بحثًا عن شريك الحياة المثالي
ملخص:
تناقش هذه الورقة المواد المتعلقة بالزواج في سفرين أدبيين, هما:”عيون الأخبار” لابن قتيبة و“العقد الفريد” لابن عبد ربه. ويتناول القسم الأول المحاذير والاعتبارات الخاصة التي يجب الانتباه إليها عند التعامل مع مثل تلك المؤلفات. أما القسم الثاني فيفصل القول في ما تم طرحه في المؤلفين من مادة متعلقة بالزواج وصفات الزوجة والزوج المثاليين.
الكلمات الدالة: زواج، أدب، إسلامي، زوجة، مناهج بحث.
تناقش هذه الورقة المادة المتعلقة بالزواج في سفرين أدبيين، وهما:”عيون الأخبار” لابن قتيبة (ت. 276 هـ / 889 م.) و“العقد الفريد” لابن عبد ربه (ت. 328 هـ. / 940 م.). لقد تمت دراسة المؤسسة الاجتماعية للزواج، في معظمها، من زاوية الكتابات الثيولوجية والفقهية في العصور الوسطى. ويتضح ذلك، على سبيل المثال في مادة“نكاح” في دائرة المعارف الإسلامية Encyclopedia of Islam، والتي اعتمدت في مناقشتها للزواج ولعقد الزواج على القرآن والسنة النبوية وما قرره الفقه الإسلامي. وتختلف ورقتنا هذه عن هذا النموذج حيث تعتمد، بدلاً من ذلك، على النصوص الأدبية التي تقدم المعلومة التاريخية، مصحوبة بالقيم الاجتماعية وفن السلوك الاجتماعي (1).
ويصعب تعريف لفظة“أدب“، نظراً لما تشتمل عليه من معان حرفية ومجازية مختلفة. وقد أقر إس. إيه. بونيباكر S. A. Bonebakker بأن التعريفات الحالية للفظة“أدب” تعريفات“أوسع من أن تقدم لنا إطارًا عمليًا تحليليًا يمكن الاعتماد عليه“، كما اقترح استخدام تعريف أقل عمومية (2). فقد استخدمت لفظة“أدب” في التراث لتشير إلى الأدب الدنيوى تمييزًا له عن“العلم” الذي يطلق على كل العلوم الدينية. وقد أطلقت هذه الكلمة على“أفضل” ما قيل من نثر وشعر ومأثورات ونوادر في أي موضوع، يفترض أن يلم به الرجل المتعلم (الأديب). كما أطلقت لفظة“أدب” بشكل أكثر تحديدًا على نوع خاص من التعليم الأخلاقي والفكري الموجه لطبقة خاصة في الحضر؛ حيث كان هذا النوع من التعليم يعكس احتياجات وطموحات تلك الطبقة (3).
فالأدب يدَّعى تناول طائفة واسعة من قضايا اللغة والأدب والسلوك الأخلاقي والعملي. ويعرفنا ابن قتيبة في“عيون الأخبار” بالمشروع الذي ينتوى النهوض به وبنوع الأدب بشكل عام، فيقول:
فإن هذا الكتاب، وإن لم يكن في القرآن والسنة وشرائع الدين… دالٌ على معالى الأمور مرشد لكريم الأخلاق زاجر عن الدناءة… باعث على صواب التدبير وحسن التقدير (4)…
ويُعرِّف ابن عبد ربه قراء سفره بأن“هذه قصص للتسلية وقطوف من الحكمة والنوادر…” المتعلقة بطائفة مختلفة من الموضوعات، ويتحدث ابن عبد ربه عن الأدب بوصفه زبدة كلام السابقين وحكمتهم التي حفظتها الأجيال التالية (5).
إن“عيون الأخبار” و“العقد الفريد“، كلاهما مَجمَعَين لقطوف الأدب المستقاة من شتى المشارب، اجتهد فيهما المصنفان في جمع أكبر مادة ممكنة مناسبة للتثقيف العام. وقد انتظمت مادة كل من المؤلَّفين في كتب وفصول، تصور مختلف مظاهر الحالة الإنسانية. وفي كل فصل جمع المصنف عددًا من النوادر والأبيات الشعرية أو الأمثال حتى“تصل بها كلامك إذا حاورت وبلاغتك إذا كتبت” (6)، وقد يتراوح طول تلك القطوف الأدبية من بضعة سطور إلى عدد من الصفحات. وينتقل الأسلوب المقدم في تلك الأعمال من موضوع إلى موضوع بهدف إتاحة تذوق كل فروع الأدب أمام القارئ. ولا أدل على ذلك من قول ابن قتيبة: إن من يريد أن يصبح عالمًا فعليه أن يتبحر في فن واحد، ومن أراد أن يكون أديبًا فعليه أن يتوسع في معارفه” (7).
وترى كيلباتريك H. Kilpatric أن مثل هذا النوع من المؤلفات الأدبية، يشتمل على نوعين من المعلومات: أولهما طائفة من الوصايا الأخلاقية والدينية والنصائح العملية التي تكفل النجاح في الحياة، وثانيهما وصف للمؤسسات والظروف المعاصرة ورواية الأحداث التاريخية (8). على أن الأدب جرى إهماله كمصدر أساسي للتاريخ؛ نظرًا لطبيعته المعيارية والتكرارية، فها هو كلود كاهين في مؤلفه Introduction à l’histoire du monde musulman medieval، VIIe – XVe siècle (مقدمة لتاريخ العالم الإسلامي في العصور الوسطى بين القرنين السابع والخامس عشر) لا يقول إلا القليل حول استخدام الأدب كمصدر للتاريخ الإسلامي في العصور الوسطى.
كذلك ورد هذا النوع من المصادر بشكل مقتضب في مؤلف ستيفن هامفريز الشامل، الذي عرض فيه للعناصر الببليوجرافية والمنهجية اللازمة للبحث في تاريخ العالم الإسلامي في العصور الوسطى (9). وعلى الرغم من إشكاليته، إلا أن الأدب يستطيع أن يلج بنا إلى الهموم المعاصرة له، وما كمن وراءها من مواقف، بالإضافة إلى المعلومات المهمة التي يوفرها للدراسة التاريخية المتعلقة بالمرأة في العصور الوسطى الإسلامية. فالأدب كما يقول روزنثال F. Rosenthal”هو المصدر الواعد الأمثل لتمكيننا من الوصول لما وراء المواقف الرسمية والاقتراب بعمق من أفكار الناس الحقيقيين وكيفية حكمهم على الأفعال” (10).
إن الأعمال الأدبية تختلف في طابعها وفي موضوعها كما أنها غير ملتزمة بأيديولوجية معينة، ولذلك فهي تعكس المعتقد الأكثر شيوعًا، فتمكنا بالتالي من الإحاطة بعقلية المجتمع الإسلامي وقيمه وكذلك من رؤية حقب تاريخية، كما كانت الناس تعيشها في الواقع. والأعمال الأدبية تحتوى على معلومات قيمة حول موضوعات مختلفة، تشمل أنشطة الحياة اليومية ومشاكل الناس العاديين وأحيانًا ما تغوص في وصف شخصياتها وأفعالها.
والواقع أن مثل تلك المؤلفات لها فائدة خاصة؛ حيث إنها لا تتعامل فقط مع النخبة المتمثلة في الموظفين والقادة العسكريين والعلماء، ولكن أيضًا مع النخبة أناس عاديين (11).
من ثوابت الأدب أنه عمل لمؤلف له ذخيرته الأدبية المحددة بشكل أو بآخر. وهذا الأدب عادة ما ينظر إليه على أنه أدب تكراري وتجميعي، يفتقر إلى الأصالة ويختفى عنه إبداع الكاتب وشخصيته. بيد أن هذا الأدب، وعلى الرغم من تكراريته وبثه للقيم العالمية وطابعه المثالي، إلا إنه يعيد ضبط وتحقيق صورته ومجازاته، مسجلاً في ذلك التحولات والتغيرات التي يشهدها المجتمع وفكره ومدركاته (12). وتتمثل أصالة نص ما، تحديدًا في اختيار النصوص، التي يعيد إنتاجها وترتيبها والفروق البسيطة في إعادة كتابتها والسياقات الجديدة التي يُضمَنَّ فيها (13).
وقد أثبتت إتش. كيلباتريك H. Kilpatric في دراستها لأربعة من الأعمال الأدبية من ضمنها“عيون الأخبار” و“العقد الفريد” أن تلك الأعمال كانت نتاجًا لزمان، وأحيانًا لمكان معينين، وأنها تعكس الاهتمام الشخصي لمؤلفيها. وقد أكدت أن الأسلوب الذي اتبعه كل مُصنِّف في الدمج بين المعلومات المعادة والجديدة هو الذي ميز تلك الموسوعات. وقد ذهب فاديه Vadet لأبعد من ذلك، فأكد أن دراسة الأدب تمكننا من التوصل إلى نوع من المعاجم للأفكار، التي تعكس العلاقات العميقة الماثلة داخل العقلية الإسلامية (14).
وهناك ثابت آخر في الأدب يتمثل في أنه يخلق حول نفسه ما يشبه إجماع النسق الاجتماعي (15)، فيكون بذلك ممثلاً لمجتمعه حيث إن العمل الأدبي لن يشتمل أبدًا على مادة لا تتفق مع قيم العالم المقبولة لدى الكاتب / المؤلف وجمهوره. وأحيانًا ما يتبع شكل النوادر النمط المتعارف عليه للأخبار التاريخية، وينطبق عليها بالطبع ما ينطبق على كل أدب النوادر من إضفاء روح الثقة عليها، عن طريق إثبات إسنادها إلى شخصيات تاريخية أو بإيراد تفاصيل توحى بصحتها (16). وسواء كانت رواية تاريخية أم لا، فإن ذلك لا ينتقص من حقيقة أن أيًا مما كان يرد في معظم تلك النوادر لم يكن ليشير إلى شيء مستحيل الحدوث في ذاته، فقد كان الجمهور يألف هذا الخطاب.
وكل من العملين الأدبيين محل دراستنا هنا عبارة عن خليط من عدد من العناصر، يربط بينها رؤية واهتمامات كل من المؤلفين. وفي“عيون الأخبار” و“العقد الفريد” نجد شرحًا وافيًا لأكثر موضوعات المعرفة تباعدًا مثل أيام العرب والتراث التاريخي وتاريخ الشعر والأمثال والنوادر الأدبية وغيرها، فمادة الكتابين المستقاة من مصادر متنوعة ضُمَّت إلى بعضها بعضًا في بناء واعٍ وإن لم يكن صارمًا. وكل مؤلِّف ينسج علاقات دلالية بين مختلف عناصره المكونة له، وتكمن الخصوصية التاريخية للمؤلَف في تركيبته التي لا تفهم، إلا إذا وضعت في إطار بني النصوص المشابهة (17).
وسوف نقارن في هذه الورقة بين الجمع والاختيار والتنظيم للمادة المتعلقة بالزواج في كل من“عيون الأخبار” و“العقد الفريد“. ومن خلال دراستنا للبنية الداخلية للعملين سوف نركز على ما اختار الكاتبين / المؤلفين مناقشته، والقصص التي اختارا تضمينها في مؤلف كل منهما والأطر التي قدمت فيها القصص والموضوعات، فيما يتعلق منها بموضوع الزواج. ومثل هذا التحليل للمادة التي تتناول موضوع الزواج سوف تساعدنا في الإجابة عن الأسئلة التالية: كيف كان يتم تنظيم المعلومات المتعلقة بالزواج؟ ما نوع المعلومات المضمنة و/ أو المستبعدة؟ هل هناك تشابه في القصص والنوادر بين المؤلَّفين؟ هل كان هناك إسقاط أو إضافة لأي مسألة أو موضوع؟ ماذا يوضح المؤلَّفان فيما يتعلق بالدور الذي يتوقع أن يلعبه كل من الرجل والمرأة؟ وبشكل أكثر عمومية، ماذا تقول لنا تلك المادة فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين ؟
ينتمى إنتاج ابن قتيبة إلى النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، وكانت تلك هي الفترة التي تبنى فيها العباسيون ما سوف يصبح بعد ذلك المذهب السني. ونتيجة لتزايد اتضاح حدود المواقف السياسية والدينية، كانت تلك الفترة ثرية في أمهات المؤلفات في الأدب والحديث والتفسير والنحو. ويتصف مؤلف ابن قتيبة بأنه من أمهات الكتب وأنه يخاطب القارئ المثقف ؛ ف“عيون الأخبار” هو مجمع للشعر والنوادر المختارة بعناية والمرتبة تحت عناوين مناسبة، وهو دليل للمعلومات التاريخية إذا ما نظرنا إلى التاريخ على أنه مجموعة من الروايات الفردية، التي تصور مختلف مظاهر الظرف الإنساني (18). وقد استقت“عيون الأخبار” مادتها من ترجمات ومختارات الأعمال الفارسية والهندية خاصة أعمال ابن المقفع، إلى جانب بعض الترجمات عن الكتابات اليونانية واليهودية والمسيحية، خاصة الإنجيل وكتابات الجاحظ ونحاة ولغويى العرب والقرآن والحديث وكذلك الشعر، الذي يمثل كل الفترات منذ ما قبل الإسلام وحتى معاصری ابن قتيبة (19).
وينقسم“عيون الأخبار” إلى عشرة أقسام أو كتب، كُرِّس كل منها لموضوع مختلف ويختص القسم الأخير منها بالنساء. ويحتل موضوع الزواج الجانب الأعظم من الكتاب الأخير من“عيون الأخبار“، والذي يحمل عنوان“كتاب النساء“، والذي ينقسم بدوره إلى عدد كبير نسبيًا من الأقسام حول“اختلاف النساء في أخلاقهن وخَلقهن، وما يختار منهن للنكاح وما يكره، واختلاف الرجال في ذلك والحسن والجمال والقبح والدمامة والسواد والعاهات والعجز والمشايخ والطول والقصر واللحى والعيون والأنوف والرائحة الكريهة والجذام والكساح والفتاق والمهور وخُطَب النكاح ووصايا الأولياء عند الهداء، وسياسة النساء ومعاشرتهن والدخول بهن والنظر إلى المرأة وغناء الإماء والتقبيل والجماع والقيادة والزنا والخيانة ومساوئهن والولادات والطلاق والعشاق، خلا أخبار عشاق العرب وأبيات في الغزل“.
وعلى الرغم من أن معظم الأقسام الفرعية تشتمل على إشارات مباشرة وغير مباشرة للزواج، إلا أن عددًا محدودًا من تلك الأقسام الفرعية يتناول الزواج بشكل مباشر. ومن قبيل ذلك قسمًا“المهور” و“خطب النكاح“. فأولهما يشتمل على نوادر حول هدايا النكاح والمهور التي قدمت لشهيرات النساء مثل فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأم كلثوم ابنة الإمام على [كرم الله وجهه] (20). ويحتوى ثانيهما على خطب قصيرة بليغة، وأحيانًا عبارات مقتضبة، حول النكاح (21).
وإحدى الملاحظات المهمة فيما يتعلق بكتاب النساء هي أنه وعلى الرغم من اشتماله على مواد، عادة ما تتعلق بالمرأة مثل الزواج والمهور والولادة والمظهر الخارجي، إلا أن الرجال قد جرى تضمينهم على الرغم من ذلك، في كل الأقسام تقريبًا. كذلك يضم كتاب النساء أقسامًا عن مختلف أجزاء الجسد. ولم يتوقف الأمر فقط عند حد تضمين الرجال في تلك الأقسام، بل إننا نجد بعض الأقسام مثل تلك المتعلقة باللحية وفتاق الخصيتين يقتصر على الرجال دون النساء.
وقد كان المبدأ المنظم لـ“عيون الأخبار“، لابن قتيبة إرهاصًا لمؤلف ابن عبد ربه، الذي وضعه بعد ذلك بسبعين سنة. وقد لاحظت كيلباتريك أن ابن عبد ربه قد أورد من النساء أكثر بكثير مما ورد في“عيون الأخبار” ؛ نظرًا لأنه كان يتبنى رؤية مختلف للموسوعة الأدبية عن تلك التي يعتنقها ابن قتيبة، وكذلك يری للنساء فيها مكانًا مختلفًا (22). وقد استقى العقد الفريد مادته من أعمال ابن المقفع والجاحظ وابن قتيبة والمبرد وغيرها من الأعمال السابقة ذات الأصول المشرقية. والواقع أن هذه الموسوعة لا تحتوى فعليًا على أي أثر ذي أصول أندلسية. وبعبارة العريان، فـ“العقد الفريد” لا يعبر عن حقبة محددة أو منطقة جغرافية بعينها، ولكنه يرفد من العناصر الشرقية (23). وقد أكد جبرائيل جبور في دراسته عن“العقد الفريد” اعتماد هذا المؤلف على“عيون الأخبار” كمصدر لمعلوماته. غير أن دراسة حديثة حول مصادر“العقد الفريد” ذهبت إلى أن ابن عبد ربه لم يعتمد بشكل مباشر على ابن قتيبة، ولكن كليهما استقى من ذخيرة في المادة اللغوية جمعها علماء القرنين الثاني والثالث الهجريين (24).
وينقسم“العقد الفريد” إلى خمسة وعشرين كتابًا أحدها عن النساء. وإلى جانب اختيار وتنظيم مادته، يقدم ابن عبد ربه لكل من كتبه الخمسة والعشرين باختصار، حيث أورد بعض النوادر التي جاءت في“عيون الأخبار” مختصراً إياها. ومن الجدير بالملاحظة هنا أن القسم المتعلق بالنساء قد جاء في أواخر الكتاب، ولكنه لم يكن القسم الأخير منه. وهنا أيضًا نجد أن معظم المادة المتعلقة بالزواج قد وردت في كتاب النساء.
وينقسم كتاب النساء في“العقد الفريد” إلى الأقسام الفرعية التالية: قولهم في المناكح (صفات النساء في الزواج) ؛ صفات النساء وأخلاقهن؛ صفات المرأة السوء؛ المنجيات من النساء؛ من أخبار النساء؛ باب الطلاق؛ من طلق امرأته ثم تبعتها نفسه؛ مكر النساء وغدرهن؛ السراري؛ الهجناء؛ والخصوبة.
وعلى الرغم من أن كتاب النساء بـ“العقد الفريد” يحتوى على عدد أقل من الأقسام عن مثيله في“عيون الأخبار“، إلا أنه مع ذلك يشتمل على نوادر مشابهة تحت رؤوس موضوعات أقل عددًا ومختلفة عن مثيلتها في“عيون الأخبار“. فعلى سبيل المثال ينتقد القسم المعنون“المشايخ” في“عيون الأخبار” المرأة المسنة. ويرد هذا الموضوع نفسه في“العقد الفريد” في القسم الذي يحمل عنوان“صفات المرأة السوء“. وعلى الرغم من أن“العقد الفريد” لا يحتوى على قسم خاص بالصفات الجسمانية، إلا أننا نجد في القسم الذي يحمل عنوان“صفات النساء وأخلاقهن” مقابلة بين دمامة الرجل وجمال زوجته (25).
ويشترك العملان اللذان نقارن بينهما هنا في توجه تنظيم المحتويات نحو الموضوعات وليس الناس؛ فالموضوع الذي يتم تناوله يرتبط بالموضوع العام، الذي تم طرحه في بداية الكتاب. والزواج هو أحد المحاور التي جمع ابن قتيبة وابن عبد ربه مادتهما حولها.. وبتحديد أكثر، فقد دارت المادة حول تعريف وصفات شريك الحياة المثالي.
يشتمل كتاب النساء في“عيون الأخبار” على قسم يحمل عنوان“الحض على النكاح وذم التبتل” ويبدأ بحديث شريف يسأل فيه النبي صلى الله عليه وسلم عكاف بن وداعة إن كان متزوجًا أم لا، وعندما يجيبه عكاف بالنفى يقول له النبي صلى الله عليه وسلم:”إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منّا فمن سنّتنا النكاح” (26). وهذا الحديث نفسه نجده في افتتاحية كتاب المرجانة الثانية في النساء وصفاتهن في“العقد الفريد“(27). فقد كان الزواج هو القاعدة بالنسبة للجميع، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم جعلت من الزواج سنة. لذلك لا نجد حججًا تقام ضد الزواج كما هو الحال في الأدب الغربي في العصور الوسطى؛ فالمؤلَّفان يدافعان عن الزواج دفاعًا مطلقًا.
وبعد تأكيد محورية الزواج في الإسلام، يورد ابن عبد ربه نوادر حول صفات المرأة.
والأقسام التي تصف محاسن ومساوئ المرأة تركز على الزوجة فقط، فلا نجد تناولاً للابنة أو الأم أو الأخت؛ فالمرأة في هذا السياق تساوى الزوجة.
وتتلخص وجهات النظر المتعلقة بالزوجة المثالية في كلمات أم إياس التي توصى ابنتها عشية زواجها بخصال عشر، عليها أن تتمسك بها إن أرادت السعادة في حياتها الزوجية:”الخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة. التفقد لموضع عينه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا طيب الريح ؛ التفقد لوقت منامه وطعامه فإن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة؛ الاحتراس بماله والإبقاء !! على حشمه وعياله وملاك الأمر في المال حسن التقدير وفي العيال حسن التدبير؛ لا تعصين له أمرًا ولا تفشين له سرًا فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره. ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتمًا والكآبة بين يديه إذا كان فرحًا“(28)
إن هذه النادرة تردد المسلك المقبول اجتماعيًا، وتعيد ذكر الأفكار المعتبرة حول المرأة
المثالية ؛ فأم إياس تعلم ابنتها كيف تكون جذابة في مظهرها ومسلكها. وتلك الخصال تلقى بعبء ثقيل على الزوجة وتعكس الدور كثير المطالب المتوقع منها، في الوضع المثالي، أن تلعبه. وكل تلك الخصال تتعلق بجوانب خدمة الزوج، وجعل حياته أكثر راحة وحفظ شرفه وماله ومكانته في المجتمع. فعلى المرأة، ليس فقط أن ترعى صلاح أمره عمليًا وعاطفيًا، بل وعليها أيضًا وهي تقوم بذلك، أن تكبت بل وتلغى احتياجاتها ومشاعر كآبتها وحزنها. هناك بالفعل تجاهل تام لصلاح أمر المرأة سيكولوجيًّا، وهناك تركيز على إخلاص المرأة وطاعتها في مواضع أخرى في النص، تلخصها نصيحة بسطام بن قيس لابنته:”يابنية كوني له أمة يكن لك عبدًا…”(29).
مثل هذه الفقرات تقدم لنا الخطوط العامة حول واجبات المرأة ومسؤولياتها تجاه زوجها؛ فقد كان هذا هو النموذج الذي تطمح إليه المرأة. وكان هناك دورٌ عامٌ واحدٌ يتوقع من المرأة أن تلعبه. فقد طلبت إلى المرأة مرارًا وتكرارًا في عديد من نوادر العقد الفريد أن تعلن على الملأ مناقب زوجها وأن تحجب مثالبه؛ فها هو شريح، على سبيل المثال، يطلب من زوجته أن تفشی حسن خصاله وتحجب عن الناس مساوءه (30).
وبينما نجد هذا النوع من النصح يرد في“العقد الفريد” في القسم الذي يتناول الزواج، نجد فقرات مشابهة في“عيون الأخبار” في قسم خاص يحمل عنوان“وصايا الأولياء للنساء عند الهداء“. هذا القسم، والذي يتسق مع حقيقة أن الأب هو المهيمن على مؤسسة الزواج التي تتم من خلالها المصاهرة وانتقال الإرث، يشتمل على نصائح من الآباء لبناتهن قبيل الزواج.
فيقول إعرابي حكيم لزوجته:”مري ابنتك… ألاّ تكثر مضاجعته فإنه إذا ملّ البدن ملّ القلب ولا تمنعه شهوته” (31). وفي فقرة أخرى نجد نصيحة القرافصة الكلبي لابنته نائلة حين جهزها إلى عثمان ابن عفان رضي الله عنه. وقد ركز في نصيحته على التطهر والرائحة الطيبة: الكحل والماء (32). وأبو الأسود ينصح ابنته بعدم الغيرة لأنها مفتاح الطلاق وبالزينة والكحل والطيب. ويختتم نصيحته لها بقوله“وكوني كما قلت لأمك في بعض الأحايين:
خذى العفو مني
تستديمي مودتي
لا تنطقي في سورتي حين أغضب…” (33)
وبالرغم من أن نوع النصيحة في الفقرتين اللتين أوردناهما من المؤلفين يختلف في محتواه فإن رسالتهما واحدة. فهي رسالة تركز على الجاذبية الشكلية، وتعلى من قدر خضوع المرأة، وتؤكد الكبت والتواضع والخضوع والإذعان. وهذا النموذج من الكمال النسائي يؤكد الصفات الأخلاقية والخلقية على حد سواء؛ فخالد بن صفوان الذي يظهر في المؤلّفين يركز على الصفات الأخلاقية للزوجة المثالية:”عزيزة في قومها ذليلة في نفسها: كانت في نعمة ثم أصابتها فاقة فمنعها أدب النعمة وذل الحاجة” (34).
وبالإضافة لذلك، جاء في“العقد الفريد” أنها يجب أن تكون“أصدقهن إذا قالت وإذا غضبت حلمت وإذا ضحكت تبسمت وإذا صنعت شيئًا جودت، التي تطيع زوجها وتلزم بيتها” (35). هذا النموذج نموذج لزوجة تامة التأديب والطاعة ؛ لذلك فلا تسامح مع التجاوزات ؛ فالزوجة المثالية لا تضحك وإنما تبتسم (36). هذه النصائح التي تحض على السلوك القويم موجهة بالطبع للرجال والنساء على حد سواء، بما أن السلوك الأخلاقي العام يركز على الاعتدال، وهناك قسم في كتاب الزمردة في المواعظ والزهد في“العقد الفريد” يشتمل على عدد من الآثار التي تحذر المؤمنين من الإغراق في الضحك (37). ولكن كان يعتقد أن المرأة أكثر ميلاً للإفراط، ومن هنا كانت النصيحة الخاصة بها في الكتاب المتعلق بالنساء في“العقد الفريد“.
وتحتاج المرأة أيضًا إلى صفات خلِقية خاصة ؛ فهي يجب أن تكون“جميلة من بعيد مليحة من قريب“. ويقول خالد صفوان إن فتاة أحلامه يجب أن تكون بكرًا كثيب أو ثيبًا كبكر (38)، إحدى النوادر التي وردت في“العقد الفريد” تتفحص في الصفات الخلِقية للمرأة المثالية.
والمدهش في تلك الفقرة هو الوصف الشديد الدقة لجسد المرأة: فيبدأ بأنها يجب أن تكون ملساء القدمين مملوءة الساقين جماء الركبتين، وينتقل بالتفصيل حتى يصل إلى الذراعين والكفين، ويجب أن تكون حمراء الخدين حالكة الشعر عيناء العينين (39). وفي“عيون الأخبار” يصف رجل الصفات الخلِقية لفتاة أحلامه فيقول عنها إنها يجب أن تكون شديدة البياض شديدة سواد الشعر، وإن كانت طويلة فتكون شديدة الطول وإن كانت قصيرة فشديدة القصر (40)، إن الجمالي المثالي هنا هو لامرأة نادرة الوجود. وكلا المجمعين الأدبيين يركز على الصفات الخلِقية، وتنتمى الأوصاف فيها للجمال المثالي عند قدماء العرب.
ونجد السمات المضادة لذلك في القسم، الذي يحمل عنوان“باب مساوئ النساء” في“عيون الأخبار“، وكذلك في القسم الذي يحمل عنوان“صفات المرأة السوء” في“العقد الفريد“. ويبدأ القسمان بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم وآثار الصحابة. وتسلمنا تلك المقدمة في“العقد الفريد” إلى وصف أكثر تفصيلاً للمرأة السوء النموذجية: هي النحيفة الصفراء السليطة الذفراء التي تضحك من غير عجب وتقول الكذب (41). وتتساوي صفاتها الخلِقية مع صفات السوء غير الجسدية فيها. وأحد الأوصاف يذكر أن كلامها وعيد وصوتها شديد. والمرأة السوء هي التي“تدفن الحسنات وتفشى السيئات، تعين الزمان على بعلها ولا تعين بعلها على الزمان، ليس في قلبها له رأفة ولا عليها منه مخافة إن دخل خرج وإن خرجت دخلت، وإن ضحك بكت وإن بكى ضحكت“. ويضيف على ذلك أنها ضيقة الباع مهتوكة القناع ليس تطفأ نارها ولا يهدأ إعصارها تبكي وهي ظالمة، وإذا حدثت تشير بالأصابع وتلعن وتكذب. ويتهم النص المرأة التي تخرج عن الاعتدال في السلوك، فعلى المرأة أن تنأى بنفسها عن أن تصبح مثاراً للانتقاد إذا ما تساهلت.
وعند التوسع في الصفات التي تجعل المرأة مذمومة كان هناك تركيز على سرعة الغضب. وبالإضافة لذلك فالمرأة توصف بأنها كثيرة الكلام والرجل بأنه أكثر ميلاً لسلاطة اللسان. والمرأة الثرثارة جانب ثابت في تلك الأوصاف، وعلى قدم المساواة معها قرينتها المرأة الكذابة. ومن بين الصفات السلبية الأخرى إهمالها لبيتها وولدها(42).
هذه الفقرة الطويلة في“العقد الفريد” تتناول الجوانب الخِلِقية والصفات الخُلقية، وتنتهى برسم صورة منكرة لمثال المرأة السوء. والفقرات التي نجدها عند ابن قتيبة في الأقسام المشابهة تشتمل على بعض الأوصاف السلبية، ولكننا لا نجد في أي موضع من مؤلفه فقرة بمثل هذا الثراء في التفاصيل والاشتمال على تلك الطائفة الواسعة من الخصال.
كذلك يلعب السن دوره في هذه الصورة. ففي القسم الذي يحمل عنوان“خصال المرأة السوء” في“العقد الفريد“، ورد أن آخر عمر المرأة شر من أوله يذهب جمالها ويذوب لسانها ويعقم رحمها ويسوء خلقها (43). ونجد تعليقات مشابهة أيضًا في القسم الذي يحمل عنوان“من طلق امرأته وتبعتها نفسه“. ونجد فيه أن رجلاً طلق امرأته فدهشت كيف يطلقها بعد خمسين سنة من الزواج، فأجابها بأن هذا هو بحق عيبها الوحيد.
تعكس تلك الفقرات مسائل شديدة التضاد، فيما يتعلق بكراهية النساء والمرأة المثالية، فالفكرة الخيالية الخاصة بالزوجة الجميلة المطيعة الطاهرة تقف على طرف النقيض من المرأة الدميمة الماكرة العنيفة العجوز، وكلا الطرحين، على أية حال، يمثلان بنية يطلقها الصوت الذكورى المهيمن، وكلاهما يحمل مسحة من التحيز.
وقد وصف هوب فيليس فايسمان Hope Phyllis Weissman الاتجاه ضد نسوى بأنه“أي تمثيل لطبيعة المرأة يهدف إلى تطويعها لما ينتظره منها الرجل أو ما يجب أن تكون عليه… والواقع أن أكثر الصور الضد نسوية خبثًا هي تلك التي تحتفى… بالأشكال التي يجب أن يكون عليها صلاح حال المرأة” (45). مثل هذه الأطروحات هي نتيجة للرؤى الذكورية نفسها، بما أن“الخطاب الذكوري يهيمن على“المرأة” سواء أكان ينتقدها أم يمجدها” (46).
وأحد أهم أهداف الزواج هو التناسل، كما جاء في خطبة عمر ابن الخطاب، الذي ذكر أن النساء أوعية(47)، والزوجة المثالية هي الزوجة الولادة(48). فالمرأة ينتظر منها أن تكون أمًا وأن تركز طاقتها ومجهودها على تربية الأبناء ورعاية البيت. ويحذر ابن الزبير الرجال من الزواج من المرأة المسترجلة لأنها لا تستطيع أن تنجب الأطفال(49)، ويعكس وجود قسم خاص بالمنجبات من النساء في“العقد الفريد” أهمية التناسل. وتؤكد الآثار والنوادر والأمثال أن الأجانب أفضل من الأقارب في ذلك:”الأقارب أكثر صبرًا ولكن الأجانب أكثر نسلاً” تلك مقولة يكررها ابن عبد ربه مرتين، كما أوردها أيضًا ابن قتيبة، على الرغم من أن“عيون الأخبار” لا يشتمل على قسم خاص بهذا الموضوع (50).
كذلك جرى تناول الأصل العرقي للأم في هذا السياق؛ حيث كانت هناك تسميات خاصة لأبناء الزواج الهجين، ويشتمل“العقد الفريد” على قسم خاص بعنوان“الهجناء“، وهم أبناء الأب العربي والأم الأعجمية. ويذكر ابن عبد ربه أن الهجين كان يحرم من الإرث قبل الإسلام، وأن الأمويين رفضوا تولية خليفة لم تكن أمه عربية (51). ولم يفرد ابن قتيبة قسمًا خاصًا لموضوع الهجين، ولكنه ذلك مع يورد مادة تؤكد أن المرء يجب ألا يعير كثير اهتمام لأصل الأم (52)، ويلخص حجته بيتي شعر لشاعر مجهول:
لا تشتمن امرأ من أن تكون لها ……أم من الروم أو سوداء عجماء
فإن أمهات القوم أوعية……مستودعات وللأحساب آباء(53)
ورد ذكر الرجال أيضًا عند مناقشة شريك الحياة المثالي، والمعلومات المتعلقة بالرجال أكثر غزارة وأفضل ترتيبًا في“عيون الأخبار” عنها في“العقد الفريد“، فكتاب النساء عند ابن قتيبة يحتوى على قسم خاص بعنوان“الأكفاء من الرجال“. ولا نجد قسمًا خاصًا مثل هذا حول الزوج المثالي في“العقد الفريد“.
ويبدأ هذا القسم في“عيون الأخبار” بآثار الرسول، التي تقرر أن الرجل المثالي هو الحسيب الثرى الكريم التقى. ويلى هذه الصفات الأساسية وصف المرأة للزوج المثالي، ويشتمل الوصف على الصفات الخلِقية والأخلاقية على حد سواء(45)، مع التركيز أكثر على الأخلاقية منها، والصفات الأخلاقية التي تلقى تقديرًا تشتمل على حسن العشرة والشجاعة والكرم.
ويتضح التركيز على الصفات الأخلاقية في آثار الرسول، فها هي أم حبيبة تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قائلة: يا رسول الله المرأة منّا يكون لها الزوجان في الدنيا فتموت فلأيّهما تكون في الآخرة؟ فيجيبها الرسول صلى الله عليه وسلم: لأحسنهما خُلُقًا(55). وقد ذهبت امرأة من بنی کلاب تسأل عن رجل تقدم لخطبة ابنتها فسألت عن فصاحته وشجاعته وسماحته(56). وبعبارة ابنة الخُسّ، فالزوج المثالي هو الذي ليس بالثرى أو الحسيب ولكنها تريده كسوبًا إذا غدا ضحوكًا إذا أتى (57). ونصح الحسن رجلاً بأن يزوج ابنته لمن يخاف الله فإنه إذا أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. وتزوجت أرملة يزيد بن أبي سفيان من طلحة فوصف علي بن أبي طالب وهو أحد خطابها طلحة بأنه أجملنا مرأى وأجودنا كفًا وأكثرنا خيرًا على أهله. وكانت قد رفضت خطبة عمر ابن الخطاب لأنه“يدخل عابسًا ولا يخرج إلا عابسًا“، ورفضت الزبير لأنه“يدٌ له على قروني ويد له في السوط“(58).
ولقد جرى تناول الصفات الخلِقية للرجال في غير موضع من كتاب النساء في“عيون الأخبار” ؛ فالقسم المعنون“باب القبح والدمامة” يشتمل على نوادر حول الدميم من الرجال، وكان عمر بن الخطاب يقول: لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح (59). كما أجرى الأخطل الشاعر مقابلة بين جمال برة بنت هانئ التغلبي وقبح زوجها سعيد، ويحتوى هذا القسم أيضًا على وصف الأقبح من الرجال(60)، أما القسم الخاص بالجمال فيشتمل بالمثل على نوادر حول جمال الرجل. ويلخص خالد ابن صفوان مثال الجمال في الرجال في صفات ثلاثة، هي: الطول والبياض وسواد الشعر. ومن المهم أن نشير إلى أن خالدًا، في تلك النادرة، كان يرد على امرأة قالت: ما أجملك، القسم نفسه يحتوى على أبيات شعر لشاعرة مجهولة تمتدح جمال نصر بن حجاج (61).
وفي إحدى النوادر التي وردت في قسم الجماع في“عيون الأخبار“، هناك تركيز على الرائحة.. فقد سأل أبو عبيدة جاريته عما تكرهه النساء منه فأجابته:”يكرهن منك أنك إذا عرقت فحت بريح كلب“(62). والواقع أن كتاب النساء في“عيون الأخبار” يشتمل على قسم كامل، بعنوان“البخر والنتن“، يحتوى على معلومات تتعلق بالرجال وحدهم(63).
وكما ذكرنا آنفًا، لا يشتمل العقد الفريد على قسم خاص بالزواج المثالي. بيد أن النوادر الخاصة بهذا الموضوع ترد في القسم العام الخاص بالزواج في بداية كتابه عن النساء. وأحد الآثار التي وردت في كلا المؤلفين تقول بأن“الرجل الكفء هو الغنى في دينه وعقله“(64). وتأكيد وجوب مناسبة الزوج وصلت إلى حد القول بأنه“إن لم تجدوا الزوج المناسب فأفضل أزواج نسائكم القبور“(65). وإحدى النوادر تدور حول هند بنت عتبة التي خيرت بين سهيل بن عمرو وأبي سفيان بن حرب، فاختارت الأخير الذي كان حسيبًا ثريًا شديد الغيرة أريب الرأى عز عشيرته ولا يرفع عصاه على أهله(66).
لهذا الصنف من الأدب قواعده واعتباراته؛ فالأخبار فيه أحيانًا ما تكون مجتزأة من نظام أدبي هيمن على النوادر. وبالإضافة إلى إعادة استخدام المواد الأقدم، فقد خضع الزواج ومكان الرجل والمرأة منه لأعراف أدبية سادت هذا الصنف من الكتابة. وتتمثل إحدى المشاكل في أننا لا نحصل من تلك الأعمال على أية دراسة منهجية جادة، حول الزواج في أي مجتمع إسلامي في فترة زمنية بعينها؛ حيث إن العملين يشتملان على نوادر تغطى عديدًا من المجتمعات، وعلى وجه الخصوص أيضًا عديدًا من الأطر الزمنية. أضف إلى ذلك أن أسلوب الدراسة الأدبية الذي تبنته هذه الورقة حول موضوع الزواج له محدودياته؛ فالأدب لا يقل تضليلاً عن الخطاب التشريعي والقانوني لأنه هو أيضًا أسير الأيديولوجيا. والواقع أنه على الرغم من أن الروايات والنصوص الأدبية قد تقول لنا الكثير حول ما نتوقعه من الرجل والمرأة في سياق معين، إلا أن ما تقوله هذا قد يكون شديد البعد عن واقعهم، ومع ذلك فالأدب يمكننا من أن نرى الأشياء من زاوية مختلفة.
والنصان،“عيون الأخبار” و“العقد الفريد“، تناول كلاهما تعريف الزواج، وركز على دور المرأة والرجل في هذه المؤسسة الاجتماعية الأساسية. وقد استخدمت النوادر لتصوير بعض المفاهيم السائدة في التناول الأدبي للزواج في العصور الوسطى الإسلامية؛ خاصة ما يتعلق بشريك الحياة المثالي. وعلى الرغم من التناول العميق لعدد من الموضوعات، إلا أن المعلومات المقدمة في العملين تبقى غير كاملة وتحتاج لمزيد من التأكيد. ولا يقدم تحليل محتويات العملين سوى وسيلة واحدة لتصور خريطة أولية، تمكننا من فهم دور المرأة وعلاقات النوع في المجتمع الذي أفرز تلك العلاقات. ووزن مثل هذه الدراسة لن يكتمل إلا بتراكم الأدلة من عديد من الأعمال الأدبية والأعمال الأخرى.
وبدلاً من أن يقدم لنا العملان إجابة حول تساؤلنا عن الواقع الاجتماعي للأزواج والزوجات، فإنهما يقدمان لنا تعريفًا بالزوج المثالي والزوجة المثالية. والمثاليات من المكونات المهمة والمؤثرة في نظام المعاني التي تحدد التجربة السيكولوجية للمرأة والرجل، وهي تمثل أيضًا“جزءًا من أرضية المفاهيم التي تقوم عليها القوانين“(67)، وحقيقة أننا نتعامل مع مقولات سائدة ومثاليات ليست بغير دلالة. فهذه المقولات الشائعة وتلك المثاليات تشكلت جزئيًا من خلال رؤية الأدوار، ولأنها تعتبر خطوطًا إرشادية في تطور دور الجنسين. وعلى الرغم من صعوبة فصل الحقيقة عن الخيال، إلا أننا نستطيع أن نستشف بعض جوانب نظام القيم الذي فُهمت فيه تلك الأعمال.
والنصان يركزان بشدة على الزواج؛ حيث كان الموقف من الزواج عاملاً محددًا مهمًا في هوية النوع؛ فكانت المرأة تحمد على مظهرها ورائحتها وأدبها وطاعتها وتواضعها ووقوفها بجانب زوجها. أما بالنسبة للرجل، فقد كان التركيز على الوضع الاجتماعي والحسب والكرم والتقوى والثراء، كما ذكرت صفات أخرى مثل اللين والعطف والمظهر ولكن باهتمام أقل. ولا يشير النصان إلى أن الطرفين عليهما أن يتشاركا على قدم المساواة في الجهود التي تؤدي إلى زواج ناجح ؛ فقد كانت المرأة هدفًا لنصائح معقدة حول السلوك المناسب، كما أن لب المطالب السلوكية كان يتركز على المرأة.. فهي التي عليها أن تتأقلم وتقبل ما يطلبه منها زوجها. أما الرجل فلم يكن موضع نصائح خاصة تتعلق بأشكال معينة من السلوك التي من شأنها أن تحسن من فرص إقامة علاقة زواج سعيدة. ويأتى مستوى الاعتماد المتبادل الوحيد في صورة الزوج والزوجة في إطار الصياغات العامة للصفات نفسها عند الرجل وعند المرأة، على أن النصائح المتعلقة بسلوك معين عادة ما توجه للمرأة.
ويصف العملان عالمًا يتسم بالتفرقة التبسيطية بين الجنسين؛ فقد كان العملان يعكسان الرؤية المعاصرة القائلة بأنه لا يجب إلا أن يكون هناك جنسان مُعرفان تعريفًا صارمًا: الذكرى والأنثوى. والواقع أنه على الرغم من أن دراسات النوع ولدت لدينا الحاجة للنظر إلى تعددية للذكورة وللأنوثة، إلا أن معاصرى العملين كانوا ربما يفكرون بشكل أقل تنظيرًا في مثل تلك الأمور، فيشيرون بدلاً من ذلك إلى هويتين متقابلتين، أي تصنيفين جنسيين أساسيين (68).
إن تفحص الأقسام المتعلقة بذلك في العملين يوضح أنه على الرغم من أن المادة قد تم ترتيبها بشكل مختلف في كل من“عيون الأخبار” و“العقد الفريد“، وعلى الرغم من أن القصص الواردة فيهما مختلفة في معظم الأحيان، إلا أن الرسالة والمغزى المراد في الاثنين واحد. فالأخبار في العملين تؤكد مراراً وتكراراً على صفات شريك الحياة المثالي؛ بيد أن التركيز على المرأة في خطاب الزواج يفوق بكثير ما وجه منه للرجل.
والمؤلفان متكاملان.. فمعلوماتنا عن شريك الحياة المثالي، كان من الممكن أن تكون أقل بكثير لو ركزنا على أحد العملين دون الآخر. فلو كانت هذه الورقة قد ركزت على المادة الواردة في“العقد الفريد” وحده على سبيل المثال، لما استطاعت أن ترسم صورة حتى ولو باهتة، للزوج المثالي.. على أن صورة الرجل لم تصبح بعد مجالاً ناضجًا للدراسة. فبينما تعتبر المرأة وصورتها في النصوص التاريخية والأدبية موضوعًا مشروعًا للدراسة حاليًا، تشهد عليه كثرة الأعمال حول هذا الموضوع والمادة الضخمة التي وردت في دائرة المعارف الإسلامية Encyclopedia of Islam تحت مادة“المرأة“، فإننا لا نجد دراسات مشابهة حول الرجل.. نحن نقرأ عن الرجل كخليفة وقاضٍ وموظف ورجل حرب، ولكن ليس“الرجل” كنوع. إن عدم اتخاذ الرجل أو الذكورة موضوعًا للدراسة يجعل للأدب الثانوي موقفًا سياسيًا في مصادرنا. والواقع أن عدم قراءة النصوص من منظور النوع (الجندر) قد يؤدي بنا إلى“إعادة ترديد الفروض المطروحة في الخطاب المتمركز على الجنس الواحد في تلك النصوص” (69)، أما الأسلوب الذي اتبعناه في هذه الورقة.. فهو يسمح بتضمين الرجل في التحليل.
إن الأسلوب الذي يطرح أو يؤطر به ما يعرضه أو يمثله النص يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعمليات الاجتماعية – الثقافية الأوسع، وقد يحدث تحولاً في الظواهر المقدمة فيه(70). لقد حللت هذه الورقة النصوص الأدبية بتناولها ليس كوثائق بالمعنى الضيق للكلمة، ولكنها نظرت، بالأحرى، إلى كيفية تعامل تلك النصوص وتوظيفها للمواد. وعلى الرغم من أن الواقع الفعلى يصعب الإمساك به، إلا أن هذه الأعمال ترسم لنا السياق الاجتماعي الذي أقيم فيه صرح النص. إن كتاباتنا تعكس خطابًا رسميًا راسخًا، يتيح لنا فهمًا أفضل للبنية الثقافية لما يتوقع من الرجل والمرأة، ووصفًا أفضل لشريك الحياة المثالي كما قدمه الأدب في تلك الفترة.
عثمان مصطفى عثمان: مترجم وباحث.
(*) نادية ماريا الشيخ، قسم التاريخ والآثار بالجامعة الأمريكية ببيروت.
أجريت هذه الدراسة بمنحة مقدمة من مركز البحوث السلوكية – سانت أنتوني – بالجامعة الأمريكية ببيروت، وقد قدمت نسخة سابقة من هذه الورقة في مؤتمر“الجنسانية في الشرق الأوسط” الذي عقد بمركز الشرق الأوسط بكلية سانت أنتوني في أكسفورد في يونيو 2000.
1- Stefan Leder and Hilary Kilpatrick, “ Classical Arabic Prose Literature: A Researchers Sketch Map, ‘Journal of Arabic Literature 23 (1992): 2-25. In Fedwa Malti Douglas’ Women’s Word: Gender and Discourse in Arab Islamic Writing (Princeton: Princeton University Press, 1991).
كانت النصوص شبه الدينية في المنطقة العربية الإسلامية تقف علي قدم المساواة مع (ألف ليلة وليلة ) من حيث خضوع الاثنين لمجهر (النوع) و علي الرغم من أن مقارنة النصوص الدينية بنصوص الأدب هو مشروع ذو أهمية ، بلا شك ، ولكنه لا يدخل في نطاق هذه الورقة.
2- S. A. Bonebakker, “Adab and the concept of Billis-Lettres. “ in The Cambridge History of Arabic Literature: Abbasid Belles-Lettres, ed. Julia Ashtinai et al. (Cambridge: Cambridge University Press, 1990), 16-3.
3- See F. Gabrieli, “Adab, “ Encyclopedia of Islam, New Edition (Leiden: Birll, 1960), vol.1: 176-6 m and Tarif Khalidi, Arabic Historical Thought in the Classical Period (Cambridge: Cambridge University Press, 1996), 89. See Also Marshall Hodgson, The Venture of Islam: The Classical Age of Islam (Chicago: The University of Chicago Press, 1974), 451-453.
4- Ibn Qutayba, “Uyun al-akhbir, ed. Yusif ‘Ali Tawil (Beirut: Dar al-kutub al _ ‘ilmiyya 1985), vol. 1: 42. trans. In Tarif Khalidi, Arabic Historical Thought in the Classical Period, 109.
5- ابن عبد ربه ، (العقد الفريد) ، طبعة أحمد أمين و آخرين (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف و الترجمة و النشر ، 1940 – 1949) ، ج1 ، ص4.
6- (عيون الأخبار ) ، ج1 ، ص 42.
7- Tarif Khakidi, Arabic Historical Thought, 100-101.
8- Hilary Kilpatick, “ A Genre in Classical Arabic: The Adab Encyclopedia, “ Union Europeenne des arabiants et islamisants, 10th Congress, Edinburgh,September 1980,
Proceedings, ed. Robert Hillenbrand (Edinburgh, 1982), 34-42.
9- Claude Chen, Introduction al’histoire du minde musulman medieval, VIIE-XV e siecle (Pared: American Oriental Society, 1982), and Stephen Humphreys, Islamic History: A Framework of Inquiry (Pricenton: Pricenton University Press, 1991).
10- Franz Rosenthal, “Fiction and the Sexes in Medieval Islam, ed. Afaf Lutfi al-Sayyid (Malibu: Undena Publications, 1979), 2-22.
11- استطاع روبرتو مارين جوزمان Roberto Marin Guzamn
أن يتوصل ، من خلا دراسة متأنية لبخلاء الجاحظ ، إلي مادة شديدة الأهمية فيما يتعلق بالتاريخ الاجتماعي للعصور الوسطي الإسلامية في مؤلفه:
“La litteratura arabe como fuente para la historia social: el caso del Kitab al Bukhala’ “women’s: انظر أيضا. De elJahiz, “Estudios de Asia y Africa 28 29-83 (1993): 32. History: A Study of al-Tanukhi, “ forthcoming in Writing the Feminine: Women in Arab Sources, eds. Randi Deguilhem and Manuela Marin
12- H. Kipatrick, ‘A Genre in Classical Arabic”, and Abdallah Cheikh-Moussa, “L’historien et la literature arabe medievale, “ Arabica 43 (1996: 152-188.
المصادر العربية لتوضيح صورة الفقراء والشاحذين والعيارين.
13- A. ‘Abdallah Cheikh-mOussa, Aeidy toelle and Katia Zacharia, “Pour une relecture des texts litteraires arabes: elements de reflexion, “ Arabica 46 (1999): 523-540.
14- H. Kilpatrick, ‘A Genre in Classical Arabic”, and Jean Claude Vadet, “Les grands themes de l’adab dans le Rabi’ al abrar d’ al-Zamakhshari, “Revue des etudes islamiques 58 (1990): 189-205.
15- Jean Claude Vadet, “ Les grands themes de l’adab”.
16- A.F.L. Beeston, “The Genesis of the Maqamat Genre,” Journal of Arabic Literature 2 (1971): 1012.
17- Abdallah Cheikh-Moussa, Heidy Toelle and Katia Zacharia, “Pour une relecture des textes litteraires arabes.’
18- Tarif Khalide, Arabic Historical Theought, 110.
19- Geraed Lecomte, Ibn Qutayba: I’homme, Son oeuvre, ses Idees (Damascus: Iscitut Francais de Damascus: Insitut Francais de Damas, 1965), 361-376.
20- (عيون الأخبار) ، ج4 ، ص 69-70.
21- (عيون الأخبار) ، ج4 ، ص 71-75.
22- Hilary Kilpatrick, review of women’s Body Woman’s word. Gender and Discourse in Arabo-Islamic writing, by Fedwa Malti-Douglas, Bibliotheca Orientalis 53 (1996): 566-570.
23- Hani Muhammad El-Eryan, “Las mujeres y el matrimonio en el Kitab al ’iqd alfarid de Ibn ‘Abd Rabbihi al Andalusi, “ Sharq alAndalus 10-22 (1993-4): 313-323.
24- وضع جبرائيل جبريل قائمة جزئية ، توضع ما يدين به (العقد الفريد ) ل (عيون الأخبار ) في مؤلفه: جبرائيل جبور ، ابن عبد ربه وعقده (بيروت: دار الآفاق الجديدة ، 1979 ) ، ص 59. Hilary Kilpatrick, “A Genre in Classical Arabic”
25- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص 109.
26- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص 19.
27- (العقد الفريد) ، ج6 ، ص82.
28- (العقد الفريد) ، ج6 ، ص83-84.
29- (العقد الفريد) ، ج6 ، ص85.
30- (العقد الفريد) ، ج6 ، ص94.
31- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص 75.
32- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص 75-76.
33- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص 75.
34- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص 107 ، (و عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص6.
35- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص 107.
36 (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص107.
37- (العقد الفريد ) ، ج3 ، ص 199–200.
38- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص 107 ، (و عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص6.
39- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص 108.
40- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص7.
41- ( العقد الفريد ) ، ج6 ، ص112.
42- (العقد الفريد) ، ج6 ، ص112.
43- ( العقد الفريد ) ، ج6 ، ص113.
44- (العقد الفريد ) ، ج6 ص125.
45- Hope Phyllis Weissman, “Antifeminism and Claucer’s Characterization of Women, “in Geoffrey Chaucer: A Collection of Original Articles, ed. George D. Economou (New York, 1975), 93-110.
Rudige Schnell, “The Discourse on Marriage in the Medieval Ages, “ Speculum 73 (1998): 771-786.
47- ( العقد الفريد ) , ج6 ، ص112
48- ( العقد الفريد ) ، ج6 ، ص107
49- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص4
50- ( العقد الفريد ) ، ج6 ، ص103، و ( عيون الأخبار) ، ج4 ، ص5.
51- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص129-130.
52- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص10
53- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص10-11
54- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص12
55- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص12
56- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص14
57- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص12
58- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص18-19
59- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص12
60- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص34-24
61- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص23-24
62- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص95-96
63- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص62-63
64- (عيون الأخبار ) ، ج4 ، ص13
65- (العقد الفريد ) ، ج6 ، ص86.
66- (العقد الفريد ) ، ج6 ص87.
67- Leila Ahmed, women and Gender in Islam (New Haven: Yale University Press, ) 1992), 27>
68- D. M. Hadley, “Introduction: Medieval Masculinities, “ in Medieval Europe (London and New York: Longman, 1999), 1-18.
69- Charles Baber, “Homo Byzantinus ?” women, Men and Eunuchs: Gender in byzantium, ed. Liz James (London: Routledge, 1997), 184-199.
70- Dominique La Capra, History an Criticism (London and Ithaca: Cornell University Press, 1985)، 38.
إبن عبد ربه: (العقد الفريد) ، طبعة أجمد أمين و آخرين. القاهرة ، مطبعة لجنة التأليف و الترجمة و النشر ، 1940-1949.
ابن قتبية: ( عيون الأخبار ) ، طبعة يوسف علي الطوي ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1985،
جبرائيل جبور: ابن عبد ربه و عقده. بيروت ، دار الآفاق الجديدة ، 1979.
Ahmed, Leila. Women and Gender in Is;am. New Haven: Yale University Press, 1992.
Barber, Charles, “Homo Byzantius ?” In Women, Men and Unuchs: Gender in Byzantium, ed Liz James, pp. 184-189. London, Routledge, 1997.
Beeston, A.F.L. “the Genesis of the maqamat Genre. “Journal of Arabic Literature 2 (1971): 1-12.
Bonebakker, S. A. “ Adab and Concept of Belles-Lettres. “ In The Cambridge History of Arabic Literature: Abbasid Belles-Lettres, ed. Julia Ashitant et al., pp. 16-30. Cambridge University press, 1990.
Cahen, Claude, Introduction a l’histoire du monde musulman medieval, VIIe) Xve siecle, Paris: American Oriental Society, 1982.
Cheickh-Moussa, Abdsllah, Heidy Toelle and Katia Zacharia, “Pour une lecture des texts litteraires arabes: elements de reflexion” Arabica 46 (1999): 523-540.
El-Cheikh, Nadia Maria, “Women’s History: A Study oa al-Tanukha. “Forthcoming in writing the Feminine: Women in Arab Sources, eds. Randi Deguihem and Manuela Marin.
El-Eryan, Hani Muhammad, “Les Mujeres y el matrimonio en el Kitab al _’iqd al-Farid de Ibn ‘Abd Rabbihi al-Andalusi. “ Sharq al Andalus 1011 (1993-4): 313-323.
Hadley, D. M. “Introduction: Medieval Masculinities. “ In Masculinities. “ In masculinity in Medieval Europe, ed. D.M. Hardky, pp. 1-18. London and New York: Longman, 1999.
Hodgson, Marshll, The Venture of Islam: The Classical Age of Islam. Chicago: The University of Chicago Press, 1974.
Humphreys, Stephen, Islamic History: A Framework for Iquiry. Princeton: Princeton University Press, 1991.
Khalide, Tarif. Arabic Historical Thought in the Classical Period. Cambridge: Cambridge University Press, 1996.
Kilpatrick, Hilary. “A Gender in Classical Arabic: The Adab Encyclopekia. “ In Union Europeene des arabisants et islamisants, 10th Congress, Edinburgh, September 1980, Procceedings, ed. Robert Hillenbrand, 34-42. Edinburgh, 1982.
LaCarpa, Dominique. History and Criticism. London and Ithaca: Cornell University Press, 1985.
Lecomte, Gerard. Ibn Qutayba: l’homme, son oeeuvre, ses idees. Damascus Institut Francis de Damas, 1965.
Leder, Stefan and Hilary Kilpatrick, “Classical Arabic Prose Literature: A Researcher’s Sketch Map.” Journal of Arabic Literature 23 (1992): 2-25.
Malti-Douglas, Fedwa. Women’s Body women’s word Gender and Descourse in Arab-Islamic Writing. Princeton: Princeton university Press, 1991.
Marin Guzman, roberto. “La Litterature arabe como fuente para la historia social: el caso del Kitab al-bukhala’ de el-Jahiz. “ Estudios de Asiay Africa 28 (1993): 32-83.
Rosenthal, Franz. “Fiction and Reality: Sources for the Role of Sex in Medieval
Muslim Society “. In Society and the Sexes in Medieval Islam, ed. Afaf Lutfi al-Sayyid, 2-22. Malibu: Undena Publications, 1979.
Schnell, Rudige. “The Descoures on Marriage in the Medieval Ages. “ Speculum 73 (1998): 771-786.
Vadet, Jean Claude. “Les grands themes de l’adab dans le Rabi’ al-abrar d’al-Zamakhshari.” Revue des etudes islamiques 58 (1990): 189-205.
Weissman, Hope Phyllis. “Antifeminism and Chaucer’s Characterization of Women, “ Geoffrey Chaucer: A Collection of Original Articles, ed. George D. Economou, 93-110. New York, 1975.