النوع الاجتماعي ومشاركة المجتمع المحلي في مشاريع الصحة الأنجابية
مقارنة بين نموذجي بيرو وغانا
سيدني روث شولي*
ملخص:
تدرس هذه الورقة البحثية توجهين مختلفين من قضايا النوع الاجتماعي في مشروعين من مشروعات الصحة الإنجابية، وأهمية وضع قضية النوع الاجتماعي في الحسبان لدعم احتياجات النساء. يتجسد هذان التوجهان في “مشروع نافرونجو للصحة وتنظيم الأسرة في المجتمع المحلي” في غانا و “مشروع ريبرو سالود” في بيرو. في البداية استهدف التوجه الأول المتبع في نافرونجو تجاه عدم المساواة النوعية،احتواء معارضة الرجال لاستخدام النساء وسائل تنظيم الأسرة، حيث نشط المشروع مع جماعات من الرجال والقيادات في المجتمع المحلي باستخدام أسلوب المشاركة، بينما كانت العلاقة مع النساء تتم من خلال الزيارات المنزلية الفردية. وقد تم تعديل هذا التوجه فيما بعد، عندما أوضحت الخبرة أن قضايا النوع الاجتماعي لا يمكن تناولها بفعالية دون المشاركة الواسعة للنساء على مستوى المجتمع المحلي. أما مشروع “ريبروسالود” ، فقد كان من إعداد النساء وقامت على تنفيذه إحدى المنظمات النسوية. لقد ارتكز هذا المشروع على الاقتناع بأن أفضل طريقة لمواجهة القيود المبنية على النوع الاجتماعي في مجال الصحة الإنجابية تكمن في العمل مع النساء بهدف تغيير وضعهن ، وباستخدام مناهج المشاركة التي تعزز من تمكين النساء. – على الرغم من عدم إدراج الرجال في المشروع منذ البداية – فقد تنامت مشاركتهم في الندوات التثقيفية بناء على طلب النساء المشاركات.
لقد أثار مؤتمرا الأمم المتحدة حول السكان والتنمية (القاهرة ١٩٩٤) وحول المرأة (بكين ۱۹۹5) اهتماماً متعاظماً بقضايا تمكين المرأة والحقوق الفردية. وبهذا الصدد، ازداد التأكيد على تطوير استراتيجيات الصحة الإنجابية التي تضع في حسبانها عدم المساواة بسبب النوع الاجتماعي. وتدرس هذه الورقة البحثية الاستراتيجيات المتعلقة بالنوع الاجتماعي الموظفة في مشروعين من مشاريع الصحة الإنجابية: “مشروع نافرونجو للصحة وتنظيم الأسرة في المجتمع المحلي” في غانا، ومشروع “ريبروسالود” في بيرو. وتناقش الورقة البحثية كيف جرى تعديل هاتين الاستراتيجيتين والدروس المستفادة بشأن قضية النوع الاجتماعي في إطار عملية تنفيذ المشروع.
إن مشروعي “نافرونجو” و“ريبروسالود” هما مشروعان مبتكران، ويعتبرهما كثيرون نموذجين جديرين بالتكرار. لقد جرى تنفيذ كل مشروع منهما في بيئة تتسم بالفقر والعزلة الجغرافية، فضلاً عن التهميش الاجتماعي (في بيرو)، حيث باءت الاستراتيجيات السابقة بالفشل. يقوم كل من المشروعين على الربط بين البحث والعمل، وعلى تعديل تصميم كل مشروع باستمرار بناء على تحليل البيانات وتقييم الاحتياجات المستمر. وعلى الرغم من أن كلا منهما يمثل مشروعاً ممتداً، فإن تصميم كل مشروع له سمات أساسية، وروح متميزة. لقد تم تصميم كل منهما لتوضيح أفكار معينة حول النوع الاجتماعي والسكان والتنمية، وليس لمجرد اختبار التقنيات والترتيبات المؤسسية الملائمة لبرامج الصحة الإنجابية. ويحصل كل من المشروعين الآن على دعم من وكالة المعونة الأمريكية (1).
بدأ مشروع نافرونجو قبل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ١٩٩٤. وهو يماثل،من حيث تصميمه الكلي ومنهجه مشروع “مطلب” ومشاريع التوسع في تنظيم الأسرة وصحة الأم والطفل في بنجلاديش، وهما المشروعان اللذان بدء العمل فيهما عامي ۱۹۷۷ ، ۱۹۸۲ على الترتيب. وفي مرحلة إعداد مشروع نافرونجو، زار فريق من غانا مشروع “مطلب“(2،4) لقد أثر كل من المشروعين في تشكيل البرنامج القومي لتنظيم الأسرة في بنجلاديش، وحظيا بالترحاب باعتبارهما يبرهنان على أن المناهج المتعلقة بالإمداد يمكن أن تتسبب في انخفاض الخصوبة في ظل غياب تقدم ملموس اقتصاديًا ، أو فيما يخص وضعية النساء أو حقوقهن.(5،6) إن مشروعي بنجلاديش معروفان بأنهما وضحا كيف يتأثر استخدام موانع الحمل نتيجة تبنى استراتيجية ترمي إلى التغلب على المعوقات ذات الصلة بالنوع الاجتماعي، وذلك من خلال توصيل الرسائل حول موانع الحمل وتغيير السلوك إلى النساء في بيوتهن، وهي الاستراتيجية التي تعتبر الآن ملمحاً مركزياً من ملامح برنامج تنظيم الأسرة في بنجلاديش. لم يكن تنظيم الأسرة يثير أي تهديد للرجال، ذلك أنه كان مطروحاً بأسلوب لا يتحدى التصورات الأبوية. بل بوصفه شيئاً يمكن للأسرة أن تستفيد منه دون أن يتحمل الرجال أي تكلفة. وحالياً يتقبل غالبية الرجال والنساء في بنجلاديش معيار الأسرة الصغيرة، كما يتقبلون استخدام النساء لموانع الحمل.
كان مشروع نافرونجو في مراحله الأولى يشبه مشروعات بنجلاديش في هذا الصدد، وأيضًا في الهدف الكلي المتعلق بتحقيق الأهداف الديموغرافية في سياق الوضع الأبوي القائم. فقد كانت مستويات استخدام موانع الحمل فى غانا تماثل المستويات المناظرة في بنجلاديش في بداية السبعينيات. وعلى الرغم من الاختلاف الشديد بين الثقافتين ، تشيع في كليهما عدم المساواة على أساس النوع الاجتماعي.
وكما كان الحال في بنجلاديش، فقد صمم مشروع نافرونجو على أساس بحثي شبه تجريبي يمتد طولياً، بالإضافة إلى إقامة نُظم للمسح الديموغرافي تمكن الباحثين من متابعة التأثيرات الصحية والديموغرافية على مدار الزمن. على أي حال كان هناك اختلاف ملحوظ بين الاثنين فبينما أكدت مشاريع “مطلب” و“التوسع” على تنظيم الأسرة في الأساس، فإن مشروع نافرونجو ينظر إليه باعتباره مشروعاً صحياً يمكن إدراج تنظيم الأسرة داخله.
ولم تكن الخطوط العريضة الأولية لمشروع نافرونجو تمثل نموذجاً جديداً لبرامج تنظيم الأسرة. فالاستراتيجيات التي ترتكز على المجتمع المحلي،مثل الاستراتيجيات التي تطورت في بنجلاديش، قد أصبحت شائعة ، واتسعت دوائر الاعتقاد بفعاليتها في زيادة استخدام موانع الحمل في بيئات عديدة حول العالم. وخاصة في آسيا وأمريكا اللاتينية ومؤخراً في كينيا (۸) لذلك فإن مشروع نافرونجو لم يكن يمثل نموذجًا جديدًا بل يعكس اهتمام مصمميه – ومموليه – باختبار مدى إمكانية نجاح هذا النموذج في منطقة تقليدية بأفريقيا.
كان هناك احتياج لتوجه إفريقي متفرد في تصميم الخدمات,(۸) وكان المقصود من مشروع نافرونجو تقديم هذا التوجه عبر تكييف مفهوم استراتيجيات التوزيع في المجتمع المحلي بما ينسجم مع سياق أفريقي تقليدي. وفي ذلك الوقت – خاصة قبل ١٩٩٤ – لم تكن الأنساق السائدة توصف باعتبارها تعكس عدم تكافؤ بسبب النوع الاجتماعى، بل باعتبارها جزءاً من “الثقافة” يقاوم التغيير بدرجة كبيرة وينبغى احترامها. ومن الناحية الأخرى، إان الأعراف التي تعكس عدم المساواة وفقًا للنوع الاجتماعي كانت تصاغ عادة بوصفها حواجز تعوق تبنى برامج تنظيم الأسرة، وبالتالي، فإن الاستراتيجيات التى طرحت كانت توفيقية تهدف للتكيف هذه العوائق وليس لمواجهة مشكلات عدم المساواة أو الإنصاف في حد ذاتها. ويظهر هذا التوجه بوضوح في كثير من الأدبيات الصادرة عن مشروع نافرونجو خلال الفترة الواقعة بين عامي ۱۹۹٤ و ۱۹۹۸.
وفي المقابل، كان مشروع “ريبروسالود” في بيرو يُعتبر منذ البداية محاولة لتصميم مشروع يتفق مع برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية. وبهذه الكيفية كان يمثل نموذجاً جديداً بالنسبة للهيئة المانحة (المعونة الأمريكية)، كما كان أنصاره، علاوة على المتشككين فيه،فى مكتب السكان بهيئة المعونة الأمريكية يتابعون تقدمه باهتمام.(10) وفي سياق ملف تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية في هيئة المعونة الأمريكية، يمثل مشروع “ريبرو سالود” ابتعادًا عن التصميمات المألوفة للمشاريع من زوايا عديدة.
أولاً ، كانت الهيئة الأساسية المسئولة عن تنفيذ المشروع منظمة نسائية دفاعية وخبرتها محدودة نسبياً في مجال تقديم الخدمات (وهي ظاهرة ليست فريدة عالمياً، لكنها غير مألوفة بالنسبة لمكتب السكان التابع الهيئة المعونة الأمريكية). وتعمل هذه المنظمة مع المجموعات النسائية الصغيرة في المجتمع المحلي والتي لم تعمل سابقاً، في أغلب الحالات، بمجالات تنظم الأسرة والصحة الإنجابية. ثانياً، يركز المشروع على حقوق النساء وتمكينهن. ثالثاً، لم تتحدد المدخلات مسبقاً ، فالمشروع يوظف مناهج المشاركة ويمكنه – على الأقل نظرياً – أن يتطور في اتجاهات متنوعة ارتكازاً على الاحتياجات التي تحددها النساء على مستوى القواعد الشعبية. رابعاً، يوفر المشروع دعماً متواضعاً لبنوك القرية وتنمية مشاريع النساء (عادة تدعم هيئة المعونة الأمريكية تلك المبادرات من خلال مكاتبها القطاعية ذات الميزانيات المنفصلة، وليس بالأموال المخصصة للسكان). ويثير هذا العنصر الأخير من المشروع الخلاف بوجه خاص، بسبب موقف مكتب السكان عبر فترة طويلة، والذى يرى عدم كفاية التمويل المتاح لتنظيم الأسرة لتلبية الاحتياجات المتعاظمة للخدمات على النطاق العالمي، وبالتالي ينبغي الاحتفاظ بها لذلك الغرض. ونظراً لأن هيئة المعونة الأمريكية تقدم حوالى نصف مجموع التمويل المقدم لبرامج السكان في العالم من مختلف الهيئات المانحة،(١١) فإن استعدادها لتمويل أنماط مختلفة من المنظمات والبرامج يؤثر حتماً تأثيراً كبيراً على ما هو متاح حول العالم لخدمات الصحة الإنجابية وغيرها من جوانب الدعم.
إن مشروع نافرونجو لصحة المجتمع وتنظيم الأسرة في شمال غانا هو مشروع بحثي عملي يهدف إلى تطوير واختبار خدمات الصحة وتنظيم الأسرة التي تصل إلى أماكن بعيدة. ويكمن الهدف الأولي الذي طرحه المشروع في تحقيق مرحلة انتقال ديموغرافية. وفى المقالات والتقارير المبكرة التي أصدرها فريق المشروع يتضح تعاملهم مع المشروع باعتباره تجربة تكشف عن إمكانية التغلب على تأثير المؤسسات التقليدية الاجتماعية المناصرة لزيادة المواليد في مجتمع أفريقي تقليدي،عبر تصميم المبادرات المتعلقة بالعرض بما ينسجم مع الثقافة المحلية. وتصف تلك الإصدارات الطرق التي تم عبرها استخدام منهج تحليل عدم المساواة النوعية،والأبعاد المختلفة للبيئة الاجتماعية – الثقافية، لإعداد استراتيجيات لتعزيز تنظيم الأسرة. (2،3،9 12 – 14)
لقد بدأ مشروع نافرونجو في ثلاث قرى عام ١٩٩٤. من خلال مركز نافرونجو لبحوث الصحة برئاسة وزير الصحة في غانا، بمساعدة من مجلس السكان. ويوجد لدى المركز نظام مسحى لرصد معدلات اعتلال الصحة والديناميات الديموغرافية بين سكان الريف في منطقة كاسينا – نانكانا والذين كان عددهم عام 1994؛ 122939نسمة (٩) وبناء على النتائج الأولية الواعدة، قررت حكومة غانا توسيع التجربة عام ۱۹۹٦ لتشمل المنطقة بأكملها،وتخطط الآن لتوسيع نموذج نافرونجو (مع إجراء تعديلات محلية) في جميع مناطق البلد، وبدعم من هيئة المعونة الأمريكية. وعلاوة على معلومات المسح الديموغرافي التابع للمشروع ونظم إدارة المعلومات والمسوح السنوية التي تستهدف تحديد أثر المشروع بدأ العمل في سلسلة من الدراسات الكيفية بغية التوصل إلى فهم أفضل لبنية المجتمع المحلي والمعتقدات والعادات السائدة في المجال الإنجابي ، فضلاً عن أدوار الرجال والنساء على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. ويجري استخدام هذه المعلومات لإعداد استراتيجيات برنامجية لتعزيز التغير في المجال الإنجابي(3،9،15،16)
وعلاوة على تقديم أساس ديموغرافي منطقي للمشروع وتأكيد جانبه البحثي تميل أدبيات مشروع نافرونجو المبكرة إلى وصف جهود الفريق، في فهم وتعديل المشروع بما يتوافق مع الثقافة المحلية من زاوية مؤثرة. وبناء على النتائج الأولية للمشروع حدد الباحثون عدد من القضايا، موضحين علاقتها بالاستراتيجيات الأساسية للمشروع أولاً، ونظراً لأن البيئة المحيطة كانت “ما قبل مرحلة الانتقال “، كان على البرنامج أن “يحث” عملية الانتقال الديموغرافي لا أن يُعجل بها. ثانياً، نظراً لأن مواقف المؤسسات الاجتماعية المناصرة لزيادة المواليد كانت رد فعل،على الأقل،لارتفاع معدلات الوفيات، يمكن إذن تقديم تنظيم الأسرة في سياق الخدمات الصحية. ثالثاً، نظرًا لأن المواقع البحثية كانت مغرقة فى تقليديتها، ومعزولة عن تأثيرات التحديث، ويصعب وصول خدمات الصحة الإنجابية إليها، كانت هناك ضرورة الامتداد داخل مختلف جوانب المجتمع المحلي البعيدة. كانت النساء يعانين من اعتلال الصحة، وانخفاض معرفتهن بالقراءة والكتابة منخفضة ، مع محدودية استقلاقهن الذاتي، وحرية الحركة،وسلطتهن في مجال اتخاذ القرار.(16) إن تحليل إجابات النساء في المسوح، على ضوء النتائج البحثية للمجموعات البؤرية، يطرح أن النساء كن راغبات في تقليص الخصوبة، لكنهن يخشين حتى من مجرد إثارة الموضوع مع أزواجهن، ناهيك عن المبادرة باستعمال موانع الحمل (۹).
يصف الباحثون نظاماً يقوم على الانتماء لسلالة الأب، ومجتمعاً شديد الأبوية يخضع لهيمنة العرافين الذكور وقادة الأسر، فضلاً عن قادة المجموعات حيث تخضع التفضيلات والقرارات الفردية للإرادة الجماعية للأسرة والمجتمع المحلي، وللزوج في حالة المرأة.(14،16،17)
“كانت وجهة النظر الساحقة لدى المشاركين في مجموعات الرجال البؤرية تطرح أن النساء لا يملكن حق اتخاذ قرارات بأنفسهن، ناهيك عن القرارات المتعلقة باستخدام موانع الحمل” (2)
إن الاستراتيجية التى تم تحديدها من أجل إحداث تغييرات في الأعراف المتعلقة بالخصوبة في هذه البيئة كانت العمل على استمالة صانعي القرار من الذكور،بينما توفر خدمات مناسبة بحيث تتمكن النساء المنفردات من اتخاذ المواقف اللاتي يفضلنها في مجال الإنجاب (١٦) وبناء على ذلك، جرت عملية إعادة توزيع الممرضات والمساعدات الطبيات العاملات في العيادات التي لا تُستخدم بدرجة كبيرة إلى مواقع أخرى في القرى حيث يمكنهن توصيل الخدمات إلى المنازل،وزيارة كل أسرة في مجال المنطقة مرة كل ثلاثة شهور(١٢ ،١٦ ) وتُعتبر النساء في هذا النظام مستقبلات سلبيات للرعاية ، ومن المرجح أن يتوقفن عن استخدام موانع الحمل إذا ما توقفت الخدمات لأي سبب كان.(12)
لقد تم تطوير آليات للتأثير على قرارات الخصوبة التي يتخذها الرجال، وذلك بالعمل مع الرجال في مواقع السلطة، مثل القادة والعرافين وكبار السن: ومجموعات الرجال في لجان العمل التقليدية،والاجتماعات المحلية (الديربار) حيث يشرف كبار السن على برنامج للغناء والرقص والخطابة والمناقشات المفتوحة. أما المتطوعون الذكور الذين يخضعون لإشراف لجان العمل التقليدية، فقد تم العمل على تعبئتهم لحث الرجال على دعم واستخدام موانع الحمل. كما يقدم هؤلاء المتطوعون أيضًا جوانب أساسية من الرعاية الصحية الأولية والمعلومات وخدمات الإحالة إلى العيادات وتوفير الواقي الذكري وحبوب منع الحمل. وقد أمكن في بعض المناطق تجنيد واجتذاب المتطوعات النساء، إضافة إلى المتطوعين الرجال.(18) وعندما زار الباحثون قادة نافرونجو، خرجوا “على الفور بانطباع جيد حول درجة ممارستهم السلطة،ومدى التطور غير العادي الذي حققته البرامج الاجتماعية، فضلاً عن التطور في مجالي الصحة والتنمية“.(16) وقد تمت دعوة القيادات إلى التعاون كأعضاء في الفريق البحثي لمشروع نافرونجو للصحة وتنظيم الأسرة في المجتمع المحلي، ومساعدة المشروع بطرق عديدة.
“يمكن للرؤساء وكبار السن الدعوة…. اجتماعات الديربار لتبادل المعلومات حول الموضوعات التي تتطلب عمل جماعي للمجتمع المحلي بأكمله….. التوصل إلى اتفاق مع الرؤساء يضفي شرعية على الأنشطة التي يمكن،على خلاف ذلك، أن تثير خلافات، وبالتالي توقى صراعات لا داع لها…… إن الأنشطة التي ينظمها الرؤساء تجري ترجمتها مباشرة إلى أنشطة في مجالي التعليم والاتصال، والتي كان يمكن،دون تأييد هؤلاء الرؤساء،أن يتسم تنظيمها بالتعقيد وارتفاع التكلفة. وأخيراً، تتيح مشاركة الرؤساء تكليف المجتمع المحلي بمهام وأعمال مسئولة لدعم البرنامج والمشاركة الجماعية في العملية“.(16)
وهكذا،كانت استراتيجية المشروع في السنوات الأولى تتمثل في التفاعل مع الرجال في مجموعات بوصفهم قادة وأعضاء في المجتمع المحلي ومع النساء بوصفهن أفراداً. وعلى الرغم من وجود شبكات نسائية تقليدية لأغراض تجارية، علاوة على وجود أنواع أخرى من الروابط النسائية،(١٦) فقد ساد تفكير أن زيارة النساء بشكل فردى، ستحظى بقبول أكبر ، حيث الصحة هي الغرض المُعلن للقاء، وعرض تنظيم الأسرة بصورة ضمنية في إطار نظام الرعاية القائم (١٩).
وفي أثناء السنوات القليلة الأولى من المشروع، كانت أدبيات نافرونجو تصور علاقات النوع الاجتماعي من زاوية الأسود والأبيض. تمتلك النساء قدرة محدودة على الحركة، وليس لديهن عملياً قدرة على العمل المستقل. يمتلك الرجال كل السلطة ويتخذون جميع القرارات ويعتبرون النساء ملكية خاصة (يشترونها بدفع مبلغ طائل للعروس)، ويراقبون بغيرة النشاط الجنسي لزوجاتهم، كما يريد الرجال أسر كبيرة ويعتبرون أن واجب المرأة يتمثل في حمل الأطفال. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوقى المعارضة والتخفيف منها. كثيراً ما تفجرت النزاعات الأسرية،ومارس الرجال العنف تجاه زوجاتهم. وكان الفريق يتدخل – إذا كان ذلك ممكنًا – الحماية المرأة، لكنهم كانوا قلقين بخصوص أمن النساء. وقد خلُصت إحدى الأوراق إلى أن برامج تنظيم الأسرة في البيئات الأبوية مثل نافرونجو يجب أن تعمل على تطوير استراتيجيات من أجل “إدارة علاقات النوع“.
“من نظراً لأن السيطرة على النساء في تلك المجتمعات كاملة، ولأن وضعهن بوصفهن “ملكية خاصة” أمر عميق الجذور، فإن إمكانات العمل المستقل لتنظيم الخصوبة يمثل خللاً للعقد الاجتماعي القائم الذي يحدد علاقات النوع الاجتماعي. وفي مثل هذه البيئة ينبغي أن يمثل الانتباه إلى إدارة علاقات النوع الاجتماعي جزءاً من الاستراتيجية الكلية لتنظيم الأسرة” (٢).
على أي حال، ومع تطور المشروع، أصبحت تحليلات الباحثين حول قضايا النوع الاجتماعي أكثر دقة، وبدأت استراتيجيات عدم مساواة النوع الاجتماعي تتغير. لقد أدرك الفريق أن النساء يستخدمن أحياناً موانع الحمل سراً (20) وبدأت الممرضات العاملات في مجال الصحة المجتمعية في تقديم تقارير تفيد بأن النساء عادة ما يفضلن السفر إلى مراكز الصحة المجتمعية بدلاً من أن توصيل موانع الحمل إلى منازلهن على سبيل المثال. (۲۱) ويكشف مقال حديث عن صورة مركبة لعلاقات النوع الاجتماعي في نافرونجو ، كما يكشف عن تناقضات وتوترات ليست بالقليلة حول قضايا الشئون الجنسية والحمل وإخلاص النساء لأزواجهن،وفي كل تلك الأحوال لم تكن النساء بأي حال ضحايا سلبية. ونقتبس من كلام إحدى النساء قولها التالي:
“إذا أنجبت ٦ أو ٧ أطفال وبدءوا يبكون بسبب الجوع، ولم يكن لديك أي شيء يأكلوه، ماذا ستفعلين ؟ وإذا ذهب الطفل إلى والده وقال إنه جائع فسوف يقول له أبوه “اذهب إلى والدتك“. (أقول) “أي جزء من جسدي تريدني أن أقطعه وأطبخه للطفل؟ ليس لدي أي شئ في غرفتي“. وبالتالي إذا رغبت المرأة في ممارسة تنظيم الأسرة، وإذا كانت الممرضة بإمكانها أن توفر وسيلة لها،عليها أن تفعل ذلك وتترك زوج المرأة (خارج الصورة)…..” (21).
وعلى خلاف جنوب آسيا – حيث لا تتوفر للنساء عادة خيارات تحظى بالاحترام اجتماعيًا،أو دعم اقتصادى إذا ما تركن زواجاً غير سعيد (نتيجة لذلك الوضع يهجر الرجال زوجاتهم، لكن العكس نادراً ما يحدث) – يبدو أن للنساء المتزوجات في كاسينا – نانكانا علاقات أحياناً خارج الزواج، وقد يهجرن أزواجهن. وتوضح نتائج المجموعات البؤرية أن الرجال يخشون الخزي وفقدان زوجاتهم:
“أحد مساوئ تنظيم الأسرة أن زوجتك، بعد أن تستخدم إحدى الوسائل وتشعر بالثقة لأنها لن تحمل مرة ثانية، فإنها تجمع أغراضها وترحل إما إلى كوماسي أو أكرا أو بولجا أو حتى تشينكيس، وتبدأ في المجون تاركة إياك والأطفال في المنزل” (رجل شاب،ناجا).(21)
عندما تتحدث عن تنظيم الأسرة،يوجد لدى النساء أناس في الخارج أكثر من الرجال. تخير المرأة زوجها أنها تقوم بتنظيم الأسرة : لكنها في نفس الوقت لم تعد حتى تحبه. وعندما يعي الرجل الأمر، تكون إمرأته حاملاً من شخص آخر. ولهذا السبب نحن خائفون” (رجل من قادة الرأي ،ناجًا). (۲۱)
وتطرح بيانات مشابهة مستقاة من دراسة أجريت في جامبيا أن النساء قد يرغبن أحياناً في تأخير الحمل، نظراً لرغبتهن ترك خياراتهن الإنجابية والزوجية مفتوحة: كما تطرح أن الرجال يرتابون في ذلك (21،22)
وتشير المسوح والمقابلات التي أجريت مع المراهقين خلال الفترة من ۱۹۹۳ إلى ١٩٩٦ إلى التغير السريع في البيئة الاجتماعية، بما في ذلك زيادة تعليم البنات وبداية انخفاض حالات الزواج المبكر. (23) وعندما كان المشروع في طور التصميم، كان من المعتقد أن عدداً قليل من النساء في مواقع المشروع قد حصلن على نوع من التعليم الرسمي، وأن 12% فقط كن متعلمات (9، 16). ومع ذلك، فقد أوضحت بيانات المسح الذي أجراه مستشارو المشروع عام ۱۹۹٦ أن ربع النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين ٤٠ و ٤٤ سنة ، وثُلثي النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين ۱٥ و ۱۹ سنة قد ذهبن إلى المدرسة، وأن ٤٠% منهن التحقن بالمرحلة الإعدادية. أما البيانات المستقاة من المقابلات المعمقة فتشير الى تزايد حركة الفتيات، وتناقص تأثير كبار السن. كما لوحظ أيضًا انتشار الهجرة المؤقتة بين شباب الرجال والنساء من كاسينا – نانكانا إلى المناطق الحضرية، سعي متعلمات إلى العمل.(٢٤)
وبالتالي، على الرغم من سيادة عدم المساواة القائمة على النوع الاجتماعي، فإن الوضع يتطور تدريجياً. ونظراً لما حققه المشروع من تقدم في مجال إدخال وإضفاء شرعية على تنظيم الأسرة من خلال بنية السلطة التقليدية التي يسيطر عليها الرجال،يحاول المشروع الآن استخدام المؤسسات الاجتماعية كأدواتٍ لتطوير أدوار المرأة، تلك المؤسسات التي كانت مُحتكرة أو خاضعة لهيمنة الرجال تقليدياً. وعلى سبيل المثال،نجد أن الــ “دوربار” مؤسسة ذكورية تقليدياً وتتسم بالأهمية على الصعيدين الاجتماعي والسياسي،وإذا ما تواجدت النساء فيها، فإنهن يكُن متفرجات وليس مشاركات. وقد استخدم المشروع منذ البداية “الدوربار” لإبلاغ المجتمعات المحلية بأنشطته ونشر المعلومات وتوليد المناقشات حول الموضوعات المتعلقة بالصحة وتنظيم الأسرة. وفي عام 1994، طلب فريق المشروع من قادة المجتمع المحلي دعوة النساء للمشاركة، لكن هذه المحاولات لم تنجح. ومؤخراً، نجح المشروع في الوصول إلى المجموعات النسائية الغنائية ومجموعات الكنائس وروابط السوق والشبكات السياسية، ومع مرور الوقت تزايدت مشاركة النساء في “الدوربار“. ومؤخراً. بدأت النساء أيضًا في الانخراط بنشاط بطرق لم تكن مطروحة، أو لم ترد إلى الذهن من قبل في اجتماع ” الدوربار” الذي انعقد عام ۱۹۹۹ في إحدى قرى المشروع.
“في أحد اجتماعات دوربار قالت إحدى النساء الشابات أن مطالبة الرجال بالعديد من الأطفال هي نوع من عدم المسئولية، حيث أن المرأة هى التى تتحمل عبء الحمل. ورفض الرجل القائم بالترجمة ترجمة تعليقها ، لكن النساء الحاضرات حيينها وعبرن عن موافقتهن المتحمسة لنقدها الصريح للرجال“.(21)
وبالمثل، وعلى الرغم من زيارة النساء على نحو فردي بمنازلهن في البداية،والتوجه إلى الرجال في السابق على نحو منفصل، يجري الآن إدراج النساء في الأنشطة الممتدة. ويطرح الفريق البحثي أن المناقشات المفتوحة في البيئة المناسبة، مثل جلسات الطبول والرقص، تساعد على تهدئة مخاوف النساء فيما يتعلق بمعارضة الأزواج لتنظيم الأسرة. (21) وتتضمن الاستراتيجيات الأخرى، الرامية إلى دعم استقلال المرأة الذاتي، تقديم قروض صغيرة إلى مجموعات من النساء ومبادرة لمنع ختان الإناث.(13) ويشير الباحثون إلى أن جهود دعم المرأة ما تزال محدودة بدرجة كبيرة وهناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحث لتحديد الآليات التي يمكن من خلالها دعم مصالح النساء على نحو أكثر اتساعاً. ويمكن أن يتم في المستقبل القريب (21) دراسة حول الامتداد إلى الروابط السياسية وروابط السوق وجمعيات الإقراض والمجموعات الاجتماعية والتي تتعلق جميعها بالمرأة.
“ريبرو سالود” هو مشروع قامت به منظمة نسوية في بيرو هي “موفيمينتو مانيويلا راموس“. بدأ مشروع ريبروسالود عام ۱۹۹٦،(25) يعمل المشروع مع الجماعات النسائية القاعدية في المجتمع المحلي بالمناطق الريفية وشبه الحضرية المحرومة اقتصادياً، ويستهدف تحسين الصحة الإنجابية وتناول الاحتياجات الناشئة عن الأدوار السياسية والإنتاجية التي تقوم بها النساء وتؤثر على وضع صحتهن الإنجابية. (2٦) وعلى الرغم من المشروع كان مُصمماً أيضًا قبل مؤتمر القاهرة، ينظر كثيرون بهيئة المعونة الأمريكية وشبكة وكالاتها المعاونة إلى المشروع الآن بوصفه جهداً ضخماً لتنفيذ برنامج عمل مؤتمر القاهرة. إن تحليلاً يرتكز على النوع الاجتماعي تم أثناء مرحلة تصميم المشروع يعتبر ريبروسالود مشروعاً يتحرك :
“…… إلى ما يتجاوز مجرد تلبية الاحتياجات العملية الناشئة عن تقسيم العمل القائم على أساس النوع الاجتماعي،فضلاً عن الاحتياجات الإنسانية الأساسية اللازمة للبقاء – وتلبية الاحتياجات الاستراتيجية في مجال النوع الاجتماعي – وهي الاحتياجات التي تتيح تمكين النساء للتغلب على وضعهن المتدنى، والوصول إلى موقع أكثر مساواة في المجتمع“. (27،28)
لقد صمم مشروع ريبرو سالود لمواجهة القيود التي تعوق فعالية المشروعات التي دعمتها سابقًا هيئة المعونة الأمريكية في بيرو، حيث كان أداء خدمات الصحة الإنجابية أقل كثيراً من القدرات المتاحة،على الرغم من وجود أدلة على عدم تلبية الاحتياجات المتعلقة بموانع الحمل، فضلاً عن ارتفاع معدلات وفيات الأمهات واعتلال صحتهن. كما كانت معدلات الإجهاض غير القانوني مرتفعة، وكان التعقيم محظوراً بنص القانون حتى فترة قريبة.
وتكمن إحدى الفروض المركزية للمشروع في أن الصحة الإنجابية في المجتمعات المحلية المهمشة تواجه معوقات لا تقتصر على العوامل المتعلقة بالعرض،لكنها تشمل أيضًا عدم مساواة النوع الاجتماعي وعدم تمكين النساء، إضافة إلى مجموعة مركبة من العوامل الاجتماعية – الثقافية التي تحول دون الطلب على تنظيم الأسرة وغيره من خدمات الصحة الإنجابية الأخرى،كما لا تشجع على استخدام تلك الخدمات. وتتفاقم هذه العوامل نتيجة التفاوت القائم بين السكان الأصليين وعددهم كبير، وبين مقدمي الرعاية الصحية – وهو تفاوت يتمثل في اختلاف العرق واللغة والطبقة والثقافة. لقد كان العنف الأسرى شائعاً في المناطق التي أستهدفها مشروع ريبروسالود، وأسهم في عزلة المرأة وانخفاض احترامها الذاتي، فضلاً عن الفشل في تبني سلوكيات للارتقاء بالصحة أو استخدام الخدمات الصحية. أما النساء اللاتي استخدمن الخدمات الصحية بالفعل، فعادة ما شعرن بأن مقدمي الخدمة ينظرون إليهن نظرة متعالية ويعاملونهن بغلظة، بينما كانت النساء تميل إلى الاستجابة السلبية والخنوع.(29،30) ويحاول مشروع ريبروسالود ، مثله مثل مشروع نافرونجو الوصول إلى النساء اللاتي نادراً ما استخدمن الخدمات الصحية أو لم يستخدمنها على الإطلاق. وفي مقابل نموذج نافرونجو الأولي، بدأ مشروع ريبروسالود عمله بتطوير آليات للارتباط بالنساء من خلال مجموعاتهن المرتكزة في مجتمعاتهن المحلية (۲۸)
ويوجد في بيرو، مثلها مثل أي بلد آخر في أمريكا اللاتينية، حركة نسوية قوية،وتاريخ طويل للعمل على تنظيم المجتمع المحلي. فقد أقامت النساء – رداً على التهميش الاجتماعي والاقتصادي– العديد من منظمات المجتمع المحلي مثل المطابخ المجتمعية و“أندية الأمهات“، وهذه منظمات هي غير نسوية في أغلب الأحوال، لكنها ركزت نمطياً على تلبية الاحتياجات الأساسية من خلال الدعم المتبادل. كما تعمل أيضًا على توجيه الموارد التي توفرها البرامج الحكومية، وأحيانًا تتناول اهتمامات سياسية أوسع.(31) يستهدف مشروع ريبوسالود المناطق الجغرافية التي تبرز المؤشرات الاقتصادية والصحية فقرها الشديد وحاجتها الشديدة إلى معلومات وخدمات الصحة الإنجابية ( 26،28) وما أن يتحدد موقع يسعى العاملون بالمشروع نحو المنظمات النسائية المحلية ويشرعون في إجراء منافسة بينها لاختيار إحدى المنظمات التي تملك إمكانات تنظيمية قوية. وقد أمكن اختيار خمس منظمات ودعوتها إلى إعداد وتقديم مسرحية اجتماعية حول بعض جوانب الصحة الإنجابية. ويجري اختيار المنظمة التي تقدم أفضل عرض مسرحي باعتبارها الشريك المحلى. (٢٢) وتنخرط المنظمات الأخرى في مرحلة تالية من المشروع،وتستهدف المشاركة في مشروع ريبروسالود تقوية منظمات المجتمع المحلى المنظمات المعاونة عن طريق مدها بالمعلومات والموارد والاعتراف بها، علاوة على مساعدتها على بناء روابط على الصعيدين المحلي والإقليمي حتى تصبح من أنصار الصحة الإنجابية للمرأة وتؤثر في الخدمات الصحية بحيث تجعلها أكثر استجابة لاحتياجات النساء (28،30)
يقدم مشروع ريبروسالود الدعم إلى المجموعات النسائية بالمجتمع المحلي في ثلاثة ميادين واسعة،هي: الصحة الإنجابية وتوليد الدخل وأعمال المناصرة التشديد على الصحة الإنجابية في الأساس. إن اختيار منظمة مناظرة (شريك محلى) يتبعه نوعاً من التشخيص الذاتي، أي نشاط مكثف لتحديد الاحتياجات تديره مجموعة من حوالي ۲۰ امرأة من المنظمة المناظرة، حيث يجري اختيار إحدى مشكلات الصحة الإنجابية وتحليل أسبابها وتطوير مشروع فرعي لمواجهتها. كانت جميع المشروعات الفرعية في السنتين الأوليين تضم تعليماً حول موضوع بعينه من موضوعات الصحة الإنجابية،وفي غالبية الأحيان الإفرازات والعدوى المهبلية، ثم كثرة عدد الأطفال وقصر الفترة بين الولادات، ثم مشكلات الحمل والولادة (بما فيها الولادة المتعسرة). أما المشروعات الفرعية التي تلت،فقد ضمت أنشطة مشتركة مع الوحدات الصحية المحلية مستهدفة تحسين جودة الرعاية من منظور النساء، لكن التعليم الشعبي حول الصحة الإنجابية ما يزال يشكل بؤرة التركيز الأساسية في أغلب المشروعات الفرعية. (34)
ويُسمى المنهج “بالتعليم الشعبي” لتمييزه عن “التدريب” المعتاد أو “المحاضرات” اللذين تقدمهما برامج وزارة الصحة. ويتم اختيار مجموعة من بين المشاركات يتولين تدريب أفراد آخرين بالمجتمع، وأيضًا مجموعات من النساء من منظمات في المجتمعات المحلية المجاورة. (تقوم هؤلاء النساء، ويسمين “المروجات” بنشر المعلومات حول الصحة الإنجابية وتشجيع النساء الأخريات على استخدام الخدمات،وليس مجرد توزيع أو بيع موانع الحمل، كما يجري استخدام معنى هذا المصطلح أحياناً في برامج تنظيم الأسرة بأماكن أخرى).
كما يجري أيضًا تقييم المشروعات الفرعية بأسلوب المشاركة، حيث تعمل النساء ومجتمعاتهن المحلية على تقييم الإنجازات. وتجتاز جميع المشاركات في المشروعات الفرعية التعليمية اختبارات قبل وبعد المشاركة لقياس حجم المعرفة المكتسبة. كما تناقش الجماعات النسائية المحلية النتائج، ماذا سار على نحو صحيح أو خاطئ. وعلاوة على ذلك، تقوم منظمة “موفيمينتو مانيويلا راموس” بتحليل أعداد المشاركات في التدريب، مقارنة بالعدد الذي كان مخططاً له، علاوة على درجة رضا المشاركات ومسئولي الصحة المحليين الذين يتم بشجيع النساء على إبلاغهم بالنشاط (٢٤)
وعلى الرغم من التسلسل المعياري الأولي للمشروع، نجد أن تصميم ريبروسالود قابل للتعديل بحيث يمكن إدراج تدخلات معينة في مجالي التمكين والصحة الإنجابية وفقًا للاحتياجات التي يتم تحديدها ، وبحيث تبنى على القدرات والاهتمامات الجديدة التي تنشأ في المجتمعات المحلية المشاركة.
لم يكن انخراط الرجال متوقعاً في البداية، لكن النساء طالبن أثناء تصميم المشروعات الفرعية الأولى عام ۱۹۹۷ بإدخال الرجال أيضًا، حيث كان الرجال يعارضون مشاركة زوجاتهم. وضمت الأسباب التي طرحها الرجال مخاوفهم من تعقيم زوجاتهم، وعدم قيام النساء بالأدوار المنزلية أن تبدأ الزوجات في التحدث بصورة سيئة عن أزواجهن. وقد شعرت نساء أخريات أن سلوكيات الرجال كانت تمثل عوائق أمام الصحة الإنجابية للنساء، وكن يأملن في تغيير السلوكيات بإدخال الرجال في المشروع. ويعمل مشروع ريبروسالود الآن على تشجيع الجماعات النسائية على اتخاذ قرار بشأن مشاركة الرجال وكيفية هذه المشاركة. وعندئذ،تم إعداد دورات تعليمية أيضًا للرجال حول قضايا الصحة الإنجابية وقضايا النوع، وكانت هذه الدورات موجهة في بعض الحالات إلى الأزواج وفي حالات أخرى لرجال المجتمع المحلي على نطاق عريض. ويجري الآن إدماج الرجال في أنشطة أكثر من نصف المجتمعات المحلية التي يعمل فيها مشروع ريبروسالود،وعادة ما يتم ذلك فى المشروع الفرعى الثاني أو الثالث التي تباشرها إحدى الجماعات النسائية (34) وتصف منظمة “موفيمينتو مانيويلا راموس” هذا التوجه لإشراك الرجال بوصفه “عمل مع الرجال بشروط النساء. وفقاً لهيئة المعونة الأمريكية في بيرو،أوضح مشروع ريبروسالود عدم ضرورة تحديد المهنيين العاملين في مجال الصحة كيفية اشتراك الرجال في مشروع للصحة الإنجابية. فالنساء على مستوى القواعد الشعبية قادرات على ذلك بأنفسهن، كما أنهن يفهمن المخاطر والمكاسب أفضل من القادمين من الخارج. (34،35)
لقد أمكن إدراج مكوناً يتعلق بتوليد الدخل / القروض الصغيرة في مشروع ريبروسالود، سواء لتمكين النساء من التغلب على العوائق الاقتصادية أمام الصحة الإنجابية – عن طريق زيادة دخل الأسرة وحصول المرأة شخصيًا على المال – أو لأن زيادة الاستقلال الاقتصادي يُعد شكلاً مهماً من أشكال تمكين المرأة. وتبرر وثائق مشروع هيئة المعونة الأمريكية استخدام التمويل المخصص للسكان لدعم توليد الدخل والقروض الصغيرة للنساء ارتكازًا على تحليل للبيانات – المستقاة من أماكن أخرى – يوضح الارتباط القوى بين الدخل والتعليم والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، وبين التغيير السكاني (الديموجرافي). (٢٦) لقد بدأ العمل من خلال هذا المكون في عينة فرعية صغيرة من المواقع: ويخطط مشروع ريبرو سالود – مع حلول نهاية عام 2000 – أن يشتمل على ما يزيد عن ١٩٠ بنكاً، مع توقع استعادة 100% من التكاليف. ويوفر المشروع أيضًا المساعدة التقنية اللازمة لتطوير المنتجات والتسويق.(33،34)
وهناك مكون يتعلق بالدعوة والمناصرة (advocacy) ويستهدف تعزيز حوار واسع حول المشكلات التي حددتها المجتمعات المحلية كما يستهدف تمكين النساء والمجتمعات المحلية من الحشد وتوصيل مطالبهن إلى صانعي القرار.(26) وعادة تتم أنشطة بسيطة للمناصرة بشكل يتزامن مع اختيار الشريك المحلى، أى المنظمات النسائية المناظرة،والتشخيص الذاتي والمشروعات الفرعية الأولية. والمقصود بذلك إرساء الأساس لمزيد من المحاولات الرامية إلى التأثير في الخدمات الصحية بحيث تصبح أكثر استجابة للناس الذين تستهدف خدمتهم. وعلى سبيل المثال، وأثناء تطوير أحد المشروعات الفرعية،دأب وفد من الجماعة النسائية بالمجتمع المحلي على زيارة السلطات الصحية المحلية لإبلاغهم بالأنشطة التي قررت الجماعة القيام بها. وفي بعض الحالات كان السلطات الصحية المحلية تدعم أنشطة المشروع بتوفير وسائل المواصلات أو المكان اللازم لعرض المسرحيات الاجتماعية وعمل التشخيص الذاتي أو غير ذلك من فعاليات.(34) وتقوم منظمة “موفيمنتو مانيويلا راموس” بتشجيع المنظمات النسائية المشاركة على الاستمرار في تقديم معلومات حول أنشطتها إلى المسئولين على المستوى المحلي ومستوى الحي بغية أن تصبح:
“….. الحكومة…… على دراية بعملنا بحيث أننا عندما ننتهي، تكون النساء قد امتلكت أولاً قوة كافية ويغير المسئولون ثانياً وجهة نظرهم بشكل ما بحيث يسلكون على الأقل سلوكاً متفتحاً تجاه النساء ومشكلاتهن. وهو الأمر الذي يهيئ المسرح بحيث تقدر النساء على تقديم مطالبهن فيما بعد ” (۳۱)
لقد أنشأ مشروع ريبروسالود لجان تنسيق محلية التعزيز التفاعل مع مختلف برامج وزارة الصحة. وتضم تلك اللجان ممثلين من المنظمات النسائية بالمجتمع المحلي. وتقوم هذه اللجان من بين أشياء أخرى بتنسيق الأنشطة الاحتفالية بالأيام المهمة للمرأة، وعلى سبيل المثال “اليوم العالمي للعمل من أجل صحة المرأة في ۲۸ مايو، وهي الأمر غير المعروف على نطاق واسع. (34) قام مشروع ريبروسالود أيضًا بإنشاء “لجنة الدعم الوطني” التي تضم ممثلي الحكومة والمنظمات غير الحكومية.
يمكن اعتبار عملية التمكين في ريبروسالود عملية جماعية في الأساس. ويجري تطوير أنشطة المشروع حول الأولويات التي عبرت عنها الجماعات النسائية. إن انخراط النساء في عمليات تحديد الاحتياجات وتطوير المشروعات الفرعية وتنفيذها، هو بحد ذاته تجربة تمكن النساء. ومن المستهدف أيضًا أن تعمل التدخلات كعامل مساعد على توليد مزيد من أشكال التمكين الأوسع والدائمة والتي من المتوقع بدورها أن تؤثر تأثيراً إيجابياً على الصحة الإنجابية. ويفرض ه الهدف التجريدي إلى حد ما مشكلات بشأن التقييم،مقارنة بالهدف المحدد لمشروع نافرونجو ألا وهو زيادة استخدام موانع الحمل. كما أن غياب مواقع ضابطة يمكن المقارنة بها في ريبروسالود يزيد من صعوبة تبيان تأثير المشروع. لقد نوقشت بشكل دورى إمكانية إنشاء مواقع ضابطة، لكن الموضوع لم يحسم على أساس أنه ليس من العدل بالنسبة للمجتمعات الضابطة أن يتم جمع بيانات عنها دون توفير أي مساعدة لمشكلات الصحة الإنجابية. وفي المقابل، كانت هناك مواقع ضابطة فى مشروع نافرونجو دون امتداد مجتمعي.
يتشابه مشروعا نافرونجو وريبروسالود في عديد من الجوانب. كلاهما كان نموذجاً مبتكراً لبرامج الصحة الإنجابية، وكلاهما يجري تنفيذه في بيئة عسيرة أخفقت فيها المناهج السابقة في تلبية احتياجات الصحة الإنجابية بالنسبة للسكان المهمشين اجتماعياً واقتصادياً والمعزولين جغرافياً. لقد كان انخفاض استخدام العيادات الحكومية يعتبر مشكلة في البيئتين. ويتولى كل مشروع منهما إدارة بحوث كيفية وكمية، واستخدام النتائج لتصميم وتنفيذ الاستراتيجيات التي يراها ملائمة ثقافياً. واستجابة للعوامل الاجتماعية – الثقافية وقضايا النوع الاجتماعي التي تؤثر في الصحة الإنجابية، قام كل من المشروعين بتطوير تدخلات خاصة، ونجح في إشراك أفراد من مختلف الفئات المجتمعية. كما يستهدف كل من المشروعين التأثير في الطلب على خدمات الصحة الإنجابية وتقليص الحواجز الاجتماعية – الثقافية المفروضة على استخدام هذه الخدمات (١٦،29) وعلاوة على ذلك، نشأت في المشروعين مقاربات لتناول النوع الاجتماعي وانخراط الرجال على مدار الزمن كاستجابة للصراعات التي برزت حول النوع الاجتماعي.
ومع ذلك، فقد بدأ كل من المشروعين بهدفين وفلسفتين مختلفين، فضلاً عن اختلاف طرق تناول عدم مساواة النوع الاجتماعي. ففي مشروع ريبروسالود،استخدم منهج المشاركة منذ البداية في محاولة لخلق سياق لتمكين المرأة. وكان مشروع ريبروسالود من النساء وتنفذه المنظمات نسائية،كما كان يرتكز على تصور عريض بشأن اشتمال الصحة الإنجابية على حقوق المرأة وشئونها الجنسية. ويرى القائمون على المشروع أن القيود المفروضة على النوع الاجتماعي في مجال الصحة الإنجابية يمكن تناولها بأفضل ما يمكن عن طريق تمكين النساء من تغيير أوضاعهن.
“لقد تم إدراج هذا المنظور لأن الصحة ترتبط بالتمكين واحترام الذات وتوليد الدخل… وعندما يأتي دورهن (دور المشاركات) لتدريب نساء أخريات، فإنهن يفكرن في الموضوع بجدية شديدة ، ويتحدثن عن الاختلافات بين الرجال والنساء وكيف تسفر عن عدم مساواة المرأة أو خضوعها. كما لو أنهن كن ينتظرن… من أجل تسمية شيء كُن يشعرن به طوال حياتهن.. فالأمر لم يعد بأى حال “هذه هي طبيعة الأشياء وسوف تستمر“. أنهن يشعرن “بإمكاننا تحقيق تغيير،يمكننا تغيير أنفسنا، ويمكننا تغيير العلاقات بين الرجال والنساء وعلاقاتنا بأطفالنا وبشركائنا“.(٣١)
لقد كانت الرؤية الأولية لمشروع نافرونجو تتعلق بإحداث مرحلة انتقال في الخصوبة، وكانت المشاركة المجتمعية المحلية مبنية في البداية على أساس خدمة هذا الهدف. إن المجتمع الذي يجري فيه تنفيذ المشروع هو مجتمع تراتبي خاضع لهيمنة ذكورية، وقد أمكن تصميم المشاركة المجتمعية في المشروع بشكل تراتبي حيث كان الرؤساء وغيرهم من الشخصيات الذكورية ذات السلطة،هم الذين يحددون مسئوليات المجموعات المختلفة فى المجتمع. وفي البداية، تقبل القائمون على مشروع نافرونجو الوضع الأبوي القائم بوصفه أحد المعطيات. وكان تحليلهم للأشكال الخاصة التي يتخذها عدم مساواة النوع الاجتماعي بهدف العمل داخل قيود الهياكل الأبوية والعلاقات الاجتماعية التقليدية. لذا فقد خفف المشروع من جوانب التمكين المحتملة في تنظيم الأسرة بالنسبة للنساء، والتي كان الرجال في المجتمع المحلي يعتبرونها تهديداً لهم. لكن المشروع استخدم المناهج القائمة على المشاركة من أجل خلق فرص لانخراط الرجال في تنظيم المشروع وتنفيذه على الصعيد المحلي، وبالتالي أصبح المشروع قادراً على تقديم تنظيم الأسرة بوصفه شيئاً يمكن أن يسيطر عليه الرجال – وذلك لمواجهة مخاوف الرجال من أن ينطوي تنظيم الأسرة على فقدانهم السيطرة على النساء. وعلى حين كان العاملون في المشروع يقتربون من الرجال في مجموعات، كان تجري زيارة النساء في منازلهن.
ومع ذلك، كان هناك احتياج للمزيد من أجل تقليص قابلية التأثر بالنسبة للنساء اللاتي استخدمن موانع الحمل. فقد استمرت التوترات والشكوك التي كانت تدور بالفعل حول شئون المرأة الجنسية والإنجابية،وعادة ما كانت تتفاقم مع إدخال موانع الحمل، ولم تكن الاستراتيجيات المستخدمة كافية لمواجهة هذه المشكلة. وكان العاملون بالمشروع يتدخلون كلما أمكن بهدف حماية النساء من سوء المعاملة، وكان الباحثون يستكشفون استراتيجيات أوسع نطاقاً من أجل تدعيم النساء وتعزيز مصالحهن. وتضم هذه الاستراتيجيات مناقشات عامة لتنظيم الأسرة في التجمعات التي تضم الجنسين، فضلاً عن العمل مع مختلف أنماط الجماعات النسائية (روابط القروض والسوق، والجماعات السياسية، والشبكات الاجتماعية).
وبطبيعة الحال، تُعد الاختلافات بين بيرو وغانا من عوامل الاختلافات القائمة بين منهجي ريبروسالود ونافرونجو إزاء عدم مساواة النوع الاجتماعي. قد تكون الاستراتيجيات التوفيقية فى مشروع نافارونجو – والمشابهة للاستراتيجيات المستخدمة في بنجلاديش قبلها ب ١٥ عاماً – هى أكثر الأساليب ملائمة لإدخال تنظيم الأسرة على نطاق واسع. في عام ۱۹۹۳ ، كانت نسبة لا تتعدى %۱% فقط من النساء في غانا تستخدم موانع الحمل الحديثة (وهو معدل يزيد قليلاً عن المعدل المناظر في بنجلاديش في باكورة الثمانينيات )( 34،37) مقارنة إلى ٤١% في بيرو. وبينما لا يزال الوصول إلى موانع العمل يمثل مشكلة في أجزاء عديدة بالبلدين. إلا أن هناك حركة قوية حول صحة المرأة في أمريكا اللاتينية، وأصبح أنصار صحة المرأة طرفًا في الحوار السياسي السائد مع الهيئات الحكومية ومع الكنيسة. (٢٨) وفي عام ١٩٩٤ ، ربما لم تكن توجد مجموعة نسوية في غانا، يمكن مقارنتها من حيث النضج التنظيمي والحنكة السياسية والخبرة، بمنظمة “موفيمينتو مانيويلا راموس” لتنفيذ مشروع مثل ريبرو سالود.
تغيير الرؤى حول الثقافة والنوع الاجتماعي (39)
قبل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية كانت برامج تنظيم الأسرة تميل إلى التوفيق،وليس المعارضة. في مجال عدم مساواة النوع الاجتماعي، مع محاولتها تغيير الأعراف المتعلقة بالإنجاب. وقد استهدف برنامج عمل القاهرة تغيير هذا الوضع وتطوير التعاون الممكن بين تنظيم الأسرة وتمكين المرأة. كما أكد الحاجة إلى طرح قضايا مساواة النوع الاجتماعي والمساواة وتمكين المرأة من خلال برامج السكان والتنمية، داعياً إلى القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة وسيطرة النساء على خصوبتهن. وهو بذلك يضع الأساس لجدول أعمال عريض لا يرى عدم مساواة النوع الاجتماعي مجرد “شيئ ما” يمكن تناوله في إطار إنجاز الأهداف الديموغرافية. إن هذا النهج المرتكز على الحقوق ليس نهجاً جديداً بالنسبة لبرامج الصحة الإنجابية (كان أنصار صحة المرأة يروجون له لسنوات عديدة)، كما لم يكن جديداً في عام ۱۹۹٤ ، لكنه نال شرعية من خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية.
وقبل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، كانت قضية النوع الاجتماعي تُعتبر على نحو نمطي جزءاً من “الثقافة“. وكانت الثقافة تنال الاحترام بشكل عام، وتُعتبر مُقاومة للتغيير بشدة. لكن هذا الموقف “فلترفعوا إيديكم عن الثقافة” لم يمتد إلى السلوكيات المناصرة الزيادة المواليد، وهي السلوكيات التي عادة ما توجد في الممارسة مقترنة على نحو وثيق بالسلوكيات الأبوية. عندما بدأت موانع الحمل تصبح متاحة في كافة أنحاء العالم، أضحى واضحاً أن مجرد توفير موانع الحمل لا يضمن استخدامها. وعندئذ ، بدأ توظيف مجموعة من الاستراتيجيات بهدف تغيير التفكير “القدرى” و“المؤيد الزيادة المواليد” ، وبهدف اعتماد تنظيم الأسرة بوصفه عرفاً. كما أصبح استخدام موانع الحمل مقبولاً الآن في أغلب أنحاء العالم، وهو ما يذكرنا بأن الأعراف الثقافية يمكن أن تتغير، بل وتتغير فعلاً نتيجة تعرضها لأفكار جديدة ونيل فرص جديدة.
إن النظر إلى نزعة زيادة المواليد لفترة طويلة بوصفها لعبة عادلة في برامج السكان والصحة يطرح أن الاحترام النسبي الممنوح لعدم تكافؤ علاقات النوع الاجتماعي – وهو جانب آخر من الثقافة – ليس موقفاً أخلاقياً بقدر ما هو موقف براجماتي، إن الارتباط بين عدم مساواة النوع الاجتماعي والفكرة القائلة إن الشئون الجنسية والإنجاب هما من الأمور العائلية الخاصة، قد برهنت عليه مقاومة جهود تنظيم الأسرة في مختلف البيئات. وقد يؤثر عدم ربط تنظيم الأسرة بالنوع الاجتماعي من زاوية إضفاء الشرعية على تنظيم الأسرة. وهذا ما حاول مشروع نافرونجو أن يفعله بداية،وحقق نجاحاً واضحاً. إن المحاولات الأحدث لتعزيز مشاركة النساء بشكل أوسع في المشروع (وفي المؤسسات الاجتماعية التقليدية التي اختارها المشروع لتعمل معه) يمكن،مع مرور الوقت،أن تقلل من احتمالات تعرض النساء للأضرار، ومع ذلك، وكما لاحظ باحثو نافرونجو،يمكن أن تثير الاستراتيجيات الجديدة على المدى القصير المزيد من ردود الأفعال السلبية من جانب الرجال، وذلك بطرح التوترات المتعلقة بالنوع الاجتماعي إلى السطح،وهي التوترات الموجودة بالفعل في المجتمع. (۲۱)
يحاول مشروع ريبروسالود کشف الارتباط بين سوء الصحة وعدم المساواة الاجتماعية. وعلى الرغم من وجود علامات مشجعة،لا يبدو واضحاً بأي حال ما إذا كانت “موفيمينتو مانيويلا راموس” سوف تنجح في هذا الهدف. وتوضح الخبرة حتى الآن أن منهج ريبروسالود قابل للتنفيذ” ، أي أن النساء المحرومات اقتصادياً والمهمشات اجتماعياً قادرات على تشخيص مشكلاتهن وتطوير وتنفيذ أنشطة لمواجهتها. كما تتنامى دلائل،وإن كانت محدودة، من مجموعة من مصادر البيانات،على أن المشروع يؤدي إلى تحسين مستويات معرفة المرأة بالصحة الإنجابية، فضلاً عن الارتقاء بسلوكياتها بشأن استخدام الخدمات وموانع الحمل.
وتطرح نتائج الاختبارات قبل وبعد المشاركة في المشروع أن منهج التعليم الشعبي يتسم بالفعالية في تقديم معلومات عن الصحة الإنجابية. كما أمكن،في كثير من الحالات توثيق اتصالات الجماعات النسائية مع السلطات الصحية المحلية وعلى مستوى الإدارات. وقد أوضحت إحدى المسوح التي أجرتها المروجات المحليات تحقق قدر كبير من الزيادة بعد مرور سنة من الدورات التعليمية الأولية بمجتمعاتهن المحلية بشأن الاتصال مع أزواجهن حول تنظيم الأسرة ونوايا تبني تنظيم الأسرة واستخدام موانع الحمل. كما توضح أيضًا إحصاءات الخدمات من مناطق المشروع وجود زيادة في استخدام خدمات تنظيم الأسرة، بحيث بلغت الضعف – على سبيل المثال – في إحدى المواقع، بينما وصلت إلى أربعة أضعاف في موقع آخر.(34،40)
وقد أشار تقييم حديث أيضًا إلى تقلُص العنف داخل الأسرة نتيجة المشروع. وفي جميع مواقع المشروع الخمسة التي زارها فريق التقييم، أفاد أغلب المستجبين أن هناك تناقصاً في العنف الأسري واستهلاك الكحوليات والإجبار على ممارسة الجنس،بعد مرور عام واحد من تنفيذ أول مشروع فرعي في قراهن. أما الأقلية الصغيرة من النساء اللاتي أفدن بعدم وجود تغيير في سلوكيات العنف، فقد كن نساء لم يحضر أزواجهن الدورات التعليمية المخصصة للرجال. وتقدم المقابلات المفتوحة التي أدارها التقييم دليلاً إضافياً على زيادة الاهتمام باستخدام موانع الحمل الحديثة بين كل من الرجال والنساء (3٠)
وبينما تبدو النتائج المتاحة حتى الآن إيجابية، فإن البيانات المستقاة من مسوح المشروع المبنية على السكان ليست متاحة بعد. وبالتالي، يصعب إجراء تقييم كمي لأثر مشروع ريبروسالود على الصحة الإنجابية. لقد قام المشروع بجهود خاصة لتقييم الأثر من زاوية كيفية، وتطرح تصريحات المشاركات في المشروع وجود تأثير، بل ويُفريض التأثير في كثير من الحالات. ومع ذلك، فإن قدرة ريبروسالود على إظهار نتائج إيجابية يعوقها غياب مؤشرات متفق عليها على نطاق واسع بشأن قياس تأثير التدخلات على تمكين النساء. وغير ذلك من المتغيرات الوسيطة المتعلقة بالصحة الإنجابية. ومن الناحية المفاهيمية. يمكن القول إن المشروع شديد التعقيد،مع وجود خطوات كثيرة بين التدخلات والتأثيرات المرجوة. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تتطور التدخلات نفسها بمجرى الزمن إلى ما يتجاوز تعليم الصحة الإنجابية على مستوى المجتمع المحلي،وصولاً إلى مختلف أشكال الارتباط بالخدمات الصحية المحلية. وسواء كان ذلك كافياً في مجال تحسين استخدام الخدمات والارتقاء بجودتها وجعلها أكثر استجابة وعرضة للمساءلة ، فهو أمر لن يتضح إلا فيما بعد. كما أن نجاح مشروع ريبروسالود سوف يعتمد إلى حد ما على مدى فعالية المبادرات الأخرى الرامية إلى تحسين نوعية خدمات الصحة الإنجابية. (٤١)
لقد استثمر مشروع نافرونجو قدراً كبيراً في أنظمة التقييم الكيفي. وتوضح بيانات المسوح السكانية أن استخدام موانع الحمل قد ازداد في جميع مناطق المشروع منذ بدايته في عام ١٩٩٤. وفي عام ١٩٩٧ ، انخفض إجمالي الخصوبة في كل المناطق بمعدل 0.5من المواليد ، بينما ظل ثابتا في المناطق الضابطة. (21) وعلى الرغم من أن الهدف المتمثل في حفز مرحلة انتقال في مجال الخصوبة يُعد هدفاً طموحاً، فإن البيانات المطلوبة مألوفة وواضحة نسبياً ويسهل جمعها. ومع ذلك، إذا قرر المشروع اعتبار العدالة في مجال النوع الاجتماعي هدفاً رسمياً، فقد يواجه نفس الصعوبات التي يواجهها مشروع ريبروسالود في محاولته ربط هذا الناتج وتمكين المرأة بنتائج الصحة الإنجابية. ومن اليسير نسبياً قياس العلاقات بين المعارف عن أو الوصول إلى موانع الحمل، وبين استخدامها، أو بين استخدام موانع الحمل والخصوبة. فقد تطورت وسائل قياس هذه المؤشرات من خلال تأثير البرنامج.
وتميل برامج الصحة الإنجابية إلى الاستمرار في الاعتماد عليها، حتى على الرغم من أن أهدافها ومحتواها قد اتسع هذه الأيام. وفي المقابل، عادة ما تتسم العلاقات بين مختلف مؤشرات الصحة الإنجابية وقضايا النوع الاجتماعي بالتعقيد وعدم المباشرة. ومما يفاقم من المشكلة وجود شعور بعدم اليقين بالنسبة لما يجب أن يكون عليه ناتج القياس: هل يجب أن تقوم البرامج بتقييم أثر النوع الاجتماعي على استراتيجيات الصحة أم أثر الصحة الإنجابية على استراتيجيات النوع الاجتماعي ؟ إن فكرة السعي إلى تمكين النساء ومساواة النوع الاجتماعي في ذاتهما ومن أجل الأهداف الديموغرافية والصحية تعد صياغة مشوشة نسبيا من وجهة نظر تقييم المشروع.
لا يوجد إجماع على كيفية السعي نحو تحقيق عدالة النوع الاجتماعي – والي أي مدى ينبغي القيام بذلك من خلال برامج الصحة الإنجابية وليس من خلال استراتيجيات متعددة القطاعات. وعلى الرغم من تفاؤل برنامج عمل القاهرة، هناك بعض المخاوف من التقليل من شأن معدلات انخفاض استخدام موانع الحمل والخصوبة إذا استُخدمت الموارد في السعي نحو تحقيق عدالة النوع الاجتماعي وتمكين المرأة. وهناك مخاوف أخرى من أن يؤدي التمكين إلى “عرقلة المسيرة” ، أو تكون النساء ببساطة غير مستعدات لذلك. ومع ذلك ،يستمر البعض الآخر في الجدال بأن برامج تنظيم الأسرة تقوم بالفعل بتمكين المرأة في المجال الإنجابي،وأن أى أشكال أخرى محتملة لتمكين النساء تقع خارج نطاق تنظيم الأسرة أو برامج الصحة الإنجابية.
ولا توجد صيغة مقبولة لتمكين النساء أو تقليص عدم مساواة النوع الاجتماعي من خلال برامج الصحة الإنجابية، وهناك دائماً خطر ردود الفعل العكسية لمحاولات تحقيق المساواة النوعية. على أية حال، تبدو بوضوح أهمية تطوير الأدوات والوسائل اللازمة لتقييم آثار استراتيجيات برامج الصحة الإنجابية حول مساواة النوع وتمكين النساء ، وبالعكس. وتكمن أهميتها في إقناع الحكومات والهيئات المانحة ومنفذي المشروع على ضرورة إعطاء هذه الأهداف أولوية متزايدة في برامج الصحة الإنجابية.
هذه نسخة منقحة من ورقة بحثية تم تقديمها في الاجتماع السنوي لرابطة سكان أمريكا، الذي عُقد خلال الفترة ۲٥ – ۲۷ مايو ۱۹۹۹ في نيويورك. وأود أن أتوجه بالشكر إلى سوزان بريمس وباربارا فيرينجا وكاثرين سباور – لتعليقاتهن واقتراحاتهن على النسخ الأولى من الورقة،كما أتوجه بالشكر أيضًا إلى جميع من وفروا لى وثائق المشروعين. وقد حصل هذا التحليل على تمويل من مؤسسة “وليام آند فلورا هيولت” ومؤسسة “أندرو دبليو.ميلون” ومؤسسة “ساميت” وصندوق “مورياه“.
Sidney Ruth Schuler, JSI Research and Training Institute, 1616 N fort Myer Drive, 11th floor. Arlington VA 22209,USA. E-mail: [email protected].
1-The project has received funding from a variety of other sources as well , including the Rockfeller
Foundation , which supports its Demographic Surveillance System .
2-Agula B , Akweongo P , Phillips JF , 1998. Women’s fears and men’s anxietis : understanding and managing the social impact of family planning in Northern Ghana . Paper prepared for Annual Meeting , Population Association of America , Chicago , April 2-4 , 1998 .
3-Phillips JF et al , 1997. The determinants of contraceptive innovation : A case – control study of family planning acceptance in a traditional African society . Policy Research Division , Working Paper No. 93 , Population Council , New York .
4-Wulf D , Yeboah – Afari A , 1997. When South meets South . People and the planet . 6 ( 1 ) .
5-Larson A , Mitra SN , 1992. Family planning in Bangladesh : an unlikely success story . International Family Planning Perspectives , 18 . – Cleland J. et al , 1994. The Determinants of Reproductive Change in Bangladesh : Success in a Challenging Environment . World Bank Regional and Sectoral Studies , Washington , DC .
6-The Matlab and FP / MCH Extension projescts are implemented by the International Center for Diarrhoeal Disease Research , Bangladesh ( ICDDR , B ) along with consultants and co – investigators from various foreign institutions , including the Population Council , Johns Hopkins School of Public Health and the University of Michigan .
7-Foreit JR , Gorosh M , Gillespie D et al , 1978. A community – based and commercial contraceptive distribution : an inventory and appraisal . Population Reports . Series J , No. 19 , March .
– Osborn RW , Reinke WA ( eds ) , 1981. Community Based distribution of Contraception : A Review of Id experience . Johns Hopkins Population Center , Johns Hopkins University School of Hygiene and Public Health .
– Phillips JF , Greene W , 1993. A Community Based Distribution of Family Planning in Africa : Lessons from Operations Research . Population Council , Africa Operations Research and Technical Assistance Project .
8-Caldwell J , Caldwell P , 1987. The cultural context of high fertility in sub – Saharan Africa . Population and Development Review 13 ( 3 ) : 409-37 , cited in Binka et al [ 9 ] below .
– Caldwell J , Caldwell P , 1988. Is the Asian family planning programme model suite to Africa ? Studies in Family Planning . 19 ( 1 ) : 19-28 , cited in Binka et al [ 9 ] below .
9-Binka F , Nazzar A , Phillips JF , 1995. The Navrongo Community Health and Family Planning Project . Studies in Family Planning . 26 ( 3 ) : 121-39 .
10-The author was a member of a technical assistance team that visited ReproSalud and made recommendations regarding strategies for monitoring and evaluation . The descrepition of ReproSalud presented in this paper derives from the author’s personal observation and interviews conducted with ReproSalud staff , USAID and others , as well as project documents . The description of Navrongo is based on published an unpublished documents , with clarification and amplification on a few points provided by Navrongo research team .
11-Conly S , deSilva S , 1998. Paying Their Fair Share ?: Donor Countries and International Population Assistance . Population Action International , Washington , DC .
12-Nazzar A , Phillips JF , 1996. Phase 1 of the Navrongo Community Health and Family Planning Project :Key Findings and Lessons for Policy . Documentation Note 32 , Community Health and Family Planning Project , Navrongo Health Research Centre , Ministry of Health , Navrongo , Upper East Region , Ghana . ( Unpublished )
13-Nazzar A , Phillips JF , Binka F , 1998. Developing health and family planning services with community – based strategic planning : the Navrongo approach to decentralization . ( unpublished )
14-Adongo PB et al , 1997. Cultural factors constraining the introduction of family planning among the Kassena – Nankana of Northern Ghana . Social Science and Medicine . 45 ( 12 ) : 1789-1804 .
15-The field interventions are being implemented in accordance with a four cell research design , in which one cell is a comparison area with no community – level interventions . The clinics serving all patch project villages were upgraded . The intervention in one cell consisted of village – managed health committees and volunteers ; in a second cell , doorstep outreach to women by a female paramedic based at a community service point ; and in a third cell the interventions in cells one and two were combined . Each cell corresponded to one village in the pilot phase . See : [ 9 ]
16-Nazzar A et al , 1995. Developing a culturally appropriate family planning program for the Navrongo experiment . Studies in Family Planning . 26 ( 6 ) : 307-24 .
17-Similar findings have been reported in Ghana and other African countries , see :
– Shehu DJ , 1999. Community participation and mobilisation in the prevention of maternal mortality in Kebbi , North – western Nigeria . In Berer M , Ravindran TKS ( eds ) . Safe Motherhood Initiatives : Critical Issues . Reproductive Health Matters , London .
– Allotey P. 1999. Where there’s no tradition of traditional birth attendants : Kassena Nankana District . Northern Ghana . In Berer M , Ravindran TKS ( eds ) . Ibid .
– Pearce TO , 1999. ‘ She will not be listened to in public ” : perceptions among the Yoruba of infertility and childlessness in women . Reproductive Health matters . 7 ( 13 ) : 69-79 .
18-In this aspect there is some variation within the project . Although some of the literature on the project describes these workers as male and emphasises the importance of using male volunteers to reach men , some volunteers are women . See [ 12,19 ]
19-Antwi – Nsiah C et al , 1995. Community reactions to the Navrongo Experiment . ( Unpublished )
20-Phillips JF et al , 1997. Denial of contraceptive use among known contraceptive adopters in a rural area of Northern Ghana.paper presented at annual meeting , Population Association of America , Washington , DC , May 27-29,1997 .
21-Bawah AA , Akweongo P , Simmons R et al , 1999. The impact of family planning on gender relations in Northern Ghana . Studies in Family Planning . 30 ( 1 ) :
22-Bledsoe CH , Hanks , WF , 1998. Legitimate recuperation or illicit stalling ? Time , contraceptive use , and the divided man in rural Gambia . Paper presented at Annual Meeting , Population Association of America , Chicago , 2-4 April 1998 .
23-Mensch B S , Bagah D , Clark WH et al , 1999. The changing nature of the adolescence in the Kassena – Nankana District of Northern Ghana . Studies in Family Planning . 30 ( 2 ) .
24-Biddlecome A , Tagoe – Darko E , Adazu K , 1997. Factors underlying unmet need for family planning in Kassena – Nankana District , Ghana . Paper presented at annual meeting , Population Association of America , Washington , DC , March 27-29,1997 .
25-The project agreement was signed in September 1995 and field implementation started in early 1996 .
26-Brems S , 1996. ReproSalud : A bottom – up approach to reproductive health and women’s empowerment . Prepared for Working Group on Reproductive Health and Family Planning , Report from the Meeting on Women’s Health , Human Rights and Family Planning Programmes in Mexico and Peru , May 13 , 1996 .
27-Based on a framework described by : Moser C , 1993. Gender Planning and Development : Theory , Practice and Training , Routledge : London ,
28-US Agency for International Development , 1995. Reproductive health in the community : A bottom up approach to promoting reproductive health and women’s empowerment . Project Paper , ReproSalud , Project No 527-0355 , Office of Health , Population and Nutrition , USAID , Peru .
29-Rogow D. When Hope Floats : The Manuela Ramos Movement . Quality / Calidad / Qualité . Population Council , New York . ( Forthcoming ) .
30-Rogow D , Diez A , 1999. ReproSalud : Evaluation of Project impact in the Chavin Region , a case study . Report to Futures Group and USAID / Lima . ( unpublished ) .
31-Coe AB . Women’s empowerment through community – based reproductive health programmes : a case study in Peru . MA thesis , American University , Washington , DC . ( Forthcoming ) .
32-There are two judges , one from Movimiento Manuela Ramos and one from either the ministry of Health or a local NGO where the site is located .
33-Movimiento Manuela Ramos , 1998. Resumen Plan Operativo 1997. ReproSalud , Peru .
34-Feringa B , 1999. Two years on the ground : ReproSalud through women’s eyes . ( Unpublished )
35- Brems S , Feringa B , USAID Peru , 1998. Personal Communication .
36-US Agency for International Development , 1994. Use of Population Funds . Statement 128823 , May 14 , 1994. This says that population funds can be used judiciously for innovative activities for achieving population objectives , including micro – enterprise support and girls ‘ education initiatives .
37-Mitra SN , Nawab Ali , Islam S et al , 1997. Bangladesh Demographic and Health Survey , 1996-1997 . Calverton , MD : National Institute of Population Research and Training , Mitra and Associates , Macro International Inc.
38-Jaquette J ( ed ) , 1994. The Women’s Movement in Latin America : Participation and Democracy . Monograph , Thematic Studies in Latin America , Westview Press , Boulder .
39-This section and the following one draw on ideas in Schuler SR . Gender in population and reproductive health policies and programs . ( Forthcoming working paper for a World Bank report )
40-The report in which these numbers were presented cautions that the service statistics in many health facilities appeared to be in disarray and therefore this evidence should be considered suggestive rather than definitive .
41-Alberti et al and Matamala suggest approaches for developing evaluation indicators related to gender and empowerment , but these have not been operatioalised or systematically tested . See :
– Alberti A et al , 1998. Strengthening Reprosalud’s monitoring and evaluation strategies . POPTECH Report No. 97-124-066 , July 1998. Prepared for USAID .
Matamala M , 1998. Gender – related indicators for the evaluation of quality of care in reproductive health services . Reproductive Health Matters . 6 ( 11 ) : 10-21 .