تقرير المساواة ومنع التمييز النص والتطبيق الفترة من ديسمبر 2017- مارس 2018

تاريخ النشر:

2018

اعداد بواسطة:

مدخل: تظل المساواة وعدم التمييز هي الهدف الأسمى الذي تسعى إليه البشرية ولطالما سعت. فهي الملاذ الآمن الذي يحقق العدالة ويقيم الدولة الديمقراطية التي تنهض على دعائم القانون العام المجرد المطبق على الجميع. ومن ثم فلا عجب أن  الدساتير  في دول العالم كافة تقر مبدأ المساواة أمام القانون كدعامة أساسية لحماية الحقوق والحريات، بل لعلنا لا نجاوز الحق إن قلنا أن غاية الدساتير وسبب وجودها هو تحقيق مبدأ المساواة وحده. والدساتير جاءت في أعقاب ثورات شعبية كبرى ضد الظلم والجور والتمييز وانعدام المساواة بين البشر، بغية تعديل موازين القوى وإقرار مبادئ العدالة والمساواة، ثم استقرت في وجدان الشعوب والأمم نظاما يكفل الحرية في كل صورها والمساواة في أتم معانيها. وتركت تفصيلات القضاء على كافة أشكال التمييز للقوانين الوضعية، فمنها ما حقق ذلك ومنها ما أخفق وأحيانا نجد أن تطبيق القانون ذاته يتم بشكل انتقائي يؤدي إلى إهدار مبدأ المساواة. على أن المجتمع –أي مجتمعليس كل أفراده على قدم المساواة بين بعضهم البعض، هناك فئات مستضعفة بسبب الفقر أو السن أو النوع أو الدين، وهي فئات يطلق عليها أحيانا الفئات الأولى بالرعاية. تحتاج من المشرع أن يتدخل ببعض القوانين لمنحها مزيدا من الحماية والتمكين والمساواة مع الفئات الأخرى، وهذا أدى إلى إيجاد مصطلح “التمييز الإيجابي” أي أنه في المطلق نوع من أنواع التمييز لكنه مقبول من الناحية الدستورية والإنسانية فهو مشروع كونه يدفع في سبيل حماية حقوق وحريات الفئات المهمشة المستضعفة. ومن الفئات المهمشة: الأطفال، والنساء، والأقليات الدينية والعرقية…، وهذا لا يعني أن كل النساء مهمشات ولا أن كل من ينتمي إلى أقلية دينية كذلك وإنما يعني أن أغلبهم مهمشون يعانون من التمييز وضعف المساواة مع غيرهم. وفي هذا السياق ما نصت عليه المادة 243 من الدستور: تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين، تمثيلا ملائما في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذي يحدده القانون”. ومثلها المادة 244 منه والتي تنص على أنه: تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج، تمثيلا ملائما في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذي يحدده القانون”. فهاتان المادتان نصتا على تمييز إيجابي لصالح العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين وذوي الإعاقة والمصريين في الخارج وتمثيلهم في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار الدستور. كما أن نص المادة 235 من الدستور نص على تمييز إيجابي يخص المسيحيين فيما يتعلق بحرية ممارسة الشعائر الدينية عبر إلزامها لمجلس النواب بإصدار قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس. كما أن المادة 180 من الدستور حملت كذلك تمييزا إيجابيا لصالح النساء في المجالس المحلية حينما أوجبت ألا يقل تمثيل المرأة في مجالس الوحدات المحلية عن نسبة 25% ونفس النسبة للشباب دون سن الخامسة والثلاثين، و50% عمال وفلاحين على أن تتضمن هذه النسبة تمثيلا ملائما للمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة. وإذ نرصد في هذا التقرير أوضاع الفئات المهمشة إزاء مبدأ المساواة خلال الفترة من ديسمبر 2017 حتى نهاية فبراير 2018، فإننا نقر بأننا لا نستطيع رصد أوضاعهم على كافة المحاور والقوانين، بل نجتزأ البعض منها مثل الأقليات الدينية، والنساء والأطفال، كنماذج كعبرة عن التمييز الممارس ضدهم في بعض الأحوال والتأكيد على حاجتهم لحماية تشريعية لتمكينهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم وتمكينهم من المساواة الفعلية مع الغير. أولا: في مجال حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية: المساواة في الدستور: دأبت الدساتير المصرية المتعاقبة على إقرار المساواة أمام القانون لجميع المصريين، وجاء الدستور الحالي ليكرر التأكيد على الحق في المساواة أمام القانون وتساويهم في الحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا فرق بينهم في هذا بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي ولا لأي سبب آخر، بحسبانه هذا الحق هو دعامة بناء الدولة الذي ينهض بها ويعمق ثقة المواطنين وانتماءهم للوطن، وأنه لا فرق بين أحد وآخر أمام القانون تأكيدا لمبدأ المواطنة. والتزام الدولة بالعمل على القضاء على كافة أشكال التمييز وإلتزامها بإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض (م 53). وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في جلسة 17 مارس 2004 بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة. وأكدت في هذا الحكم على مبدأ المساواة بين المسلمين والمسيحيين فيما يخص أماكن العبادة بقولها: “وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها ، وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها ، أو تقيد ممارستها، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعها ، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات ، بل يمتد فوق ذلك إلى تلك التى يقدرها المشرع. وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون ، سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها . وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن مناط دستورية أى تنظيم تشريعي ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها، ومن ثم فإذا قام التماثل فى المراكز القانونية التى تنتظم بعض فئات المواطنين وتساووا بالتالي فى العناصر التى تكونها، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التى ينبغي أن تنتظمهم، ولازم ذلك، أن المشرع عليه أن يتدخل دوماً بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة، أو لمداركة ما فاته فى هذا الشأن . وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإن قانون أحكام الوقف رقم 48 لسنة 1946 وقد حظر بموجب النص المطعون عليه الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة لهذا الحكم رغم تساويها مع المسجد فى كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية، فإنه من ثم يكون قد أقام فى هذا المجال تفرقة غير مبررة مخالفاً بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40)[1] من الدستور”[2]. 1/ شهد التاريخ المصري تفاوتا في تعامل الولاة والحكام للأقباط بين تسامح كبير وتعايش سلمي واضطهاد وإحراق للكنائس والأديرة، ففي العصر الفاطمي على سبيل المثال كانت فترة حكم الخليفتين المعز لدين الله[3] وابنه العزيز بالله[4] مثالا في السلم والتسامح مع الأقباط وتجديد وترميم الكنائس[5]. ثم كان عصر الحاكم بأمر الله[6] عصر وبال على الجميع وبشكل خاص بالنسبة للمسيحيين حيث هدم وأحرق كثير من الكنائس والأديرة[7]، وقتل عددا من كبار الأقباط [8]، وألزم المسيحيين بارتداء أزياء معينة للتمييز بينهم وبين المسلمين، ومنعهم من الاحتفال بأعيادهم[9]. واستمر الحال كذلك في عصر المماليك، على أن أخطر ما حدث كان في التاسع من شهر رمضان عام 721 ه حيث أحرقت نحوا من ستين كنيسة في القاهرة والإسكندرية وبعض الأقاليم في أعقاب صلاة الجمعة في ذلك اليوم بطريقة واحدة وكيفية واحدة، إذا يظهر في أحد المساجد مجذوب مجهول الشخصية يصرخ بوجوب إحراق الكنيسة وحين يخرج المصلون يجدون النار مشتعلة في الكنائس المجاورة[10]. 2/ وبقي لنا من العصر العثماني الخط الهمايوني الخاص ببناء الكنائس في الأقطار الخاضعة للباب العالي، وصدر الخط الهمايوني في 18 فبراير عام 1856م، وعلى الرغم من أنه صدر لإقرار المساواة بين المسلمين والمسيحيين في عموم الولايات العثمانية ومن بينها مصر إلا أنه تضمن بندا بألا يرخص لبناء كنيسة جديدة أو ترمم كنيسة قائمة مع تغيير مظهرها الخارجي إلا بموافقة من السلطان العثماني ذاته وبهذا النص تقريبا أغلق الباب أمام بناء كنائس جديدة أو ترميم كنائس تهدمت. واستمر العمل بهذا المرسوم حتى بعد استقلال مصر رسميا عن الخلافة العثمانية خاصة مع صدور دستور 1923 الذي نص في المادة 153 منه على أنه: ينظمالقانونالطريقةالتييباشربهاالملكسلطتهطبقًاللمبادئالمقررةبهذاالدستورفيمايختصبالمعاهدالدينيةوبتعيينالرؤساءالدينيينوبالأوقافالتيتديرهاوزارةالأوقافوعلىالعمومبالمسائلالخاصةبالأديانالمسموحبهافيالبلادوإذالم توضَعأحكامٌتشريعيةتستمرمباشرةهذهالسلطةطبقًاللقواعدوالعاداتالمعمولبها. وبالتالي انتقلت الموافقة على بناء وترميم الكنائس –في ضوء عدم صدور تشريع ينظمهامن سلطة وحق السلطان العثماني إلى الملك فؤاد الأول ومن ثم فاروق، ثم رؤساء الجمهورية من بعد ثورة 1952. 3/ في عام 1934 في وزارة عبد الفتاح يحي باشا أصدر محمد العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية لائحة عُرفت فيما بعد بلائحة العزبي تتضمن شروطا عشرة لبناء وترميم الكنائس، والحق أن هذه اللائحة جعلت من أمر بناء دور العبادة دربا من دروب المستحيل، فضلا عن أنها أججت من ثنائية المسلم والمسيحي باشتراطها ألا تكون الكنيسة المزمع بناؤها بالقرب من أحد المساجد وضرورة ألا تقع وسط مساكن المسلمين، وفي كل الأحوال فالشروط العشرة التي أقرتها هذه اللائحة هي عبارة عن استيفاء بيانات ترفق بمحاضر تحريات تؤكدها الجهات الرسمية ثم يرفع الأمر بعدها إلى السلطة المختصة بإصدار أمر ترخيص بناء الكنائس أو ترميمها ويمكن تلخيص هذه الشروط العشرة على نحو ما يلي: أ/ الأوراق الدالة علىملكية أرض الكنيسة المقترحة. ب/ما المسافة التي تبعد بين الكنيسة المقترحة والمساجد المحيطة. ج/هل الأرض المقترحة تقع وسط مساكن مسيحية أم مسلمة. د/ إن كانت تقع وسط مساكن مسلمين فهل لديهم اعتراض على بناء الكنيسة. ه/ هل هناك كنيسة أخرى في المحيط السكني. و/ ما المسافة التي تبعدها الكنيسة المقامة في المحيط السكني. ز/ الحصول على موافقة كافة الوزارات الخدمية. ح/ ما عدد المسيحيين في المنطقة. ط/ أن يرفق تقرير”تحريات” كافة الجهات المعنية بخصوص الشروط الثمانية السابقة. ي/ أن يرفق بالطلب كافة الرسوم المعمارية الخاصة بالمبني[11]. هذه الشروط العشرة كرست كون بناء الكنائس أمرا سياسيا محضا يخضع لسلطة الحاكم، بعد عرض الأمر عليه مرفقا بالتقارير والتحريات من الجهات المعنية، كما كرست كذلك التمييز على أساس المعتقد الديني. 4/ ونتيجة للقيود المتشددة المفروضة على بناء الكنائس وعدم وجود تشريع ينظم بناءها وترميمها فقد  تقدم البابا “كيرلس السادس”[12] بشكوى للرئيس عبد الناصر من هذا الأمر فصرح له عبد الناصر ببناء 25 كنيسة سنويا[13] على أن يكون تصريحها بيد البابا نفسه. ولم يستمر الأمر على هذا النحو في عهد الرئيس السادات لخلافات بينه وبين البابا “شنودة” واستمر التدهور في هذا الملف في عهده وعهد الرئيس مبارك. 5/ تطبيقا لنص المادة 235 من دستور مصر لعام 2014 أصدر مجلس النواب القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس[14]. أ/ يتكون القانون من ثلاث مواد للإصدار وعشرة مواد هي صلب القانون ذاته. ويلفت النظر في مواد الإصدار الفقرة الثانية من المادة الأولى والتي تنص على أنه: “على أن يصدر بتنظيم أوضاع الأديرة وما تحويه من دور وأماكن عبادة قانون مستقل. وهذا يعني بقاء الوضع على ما هو عليه قبل القانون رقم 80 لسنة 2016 فيما يخص الأديرة، أي أن القانون حل جزء من المشكلة وأبقى جزء دون حل ومن ثم فبناء أو ترميم كنيسة يخضع للقانون وسلطة موافقة محافظ الإقليم التابعة له، بينما تظل عملية ترميم أو بناء أي دور عبادة داخل الأديرة خاضعة لسلطة رئيس الجمهورية في ضوء لائحة العزبي باشا. ب/ يشترط القانون أن تكون مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها على نحو يتناسب مع عدد وحاجة مواطني الطائفة المسيحيين في المنطقة التي تقام بها، مع مراعاة معدلات النمو السكاني[15]. تثير هذه المادة إشكالية عدم وجود إحصاء دقيق لأعداد المسيحيين في مصر، وما إذا كان العدد ستفصح عنه الدولة لطالب الترخيص أم أنها ستطلبه منه، فضلا عن أعداد المسيحيين في كل طائفة، فالإشكالية الأولى يمكن تجاوزها ببساطة من خلال الدولة ذاتها بما تحت يدها من مستندات ووثائق كبطاقات الرقم القومي مثلا وشهادات الميلاد المميكنة وفي كلتيهما توجد خانة للديانة. ج/ المواد 3 و4 و5 من القانون جعلت من المحافظ صاحب السلطة في منح تراخيص بناء كنائس جديدة أو الترخيص في هدم كنائس قديمة وإعادة بنائها من جديد أو الترخيص في عمليات إعادة ترميم الكنائس القائمة بالفعل، على أن يتقدم الممثل القانوني للطائفة بطلب للمحافظ  مبينا به مستندات الملكية والمستندات اللازمة لبيان طبيعة الأعمال المطلوبة وموقعها وحدودها. وأوجبت على المحافظ بالبت في الطلبات المقدمة إليه في خلال مدة أربعة أشهر، وفي حالة الرد بعدم الموافقة ألزمته أن يكون الرفض مسببا. يلاحظ هنا أن سلطة المحافظ تقتصر على الكنائس الجديدة، والكنائس القائمة المرخص لها، ومن ثم فلا سلطة له في شأن توفيق أوضاع الكنائس القائمة أو ترخيصها. د/ المواد 8 و9 من القانون هي المواد التي تحكم عملية توفيق الأوضاع بالنسبة للكنائس القائمة وقت صدور القانون والتي يناط بها حل أزمة بعض بيوت العبادة التي أثارت مشكلات وتوترات طائفية وغيرها في الفترة السابقة على صدور القانون فضلا عن كافة المنشآت الدينية للمسيحيين في مصر. وتوجب المادة 8 من القانون أن يتقدم الممثل القانوني للطائفة بطلبات مرفق بها كشوف بحصر المباني (الكنائس، ملاحق الكنائس، مباني الخدمات، بيوت الخلوة) خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون إلى لجنة يصدر بتشكيلها ونظام عملها قرار من رئيس مجلس الوزراء تضم في عضويتها الوزراء والجهات المختصة وممثل الطائفة المعنية. وتتولى اللجنة دراسة أوضاع هذه المباني واقتراح الحلول اللازمة لتوفيق أوضاعها، ويحظر على اللجنة النظر في الطلبات التي ترد إليها بعد المواعيد المحددة، وتقدم اللجنة تقريرا برأيها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه في شأنها من إجراءات التوفيق. ويلاحظ ما يلي على المادة السابقة:
  • ليس هناك سقف زمني محدد للجنة للانتهاء من أعمالها، بما يعني مط أمد مسألة توفيق الأوضاع لفترات قد تطول أو تقصر لأسباب ربما تتعلق بالوضع السياسي الراهن أو لتوازنات القوى. وهو أمر قد يسهم في استمرار التوترات في بعض المناطق خاصة تلك التي شهدت أحداثا مماثلة كما في محافظة الجيزة والمنيا.
  • تشكلت اللجنة المشار إليها في هذه المادة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 في 26 يناير 2017 بعضوية كل من: ستة وزراء هم وزراء: الدفاع والإنتاج الحربي، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، التنمية المحلية، الشئون القانونية ومجلس النواب، العدل، الآثار. وثلاثة من الأجهزة المختصة هم: ممثل عن جهاز المخابرات العامة، ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية، ممثل عن قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وأخيرا ممثل الطائفة المعنية. وتجتمع اللجنة مرة واحدة كل شهر على الأقلوفق القرار المشار إليهولا يكون اجتماعها صحيحا إلا بحضور رئيسها وأغلبية الأعضاء، فإذا علمنا أن عدد الطلبات المقدمة لهذه اللجنة من كافة الطوائف المسيحية في حدود 3700 طلب فإننا نستطيع أن نجزم بأن اللجنة تحتاج سنوات طويلة للبت في كل هذه الطلبات. وعن اشتراط أن تكون مداولات اللجنة سرية فإن هذا يلقي بمزيد من الشكوك حول آليات عمل اللجنة.
بينما توجب المادة التاسعة من القانون اعتباره مرخصا ككنيسة كل مبنى قائم في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تقام به الشعائر المسيحية بشرط: ثبوت سلامته الإنشائية بموجب تقرير من مهندس استشاري معتمد من نقابة المهندسين، وإقامته وفق الاشتراطات البنائية المعتمدة، والتزامه بالقواعد والضوابط التي تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة والقوانين المنظمة لأملاك الدولة العامة والخاصة، وصدور قرار من مجلس الوزراء بتوفيق أوضاعه وفق حكم المادة 8 من هذا القانون. ه/ وماذا بعد صدور القانون؟. خلال الفترة من نهاية سبتمبر 2016 تاريخ إقرار القانون حتى اليوم وبمراجعة الجريدة الرسمية التي تنشر قرارات الدولة لم يصدر ترخيص واحد لبناء أية كنيسة على أرض مصر، وذلك إذا استثنينا الكاتدرائية المنشأة في العاصمة الإدارية الجديدة والتي أقيمت وشيدت بناء على أوامر الرئيس. وكذلك تخصيص ست قطع لبناء كنائس في المدن الجديدة[16]. يرجع البعض ذلك إلى عدم وجود لائحة تنفيذية للقانون رقم 80 لسنة 2016، وتقدم أحد النواب بسؤال رئيس الوزراء عن سبب عدم إصدار لائحة تنفيذية لقانون بناء الكنائس الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل العمل بأحكامه[17]. ومن المفارقات أن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب في مذكرتها إلى الكونجرس الأمريكي ردا على مزاعم اضطهاد الأقباط في مصر قالت أن من أهم المؤشرات الدالة على إعلاء وتطبيق مبدأ المواطنة: “صدور القانون 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس والذي منذ إصداره تم بناء (17) كنيسة جديدة في كافة أنحاء مصر”[18]. والحق أن الكنائس التي أشارت إليها المذكرة هي كنائس كانت قائمة بالفعل وتم تدميرها سواء في أعقاب فض اعتصام رابعة أو بالتزامن معه، أو دمرت جراء أعمال إرهابية مثل ما حدث في الكنيسة المرقسية بالعباسية والتي تعرضت للتفجير يوم الأحد 11 سبتمبر 2016 وصدرت توجيهات سياسية عليا بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإعادة ترميمها، ومثل الكنيسة الإنجيلية ببني مزار محافظة المنيا والتي تعرضت للتفجير في سنوات سابقة وأتمت الهيئة الهندسية بناءها بالكامل وافتتاحها في سبتمبر 2017، وكنيسة الملاك ميخائيل بكرداسة والتي تعرضت للتدمير في غضون عام 2014، وكنيسة العذراء بالكوم الأحمر بإطفيح والتي افتتحت في يناير 2017[19]. إذن لم تبنى كنائس جديدة وفق القانون رقم 80 لسنة 2016، وإنما أعيد بناء كنائس تضررت أو ترميمها بموجب توجيهات رئاسية. وعلى الجانب الآخر أعلن الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، ومقرر اللجنة العليا لتقنين أوضاع الكنائس في مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء يوم الأربعاء 28 فبراير 2018  إن مجلس الوزراء وافق، خلال اجتماعهبرئاسة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، على قرار اللجنة العليا لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية بتوفيق أوضاع 53 كنيسة ومبنى خدميا تابعا بعدد من المحافظات[20]. توترات طائفية تحض على التمييز: 6/ وعلى الرغم من صدور القانون سالف الذكر، والتوجيهات السيادية بإعادة ترميم الكنائس المتضررة جراء عمليات إرهابية إلا أنه ما زال هناك تمييزا بسبب الدين أو الطائفة في مصر، ولا يقتصر الأمر على ثنائية المسلم والمسيحي، بل هناك أيضا ثنائيات داخل التيار الواحد كالسني والشيعي، والسلفي والصوفي عند المسلمين، والأرثوذكس والإنجليين عند المسيحيين. تتطور هذه الثنائيات إلى تعصب وتمييز وأحيانا إلى عنف من طرف ضد طرف. أ/ مساء السابع من فبراير 2018 حدثت مناوشات بين المسيحيين الأرثوذكس والإنجليين في قرية أبعدية محمد سلطان بمركز المنيا على خلفية ادعاء كل طرف بملكية دار مناسبات مسيحية بالقرية وقيام الأرثوذكس بهدمها مما أدى إلى اشتباكات طفيفة تم احتواءها بسرعة، وتضارب أقوال الكنيستان بشأن الواقعة ففي بيان من الكنيسة الأرثوذكسية نفت هدم كنيسة بالقرية وقالت إنها دار مناسبات قديمة آيلة للسقوط  ومملوكة للكنيسة وتم هدمها لتشييد أخرى مكانها تخدم جميع مسيحي القرية من الطوائف كافة، بينما أكد أحد قساوسة المجمع الإنجيلي بالمنيا أن المبنى المستخدم كدار مناسبات متنازع حول ملكيته بينهم وبين الأرثوذكس وأن المحكمة أصدرت قرارا بشأنه واعتباره دارا للمناسبات للجميع، على الرغم من كونه كنيسة منذ زمن قديم وأن الأرثوذكس ادعوا ملكيته وتبعيته لهم في عام 2002 وانتقل النزاع إلى ساحة المحكمة التي قضت باعتبار المكان دارا للمناسبات تخدم جميع الطوائف، غير أن بعض أتباع الكنيسة الأرثوذكسية من أهالي القرية قاموا بهدم المبني ليلا. والواقعة برمتها دالة على أمر صعوبة بناء كنائس جديدة، حيث أنه لا توجد للإنجيليين كنيسة بهذه القرية، مع ملاحظة وجود توترات طائفية قديمة بين الإنجليين والأرثوذكس [21]. ففي يناير 2017، رفضت الكنيسة الأرثوذكسية بقرية “اتليدم” بالمنيا الصلاة على جثمان رجل إنجيلي، فاتهمت كنيسة القرية بإدارة ظهرها للمعايير الإنسانية، فيما اعتبرته الأخيرة أمراً طقسياً لا يمكن تجاوز شروطه، وفي سياق متصل رفضت الكنيسة الأرثوذكسية بالمنيا، إتمام مراسم زواج لعروسين بحجة توزيعهما لأسطوانات مدمجة عليها عظات إنجيلية. ب/ في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي وقرابة الساعة العاشرة صباحا فتح إرهابيان النيران على القوة المكلفة بتأمين كنيسة مارمينا العجايبي بمدينة حلوان جنوب القاهرة بهدف كسر الطوق الأمني وإلقاء أحزمة ناسفة داخل الكنيسة، الأمر الذي نتج عنه مصرع أحد الإرهابيين، والقبض على الثاني بمعرفة أحد المواطنين، فضلا عن استشهاد أمين شرطة من القوة المكلفة بحماية الكنيسة ومواطنين مارين بالجوار وآخرين تم إطلاق الرصاص عليهم بأحد محلاتهم بالقرب من الكنيسة. ولا شك لدينا أن العنف الدائر وعدم التسامح المعلن من قبل بعض الجماعات المتشددة تجاه المسيحيين ليس وليد اليوم، بل هو وليد عقود خلت حينما تم إطلاق يد الجماعات المتطرفة الناصرية واليسارية في السبعينات واستغلال الأمر في بناء تنظيمات وقواعد سرية وتمكينها في النسيج المجتمعي للمصريين، وهذا اللاتسامح والتمييز يتخطي المسيحيين أحيانا إلى طوائف إسلامية مثل الشيعة كحادثة قتل الشيعي حسن شحاته وشقيقة وآخران بقرية زاوية أبو مسلم بمركز أبو النمرس بمحافظة الجيزة في يونيو  2013. ومثل قيام المتطرفين بعملية فتح النيران على المصلين بمسجد الروضة عرب مدينة العريش يوم الجمعة 24 نوفمبر 2017 وقتل 235 مصلي وإصابة آخرين تحت زعم أن المصلين ينتمون لجماعة صوفية هي الطريقة الجريرية الأحمدية. ج/ يوم الأربعاء 13 ديسمبر الماضي أصدرت محكمة الجنايات المنيا حكمها القاضي ببراءة 23 متهما من تهم مقاومة السلطات وحرق منازل الأقباط بقرية كوم اللوفي بمركز سمالوط بمحافظة المنيا وذلك بعد أن قدم الطرف المسيحي (المجني عليهم) إقرارات موثقة بالتصالح مع المتهمين. وبدأت الأحداث في عام 2016 حينما سرت إشاعة داخل القرية بأن أحد المسيحيين يزمع تحويل منزله إلى كنيسة وإقامة الشعائر الدينية بها دون الحصول على ترخيص فتوجه مسلموا القرية إلى المنزل وحدثت مناوشات تم على إثرها حرق هذا المنزل وامتدت منه النيران إلى أربعة منازل أخرى كما قاموا بالاعتداء على القوات الأمنية التي كانت موجوده في القرية لمنع الإشتباكات بين الفريقين. وبعد القبض على عدد من المتهمين نظمت أكثر من جلسة عرفية في محاولة للضغط على المجني عليهم للتنازل على المحاضر المحررة ضد المتهمين، وطلب المجني عليهم بناء كنيسة لهم في القرية لإقامة صلواتهم وشعائرهم الدينية غير أن الأغلبية من المسلمين رفضوا رفضا باتا بحجة أن عدد المسيحيين بالقرية لا يتناسب مع بناء كنيسة لهم[22]، ومع تواصل الجلسات والضغوط، تنازل المجني عليهم مقابل وعد بإنشاء كنيسة خارج القرية. ولنا على هذه الحادثة التي تعيد إلى الأذهان كثير من الأحداث المشابهة والجلسات العرفية مثل أحداث كنيسة قرية صول[23] وغيرها، عدة ملاحظات:
  • الجلسات العرفية التي تهدف إلى تسوية النزاعات والخلافات ليست حلا جذريا في إزالة أسباب التوتر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، فالحلول يجب أن تكون وفق القانون في حالة الإحراق والتدمير والقتل حتى تمثل رادعا لكل من تسول له نفسه التلاعب في نسيج الشعب المصري.
  • أن كثيرا ما تمثل هذه الجلسات ضغطا على الأقلية وانصياعا لما تقرره الأغلبية ومن ثم لا تحدث الترضية القضائية المنشودة أو الإنصاف المحقق للعدل والمساواة ولا تمثل إعادة للأمور إلى نصابها الصحيح أو إلى ما كانت عليه قبل حدوث التوتر.
  • أن الدولة وهي تتحمل تكاليف إعادة المنشآت الدينية المسيحية إلى حالتهاوهو مسلك محمود لهاإنما تشجع –دون قصدالمتطرفون على المزيد من تلك السلوكيات الإرهابية المتطرفة.
  • أن دولة القانون والمؤسسات يجب أن تكون الكلمة العليا فيها للقانون بغض النظر عن الأغلبية والأقلية أو موازين القوى هنا أو هناك.
  • الجلسات العرفية إذا كانت ناجعة في مناطق معينة أعلاء لقيم القبيلة وغيرها، وفي بعض القضايا والخلافات البسيطة، إلا أنها لا ترقى أن تكون وسيلة لفض المنازعات في قضايا كالجنايات والحريات الكلية كحرية المعتقد والدين والمساواة.
د/ في الثاني والعشرين من ديسمبر وفي أعقاب صلاة الجمعة تجمهر مئات من الأشخاص والمصلين وتوجهوا إلى كنيسة الأمير تادرس بقرية “كفر الواصلين” يهتفون ضد الكنيسة واقتحموا دورها الأرضي وحطموا محتوياته ثم الدور الثاني وفعلوا الأمر نفسه وأصيب ثلاثة من الأقباط أثناء هذه الاعتداءات. والأمر ثمة إشاعة سرت بأن الكنيسة تنوي تركيب جرس فيها، وهو أمراعتبره المهاجمون والمقتحمون محظورا  ويجب العمل على منعه بالقوة والعنف وتدمير الكنيسة. وصرح نيافة الأنبا (زوسيما)، أسقف أطفيح والصف وتوابعها، عن تلقيه بلاغا من الأمن قبل ثلاثة أيام من الاعتداء على الكنيسة يفيد بغضب بعض الأهالي من دخول (جرس) إلى الكنيسة وهو ما نفاه نيافة الأنبا، كما أكد أن الكنيسة ليست مرخصة وأنها تقام بها الصلوات منذ خمسة عشر عاما وقد تقدمت بطلب لتوفيق أوضاعها مرفقا به كافة المستندات إلى لجنة توفيق الأوضاع كما نص القانون الخاص ببناء الكنائس وترميمها. وتحولت إشاعة تركيب جرس التي بدأت منها الأحداث إلى شائعة قيام مواطن بتحويل عقار سكني (منزل) إلى كنيسة أثناء التحقيقات، وهو ما استدعي التحقيق مع المواطن المذكور الذي أكد أن الأرض المقام عليها الكنيسة كانت ملكه بالفعل  لكنه باعها وتنازل عنها لصالح الكنيسة قبل سنوات، وعلى الرغم من ذلك رفضت المحكمة تدخل مطرانية أطفيح والصف في القضية، بالرغم من تقديم مستندات الملكية. بيد أن المحكمة قضت في 31 يناير 2018 بمعاقبة المقتحمين بالحبس لمدة عام مع إيقاف التنفيذ بتهم دخول عقار بقصد ارتكاب جريمة والتجمهر والصياح لإثارة فتنة  طائفية مما ترتب عليه الإضرار بالوحدة الوطنية وضرب المجني عليهم، كما غرمت عيد عطية المالك السابق لأرض الكنيسة مبلغ 360 ألف جنيه بتهمة إنشاء مبني بدون ترخيص. بناء عليه منعت الصلوات في كنيسة كفر الواصلين. وحكاية كنيسة كفر الواصلين هي حكاية كثير من الكنائس المصرية التي أنشئت دوم ترخيص في ظل عدم وجود تشريع سابق يحدد ضوابط واشتراطات بناء دور العبادة، فكانت تبني كمنازل ثم تقام فيها الصلوات، أو تبني عبر موافقات شفهية من الأمن وتقام فيها الشعائر، وفي كل الأحوال فمنع الكنيسة من إقامة الشعائر الدينية فيها يعد مخالفا للقانون رقم 80 لسنة 2016 الذي أوجب عدم إغلاق أية كنيسة  كانت تقام بها الشعائر والصلوات وقت صدور القانون وهو ما ينطبق على كنيسة كفر الواصلين.

7/ لم يكتفِ الدستور المصري بالنص على حق المساواة المنصوص عليه في المادة 53 منه للدلالة على إيمانه وتمسكه بمبدأ مساواة جميع المواطنين أمام القانون، بل أفرد نصا خاصا للتأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الميادين، حيث نص في المادة 11 على أنه:

تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.

وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية،على النحو الذي يحدده القانون،كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم الدولة بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا”.

8/ كما تمثل المرأة نصف المجتمع المصري تقريبا، فهي من واقع الإحصاء السكاني الأخير تمثل نسبة 48.4 % من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 104 مليون مواطن، وبلغ عدد العضوات في مجلس النواب المصري 89 عضوة سواء من نجحن في الدوائر الفردية أو القوائم أو اللائي تم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية بنسبة 14.9% من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب الحالي، كما حظيت النساء بستة حقائب وزارية من إجمالي عدد الوزارات في مصر البالغ عددها 34 حقيبة وزارية بنسبة 17.64%.

وبحسابات النسبة والتناسب يمكن أولا القول أن نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب أو في تولي الحقائب الوزارية لا يعكس نسبة المرأة في تكوين المجتمع، بل يعتبر تمثيلا ضعيفا بالمقارنة بهذه النسبة، هذا التمثيل الضعيف يجد مرده في أمور عدة من بينها ضعف الاهتمام بتعليم المرأة، وتمييز الأسر للذكور عن الإناث في مجال التعليم لصالح الذكور نتيجة لميراث طويل من قمع المرأة والنظرة إليها وفق أراء فقهية ومجتمعية عفا الزمن عليها، ولعل هذا –ليس على مستوى مصر وحدها[24]هو ما أدى إلى تشريع المواثيق الدولية لحماية المرأة ومنع التمييز ضدها، وهو أيضا ما أوجب أن يقوم واضعو الدستور بتمييز إيجابي لصالح المرأة في عضوية المجالس المحلية في محاولة تشريعية لتعديل الوضع وتحقيق المساواة حتى ولو كانت في حدودها الدنيا.

على أن النساء تعاني كثيرا من التمييز في داخل إطار الأسرة سواء قبل الزواج أو بعده، وفي نطاق العمل سواء بموجب القانون أو خارج إطار القانون، وأحيانا يتعرضن للتمييز والمضايقات في الطرقات العامة الأمر الذي يحتم أمرين معا، أولهما تشريعات حاسمة في مجال الأحوال الشخصية والعمل، وثانيهما التوعية المجتمعية بدور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع والدولة ذاتها.

واعتبر البعض أن التمييز ضد المرأة في مجال العمل يكلف مصر 11 مليار دولار سنويا على الأقل كنتيجة فقط لانخفاض نسب ومستوى تعليم النساء و انخفاض مساهماتهن في قوة العمل[25].

وإذا علمنا أن نسبة الأسر التي تعيلها النساء يتراوح بين 18.5% حسب الاحصائيات الرسمية و40% حسب المراكز البحثية المستقلة، وإذا توسطنا بين النسبتين فهناك على الأقل ربع عدد الأسر في مصر تعولها امرأة، وهذا يعني أن التمييز الممارس ضد المرأة في مجال العمل له تبعات اقتصادية واجتماعية تنعكس على أكثر من ربع عدد السكان.

فضلا عن أن كثير من النساء اللاتي تعانين من التمييز في مجال العمل لا يتقدمن بشكاوى ولا رفع قضايا وذلك بسبب الحالة الاقتصادية المتردية وحفاظا منهن على قوام الأسر اللاتي يتولين الإنفاق على معيشتها فيفضلن الصمت حفاظا على العمل والحد الأدنى من المعيشة لهن ولأسرهن.

9/ ونلاحظ أن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 يمنح المرأة العاملة إجازتي وضع مدة كل منهما تسعون يوما[26]. بينما نجد النص المقابل في قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 يمنح المرأة العاملة إجازة وضع 120 يوما لمدة ثلاث مرات كحد أقصى طوال مدة خدمتها[27].

هذه المفارقة تشكل تمييزا بين النساء العاملات في القطاع الحكومي الرسمي وأولئك العاملات في القطاع الخاص الرسمي[28]، بل إنه يحدث أحيانا أن تقوم جهات العمل بالانتقاص من الأجر والحوافز أثناء إجازة الوضع[29]. بينما هناك تمييزا ثانيا بين الفئتين السابقتين وفئة النساء العاملات في القطاع غير الرسمي إذ أنه لدى الأخيرات لا يتمتعن بما يسمى الحق في إجازة وضع، بل ربما يكون مجرد ظهور الحمل عليها إشارة لطردها والبحث عن غيرها أو في أحسن الفروض تأخذ إجازة دون أية حقوق مادية لها، أي دون أجر.

بل يمكننا القول أن بعض النصوص القانونية المشرعة أساسا لحماية حقوق المرأة وخاصة في مجال الأمومة يتخذ أحيانا ذريعة أمام أصحاب الأعمال لسد فرص العمل أمام النساء واختيار الرجال بدلا منهم وذلك وفق حسبة اقتصادية تعني بالنسبة لهم أن تكلفة عمل الرجل أقل قدرا من تكلفة عمل المرأة ومن ذلك نصوص المواد:

(م 91): للعاملة التي أمضت عشرة أشهر في خدمة صاحب عمل أو أكثر الحق في أجازة وضع مدتها تسعون يوما بتعويض مساو للأجر الكامل تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه، بشرط أن تقدم شهادة طبية مبينا بها التاريخ الذي يرجح حصول الوضع فيه.

ولا يجوز تشغيل العاملة خلال الخمسة وأربعين يوما التالية للوضع.

ولا تستحق أجازة الوضع أكثر من مرتين طوال مدة خدمة العاملة.

(م92): يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أثناء أجازة الوضع المبينة بالمادة السابقة.

ولصاحب العمل حرمانها من التعويض عن أجرها الكامل عن مدة الأجازة أو استرداد ما تم أداؤه منه إذا ثبت اشتغالها خلال الأجازة لدى صاحب عمل آخر، وذلك مع عدم الإخلال بالمساءلة التأديبية .

(م 93): يكون للعاملة التي ترضع طفلها في خلال الثمانية عشر شهرا التالية لتاريخ الوضع – فضلا عن مدة الراحة المقررة – الحق في فترتين أخريين للرضاعة لا تقل كل منهما عن نصف ساعة، وللعامل الحق في ضم هاتين الفترتين.

وتحسب هاتان الفترتين الإضافيتان من ساعات العمل ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر.

فبعض أصحاب الأعمال يرون في هذه المواد وأشباهها عملا أقل للمرأة بالمقارنة مع الرجلوقتا أقل في العمل ووقتا أكبر في الإجازاتمع التزامهم في الوقت ذاته بأداء ذات الأجر عن بعض هذه الأوقات، وبالتالي يرون تفضيل عمل الرجال عن النساء، مما يخلق تمييزا من حيث أراد المشرع المساواة بين النساء والرجال في العمل.

10/ فضلا عن تقدم إحدى النائبات بمشروعي قانونين في ديسمبر الماضي، يقضي أولهما بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، يمنح الحق للمرأة العاملة التى تعول أطفالا بمراحل التعليم الإلزامي، فى  الخروج على المعاش بعد عشر سنوات من الخدمة.

وذلك بإضافة فقرة ثانية للبند (5) من المادة (18)  لتكون على النحو التالي:

ويكتفي بمدة اشتراك فعلية 120 شهرا للمرأة العاملة، وتعول أطفالا بمراحل التعليم الإلزامي”.

وفى المادة الثانية تنص على إضافة مادة جديدة برقم (34) مكررا تنص على أنه:

يكون للمرأة العاملة المعيلة طلب حساب مدة ضمن مدة اشتراكها دون التقيد بالبندين (4،1) من المادة (34).

المادة الثالثة: ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره.

بينما الاقتراح القانوني الثاني من ذات النائبة فإنه يتضمن تعديلا في ذات القانون وبذات الصياغات يتيح المعاش المبكر للمرأة العاملة التي تعول طفلا من ذوي الإعاقة.

واستندت النائبة في مقترحيها على نص المادة 11 من الدستور الخاصة بمساواة المرأة بالرجل وكفالة الدولة لحماية الأمومة والطفولة، كما استندت كذلك إلى نص المادة 81 من الدستور بشأن التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص[30].

11/ أكد البعض أنَّ 49,5 % من السيدات يستحوذن على الفرص الأعلى فى الحرمان من التعليم والتدريب والتوظيف في حين أن الذكور المحرومون من تلك الفرص يبلغ فقط 9.3% إضافة إلى أن عمل المرأة في النشاط الزراعي يصل إلى 83.7%، يليهعملالتجزئة 12.4% أما النشاط الصناعي فلا يستوعب إلا نحو 3.1% فقط من تلك العمالة[31] .

ويلاحظ ارتفاع نسبة العاملات في المجال الزراعي بنسبة كبيرة سواء العاملات بالأجر (اليومية) أو العاملات في داخل الأسرة والعائلة في الأراضي الزراعية المملوكة لهم (عمل بلا أجر) وبالرغم من هذه النسبة والعائد الاقتصادي الذي تدره هذه الأعمال إلا أن القانون رقم 12 لسنة 2003 قد أخرج هؤلاء العاملات من مظلة حمايته.

والعاملات في المجال الزراعي إن لم يكن يعملن في حقول ومزارع أسرهن بغير أجر فهن يعملن لدى الآخرين بطريقة المياومة (أي اليومية)، ولا يلتزم صاحب الأرض بثمة قانون وبالتالي يهمه إنجاز الأعمال في أقل وقت ممكن بالضغط على العاملات والعاملين ليقلل من نفقاته المدفوعة لقاء هذا العمل، ولا مجال لأوقات راحة أو إجازات أو غيره، فالمهم هو العمل المتواصل لتحقيق الربح مع دفع أقل الأجور، وربما العمل في مجال مزارع الدواجن في الريف يمثل نوعا صارخا من الاعتداء على حقوق العاملين والعاملات فيه، فوقت العمل منقسم إلى فترتين تمتد كل فترة إلى اثنتي عشرة ساعة، تكون الفترة المسائيةطوال الليلمن نصيب الرجال، بينما يتقاسم الفترة الصباحية النساء والرجال، والأجر لا يتجاوز 800 جنيه للعامل أو العاملة شهريا بمعني أن الدورة الواحدة (45 يوما) تتكلف على صاحب العمل لكل عامل حوالي 1200 جنيه فقط وهو ما يجعل من هؤلاء تحت خط الفقر وبلا حماية قانونية تقريبا[32].

وتتعرض هؤلاء النسوة في أعمالهن سواء في القطاع الرسمي أو غير الرسمي لمضايقات تمييزية كثيرة فيما يخص الأجر والإجازات والتحرش وعدم توفير مواصلات لأماكن العمل أو حضانات لأطفالهن أو الحصول على فترات الراحة المحددة وفق القانون.

فقد قررت إحدى العاملات في أحد مصانع الملابس الجاهزة أن (رئيس الوردية) يميز بينهن في المكافآت لا حسب إنتاجهن من قطع الملابس المطلوبة منهن يوميا بل حسب التجاوب معه، بينما أكدت أخرى أن بعض العاملات تتقاضين أجرا ثابتا عن عملهن مهما أنتجن، والأخريات تتقاضين أجورهن بالإنتاج أي على حسب قطع الملابس المنتجة في اليوم، وأن الأمر بيد (رئيس الوردية)، ولاضمان لاستمرار العمل سوى رضا ورغبة صاحب المصنع أو رئيس الوردية وأحيانا ضغط العمل في حال وجود طلبيات كبيرة أو مواسم، ففي هذه الحالات لا يتم تسريح العاملين أو العاملات بل يتم مراضاتهن ببعض المزايا المادية كإكرامية أو مكافأة وأحيانا ك (عيدية)[33].

كما أن تقاضي الأجر لا يتم دفعة واحدة بل تمنح كل عاملة أو عامل ما يسمى مصروفا يوميا، ويتم ترحيل بقية الأجر لحين توزيع البضاعة والحصول على جزء من ثمنها من الموزعين[34].

وفي أيام ما قبل الأعياد أو المواسم أو الطلبيات الكبيرة، لا توجد إجازات، ولا ساعات عمل محددة، فقد يستمر العمل أكثر من خمسة عشر ساعة يوميا.

وحين سؤالهن حول سبب عدم التقدم بشكوى ضد هذه الممارسات غير القانونية والتمييز غير المبرر بينهن وبين أخريات وبينهن وبين الرجال العاملين معهن، أقررن بأن الحالة الاقتصادية والحاجة إلى العمل يجعلهن يتجاوزن عن ذلك حتى يجدن عملا آخر.

وهذا العمل وغيره لا يوجد به عقود ولا اعتراف بقوانين العمل، فهو عمل باليومية والانتاج، ينشط في مواسم كالأعياد (الأضحى والفطر) ويعاني من الركود في مواسم أخرى ويكاد يتوقف في بعض الأحيان وبالتالي هو لا يحقق الأمان الاقتصادي والاجتماعي للنساء الملتحقين به ولا للرجال كلاهما في هذا على حد سواء. ومن ثم يستطيع صاحب الورشة أن يستغني عن أي من العاملين أو العاملات أو طرده في أي وقت دون تخوف من ثمة مسئولية أو تعويض يقع عليه.

12/ لا يقتصر التمييز ضد المرأة على الطبقات الاجتماعية الكادحة بل يتجاوز ذلك إلى المرأة ذاتها أيا كانت مكانتها أو تعليمها أو وضعها الاقتصادي والاجتماعي، وآية ذلك أن المرأة لم تتولى منصب المحافظ إلا في فبراير 2017 حين تولت السيدة نادية عبده منصب محافظ البحيرة كأول سيدة مصرية تتولى هذا المنصب في مصر.

فضلا عن النضال المستمر منذ 70 عاما حتى اليوم لتنال المرأة شرف التعيين كقاضية على منصة مجلس الدولة. بعدما حصلت على شرف التعيين كقاضية منذ 2003 حينما تم تعيين المستشارة تهاني الجبالي قاضية بالمحكمة الدستورية العليا بموجب القرار الجمهوري رقم 26 لسنة 2003، ثم تلا ذلك تعيين عدد من أعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية قاضيات في مختلف المحاكم، ليصبح إجمالي عدد النساء في منصب القاضي 66 قاضية، وهي نسبة لا تذكر بالمقارنة بعدد القضاة في مصر، تقريبا 16 ألف قاضي.

أما فيما يخص مجلس الدولة تحديدا فما زالت جمعيته العمومية ترفض تعيين المرأة كقاض بمجلس الدولة على الرغم من كون نصوص الدستور الحالي لا تمنع ذلك بل وأكدت على مساواة المرأة بالرجل في كافة المجالات (م11) كما أكدت على المساواة كمبدأ عام بين جميع المواطنين دون تمييز لأي سبب كان (م53)، فضلا عن أن نصوص قوانين الجهات القضائية لا تحظر تولي المرأة منصب القضاء، فمثلا قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ينص في مادته رقم 38 على أنه:

يُشترط فيمن يولى القضاء:

  • أن يكون متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية وكامل الأهلية المدنية.

و تنص المادة 73 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على:

يُشترط فيمن يعين عضواً في مجلس الدولة:

  • أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة.

وقبيل تعيين المستشارة تهاني الجبالي في منصب قاض بالمحكمة الدستورية العليا أرسل المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل وقتها يستطلع رأي الدين والفقه من مسألة تولي المرأة منصب القضاء وذلك لكل من الدكتور محمد سيد طنطاوي “شيخ الأزهر”، والدكتور أحمد الطيب ” مفتي الديار المصرية”، والدكتور حمدي زقزوق “وزير الأوقاف”، وجاءت فتواهم بأنه:

لا يوجد نصر صريح قاطع في القرآن الكريم أو في السنة النبوية يمنع النساء من تولي وظيفة القضاء.

وأثيرت مسألة تولي المرأة وظيفة القضاء أمام مجلس الدولة لأول مرة في عام 1951 حين تقدمت الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الاجتماعية فيما بعد بطلب للتعيين في مجلس الدولة وتم رفض طلبها فاضطرت إلى اللجوء للقضاء الإداري  ورفعت الدعوى رقم 30 لسنة 4 قضائية والتي صدر الحكم فيها بجلسة 2 فبراير 1952 برئاسة المرحوم عبد الرزاق السنهوري، ومما جاء في هذا الحكم: “قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة والقضاء علي الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر أن يكون وزنا لمناسبات التعيين في هذه الوظائف تراعي فيه الإدارة بمقتضي سلطتها التقديرية شتي الاعتبارات من أحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة وأوضاع العرف والتقاليد دون أن يكون في ذلك حط من قيمة المرأة ولا ينال من كرامتها، ولا إنقاص من مستواها الأدبي والثقافي ولا يحط من نبوغها وتفوقها ولا إجحاف بها، وإنما هو مجرد تخيير الإدارة في مجالس تترخص فيه لملاءمة التعيين في وظيفة بذاتها بحسب ظروف الحال وملابساتها كما قدرتها هي، وليس في ذلك إخلال بمبدأ المساواة قانونا، ومن ثم فلا معقب لهذه المحكمة علي تقديرها ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة”[35].

13/ وبتاريخ 24 فبراير 2018 قررت المحكمة الإدارية العليا تأجيل نظر الطعن رقم 20222 لسنة 63 قضائية بالدائرة الثانية والمقام من الأستاذة أمنية طاهر جاد إلى جلسة 26مايو2018.

وأمنية هي خريجة كلية الشريعة والقانون عام 2013 بتقدير عام امتياز،وحصلت علي دبلوم القانون العام بتقدير جيد جدا عام 2014، ودبلوم التجارة الدولية، عام 2015، ودبلوم القانون الخاص عام 2017.

وبتاريخ 30 يناير 2014 حينما تقدمت لسحب ملف المجلس لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، فوُجِئت  بامتناع المجلس عن تسليمها الملف وغيرها من المتقدمات بينما تم تسليمه للذكور منهم.

قامت بتقديم  تظلم بمكتب رئيس مجلس  الدولة وتحرير محضر بقسم الدقي في نفس اليوم لإثبات تلك الحالة ومطالبة المجلس بإلغاء قراره السلبي بامتناعه عن تسليم الملفات للخريجات أسوة بالخريجين. ثم سلكت طريق الدعوى بعد تقدمها بطلب للجنة فض المنازعات، مطالبة في دعواها بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 356 لسنة 2015 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 3 مكرر (و) بتاريخ 9 سبتمبر 2015، فيما تضمنه من إغفال تعيينها بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة دفعة 2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تعيينها بوظيفة مندوب مساعد بالمجلس، وما زالت الدعوى القضائية متداولة على نحو ما سلف.

وأوصت هيئة المفوضين بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم اتباع الطريق الذي رسمه القانون مع إلزام المدعية بالمصروفات واحتياطيا بعدم قبوله لانتقاء القرار الإداري.

وقالت الهيئة في تقريرها:

ومن حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الدستوري المجرد الذي يقضي بالمساواة في الحقوق العامة شيء وتقرير المشرع أو سلطة التعيين لمدى صلاحية المرأة للاضطلاع بمهام بعض الوظائف العامة شيء آخر، إذ لعوامل البيئة وأحكام التقاليد وطبيعة الوظيفة ومسئولياتها شأن كبير في توجيه المشرع أو السلطة الإدارية الوجهة التي يراها كلاهما محققة للمصلحة العامة ومتفقة مع حسن انتظام المرفق العام، وليس فيما تترخص فيه الجهة الإدارية في هذا الصدد في ضوء هذه الاعتبارات إخلال بمبدأ المساواة المقرر دستوريا ولا النيل من مدى كفاءة المرأة أو احتقارا لشأنها لأن تقدير هذا الاستحسان أو تلك الملائمة وما إلى ذلك من الوجوه والاعتبارات الباعثة على ترخص الإدارة في هذه الملائمة واتجاهه إلى تقليد بعض الوظائف لأحد الجنسين دون الآخر بحسب ظروف الحال وملابساته هو من الأمور الداخلة في سلطتها التقديرية التي لا معقب لهذه المحكمة عليها.

وهذا الاتجاه الذي عرضته هيئة المفوضين في تقريرها يؤدي إلى عدة نتائج خطيرة على المستوى القانوني وعلى الحقوق والحريات من حيث ما يلي:

  • يرفع من شأن ما أسماه عوامل البيئة وأحكام التقاليد وطبيعة الوظائف فوق مستوى النصوص الدستورية، فيتم تطبيق الأولى بالمخالفة للثانية.
  • يؤدي إلى أن تتحكم عوامل البيئة وأحكام التقاليد في كل ما يخص الحقوق والحريات وليست المساواة في الوظائف فقط.
  • يوسع من السلطة التقديرية للمشرع (السلطة التشريعية) ولجهة الإدارة (السلطة التنفيذية) على حساب الافتئات على أحكام الدستور الذي أنشأ كليهما وحدد لهما وظائفهما وحدودهما، وهو اتجاه يخالف كافة القواعد القانونية المستقرة، فالدستور سلطة منشئة.
  • يفتح الباب واسعا للعصف بحق المساواة وتقنين التمييز بموجب ما يراه المشرع وجهة الإدارة من اعتبارات وموائمات وملائمات.
  • يكرس للتمييز ضد المرأة في مجال العمل وحق التوظيف باعتبار أن هناك وظائف لا تصلح لها المرأة بحسب طبيعة الوظيفة ومسئولياتها بما يراه المشرع أو جهة الإدارة وهو قول مردود بأن مسئولية القضاء مثلا على أهميتها وخطورتها لا تقل وظيفة الوزير عنهم في المسئوليات والتبعات وكذا مسئولية المحافظ، وبالرغم من ذلك فلدينا وزيرات ومحافظات بل وقاضيات في جهات قضائية أخرى غير مجلس الدولة.

14/ الأطفال هم عماد المستقبل، والاستثمار في مجال الطفولة وتنشئة أطفال علميا وبدنيا وثقافيا وسياسيا هو بناء لأمة جديدة قوية، ولا شك أن الدول التي تهتم بالطفولة على المستويات كافة هي دول قوية ناهضة ديمقراطية. ومن ثم نجد أن المشرع الدولي اهتم بهذا فأصدر الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عام 1989، وتبعه المشرع المصري بعد انضمامه وتصديقه للاتفاقية بإصدار قانون الطفل[36].

ونجد الاهتمام بحقوق الطفل والنص عليها في الدستور المصري مثل التزام الدولة بكفالة الحق في التعليم وجعله إلزاميا حتى نهاية مرحلة الثانوية العامة بهدف بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وتأصيل المنهج العلمي في التفكير(م 19)، و يعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية.

وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري.

لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر.

كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائي خاص بالأطفال المجني عليهم، والشهود. ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه. وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه في أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين. وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله (م80).

15/ لن نتحدث عن عمالة الأطفال حيث تدفع كثير من الأسر أطفالها للعمل في سن مبكرة لمواجهة الفقر والظروف الاقتصادية، فضلا عن ظاهرة أطفال الشوارع. بل نتحدث هنا عن ظاهرة خطيرة تؤثر على الطفل المصري دون سن الثامنة عشر من خلال ظاهرة زواج الأطفال.

نبدأ من كلمة السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بإعلان التعداد السكاني لعام 2017[37]، حيث تعجب سيادته من عدد الفتيات المتزوجات في  سن الثانية عشر وكيف يمكن لطفلة في هذا السن تحمل مسئولية أسرة وبيت.

وعلى حسب التعداد السكاني المشار إليه على مستوى الجمهورية لعام 2017 فإن عدد المواطنين المتزوجات  أقل من 18 عامًا فى مصر بلغ 40% من إجمالي عدد المتزوجات أكبر من 18 سنة أي 18 مليون حالة زواج في هذه السن كلها تقريبا خارج إطار القانون، بينما هناك  118 ألف حالة بعضهم أقل من 16 سنة.

(إحصاء 2017، مع ملاحظة أن حالات الزواج لم تتم كلها في العام ذاته، بل هو رصد لكل حالات الزواج وأمكن تحديد هذه النسبة من خلال عدة آليات عبر تحليل البيانات الكمية التي رصدها الإحصاء السنوي، كمقارنة أعمار الأمهات بأعمار أبنائهن، فالعدد نتاج سنوات سابقة، والحال ذاته فيما يخص حالات الطلاق وحالات الترمل).

وتمثل حالات زواج القاصرات بشكل عام نحو  14% من إجمالي حالات الزواج فى مصر سنويًا، وتتصدر المحافظات الحدودية القائمة بنسبة 23% وبعدها محافظات الصعيد[38].

كما أمكن حصر عدد المطلقات في سن أقل من 18 سنة وهو 1189 مطلقة، بينما بلغ عدد الأرامل في الشريحة العمرية نفسها 1203 أرملة.

ما يعنينا هنا أن الزواج في هذه السن محظور بموجب أحكام القانون فالدستور حدد سن الطفولة بسن 18 سنة أي أن كل من هو أقل من هذه السن يعتبر طفلا ومن ثم لا يجوز له أو لها الزواج بشكل رسمي طبقا للقوانين المعمول بها وبالتالي يتم التحايل على هذا بأحد الطرق التالية:

  • تسنين الطفل أو الطفلة كي تستخرج له شهادة بعمر أكبر من عمره ويتبع ذلك فيمن لم تسجل حالة ولادته.
  • قيام بعض سماسرة زواج القاصرات بتزوير شهادة ميلاد كي يتم الزواج رسميا أو تسجيل الزواج المدني في حالة زواج الأجانب.
  • قيام بعض المأذونين الشرعيين المعتمدين بإبرام الزواج وعدم كتابته في الدفاتر الرسمية لحين بلوغ القاصر السن القانوني، مع أخذ شيك أو وصل أمانة على الزوج كي لا يتمكن في حالة الخلاف والطلاق من القيام بالتقدم بشكوى قانونية ضد المأذون.
  • اللجوء في أحيان أخرى إلى الزواج العرفي بمعرفة أحد المحامين المقربين من سماسرة زواج القاصرات.

هذه النوع من الزواج الخارج عن إطار القانون يعتبر اتجارا في البشر وبيعا لهم بالمعنى الحرفي للكلمة، فبحسب أحد المحامين هناك بعض العرب القادمين  إلى مصر يطلبون فتيات  لزواج المتعة خلال فترة إجازته مقابل منح أهلها بعض الأموال، ونسبة للسمسار الذي يأتي بالعروس وأتعاب المحامي في صياغة العقد العرفي[39].

وهذه الأنواع من الزيجات غير المقنن في الغالب الأعم لا يمكن رصده لعدم وجود أوراق ومستندات رسمية، ويمكن رصد أثاره في المحاكم من خلال دعاوى النسب حال حمل القاصرات.

فضلا عن أن أطراف الزواج نفسه  يدركون أنه مخالف للقانون لا يعلنون عنه بل ربما يبدو في صورة التقطها أحد الأقارب مثل ما انتشر على وسائل التواصل الإلكتروني في غضون شهر ديسمبر الماضي لصور خطبة طفلين ينتميان إلى قرية منشأة رحمي التابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم، حيث أن العريس أحمد شعبان عيد يبلغ 12 عامًا، بينما عروسه شيماء محمد قناوي تبلغ 16 عاما.

وزواج القاصرات والأطفال هنا نوعين:

  • الأول يتم بين مصريين، وغالبا ما يكون في نطاق العائلة الواحدة لظروف تخص المواريث والملكيات أو الفقر.

زواج يتم بين مصريين وأجانب أو عرب وغالبا ما يتم بين كبار في السن وقصر، فبعض الأجنبيات والعربيات كبار السن يتزوجن أطفالا مصريين، والعكس ايضا حينما يلجأ بعض الأجانب الذكور كبار السن في الزواج من  فتاة مصرية صغيرة.

وفي كل الأحوال لا نعتبر ذلك زواجا بل نعتبره اتجارا بالبشر ينطبق عليه نص المادة 2 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر[40]، حيث تنص المادة 2 منه على ما يلي:

يُعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية – إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما ، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع ، أو استغلال السلطة ، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة ، أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول علي موافقة شخص علي الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه – وذلك كله – إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صورة بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي ، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً ، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد ، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية ، أو جزء منها.

16/ وفي غضون شهر مارس 2018 شهدت مصر الانتخابات الرئاسية في الفترة من 26-28 مارس بالنسبة للمواطنين المصريين المقيمين داخل البلاد وسبقتها الانتخابات للمصريين في الخارج في الفترة من 16-18 مارس، و يهمنا في هذا الصدد الحديث عن الفئات المهمشة والمساواة في العملية الانتخابية لا الحديث عن مجريات العملية ونتائجها، فهذا مما يخرج عن نطاق وحدود هذا التقرير.

أولا: سارع عدد من المسئولين الحكوميين بإطلاق تصريحات تحمل تمييزا صريحا بين المواطنين وتمثل سقطات قانونية وسياسية في هذا السياق مثل:

أ/ تصريح السيدة نادية عبده محافظ البحيرة[41] بمكافأة القرى والمراكز التي ستشهد إقبالاً كبيرًا على اللجان الانتخابية بحل مشكلاتهم سواء في المياه أو الصرف الصحي.

ب/ تصريح السيد محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد[42] بتقديم حوافز تتمثل في صورة خدمات عامة للأحياء الأعلى في التصويت في انتخابات الرئاسة بحيث يحصل الحي الأعلى في نسب التصويت وفق أعداد المقيدين في لجان الاقتراع، إضافة إلى تخصيص 750 ألف جنيه للحي الحاصل على المركز الثاني من حيث نسب وأعداد الناخبين به، ومبلغ 250 ألف جنيه للحي الحاصل على المركز الثالث بشرط حصول الحي على أكثر من 75٪ من عدد الأصوات به.

ج/ خصص السيد اللواء محمود العشماوي محافظ القليوبية مكافأة 100 ألف جنيه للإبارشية[43] الأعلى تصويتا من بين إبارشيات الأقباط الثلاث بالقليوبية، في حالة تخطت نسبة تصويت إحدى الثلاثة في الانتخابات الرئاسية نسبة 40%.

فضلا عن عمرتين في شهر شعبان يتم اختيار أصحابها عن طريق القرعة العلنية من المراكز والأحياء الأعلى تصويتا في محافظة القليوبية، بشرط أن يحقق الحي أو المركز نسبة تصويت لا تقل عن 40%.

د/ صرح الدكتور أيمن مختار، سكرتير عام محافظة المنوفية، عن مكافأة مالية قدرها 350 ألف جنيه للمدينة صاحبة المركز الأول في المشاركة بالعملية الانتخابية[44]. بشرط تحقيق المدينة أو المركز نسبة تصويت لا تقل عن 40% من إجمالي عدد المقيدين بجداولها الانتخابية.

ه/ صرح اللواء مجدي حجازي، محافظ أسوان، عن تخصيص جائزة مالية للوحدات المحلية التي ستحقق أعلى نسبة تصويت في الانتخابات الرئاسية، على مستوى المراكز الإدارية والمدن والقرى.

و/ ورصد المهندس خالد عبد العزيز وزير الرياضة 5 جوائز مالية للمحافظات التي تحقق أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية.

هذه التصريحات والوعود تمثل مخالفة جسيمة لقانون مباشرة الحقوق السياسية وخاصة المادة رقم 34 منه والتي تنص على أنه:

(يحظر على شاغلي المناصب السياسية وشاغلي وظائف الإدارة العليا في الدولة، الاشتراك بأية صورة من الصور في الدعاية الانتخابية بقصد التأثير الإيجابي أو السلبي على نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو على نحو يخل بتكافؤ الفرص بين المترشحين).

وكذلك المادة 31 من القانون ذاته في فقرتها الثامنة والتي تنص على أنه:

(يحظر بغرض الدعاية القيام بأي من الأعمال الآتية:

تقديم هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو الوعد بتقديمها سواء كان ذلك بصورة مباشرة أم غير مباشرة).

وتضمنت هذه التصريحات تمييزا من عدة وجوه:

تمييزا على أساس الدين، ويظهر ذلك جليا في تصريح السيد محافظ القليوبية الذي رصد مبلغا ماليا للإبارشية الأعلى تصويتا فجعل مناط المكافأة التصويت على أساس ديني تنافسي وليس على أساس المواطنة وسيادة القانون[45].

تمييزا على أساس الطبقة الاجتماعية وهو التمييز الغالب على كافة الوعود والتصريحات عاليه حيث قصرت معظم التصريحات الخدمات التي تقدمها المحافظة للقرى الأعلى تصويتا، على الرغم من كون الخدمات المؤداة من الدولة لمواطنيها يجب أن تكون على قدم المساواة فيما بينهم لا بتمايزهم في نسب التصويت.

ثانيا: تم التهديد بتطبيق الغرامة المنصوص عليها في القانون رقم 45 لسنة 2014 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية على كل من تخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخابات أو الاستفتاءات.[46]وقد إنتشرت إشاعه حول عزم الحكومه تطبيق الغرامه وكان ذلك موجه  للفئات الأضعف والتي تمثل تلك الغرامة الضئيلة عبئا اقتصاديا كبيرا على كاهلها، ولا يمكننا التثبت من الجهة التي أطلقتها، غير أن النص على الرغم من وجوده في القانون الحالي وفي القانون السابق إلا أنه يعتبر نصا به عوار تشريعي ولم يتم تطبيقه من قبل، ولكن استخدامه كأداة لحمل المواطنين على التوجه لصناديق الاقتراع تم في عدد من المناسبات بالآلية نفسها فيما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.

يجب على الدولة اتخاذ عدد من الإجراءات الحاسمة بما فيها التشريعات لإقرار مبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريا، وعلى وجه الخصوص:

  • تفكيك بنية ما يعرف بالمجالس العرفية وعدم الاعتداد بما يصدر منها من أحكام وقرارات، بحسبان هذه المجالس تعد انتقاصا من سلطة وولاية القضاء، كما تمثل إهدارا لمبدأ المساواة أمام القانون بحيث يكون لفئة اللجوء إلى المحاكم وقاضيها الطبيعي بينما يمارس الضغط على فئة بما يحول بينها وبين اللجوء إلى القضاء والإذعان لما انتهت إليه المجالس العرفية من أحكام.
  • المساواة تقتضي إصدار تشريع موحد لدور العبادة، يتمتع فيه كل معتنق لدين على قدم المساواة مع الآخرين في بناء دار عبادته وممارسة شعائر دينه في حرية وأمن وفق الضوابط الدستورية ذات الصلة.
  • إصدار تشريع يقضي باعتبار زواج القصر، سواء كانوا ذكورا أو إناثاجريمة لا تسقط بالتقادم، وعقاب ولي أمر القاصر وكل من ساهم او توسط في إجراءات الزوج حال اكتشاف الزواج بأية وسيلة مثل عملية تسجيل المواليد، حدوث نزاع بسبب النسب أو الطلاق أو غيره، ووضع عقوبات مالية كبيرة للحد من هذه الظاهرة باعتبارها عدوانا على الحق في سلامة الجسد وعلى مبدأ الرضا في الزواج، فضلا عن اعتبارها اتجارا بالبشر واقعا على الفئات الأولى بالرعاية بحسبان محل الجريمة أطفالا من وجهة نظر القانون.
  • تدشين حملات توعية وحملات إعلانية لرفع وعي المواطنين بخطورة الزواج المبكر وآثاره السلبية على القصر وأسرهم وأطفالهم وتأثير ذلك على المجتمع في المستقبل، والعمل على تغيير الثقافة المجتمعية والأعراف القبلية والريفية التي تشجع على أو تقبل بفكرة زواج القصر.
  • تعديل أحكام قوانين العمل بما يتناسب مع حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في ساعات العمل والأجر وتولي المناصب القيادية والعمل في كافة الجهات والسلطات دون وجود عائق من أي نوع .
  • النص على منح صفة الضبطية القضائية لبعض موظفي وزارة القوى العاملة للتفتيش على أماكن العمل ومراقبة تطبيق المساواة في أماكن العمل ذاتها والتأكد من عدم وجود أي نوع من أنواع التمييز القائم على أساس الجنس.
  • من الواجب العمل على تناول المشكلات الخاصة بالتمييز في كل أشكاله وصوره في الدراما من خلال المسلسلات والأفلام وتقديم الصورة الصحيحة للمساواة بحسبان الدراما أحد أهم الآليات التي تسهم في تشكيل الوعي العام وتعديل اتجاهاته نحو مجتمع قائم على المساواة ومناهض للتمييز بكل صوره وأشكاله.
  • مد مظلة التأمين الاجتماعي لكافة العاملين في كافة القطاعات الموسمية والزراعية والحرف وغيرها، وذلك بموجب تشريعات ملزمة للدولة، وكذا التأمين الصحي كونهما من الحقوق اللازمة لضمان حياة كريمة لكل مواطن حال تعرضه لأي عائق يحول بينه وبين العمل سواء بلوغه سنا لا يستطيع فيه القيام بعمله أو تعرضه لمخاطر صحية تمنعه من النهوض بأعباء أسرته.
  • العمل علي الإنتهاء من  تأسيس وإنشاء المفوضيه الخاصه بالتمييز طبقا للدستور مع تحديد صلاحيتها وادواتها .

 

المؤسسه / علاء عبد التواب للمحاماه والدراسات القانونيه

[1]هنا يقصد نص المادة 40 من الدستور الدائم الصادر 1971.

[2]حكمالمحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 162 لسنة 21 قضائية دستورية.

[3]/ المعز لدين الله الفاطمي حكم مصر في الفترة من 953م حتى 975م، وهو رابع خلفاء الفاطميين بشكل عام وأول خلفائهم بالقاهرة.

[4]/ العزيز بالله بن المعز لدين الله حكم مصر في الفترة من 975م حتى 996 م.

[5]/ الدكتور أحمد صبحي منصور: تاريخ اضطهاد الأقباط في مصر بعد الفتح الإسلامي.

[6]/ الحاكم بأمر الله هو الخليفة السادس من الخلفاء الفاطميين وامتدت مدة حكمه من 996م حتى 1020م واختفي دون أن يعثر له على جثة، وقيل إن أخته ساهمت في قتله بسبب جنونه.

[7]/المقريزي “اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا”، ج2، ص 3- 123، وكذلك الدكتور صبحي منصور مرجع سابق.

[8]/ نذكر منهم عيسىبننسطورسوفهدبنإبراهيم.

[9]/ أعاد العمل بمرسوم كان قد أصدره الخليفة العباسي المتوكل 861م– 847م بشأن ارتداء أزياء معينة للنصارى ومنعهم من الاحتفال بأعيادهم.

[10]/ لطيف شاكر: “مجذوب القرية” مقال بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 19 سبتمبر 2013، والدكتور أحمد صبحي منصور، المرجع السابق.

[11]الدكتور/ أحمد موسى بدوي: “قانون بناء الكنائس وسقوط لائحة العزبي باشا”، المركز العربي للبحوث والدراسات.

http://www.acrseg.org/40358

[12]/ بابا الإسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية من 1959 حتى 1971.

[13][13]تادرس عزيز بدوي:”العذراء تبارك”، روز اليوسف في 7 مارس 2015 .

[14]نشر في الجريدة الرسمية عدد رقم 38 مكرر هـ في 28 سبتمبر 2016.

[15]نص المادة 2 من القانون 80 لسنة 2016.

[16]محلك سر “عام على قانون بناء وترميم الكنائس”، تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ص 8.

[17]النائب محمد فؤاد نائب العمرانية في سبتمبر 2017. وكذلك مقالة للنائب عماد جاد في جريدة الوطن بتاريخ 16 ديسمبر 2017.

[18]نص المذكرة في جريدة الوطن وموقعها الإلكتروني:

/www.elwatannews.com/news/details/2987735

[19]/ بمكن مراجعة قائمة بأسماء الكنائس التي رممتها أو أعادت بناءها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على موقع مصراوي في مقالة بعنوان: بالأسماء الجيش يعيد الحياة لـ 69 كنيسة ومؤسسة مسيحية بتكلفة 170 مليون جنيه.

[20]موقع جريدة المقال: http://www.akhbarak.net/articles/29695624

[21]اليوم السابع: http://moh.test.videoyoum7.com/Tags/Index?id=271260&tag=%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D9%88%D8%B0%D9%83%D8%B3

[22]/ نذكر هنا قضية قديمة حيث اشترت الجمعية الخيرية القبطية قد اشترت قطعة أرض من مصلحة أملاك الدولة في بور فؤاد عام 1940 لبناء كنيسة عليها.. واشترطت المصلحة موافقة جميع السكان المجاورين علي البناء.. ولكن الجمعية عجزت عن الحصول علي هذه الموافقة فرفضت المصلحة الترخيص ببناء الكنيسة.. كما أن وزارة الداخلية أقرت المصلحة علي تصرفها. وامتنعت عن استصدار المرسوم الملكي بالترخيص بإقامة الكنيسة علي أساس أن
عدد الأقباط في بورفؤاد قليل وأن التعليمات التي وضعتها لبناء الكنائس لم تتوافر في هذه الحالة. ورفعت الجمعية القبطية الدعوى القضائية رقم 615 لسنة 5 قضائية أمام مجلس الدولة برئاسة عبد الرزاق السنهوري باشا، والتي قضت بأنه: “إن إقامة الشعائر الدينية لكل الطوائف قد كفلها الدستور في حدود القوانين والعادات المرعية وأن مصلحة الأملاك قد وافقت علي بناء الكنيسة بشرط موافقة الجيران ويعد هذا تنازلا منها عن الشرط الخاص بوجوب بناء منزل للسكن علي الأرض المبيعة وهو في الوقت ذاته إقرار منها بأن الملاك المجاورين هم أصحاب الشأن فيما لو خالفت الجمعية الشروط فلا حق لها بعد ذلك في الاعتراض وقد وافق جميع الملاك علي بناء الكنيسة عدا واحدا وظاهر من اعتراضه أنه غير جاد إذ لم يبين السبب الذي من أجله يعترض علي طلب الجمعية ولا يكفي أن يقول إن ذلك يضر بمصلحته فهو قول مبهم غامض ولا يعتد به وأن تمسك الإدارة بضرورة موافقة الجيران علي بناء الكنيسة أمر لا يقره القانون وهو مشوب بسوء استعمال السلطة.

وانتهي مجلس الدولة إلي القول بأنه ليس في تعليمات وزارة الداخلية نص يمكن اتخاذه تكأة لمنع بناء الكنيسة بسبب قلة عدد الأقباط ووجود كنيستين في بورسعيد إذ لا تتضمن التعليمات حدا أدني لعدد الأفراد الذين يحق لهم طلب إقامة كنيسة ومن ثم يكون تعلل الإدارة بهذا السبب لا سند له من القانون ويكون قرار رفض الترخيص بإنشاء الكنيسة قد بني علي أساس غير سليم من القانون ويتعين رفضه.

[23]قرية صول تابعة لمركز أطفيح بمحافظة الجيزة وتم إحراق كنيسة الشهيدين فيها في غضون عام 2011 تحت زعم نشوء قصة حب بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة.

[24]تقرير للبنك الدولي يؤكد ما يلي: تعرضت مساهمة المرأة في قوة العمل للركود، حيث انخفضت في الواقع من 57 في المائة عام 1990 إلى 55 في المائة عام 2012، قل متوسط ما تحصل عليه المرأة بنسبة 10 إلى 30 في المائة عما يحصل عليه الرجل العامل،  عدد النساء اللائي يمكن أن يحصلن على وظائف مدفوعة الأجر لكل الوقت لدى صاحب العمل يقل عن أمثالهن من الرجال بمقدار النصف، قضي المرأة ضعف ما يقضيه الرجل من وقت في مهام أسرية غير مدفوعة الأجر كالرعاية والأعمال المنزلية، هناك 128 بلدا لديها تمييزا واحدا على الأقل على أساس الجنس، مما يعني أن المرأة والرجل لا يمكن أن يؤديا في مكان العمل بنفس الطريقة، وفي 54 بلدا تواجه المرأة خمسة أنواع من التمييز القانوني أو أكثر، هناك أكثر من امرأة من بين كل ثلاث نساء تعرضت لعنف جسدي أو جنسي من قبل شريك أو شخص آخر.

http://www.albankaldawli.org/ar/topic/gender/publication/gender-at-work-companion-report-to-world-development-report-2013-jobs

[25]الدكتور أحمد السيد النجار، “التكلفة الاقتصادية و الاجتماعية للتمييز ضد المرأة في التعليم وسوق العمل”، مركز الأهرام  للدراسات السياسية والإستراتيجية.

[26]/ راجع نص المادة 91 من القانون المشار إليه.

[27]راجع نص المادة 52 من قانون الخدمة المدنية الصادر تحت رقم 81 لسنة 2016 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 43 مكرر أ بتاريخ 1 نوفمبر 2016.

[28]قام قانون الطفل بإلغاء هذه المفارقة والعمل على محاولة تحقيق المساواة بين جميع النساء فيما يخص إجازة الوضع بجعلها ثلاث مرات مدة كل منها 90 يوما (المادة رقم 70) ولكن نلاحظ هنا أن قانون الخدمة المدنية قفز بها إلى مدة أكبر من التسعين يوما.

[29]وكانت إحدى الموظفات بالإسكندرية قد حصلت على إجازة وضع مدة ثلاثة أشهر وعند عودتها للعمل رفضت الإدارة منحها مستحقاتها المالية من اجر إضافي وجهود غير عادية والحوافز والإثابة عن تلك الإجازة واقتصرت فقط على منحها الأجر الأساسي وقد قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 3 ديسمبر 2012  بإلزام الجهة الإدارية بان تؤدى للمدعية الأجر الكامل المستحق لها عن إجازة الوضع.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمهاانه وفقا للاتفاقية الدولية فى شان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة يجب أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى ميدان العمل لكي تكفل لها على أساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق توخيا لمنع التمييز ضدها بسبب الزواج أوالأمومة وعلى تلك الدول إدخال نظام إجازةالأمومة مدفوعة الأجر بكافة المزايا الوظيفية والاجتماعية من أقدميات وعلاوات .وتنفيذا لتلك الاتفاقية أصدرت مصر عام 1996 قانون الطفل المصرى وبمقتضاه منح المرأة المصرية العاملة الحق فى أجازة وضع ثلاثة أشهر مدفوعة الأجر كاملا على مستوى كافة القطاعات والجهات التى تعمل بها سواء فى الجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية.

[30]النائبة سهير الحادي نائبة أبو تيج ودخلت مجلس النواب من قائمة في حب مصر.

[31]دكتورة نيفين القباج مساعد أول وزيرة التضامن الاجتماعي، موقع اليوم السابع:

[32]مكالمة هاتفية مع أحد العاملين بمزارع الدجاج بمحافظة الدقهلية.

[33]لقاء مع بعض العاملات بأحد ورش الملابس الجاهزة بالقاهرة، وهي ورشة يعمل فيها نحوا من 20 سيدة وفتاة في دورها الأرضي.

[34]المقابلة السابقة.

[35]لمزيد من المعلومات يرجى مراجعة موقع الهيئة العامة للاستعلامات على موقعها الإلكتروني:

http://www.sis.gov.eg/Story/116458?lang=ar

[36]القانون رقم 12 لسنة 1969.

[37]راجع نص الكلمة على موقع جريدة الأهرام في 30 سبتمبر 2017.

[38]تراجع كلمة اللواء أبو بكر الجندي في حفل إعلان التعداد السكاني لعام 2017 على موقع يوتيوب:

 

[39]لقاء مع أحد المحامين بمحافظة الجيزة.

[40]الجريدة الرسمية العدد 18 مكرر الصادر في 9 مايو 2010.

[41]إحدى محافظات الوجه البحري وتقع شمال القاهرة.

[42]محافظة حدودية شمال غرب القاهرة.

[43]كلمة يونانية تعني المقاطعة أو المديرية وتطلق على المنطقة التي يرعى شعبها مطران أو أسقف.

[44]موقع: www.almasryalyoum.com/news/details/1275661

[45]/ تراجع السيد المحافظ عن وعوده التي أطلقها في بيان صادر عن ديوان عام المحافظة مؤكدا على أنه: (مواطني القليوبية هم وطن واحد وكتلة واحدة تحت راية مصرنا العزيزة).

www.elwatannews.com/news/details/3222421

[46]المادة 57 من القانون المذكور والغرامة تبلغ 500 جنيها مصريا بحد أقصى.

شارك:

اصدارات متعلقة

عيد الأم ما بين الاحتفاء بقيمة الأمومة و ترسيخ الدور النمطي للنساء
خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء
ختان الإناث في مصر... جريمة تعذيب ضد الإنسانية
حقوق النساء من اجل العدالة والتنمية
الإيدز خطر صامت يهدد حياة النساء في ظل جائحة كورونا
إشكاليات التقاضى فى جريمة التحرش الجنسي
أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان