجموعة من الطلاب والطالبات التعامل مع النص، فلم يكونوا قد قابلوا نصًا طليعيًا من قبل، فلم تتضمن خلفياتهم قراءة رامبو وباوند وما إلى ذلك، ولم يعرفوا كيفية قراءته” ( Pratt “Teaching Literature” 105)، وتشير ماري لويز برات إلى مسألة مهمة في تدريس الأدب، وتذكرنا بالتداخل والاعتماد المتبادل بين الهموم التربوية والتراث الرسمي المعتمد، حيث أنها تفترض أن الطلاب والطالبات لا يستطيعون قراءة أعمال دياميلا إلتيت بسبب عدم معرفتهم بتاريخهم الأدبي. ولكن من المثير للاهتمام أن التراث الذي تستعرضه ماري لويز برات بإيجاز هو سلسلة أنجلو–أوروبية رجالية ممثلة في فرنسا (رامبو) والولايات المتحدة (باوند).
وتذكرنا ماري لويز برات بعملية تدويل (internationlization) الحركة الطليعية، حيث يحتاج الطلاب والطالبات في أمريكا قواعد لغوية وجماليات مشتقة من كتابات رجال أوروبيين وأمريكيين في سبيل قراءة نص لامرأة شيلية معاصرة. وفي نفس الوقت فإن تعليقها الموجز يقودنا إلى سؤال عن كيفية بناء وفهم الحركة الطليعية، بل وأرى أنه حتى بالنسبة للطالبة أو الطالب الذي يعرف رامبو أو باوند، فإن دياميلا التيت ستسبب خلخلة وتحولاً مزعجًا في التوقعات التي قد تعيدها مرة أخرى إلى مجال الأشباه والهوامش الأدبية. فعلى سبيل المثال نجد أن الحيض هو الصورة المجازية المحورية في نص “البقرة المقدسة” (Vaca sagrada)، فلا يمكن لأي فهم أدبي تاريخي تقليدي للجماليات الطليعية سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا أو أمريكا اللاتينية أن تقدم للقارئ مفتاحًا لتلك الخارطة الثقافية الرمزية بعينها، وللحصول على هذا النوع من السلالة الأدبية الدولية يتعين على المرء التوجه إلى كاتبات مثل إدريان ريتش (Adrienne Rich) أو ساندرا سيسفيروس ( Sandra Cisneros) بدلا من إزرا پاوند، أي يحتاج القارئ أو القارئة إلى فهم لما تم إقصاؤه تقليديا من الحركة الطليعية من أجل إعادة بناء التراث الخاص بطليعة بديلة بما يتناول إشكاليات الأبقار المقدسة في الأدب.
ويمكن التأكيد بالمثل فيما يتعلق بعديد من الكتاب والكائنات ممن هم على علاقة عمر وليدة بالطبيعة، وهكذا نجد على سبيل المثال. كما يشير إيليا كالتاريس، أن الكاتبة أومولينا جوميس من أوروجواي تتلقى باستمرار الارتباك والاستهجان منذ ظهور روایتها الأول “المرأة العارية ( Ammonia Somers. La mujer dead) عام ١٩٥٠: “منذ بداية حياتها ككاتبة أصبح الاسم المستعار الدولية . سوماس مرادها للفضيحة والخروج على الأخلاق“، والموقف الأشهر الدال على ذلك برد في مقال كاتب المؤسسي انجيل راما المنشور عام 1963 حيث بصفي أعمال أرمونها سومبرس بصفات مثل رجب، مرد، مقرر، مبهر تماما” (84 -83 Kantaris) فكما هو الحال لدى دراميلا التيت تجدي لعمل آزمونيا سوميرس أن الجسد يمثل خارطة رمزية مركزية، ويرجع القدر الأكبر من انبهار واشمئزاز النقاد بأعمالها إلى رد فعل العين الخاضعة للنظرة الذكورية تجاه أي سائل من سوائل جسد، وكذلك فإن الشاعرة المكسيكية كورال برانشو، والتي كثر التعليق على صلتها بشعراء “اللغة” المقيمين في الولايات المتحدة، تواجه هي الأخرى التراث الأدبي المكسيكي عن طريق تفجير قوالب الصور الشعرية الإيروتيكية الشبقية، والجمع بين التعبير الغنائي واللغة الجنسية الصريحة والمصطلحات العلمية في نصوصها الشعرية، لتحقيق أثر مربك أو مثير لحس بالاغتراب (للقارئ ذي الخلفية التقليدية) وفي سبيل بناء جماليات طليعية تتيح قراءة نصوص لمثل هؤلاء الكاتبات تجب العودة إلى تراث أدبي يضفي مكانة على الرائدات السابقات مثل ألفونسينا ستورني واللآتي تتصف قصائدها طبقًا لما ورد على لسان مولوي بأنها “تستخدم شذرات الجسد … بغرض تصوير الذات. وتلك الشذرات الصرفة ليست مجازًا مرسلاً. … إنها في النهاية طريقة لانتزاع السيطرة التأويلية من القراء المدفوعين بحافز الرغبة” (117 Molloy). ويمكن القول بالمثل عن العديد والعديد من الكاتبات الأخريات اللآتي يرتبطن بالطليعة المتمحورة حول المرأة، مثل كارمين بولوسا ( Carmen Boulosa) في المكسيك التي قوبلت أعمالها بالاهتمام والإثارة والحيرة بسبب أنواع الشخصيات من مولدي ملابس الجنس الآخر والمتحولين جندريًا ومواقفهم في روايات مثل روايتها “النوم” (Duerme) أو كالكاتبة الكولومبية ألبالوسيا أنخيل (Albalucia Angel) التي لاقت رواياتها، الصعبة فنيًا والمتسمة بالقوة السياسية والصراحة النسوية، صمتًا نقديًا تامًا.
وبالتالي، ومرة أخرى – على غرار الأدب الخفيف – تبدو الأمور متناقضة ظاهريًا، حيث أن الجهد المبذول لإقصاء الكاتبات، أو الأثر المترتب على هذا الإقصاء، يدفعن مرة أخرى إلى الصفوف الأمامية باعتبار من العنصر المكون الأكثر أهمية (وإن كان غير معترف به بالقدر الكافي) بالنسبة للشكل الأدبي الذي تم إقصاؤهن عنه، فالأدب الطليعي يعرف نفسه من منطلق كونه جديدًا ومنعشًا، وأعمال كاتبات مثل إلتبت وسوميرس وبولوسا وأنجيل التي لا تمتلك قواعد لغوية وقالبًا مسبقًا هي (sine qua non) لهذا الأسلوب الأدبي، إن تصحيح هذا الحذف الواضح أو التمثيل غير الكافي يستدعي إعادة التفكير في المشروع الأدبي/ الثقافي بأكمله من أجل الأخذ في الاعتبار الطريقة التي نشأت بها غالبية الممارسات الابتكارية والتطورات النظرية المهمة بصدورها عن نصوص متمحورة حول المرأة مكتوبة بأفلام نساء كاتبات.
إنها خطوة إلى الأمام لا تراها، حتى أكثر الناقدات النسويات تحمسًا، قريبة المنال.
لقد قصرت هذه الورقة اهتمامها على ثقافة الكتابة النسائية في أمريكا اللاتينية، والطرق التي يساعد بها التحليل النسوي، الذي تقوم ناقدات من أمريكا اللاتينية أو متخصصات في كتابات أمريكا اللاتينية، على رسم ملامح ثقافة الكتابة النسائية بمزيد من الدقة، وإذا كان لي أن أوسع نطاق الورقة لتناول تداعيات هذا الأمر على النسوية في أمريكا اللاتينية عمومًا، لتطلب مني الأمر التعامل مع مسألة مهمة تم إسقاطها تمامًا، فالنسويات المتخصصات في أمريكا اللاتينية، المقيمات منهن في أوروبا وأمريكا وأولئك المقيمات في أمريكا اللاتينية، تختلفن فيما بينهن لا من حيث درجة الالتزام بالخطاب النظري داخل سياقاتهن الاجتماعية المحددة، بل ونجد أن تلك المجموعة الصغيرة من نسويات أمريكا اللاتينية المستقرات داخل الأوساط الأكاديمية في أمريكا اللاتينية تتسم بوجود اختلاف مهم تبعًا للمواقع المؤسسية النسوية الأكاديمية، حيث يكثر عدد النسويات المتخصصات في أمريكا اللاتينية المقيمات في الولايات المتحدة في مجال العلوم الإنسانية، بينما تميل نسويات أمريكا اللاتينية إلى مجال العلوم الاجتماعية (9 Kaminsky)، وفي حين أنني لا أجد مساحة هنا لتداول التداعيات المترتبة على تلك التقسيمة بين الأفرع المعرفية، إلا أنني أود أن أطرح رأيي في أن أحد أسباب هذا النقص الظاهري في النقاش النظري المتبادل بين الباحثات في أوروبا وأمريكا وبين الباحثات في أمريكا اللاتينية إنما يرجع تحديدا إلى التفاوت القائم في بناء المعرفة في تلك الأفرع المعرفية المختلفة ومن العوامل التي ساهمت في قيام حوار مثمر هو الوعي المتزايد لدى النسويات المتخصصات في الأدب بشأن مدى قصور وتقلص سوق الأدب، في أمريكا اللاتينية وغيرها، وذلك بفعل الضغوط التي يقدمها التلفزيون باعتباره يقدم نوعًا سرديًا ذا أفضلية متزايدة، والأغاني الدارجة بوصفها هي الشعر المفضل، والشهادات باعتبارها مزيجًا مرحبا به يجمع بين الثقافات الشفاهية والمكتوبة، وقد أخذت النسوية الأدبية الأمريكية المتخصصة في أمريكا اللاتينية تحيط علما بأشكال الثقافة الجماهيرية الدارجة، وبينما نراها تقترب من الدراسات الثقافية (cultural studies) ندرك وجود فرص القيام صلات متجددة مع التراث القوي الخاص بالنظريات النسوية في أمريكا اللاتينية والتي تتسم بحسن تطورها وباعتمادها على قاعدة من العلوم الاجتماعية. ومن الملفت أن الجدل حول الأدبية الخفيف/ الحركة الطليعية بود للظهور هنا مرة أخرى، حيث تلاحظ جين فرانكو قائلة “إن الميزة الطبقية التي تتمتع بها الإنتليجننسيا (طبقة المثقفين) طلت تمثل مشكلة لأهل أمريكا اللاتينية، ولكن تزداد حدتها فيما يخص الكتابة النسائية نظرًا لتمتع النساء بالتميز والتهميش في آن واحد” ( Franco 70 Going Publice”)، وأود أن أضيف إلى تعليق جين فرانكو أن التميز والتهميش يمثلان دالين signifiers)) متحركين يمكن تطبيقهما عالميًا، مع القدر من الاختلاف، على كاتبات شديدات التمايز فيما بينهن في شكل من التعارض التام: حيث إن إلتيت تتمتع بمزايا (في المجالات النظرية التقليدية للوسط الأكاديمي) وهي مهمشة (من منطلق الجماهيرية والانتشار)، وكذلك تتمتع إسكويفيل بمزايا (في مجال الثقافة الدارجة (popular culture) ودراسات الثقافة الدارجة (popular cultural (studies) بينما تكون مهمشة (في الوسط الأكاديمي). وهكذا يبدو الأدب الخفيف وكأنه يقدم ميزة محددة لا إلى جحافل القارئات عبر العالم الناطق بالإسبانية، بل باعتباره قاعدة أساسية لدراسات الثقافة الجماهيرية. وبالتبعية فإن ما نراه من هيمنة الفكر الميتروبوليتاني (الخاص بالمدن والحواضر الكبرى) سيتعرض بالضرورة للتجزئة والتقسيم أمام تطور النظرية تبعًا للإضافات المحلية الأكثر حساسية ثقافية. ونجد أن علم الاجتماع النسوي في أمريكا اللاتينية والذي يركز على ثقافات نسائية معينة في مناطق وأقاليم محددة – مثل كتاب نورما إيجليسياس بربيتو “زهور جميلة من ماكيلادورا” (Norma Iglesias Prieto, La flor más bella de la maquiladora)) – وكذلك السوق الأدبية العالمية قد أخذًا تدريجيًا في التوصل إلى التكيف والاعتراف المتبادل وجهود التعاون المثمر.
وإنني أتفق مع نيلي ريتشارد في أنه من المستحيل الحديث الآن عن أمريكا اللاتينية، حتى من داخل أمريكا اللاتينية، دون الإشارة إلى الخطاب الميتروبوليتاني، حيث يتضح مدى ما تدين به للفكر الميتروبوليتاني في تحليلاتها الدقيقة وذات القاعدة النظرية التي تتناول النظرية النسوية في سياق شيلي ولكنني أكثر منها تفاؤلاً بشأن الحالة الراهنة، على الأقل فيما يخص المتخصصات والمتخصصين العاملين في مجال الثقافة النسوية عن أمريكا اللاتينية ومن أمريكا اللاتينية. فقد تعرض المفركون والمفكرات في أمريكا الشمالية واللاتينية لخيبة أمل في النماذج النظرية الرسمية تمت صياغتها من داخل أوضاع ثقافية أخرى ومن أجلها. والأهم من هذا وذاك أن السنوات القليلة الأخيرة شهدت اعترافًا كاسحًا بالأساس والتحيز الثقافي القائم في البناء النظرية التي سبق تخيله على أنه شفاف وعالمي. وبينما تظل علاقات السلطة/المعرفة تفتقد تمامًا إلى العدالة المعتمدة التي بين الكلام النظري وبين أي عمل في أمريكا اللاتينية أو عنها، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحًا والمطروح على المتخصصات في أمريكا اللاتينية يبدو لي أنه لم يعد يدور حول تناول أو عدم تناول أعمال إيلين سیکو Helene Cixous)) على كاتبات أمريكا اللاتينية على سبيل التطبيق المباشر للنظرية الفرنسية، بل يبدو لي أنه يدور حول كيفية إعادة التفكير في المسائل المستقاة والقضايا المشتقة من الخطاب النظري الأوروبي الأمريكي بما يؤدي إلى إعادة وضعه في سياق يتماشى مع الواقع الذي تعرف جميعًا مدى تباينه عن المحيط الثقافي في باريس، وأرى أن تلك الجهود ماضية إلى الأمام ممثلة في دار نشر “کوارتو پروبیو” Cuarto Propio)) في شيلي، وفي سلسلة “نقاشات نسوية” ( Debate Feminista) في المكسيك، وفي “فيميتاريا” (Feminiara) في الأرجنتين، وكذلك في الجامعات والمعاهد البحثية بطول الأمريكتين وعرضهما، وفي العديد والعديد من المواقع والإصدارات الأخرى، حيث بعد المفكرون والمفكرات والمنظرون والمنظرات طريقًا ثالثًا لا يتصف بالجمود المحلي ولا بالمرعة المتروبوليتانية غير النقدية، وهو طريق ثالث للحديث وكتابة أنواع النسوية في أمريكا اللاتينية.
ديبرا كاستيلو، أستاذة الأدب المقارن ورئيسة قسم الدراسات المسبانية في جامعة كورنيل بالولايات المتحدة الأمريكية. وهي متخصصة في الأشكال السردية المعاصرة في البلدان المتحدثة باللغة الإسبانية (ومنها الولايات المتحدة)، وكذلك في الدراسات الجندرية والنظرية الثقافية. ومن أول ما أصدرته كتابها عن استراتيجيات النقد الأدبي النسوي لأمريكا اللاتينية الصادر عام ١٩٩٢. أما كتابها الأخير فيأتي بعنوان إعادة الحلم بأمريكا: نحو فهم ثنائي اللغة للأدب الأمريكي الصادر عام ٢٠٠٥. وهي مهتمة حاليا بالدراسات الثقافية على مستوى دول الجنوب، وخاصة بين أمريكا الجنوبة وجنوب آسيا.
* Debra A. Castillo, “Figuring Feminism in Latin American Contexts”. Dispositio/n. 22.49 (1997), pp. 155-173.
وأود أن أتقدم هنا بالشكر للزميلة د. سونيا فريد، زميلتي في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، جامعة القاهرة، المتخصصة في أدب أمريكا اللاتينية، لمساعدتها لي في ضبط نطق وبالتالي كتابة الأسماء والألفاظ الإسبانية. (المترجمة)
Sanchi, Soledad. Lectura de mujeres”, Ver desde la mujer. Olga Grau (ed.). Santiago, Chile: Cuarto propie 1992.
Castellanos, Rosario Mujer que sabe latín…. Mexico: Fondo de cultura económica, 1984; 1973.
Castillo, Debra. Talking Back: Toward a Latin American Feminist Literary Criticism. Ithaca: Cornell UP, 1992
Clifford James. “Travelling Cultures, Cultural Studies. Lawrence Grossberg, Cary Nelson, Paula Treichier (eds). New York: Routledge, 1992. 96-112.
Cohen, Sandra. “El scritor y los libros en tiempos de crisis: México, 1996”. Revista de literatura merican Contemporainea 1.2 (1996): 127-132.
Defensa de la literatura dificil. Special issue. Vuelta 16.188 (July 1992).
Franco, Jean. “Afterword: From Romance to Refractory Aesthetics”. Latin American Women’s Writing: Feminist Readings in Theory and Crisis. Anny Brooksbank Jones and Catherine Davies (eds). Oxford: Deford UP, 1996: 226-237.
Apuntes sobre la critica feminista y la literatura hispanoamericana”. Hispamerica 15.45 (1986): 31- 43
Beyond Ethnocentrism: Gender, Power, anf the Third World Intelligentsia”. Marxism and the merpretation of Culture. Cary Nelson and Lawrence Grossberg (eds). Urbana: University o Press, 1988: 503-15.
“Going Public Reinhabiting the Private”. On Edge: The Crisis of Contemporary Latin American Culture. George Yüdice, Jean Franco, and juan Flores (eds) Minneapolis University of Minneapolis Press, 1992: 65-83.
Gelpi, Juan G. Literatura y paternalismo en Puerto Rico San Juan: Ed. de la U. de Puerto Rico, 1993 Iglesias Prieto, Norma. La flor más bella de la maquiladora Tijuana: Colegio de la frontera nome, 1985 Jameson, Fredric. The Political Unconscious: Narrative as a Socially Symbolic Act Ithaca Cornell Up, 1981
Kaminsky, Amy K. Reading the Body Politics: Feminist Criticism and Latin American Women Writers Minneapolis: University of Minneapolis Press, 1993.
Kantaris, Elia Geoffrey. The Subversive Psyche: Contemporary Women’s Narrative from Argentina and Uruguay, Oxford: Oxford UP, 1995.
Magnarelli, Sharon. The Lost Rib: Female Characters in the Spanish-American Novel Lewisburg, Pa Bucknell University Press, 1985.
Masiello, Francine. “Between Civilization and Barbarism: Women, Family and Literary Culture in Mid Nineteenth Century Argentina”. Cultural and Historical Grounding for Hispanic and Lus-Brazilian Feminist Literary Criticism. Hernán Vidal (ed.). Minneapolis: Institute for the Study of Ideologies and Literature, 1989.517-66.
“Discurso de mujeres, lenguaje de poder: reflexiones sobre la crítica feminista a mediados de la decada del 80”. Hispámerica 15.45 (1986): 53-60.
“Women, State, and Family in Latin American Literature of the 1920s”. Seminar.27-47.
Molloy, Sylvia. “Introduction”. Women’s Writing in Latin America Sara Castro Klarén, Sylvia Molley. and Beatriz Sarlo (eds). Boulder, Westview Press, 1991. 107-24.
Richard, Nelly. “Feminismo, experiencia y representación”. Revista Iberoamericana. 62 (176-177), July Dec. 1996): 733-44.
Masculino/feminino: Prácticas de la diferencia y cultura democrática Santiago, Chile: Francisco Zegers, 1993.
Sarlo, Beatriz. “Introduction”. Women’s Writing in Latin America. Sara Carstro Klaren, Sylvia Molloy and Beatriz Sarlo (eds). Boulder, Westview Press, 1991, 231-48.
Seminar on Feminism and Culture in Latin America. Women, Culture, and Politics in Latin America Berkeley: University of California Press, 1990.
Sommer, Doris. Foundational Fictions: National Romances of Latin America. Berkeley: University of California Press, 1991.
Steele, Cynthia. Politics, Gender, and the Mexican Novel 1968-1988: Beyond the Pyramid. Austin: University of Texas Press, 1992.
Subercaseaux, Elizabeth. Diez cosas que una mujer en Chile no debe de hacer jamás. Santiago: Planeta, 1995.
“Teaching Literature in the Academy Today: A Roundtable”. PMLA 112 (1997): 101-112. Valdés, Mario J. and Linda Hutcheon. “Rethinking Literary History – Comparatively”. ACLS Occasional Paper, no.27. 1-13.