احمد السقا – منى زكي – تامر حبيب
بالطبع سيتصدر هذا الفيلم إيرادات ذلك الصيف. فالفيلم بطولة أحمد السقا فارس السينما المصرية ومنى زكي السندريلا وكتبه تامر حبيب جراح المشاعر الذي يلعب على الجانب العاطفي في تحريك الدراما، ولكن دعونا ننظر إلى هدف الفيلم وقصته بدون النظر إلى من كتبه أو أخرجه أو إلى من قام ببطولته.
يحكي الفيلم قصة شاب وفتاة نشأ معًا منذ الصغر، فهما جيران ونشأت بينهما قصة حب قوية جدًا. يظهر البطل في أول مشهد وهو طفل صغير يتكلم عن نفسه وعن إحساسه برجولته وبأنه فرض رأيه على أمه في أمر بسيط وذلك بمساعدة أبيه. وبالتالي نعرف جميعًا كمشاهدين أن ذلك الطفل سيصبح “سي السيد “عن حق، “رجل ولا كل الرجال“.
يكبر البطلان معًا، يصبح هو رجل شرط طالبة بالجامعة ولكن ليس لديها أي حرية في تقرير أي شيء في حياتها بدون الاستئذان من “راجلها” حتى في أتفه الأشياء، فهي محبوسة باستمرار، لا تخرج إلا بإذنه. من البيت للجامعة ومن الجامعة للبيت، و“كويس أوي إنها بتروح الجامعة” على حد تعبير الفيلم. جاءتها فرصة عمل جيدة أثناء الدراسة، لم يوافق عليها إلا بعد محاولات عدة من جهتها وجهة أمها وأمه.
يضيق بها الوضع، فتقرر رغم شعورها بالذنب في حق حبيبها أن تذهب مع زميلاتها إلى رحلة صيفية بالرغم من عدم موافقته عليها. يكتشف فعلتها الشنيعة فيقاطعها تمامًا. وبالتالي تواجهه هي بهذا الوضع الذي ضاق بها وبأن لها شخصية ورأيًا ولابد أن تبديهما وأن تقرر أبسط أمور حياتها، وتخبره أيضًا أن لها طموحًا تريد أن تحققه، فيصدمها قائلاً: “أنا سي السيد ومش هاتغير“، وبالتالي يقرران أن يكونا إخوة فقط لا غير.
تمر الحياة ويصبح هو رائدًا بالشرطة وتصبح هي دكتورة كبيرة في مجال البيئة، وترشحها الوزارة لرئاسة وزارة البيئة بالدولة وتشاء الأقدار أن يكلف هو بمهمة حراستها. تمر الأحداث بشكل كوميدي إلى أن يعترفا لبعضهما البعض بحبهما المتبادل، ويطالبها أن تتنازل عن الوزارة في سبيل زواجهما وبالطبع تصدم هي وترفض أن تتنازل وتتهمه بالأنانية.
ترشح هي الحضور مؤتمر وزراء البيئة العالمي في الخارج ويسافر هو معها كحارس لها، وهناك تتعرض لحادث اختطاف هي واثنان آخران من الوزراء، ولم تستطع الشرطة إنقاذهم وبالطبع يستطيع الفارس المغوار الشجاع الهمام إنقاذ الوزراء ويعرض حياته للخطر والموت في سبيل ذلك، وبالتالي تضحي هي بكل طموحاتها وأحلامها وبالوزارة في سبيل حبيبها الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذها.
ينتهي الفيلم بمشهد زواج الحبيبين وسعادتهما البالغة، ويسلم عليها الرجل الذي كان سكرتيرها الخاص بالوزارة ويقول لها: “الوزارة خسرتك.” فيرد عليه حبيبها بسخرية: “بس بيتها وجوزها كسبوها“.
خرجت من ذلك الفيلم وأنا أغلي غضبًا من الفكرة السيئة التي دست لشبابنا في إطار كوميدي ومثلها بطلان من أهم عناصر السينما في الفترة الحالية. وزادني استفزازًا أن صديقاتي اللاتي ذهبن معي أحبين الفيلم كثيرًا واقتنعن جدًا بالفكرة ومما فعلته البطلة، وعلى حد تعبير إحداهن لي: “انتي كنت عاوزاها ماتسيبش الوزارة… لا طبعًا لازم تسيبها علشان خاطر حبيبها“.
بمعنى آخر، لابد أن تتنازل المرأة عن طموحها وأحلامها وألا يتاح لها أن تبدع في مجالات الحياة في سبيل غرور زوجها الذي تحبه؟ هل ما زلنا بحاجة إلى مناقشة عمل المرأة بعد كل هذه السنين وما أثبتته المرأة في ميدان العمل من نجاح؟ إن قصة الفيلم قد قدمت البطلة كعالمة متفوقة في مجال البيئة وصل تفوقها إلى الحد الذي رشحها لرئاسة الوزارة. فهل تحرم الدولة والمجتمع من هذه العالمة ليسعد الرجل ؟ وكيف يقدم مثل هذا الرجل المغرور الأناني الذي لا يعبأ بمستقبل بلده ولا سعادة من يحب على أنه البطل المغوار؟ هل بطولة الرجل تتمثل في إنقاذ حبيبته من الخطف؟ وهل تصورنا عن السعادة هو تنازل طرف عن حرية تقرير مصيره ومستقبله واتخاذ قرارته مقابل تحكم الطرف الآخر؟ أي أفكار مسمومة تصدر إلى شبابنا؟ وكيف يسامح أحمد السقا ومنى وتامر حبيب أنفسهم على ذلك” وهي هم على اقتناع فعلي بذلك. على الأقل نعلم أن منى تعمل بل تتفوق على زوجها في العمل. ألم يحن الوقت لكي يعلم هؤلاء أنهم مسئولون عن فكر الأجيال القادمة وأن يأخذوا عملهم على محمل الجدية؟