تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة
يعالج كتاب “تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة” الذي تحرره د. سلوى شعراوي جمعة قضية دور المرأة في المجالس النيابية وطرق تفعيل هذا الدور، لضمان عدالة تمثيل المرأة في المجالس المصرية المنتخبة بشكل عام.
ويعد هذا الكتاب تقريرًا عن فعاليات مؤتمر أقيم في أغسطس عام 2000، شارك فيه نخبة من الباحثين والعاملين بالعمل السياسي، وركزت أوراقهم على طرح وجهات نظر متباينة تجاه قضية نظام الحصص وإمكانية التعامل مع تلك القضية.
ويقع الكتاب، الذي أصدره عام 2000 مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في ثلاثة أبواب رئيسية، يقدم في الأول منها د. مصطفى كامل السيد دراسة نظرية عن نظام حصص المرأة في المجالس النيابية، ويعالج الباب الثاني تجارب دول مختلفة حول قضية تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، فيعرض د. عبد العزيز شادي تجربة المرأة في الدول الإسكندنافية، وتلخص د. هدى راغب عوض التجربة الألمانية، بينما تقوم د. نيفين حليم صبري بعرض تجربة أوغندا، وتقدم د. ماجدة على صالح دور المرأة الفلبينية في الهياكل المنتخبة، وتعرض د. شادية فتحى إبراهيم تجربة الهند و د. نورهان الشيخ تجربة بنجلاديش.ويدور الباب الثالث والأخير حول التجربة المصرية في تخصيص مقاعد للمرأة في الهياكل المنتخبة.وهناك تعقيب يلى بعض الورقات المقدمة، كما أن هناك مداخلات تأتي في نهاية عدة ورقات بحثية، ويقع الكتاب في 226 صفحة من القطع المتوسط .
يقدم الباب الأول من الكتاب دراسة نظرية عن نظام حصص المرأة في المجالس النيابية بعرضها أ.د. مصطفى كامل السيد، الذي يوضح التباين الواسع بين الطبقات الاجتماعية المختلفة وتمثيلها العددى داخل الهيئات النيابية، الأمر الذي ينطبق على النساء أيضًا، اللاتى تظل نسبة تواجدهن في الهيئات أقل كثيرًا من ثقلهن العددي في المجتمع، حيث تصل هذه النسبة إلى عشر أعضاء الهيئات النيابية في العالم – 11.8% – وأقل من ذلك في الدول النامية -8.6% – وأكثر قليلاً في الدول المتقدمة – 15.3%- وذلك بتقرير من برنامج الأمم المتحدة الصادر في سنة 1998.ولهذا السبب، ولأسباب أخرى تخدم المصالح السياسية في دول العالم المختلفة، بدأت هذه النظم في تخصيص حصص أو عدد محدد من المقاعد للنساء في المجالس النيابية .
ويعرض د. مصطفى كامل السيد تجارب الدول الأوربية في هذا المضمار، التي أدى نظام الحصص فيها إلى ارتفاع نسبة وجود المرأة في المجال النيابية، ثم ينتقل إلى مصر حيث انتخبت سيدتان لأول مرة في سنة 1957، وظل الحال شبيهًا بذلك في العقدين اللاحقين حتى بلغت حصة النساء 30 مقعدا سنة 1979، ولكن ذلك لم يساعد في زيادة نسبة تمثيل المرأة، التي أخذت في الهبوط المستمرة، حتى بلغت 2.20% في عام 1995 في انتخابات مجلس الشعب .
وينتقل د. مصطفى كامل إلى الاعتبارات التي تساند نظام حصص النساء في هذه المجالس، وأولها اعتبار العدالة، والذي يتمثل في ضرورة ألا يحرم نصف المجتمع من التمثيل النيابي على كافة المستويات، والحجة المضادة لفكرة العدالة هي حجة الكفاءة، التي تؤيد افتراض تميز الرجال ونجاحهم في العمل السياسي عن النساء، لاعتبارات مختلفة، ویری د. مصطفى أنه لا يوجد ما يثبت أن الرجال أكثر كفاءة من النساء في هذا المجال، ويذكر بالأمثلة نساء تفوقن في العمل السياسي، وأن ما يمكن أن يقال عن الفوارق بين الرجال والنساء يمكن أن يذكر عن الفوارق بين الرجال أنفسهم، حيث أن ليس كل الذكور بارعين في العمل العام.وثاني هذه الاعتبارات هو اعتبار تمثيل المصالح؛ فللنساء مصالح تختلف عن مصالح الرجال، ولذلك يجب أن تجد هذه المصالح التمثيل المناسب داخل الهيئات النيابية.ويختص الاعتبار الثالث بأهمية اتساع النظام السياسي للتعبير عن نطاق واسع من الحاجات والرغبات، ويذهب أنصار هذا الاعتبار إلى ضرورة تمثيل النساء في الهيئات النيابية حتى يمكن التعبير بطريقة أوسع عن رغبات واتجاهات مختلفة، الأمر الذي يساعد على تحقيق مصلحة عامة داخل المجتمع.ويختتم د. مصطفی کامل عرضه بقوله إن الأسلوب الأفضل أن يأتي التخصيص من جانب الأحزاب السياسية نفسها، بحرصها على تخصيص عدد من ترشيحاتها للنساء، أو لأي طائفة أو طبقة أخرى لا تجد تمثيلاً كافيًا .
ويعالج الباب الثاني قضية التجارب الدولية لتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، ويناقش د. عبد العزيز شادي في الفصل الأول الدول الاسكندنافية، ويذهب إلى أن تقدم الفكر الغربي لم يضمن مبدأ التكافؤ والمساواة داخل الهياكل المنتخبة، ويختار د.شادي الدول الإسكندنافية نظراً لتمتعها بارتفاع مستوى المعيشة مقارنة بدول أوربا الغربية، فهو يريد أن يدرس المتغيرات التي تؤدي إلى الازدهار في التمثيل السياسي للمرأة، كما أن الدراسة تحاول أن تجيب عن عدة تساؤلات تتعلق بزيادة مشاركة المرأة في القضايا البرلمانية والعقبات المختلفة التي واجهت النظام في هذه الدول، وأخيرا كيفية الاستفادة من تجربة تلك الدول .
ويقسم د. شادي الدراسة إلى أربعة أجزاء رئيسية، يعالج الأول منها تاريخ التمثيل السياسي للمرأة في الدول الإسكندنافية، حيث يمثل القرن العشرون تحولا رئيسيا في وضع المرأة.ففي الاتحاد السويسرى أصبح للمرأة حق الانتخاب في 1971، أما في السويد فقد اقتصر حق التصويت للنساء في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على النساء كبيرات السن ذوات الأملاك والمستوى المعيشي المرتفع، وفي العقد الثاني من القرن العشرين ثم تعميم حق التصويت في الانتخابات المحلية على جميع النساء والرجال.وفي النصف الثاني من القرن نفسه أخذ عدد النساء في البرلمان السويدي “في الزيادة” حتى وصل إلى 149 عضوة في انتخابات عام 1998 ويعرض د. شادي أمثلة مماثلة للمرأة في النرويج وفنلندا، وعليه يتضح أن المرأة في الدول الإسكندنافية قد حصلت على حقوقها السياسية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومن الواضح أنه كلما زادت درجة الديموقراطية، زادت حرية المرأة وحصلت على مزيد من الحقوق والحريات .
ويتناول القسم الثاني من الدراسة الأساس الدستوري للمشاركة السياسية للمرأة، ويذهب إلى أن نظام التمثيل النسبي هو النظام السائد في الدول الإسكندنافية ؛ لأنه الأكثر استجابة للتطورات المجتمعية والسياسية، على عكس نظام الأغلبية المطلقة الذي يمثل فيه كل دائرة عضو واحد، وينتشر ذلك النظام في بعض دول أوروبا كبريطانيا، وترتفع نسبة تمثيل المرأة في الهياكل المنتخبة في الدول الإسكندنافية عن الولايات المتحدة، فنسبة النساء في البرلمان السويدي والدنماركي والفنلندي والأيسلندي والنرويجي وصلت إلى 40% و %34 و 25% 38% على التوالي، في حين تحتل الولايات المتحدة رقم 42 من 54 دولة ديمقراطية في العالم من ناحية التمثيل السياسي .
ويعالج القسم الثالث من الدراسة القضايا التي أثارتها المرأة؛ نتيجة لزيادة تمثيلها في البرلمانات الإسكندنافية، وفيه يذهب د. شادي إلى أن اهتمام المرأة في الدول الإسكندنافية امتد مؤخرًا إلى مجالات البيئة والإعلام وأحيانًا السياسة الخارجية، وأهم قضيتين تشغلان المرأة في الدول الإسكندنافية بوجه عام هما قضيتا السلام الاجتماعي وتقليص العنف السلوكي الفردي والجماعي.وهناك أيضًا القضايا المتعلقة بحقوق الطفل وقضايا الانتحار والتحرش الجنسي.ويقيم الجزء الرابع من الدراسة التجربة ككل والدروس المستفادة لتطوير التمثيل السياسي للمرأة، وينتهى إلى أن التجربة الإسكندنافية فريدة من نوعها مقارنة بالدول الأخرى، لأسباب ثقافية تاريخية وسياسية، وينتهى إلى أن مسألة التمثيل السياسي في الدول الاسكندنافية هي ممارسة أصيلة تمثل نموذجًا، تسعى الدول الأخرى إلى تقليده .
وتعالج.د. هدى راغب عوض في الفصل الثاني من الباب الثاني التجربة الألمانية في تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس الانتخابية، وتنقسم ورقة بحثها إلى ستة أجزاء، يعرف الأول منها القارئ بالنظام السياسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية، بما فيه من نظام فيدرالي وإدارة ذاتية ونظام انتخابي، بينما يركز الجزء الثاني على بدايات إعطاء حق الترشيح للمرأة والمشاركة السياسية التي شهدها نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، وكذلك نسب تمثيل المرأة على قوائم الأحزاب موزعة على الولايات المتحدة.أما الجزء البحث.. فيعالج مدى مشاركة النساء في القضايا الحزبية، وفي الجزء الرابع تذكر العقبات التي واجهت نظام تخصيص مقاعد للمرأة، وأهمها عدم الاعتراف الرسمي بهذا النظام، ومنها كذلك قيم المجتمع والتعاليم الدينية والأحوال الاقتصادية.وتقيم د. هدى عوض التجربة الألمانية في الجزء الخامس .. فتذكر مزايا نظام مقاعد للمرأة، وكذلك عيوبه، ومن المزايا الحقيقية أنه يمثل تعويضًا للمرأة عن عدم مساواتها بالرجل في الهياكل الانتخابية وفي المقاعد السياسية.أما أهم العيوب فتتمثل في أنه يتنافى مع منح تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، دون تمييز للجنس أو للوضع.وفي الجزء السادس والأخير تلخص الدروس المستفادة من التجربة الألمانية، ومدى إمكانة تكرارها في دول أخرى، ومن أهم هذه الدروس أن تبنى الأحزاب السياسية لنظام تخصيص مقاعد للمرأة يساند المرأة ويعطيها حقوقًا كانت محجوبة عنها في مجالي العمل العام والسياسي.كما أن هذا النظام يعتبر انتصار للمرأة الألمانية؛ حيث ساهم في دعم حقها لتحصل على مناصب قيادية في القطاع العام.وتنتهى الباحثة إلى أن نسبة تخصيص مقاعد للمرأة في ألمانيا وصلت إلى 40%، وأن التجربة يمكن تكرارها في كثير من الدول التي تتسم بالتعددية الحزبية .
أما الفصل الثالث من الباب الثاني، فيلخص تجربة أوغندا في المجال نفسه، وتقدم التجربة د. نيفين حلیم صبري، التي تركز على تحول دور المرأة في البرلمان السياسي في تشكيل الحكومة من دور هامشي إلى دور فاعل.وتقسم د. نيفين البحث إلى أربعة أقسام: الأول يركز على البيئة المحيطة بالتجربة في أوغندا، وتذكر أن معظم الجمعيات النسائية المعروفة للنظام السياسي الأوغندي تكونت في السبعينيات من القرن الماضي، وأصبحت المرأة الأوغندية تستشار في الأمور المتعلقة بوضع النساء القانوني، ووصلت نسبة التمثيل النسائي في برلمان أوغندا إلى 15%. ويتعلق الجزء الثاني من الدراسة بمدى استخدام نظام تخصيص مقاعد للنساء في المجالس المحلية، فعلى الرغم من أن قانون الحكومات المحلية قد زاد نسبة مقاعد النساء إلى الضعف .. فإن هناك عدة ثغرات في هذا القانون على مستوى الممارسة الفعلية، تتمثل في تحديد سلطات النساء في اللجان التنفيذية لتشمل الوحدات الإداررية ذات السلطات الأقل .
كما تتعرض د. نيفين للمعوقات والقيود التي تحول دون ممارسة هذا الحق بالنسبة للمرأة الأوغندية، ومنها إجراءات الترشيح التي تتطلب رسومًا تفوق إمكانات النساء المرشحات، وكذلك مشكلة المسائل التمويلية، والمشكلات المتعلقة بالتنشئة الثقافية داخل المجتمع الأوغندي.ويعالج القسم الثالث من البحث مدي مشاركة النساء في البرلمان الأوغندي، وتركز في هذا الجزء على مزايا تطبيق سياسات العمل الإيجابي للنساء، حيث زاد حجم المشاركة النسائية من خلال عضوية المجلس الوطني التشريعي، كما أنه أدى إلى تغير تدريجي في القيم الثقافية السائدة بشأن سياسات المشاركة.وتتعرض الباحثة كذلك لنصوص الدستور التي تأتي لصالح النساء، أما الجزء الرابع والأخير من البحث.. فيركز على أهم العقبات، التي واجهت التجربة في أوغندا، وتتلخص في أن منح الحقوق السياسية للمرأة في البيئة القديمة نفسها للنظام على المستويات المختلفة يعرقل نجاح وتواصل التمثيل العددي للنساء، وعليه يجب توفير المناخ المناسب حتى تكتسب النساء الخبرات اللازمة لممارسة العمل السياسي؛ الأمر الذي سيكون ممكنًا إذا ما تم تغير المدركات الموروثة .
ويعالج الفصل الرابع من الباب الثاني دور المرأة الفلبينية في الهياكل المختلفة، وتعرض البحث أ. د. ماجدة على صالح، التي تتفق في مقدمتها مع الأبحاث الثالثة السابقة في أن المرأة مازالت تعاني من عدم تحقيق مطالبها في أمور عديدة، على الرغم من انتشار الديموقراطية في عدد كبير من الدول النامية.وتقسم د. ماجدة ورقتها إلى جزئين أساسيين، يتناول الجزء الأول منها السياق التاريخي لدول المرأة في المجتمع الفلبيني، وفيه تلخص دور المرأة الفلبينية في العمل الوطني منذ بدايات القرن الثامن عشر، حيث جاهدت جابريل سيلانج زوجة المناضل ديمو سيلانج حتى أعدمت عام 1763، مرورًا بحصول المرأة الفلبينية على حق التصويت لأول مرة عام 1973، وصولاً إلى السبعينيات من القرن العشرين، حيث تم انتخاب سيدات ليصبحن عضوات في مجلس الشيوخ ورئيسات المقاطعات وغيرها.وتذكر د. ماجدة باختصار القضايا التي أثارتها المرأة، ومنها السياسية، مثل: قضايا حقوق الإنسان وتقييد الحريات، وقضية القواعد الأمريكية في الفلبين، والقضايا الاجتماعية، وتتمثل في القضاء على العنف ضد المرأة وتدعيم دور المرأة في المجتمع، أما القضايا الاقتصادية فيأتي على رأسها الوضع الاقتصادي المتدني وقضايا الفساد.
أما القسم الثاني من الدراسة، فيعالج الوضع الحالي للمرأة الفلبينية في الهياكل المختلفة، وفيه تتناول دور المرأة في المؤسسة التشريعية، ويتضمن القضايا التي تهتم المرأة الفلبينية بطرحها، كالسياسة الاقتصادية للدولة، والحياة والأمن الغذائي، والعمالة والخدمات الاجتماعية، وكذلك دور المرأة الفلبينية في الأحزاب السياسية والانتخابات الوطنية، والذي يذهب إلى أن المرأة تهتم بالقضايا الخاصة بها، كما أنها تقدم على الانتخابات بدرجة أكبر من ذي قبل .
أما تجربة الهند في تخصيص مقاعد للنساء في الهياكل المنتخبة، فتقدمها د. شادية فتحى إبراهيم في الفصل الخامس من الباب الثاني، وتتناول في البداية المحددات التي تحكم مشاركة المرأة الهندية، ومنها المحددات السياسية والدستورية والثقافية، وتحلل الباحثة البيئة المحيطة بالهند من النواحي الثلاثة بما في ذلك الصراعات الطائفية والأحزاب السياسية المختلفة، والدستور الذي يكفل المساواة بين الرجل والمرأة، وكذلك حق التصويت .
ثم تنتقل الباحثة إلى موضوع تخصيص مقاعد للمرأة في الهياكل المنتخبة، على مستوى البرلمان وفي المجالس المحلية القروية، وتلخص الباحثة أهم المعوقات التي تحول دون تطوير أداء المرأة الهندية ومنها التقاليد الموروثة وتفتت الحركة النسائية وعدم المشاركة في العمل الحزبي، وكذلك المشكلات المختلفة، التي تعاني منها الهند على مختلف المستويات.وتختتم د. شادية ورقة بحثها بقولها إنه على الرغم من كل الجهود المبذولة.. فإن المرأة في الدول النامية لم تحرز تقدماً ملحوظًا؛ لأن النظم السياسية التي تتبع نظام تخصيص مقاعد للمرأة في الهياكل المنتخبة هي نظم غير مطبقة للديمقراطية بشكل صحيح, كما أنه يجب النظر إلى كفاءة العناصر النسائية، التي تحصل على هذه المقاعد .. فلا يجب التركيز على الكم على حساب الكيف.
ويعالج الفصل السادس من الباب الثاني تجربة المرأة في بنجلاديش بالنسبة للقضية ذاتها، أي تخصيص مقاعد لها في الهياكل المنتخبة، وتقدم التجربة د. نورهان الشيخ.وتذكر الباحثة في المقدمة أن تجربة بنجلاديش السياسية تعتبر تجربة خاصة، حيث إن هناك سيدتين تسيطران على السلطة في البلاد منذ مطلع التسعينيات.وتقسم د. نورهان بحثها إلى خمسة أجزاء أساسية، يركز الجزءان الأول والثاني على الخلفية السياسية لنظام تخصيص مقاعد للنساء في البرلمان ومشاركة المرأة في الأحزاب السياسية، حيث تم تغيير الدستور عام 1990 لينص على تخصيص 300 مقعدا للنساء في البرلمان، وبذلك يرتفع عدد مقاعد البرلمان من 300 إلى 330 مقعدا، أما الجزء الثالث فيعالج دور كل من خالدة ضياء وحسينة واجد في الإطاحة بالنظام العسكرى وإرساء الديمقراطية في بنجلاديش، أما الجزء الرابع من الدراسة فيركز على الصراع السياسي “النسائي” على السلطة، بين نفس السيدتين اللتين اتحدتا من قبل، ويستمر الصراع بينهما في أشكال مختلفة، بسبب إحساس حسينة واجد بأحقيتها في السلطة؛ خصوصًا أن ضياء الرحمن زوج خالدة ضياء كان أحد المتورطين في المذبحة التي أودت بحياة والد حسينة.وقد أثر هذا الصراع على تحقيق الاستقرار في بنجلاديش.وتقيم الباحثة التجربة البنغالية من منظورين، أولهما يتعلق بالعوامل التي ساهمت في هيمنة المرأة على الحياة السياسية، ومنها الخلفية السياسية لزوج خالدة ووالد حسينة، وغلبة التيار القومي على الديني، ووجود تجارب مماثلة لسيدات في دول آسيوية مجاورة، كأنديرا غاندي.. أما المنظور الثاني فيتعلق بتأثير هذه التجربة على معالجة قضايا المرأة وأوضاعها، حيث تنتهى إلى أن تخصيص مقاعد للمرأة في البرلمان لم يغير من أولويات الحكومة الجديدة؛ حيث ركزت الاهتمامات على ضرورة التحول إلى النظام البرلماني، وقضايا الفساد والعلاقات مع الهند.
وتنتهى الباحثة إلى أنه على الرغم من المظاهرات التي قامت بها النساء في بنجلاديش على فترات مختلفة.. فإن الوضع لم يشهد تغيرا ملموسا، لعوامل اقتصادية واجتماعية معقدة تتصل بالفقر والتقاليد السائدة التي يصعب تغييرها .
أما الباب الثالث والأخير من الكتاب فتتناول فيه بالبحث والتحليل أ.د. علا أبو زيد التجربة المصرية في تخصيص مقاعد للمرأة في الهياكل المنتخبة.تذكر الباحثة في المقدمة أن المرأة في مصر – كسائر دول العالم الأخرى – لها وجود محدود داخل المجالس التشريعية والمحلية، وتحاول في ورقتها أن تدرس التجربة المصرية في استخدام آلية تخصيص حصص للمرأة في المجالس المنتخبة، كإحدى سبل تعزيز دور المرأة في الحياة النيابية، وذلك بهدف تقييم التجربة وبيان إيجابياتها وسلبياتها، لتحديد ما إذا كانت التجربة تستحق إعادة التطبيق أم لا.وتقسم د. علا بحثها إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، يركز الأول منها على التطورات التي قادت إلى الأخذ بنظام تخصيص مقاعد للنساء في الهياكل المنتخبة بمصر، وتشمل هذه التطورات المستويين الدولي والداخلي.أما التطورات الدولية فتتمثل في المد الديمقراطي العالمي بما احتواه من تكثيف ملحوظ للاهتمام بقضايا المرأة على المستوى العالمي، أما التطورات الداخلية فتتضمن سياسات الانفتاح الاقتصادي والسياسي التي يتبناها النظام المصرى منذ منتصف السبعينيات؛ مما أثر على وضع المرأة في الحياة الاجتماعية. وتذكر د. علا أبو زيد أن المرأة المصرية دخلت البرلمان عام 1957، وعلى الرغم من تزايد عدد النائبات.. إلا أن عددهن ظل صغيرا حتى عام 1976.
ثم تنتقل الباحثة في الجزء الثاني من ورقتها إلى تقييم التجربة المصرية، وفيه تركز على نقطتين أساسيتين، وهما أولاً: كيف تم تطبيق النظام في كل من مجلس الشعب والمجالس المحلية ومجلس الشورى، وثانيًا: مدى فاعلية مشاركة المرأة السياسية في ظل نظام الحصة، ثم تناقش المصاعب التي واجهت تجربة التخصيص، ومنها مصاعب اقتصادية وثقافية.ثم تذكر قضية الجدل الفكري حول مبدأ التخصيص، والحجج التي يقدمها كل من الفريق المؤيد والفريق المعارض لهذا المبدأ.ثم تتساءل الباحثة عن مدى ملاءمة إعادة تطبيق هذا النظام؛ خاصة وأن الدراسة قد أظهرت انخفاض درجة كفاءة المرأة المصرية سواء كمرشحة أو كناخبة، مما يوجب وجود آليات للنهوض بها، ومن الآليات المقترحة لتمكين المرأة وتغيير سلوك المجتمع حيالها:
(أ) تشکیل اتحاد نسائي مستقل لرعاية حقوق المرأة وقضاياها، وكذلك إنشاء جميعات لتوعية الناخبات، وأيضًا،
(ب) التركيز على مستوى المحليات كمرحلة تدريبية؛ لتنمية مهارات التفاوض والقيادة لدى المرأة.
وتختتم د. علا ورقة بحثها بقولها إن استخدام آلية تخصيص حصة المرأة المصرية في المجالس التشريعية والمحلية هو أمر ضروري في الوقت الراهن، كسبيل لمحاربة التمييز ضد المرأة، وتؤكد الباحثة أن مواجهة مشكلة نقص الكفاءة عند المرأة – لأسباب مختلفة – لا يكون بسلبها حقها في المشاركة السياسية، وإنما يكون بمحاولة رفع مستواها عن طريق تعليمها حقوقها السياسية، والممارسة الفعلية لتلك الحقوق، على أن تطبيق التخصيص كمرحلة انتقالية، وحتى يتم التعامل مع المرأة على أساس بعيد عن التمييز.
يتضح من عرض أوراق الأبحاث السابقة التشابه الكبير بين ظروف النساء في البلدان المختلفة، سواء في أوروبا أو آسيا أو أفريقيا.فعلى الرغم من أن الدول الإسكندنافية وألمانيا كدول أوربية تعتبر في صفوف الدول المتقدمة، وترتفع فيها نسبة تمثيل المرأة وتعمل هذه الدول جاهدة للحفاظ على ارتفاع تمثيلها وزيادته في ظل نظام سیاسی ديمقراطي وتعددية حزبية حقيقية.. فإن – في الحقيقة – أن في هذه البلدان جهودًا تبذل من جانب النساء لرفع نسبة مشاركة النساء في المجالس المنتخبة، تدل على أن هؤلاء النساء، على الرغم مما حققت بلادهن من تقدم، مازلن يشعرن بالتفرقة على أساس النوع.وتوضح الأبحاث التي أجريت على النساء اللاتي تمت دراستهن في قارة آسيا تباينًا في الخلفية الثقافية والسياسية بين الدولتين، اللتين تمثلان جنوب آسيا (الهند وبنجلاديش) والفلبين، التي تمثل جنوب شرق آسيا، فنجد أن النساء في جميع هذه البلدان تشكو من قلة تمثيلهن في المجالس النيابية بشكل عام، على الرغم من ارتفاع هذه النسبة في الثلاثة أو أربعة عقود الأخيرة، ويرجع ذلك إلى عوامل اجتماعية ودينية وسياسية في كثير من الأحيان .
وتتشابه الدراسات المقدمة كذلك في تقسيمها، حيث تبدأ كل ورقة بحث تقريبًا بعرض لتاريخ مشاركة النساء السياسية في البلد محل البحث، ثم يتم عرض التجربة،وتقييمها في النهاية.ويأتي هذا التقييم غالبًا في صورة النقاط الإيجابية، والنقاط التي تستوجب الاهتمام؛ حتى يتم النهوض بمستوى التمثيل النسائي في المجالس المنتخبة .
ويجدر الإشارة هنا إلى أن البحثين المقدمين عن التجربة في الهند وفي مصر هما الوحيدتان، اللتان ذكرتا قضية النظر إلى كفاءة المرأة في تحديد مقاعد لها في المجالس المنتخبة، بحيث لا ينصب الاهتمام على عدد النساء في هذ المجالس، بغض النظر عما إذا كن يصلحن لأداء المهام المنوطة بهن أم لا.وترى كاتبة هذا العرض أن د. علا أبو زيد التي قامت ببحث التجربة المصرية كانت من الشجاعة بمكان أن ذكرت في نتائج بحثها حقائق تتعلق بقلة كفاءة المرأة المصرية في المجالس المنتخبة؛ مما يؤثر على مسار عملية النهوض بمستوى المرأة المصرية بشكل عام.