إجبار الزوجة على الاستقالة…….جائز
قرأت تعليقًا بتاريخ 10 أكتوبر 2006 في جريدة الجمهورية ” القومية” بعنوان “إجبار الزوجة على الاستقالة.. جائز“، وهو عبارة عن إجابة سؤال لقارئ يستفسر عن جواز إجبار زوجته التي تعمل بمصلحة حكومية ويرى الزوج أن عملها يؤثر على رعايتها لأبنائها، على الاستقالة. ورد الفقيه والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بأنه يجوز للزوج أن يجبر زوجته على الاستقالة من عملها استنادًا لكون الزوج “راعيًا” وكل راع مسئول عن رعيته، “والأصل أن الزوجة التي ترضى بالزواج برجل معين أن يكون وقتها مفرغًا لرعاية زوجها وبيتها وأولادها“، وأضاف بأن من حقه منعها من العمل “لأن عمل المرأة لا يجوز إلا بإذن من الزوج، وأن مجرد خروج الزوجة من البيت دون إذن يعد نشوزًا“.
وجدت هذا التعليق في الجهة اليسرى العليا من الصفحة الأولى محاطًا ببرواز باللون الأخضر كإشارة ضمنية على أن التعليق أو الخبر ديني، والناحية اليسرى العليا من صفحة الجريدة هي أكثر الأماكن لفتًا لنظر القراء، لذلك تخصص الجرائد هذا المكان للأخبار التي تريد إبرازها، خاصةً إذا كان في الصفحة الأولى، ومعنى ذلك أن هذه الجريدة ” القومية ” صاحبة التوزيع الضخم تقصد تمامًا تصدير هذه الصورة عن عمل النساء، وأن ترك العمل والعودة إلى المنزل وتربية الأطفال هما العمل الحقيقي للمرأة، بل تمادت في أن خولت للزوج حق إجبار زوجته على الاستقالة من العمل وحرمانها من حقها في ممارسته.
وأنا لا أفهم معنى كلمة “إجبار” هنا. فهل المقصود منها الإجبار النفسي أم الإجبار الجسدي؟ وهل يمكن اعتبارها دعوة لممارسة العنف ضد النساء خاصة العاملات منهن مصحوبة برأي ديني لتصبح أكثر تأثيرًا، خاصة في شهر رمضان. نموذج آخر من نماذج عنف الدولة ومؤسستها وتصدير الصورة النمطية للدور الرعائي الإنجابي للنساء، ومنهجية استغلالهن. ففي وقت الحرب أو موسم الهجرة الذكورية إلى الخليج تسند إلى النساء أدوار هؤلاء الرجال في الأسرة وفى العمل، وتكتشف الدولة فجأة أن اقتصادها في حاجة إلى إصلاح وهيكلة أو في زمن تزايد البطالة – والحمد لله فنحن نمر بهذه المرحلة التاريخية المخضرمة حيث تجتمع الهيكلة مع البطالة – وتزداد دعاوى عودة النساء للجحور أو الشقوق التي كن فيها والتخلي عن أدوارهن للذكر الهمام، ويسن الكتاب أقلامهم لمواجهة هؤلاء النسوة اللاتي إحتللن مكان الرجال أثناء غيابهم. وفجأة تظهر صورة المرأة العاملة الأنانية التي لا تهتم إلا بعملها وتهمل زوجها وأولادها، فيتجه الزوج للخادمة أو السكرتيرة ويتجه الأولاد إلى الانحراف والسرقة وخلافه ولا يوجد أصلح من الدين السلاح ذو الحدود المتعددة لأداء هذه المهمة، فقط نعطي له مساحة حتى لو كانت في حجم مقال في جريدة قومية، فعندما نحتاج لعمل النساء نقول العمل عبادة، ووقت البطالة نقول خروج المرأة للعمل نشوز. فمع إضافة الدين كمكون أساسي إلى البطالة والهيكلة تكون الضحية في النهاية هي المرأة العاملة التي يجب أن تكون مستعدة نفسيًا وبأمر الدين للإقامة الجبرية في بيتها بدون اعتراض، والذي يسري على المرأة العاملة يسري بعد ذلك على أي امرأة في أي مجال والسلاح جاهز…… وجائز.