تحت حجاب قانون الزنا في جنوب السودان: قوانين الرجال و حياة النساء
تاريخ النشر:
يوليو 2019
بقلم:
تحت حجاب قانون الزنا في جنوب السودان: قوانين الرجال و حياة النساء
قوانين بلغة محايدة بين الجنسين
يكفل الدستور الانتقالي لجمهورية جنوب السودان لعام 2011 المساواة و الحماية المتساوية بالقانون لجميع الأشخاص دون تمييز. يجب أن تتوافق جميع القوانين مع الدستور. وبالتالي، ضمان عدم التمييز وعدم المساواة بين الرجال والنساء. تبني لغة محايدة بين الجنسين في القوانين هي إحدى الاستراتيجيات التي استخدمها المشرعون في جنوب السودان للامتثال للمتطلبات الدستورية. في كثير من الحالات التي تظهر فيها كلمة الرجل، يضاف أيضا كلمة امرأة أو الضميرالمناسب. يمكن رؤية مثال على ذلك من خلال الأحكام القانونية المتعلقة بالزنا في جنوب السودان. وبموجب قانون العقوبات لعام 2003، لم يتم تعريف الزنا إلا على أنه الجنس خارج إطار الزواج الذي تقوم به المرأة المتزوجة. بسبب الطبيعة التمييزية الواضحة للأحكام، ألغى قانون العقوبات الجديد لعام 2008 الأقسام الواردة في قانون عام 20032. ويعرف الآن الزنا على أنه الجنس خارج إطار الزواج من قبل رجل متزوج أو امرأة متزوجة أو معهما. تشمل العقوبات على الجريمة الغرامة أو السجن أو الإثنين معا. كما يمكن محاكمة الزنا من قبل رؤساء المحاكم العرفية الذين يطبقون العادات والتقاليد على الطرف المتضرر، حيث يمكن أن يعاقب الجناة بفرض الغرامة أو السجن أو الإثنين معا. يجوز لمحاكم القانون النظامي والقانون العرفي أمر الجاني بدفع تعويض للطرف المتضرر، أو بدلاً من ذلك، يجوز للمحكمة أن تمنح جزءاً من الغرامة للطرف المتضرر كتعويض. التعويض يأخذ شكل دفع المال أو الأبقار.
إن استخدام لغة محايدة بين الجنسين في القانون التشريعي لمنح المرأة المساواة الرسمية لا يضمن لها المساواة أو العدالة دائمًا. من خلال استخدام لغة محايدة بين الجنسين كاستراتيجية للمساواة، فإن المعنى الضمني هو أن النساء يعاملن معاملة سيئة في القانون لأنهن مختلفات عن الرجال. وبالتالي و لإنهاء التمييز فلا بد له أن يزال. بما أن الرجال لا يزالون يمثلون المعيار الذي يتم به الحكم على النساء، فإن الإصرار على المساواة من خلال استخدام لغة محايدة بين الجنسين هو الإصرار على أن تتم معاملتهن مثل الرجال. بالإضافة إلى ذلك ، يعد استخدام لغة محايدة بين الجنسين استراتيجية سيئة للتخلص من عدم المساواة بينهما. حيث أنه لا وجود للغة في فضاء الفراغ. يتم بناء مجموعة من المعاني المرتبطة باللغة اجتماعيا، وبالتالي فإن الانقسامات بين الجنسين موجودة داخل اللغة. إن استخدام لغة محايدة لنوع الجنس يمس المشكلة بشكل سطحي، حيث إن الفروق المبنية على نوع الجنس لا يتم التغلب عليها بهذه السهولة، ويمكن للكلمات الجديدة أن تأخذ معاني قديمة بسهولة.
تستوحى القوانين و تتأثر مستنيرة بالممارسات الاجتماعية والثقافية. أحد مصادر القوانين بموجب الدستور هي عادات وتقاليد شعب جنوب السودان. وبالتالي لفهم الأهداف والأساس المنطقي وراء قانون الزنا، فإنه يتوجب علينا النظر في ثقافة الناس. مجتمعات جنوب السودان و كذلك ثقافاتها ليست متجانسة بأي حال من الأحوال. ولكن و بما أنها جميعها ذكورية ، فإنها تشترك في بعض أوجه التشابه في أدوار المرأة ومكانتها. في ظل النظام الأبوي، ينصب التركيز في الحفاظ على نسب الذكور، وبالتالي ضمان الخلود والمشاركة المستمرة حتى بعد الموت. تعد القدرة الإنجابية للمرأة أساسية، ويجب توجيه حياتها الجنسية نحو مواصلة سلالة الذكور. لهذه الأسباب، تعتبر الجرائم الجنسية هي تلك التي تتداخل مع العملية الإنجابية. يُعتقد أن مثل هذه الأخطاء لا تُرتكب إلا من النساء لأنهن الوحيدات اللائي يتم انتهاكهن من خلال الإيلاج. ومع ذلك، غالباً ما تتحمل النساء المسؤولية الأخلاقية بشكل أكبر، ويدفعن ثمناً معنوياً كبيرا لمثل هذه الجرائم. بناء على هذه الخلفية ، يعتبر الزنا من قبل المرأة المتزوجة إهانة لرجولة الرجل وتدخلًا خطيرًا في العملية الإنجابية، الأمر الذي أدى في الماضي إلى الانتقام العنيف والاشتباكات بين سلالة الزوج المتظلم وبين “الرجل المغوي“.
ولأسباب تتعلق بالحاجة إلى إدامة سلالة الذكور والخوف من عنف رجال العشيرة، فإن الزنا مدرج كجريمة بموجب قانون العقوبات لعام 2008. من هنا يتضح أن الأساس المنطقي والهدف الكامن وراء إدراج الزنا كجريمة قانونية يتوقف في الواقع على استمرار السيطرة على القدرات التناسلية للمرأة والاستيلاء عليها. الأحكام هي بلا شك متحيزة لنوع الجنس. إن أي اهتمام بالأخلاق العامة بموجب قانون الزنا هو في الحقيقة مجرد اهتمام بأخلاق المرأة ومحاولة لزيادة الرقابة عليها. ومن ثم فإن الأحكام تهدف فقط إلى التأثير على المرأة: عبر الحقائق التي يحجبها استخدام لغة محايدة بين الجنسين لجعل الجريمة تنطبق على كل من الرجال والنساء المتزوجين.
تطبيق القانون
ليس مجرد أن القانون مذكور في الكتب التشريعية، بل إن الأمر عملي أيضًا و و تتدخل فيه معتقدات الناس. استخدام الصياغة المحايدة بين الجنسين في القانون يسعى إلى وضع كل من الرجل والمرأة على قدم المساواة فيما يتعلق بجريمة الزنا. يمكن للوكلاء القانونيين مثل المحامين والمدعين العامين والشرطة تفسير القانون بوعي أو بغير وعي، على غرار المفاهيم الاجتماعية والثقافية الخاصة بالعلاقات بين الجنسين، و بطريقة ذكورية. على سبيل المثال، اتهام المرأة المتزوجة بالزنا من قبل زوجها، وأن تعتقلها الشرطة هو مرجح بشكل أكبر من ان يتم اتهام الزوج و اعتقاله، في مجتمع لا يعتبر فيه استمرار سلالة الذكور هدفًا سائدًا فحسب، بل أنه يسمح للرجال بالزواج من أكثر من زوجة واحدة في ظل تعدد الزوجات. كما ينظر إلى المغامرات الجنسية بما في ذلك الخيانة الزوجية على أنها صفات ذكورية ذات طبيعة بيولوجية. في حين أن نفس الشيء في النساء يمقته الناس و يعتبرونه غير مألوف بالنسبة للمرأة الصالحة التي تعد فضائلها متمثلة في كل من التواضع والعذرية قبل الزواج و العفة. من الناحية العملية، من المرجح أن يتم تفسير الزنا على أنه علاقة خارج إطار الزواج مع أو من قبل امرأة متزوجة، مما يؤدي إلى توقيف أعداد غير متناسبة من النساء، في حين أن الرجال المتزوجين من ذوي العلاقات خارج إطار الزواج مع فتيات أو نساء غير متزوجات هائمين بحرية.
يمكن ملاحظة الآثار الأخرى المترتبة على نوع الجنس في القانون عندما نأخذ في الاعتبار أن في مجتمعات جنوب السودان يتم تحميل النساء العبء الاجتماعي لتحمل خيانة الذكور. كما يذكرها المجتمع بأن قيمتها تكمن في وضعها كزوجة وأم وربة منزل، فيصعب كثيراً تصور أن النساء المتألمات بسبب الخيانة سيقمن بمحاسبة أزواجهن بتهمة الزنا. بالإضافة إلى ذلك، فإن غالبية الوكلاء القانونيين هم من الذكور، و ليس متوقع منهم أن يُشفقوا على النساء في مثل هذه المظالم.
عقوبات مترتبة على النوع
من جانب العقوبات، من المحتمل أن يكون للأحكام المتعلقة بالزنا آثار مبنية على نوع الجنس و أن لها تأثير غير متناسب على النساء. يقع الرجال والنساء في مناصب غير متكافئة، وتسلسل هرمي في الهيكلة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لمجتمعات جنوب السودان. حيث تُمنح المرأة موقع أدنى و أقل مُسؤولية. للنساء في جنوب السودان قدر أقل من فرص الوصول إلى الموارد والسيطرة عليها. على سبيل المثال، إن إختارت المحكمة الغرامة المالية لمن يثبت إدانته بارتكاب جريمة، بما أنه للرجال القدر الأكبر من فرص الوصول إلى الموارد والتحكم فيها، فإنه من المحتمل أن يفلتوا من السجن عبر دفعهم هذه الغرامة. في حين أن النساء قد ينتهي بهن الأمر بقضاء عقوبة السجن بسبب عجزهن عن دفع الغرامة. و بالتالي، فإن اللغة المحايدة بين الجنسين التي أدرجت في الأحكام القانونية المتعلقة بالزنا تحجب حقيقة التمييز ضد المرأة في ظل هذه الظروف، والظلم القائم في المعاملة بشكلٍ غير متساوٍ.
تعقيدات النظام القانوني التعددي
الوصول إلى هيكليات المحاكم الرسمية محدود في جنوب السودان. كما أن إمكانية وصول المرأة لذلك محدودة جدا، حيث السيطرة المحدودة على الموارد ونقص المعلومات والأمية تحد من ذلك. بموجب الأنظمة القانونية التعددية مثل تلك التي بجنوب السودان، فإن القانون العرفي والمحاكم تتواجد جنباً إلى جنب مع المحاكم الرسمية. غالبًا ما تبدأ القضايا في المحاكم العرفية التي تطبق القانون العرفي، وتتألف من الرئيس والشيوخ الذين عادةً ما يكونون رجالًا. الزنا هو أحد الجرائم التي يمكن التعامل معها في المحاكم العرفية. وبموجب قانون العقوبات، يمكن ارتكاب الزنا من قبل كل من الرجال والنساء المتزوجين. ومع ذلك، وبموجب القانون العرفي، لا يمكن ارتكاب الزنا إلا من قبل امرأة متزوجة، وبما أن أكثر من 90 ٪ من القضايا المدنية والجنائية يتم التعامل معها في المحاكم التقليدية، فإنه سيتم سجن أعداد غير متناسبة من النساء. حتى لو تمكنت المرأة من الوصول إلى هياكل المحاكم الرسمية، فمن غير المرجح أن تكون قادرة على الحصول على قدر كبير من العدالة، لأن غالبية القضاة والموظفين القانونيين هم من الذكور الذين قد اختلطوا اجتماعيًا مع مجتمعات داعمة للصورة النمطية القائمة على النوع.
يعد الزنا مشكلة اجتماعية و نتاج لعدة أسباب مختلفة ربما منها التعاسة في الزواج و لكن القانون ليس حلاً لأية مشكلة اجتماعية. الأحكام القانونية المتعلقة بالزنا و رغم أنها تُطبَّق على الرجال والنساء على السواء، إلا أنها تخفي بعض الأضرار التي لحقت بالنساء في المجتمعات الذكورية. لنأخذ على سبيل المثال الزنا كأساس للطلاق. لا تتمتع المرأة بنفس القدر من الإرادة الحرة فيما يتعلق بالزواج، كما هو الحال مع الرجال في جنوب السودان. وبالتالي تجد العديد من النساء أنفسهن في زيجات قسرية أو مرتبة بغض النظر عن تفضيلاتهن الشخصية أو مشاعرهن. لدى النساء المحاصرات في زيجات تعيسة قدرة محدودة للغاية للطلاق بموجب القانون العرفي، و يحتجزن في شبكة معقدة من العلاقات التي يعززها المهر. الرجال من ناحية أخرى لديهم أسباب أوسع للطلاق و تقدير ما إذا كانوا يوافقون على طلب الزوجة بالطلاق. ليس الزنا أحد الأسباب التي تمكن المرأة من طلب الطلاق بموجب القانون العرفي، و لكن يجوز للرجال استخدام الزنا كسبب لطلاق المرأة. تهرب بعض النساء مع رجال آخرين و يرتكبن الزنا في محاولة للحصول على الطلاق من قبل أزواجهن.
أثناء الإجراءات المتعلقة بالزنا، تحمل النساء على عاتقهن مسؤولية أخلاقية أعلى من نظرائهن الذكور. يمكن بسهولة تقديم الدليل المتمثل في النظر إلى شخصية المرأة من قبل كل من الزوج المتضرر وعشيقها المزعوم. و للزوج المتضرر أن يزعم أن شخصيتها مهلهلة لدعم أسباب طلاقه، بينما من الناحية الأخرى، يمكن للحبيب المزعوم تبني أن شخصية المرأة هي ذات أخلاق فضفاضة لتجنب دفع تعويض للزوج المتضرر. سعي المرأة من ناحية أخرى إلى إثارة سمعة زوجها بأنها فضفاضة أو مغوية أمام المحكمة لن يكسبها الكثير من التعاطف الذي قد يدعمها في المقاضاة ضده أو كسبب للطلاق. وبهذه الطريقة، يحكم القانون على النساء باستخدام معايير متحيزة.
على الرغم من أنني أضع في عين الاعتبار الآثار السلبية لقانون الزنا على النساء؛ هذا لا يعني بأي حال أن القانون يفيد الرجال في جنوب السودان كوحدة أو فئة متجانسة أو أنه يضر بالمرأة كفئة متجانسة. هناك اختلافات مهمة حول الطريقة التي يعمل بها القانون للمرأة التي تربت في بيئة وجدت فيها التعليم و مزايا الطبقة الاجتماعية، و بين فئات النساء الريفيات والنساء الحضريات، الأمر الذي لا يجب تجاهله. قد تتمتع المرأة الحضرية المتعلمة ذات مصدر دخل تحت تصرفها بمزيد من إمكانية الوصول إلى المحاكم و العدالة. يكون متابعة الطلاق في المحاكم القانونية بشكل أسهل بالنسبة لهن بمساعدة محامٍ، بينما لا تتمتع نظيراتها الريفيات بنفس إمكانية الوصول أو السيطرة على الموارد. حتى داخل فئات الرجال، يمكن أن تحدث اختلافات مهمة حسب الطبقة أو الوضع الاجتماعي. على سبيل المثال، قد يهرب رجل غني بارز من تهمة الزنا مقارنة برجل آخر فقير.
آثار اللغة المحايدة لنوع الجنس المترتبة على القانون
اللغة المحايدة لنوع الجنس المستخدمة في القانون لتحقيق المساواة بين الجنسين ما هي إلا أقنعة تخفي التمييز ضد المرأة، وتتجاهل أو تفشل في فهم الأضرار التي تعاني منها و تخفي عدم التزامها بإحداث تغييرات حقيقية لها. ما تطالب به العدالة القائمة على النوع ليس فقط معاملة المرأة والرجل على قدم المساواة، بل النظر إلى ما وراء ذلك لرؤية كيفية عمل النوع في القانون، والآثار المترتبة على ذلك، و طرق معالجة هذه الآثار.
مع الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية لقانون الزنا على النساء، يفضل أن يلغى الزنا كجريمة في كتب القانون، لأن توظيف القانون لحل كل مشكلة اجتماعية يزيد فقط من سيطرة الدولة على حياة الناس. تتعارض أحكام الزنا مع المتطلبات الدستورية للمساواة والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان لجنوب السودان بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الأمر الذي يتطلب إصلاح القوانين الحالية المتعارضة مع التزاماتها التعاهدية الخاصة بضمان عدم التمييز والمساواة أمام القانون والوصول إلى العدالة.
النسوية و القانون
على الرغم من أوجه التضارب، لا يزال القانون أداة مهمة للحركات النسائية في تحرير المرأة. ومع ذلك، لا يجب على النسويات في جنوب السودان التعامل مع القانون كأداة للنضال فقط، بل لا بد من توظيفه كموقع للنضال من أجل التدقيق المستمر في القوانين، و لتحديد أية آثار خفية مبنية على نوع الجنس. و على النساء المشاركة بنشاط في صياغة القوانين و سنها لمعالجة هذه الثغرات. هناك حاجة إلى أعداد متزايدة من النساء في المحاكم و في مواضع تنفيذ القوانين وكذلك في مهنة المحاماة، من أجل التأثير على تفسير القانون بطرق تكون أكثر توازنا بين الجنسين. و قد يستغرق هذا وقتًا طويلاً من أجل تحقيقه. كما يتوجب استهداف الأعضاء الحاليين في هيئة المحاماة والمهنيين القانونيين ووكالات تنفيذ القانون عبر برامج تدريب وتوعية بشأن حقوق المرأة والآثار المبنية على النوع لهذا القانون، لكي يكونوا أكثر اطلاعًا و حساسية عند تعاملهم مع الحالات المماثلة.
في نظام قانوني تعددي كذلك الذي بجنوب السودان، يلعب القانون العرفي دورًا رئيسيًا في الحياة اليومية لأغلبية الناس، و يصوغ واقعهم و احساسهم اتجاه الهوية و يعتبر شرعيًا. كثيراً ما تواجه قضايا حقوق المرأة المنصوص عليها في الأطر الدستورية الليبرالية مقاومة مع الأسف، على أساس أنها قوانين غريبة ونخبوية وفردية ومناهضة للتقاليد. ما يجب أن تدركه النسويات هو وأنه من أجل بناء الشرعية يتوجب عليهن الانخراط في شؤون القوانين العرفية.
لا يتسم القانون العرفي الذي تلتزم به المحاكم التقليدية الآن بشكل صارم بالثبات، بل تأثر –بما يلحق الضرر الكبير بالمرأة– بسبب الاستعمار وسنوات من الحرب الأهلية. كما يمكن القول أن بقية إفريقيا أثناء الاستعمار قد شهدت عرضًا انتقائيًا لمطالبات النخب والشيوخ الأفارقة، وفهمًا انتقائيًا لتلك الادعاءات من جانب المسؤولين الاستعماريين الذكور أثناء الاستعمار. يجب على النسويات الانخراط بنشاط على مستوى المجتمع في التحقق من القانون العرفي والطعن في هياكله وتوفير تفسيرات بديلة.
لا تزال المجموعات النسائية شابة و نامية في جنوب السودان، لكن يجب أن تحرص هذه المجموعات على تجنب التحيز الحضري، وأن تبحث عن طرق للعمل عن كثب مع النساء في المجتمعات الريفية، حتى تُمنح فرصة لتشكيل الاحتياجات والأولويات والاستراتيجيات للجميع. و يجب الأخذ في الاعتبار الوقائع المعاشة في مختلف السياقات.
مما لا شك فيه، فإن الوعي العام و الحشد الاجتماعي يحتاجان إلى التمويل. يمكن للمجموعات النسوية نيل الكثير من خلال التواصل مع الحركات النسائية الدولية والمجتمع الدولي لتبادل المعلومات وتعلم أفضل الممارسات ودعم التمويل. في حين أنه لا يوجد سوى قلة قليلة من المشاركين يمكنهم حضور المنتديات الدولية، إلا أنه يجب بذل كل جهد ممكن لنقل المعلومات والمهارات المكتسبة إلى النساء على مستوى المجتمع المحلي، وتنويع المشاركة في هذه المنتديات الدولية. التغييرات الحقيقية في النهاية لا يمكن أن تأتي إلا من الداخل. و لا يزال للمجتمع الدولي دور يلعبه في مساءلة الحكومات عن التزاماتها في مجال حقوق الإنسان. يعد تركيز المانحين على الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حكم القانون من الأمور الحاسمة من أجل تمكين الحقوق وتوفير القدرة من أجل تحقيق التحول الاجتماعي.
تتواجد التناقضات في القانون، كما يتضح من قانون الزنا – في كثير من الأحيان يستخدم هذا لإخفاء التمييز بين الجنسين، لكن لا يمكن للمرأة التخلي عن القانون والدولة – لأن الدولة لن تتخلى عن النساء.