تمكين المرأة لتفعيل مساهمتها في محو الأمية
بين احتياجات المدرسات وإمكانات المجتمع:
دراسة على عينة من مدرسات محو الأمية من ذوات التعليم المتوسط
أولاً الإطار النظري
مقدمة عامة:
حظيت قضايا المرأة في الآونة الأخيرة باهتمام عالمي ومحلى وقد قامت فيه مصر بدور ريادي ملموس، فأظهرت نشاطًا ملحوظًا فيها عرف بعصر المؤتمرات، حيث كان لتواجدها دور إيجابي لا يمكن إغفاله في عدة مؤتمرات عالمية ومحلية تنادي بحقوق المرأة عامة والمصرية خاصة وتعكس كل تلك الجهود مدى الاهتمام بالمرأة وقضاياها في الوقت الحالي (1).
ومع ذلك لا تلقى المرأة في مصر حظ الرجال من المكانة الاجتماعية وتُحرم بوجه عام من التقدير المادي والمعنوي الذي يتناسب مع قيمتها الإنسانية ومساهمتها الحيوية في المجتمع. ولا يقف حرمان المرأة من حقوقها الاجتماعية والاقتصادية على معاناة نصف المجتمع من أشكال مختلفة من الظلم، وإنما يحكم على المجتمع ككل بإعاقة جهود التنمية. ويمكن أن تتاح لمصر فرصة ذهبية لقيام نهضة إنسانية باهرة إن اعتمدت منطق “التنمية الإنسانية” الذي يكرم الإنسان ويعلى شأنه، وذلك باعتناق مقولة إن “الإنسان عاد التنمية وغايتها في الوقت ذاته“، حيث تعتمد التنمية على بناء القدرات البشرية، وتوظيفها بفعالية، سعيا لتحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية في المجتمع (2).
ويمكن للمرأة المصرية في ظل هذا التوجه أن تقوم بدور حيوي للغاية في مواجهة مشكلة الأمية؛ والتي تمثل القاعدة الرئيسية لمثلث التخلف في المجتمع المصري. ولا تكمن خطورة الأمية في كونها مشكلة مجتمعية فحسب، ولكنها تعتبر عاملاً مساعدًا في ظهور العديد من المشكلات المجتمعية الأخرى لعل من أبرزها تلك المشكلات المتعلقة بالضلعين الآخرين من أضلاع مثلث التخلف وهما: الفقر والمرض.
بالرغم من دخول المرأة بصورة قوية إلى مجال العمل في محو الأمية حيث مثلت حوالي 80% من فئة العاملين. فإنها تعاني أوضاعا “مجحفة” إلي حد كبير مما يعيق دورها في هذا المجال. علاوة على وضعها ومكانتها المتواضعة على مستوى المجتمع. مما يتطلب تسليط الضوء على المرأة ذات التعليم المتوسط. وذلك للتعرف على وضعها واحتياجاتها ومدى قدرة المجتمع على تلبية تلك الاحتياجات بما يخدم مجال محو الأمية وبما يعمل على تعزيز وضع ومكانة المدرسة.
يتحدد الهدف الرئيسي لهذه الدراسة في التعرف على الاحتياجات التي تعمل على تمكين المرأة ذات التعليم المتوسط لتفعيل مساهمتها في مجال محو الأمية في مجتمعها المحلى.
وينبثق من هذا الهدف الرئيسي عدة أهداف فرعية:
1 – التعرف على الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والديموجرافية للمدرسات.
2 – التعرف على احتياجات المدرسات التنموية والتي تساعد على تمكينهن بما يخدم المجتمع المحلي في مجال محو الأمية.
3 – التعرف على المعوقات التي تواجه المدرسات.
4 – التعرف على الجهود التنموية القائمة بالفعل في مجتمع الدراسة.
5 – التعرف على الجهود التي يمكن للدعم المجتمعي تقديمها.
6 – وضع تصور لتطوير تلك الجهود خلال مقترحات الفتيات المشاركات في الدراسة وإضافة الجديد عليها واستعمالها كمداخل مبتكرة لحل مشكلة الأمية.
وسوف تتناول الدراسة المفاهيم التالية:
1) التمكين
أصبح مفهوم التمكين مفهومًا مركزيًا في الخطاب والممارسة التنموية خلال التسعينيات من القرن العشرين ومع أن ثمة أدبيات كثيرة سعت لاستجلاء التمكين ومفهومه فإن تلك الأدبيات تكشف أمرين، أولها أن المفهوم معقد وشامل ومتداخل الأبعاد ومن ثم يصعب الإمساك بكل ما يشير إليه من مستويات وعمليات. وثانيها وهو ذو مردود إيجابي في تحديد المفهوم، وجل محاولات تحديد المفهوم تركزت على فهم فكرة القوة والقدرة Power وبالتركيز على نحو أساسي على توظيفها وتوزيعها كنقطة بدء ضرورية لفهم التحولات الاجتماعية التي وقعت وتلك المراد التخطيط لحدوثها (3). ويمثل التمكين أطرًا عامة وأساليب رئيسية، وعملية تستهدف مساعدة الفئات السكانية الضعيفة وتقويتها اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا بحيث تصبح أكثر قدرة على المشاركة في اتخاذ وصنع القرارات تتصل بإشباع حاجتهم ومواجهة وحل مشكلات مجتمعهم (4). ويعتبر هذا المفهوم أقرب مفهوم لهذه الدراسة حيث إنه من منظور تلك الدراسة نجد أن مفهوم التمكين هو منح فئة من الفئات المجتمعية – المرأة ذات التعليم المتوسط – الدعم الاقتصادي الإجتماعي والتدريبي لكي تصبح أكثر مساهمة في جهود محو الأمية.
2) النوع الاجتماعي
كلمة Gender كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني Genus تعبر عن الاختلاف والتمييز الاجتماعي للجنس، وتصف الأدوار التي تعزى للنساء والرجال في المجتمع والتي لا يتم تعيينها بواسطة الحيثيات البيولوجية، وإنها بواسطة المعطيات الهيكلية والفردية والقواعد الثقافية ومعاييرها ومحظوراتها، فالأدوار الجندرية – بحسب هذا التعريف – تتفاوت بين ثقافة أو حضارة وأخرى وهي قابلة للتغيير والتطوير” (5).
3) الأمية
هي عدم الإلمام بالقراءة والكتابة بالمستوى الذي يمكن الشخص من ممارسة الأنشطة التي تتطلب مهارات القراءة والكتابة بما في ذلك توسيع معارفه ذاتياً إذا اقتضى الأمر ذلك(6).
4) الأمي
هو الشخص الذي لم يصل مستواه التعليمي إلى مستوى نهاية الصف الخامس من التعليم الأساسي (7).
5) محو الأمية
يقصد بمحو الأمية: تعلم القراءة و الكتابة إلى جانب الوعي بمشكلات المجتمع ومشكلات التنمية وكشف علاقتها بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية(8).
تحاول الدراسة الإجابة عن سؤال رئيسي وهو:
ما الاحتياجات التي تعمل على تمكين المدرسة ذات التعليم المتوسط لتفعيل مساهمتها في مجال محو الأمية في مجتمعها المحلى ومدى استعداد المجتمع المحلى لدعم تلك الاحتياجات؟
ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسي مجموعة من التساؤلات الفرعية تتمثل فيما يلي:
1 – ما الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والديموجرافية للمدرسات المتعلمات “تعليم متوسط “؟
2 – ما المعوقات التي تواجه المدرسات العاملات في مجال محو الأمية وكيفية التغلب عليها؟
3 – ما الاحتياجات التنموية للفتيات والتي تساعد على تمكينهن بما يخدم المجتمع
المحلي في مجال محو الأمية؟
4 – ما أشكال الدعم المجتمعي الموجودة حالياً والتي يمكن للمدرسات الحصول عليها للوصول إلى النتائج المرجوة؟
5 – ما الإمكانات المحتملة التي يستطيع الدعم المجتمعي تقديمها للإناث؟
أولاً: الدراسات المرتبطة بالتمكين:
ظهرت أدبيات كثيرة لاستجلاء معنى التمكين ومفهومه خلال التسعينيات من القرن العشرين وكشفت تلك الأدبيات أن مفهوم التمكين مفهوم معقد وشامل. وفي دراسة للدكتور عبد الباسط عبد المعطى تطرق إلى التمكين كمفهوم عام. وقد أثار سؤالاً في دراسته عن إمكانية تمكين الأسرة العربية. وخلص إلى أن التمكين يمكن أن يتم على مجموعة من المستويات وهي إعادة صياغة التنشئة الاجتماعية على مستوى الأسرة وتحقيق تكافؤ الفرص في الإعداد والمشاركة والتعليم الذاتي واعتبار المجتمع المدني ركنًا أساسيًا لتمكين الأسرة. وقد عرضت دراسة أخرى لمارى أسعد وجوديث بروس صورة ناجحة للتمكين في حي جامعي القمامة بالمقطم والتي هدفت إلى تدريب المراهقات لتدعيم استقلالية الفتيات والارتقاء برفاهيتهن، وذلك فيما يتعلق بحياتهن الاجتماعية والإنجابية في المستقبل. وتعد هذه الدراسة من الدراسات التطبيقية التي حققت نجاحًا. ووضعت نموذجًا يحتذي به في مجال التمكين.
ثانيًا: الدراسات السابقة المرتبطة بالأمية
هناك العديد من الدراسات التي أجريت في مجال محو الأمية ومن هذه الدراسات، دراسة تحليلية تقويمية لجهود محو الأمية في مصر(9). وقد أكدت هذه الدراسة على أنه بالرغم من الجهود التي بذلت لمحو الأمية في مصر فإن المشكلة لا تزال منتشرة بكل أبعادها.
وأن نسبة الأمية تكاد لا تنخفض بل يمكن أن تزداد ويرجع ذلك إلى أن للأمية أسبابًا ترتبط بقوة بالمجتمعات والعادات والتقاليد ويجب أن تسعى الدراسات للتعرف على هذه الأسباب. وتوصلت الدراسة إلى تحديد مخاطر اقتصادية متوقعة بوجود المرأة الأمية وخاصة بعد ازدياد قوة المرأة العاملة ويتطلب الأمر برامج للقضاء على الأمية بين الإناث، كما أوصت الدراسة بالاهتمام بتعليم الإناث عن طريق تقليل نفقات الدراسة وتحسين نوعية العملية التعليمية مع إزالة العقبات لكثير من الإناث للالتحاق بالعملية التعليمية.
أشارت دراسة سحر بهجت(10) إلي أن لبرنامج التدخل المهني أثرا في زيادة معدلات مشاركة المستفيدات من برامج محو الأمية في مشروعات تنظيم المجتمع بالمناطق الحضرية المتخلفة. كما أكدت أن هناك تأثيرات جوهرية ترتبت على محو أمية النساء وتتمثل في وجود تأثيرات اجتماعية واقتصادية وشخصية ترتبط برعاية أسرتهن وتربية أطفالهن وتأثيرهن في المجتمع. كما أشارت إلى أن هناك معوقات تؤدي إلى أمية الإناث منها السلبيات التي تتضمنها البرامج الخاصة لتعليم الإناث بجانب الفجوة التعليمية بين الإناث والذكور وأوصت بأهمية أن يكون هناك دور للمنظمات غير الحكومية في مواجهة مشكلة الأمية باعتبارها مؤثرة على حقوق النساء.
وأكدت دراسة منال محروس(11) أهمية تعليم الكبار وعدم التفرقة بين الذكور والإناث والمساواة بينهما في مراحل التعليم والاهتمام بالبرامج التدريبية إلى جانب البرامج التعليمية. وأن هناك برامج محددة يحتاج إليها الدارسون داخل فصول محو الأمية مثل تنمية المهارات والمشاركة في المجالات المختلفة كمشروعات الخدمة العامة ونظافة البيئة.
كما أكدت دراسة سامية خضر(12) أن هناك عقبات تحول دون الاستخدام الأمثل بالنسبة للنساء تمثلت في ارتفاع نسبة الأمية بين النساء العاملات. وأشارت أيضًا نتائج الدراسة إلى أن من أكثر العوامل تأثيراً على غياب المرأة العاملة عن العمل هي الحالة التعليمية وأوضحت أن النساء المتعلمات أقل تغيباً من النساء الأميات. كما أكدت أن محو أمية العاملات يؤثر في اتجاهاتهن الاجتماعية، فاتجاهات العاملات المتعلمات خاصة تجاه العمل وتعليم الأبناء أفضل بكثير عن غير المتعلمات.
كما أوضحت دراسة نادية عبد الجواد (13) أهمية الاستمرار في إجراء البحوث لقياس فاعلية برامج محو الأمية وتعليم الكبار ودراسة المعوقات التي تواجه هذه البرامج. وترى أن هناك علاقة بين العملية التعليمية وزيادة الدخل القومي والإنتاج ولذلك لابد من التركيز على العملية التعليمية في السياسة العامة للدولة، كما أشارت إلى أن هناك معوقات تؤدي إلى الأمية بصفة عامة وأمية الإناث بصفة خاصة منها السلبيات التي تتضمنها البرامج الخاصة لتعليم الإناث بجانب الفجوة التعليمية بين الإناث والذكور.
ثالثًا: الدراسات المرتبطة بالمرأة:
تعددت الدراسات المتعلقة بالمرأة وزادت في الآونة الأخيرة بشكل كبير وسوف تقوم الباحثة هنا بإلقاء الضوء على ثلاث دراسات سابقة ذات صلة بموضوع هذا البحث.
أولاً الدراسة التي قامت بها أنعام عبد الجواد(14) والتي أكدت نتائجها أن الاستقلال الاقتصادي للمرأة يزيد من مكانتها الاجتماعية سواء كان هذا الاستقلال المادي موروثًا أو مكتسبًا عن طريق العمل الخارجي. وأشارت إلى أن هناك بعض العوامل التي قد تظهر في حياة المرأة (كالتعليم والعمل) يمكن أن تكتسب من خلالها قدرًا من القوة في تحديد الأمور. حيث إن التعليم يؤدي إلى مشاركة المرأة في السلطة الأسرية وتفعيل دورها في اتخاذ القرارات الأسرية وأن عمل المرأة يساهم في تخفيف الأعباء الأسرية بعامة والاقتصادية بخاصة. وأكدت أيضًا ارتفاع مستوى تعليم النساء يزيد من مشاركتهن في اتخاذ القرار داخل الأسرة، حيث قارنت الباحثة بين الزوجات العاملات في مستويات التعليم المختلفة.
وأكدت دراسة بعنوان “المرأة المصرية في الجمعيات الأهلية 1995″(15)، أهمية مشاركة المرأة الفعالة في القطاع الأهلي وأهمية دراسة وضع المرأة في الجمعيات الأهلية في مصر ومعوقات نموها وفعاليتها حتى يمكن الوصول إلى معرفة الآليات التي يمكن أن تقوى وضع المرأة في هذه المنظمات. ولقد أوضحت الدراسة أن المشكلة الأساسية عند الحديث عن نشاط النساء في العمل الأهلي في مصر يشمل ندرة البيانات والإحصائيات الخاصة بنشاط المرأة في العمل الأهلي. ولقد أوصت الدراسة بضرورة تبني إجراءات وسياسات من أجل تدعيم وضع المرأة في هذه الجمعيات الأهلية. وتهدف أيضا إلى التعرف على دور الجمعيات النسائية في تحقيق التنمية ومحاولة التعرف على دور الخدمة الاجتماعية في الجمعيات النسائية بما يسمح بإضافة خبرات جديدة لممارسة الخدمة الاجتماعية في الجمعيات الأهلية، والعمل على تذليل الصعوبات التي تعوق مشاركة المرأة في المساهمة في تحقيق التنمية المحلية. وأوضحت تعاظم دور الجمعيات الأهلية وخاصة في ضوء تزايد أهمية المؤسسات ونمو المجتمع المدني حيث إن لهذه الجمعيات دورًا مهمًا في إحداث كثير من التغيرات الايجابية في المجتمع وخاصة لصالح الفقراء من النساء حيث استطاعت هذه الجمعيات العمل على مقابلة الاحتياجات الضرورية للمرأة الفقيرة.
كما أفادت دراسة عن المشكلة السكانية بين الأميات(16) أن حوالي 64% من المبحوثات قد اشتركن في الأعمال والأنشطة التطوعية (الدينية والتعليمية)، كا تبين من الدراسة نفسها انعدام مشاركة المبحوثات في أي منظمة اجتماعية باستثناء عضوية بعضهن للجمعيات الزراعية بحكم حيازتهن للأرض الزراعية، والتحاق نسبة 2.5% منهن بفصول محو الأمية، وأن 28.8% لديهن الاستعداد للالتحاق بهذه الفصول.
رابعًا: الدراسات المتعلقة بالتعليم الفنى
تكمن أهمية هذه الدراسات في أنها اتفقت على رداءة التعليم الفني ومحدودية سبل تطويره فرغم اعتبار التعليم المتوسط ( تجاری، زراعي، تمريض ) من أهم أنواع التعليم المتاحة في مصر وخاصة في المناطق الريفية(17) حيث يهدف التعليم الفني إلى إعداد فئتين: فئة العال المهرة و فئة مساعدي المهندسين، كما يهدف التعليم التجاري إلى إعداد موظفي المخازن وما إلى ذلك من أعمال مكتبية. وتظهر أهمية التعليم الفني في قبوله ثلثي التلاميذ الذين لم يحصلوا على المجموع الذي يؤهلهم للالتحاق بالتعليم الثانوي العام، ومن هنا تظهر أمامنا مشكلة جلية في شعور الطلبة أنهم مجبرون على الالتحاق بهذه النوعية من التعليم ولا يكون تبعاً لاختيارهم أو بناء على استعداداتهم أو قدراتهم أو ميولهم كما أن هناك الكثير من الأدلة على أن خريجي هذه النوعية من التعليم لا تلقى القبول من أصحاب العمل وكثيرًا ما يقال إنهم يفضلون عليها من تلقى تدريباً على العمالة مع صاحب عمل دون الحصول على أي تعليم، أو بمجرد الحصول على شهادة التعليم الأساسي، أما عن نوعية الأعمال المتوافرة لخريجي المدارس الفنية ما عدا التمريض فلا يتوافر لهم سوى المهن المتعلقة بالبيع مثل بائعي المحلات ومندوبي المبيعات مما يخلق نوعاً من عدم الاهتمام بالتعليم. وفي دراسة أجراها د. محمد عبد العزيز عيد(18) خلُص إلى ثلاثة عناصر مسببة لرداءة التعليم الفني وهي عيوب متعلقة بسوء حالة المدرسة نفسها ( سوء المقاعد ودورات المياه وعدم وجود نظافة في المدرسة وقلة الآلات الكاتبة وعدم كفاية معامل الكمبيوتر) وعدم التزام المدرسين ورداءة المنهج وعدم مواكبته للتطور. ومع هذا ظهرت محاولات محدودة لتطوير التعليم الفني من خلال خلق نوع من التعليم المزدوج في التجمعات الصناعية والاقتصادية المهمة المملوكة للقطاع الخاص، وهذه المنشآت مزودة بأحدث الآلات والمعدات، وتستخدم تكنولوجيا متطورة، فضلاً عن نظم الإدارة الحازمة.
الهدف الأساسي من هذا الفصل التعرف على جميع القوانين والقواعد التي تحكم عملية محو الأمية للتعرف على الإطار القانوني لعمل مدرسة محو الأمية وبيئة العمل. ولن تكتفي الدراسة بعرض القوانين وإنها سوف تلقى الضوء على القواعد الداعمة وغير الداعمة للمدرسة.
1 – قانون رقم 8 لسنة 1991 في شأن محو الأمية وتعليم الكبار
يعتبر قانون 8 لسنة 1991 أهم قانون قام بتنظيم العمل في مجال محو الأمية. وفي هذه الدراسة لا تقوم الباحثة بتقييم مواد هذا القانون لأن هذا في حد ذاته يحتاج إلى دراسة أخرى ولكن فقط تعنى بذكر المواد المنصوص عليها في القانون والتي تؤثر سلبًا أو إيجابًا على مُدرسة محو الأمية – محور هذه الدراسة– حيث لوحظ بالفعل أن تفعيل أو عدم تفعيل مواد ذلك القانون له أثر كبير على مُدرسة محو الأمية. ومن منطلق تلك الرؤية نستطيع أن نقسم هذا القانون إلى قسمين رئيسيين.
القسم الأول: قسم داعم للمدرسة ولكن لم يتم تفعيله
هذا القسم يتضمن كل البنود المتعلقة بالمنهج وتطويره وطرق اختيار المُدرس وتدريبه والمعونات وفرض الغرامات ومشاركة الوزارات المختلفة وتعاونها الكامل مع الهيئة، والإشراف الكامل والداعم لمدرس محو الأمية. وفي واقع الأمر جميع البنود لم يتم تفعيلها. فالمنهج لم يتم تطويره منذ أكثر من 10 سنوات. وطريقة اختيار المدرس ليست هي الطريقة الحالية للاختيار. ولا يوجد ما يسمى بالتعاون بين الهيئات المختلفة إنما هي هيئة محو الأمية فقط التي تقوم بالدور كله. ولا يوجد أي نوع من الغرامات يفرض على الأميين.
القسم الثاني: قسم معوق للعملية التعليمية
يتضمن هذا القسم عنصران مهان أحدهما سن الدارسين والآخر الامتحانات.
بالنسبة للعنصر الأول الخاص بتحديد أعمار الدارسين من 14 إلى 35 سنة وحتى 40 سنة تجاهل هذا القانون فئة الدارسين التي تتراوح أعمارهم بين 8: 12 عام ولكنهم نظرًا لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية عاجزون عن الالتحاق بالمدرسة الابتدائية. وإذا تجاهلت الهيئة والقانون تلك الفئة فنحن نتجاهل شخصًا لديه قابلية عالية على التعلم ويشعر بالحرمان الشديد لأنه لا يستطيع دخول المدارس الرسمية وفي الوقت نفسه لم يألف الأمية بعد. مثل هذا الطفل يتركه القانون فريسة للجهل. في حين أنه من الممكن أن يتم احتضانه وتعليمه في فصول محو الأمية. وهذا بالفعل ما تقوم به المدرسات. إذ أنهن يقمن بتعليمه ولكن ترفض الهيئة دخوله الامتحان. ومن هنا يظهر اهتمام المُدرسة به في حين أن القانون يولى ظهره له.
أما العنصر الثاني الذي يمثل مصدر صعوبة للمدرسات فهو الامتحان الذي تعقده الهيئة لما يحتويه من عناصر رهبة، إذ أن القائم على اللجان لابد أن يكون برتبة عميد على الأقل، علاوة على أن الامتحان يتم في الهيئة أو في مدرسة وليس في الفصل الذي يتعلم به الأمي، مما يزيد من رهبة الأميين حتى انه قد يتسبب في إحجام بعض الدارسين عن حضور الإمتحان مما يؤثر بالسلب على المدرسة إذ أنه تبعاً لقواعد الهيئة ( إذا لم يتقدم عدد طلبة لا يقل عن 15 ينجح منهم ثمانية على الأقل، لا يحق للمدرسة تجديد العقد). إذن فالامتحان عنصر حيوي ومهم بالنسبة للمدرسة. ولم تقتصر صعوبة الامتحانات في الرهبة فقط ولكن سوف تفرد الباحثة جزءًا عن الامتحانات كمعوق من معوقات محو الأمية في فصل معوقات محو الأمية.
2 – أشكال التعاقدات في محو الأمية وتعليم الكبار:
إذا نظرنا إلى التعاقدات المتاحة في محو الأمية نلاحظ أن النوعين المتاحين هما: التعاقد العادي والحر. أما العادي فهو النمط الأكثر شيوعًا وذلك لأنه أقرب ما يكون إلى الوظيفة الحكومية. فهو مرتبط براتب ثابت. و له متابعة مستمرة من هيئة أعلى كما أن به ميزة وهي أنه يمكن أن يُفتح الفصل في أي مكان مثل المنزل. أما التعاقد الحر فأغلب المتعاقدين فيه من طلبة كلية التربية ولا يوجد عليه إقبال من فئة الدراسة بسبب عدم وجود راتب ثابت.
3 – أشكال المتابعة
تنقسم أشكال المتابعة إلى ثلاث فئات:
1- المتابعة الميدانية من قبل أخصائي التعليم بالإدارة التابع لها المعلم.
2 – المتابعة الفنية من قبل الموجه الفني والمشرف الفني.
3 – متابعة الإدارة المركزية للمتابعة بديوان عام الهيئة ومتابع الفرع.
نستطيع أن نلاحظ أن هناك أكثر من مستوى ونوعية للمتابعة. وتلك المتابعات أغلبها ميدانية ولا ترتبط بوقت محدد. وعلى أساس تلك المتابعات يتم تحديد راتب المدرسة، لأنه عن طريق تقرير المشرف والموجه يستطيع المتابع المكتبي من قبل الهيئة أن يحدد راتب المدرسة. ولا ترتبط المتابعة في أغلب أوقاتها بتقييم أداء المدرسة إلا فيما ندر. ولكن ترتبط بصورة أكثر بالقيام بإحصاء عدد الحضور من الدراسين.
4 – أنواع التدريب:
يعتبر التدريب من أهم العوامل والمقومات التي تساعد على بناء شخصية المتدرب وإكسابه المهارات اللازمة و الكافية لبدء عمله في مجال لم يعمل به من قبل، وقد أدركت هيئة محو الأمية هذه الحقيقة واهتمت بتدريب المدرسات، بهدف إكسابهن مهارات التعامل مع الكبار والتعرف على خصائصهم وذلك وفق النظام التالي:
1- دورة تدريبية تأهيلية تعقد لأول مرة لحملة المؤهلات العليا وفوق المتوسطة والمتوسطة لمدة ثلاثة أسابيع لتأهيلهم للعمل كمعلمين لتعليم الكبار.
2- دورة تدريبية تنشيطية لمدة أسبوع واحد لمن يعمل أو سبق له العمل وسبق تدريبه، وذلك لتنشيط المعلم والتعرف على مشاكل العمل وكيفية التغلب عليها.
ومن الواضح أن التدريب سطحي وغير كاف ودليل ذلك أن التدريب لكل المدرسين بالرغم من اختلاف مؤهلاتهم وثقافتهم. كما أن القائمين على التدريب أساتذة ومحاضرون تنعدم لديهم القدرة التطبيقية، ومحتوى التدريب نفسه لا يزيد علي مجرد أفكار بسيطة ولا ترقى إلى التجربة العملية(19)، ونخلص إلى أن التدريب يحتوى كل عناصر الضعف، من حيث عدم مواءمة المدرب لطبيعة مهمته التدريبية. وفي الوقت ذاته يوجد جمود في الطريقة التدريبية ولا يوجد تنوع بها تبعاً للمدرسة ومؤهلها وعدم كفاية الوقت تماماً للتدريب.
نوع الدراسة:
تعد هذه الدراسة “دراسة وصفية تحليلية” تهدف إلى توصيف احتياجات المرأة ذات التعليم المتوسط وذلك بهدف تمكينها وتفعيل مساهمتها في محو الأمية داخل قرية من قرى الفيوم ألا وهي قرية جردو.
المنهج المستخدم:
تم استخدام المنهج الوصفي وذلك على المدرسات المتعلمات “تعليم متوسط” ( سواء فنيًا أو تجاريًا أو أزهريًا ولم تكمل المرحلة الجامعية) وذلك بهدف التعرف على خصائص الفئة المستهدفة والتعرف على الاحتياجات التي تمكنها من أداء دور أكثر فعالية في مجال محو الأمية،
أدوات الدراسة:
اعتمدت الدراسة على مجموعة من الأدوات الكيفية وذلك بالإضافة إلى الملاحظات والمقابلات الشخصية وتم استخدام ما يلى من الأدوات:
-
حلقة نقاش بؤرية للمدرسات.
-
دليل مقابلة متعمقة لعناصر من أسر المدرسات.
-
دليل مقابلة متعمقة لعناصر الدعم المجتمعي.
مجالات الدراسة:
تعتمد الدراسة على المجالات الآتية:
-
المجال الجغرافي:
قرية “جردو” هي ي إحدى قرى مركز أطسا محافظة الفيوم، وصلت نسبة الأمية بينهم إلى 56%، وارتفعت بين الإناث حتى وصلت إلى 68%،وتمثل فئة العمر 20- 40 نسبة 29% من جملة سكان القرية وتمثل الإناث نسبة 47% داخل هذه الفئة العمرية. هذا وقد تم اختيار قرية “جردو” بالتحديد لارتفاع نسبة الفتيات العاطلات حيث وصلت النسبة إلى 35% من إجمالي الفتيات في قوة العمل، ووجد أن 22% من إجمالي المتعلمات بالقرية حاصلات على شهادات متوسطة (20)، هذا إضافة إلى أنها تجمع في تكوينها بين الحضر (في القرية الأم) الريف (في العزب) مما يتيح رؤية أكثر وضوحًا.
-
المجال البشرى:
-
تم عمل 5 مجموعات نقاشية مع 30 مدرسة من المدرسات العاملات حالياً ويمثلن 50% من المدرسات العاملات حالياً وتميزن بالتفاوت في فترة عملهن في مجال محو الأمية كما كان هناك تفاوت في حالتهن الزواجية.
-
كما تم إجراء 4 مقابلات متعمقة مع عناصر الدعم المجتمعي (العمدة، رئيس الوحدة المحلية، رئيس نادي الشباب وعضو في الشئون الاجتماعية)
-
ثلاث مقابلات مع عناصر من الهيئة أقرت المدرسات بدورهم معهن سواء بالسلب أو الإيجاب.
1) 7 مقابلات متعمقة مع أعضاء من أسر المدرسات حسب دعمهن للمدرسات سواء بالسلب أو الإيجاب (أب/ أم/ أخ/ زوج/ آخرون)
3- المجال الزمني:
استغرقت الدراسة فترة 3 شهور، من أوائل شهر فبراير حتى أواخر شهر مارس.
قدمت الدراسة صورة تفصيلية لخصائص المدرسة الديموجرافية والاقتصادية والعملية. كما تطرقت إلى وضع المدرسة على كافة المستويات – الهيئة والأسرة والمجتمع – ونظرتها لذاتها.
خصائص المدرسة الديموجرافية والاقتصادية والعملية
بلغت نسبة المدرسات العاملات في محو الأمية في القرية من حاملي المؤهلات المتوسطة أكثر من 90% من الإناث مما كان له أثر على ارتفاع نسبة الملتحقات من الإناث بالفصول، إذ أنهن يفضلن أن يتعلمن على يد مدرسة وليس مدرس. وأغلب المدرسات من الأسر المتوسطة على مستوى القرية ويقبلن العمل في محو الأمية لأنه هو المجال الوحيد المتاح في القرية ولا يوجد سواه كما أنه عمل منزلي لا يستدعى الخروج من البيت وليس به أي نوع من المخاوف على المدرسة.
ومن الملاحظ أن مدرسات محو الأمية تعاني ضعفا في القدرات التعليمية و المهارات. إذ أن أغلبهن متعلمات “تعليم متوسط” وهو تعليم فقير ولا ينمي قدرات الطلبة. كما أن التدريب المتاح لهن تدريب فقير لا ينمي من قدراتهن. ومما لا شك فيه أن لدى المدرسة شعورًا بعدم الأمان لأن عملها مرتبط بعدد الناجحين سنوياً من فصلها. علاوة على أنها لا تعرف مستقبلها المهني بعد تعليم جميع الأميين من قريتها، ومن الجدير بالذكر أنه نتيجة لتغير سياسات محو الأمية وخاصة المتعلقة بطريقة تجديد التعاقد وطريقة حساب الراتب وما إلى ذلك من سياسات ذات صلة بالهيئة، تولد شعور لدى المدرسات بعدم الأمان وعدم الثقة في الهيئة في الوقت نفسه. وكان هناك جهل مطبق لدى المدرسات بقوانين محو الأمية حتى التأمين الإجتماعي لا علم لأغلبهن به. ومع ذلك أظهرت المقابلات أن معلمات محو الأمية يبذلن جهدا فائقا في الفصل لاستيعاب الفروق الفردية بين الدارسات واختلاف أناطهن و درجة استيعابهن. ومن الملاحظات المهمة أن المدرسات لا يشعرن أنهن في احتياج إلى تدريب أو إلى معلومات إذ أنهن يحصلن على المعلومات في كثير من الأحيان من المشرف. وهي لا تقرأ للحصول على المعلومة. ومن إجمالي 30 مدرسة ذكرت واحدة فقط القراءة كمصدر للحصول على المعلومات. وأظهرت مقابلات أعضاء الهيئة والمشرفين أن أغلب المدرسات غير مبتكرات في عملهن ما عدا القلة القليلة والتي تحاول الاحتفاظ بمظهر المعلمة وهؤلاء هن الخريجات حديثًا أو اللاتي زادت فترة خبرتهن علي 5 سنوات.
وضع المدرسة
عند بدء عرضنا لوضع المدرسة نجد أنه من الأهمية بمكان التنويه إلى أن تنحى جانبًا الفكرة التقليدية عن مدرسة محو الأمية “أنها مدرسة تقدم خدمة للناس والمجتمع” لأن هذا ليس هو الوضع القائم في قرية جردو. فإذا نظرنا إلى الوضع الحالي للمدرسة في قرية جردو نخلص إلى أنه وضع يدعو للرثاء. ولا عجب في ذلك حيث يقع على عاتقها مهمة محو الأمية كاملة، فهي التي تقوم بجولات مكوكية بين الناس محاولة أن تقنعهن بالحضور لمحو الأمية. وبعدما يتم الإقناع بمجهود مضني؛ تبدأ عملية شبه يومية لتجميع الدارسات للحضور إلى الفصول في الوقت المحدد ويساعدها في تلك العملية إخوتها أو أبناؤها أو والداها. وبعد تجميع الفصل تبدأ عملية الشرح المضنية التي تتفاوت فيها مستويات الدارسات، من مبتدئة إلى متوسطة إلى متقدمة. ويجب عليها – هي بمؤهلاتها الفقيرة– أن تجذب وتتعامل مع المستويات كافة. وإذا نظرنا إلى وضع المدرسة فنجده ينقسم إلى عدة أقسام:
1- وضعها بالنسبة للدارسات: تعانى المدرسة من وضع متدنٍ لدى الكثير من الدارسات. وذلك لشعور الدارسات بالتفضل عليها، إذ أن حضورهن للفصول هو مصدر رزق للمدرسة وإذا لم يتواجدن في الفصل يتم توقيع الجزاء عليها وهن يعتبرن مجرد الحضور للفصل “مجاملة أو خدمة” يقدمنها للمدرسة. وهذه الخدمة قابلة للمنع في أي وقت؛ فإذا جرؤت المدرسة على التحدث بما لا يرضى الدارسة، يكون أسهل شيء أن تتسرب الدارسة. ومن هذا المنطلق لا مانع أن تقدم المدرسة لهن بعض الخدمات وتتدرج الخدمات من غسيل بعض الأواني للدارسة إلى عمل صينية بسبوسة لها أو المذاكرة لأولادها، ذكرت إحدى الدارسات (لو عديت على الدارسة ولقيتها بتغسل المواعين بأقولها إلبسي أنتي وأنا أشطب المواعين علشان نلحق الفصل).
2- وضعها بالنسبة للهيئة وعناصر المتابعة و التقييم: يعتبر المشرف والمتابع من أهم العناصر بالنسبة للمدرسة حيث إنها تعتمد عليها في تقديم العون لها في العملية التعليمية، وكذا في تحديد راتبها. ولكن يتضح العكس من ذلك فها مصدر الألم النفسي والمادي للمدرسة. فهما يتعاملان معها على أنها غير صادقة في الإبلاغ عن عدد الدارسين وغير جادة في تجميع الفصل. والمحصلة في أغلب الأوقات راتب هزيل أنهكته الخصومات لا يزيد على 125 جنيه ويمكن أن يحذف تماماً فلا تحصل المدرسة على شيء على الإطلاق في نهاية الشهر إذا حضر المشرف لثلاث مرات متتالية ووجد الفصل مغلقاً، ولا تعترف الهيئة هنا بأي ظروف يمكن أن تطرأ (مثل موسم الحصاد، ظروف طارئة للمدرسة…. الخ ) ويتم خصم الراتب بالكامل في هذه الحالة. وخصم الراتب بالكامل لم نسمع عنه كنوع من الخصومات في أردأ الأعمال وأقلها احترامًا لحقوق الإنسان. وقد كانت كلمة أحد مديري الهيئة معبرة تمام التعبير عن هذا الظلم: “ده أنا لو عندي خدامة لازم آجى في أخر الشهر أديها مرتب مش أخصمه كله“.
ومن وجهة نظر الهيئة أن مدرسات محو الأمية لسن مدرسات. ولعل ذلك طريقة اختيارهن، إذ أن خريجات المدارس المتوسطة هن العنصر الوحيد المتوافر وفي كثير من الأحيان لا يجتزن اختبارات القبول وتضطر الهيئة لقبولهن رغم فشلهن. أما عن ثقة الهيئة في المدرسة فهي غير متوفرة على الإطلاق ولهم العذر في ذلك لأن العمل في المنزل غير مقنن وغير مراقب ولقد ظهر في بدء العمل مع الهيئة حالات كثيرة من الخداع والغش والكذب من المدرسات أثرت بالتبعية على ثقة عناصر الهيئة في المدرسة وأدت إلى انعدام الثقة في المدرسة تماماً.
3- وضعها بالنسبة للمجتمع: تتفاوت ردود أفعال ورؤية أهالي البلدة للمدرسة. إذ أن بعضهم يعتبرونها خارجة إلى حد ما على التقاليد. إذ أنها تتجول بينهم داعية الناس لحضور الفصول بدون خجل. في حين تلاقي بعض المدرسات الاحترام من الناس يرون أنهن مدرسات على درجة من الأهمية “مدرسة محو الأمية ليها احترام أكتر” وذلك لأنهن حاصلات على مؤهل ولأنهن ساعدن بعض الدارسات على الالتحاق بالإعدادي.
4- وضعها بالنسبة لأسرتها: أما بالنسبة لأسرتها فهي بالرغم من أنها “تعمل” وذات ثقل اقتصادي في الأسرة. فإنها تمثل مصدر إرهاق للأسرة، إذ أنهم يقومون بتجميع الدارسين لها، وتتحمل الأسر أطفال الدارسات وأطفال المدرسة نفسها في فترة الحصة. وهم يشعرون بالشفقة على ابنتهم ومعاناتها حتى أن ميسوري الحال من هذه الأسر يرفضن تماماً عمل بناتهن في هذا المجال، وتعاني المدرسة في إقناعهم. وبعضهن يعملن بدون علم الأهل خوفاً من غضب الأهل عليهن.
نخلص مما سبق إلى معاناة المدرسة معاناة صامتة على المستويات كافة، في المجتمع والأسرة والهيئة والدارسات.
النظرة للذات:
تعتبر نظرة الإنسان لذاته من أكثر العوامل المؤثرة على رؤيته للآخرين وللعالم من حوله. وإذا تطرقنا إلى نظرة المدرسات لذاتهن نستطيع أن نلمح أنهن يرين في أنفسهن القدرة والقوة. وذلك يظهر في مجموعة من الآراء التي أكدن فيها أنهن مصدر النصح للجيران والأصدقاء الذين يلجأون إليهن لطلب المشورة والنصح ويلجأ إليهن الأب والأم للمشورة أيضاً. وتستمد المدرسة إحساسها بالقوة أيضا من كونها مصدرًا للدخل لأسرتها – وإن كان هذا الدخل قليلاً– ومؤشر آخر للدلالة على شعورها بالقوة والثقة بالنفس، القدرة على التملص من الإجابة عن أسئلة الدارسات الصعبة، فمع اعترافهن أن هناك بعض الأسئلة الصعبة التي يسألها الدارسات لكن لم يتعرضن لأي موقف محرج معهن وذلك لأنهن يستطعن بطرق غاية في الذكاء تسويف الإجابات أو التعلل بأي شيء لحين حضور المشرف وسؤاله عن إجابة السؤال.
ومن الأشياء التي أثارت دهشتي في نظرة المدرسة لذاتها أنها رغم ضحالة التعليم التي تلقته فإنها لا تستشعر في نفسها أي نقص في المعلومة ولم تذكر في أي وقت احتياجها للتدريب وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أنها في أشد الاحتياج للتدريب. إذ أنها “تجهل أنها تجهل” وهذا أسوأ مراحل الجهل. وهي ترى في عملها رغم كل الصعوبات التي تواجهها فيه أنه ينمى شخصيتها ويطور علاقتها مع الجيران، فهي لم تعد تلك الفتاة المنعزلة المستكينة في حدود حجرتها بمنزلها الريفي الصغير
يعتبر العمل من أهم المحددات التي ترفع من مكانة المرأة في أي مجتمع تعيش فيه. وإذ أننا في معرض حديثنا عن العمل أرى انه من الأهمية بمكان التعرف على مجالات العمل المتاحة للمدرسات. ثم يلي ذلك عرض للمعوقات التي تواجههن في العمل في مجال محو الأمية.
مجالات العمل المتاحة:
في واقع الأمر عندما تطرقنا لنقطة العمل المتاح في قرية جردو سواء للذكور أو الإناث وجدنا تباينا واضحاً في النوع. لأن الرجل يقع عليه عبء المصاريف وتأسيس المنزل ولذا لم يكن باستطاعته قبول نوعية الأعمال المتاحة للإناث لضعف الراتب و سوء ظروف العمل (خاصة في مجال محو الأمية).
وبالنظر إلى نوعية الأعمال المتاحة للفتيات ذات التعليم المتوسط وجدنا أن تلك الأعمال لا تزيد عن بعض الأعمال الإدارية والتدريس. (وذلك في حالة وجود واسطة) وهي لا تزيد عن نسبة 1%، وكذا العمل في بعض المشروعات النادرة لتربية الطيور أو فتح محل للبقالة. أما الأعمال المتاحة فعلاً فهي الوقوف في المحلات والصيدليات. وهذه النوعية لا تلاقى قبولاً لدى الأسر لتدني الأجر. وما تتعرض له الإناث من تحرشات نتيجة عملها كبائعة في محل. وطول ساعات العمل. وتلك الأعمال غير مقبولة للمتزوجات أو لفتيات الأسر ميسورة الحال. أما عن الصناعات المنزلية من كروشيه أو تريكو أو تربية الطيور فلم تلاقي إقبال من الإناث لضعف القدرة التسويقية وضعف الطلب على تلك الأشياء.
دوافع العمل في محو الأمية:
ويرجع يعتبر العمل في محو الأمية العمل الوحيد والمقبول لدى المرأة المتعلمة تعليماً متوسطاً ذلك لعدة أسباب ذكرتها الإناث وهي: أنه عمل منزلي فلا تضطر للخروج كما أنها تستطيع رعاية أطفالها وزوجها ولا يوجد تكلفة كمواصلات أو تعب، علاوة على ذلك، لا يعتبر المجتمع هذا العمل” عيب“. كما أنه لا يخضع للواسطة والمحسوبية.
المعوقات التي تواجه المدرسة في مجال محو الأمية وكيفية التغلب عليها:
في واقع الدراسة التي نحن بصددها لاحظنا أن هناك معوقات كثيرة تواجه العاملين في مجال محو الأمية وخاصة الإناث. وقسمت تلك العناصر إلى 4 مستويات رئيسية وهي معوقات على مستوى الأسرة والمجتمع، الدارسات، والهيئة والعملية التعليمية وفيها يلي عرض موضح لهما:
1 – معوقات على مستوى الأسرة
إذا نظرنا إلى دور الأسرة نستطيع أن نرى من خلاله التقاليد و العادات التي تتحكم في عمل المرأة وتناهض هذا العمل مما يؤثر على رفض الأسرة لعمل المدرسة نظراً لوجود المشرفين الذكور. أو لأن العمل مرفوض أصلاً. ومن أكثر العناصر المناهضة للعمل على مستوى الأسرة الإخوة الذكور وذلك لأنهم يعتقدون أن عمل أخواتهم شيء مهين وأنه إن عنى شيئًا فإنما يعني عدم القدرة المادية للأسرة. وتحاول المدرسة أن تقنع إخوتها الذكور وزوجها. وتنجح في إقناعهم بأهمية عملها.
2 – معوقات على مستوى الدارسات
من أكثر المعوقات التي تواجه مدرسة محو الأمية الدارسات أنفسهن. وتبدأ المشاكل معهن منذ بداية تأسيس الفصل. حيث تضطر المدرسة “للف” عليهن لكي تقنعهن بالتعلم. وبعد الالتحاق بالفصول تبدأ معهن رحلات يومية لإبلاغهن فيها عن بدء الحصة تقوم بالعبء الأكبر المدرسة أو أسرتها.
ومن الجدير بالذكر أيضاً، أن الدارسات أنفسهن لا يوجد بينهن تماثل حيث إنهن يختلفن في السن وقد سبق للبعض منهن الالتحاق بالمدرسة أو الفصول ولذا يكون مستواهن أعلى ممن لم يسبق لها الالتحاق وينبغي على المدرسة “قليلة الخبرة “أن تتغلب على التفاوت في المستويات.
من الواضح للدارسات أن المدرسة في أشد الاحتياج لهن وذلك لأن راتبها يتحدد عليهن “6 جنيهات على الرأس “ولذا لا يوجد أي مانع لديهن أن يذكرنها من حين لآخر بهذا الوضع. كما يجب أن تتكيف مواعيد المدرسة تبعاً لظروفهن.
أما عن الحصة نفسها فمن الممكن أن تكون بها كثير من الفوضى تنتج بسبب أطفال الدارسات. وعلى الزوج والأسرة تحمل ذلك وإلا سوف يكون عقاب الدارسة للمدرسة الانقطاع. ومن الملاحظات الأخرى على الدارسات أنهن لا يأتين في وقت واحد وهن كثيرات التغيب ومن تغيب عن الدرس الجديد لا تفهمه في الحصة التالية. كما أنها تكون عرضة لنسيان ما تعلمته بالفعل. وعلى المدرسة أن تعيد الشرح للمتغيبة مما يسبب مللا للدارسات المنتظمات وهن لا يرضين بهذا ولكن من الممكن بكل بساطة أن يتركن الفصل. ويأتي المشرف ولا يجدهن فيخصم للمدرسة.
3 – معوقات على مستوى المجتمع
لا يمثل المجتمع في دراستنا تلك مشكلة كبيرة للمدرسات سوى في “التريقة” على الدارسات وهن ذاهبات للفصل، وأجمعت كل المدرسات أن الأثر السلبي للمجتمع يتمثل في أنه من عوامل تسرب الدارسات لكي يتجنبن أى سخرية من الناس، وقد ذكرت أغلب المدرسات أن “بعد ما شاب ودوه الكتاب“. هي أكثر المقولات شيوعاً بين الناس وهي مقولة محبطة بالفعل للدارسات. وللتغلب على ذلك تنصح المدرسة الدارسات بترك الكتب لديها أو يخفونها في ملابسهن.
4 – معوقات على مستوى الهيئة والعملية التعليمية
أ) التعاقد
تعتبر نوعية التعاقد التي تتم مع مدرسة محو الأمية من أهم المعوقات التي تواجهها وذلك لأن التعاقد لا يمثل أي نسبة من الأمان للمدرسة ويمكن إلغاؤه في أي وقت. وقد بدأت الهيئة مؤخراً عمل تأمينات على المتعاقدات وتقوم الهيئة بدفع تلك التأمينات بحيث لا تؤثر على راتب المدرسة.
ب) تخبط السياسات وعدم وضوح الرؤية
نتيجة لتوالي إدارات مختلفة على الهيئة خلق نوعا من عدم ثبات السياسات. فتارة نجد توزيع حوافز للدارسات من شغل المشغل وتارة تتوقف. وأحياناً يكون الراتب ثابتًا وأحيانًا مرتبطًا بالحضور.
ج) التدريب
أفاد المبحوثون من المدرسات وأعضاء الهيئة أن التدريب سطحي وضعيف المستوى، كما إنه لا يراعى التباين بين المتعلمات “تعليم متوسط” أو “الجامعيات“.
د) المنهج
يعتبر المنهج من أكبر العقبات التي تواجه المدرسة إذ أن هناك تفاوتًا جليًا بين الكتاب الأول والكتاب الثاني، مما يشكل عقبة أمام الدارسات والمدرسات في آن واحد.
وصعوبة المنهج ترجع إلى أن التربويين الذين قاموا بوضعه أرادوا تفريغ منهج المرحلة الابتدائية بالكامل في 9 شهور فقط وهو أمر مستحيل. وإذا كان الكتاب الأول على درجة عالية من السهولة نجد الكتاب الثاني مصدرًا أساسيًا لتسرب الدارسات لصعوبته البالغة. وهناك بعض المحاولات لتطوير المنهج مثل ( CELL والمنهج الحر) وهي صورة مناهضة لذلك المنهج العتيق الذي لم يتم تعديله لأكثر من 10 سنوات. لكنها محاولات ما زالت في بدايتها.
ه) المتابعة
كما سبق أن ذكرت تعتبر المتابعة بالنسبة لأغلب المدرسات في البحث من أهم المعوقات إن كانت غير جيدة. لأن على أساسها يتحدد الراتب إذ أن المشرف هو الذي يحصى عدد الدارسات المترددات على المدرسة ويبنى على تقريره راتب المدرسة. كما يمثل أيضاً عامل ترغيب أو ترهيب للدارسات. وخاصة إذا كان غير متفاهم وقليل الخبرة والمرونة.
و) الراتب
يعتبر الراتب محور العمل دوما، راتب المدرسة عبارة عن مكافأة تبلغ 150 جنيهًا وبعد الاستقطاعات يصل إلى 132 جنيهًا فقط، قابلة للنقص وليس للزيادة. ومن حسن الحظ أن هذا الراتب لا يرضى مديرو الهيئة وبالفعل يعملون جاهدين لرفع الظلم عنها.
ز) الامتحانات
يعتبر امتحان محو الأمية ليس فقط عقبة أمام المدرسة ولكنه عقبة أمام محو الأمية ككل لأنه يتم على 3 مراحل. مرحلة التصنيف ومرحلة الامتحان الأولى ومرحلة الشهادة. ويعتبر حضور الدارسات الامتحان من أشق العمليات وذلك لأن أغلبهن لسن في حاجة للشهادة. وإذا علمن أن الامتحان القائم عليه عميد شرطة فهذا مدعاة لخوفهن أكثر ومن هنا تحجم أغلب الدارسات عن دخول الامتحان. وليس هذا فقط فهناك شروط الامتحان الصعبة والتي تحتم وجود شهادة ميلاد وبطاقة وما إلى ذلك ويجب أن يتم في المدرسة ثم في الهيئة.. كل ذلك كان بالفعل عائقاً أمام المدرسة والتي تعانى بالفعل من هذا الوضع وخاصة أن مصيرها متوقف على عدد الناجحين في الامتحان.
ح) فقدان الثقة
تعانى المدرسة من فقدان الثقة والشك الدائم فيها، مما يعطيها إحساسًا بعدم الراحة. ولأنها دائماً موقع شك منعت من أداء أعمال الامتحانات ودائما ما تقوم الهيئة بالتفتيش عليها أكثر من مرة خلال الأسبوع ولو لوحظ أن الفصل مغلق يتم الخصم فوراً. ولا توجد مشكلة في المتابعة الدائمة إذا كانت قائمة على الاحترام.
ط) قلة الوسائل المساندة
من خلال الزيارات التي تمت لبيوت المدرسات لوحظ عدم وجود سبورة في أكثر من بيت وبسؤال المدرسات وجدت أن السبورات قد نفدت من الهيئة ولذا لا يوجد لديهن سبورات، وكذلك بالنسبة للكشاكيل و الكراسات والأقلام. وإذا كانت وسيلة الشرح الوحيدة التي ينبغي على الهيئة توفيرها غير متاحة فكيف يمكن للمدرسة أن تعمل. أما عن الكشاكيل والأقلام فيتم تسليم دفعة واحدة منها وتضطر المدرسة لشراء مجموعة أخرى على حسابها لتغطية احتياجات الدارسين.
اتضح من الدراسة أن هناك عدة مستويات من الاحتياجات للمدرسات لدعم مكانتهن من ناحية ولزيادة مساهمتهن في محو الأمية.
1 – الاحتياجات الاقتصادية
هي العنصر الداعم الأول من وجهة نظر المدرسات ويتم ذلك من خلال:
1 – الحوافز والتي أجمعت عليها كل المدرسات وأعضاء الهيئة باستثناء أحد المديرين. وذلك لأثرها الرائع على جذب الدارسين.
2 – كما أجمعوا على أن طريقة حساب الراتب طريقة مجحفة للغاية وغير إنسانية ورأوا أنه ينبغي ألا تتم بتلك الطريقة المحبطة للمعلمة. ويجب أن يتم تثبيت المرتب عند 100 جنيه بصرف النظر عن عدد الدارسين. على أن يكون هناك حوافز تزيد على هذا الراتب للمتميزات من المدرسات بحيث لا يزيد إجمالي الراتب علي 150 جنيهًا.
3 – کما عبرت أغلب المدرسات وأعضاء الهيئة عن الحاجة إلى تدريب مهني جيد يساعد على دعم مكانة المدرسة لدى الدارسات من خلال تشغيل الدارسات مع المدرسة في بعض المشروعات عقب انتهاء التدريب المهني.
2 – الاحتياجات الاجتماعية
1 – أجمعت الدارسات على أنه يجب توعية المجتمع المحلى بأهمية محو الأمية ووجود عناصر داعمة لهن وللعملية التعليمية على مستوى القرية من شخصيات ذات حيثية لدى الناس مثل( العمدة – رئيس الوحدة المحلية – رئيس النادي – رئيس الشئون)
2 – كما كان هناك إجماع على أنه يجب أن يكون هناك نوعيات مختلفة من التكريم على كل المستويات ووافقهن على ذلك أعضاء الهيئة وأعضاء الدعم المجتمعي
3 – كما أشارت بعض المدرسات إلى أهمية وجود أنشطة اجتماعية أخرى بجانب التعليم مثل الترفيه وعمل المكتبات
3 – احتياجات من الهيئة
أجمعت المدرسات على أنه يجب على الهيئة أن تضع مجموعة من التسهيلات للمعلمة وقد أفاد أعضاء الهيئة صعوبة تنفيذ تلك المقترحات ما عدا الموضوع الخاص بتعديل المنهج لأنه بالفعل واجب تغييره ومن تلك المقترحات:
1 – عدم التقيد بعدد الدارسين
2 – زيادة مدة الدراسة علي 10 شهور
3 – تقليل مدة الحصة عن 3 ساعات
4 – تغيير المناهج خاصة الكتاب الثاني
5 – تنظيم المتابعة والإشراف وأن تكون متابعة متفهمة “متابعة رحيمة“
6 – توفير التدريب
7 – قبول الأطفال من سن 8 أو 9 سنوات في فصول محو الأمية إذا كانوا غير ملتحقين بالمدرسة النظامية
8 – تغيير طريقة الامتحان ووضع الثقة بالمدرسة لتقوم به تحت إشراف المشرف أو
الموجه وقد وافق بعض أعضاء الهيئة على ذلك
9 – زيادة الثقة في معلمة محو الأمية
10 – عمل توعية وندوات دينية للدارسات لأنها تساهم بصور مباشرة في نسبة الحضور، بالإضافة إلى توفير مكتبة
4 – الاحتياجات القانونية
أجمعت المدرسات على أنه يجب تفعيل القانون الخاص بتوقيع غرامة على الأميين. هذا بخلاف جميع عناصر الهيئة والدعم المجتمعي الذين رفضوا هذا المبدأ تماماً ورأوا أن موضوع الغرامة موضوع غير مشجع على الإطلاق.
أما أكثر شيء متعلق بالقانون أجمعت عليه المدرسات وأفراد الهيئة هو سحب كل المميزات الاجتماعية من الأمي (كاستخدام الختم ورخصة القيادة والسفر وما إلى ذلك).
بعد العرض السابق لوضع المرأة وللمعوقات التي تواجها توصى الدراسة بمجموعة من العناصر لتحسين مكانة المرأة وتقويتها، لا بهدف تمكينها فقط، ولكن بهدف جعلها دعامة حقيقية وفاعلة في مجال محو الأمية.
لكي يتم رفع المستوى التعليمي والثقافي لدى المدرسات (التمكين الثقافي) توصى الدراسة بما يلي:
– توفير التدريب الكافي لمدرسة محو الأمية ومحاولة إثراء هذا التدريب وزيادة الفترة الزمنية المخصصة له. كما يكون هناك تدريب تنشيطي مرة كل شهرين على الأقل ولا تقل مدته عن أسبوع.
– توفير تدريب صحى للمدرسات بحيث يصبح فصل محو الأمية عاملاً مساعدًا في توعية الدارسات بالأمور الصحية المختلفة.
– توفير توعية للمدرسة بقوانين العمل وكل ما يتعلق بالعملية التعليمية والحوافز والمرتبات وقواعد التأمين حتى تتعرف المدرسة على ما لها من حقوق وما عليها من واجبات.
– اختيار بعض عناصر الإشراف والتوجيه الجيدين والذين لهم احتكاك بالعملية التعليمية للمساهمة في تدريب المدرسات وأن يكون هناك مرونة في تلقى استفسارات المدرسات.
ولكي يتم تشجيع الدارسات ورفع مكانة المدرسة بينهن توصى بما يلي:
– عدم ربط مرتب مدرسة محو الأمية بحضور الدارسات، لتلافى إيحائهن بالتفضل على المدرسة
– تشجيع دارسات محو الأمية من خلال الحوافز و المشروعات الصغيرة التي تمكن المدرسة من ممارسة عملها بسهولة وبدون التقليل من شأنها.
– تشجيع دارسات محو الأمية من خلال عمل لقاءات توعية دينية وصحية.
أما على مستوى الهيئة والتي تمثل أهم عنصر للمدرسة (التمكين الإقتصادي) فتوصى الدراسة بما يلي:
– العمل على تحسين الرواتب ونظام التعاقد. ومنع خصم الراتب بالكامل كإجراء عقابي ولكن على الأكثر خصم ما لا يزيد علي 20% فقط من الراتب
– العمل على وضع أسس متكاملة للمتابعة بحيث تراعى فيها ظروف المدرسات. وتكون تلك المتابعة عاقلة ومساندة للمدرسة من خلال تقييم المعلومات الكافية لها وإرشادها إلى أحسن السبل التي يمكن من خلالها ممارسة عملها بطريقة جيدة.
– تعيين من تثبت كفاءتهن من المدرسات بعد مضى 5 سنوات من عملهن بصورة جيدة في محو الأمية على أن لا يتم هذا التعيين في الإدارة و لكن يتم تعيينهن کمدرسات محو أمية في المجتمع.
– محاولة تغيير مواعيد الفصل والاكتفاء بساعتين فقط لا ثلاث مع إطالة الفترة الزمنية من عشرة شهور إلى عام كامل وذلك في فصول الدارسات فقط.
– محاولة وضع تصنيف لدارسات محو الأمية، لكي يسهل مع هذا التصنيف تحديد مستوى الدارسات المختلف لكي تستطيع المدرسات التعامل مع كل نوع من الدارسات.
– تطوير المناهج بحيث تلائم البيئات والأهداف المختلفة للدارسات بمعنى أن يكون هناك منهج لمن يريد فقط تعلم القراءة والكتابة ومنهج لمن يريد إكمال تعليمه.
– عمل صندوق مالي لرعاية المدرسات في حالة حدوث أي ظرف لهن ويكون اشتراك المدرسات في هذا الصندوق رمزيًا. على أن تدفع الهيئة الجزء الأكبر.
– توفير الدعم المادي لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار على ألا يقتصر هذا الدعم على موازنة الدولة فقط ولكن بمساهمة رجال الأعمال والشركات.
– تشكيل لجان تقوم بعمل ما يسمى بتنمية الموارد (Raising Funds) يكون الهدف الأساسي لتلك اللجان تشجيع الشركات على التبرع لمحو الأمية. وتشجيع الهيئات المختلفة على المساهمة في مجالات محو الأمية (سواء بالدعم المادي أو المشروعات أو المنتجات المجانية والتي يتم توزيعها كحوافز).
– تفعيل القوانين المختلفة والتي من شأنها تحصيل غرامات لأن ذلك سوف يعمل على توفير دعم مادي للهيئة كما سوف يدفع الدارسات للالتحاق.
– تحسين أداء التدريب المهني وإمداده بما يستلزم من معدات وخامات. وتشجيع الدارسات بالتواجد فيه لكي يكتسبن مهارات مختلفة.
– توفير وسائل الإيضاح المختلفة من سبورات وما إلى ذلك من كتب وأقلام لمعاونة مدرسة محو الأمية.
– تفویض اللجان الإشرافية بعمل الامتحانات والثقة في كفاءة تلك اللجان على أداء هذا العمل.
على مستوى الدعم المجتمعي (التمكين الإجتماعي) توصى الدراسة بما يلي:
– تشكيل عناصر دعم مجتمعي في القرية من العمد ورؤساء المحليات وأئمة المساجد تقوم بالدعوة لمحو الأمية والذهاب للفصول مع متابعة الغياب.
– تفعيل دور المدارس ورفع مساهمتها في العملية التعليمية وتوفير الدعم اللازم لأدائها لمهمتها.
على مستوى الدور الإعلامي والثقافي توصى الدراسة بما يلى
– توفير مكتبات في فصول المدرسات لكي تساعد الدارسات على القراءة وتنشيط معلوماتهن وتكون تلك الكتب من النوعيات المفضلة لديهن من كتب دينية وكتب ثقافية وعلمية
– التزام جميع أجهزة الإعلام والتليفزيون بعمل حملات شاملة وتقوم فيها بتكريم الأميين الذين تم محو أميتهم.
– عمل إعلانات هادفة عن محو الأمية يقوم على تصميمها كبار رجال الإعلان في مصر وعمل دراسات عن رأى الناس فيها.
على مستوى الدعم الصحي توصى الدراسة بما يلي:
– توفير قوافل طبية لعلاج الدارسات وأسرهن فقط وذلك لتشجيع غير المتعلمين على الالتحاق بالفصول لنيل تلك الخدمة المجانية على أن تكون تلك القوافل متنوعة الاختصاصات وفي الوقت نفسه مجانية وتكون نصف سنوية.
– توفير توعية صحية للمدرسات إذ أنهن مصدر نقل معلومات وتوعية مهمة للدارسات
زينب محمد حافظ: مساعدة بحث بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية.
(1) هناء المرصفى وآخرون، المرأة وقضايا المجتمع، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، 2002، ص 357.
(2) نادر فرجانی، قيام المرأة عاد نهضة إنسانية في مصر، ورقة عمل مقدمة للمجلس القومي للمرأة، 2002، ص 1.
(3) عبد الباسط عبد المعطى، العولمة ومهام جديدة للأسرة العربية في التعلم “اجتماع خبراء حول العولمة والتنمية البشرية في الوطن العربي” جامعة الدول العربية، وحدة البحوث والدراسات السكانية، القاهرة، فبراير 2001.
(4) أحمد شفيق السكري: “قاموس الخدمة الاجتماعية والخدمات الاجتماعية“، ص 187.
(5) مقدمة مرشد العمل في القضايا الجندرية، مؤسسة فريدريش ابیت، عمان 2002، ص 9 -10.
(6) محمد قطب سليم: الأمية كمعوق من معوقات التنمية “بحث منشور في مجلة كلية الآداب العدد الثاني “جامعة طنطا، 1985، ص 396
(7) محمد حسن الرشيدي، صالح عبد المعطى أحمد: دليل العمل في محو الأمية، الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، مطابع أكتوبر بدون ت، ص 16
(8) إبراهيم بيومي مرعي وآخرون: تنمية المجتمعات الريفية وجهود الخدمة الاجتماعية، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1983، ص 50
(9) سعيد أحمد سليمان: دراسة تحليلية تقويمية لجهود محو الأمية في مصر منذ العشرينيات من هذا القرن حتى الآن، رسالة ماجستير غير منشورة – كلية التربية، جامعة عين شمس،1979.
(10) سحر بهجت محمد عطية: “العلاقة بين استفادة المواطنين من برامج محو الأمية وزيادة المشاركة في تنمية المجتمع المحلي“، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة حلوان، كلية الخدمة الاجتماعية، 1998.
(11) منال محمد محروس: “دراسة تحليلية لاحتياجات الدارسين بمركز محو الأمية ودور خدمة الجماعة في مواجهتها“، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان،1997.
(12) سامية خضر صالح: تغيب المرأة العاملة وأثره في الكفاية الإنتاجية، دراسة سسيولوجية في محافظة القاهرة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية البنات، جامعة عين شمس،1983.
(13) نادية عبد الجواد الجراواني: “العائد الاجتماعي لبرامج محو أمية المرأة العاملة“، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، 1999.
(14) أنعام عبد الجواد: “تنشئة الأطفال لدى المرأة العاملة وغير العاملة“، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1974، ص 169.
(15) أماني قنديل: المرأة المصرية في الجمعيات الأهلية، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة المرأة المصرية والعمل العام، رؤية مستقبلية، مرجع سبق ذكره، ص7.
(16) مصطفى حمدى أحمد – سامية عبد السميع هلال، دراسة عن المشكلة السكنية بين الأميات، المؤتمر الثاني للمرأة والبحث العلمي في جنوب مصر، محافظة أسيوط، 1998.
(17) “التعليم الفنى وتحديات القرن الحادي والعشرين” المجلة المصرية للتنمية والتخطيط. العدد الثاني – المجلد الثامن ص 204- 205.
(18) “التعليم الفنى وتحديات القرن الحادي والعشرين” المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، العدد الثاني – المجلد الثامن ص 206 -207.
(19) مقابلة مع موجه من هيئة محو الأمية
(20) الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، البيانات الإجمالية لمحافظة الفيوم، تعداد 1996.
1 أحمد شفيق السكري: “قاموس الخدمة الاجتماعية والخدمات الاجتماعية“
2 أنعام عبد الجواد: “تنشئة الأطفال لدى المرأة العاملة وغير العاملة“، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 1974.
3 أماني قنديل: المرأة المصرية في الجمعيات الأهلية، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة المرأة المصرية والعمل العام، رؤية مستقبلية، 1995.
4 إبراهيم بيومي مرعى وآخرون: تنمية المجتمعات الريفية وجهود الخدمة الاجتماعية، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1983.
5 تاريخ محو الأمية في مصر، ط 1، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996.
6 سامية خضر صالح: تغيب المرأة العاملة وأثره في الكفاية الإنتاجية، دراسة سسيولوجية في محافظة القاهرة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية البنات، جامعة عين شمس، 1983.
7 سحر بهجت محمد عطية: “العلاقة بين استفادة المواطنين من برامج محو الأمية وزيادة المشاركة في تنمية المجتمع المحلي“، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة حلوان، كلية الخدمة الاجتماعية، 1998.
8 سعيد أحمد سليمان: دراسة تحليلية تقويمية لجهود محو الأمية في مصر منذ العشرينات من هذا القرن حتى الآن، رسالة ماجستير غير منشورة – كلية التربية، جامعة عين شمس، 1979.
9 عبد الباسط عبد المعطى، العولمة ومهام جديدة للأسرة العربية في التعلم “اجتماع خبراء حول العولمة والتنمية البشرية في الوطن العربي” جامعة الدول العربية، وحدة البحوث والدراسات السكانية، القاهرة، فبراير 2001.
10 عبد الباسط محمد حسن: أصول البحث الاجتماعي، ط 12، مكتبة وهبة، القاهرة، 1998.
11 عبد الرحمن بدوى: مناهج البحث العلمي.
12 علاء الدين جاسم: محو الأمية والتنمية “بحث منشور في ندوة خبراء لدراسة كيفية الربط بين خطط وبرامج محو الأمية ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية“، الفيوم، الهيئة العامة لمحو الأمية، 1998.
13 محمد حسن الرشيدي، صالح عبد المعطى أحمد: دليل العمل في محو الأمية، الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، مطابع أكتوبر.
14 محمد قطب سليم: الأمية كمعوق من معوقات التنمية “بحث منشور في مجلة كلية الآداب العدد الثاني” جامعة طنطا، 1985.
15 محيى الدين صابر: الأمية مشكلات وحلول، بيروت، المكتبة العصرية، 1985.
16 مصطفى حمدي أحمد – سامية عبد السميع هلال، دراسة عن المشكلة السكنية بين الأميات، المؤتمر الثاني للمرأة والبحث العلمي في جنوب مصر، محافظة أسيوط، 1998.
17 منال محمد محروس: “دراسة تحليلية لاحتياجات الدارسين بمركز محو الأمية ودور خدمة الجماعة في مواجهتها“، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، 1997.
18 نادر فرجاني، قيام المرأة عاد نهضة إنسانية في مصر، ورقة عمل مقدمة للمجلس القومي للمرأة،2002.
19 نادية عبد الجواد الجراواني: “العائد الاجتماعي لبرامج محو أمية المرأة العاملة“، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، 1999.
20 نبيل محمد صادق، إبراهيم رجب: مناهج البحث الاجتماعي وتطبيقاتها في محيط الخدمة الاجتماعية، القاهرة، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، سنة 1988.
21 هناء المرصفى وآخرون، المرأة وقضايا المجتمع، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، 2002.
22 يحيى هشام: وآخرون: تعليم الكبار ومحو الأمية “الأسس النفسية والتربوية” القاهرة، عالم الكتب، 1978.