شرف الرجال أم هو شرف النساء؟

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم…….

شرف الرجال أم هو شرف النساء؟

لماذا نربط دائما شرف الرجل بالأنثى؟ ولماذا تتحمل المرأة وحدها مسئولية صيانته والحفاظ عليه لا لنفسها وإنما لأبيها وأخيها ثم لزوجها ومن بعده حتى ابنها؟ تحمل المرأة الشرف ولا تملكه، وهي تصونه لرجل من أن يمسه رجل آخر، أما شرفها هي فلا يعترف به المجتمع ولا وجود له.

فنجد الفتاة الخارجة عن التقاليد أو التي ترتكب خطيئة لا تتهم بأنها مخطئة ولكن تتهم بأنها“قد مرمغت شرف أبيها وإخوتها في التراب” ونجد المرأة التي تخون زوجها تتهم بأنها“مرمغت شرف جوزها في الوحل” بينما حين يزني الرجل لا يقال عنه أنه“مرمغ شرف مراته“. وكأن في كلتا الحالتين لا شرف لهذه المرأة وإنما هو شرف الآخرين من الرجال. ونجد ذلك جليا في القانون المصري الذي يعاقب الزوج الذي يضبط زوجته متلبسة بالزنى في بيت الزوجية ويقتلها هي ومن يزني بها بحكم مخفف¹ لأنه لم يتمالك نفسه لأنها قضت على شرفه، بينما لا تستفيد الزوجة من هذا العذر القانوني إذا ما فاجأت زوجها وهو متلبس بجريمة الزنى. فلماذا إذن يستفيد الزوج وحده فيحكم عليه بالحبس الذى تتراوح مدته من ٢٤ ساعة إلى ما لا يزيد على ثلاث سنوات؟ ولماذا لا تستفيد الزوجة من هذا العذر القانوني؟ ولماذا لا تستطيع الزوجة تحريك دعوى الزنى ضد زوجها إلا إذا ارتكبت الجريمة فى منزل الزوجية؟ أو ليس تعد خيانة زوجها لها انتقاصا من شرفها؟ أم أن المرأة لا تملك هي أيضا شرفا؟

وأنا هنا أقصد بالطبع المعنى التقليدى للشرف في مجتمع يخلط الأوراق ويتجاهل معناه الحقيقي، المجتمع الذى يختن الفتاة لكي لا تنجرف وراء غريزتها وتسلم نفسها لرجل غريب، أو تخون زوجها إذا عجز عن تلبية رغباتها لأن المرأة في نظر المجتمع الذكوري لا تستطيع الحياة بدون ممارسة الجنس. وليس أدل على ذلك مما تعكسه لنا النكات المصرية التي إن لم تكن حول أحد أبناء الصعيد كانت عن زوجة تخون زوجها وتخفي عشيقها تحت السرير أو فوق الدولاب. وهذا المجتمع نفسه هو الذى يشجع الرجل ويدعمه في التحرش بالأنثى حتى يثبت رجولته، مجتمع تكون الدعابة فيه أن الولد الرضيع يقبل النساء لأنه“شقي

من يومه“، مجتمع يشجع المراهقين على“اللعب بالسمكة وذيلها“، ويتستر على خيانة الزوج ويعتبرها نزوة يمكن التغاضى عنها بينما يعلق المشانق لخيانة الزوجة ويعتبرها“فضيحة لا يمحوها إلا الدم برغم أنه لا فرق في الزنى بين الرجل والمرأة وحكمهما واحد عند الله .

وكيف يقاس الشرف من الأساس في مجتمعنا؟ وما هو مفهوم الشرف أصلا؟ وهل نحن راضون بما وصلت إليه الحال من أن أصبحت صيانة الشرف تعنى صيانة الجسد، بمعنى أن يفعل الرجل ما يشاء مادام لا يراه أحد أو أن تفعل الفتاة ما تشاء ما دامت حافظت على عذريتها ؟!!!

في رأيي أن مفهوم الشرف أهم وأشمل بكثير، وأنه لا فرق فيه بين شرف الرجال وشرف النساء، إنما هو شرف الإنسان الذي يجب أن يتعلم الحفاظ عليه منذ الصغر، فيتعلم أن الصدق شرف والأمانة شرف وأن أداءه لواجباته واحترامه لذاته شرف وأن التزامه بحريته دون المساس بحقوق الآخرين شرف وأن رفضه للممارسات الخاطئة كالرشوة والخيانة والسلبية هو أيضا شرف … فهلا حافظنا على الشرف الرفيع من الأذى؟