انتهاك المواطنة
اعداد بواسطة:
انتهاك المواطنة من معركة الشهادة حتى الإقتراح بتعديل في قانون المواريث
أبدت د. زینب رضوان أستاذة الفلسفة الإسلامية ووكيلة مجلس الشعب رأيها في قضية اعتبار شهادة المرأة نصف شهادة ، وعندما اقتربت من حقها في ميراث متساوٍ قامت الدنيا ولم تقعد ، واعترض نواب البرلمان على مطالبتها بالمساواة بين الرجل والمرأة في الشهادة والميراث وشن علماء الأزهر هجومًا حادًا عليها واعتبروا ما طرحته مخالفًا للشريعة الإسلامية وخروجًا على المرجعية الدينية للمجتمع المصري .
وعندما أعد المجلس القومي للمرأة والنائب محمد خليل قويطة اقتراحًا بتعديل أحكام القانون رقم ٧٧ لسنة ٤٣ بشأن المواريث حماية لحق الوارث بإضافة مادة تنص على أن يعاقب بالحبس والغرامة كل من امتنع دون وجه حق عن تسليم أحد الورثة ميراثه الشرعي ، نقول عندما ظهر الاقتراح ثار أحد الشيوخ ثورته العارمة التي تنطلق عندما يشتم في الأفق بادرة مساواة أو محاولة لتجسيد مفاهيم المواطنة على أرض الواقع ، وهاجم المقترح وتوعد بمواجهته زاعمًا أنه يقطع الأرحام وأن تماسك الأسرة أهم من مواريث وأموال الدنيا ، ونحن لا نعرف أي تماسك هذا الذي يأكل فيه أحد أفرادها ميراث امرأة أو طفلا .
ومع كل رأي أو محاولة لنقلنا خطوة للأمام نضطر للعودة للخلف مرتين ونطرح الأسئلة نفسها بحثًا عن إجابات قدمها أصحابها عشرات المرات مؤكدة أن العقل والقانون والشرع من كامل حقوق المواطنة ومنها المساواة للمرأة مع الرجل في الميراث والشهادة وفي الولاية والوصاية .
جمال البنا : مساواة النساء بالرجال أقرها الدستور ولا تتعارض مع الشريعة
أكد المفكر الإسلامي جمال البنا أن مجمل حقوق المرأة المتساوية مع حقوق الرجال لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ، ونص عليها الدستور والقانون ، وأضاف البنا قائلاً: “إن اغتصاب الحق ليس في الشريعة الإسلامية ولا في القوانين ولكن أن تطبق الشريعة أو القانون وفقًا للأهواء ، ويعاني المجتمع وخاصة النساء من التفسيرات الخاطئة وعدم الفهم لأحكام القانون التي خلقت تصورات ومفاهيم وثقافة ترسخت مع الأيام وأصبح تصحيحها عبئًا ثقيلاً على المجتمع عمومًا وعلى النساء على وجه الخصوص “.
وأكد أن المجتمع المصري مجتمع متشدد ، بل يزداد تشدده يومًا بعد يوم ، وأصبح التجديد الفكري وتجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع العصر معركة صعبة وشاقة ، ولكن ليس أمامنا – نحن أصحاب الفكر المتجدد الذي يحترم الإنسان وعقله – إلا مواصلة طرح أفكارنا حتى لا تغيب وتختفي ، لصالح الجهل والتخلف ، وحتمًا سنحقق أهدافنا بإصرارنا على إعادة النظر في الأمور الخلافية كافة ، فليس من المقبول أن تكون المرأة قاضية في إحدى قاعات المحاكم وفي القاعة الأخرى تعامل بصفتها نصف مواطنة ، ولن يتأتى ذلك إلا بالنضال لانتزاع الحق الدستورى في المساواة والمواطنة“.
د. عبد المعطي بيومي : مادامت حرة وقادرة على التصرف فمن حقها الولاية
وانطلاقًا من رؤيته للمساواة بين النساء والرجال طالب الدكتور عبد المعطي بيومي – عضو مجمع البحوث الإسلامية – أن يؤمن الفقهاء بأن المذاهب الفقهية متغيرة وليست ثابتة وإنها لابد أن تواكب زمنها وظروفها .
وعن رأيه في مساواة النساء بالرجال في الميراث قال موافقًا لرأي الدكتورة زينب رضوان : “إن ما أثير حول ميراث المرأة يؤكد جهل بعض علماء الدين بمسالة الاجتهاد في الفقه ، هذا الجهل الذي جعلهم يفسرون الآية الكريمة ” وللذكر مثل حظ الأنثيين تفسيرًا حرفيًا لأن المرأة وفقًا للشرع ترث مثل الرجل وليس نصفه في أكثر من ثلاثين حالة .
وعن وصاية وولاية المرأة قال د. عبد المعطي بيومي إن الولاية والوصاية مرتبطة بالأهلية وامتلاك الحرية والقدرة على التصرف ، وإن الرشد هو المعيار الوحيد والضابط لتحقيق الولاية للرجال والنساء على السواء ، فالمرأة الراشدة لها حق الولاية مثل الرجل .
د. نادية حليم : نحتاج لتكوين عقلية جديدة تحترم المرأة
ما سبق هو رأي علماء في الشريعة ، وعلى جانب آخر من الرؤية تقول د. نادية حليم – أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية – إن التعدي على حقوق المرأة يأتي ضمن منظومة ثقافية تنظر للمرأة على أنها مخلوق ناقص ليس لها الحق في أي شيء ، وعندما نبحث عن حل لهذه القضية لابد وأن نفكر أولاً في تغيير نظرة المجتمع للمرأة ، فهي محرومة من حقها في صنع القرار حتى فيما يتعلق بنفسها وحياتها ومستقبلها، وهذا الواقع يغذيه المفهوم الخاطئ لقدرات المرأة خاصة في مجتمع يفتقر إلى العدالة .
وحول حرمان المرأة من حق ميراثها أكدت أنه نبع من عادات وتقاليد أخذت مشروعيتها من خلال غطاء ديني رجعي ، والمرأة نفسها مهمشة وغير قادرة على أن تطالب بحقوقها باستثناء فئة قليلة هي التي حاولت الخروج من الظلام، ولكن الغالبية لا تزيد خدماتهن عن تربية الأولاد وغرس تلك العادات والتقاليد الخاطئة والأفكار الرجعية التي تحرم المرأة من حقوقها وتوصمها دومًا بالعار وليس لها الحق في أي شيء .
وتشير د. نادية حليم إلى أن حل هذه القضية يتطلب تكاتف المجتمع بشرائحه المستنيرة من الرجال والسيدات ضد هذه الرجعية المتخلفة ومن الضروري أن تتواجد قوى فعالة لتكوين عقلية جديدة تسعى وراء التغيير ، وأن تضم هذه العقلية الرجل والمرأة معًا للخروج من بؤرة التخلف .
کمال مغيث : المناخ التعليمى المتخلف مسئول إيضًا
أما د. كمال مغيث فأكد أننا أمام تحد أساسي فالعصر والشعوب من حولنا تتحرك للأمام وإما أن نتحرك معهم أو نرتد إلى كهوف العصور الوسطى.
وأوضح أن للإسلام ثوابت ومتغيرات ، فالثوابت هي القيم كالعقيدة والعبادة ، أما دون ذلك من معاملات تتعلق بالعلاقات بين الناس والسياسة والنظم الإجتماعية فتقع في باب المتغيرات ، كما أن الصحابة الأوائل أرسوا قيمة الاجتهاد ، ولذلك لابد أن نتتحرر من التفسير الحرفي لنصوص القرآن .
وأضاف د. كمال مغيث أن التمييز الصارخ ضد المرأة وضرب مبدأ المواطنة ليس مسئولية الدين وحده ، ولكن هناك مناخًا تعليميًا متعصبًا ضد المرأة بالإضافة إلى التراث الثقافي وظروفنا الاجتماعية التي تكبل حرية المرأة وتقتل إمكاناتها في التحقيق والإبداع بالإضافة للرؤية الدونية للمرأة من المجتمع وأحيانًا رؤيتها نفسها ، وأن احترام المواطنة والمساواة يحتاج لنضال طويل ، فالحقوق لا تأتي للناس دون مطالبة مستمرة ، وعلى الرجال المستنيرين والنساء الوقوف ضد إهدار هذه الحقوق وتلك القيم ممن يحاولون التستر بالدين أو من يدعي أنها من ثوابت الأمة.
وقال د. كمال مغيث : إن الدولة للاسف الشديد رغم تشدقها بهذه القيم إلى حد النص على المواطنة المادة الأولى من الدستور فإنها ليس لديها مشروع ثقافي متكامل لترسيخ هذه القيم في وسائل الإعلام والتعليم .
والسؤال الآن من أين نبدأ لترسيخ قيم المواطنة؟ أجاب د. كمال مغيث قائلاً: لابد أن تشعر القوى السياسية المعنية بالمرأة أن الوضع خطير وتضع ميثاق شرف للمواطنة تحدد فيه المبادئ التي تراها لترسيخ مبدأ المواطنة، والأنشطة المختلفة وتروج هذا الميثاق من خلال الجمعيات الأهلية وأجهزة الإعلام، لابد أن نضع قضية المواطنة على رأس أولوياتها وأن نخاطب الحكومة بأن تقوم بدورها من أجل ترسيخ هذه القيم.
واقترح د. كمال مغيث : إنشاء مرصد مصري للمواطنة أي جهة تماثل المجلس القومي لحقوق الإنسان ، ترصد أو تتلقى شكاوى التفرقة بين المواطنين وكل ما يدخل في إطار انتهاك حقوق المرأة وإهدار مبدأة المواطنة وتضعه أمام صناع القرار حتى تستطيع الخروج بوسائل العلاج ووضع برنامج يواجه الأفكار المتخلفة . ويوجد تساؤل آخر حول دور المشرع في إرساء حقوق المواطنة.
جمال زهران: نحتاج لوعي ديني مستنير حتى لا نتهم بالخضوع للغرب
أجاب د جمال زهران رئيس قسم المعلومات السياسية بجامعة قناة السويس قائلاً: منذ أن أطلقت د. زینب رضوان فتواها وهناك هجوم حاد عليها وعلى الحكومة واتهام الحكومة بالخضوع للضغوط الغربية حتى في القضايا الدينية ولهذا فإن مثل هذه الأمور التي تمس الدين يتطلب الامر مرجعية دينية مستنيرة توضح لنا نحن أهل التشريع صحيح الدين فنحن نحتاج إلى وعي عام مستنير، ونحتاج إلى مرجعية دينية بحق المرأة في المساواة حتى لا تتهم بالخضوع للضغوط الغربية، بشرط أن یكون هذا التفسير من رجال دين مشهود لهم بالاعتدال بعيدًا عن أهل الفتاوى بالفضائيات المتشددين.
وأوضح د. جمال زهران أن قضية المواطن الكاملة لم تنته داخل مجلس الشعب، وأن حقوق المرأة مطروحة بشكل مستمر ولكنه تحتاج فقط إلى تفسير ديني مستنير نقيم عليه التشريع .
قويطة يقدم مشروع قانون لتعديل قانون “المواريث“
نائب الوطني محمد خليل قويطة تقدم باقتراح بمشروع قانون بتعديل قانون المواريث بهدف وضع حد لمشكلة الميراث في الصعيد خاصة بالنسبة للنساء اللائي يعانين من عدم تمكنهن من الحصول على نصيبهن الشرعي في الإرث نتيجة قيام الإخوة الذكور بوضع يدهم على الإرث كله ، المشروع المقدم من النائب قويطة ينص على تشكيل هيئة قضائية مستقلة تتبع محكمة الأسرة يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تكون مهمتها حصر التركة وتوزيعها على الورثة الشرعيين طبقًا للأنصبة الشرعية والمنصوص عليها في القانون عندما يوصي المورث بذلك أو بناء على طلب أحد الورثة الذي حرم من نصيبه الشرعي أو من ريعه، وأضاف القانون مادة جديدة وعقابًا بالحبس لمدة لا تقل عن سنة لكل من كانت أعيان التركة أو بعضها تحت يده ، وامتنع دون وجه حق عن تسليم أحد الورثة نصيبه طبقًا لما قضت به الهيئة القضائية، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز عشرة آلاف .