جدوى شراكة الحكومة والمنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية في المكسيك

التصنيفات: غير مصنف

جدوى شراكة الحكومة والمنظمات غير الحكومية

في مجال الصحة الإنجابية في المكسيك

ملخص

في عام ١٩٥١ بدأت الحكومة المكسيكية وضع السياسات الخاصة بإبرام اتفاقيات مع منظمات المجتمع المدني، وهناك اهتمام في الوقت الراهن في المكسيك بعمل الحكومة والمنظمات غير الحكومية معًا. وتحلل هذه الورقة ما إذا كانت الظروف مواتية في المكسيك للشراكات الناجحة بين القطاع العام والمنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية أم لا. وقد أُجريت مقابلات مفصلة مع إخباريين أساسيين في القطاع العام على المستوى القومي ومستوى الولايات وقطاع المنظمات غير الحكومية{ المنظمات غير الحكومية هي المنظمات التي تأسست على نحو رسمي، وهي خاصة ومستقلة عن الحكومة (وإن كان من الممكن أن تتلقى من الحكومة الدعم وتحظى منها بالتعاون)، وهي لا تستهدف الربح وتحكم نفسها بنفسها (في ظل وجود هياكل داخلية لاتخاذ القرار)، ولها مضمون تطوعي (الدخل أو العمل أو الإدارة)(7 – 9) }. في ست ولايات. وقد اتضح أن الشراكات خيار لتقديم خدمات الصحة الإنجابية في المناطق الجغرافية التي لا يتلقى فيها السكان ما يكفي من الخدمات، وبالنسبة للخدمات التي لا توفرها الحكومة. ومع الاعتراف بإسهام المنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية، على المستوى القدر الى على أقل تقدير، فلا يزال هناك القليل جدًا من الهيئات العامة التي تتعاون مع المنظمات غير الحكومية، وغالبًا ما تقتصر الإتفاقيات على التمويل قصير المدى للمشروعات. وسوف يتوقف مستقبل المنظمات غير الحكومية في المكسيك – إلى حد كبير على القدرة على الحصول على التمويل من داخل البلد. وتحتاج الحكومة إلى آليات أكثر فاعلية لتوليد الموارد للرعاية الصحية. ولا بد أن تعترف الحكومة بإسهام المنظمات غير الحكومية المحدد، بما في ذلك مدخلات رأس المال الاجتماعي وخلق شبكات المجتمع المحلي، ولا بد أن تشارك في اتخاذ القرار على نحو أكثر إنصافًا مع المنظمات غير الحكومية كي يتحقق النجاح للشراكات.

The Feasibility of Government Partnerships with NGOs In the Reproductive Health Field In Mexico. Nov. 2004, 12(24).

Jesica Gómez-Jauregui

جميع الحقوق محفوظة لمجلة قضايا الصحة الإنجابية ٢٠٠٥

لقد أدى عجز القطاعين العام والخاص عن تقديم خدمات الرعاية الصحية المناسبة إلى مشاركة قطاعات أخرى، منها المجتمع المدني. وقد اعترفت القطاعات الثلاثة بأن العمل بشكل منفصل يؤدي إلى ازدواج الجهود، والفشل في تحقيق الأهداف المرجوة، ولقيت فكرة الشراكة في توفير الخدمات العامة، بما في ذلك الرعاية الصحية، قبولاً في عدد من الدول. ومع ذلك، فقد ظهرت بعض المشكلات في تجربة العمل التعاوني بالرغم من النجاح الكبير الذي تحقق (١ – 3).

وتحدث الشراكة عندما يعمل كيانان أو أكثر لتحقيق هدف مشترك ويتفقان. أو يتفقون على تقاسم الجهود والفوائد(1 – 4). ويشير وجود منظمات المجتمع المدني إلى أن المواطنين يقومون بدور إيجابي في إنتاج المنافع والخدمات العامة التي لها آثار مباشرة عليهم(1)، والغرض من التعاون بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني هو تعزيز مؤسسات الدولة وخلق مناخ يكون فيه التعهد المدني ممكنًا. والأهداف الأساسية للشراكة بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني هي تحقيق كفاءة أكبر، وتقليل ازدواج الخدمات، والوصول إلى أنظمة اقتصادية متوازنة، وخلق التعهد المدني ومشاركة المجتمع في حل المشكلات، وتعزيز القدرة المؤسسية بصورة شاملة (2، 3، 5).

تعدد أشكال التعاون بين القطاع العام ومنظمات المجتمع المدني، كالمنظمات غير الحكومية. وقد يشمل ذلك الاتفاقيات غير الرسمية لتبادل المعلومات أو المشاركة في أنشطة بعينها أو التدريب أو المهارات، أو الاتفاقيات التعاقدية الرسمية التي يسهم فيها كل طرف بالموارد ويتولى مسئوليات معينة. وقد تشمل الأشكال الأخرى تقييم أحد الطرفين للآخر أو الإشراف عليه (31 – 6).

أكد برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية على ضرورة قيام مشاركة فعالة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية للمساعدة في صياغة أنشطة السكان والتنمية وتنفيذها ومراقبتها وتقييمها. إلا أنه جاء في تحليل ميداني لصندوق السكان التابع للأمم المتحدة في العام نفسه أن ٤٩ دولة من بين ١١٤ دولة أفادت عن اتخاذ إجراءات مهمة لتشجيع مشاركة المنظمات غير الحكومية في تنفيذ السياسات والبرامج(10). وفي ذلك العام أيضًا، عُقد اجتماع لمائتين من ممثلي المنظمات غير الحكومية التي تدعو إلى حقوق النساء والحقوق الصحية لتقييم منجزاتها(11). وجرى في ذلك الاجتماع تعريف الشراكةبأنها ارتباط، وتعاون يشترط الأهداف المشتركة والاحترام المتبادل، وفتح الطريق للوصول إلى المعلومات وعمليات اتخاذ القرار، ومحاسبة الأطراف من دوائرها“. وقد نصت مسودة الوثيقة على أن التعاون لا بد أن يؤكد نشاط الحكومة ولا يتولى عنها مسئولياتها، لضمان تقديم الرعاية الصحية المناسبة“. كما ناشدت الوثيقة “… الحكومات والهيئات الدولية والمالية تقديم الدعم بالتمويل طويل المدى لتعزيز قدرات المنظمات النسائية وقدرتها على المشاركة، بطريقة فعالة، في اتخاذ القرارات الحكومية وفى تنفيذ البرامج وتقييمها(6، 11).

وفي هذا المقال، تُعرف الشراكة في الصحة الإنجابية بأنها اتفاق رسمي بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية لتحقيق أهداف مشتركة لخلق القيم الاجتماعية وتنفيذ الأهداف التي وُضعت وفقًا لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، والمقصود أن يؤدي هذا التعاون إلى تحسين أداء الأطراف الفاعلة المشاركة، ويفترض وجود ظروف التعاون الناجح والمستدام. فهل هذا هو الحال باستمرار؟ وما هي الخبرة في المجال الصحي؟ وما هي العوامل التي أثرت على استدامة الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟

يؤكد هوجوود وجن(12) على أهمية التوقيت الصحيح لإدخال قضية ما ضمن الأجندة السياسية والقدرة على وضع سياسات قابلة للتنفيذ لعلاج تلك القضية. والآن في المكسيك، يهتم القطاع العام والمنظمات غير الحكومية بالعمل معًا، وهناك فرصة متاحة لاقتراح شراكة بين الطرفين. ولهذا؛ فإن من المناسب تحليل ما إذا كانت الظروف القائمة في المكسيك مواتية لتنفيذ الشراكة الناجحة والمستدامة بين القطاع العام والمنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية.

هناك خلاف حول مزايا وعيوب التعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية في مجال الصحة. وطبقًا لما قاله رايك، فإن المعضلة الأساسية التي تواجهها تلك الشراكة هي كيفية النجاح في تحسين صحة أكثر الناس فقرًا في الدول النامية، مع ضمان المحاسبية من غير تضحية بالتأثير والإبداع والروح التطوعية والقدرة التنظيمية في الوقت نفسه. ولا تعتمد الاتفاقيات بين القطاعين العام والخاص على حسن نوايا الأطراف المشاركة في إنتاج شيء ما، بل كذلك على قدرة تلك الأطراف على معالجة التفاعل التنظيمي(4). ويقول نولاند فورمان (۱۳) إن مشكلات التعاون الرئيسية في نيوزيلندا هي فقدان المنظمات غير الحكومية لاستقلالها، وتضاؤل الثقة والشفافية داخل العلاقة. إلا أنه يشير من ناحية إلى حدوث زيادة في جودة عمل بعض المنظمات غير الحكومية وكفاءته، ويذكر أن هناك دورًا متزايدًا في عالم المنظمات غير الحكومية في توفير الخدمات الاجتماعية.

وبناءً على ما ذكرته مصادر البنك الدولي فإن المنظمات التي تخدم الأفراد والمجتمعات المحلية على نحو مباشر من بين أكثر المنظمات غير الحكومية ديناميكية في قطاعات مثل الصحة والتعليم والقروض الصغيرة. ونجد في الدول النامية أن معظم المنظمات غير الحكومية صغيرة وتعمل في المجتمعات المحلية التي تكون فيها قدرة الحكومة على التدخل محدودة أو لا وجود لها(١٤). ويقول سميث إن الحكومات المهتمة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية تبحث عن تلك المنظمات التي تتمتع بالخبرة المحلية والقدرة التنظيمية. إلا أنه عندما ترغب الحكومة في تكرار المشروعات الناجحة لإحدى المنظمات غير الحكومية على نطاق أكبر بكثير، فإن احتمال الفشل قد جرى توثيقه(7).

لقد تم توثيق خبرة التعاقدات بين القطاع العام والمنظمات غير الحكومية لتوفير الرعاية الصحية الأولية في عدد من دول أمريكا اللاتينية مثل كوستاريكا وكولومبيا وجواتيمالا وبيرو وجمهورية الدومنيكان. وكان العنصر الأساسي الذي دفع تلك الحكومات إلى التعاون مع المنظمات غير الحكومية هو زيادة التغطية وتحسين نوعية الرعاية(۱٥). وبالنسبة للمنظمات غير الحكومية، جعل ذلك التعاون الاستدامة المالية في تنفيذ مهمتها الاجتماعية ممكنة. ومع هذا فهي تعترف كذلك باحتمال فقدان استقلالها وهويتها. وبناءً على الخبرة في تلك الدول الخمس، يؤكد إبرامسون على خمس قضايا لا بد أن يأخذها في اعتباره مشتري الخدمات ومن يوفرها قبل إبرام الاتفاقيات التعاقدية:

  • رغبة الطرفين في إقامة علاقات تعاقدية.

  • السيناريو السياسي والإطار القانوني.

  • مستوى التطور التنظيمي والمؤسسي الذي يحتاجه الطرفان كي ينجحا في وظائفهما الجديدة.

  • مستوى تعقيد التعاقد.

  • مستوى المخاطرة المتضَّمن بالنسبة لكلا الجانبين (١٥).

لا تزال هناك حالات تغذي فيها الاختلافات الأيديولوجية والتنافس المؤسسي عدم الثقة المتبادل(16). وطبقًا لما يقوله هيريرا، فإنه لا بد من أخذ التوازن العادل فيما يسهم به كل فاعل، كالحق في الحصول على المعلومات والموارد وعملية اتخاذ القرار، في الحسبان. ولا بد كذلك من احترام استقلال كل منظمة واستخدام آليات رسمية للمحاسبية التي تضمن استدامة التعهدات(6).

وتعد القيود المالية والنفوذ غير المتساوي وغياب المحاسبية أكثر ثلاث مشاكل شيوعًا تنشأ في الشراكة بين المنظمات غير الحكومية والحكومة. والغالبية العظمى من المنظمات غير الحكومية التي توفر الخدمات تابعة من الناحية المالية، وربما يؤدي ذلك إلى التنافس على الموارد الحكومية فيما بين المنظمات غير الحكومية(5). وقد يدفع التنافس على الموارد المنظمات غير الحكومية إلى التضحية بأهدافها ومبادئها، وقد يولد توترًا في علاقتها مع الحكومة التي يمكن أن تستغل بدورها الحصول على الموارد لتفرض سيطرتها على المنظمة غير الحكومية التي تحتاجها.

وفيما يتعلق بالمحاسبية، تشير التجربة إلى أهمية بناءً الشراكة وفقًا لتعاقدات رسمية تقوم على قواعد متفق عليها وإجراءات واضحة (١٧)، وهو ما يخلق الأساس للاحترام المتبادل والمساواة، وتسهم بالتالي في استدامة الشراكة (۱۸). والتحدي الذي يواجهه ذلك هو ضمان المحاسبية بدون التضحية باستقلال المنظمات غير الحكومية (١٩).

مؤشرات الصحة الإنجابية ومواردها

تواجه الحكومة في المكسيك مشكلتين كبيرتين. المشكلة الأولى هي تخفيض الإنفاق على الصحة في السنوات العشر الأخيرة، وهي تقل عن العديد من الدول متوسطة الدخل في أمريكا اللاتينية. ففي الفترة من ١٩٩٤ إلى ۱۹۹۷ انخفض الإنفاق على الصحة من ٦، ٥ إلى ٥، ٦% من إجمالي الدخل القومي. وكانت الأرقام المقابلة للعام ۱۹۹۷ في أمريكا اللاتينية هي 6.1% في شيلي، و٩، ٣% في كولومبيا، و٨، ٧% في كوستاريكا، و۸٫۲% في الأرجنتين، و6.5% في البرازيل(٢). وأثَّر خفض الإنفاق على الصحة كذلك على مستوى الموارد المتاحة لبرامج الصحة الإنجابية، والتي انخفضت بنسبة ٣٣% فيما بين ۱۹۹۳ و۱۹۹٦ (۲۱). أما المشكلة الثانية فمترتبة على الأولى: ذلك أنه بالرغم مما قاله المسئولون في قطاع الصحة عن اعتبارهم تحسين الصحة الإنجابية أمرًا ذا أولوية قصوى فما زالت مؤشرات سرطان عنق الرحم ومعدل وفيات الأمهات في المكسيك أسوأ من الدول متوسطة الدخل في أمريكا اللاتينية. فرغم انخفاض معدلات سرطان الرحم انخفاضًا طفيفًا فيما بين عامي ۱۹۹5 و۲۰۰۰ من 21.6 من كل مئة ألف امرأة تزيد أعمارهن عن ٢٥ سنة إلى 19.2(22) فإن الأرقام المقابلة هي 9.9 في كوستاريكا، و10.9 في كولومبيا، و٤، ٨ في الأرجنتين (۳۳). ورغم انخفاض معدلات وفيات الأمهات في المكسيك في العقد الماضي، فقد كانت ٥٥ من بين كل مئة ألف ولادة في عام ۱۹۹۹، مقابل ۲۹ في كوستاريكا(٢٤).

قد يساعد التعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية في الرعاية الصحية الإنجابية على معالجة بعض تلك المشكلات بتوليد الاستخدام الفعال للموارد واستغلال تجربة المنظمات غير الحكومية في هذا المجال. ومع ذلك فإن النتائج المتناقضة عند تجربة ذلك في بلدان أخرى تبرِّر أن نشرع في تحليل ما إذا كان من المرجح أن تيسر الظروف في المكسيك التعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية في الرعاية الصحية الإنجابية أم تقيده.

منهج البحث

تحلل هذه الورقة، القائمة على الدراسة الكيفية، ما إذا كانت الظروف مواتية أم لا في المكسيك لقيام الشراكة الناجحة والمستدامة بين القطاع العام والمنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية. وقد أجريت مقابلات متعمقة مع الإخباريين الأساسيين في قطاع الصحة العامة والمنظمات غير الحكومية في ولايات المكسيك الست في الفترة من فبراير إلى أبريل من عام ۲۰۰۳. وكخطوة أولى، أُجرى مسح لإحدى وعشرين منظمة غير حكومية تعمل في مجال الصحة الإنجابية، وذلك عن طريق الاتصال التليفوني والبريد الإلكتروني. وقد انتُقيت الست منظمات التي اختيرت لهذه الدراسة (انظر الجدول 1) على أساس الموقع وسنة التأسيس، ومجالات العمل الأساسية، والتعاون السابق مع الحكومة والمشاركة في الشبكات { أنشئ الاتحاد المكسيكى للجمعيات الخاصة ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية في سبعينيات القرن العشرين، وأنشئ مركز دعم النساء في الثمانينيات، وأنشئ المركز الإقيلمى للتعليم والتنظيم ومركز البحث ودعم النساء في التسعينيات، وأنشئت منظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية في عام ۲۰۰۰. ومع أنها جميعًا لها أنشطة في الصحة الإنجابية، فإن بعضها ينفذ انشطة أخرى كذلك. فالاتحاد المكسيكي للجمعيات الخاصة والمركز الإقليمي للتعليم والتنظيم يعملان في قضايا التنمية العامة، ويركز مركز دعم النساء ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية ومركز البحث ودعم النساء على قضايا المرأة على نحو أكثر اتساعًا، بينما تعمل منظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية في الغالب على توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وموقع الاتحاد المكسيكى للجمعيات الخاصة في الشمال، فيما يقع مركز دعم النساء ومركز البحث ودعم النساء ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية في الوسط، ويقع المركز الإقليمى للتعليم والتنظيم ومنظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية في الجنوب، وقد تعاون مركز دعم النساء مع الحكومة على المستوى المحلي، وتعاون مركز البحث ودعم النساء ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية والمركز الإقليمي للتعليم والتنظيم والاتحاد المكسيكي للجمعيات الخاصة على المستوين المحلي والوطني، ولم تتعاون منظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية مع الحكومة}. واختير الإخباريون الأساسيون من القطاع العام على المستوى المحلي في الولايات التي تقع بها المنظمات غير الحكومية المشاركة في البحث. وبسبب قيود الموارد لم يكن بالإمكان انتقاء عينة أكبر من المنظمات غير الحكومية أو الإخباريين الأساسيين من القطاع العام.

جدول رقم 1

أنشطة المنظمات غير الحكومية المشاركة في الدراسة

الولاية

المنظمة

مجال النشاط

يراكروس

المركز الإقليمي للتعليم والتنظيم

النوع الاجتماعي والصحة والإيكولوجيا الزراعية وتعليم المواطنة.

مورليس

التبادل والتنمية البشرية

في أمريكا اللاتينية

نشر المعلومات عن قضايا النساء، والرعاية الطبية للجمهور العام، ومقترحات لسياسة الصحة العامة وتحليلها، وبرنامج للشباب.

كولما

مركز دعم النساء

دعم النساء اللائي يتعرضن للعنف الأسري وتقديم المشورة لهن، وتنظيم ورش عمل عن الصحة الجنسية والإنجابية.

تشواوا

الاتحاد المكسيكي

للجمعيات الخاصة

الرعاية الصحية، وبرامج الخدمات المجتمعية وبرامج الإيكولوجيا، وبرامج التنمية الاقتصادية. وهناك كذلك شبكة من ٤٤ منظمة على المستوى الوطني تنفذ في المقام الأول أنشطة التنمية الاجتماعية وتنمية المجتمع.

يوكاتان

الخدمات الإنسانية

للصحة الجنسية

والإنجابية

مجموعة موسعة من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للجمهور العام، وتشمل عمليات الإجهاض القانوني، وضمان الوصول إلى أكثر القطاعات فقرًا.

خاليسكو

مركز البحث ودعم النساء

نشر المعلومات عن الحقوق الجنسية والإنجابية بين النساء العاملات بهيئات الدولة ومعالجة العنف الأسري والرؤى النوعية الخاصة بالقضايا العامة.

على المستوى المحلي، شمل من أُجريت معهم المقابلات عاملين في مكتب الصحة الإنجابية بوزارة الصحة في ولاياتي يوكاتان وتشيواوا والمدير العام للتنسيق والإشراف في ولاية موريلوس. وعلى المستوى الفدرالي، المدير العام للصحة الإنجابية، ومدير تنظيم الأسرة، ومنسق برامج النساء والصحة.

وكانت المقابلات بموافقة الإخباريين، وكانت السرية مضمونة في حال طلبها. وقد اتفقت المنظمات جميعها بشكل رسمي على توفير المعلومات والمشاركة في الدراسة بعد تلقي المعلومات المفصلة بشأن أهداف الدراسة ودوافعها، ومصادر التمويل، وإستراتيجيات نشر النتائج. وجرت مراجعة الوثائق الداخلية للمنظمات غير الحكومية والوثائق الحكومية، وتقارير الأنشطة، والأُطر القانونية. كما حُلّلت المعلومات المستقاة من الوثائق والدراسات التي سبق نشرها من خلال تحليل المضمون. وحُللت المقابلات تحليلاً منهجيًا باستخدام التكنيكات النظرية المعتمدة(٢٥) بدعم من برامج الكمبيوتر المتخصصة للتحليل الكيفي.

في الوقت الراهن هناك 1051 جمعية مدنية تمارس أنشطة تتصل بالصحة مسجَّلة في المركز المكسيكي للجمعيات الخيرية (٢٦). وينفذ حوالي خمس ذلك العدد أنشطة تتعلق بالصحة الإنجابية، كالتثقيف الجنسي والصحة الوقائية ورعاية ما قبل الولادة ودعم ضحايا العنف الأسري والعنف الجنسي، والعمل الخاص بالإيدز، والدفاع عن الحقوق الجنسية والإنجابية. ومعظم المنظمات غير الحكومية صغير وموارده وبنيته التحتية محدودة. ولا يمكن لتلك المنظمات أن تكون بديلاً عن الدولة في توفير خدمات الرعاية الصحية.

المشكلة الرئيسية التي تواجهها تلك المنظمات غير الحكومية هي نقص الموارد. فالهيئات الدولية التي كانت السند المالي الأساسي للمنظمات غير الحكومية منذ الثمانينيات تعتقد أن المكسيك أكثر نموًا، وأن دعمها المالي لم يعد ضروريًا. وقد جعل هذا الخفض في الموارد مستقبل المنظمات غير الحكومية في خطر(27)، وخاصة تلك التي تعمل مع السكان أنفسهم الذين يتعامل معهم القطاع العام، الأمر الذي يهدر الموارد المحدودة. وتعمل المنظمات غير الحكومية الأخرى مع السكان الذين لا يمكنهم الحصول على الخدمات العامة، أو تلك التي تعمل في أنشطة تعالجها الحكومة بطريقة غير فعالة. ومع ذلك فمن المستحيل أن تعوّض المنظمات غير الحكومية فشل القطاع العام: فهي تكافح من أجل البقاء من الناحية المالية (6، 28).

ومنذ انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة، جرى تنفيذ عدد محدود من اتفاقيات التعاون بين المنظمات غير الحكومية والعديد من مستويات الحكومة في المكسيك. وفى عام ١٩٩٥ بدأت الحكومة الفدرالية بحث إمكانية إبرام اتفاقيات تعاقدية مع المنظمات الاجتماعية. وتؤكد الخطة القومية للتنمية ۱۹۹5 – ۲۰۰۰ على أن الإطار القانوني ليس كافيًا لتطوير مبادرات المجتمع المدني المنظم والمستقل وأهدافه. وتعتبر الحكومة الفدرالية أنه من المهم إلى حد كبير تعزيز وضع إطار تنظيمي جديد يعترف بالأنشطة الاجتماعية والمدنية والإنسانية للمنظمات المدنية ويشجعها(29).

وأثناء فترة رئاسة إرنستو سيديو (١٩٩٤ – ٢٠٠٠) دُعيت المنظمات غير الحكومية للمشاركة في اللجان المسئولة عن وضع سياسات صحية محددة، بما في ذلك الصحة الإنجابية. وقد قامت المجموعة المشتركة للهيئات العاملة في مجال الصحة الإنجابية بتصميم برنامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ١٩٩٥ – ٢٠٠٠، وقد ضمت تلك المجموعة ممثلين لوزارات الصحة والدفاع والتعليم وممثلين لمختلف جهات الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية، وكذلك الكثير من المنظمات غير الحكومية وشبكات المنظمات غير الحكومية، بما فيها تلك التي تعمل في مجال تنظيم الأسرة، واتحاد الجمعيات الصحية الخاصة، وجماعات الدفاع الخاصة بتعليم الشئون الجنسية للمراهقين، والاختيار الإنجابي، والأمومة الآمنة(24). وهناك مكتب مشترك مماثل يضم ممثلين لمختلف الهيئات على مستوى الولايات؛ حيث يعد حلقة الوصل بين المستويات الفدرالية والمحلية.

كذلك تدعم حكومة فيسنت فوكس (2001 -…) – أول حكومة يشكلها حزب معارض منذ أكثر من ٧٠ عامًا – التعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في تنفيذ السياسات الاجتماعية والصحية، ولكن من زاوية مختلفة. وهكذا تشير خطة التنمية القومية (۲۰۰۱ – ٢٠٠٦) إلى أنه لتشجيع الثروة الاجتماعية في المكسيك، فإن سياسة التنمية الاجتماعية والبشريةتقترح الإجراءات والبرامج التي تقلل من وجود الدولة في المجالات التي يمكن أن تقدم فيها المنظمات غير الحكومية إسهامًا فعالاً…” (30)

كذلك ساعد تعيين خوليو فرنك وزيرًا للصحة في إشراك المجتمع المدني في اتخاذ القرار في مجال الصحة. والواقع أن البرنامج الذي يُعطي أولوية كبيرة في وزارة فرنك هو برنامج صحة النساء الذي يقترح إنشاء الاتحاد القومي لصحة النساء الذي يمكن أن تشترك في إطاره القطاعات المختلفة، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني في وضع سياسات صحة النساء وتنفيذها. وكانت المبادرة الأخرى التي قدمتها وزارة الصحة للتعاون مع المنظمات غير الحكومية هي برنامج صحة المجتمع. وقد طُلب من المنظمات غير الحكومية في الحالتين تقديم مشروعات للتمويل. وتتشابه العلاقات التعاقدية في تلك الحالات تشابهًا كبيرًا مع تلك العلاقات التي قامت بين المنظمات غير الحكومية وهيئات التمويل الدولية؛ ذلك أن لجنة مشتركة من القطاعات المختلفة تختار المشروعات التي يجري تمويلها، ثم يقيم عمل المنظمات غير الحكومية الممولة تقييمًا دوريًا. ويتمثل شكل آخر للتعاون في قيام المنظمات غير الحكومية بتدريب العاملين بالقطاع العام على قضايا الصحة الإنجابية والرؤية النوعية(31).

في عام ١٩٩٥، أنشئ معهد التنمية الاجتماعية في وزارة التنمية الاجتماعية خصيصًا لإقامة الصلات بين مستويات الحكومة المختلفة والمنظمات غير الحكومية من أجل دعم برامج المنظمات غير الحكومية لمقاومة الفقر. وتلك هي الجهة الوحيدة في القطاع العام التي أسست علاقة بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية. ورغم ذلك وكما هو الحال بالنسبة لترتيبات وزارة الصحة التعاونية فإن الاتفاقيات التي أُبرمت قصيرة المدى في أغلبها: أي أن مدتها عام واحد أو عامان.

الوضع الضريبي لمنظمات المجتمع المدني

اعترف قانون الضرائب الذي أُقر في عام ۱۹۹۱ واللوائح الأخرى التي وُضعت في عام ١٩٩٣، في أعقاب مبادرة ائتلاف المنظمات غير الحكومية، بمنظمات المجتمع المدني باعتبارها منظمات لا تستهدف الربح وشجع توسيع القطاع الذي لا يستهدف الربح من خلال الإعفاءات الضريبية.(22، 23) وهناك شكلان شائعان في المكسيك للوضع القانوني للمنظمات الاجتماعية: فهناك الجمعية المدنيةومؤسسة المساعدة الخاصة“. والجمعيات المدنية لا تستهدف الربح في المقام الأول، ويختلف وضعها المالي بناءً على أنشطتها. أما مؤسسات المساعدة الخاصة فجماعات خيرية تقدم الخدمات. وطبقًا لقانون الضرائب، فإن النوعين يمكنهما التقدم بطلب للحصول على وضع الإعفاء الضريبي وإصدار إيصالات قابلة لخصم الضرائب، ما دامت مخصصة لأغراض خيرية، أو للثقافة، أو للحفاظ على البيئة، أو للتعليم، أو للأنشطة العلمية والتكنولوجية. ومع ذلك فإن عملية التقدم بالطلبات معقدة، وأدت إلى إعاقة عدد من المنظمات التي اكتسبت هذا الوضع، وفي الوقت الراهن نجد أن ٤٣% فقط من المنظمات الخيرية تحظى بوضع الإعفاء من الضرائب. كما أن بعض الأنشطة مثل تعزيز حقوق الإنسان وتنمية المجتمع ليست مؤهلة للحصول على الإعانات الضريبية(٣٤).

التعاون على مستوى الولاية والمستوى المحلي

حدد إيريرا أربعة أنواع أساسية للتعاون في المكسيك:

  • نجاح المنظمات غير الحكومية في ممارسة ضغط سياسي للتأثير في السياسة أو البرامج، وهو ما يعد خطوة في سبيل الحوار وإن لم يكن تعاونًا بالمعنى الدقيق للكلمة.

  • انخراط المنظمات غير الحكومية في البرامج والمبادرات الحكومية، مثل المستشارين الذين يقومون بالتدريب أو التقييم، أو حشد التأييد للسياسات، أو إعداد المقترحات.

  • الدعم الحكومي للأنشطة التي كانت تنفذها المنظمات غير الحكومية فيما مضى في غياب السياسات العامة المناسبة.

  • التعاون المشترك حيثما يبرم الطرفان اتفاقية رسمية للقيام بأنشطة مشتركة، هو أقرب ما يكون إلى الشراكة(6).

يرى إخباريو المنظمات غير الحكومية الذين أُجريت معهم المقابلات أن الشراكة مع الحكومة هي السبيل إلى توفير الاستمرارية لعملهم، وقد دخلت الكثير من منظماتهم غير الحكومية في تلك الشراكات. ومع ذلك فقد كان الاهتمام بالتعاون فيما بين الطرفين وتجربته مختلفين في الولايات الست التي تقع بها المنظمات غير الحكومية التي أُجريت معها المقابلات.

وفي عام ١٩٩٤ أقر الكونجرس المحلي لولاية كوليما برنامج تخطيط للولاية ينص على أن “…. يحدد القانون الإجراءات لتشجيع وضمان المشاركة الجماعية والديمقراطية لمختلف الجماعات الاجتماعيةفي وضع خطة تنمية الولاية“. ومما يؤسف له أن مبادرة أخرى، هي قانون تشجيع الهيئات المدنية الذي كان سيضمن التمويل العام للمنظمات غير الحكومية، لم يوافق عليه (٣٥).

في ولاية موريلوس، وفى عهد إدارة سابقة لها، جرى تعاقد مع معمل خاص لتحليل مسحات عنق الرحم. وتنخرط الإدارة الحالية في مجموعة أكثر اتساعًا من أشكال التعاون مع المنظمات غير الحكومية تتراوح بين برنامج المنح التعليمية للشباب والكبار وإنشاء مركز الدعم تنمية النساء، ويشمل ذلك ۲۷ منظمة غير حكومية. وتشارك المنظمات غير الحكومية حاليًا في مجموعة الصحة الإنجابية التي تضم هيئات الولاية المختلفة، وهناك كذلك تعاون يجري حاليًا بين المنظمات غير الحكومية للدفاع، ووضع السياسات فيما يتعلق بمنع العنف الأسرى ودعم ضحاياه، ولجنة تشجيع الأمومة الآمنة. وأخيرًا، فإن هناك كذلك بعض الاتفاقيات، غير الرسمية في معظمها، مع منظمات بعينها: فقد تعاونت منظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية وعيادات الرعاية الصحية الأولية العامة في مجال الكشف عن سرطان عنق الرحم، ونسقت منظمتان غير حكوميتين أخريان جهود توفير التدريب وأماكن الإقامة للقابلات في بلدة تيصوستلان(٣٦).

وفى يوكاتان تشير خطة تنمية الولايات للفترة 2001 – 2007 (37) إلى أن أحد أهدافها الرئيسية في إطار المساعدة الاجتماعية هو تعزيز جهود التنسيق مع المنظمات غير الحكومية للعمل على نحو مشترك وتحاشى الازدواج“. وفيما يتعلق بالصحة، تعبِّر الخطة عن اهتمامها بـ مشاركة المواطنين في هيئات اتخاذ القرار ضمن جهاز الصحة المحليوتنفيذ البرامج والأنشطة بالتنسيق مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المختلفة لإفادة صحة الشباب، وتشارك المنظمات غير الحكومية كذلك في مجموعة الصحة الإنجابية المشتركة على المستوى المحلى.

في ولاية تشيواوا، يضم المجلس التنفيذي لمعهد النساء ممثلين للمنظمات غير الحكومية، ولدى حكومة الولاية قائمة تضم ٦١٤ منظمة تعمل في مجال القضايا الاجتماعية في الولاية، من بينها الاتحاد المكسيكي للجمعيات الخاصة (۳۸). وتدعو الخطة الصحية للولاية للفترة ۱۹۹۹۲۰۰٤ إلى مشاركة المنظمات المحلية في تعزيز الصحة، ولكنها لا تنص على محتوى تلك المشاركة. وأحد الحلول المقترحة لمشكلة التغطية في برنامج الكشف عن سرطان عنق الرحم هو التعاقد مع الموردين الخاصين لإجراء المسحات (۳۹).

في ولاية بيراكروس، هناك عدد كبير من المنظمات غير الحكومية المسجلة، ولكن هناك القليل من الأنشطة التعاونية الفعلية المدرجة ضمن خطة تنمية الولايةأو تتضمنها التقارير الحكومية السنوية“. وقد وُضع تنسيق برامج التنمية البشرية والاجتماعيةفي عام ٢٠٠٠ لتشجيع وتقوية الصلة بين المستويات الحكومية المختلفة، والقطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات غير الحكومية والدولية، التي تتعهد جميعها بخفض مستويات الفقر“. وفي برنامج البلديات الصحية، هناك ذكر كذلك لمشاركة المنظمات غير الحكومية السلطات الحكومية في تشجيع الأنشطة الصحية (٤٠). ومع ذلك، فإن وثائق تلك البرامج كلها لا تتحدث إلا عن دعم الحكومة لعمل المنظمات غير الحكومية وليس عن الشراكة.

وتتشابه ولاية خاليسكو مع ولاية بيراكروس. فدليل الحكومة المحلية لمنظمة المجتمع المدني يضم حاليًا ۲٦٢٨ منظمة. وفي عام ۲۰۰۲ قدمت الحكومة نصائح بشأن التنمية البشرية لتسع وستين منظمة غير حكومية. ويقدم معهد خاليسكو للمساعدة الاجتماعية دورات تدريبية لمديري المنظمات غير الحكومية في موضوعات مثل القانون والمحاسبية والإدارة المالية للمنظمات غير الحكومية، وكذلك مصادر التمويل وعمل مجالس الأمناء. وفى عام ۲۰٠١ قدمت الحكومة للمنظمات غير الحكومية ما تزيد قيمته على ۲۰۰ ألف دولار أمريكي في مجال البنية التحتية والمعدات(41).

ما يدركه حاليًا المسئولون الحكوميون الذين أُجريت معهم المقابلات هو أن للمنظمات غير الحكومية دورًا مهمًا تقوم به في مراقبة برنامج الصحة الإنجابية الوطنية. وعلى سبيل المثال، يعترف المدير العام للصحة الإنجابية ومنسق برنامج النساء والصحة بإسهام المنظمات غير الحكومية في توسيع تغطية رعاية الصحة الإنجابية، على الأقل لقدرتها في بعض الأحيان على الوصول إلى أشخاص لا يمكن للقطاع العام الوصول إليهم.

فيما يتعلق بإقامة الشراكة الرسمية، التي تمول فيها وزارة الصحة المنظمات غير الحكومية، قيل إن العائق الأكبر هو نقص الموارد، وأنه لا بد من تخصيص أحد أبواب الموازنة أو التمويل الخارجي لهذا الغرض. فعلى سبيل المثال، تلقى برنامج تنظيم الأسرة منذ عدة سنوات مضت تمويلاً خارجيًا من المنظمات الدولية واستُخدم جزء من تلك الموارد لدعم المنظمات غير الحكومية التي توفر الخدمات بالإمدادات والموارد المالية والتدريب. وكانت تلك مبادرة جيدة، وكان الدعم متبادلاً: ففي بعض الأحيان كان القطاع العام يدرب المنظمات غير الحكومية، وفى أحيان أخرى كان العكس هو الذي يحدث. ومع ذلك فقد قامت المنظمات الدولية بوقف العمل بالاتفاقية على أساس أن وضع السكان الذين تجرى خدمتهم قد تحسن، وعليه فلم تعد هناك ضرورة للتمويل. وكان لقطع التمويل ذلك أثر سلبي على الاستدامة المالية لكل من البرامج الحكومية وبرامج المنظمات غير الحكومية.

وفي الوقت الراهن يركّز الاهتمام بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية وتمويلها على المستوى الدولي على الأبحاث وتقييم أداء الرعاية الصحية التي يقدمها القطاع العام من أجل وضع إستراتيجيات مستقبلية. وقيل إن المفاوضات تجرى في الكونجرس لإنشاء باب ميزانية للأبحاث الخاصة بالصحة الإنجابية، إلا أنهم لم يعتبروا أنه من المفيد تمويل توفير الخدمات بسبب الموارد المحدودة. وعلى المستوى المحلي، هناك قدر أقل من الاهتمام بعمل المنظمات غير الحكومية. ورغم وجود منظمات غير حكومية تعمل في مجال الصحة الإنجابية في ثلاث ولايات أُجريت فيها مقابلات مع مسئولي القطاع العام، فليس كل المسئولين رفيعي المستوى على علم أو اهتمام بأنشطتها. وذُكر عدم وجود إطار تنظيمي فعال للشراكات على أنه مشكلة تتعلق بتحديد حقوق كل طرف ومسئولياته.

تجربة ست منظمات غير حكومية في المكسيك

يؤكد تارِّيس على أن التعاون بين المنظمات غير الحكومية المخصصة لقضايا النساء والحكومة لها تجلياتها الخاصة. فالمنظمات النسائية غير الحكومية المهتمة بإقامة علاقة مع الحكومة تفعل ذلك من خلال الأصدقاء الذين هم موظفون عامون أو سياسيون، وهم من النساء في المقام الأول. وفى مناسبات قليلة جدًا تتطور العلاقة بسبب اهتمام السياسيات بالنظرية النسوية أو التعاطف مع عمل المنظمات غير الحكومية (28). وعلاوة على ذلك، فإن التغييرات الكثيرة للعاملين في القطاع العام بالمكسيك مع كل انتخابات يجعل من الصعب الحفاظ على العلاقات اللازمة لاستمرارية العمل بالاتفاقيات.

شهدت العلاقات بين المنظمات غير الحكومية الست التي تضمنها الجدول (۱) والجهات الحكومية المختلفة تقلبات على مر السنين. ويقع المركز القومي للتعليم والتنظيم في منطقة يسيطر عليها الحزب الثوري الدستوري الذي حكم المكسيك لأكثر من ٧٠ عامًا. وكان التعاون بين الحكومة والمركز محدودة. وفي الماضي كان المركز يوفر تدريبًا للممرضات في عيادة عامة في سنتياجو توكستلا، كما طلب حزب العمل القومي من المركز تنظيم دورات تدريبية على الصحة الإنجابية لأعضائه. وقد اختارت وزارة التنمية الاجتماعية المركز للقيام بدور المفتش الخارجي على إدارة مواردها على المستوى المحلي. وكانت هناك اتفاقية بين المركز وعيادة سوء نمو بطانة عنق الرحم التابعة لوزارة الصحة في هالاصا عاصمة بيراكروس منذ عام ١٩٩٦، أسهمت في تدريب المرشدين الصحيين وفي الإجراءات الخاصة بإحالة المرضى إلى الرعاية من الدرجة الثانية أو الثالثة اللازمة. وفى عام ۲۰۰۲ تلقى المركز تمويلاً من معهد التنمية الاجتماعية لتنفيذ برنامج لتوجيه النصح وتقديم الدعم للنساء ضحايا العنف الأسري.

أثناء إدارة كاريو أوليا (۱۹۹4 – ۱۹۹۸)، عملت منظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية بطريقة غير رسمية مع بعض العاملين في العديد من عيادات الصحة الأولية العامة في موريلوس في مجال الوقاية من سرطان عنق الرحم والكشف عنه. ومما يؤسف له أن اقتراحها الخاص بإنشاء مركز للرعاية الصحية المتكاملة لم يؤخذ مأخذ الجد من جانب الحكومة. ومن عام ١٩٩٣ ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية عضو في اللجنة الوطنية للأمومة الآمنة التي تضم مؤسسات أكاديمية وهيئات حكومية ومنظمات غير حكومية. وقد قدمت المنظمة طلبًا لتمويل برنامج صحة المجتمعات، الذي تديره وزارة الصحة على المستوى الفدرالي، لتدريب القابلات على الكشف عن سرطان عنق الرحم وتشجيع النساء لعمل الفحوصات، ولكن الطلب رُفض على أساس أن وزارة الصحة لديها بالفعل برنامج قائم للكشف عن سرطان عنق الرحم.

منظمة أنشأت حكومة ولاية كوليما مركز دعم النساء برئاسة جريسيلدا الباريس (۱۹۷۹ – ۱۹۸5) للقيام بالعمل المتعلق بالعنف الأسرى المتصل بمكتب النائب العام للولاية. وفيما بعد قرر مركز دعم النساء أن يصبح مجتمع مدني مستقلة، وكان يأمل في الاحتفاظ بالدعم المالي الحكومي. إلا أنه ما إن أصبح مستقلاً حتى أصبح الدعم غير ثابت، حيث لا بد الآن من موافقة المجلس المحلى سنويًا على المبلغ، وفي كل مرة تتغير فيها الإدارة الحكومية يتحتم إعادة التفاوض حول التمويل. ومركز دعم النساء هو الوحيد من بين ست منظمات غير حكومية الذي كان يتلقى تمويلاً مباشرة من الحكومة على أساس منتظم.

بدأ مركز البحث ودعم النساء عمله حين كانت خاليسكو تحت حكم الحزب الثوري الدستوري، وبعد أن أصبح مرشح حزب العمل الوطني حاكمًا، تحسنت علاقة المركز بالعديد من الهيئات الحكومية تحسنًا كبيرًا حيث كانت لبعض عضواته من المهنييات صلات مع بعض مسئولي حكومة الولاية الجديدة. ومنذ ذلك الحين تم تنفيذ عدد من الأنشطة المشتركة، مثل ورش التدريب للموظفين العامين. إلا أن العلاقة ضعفت في عهد حكومة حزب العمل الوطني الحالية، حيث إن اهتمام الحاكم الحالي بقضايا النوع وحقوق الإنسان محدود. وتلقى المركز تمويلاً من وزارة التنمية الاجتماعية لتنفيذ ورش عمل عن حقوق النساء والعنف الأسري في المناطق الهامشية جوادالاخارا. وقد حضر بعض العاملين بوزارة الصحة ورش العمل الخاصة بالعنف الأسري التي نظمها مركز البحث ودعم النساء، ودعت الوزارة المركز لتنظيم دورات عن قضايا النوع لموظفي الدولة. ومع ذلك فإن نفقات تلك الدورات لا تُسدد؛ فالمركز يضطر لاستثمار وقته وموارده بدون دعم من القطاع العام.

كانت للاتحاد المكسيكي للجمعيات الخاصة اتفاقياته التعاونية الرسمية وغير الرسمية مع الحكومة. وهناك اتفاقية غير رسمية لتنسيق العمل بشأن التوعية الصحية لتجنب ازدواج الجهود التي يقوم بها المرشدون الصحيون بالاتحاد وهؤلاء التابعون لوزارة الصحة وغيرها من الهيئات الحكومية. وأقام الاتحاد كذلك صلات رسمية مع برنامج الصحة الإنجابية على المستوى الوطني وعلى مستوى الولايات. إلا أن هذا لا يشمل سوى حضور اجتماعات شهرية لمناقشة القضايا، واتخاذ القليل من القرارات. كما تلقى الاتحاد تمويلاً من وزارة التنمية الاجتماعية في عام ۱۹۹۸، وهو من بين المنظمات غير الحكومية التي شاركت في مجموعة الهيئات الحكومية للصحة الإنجابية بوزارة الصحة.

وحتى الآن لم يتم أي اتفاق رسمي أو غير رسمي بين منظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية والحكومة. وهي كثيرًا ما تنظم ورش عمل للتدريب على الصحة الإنجابية والجنسية يُدعى إليها العاملون في قطاع الصحة العامة، وقد قبل بعض العاملين في القطاع العام تلك الدعوات في مناسبات عديدة. وتعتقد منظمة الخدمات الإنسانية للصحة الجنسية والإنجابية أنه ينبغي اعتبار ذلك شكلاً من اعتراف الحكومة بأنشطتها.

الشراكة مع الحكومة، رؤية المنظمات غير الحكومية

كان إخباريو المنظمات غير الحكومية الستة جميعهم يظنون أنه من الواضح أن الحكومة الحالية أكثر انفتاحًا على المجتمع المدني المنظم، وأن هناك اهتمامًا بوجهات نظر المنظمات غير الحكومية بشأن السياسة. ومع ذلك فهم يشعرون كذلك أن التفاعل المتزايد مع الحكومة قد يقلل من مستوى استقلال المنظمات غير الحكومية أو يحرفها عن مهامها.

وفيما يتعلق بإمكانية تمويل الحكومة لبعض مشروعات المنظمات غير الحكومية المحددة أو تقديم خدمات بعينها ترى هذه المنظمات غير الحكومية أن هناك مزايا وعيوبًا. وإحدى مزايا وجود جهة أخرى تقدم خدمات الصحة الإنجابية غير الحكومة هي أن هذا يحول دون التلاعب في السياسات الاجتماعية لأغراض انتخابية. والميزة الأخرى هى أن التمويل يوفر استدامة مالية لمشروعات المنظمات غير الحكومية. وهناك ميزة أخرى، وهى أن مثل هذا الاتفاق يعنى ضمنيًا – اعتراف الحكومة بقصورها فيما يتعلق بتوفير الخدمات وقدرتها على الحفاظ على مستوى معين من جودة الرعاية الصحية للسكان. وطبقًا لما ذكرته بعض المنظمات غير الحكومية، فإن البرنامج الوطني للصحة الإنجابية لم يحقق ما جاء في اتفاقيات مؤتمر القاهرة. وهي تذكر على سبيل المثال المشاركة المحدودة للرجال في برامج الصحة الإنجابية، ورفض توفير عمليات الإجهاض القانونية، وعدم توفر وسائل تنظيم الأسرة مثل موانع الحمل في الحالات الطارئة، وضعف أنشطة ترويجها، وفى بعض الحالات عدم احترام خصوصية المرضى. ومن ثم فهي تشعر بأن شراكة الحكومة مع المنظمات غير الحكومية سوف تساعد على تنفيذ اتفاقيات القاهرة، وسيكون لها أثر إيجابي على أداء القطاع العام.

وترى المنظمات غير الحكومية أن التحدي المهم هو إنشاء آليات رسمية للإشراف على العملية، لمنع الموظفين المرتبطين بتلك الأنشطة من استغلال مناصبهم. وهي تشعر أن عملية اختيار المشروعات التي ستمُوَّل ينبغي أن تتسم بالصرامة والشفافية مع انتقاء المشروعات بناءً على جودتها وأثرها المحتمل وليس طبقًا لأسباب شخصية أو سياسية. وقد شاركت واحدة من المنظمات غير الحكومية الست في عملية انتقاء المشروعات مع وزارة التنمية الاجتماعية، وشاركت أخرى في اللجنة التي راقبت العملية. وهما تشيران إلى أنه إذا كانت المنظمات غير الحكومية التي تتقدم بطلبات للتمويل هي نفسها التي تشارك في عملية الانتقاء، وهو ما يبدو أنه حدث، فسوف يكون في ذلك قضاء على أى معنى للحياد.

يشعر إخباريو المنظمات غير الحكومية جميعهم بقوة أن الدولة تتحمل مسئولة ضمان توفير التعليم والرعاية الصحية للسكان كافة. ولا تحل شراكة المنظمات غير الحكومية مع الحكومة محل مسئوليات الحكومة، بل إن عجز الدولة عن تحقيق تلك الأهداف أدى إلى تولي المجتمع المدني جزءًا من تلك المسئولية. ويشعر بعض إخباريو المنظمات غير الحكومية أنه ينبغي قيام تلك المنظمات بأنشطة معينة فحسب، مثل: التدريب أو مراقبة أعمال الحكومة أو توفير خدمات شديدة التخصص.

شراكة المنظمات غير الحكومية والحكومة أحد الخيارات المطروحة في المكسيك لتوفير خدمات الصحة الإنجابية في المناطق الجغرافية التي لا يحصل فيها السكان على ما يكفي من الخدمات، ولتوفير الدفاع والخدمات في المجالات التي لم تعالجها الحكومة. ولا تزال هناك مناطق في المكسيك بعيدة عن الخدمات الصحية العامة تعمل فيها المنظمات غير الحكومية. وذلك هو الحال مع المركز الإقليمي للتعليم والتنظيم الذي يعمل في العديد من المجتمعات المحلية الريفية في منطقة توكستلاس بولاية بيراكروس. وهناك بعض القضايا التي تجاهلتها الخدمات الصحية العامة ولكن المنظمات غير الحكومية قامت بها، ومنها دعم ضحايا العنف الأسري ورعايتهم، وتوفير وسائل منع الحمل في الحالات الطارئة وعمليات الإجهاض القانونية.

كما أن الشراكة خيار مطروح حيثما تكون تكلفة تقديم الخدمات الحكومية أعلى مما تعاقدت إحدى المنظمات غير الحكومية على تقديمه، وهو الوضع في المناطق الريفية بشكل أساسي. وغالبًا ما يكون هناك ممرضة وطبيب في كل عيادة رعاية صحية أولية ويعتبر العمل في هذه العيادات شرطًا لاستكمال فترة التدريب بالنسبة للأطباء وسوف تكون تكلفة توظيف ممارس عام إضافي لتلك العيادات عالية جدًا. وفي المناطق التي يوجد بها بالفعل منظمة غير حكومية توفر خدمات الصحة الإنجابية، قد يكون دعمها خيارًا أقل تكلفة. وبناءً على مقارنة لتكلفة الكشف عن سرطان عنق الرحم في إحدى المناطق، وُجد أن التكلفة في العيادة العامة أعلى بمقدار ٢٦% منها في عيادة منظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية (42).

زاد التعاون بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية منذ عام ٢٠٠١ في مجال رعاية الصحة الإنجابية. ومع ذلك فمازالت هناك حاجة إلى توفير ظروف الشراكة الممكنة بين منظمات الصحة الإنجابية غير الحكومية والقطاع العام في المكسيك. والأمر المهم هو أن هناك تراثًا من عدم الثقة من جانب الحكومة، وتراثًا من عدم المشاركة في اتخاذ القرار من جانب المجتمع المدني ما زالا يؤثران على سلوك كلا الطرفين، وخاصة على مستوى الولاية، لقد كان نفوذ الهيئات الدولية عنصرًا مهما في مباشرة العملية، إلا أنه من الصعب تحديد إلى أى حد التعهدات الحالية سببها الضغط الدولي.

على مستوى الولاية، نجد أن العمل الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية إما غير معترف به او يعتبر غير ذي أهمية. وهناك أيضًا افتراض بأن الشراكة لا تفيد سوى المنظمات غير الحكومية. أما على المستوى الفدرالي فإن إسهام المنظمات غير الحكومية في مجال الصحة الإنجابية معترف به الآن. ولكن ما زال هناك القليل جدًا من البرامج التي تدعم التعاون مع المنظمات غير الحكومية، وغالبًا ما تقتصر الاتفاقيات على تمويل مشروعات بعينها، وحتى عندما يصبح ازدواج الوظائف مشكلة، مما يعنى ضمنيًا – إهدار الموارد وفقدان التنسيق بين الفاعلين المشاركين، يبدو أن الحكومة لا تنظر إلى التعاون على أنه طريقة للحفاظ على الموارد. ومن ثم، فرغم أن الخطاب الرسمي يوحي بالاهتمام بالمنظمات غير الحكومية والشراكة، فإن الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقيات طويلة المدى لا تبدو وشيكة.

بالنسبة للمنظمات غير الحكومية، تعتبر الشراكة خيارًا ما دامت لا يتعدى على مهمتها، أو لا تعني ضمنيًا أن تتملص الحكومة من مسئولياتها. وحتى عندما يكون لدى المنظمات غير الحكومية القدرة على ضمان أن تكون مقدمًا جيدًا للخدمات، ينبغي أن تظل مسئولية ضمان الحصول على الخدمات الصحية للسكان جميعًا في أيدى الحكومة، باعتبارها المسئول الرئيسي عن توفير وتنظيم وتنسيق الخدمات، وتتحمل مسئولية ضمان كفاية الموارد لتوفير خدمات ذات نوعية جيدة.

والواقع أن نقص الموارد أحد العوائق الرئيسية التي تواجهها المنظمات غير الحكومية. وفي الاتفاقيات التعاقدية التي يجرى تنفيذها حاليًا، تُمنح المنظمات غير الحكومية قدرًا محدودًا من الموارد التي لا بد من استعمالها خلال فترة زمنية محددة. ومع أن الاتفاقيات رسمية، فليست هناك ضمانات لاستدامة الشراكة على المدى الطويل. وتقتصر آليات المحاسبية على الفترة الزمنية القصيرة نفسها، مما يحد من قيمتها بدرجة كبيرة. وتُضطر المنظمات غير الحكومية إلى تقديم مقترح مشروع جديدللمشروعات الجاري تنفيذها بالفعل مرة تلو الأخرى، وهو إجراء يزيد من تكلفة التعامل بالنسبة للجانبين، ويعد عقبة للتعاون المستقبلي. وهناك بالطبع التهديد الدائم بعدم الحصول على التمويل مرة أخرى.

سوف يتوقف مستقبل المنظمات غير الحكومية في المكسيك على قدرتها على الحصول على التمويل والموارد من داخل البلاد. وقد وضع العديد من المنظمات غير الحكومية آليات للتمويل الذاتي (مثل تحصيل رسوم عن الخدمات). ومع ذلك فإن معظم أنشطة تلك المنظمات غير الحكومية من أجل السكان ذوي الدخل المنخفض الذين لا يمكنهم تحمل تلك الرسوم. وأحد البدائل هو التمويل الحكومي. ومن ناحية أخرى يمكن كذلك القول بأن التمويل الحكومي لبرامج رعاية الصحة الإنجابية ما زال محدودًا جدًا، ولا يكفي لتمويل الموردين من خارج القطاع العام والتعاقد معهم. ولكي تتحقق شراكات ذات مدى أطول، فإن الحكومة تحتاج إلى آليات أكثر فاعلية لكي يمكنها توليد تلك الموارد.

والخيار الممكن الآخر أمام المنظمات غير الحكومية هو من خلال العمل الخيري على المستوى الوطني إلا أنه لكي تحقق المنظمات غير الحكومية أكبر فائدة من التبرعات الخاصة، ينبغي أن يكون هناك دعم من الحكومة. وتعد القيود التي يفرضها قانون الضرائب على إصدار إيصالات قابلة للخصم من الضرائب والامتيازات الضريبية المحدودة بالنسبة للمنظمات غير الحكومية عوائق كبيرة. والمشكلة الإضافية هي أن اهتمام المجتمع المكسيكى بالأعمال الخيرية قليل جدًا. وطبقًا لما ذكره شيبرد، فإن هذه ظاهرة عامة في أمريكا اللاتينية، حيث عجزت المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال الحقوق الجنسية والإنجابية عن إقناع الطبقات العليا والوسطي القادرة على إمدادها بالدعم المالي أو السياسي(٤٣).

وفي هذا الصدد، فإن مواطني المكسيك عليهم مسئولية مؤكدة إن هم أرادوا ضمان حصول الكافة على الخدمات الاجتماعية. إلا أن مسئوليتهم الأساسية هي دفع الضرائب. ذلك أنه إذا تهرب عدد كبير من المواطنين من دفع الضرائب سوف نقل موارد تمويل البرامج الحكومية. وفيما يتعلق بهذا الأمر في المكسيك، فقد زادت نسبة السكان العاملين في الاقتصاد غير الرسمي زيادة كبيرة في العشرين سنة الماضية، في الوقت الذي زاد فيه معدل التهرب من دفع الضرائب من جانب هؤلاء الذين هم ضمن القطاع الرسمي (44، 45).

ليس توفير المال هو السبب الوحيد في وجوب عمل الحكومة في شراكة مع المنظمات غير الحكومية. فتخليق المنظمات غير الحكومية للرأسمال الاجتماعي من خلال العمل في المجتمع المحلي يعد سببًا مهمًا كذلك. وقد أنشأ المركز الإقليمي للتعليم والتنظيم والاتحاد المكسيكي للجمعيات الخاصة ومنظمة التبادل والتنمية البشرية في أمريكا اللاتينية شبكات كبيرة من المرشدين الصحيين والقابلات الذين يساعدون في توفير الرعاية الصحية الوقائية وغيرها من الخدمات، وتقريب تلك الخدمات من المجتمع. ومن الصعب تبرير عدم اعتراف الحكومة بخبرة المنظمات غير الحكومية ومهاراتها، والمعلومات التي توفرها، والشبكات المجتمعية التي أقامتها. وفي أغلب الحالات، هذه هي الموارد التي لا يجب أن يقدمها سوى المنظمات غير الحكومية، وهى إسهام له قيمته في إنجاح تنفيذ السياسة الصحية(3).

وما لم تعترف الحكومة بالإسهامات المحددة التي تقدمها المنظمات غير الحكومية لأية شراكة، وما لم تكن هناك آليات رسمية لضمان المحاسبية والتعهد طويلي المدى من جانب الحكومة، فسيكون من المستحيل تنفيذ الاتفاقيات التعاونية العادلة. وهكذا، فمن الضروري إجراء تغييرات في الإطار القانوني الذي يحكم الاعتراف بمنظمات المجتمع المدني والشراكة مع الحكومة، وهو الذي سوف يسهم على نحو خاص في زيادة الثقة.

وأخيرًا، فإن التنافس الحالي بين المنظمات غير الحكومية على الموارد التي توفرها الحكومة ينطوي على مخاطرة إعادة صياغة بعض المنظمات الحكومية لأهدافها وبرامجها لتضاهي الأهداف والبرامج التي تعتبرها الحكومة ذات أولوية قصوى. وقد حافظت المنظمات غير الحكومية الست التي أُجريت معها المقابلات من أجل هذه الدراسة وجميعها على قدر كبير من الالتزام بعملها، على استقلالها والقدرة على اتخاذ قراراتها، غير أنه لديها كذلك مخاوف حول استمرارية وضعها المالي في ظل الشك المتعلق بطول زمن دعم الحكومة لها. ومن المفارقة أن مثل هذه المنظمات غير الحكومية قد تشعر كذلك بقدر قليل جدًا من الثقة في الحكومة، وربما لا تعتبر التعاون أحد الخيارات(7).

وحاليًا، تملك الحكومة المكسيكية سلطة اتخاذ قرارات أكبر بكثير، فهى التي بيدها قرار من الذي تتعاون معه، وفي أي الظروف، وبأية موارد. والقرار الوحيد الذي بيد المنظمات غير الحكومية هو قبول تلك الشروط أو رفضها. وسوف تكون هناك حاجة إلى توزيع أكثر إنصافًا للسلطة قبل تحقيق المعنى الحقيقي للشراكة.

1- Ostrom E. Crossing the great divide: co-productlon, synergy, and development. World
Development 1996;24(6): 1073-87.

2- Evans P. Government action, social capital and developrment: reviewing the evídence on
synergy. World Development 1996;24(6):1119-32.

3- Lasker R, WeissE, Miller R. Partnership synergy: a practical framework for studying and
strengthening the collaborative advantage. Milbank Quarterly 2001;79(2):179-205.

4- Reich M. Public-private partnership for public health. In: Reich M (editor). Public-Private
Partnership for Public Health. Cambridge MA: Harvard Center for Population and Development
Studies, 2002.

5- Williams N. Modermising government: policy networks, competition and the quest for efficiency.
Political Quarterly 2000;71 (4):412-21.

6- HerreraC. Experiencias iables de colaboracion entre ONG de mujeres e instancias
gubcrnamentcik’s en Mexico. Mexico City: Foro Nacional de Mujer y Politicas de Poblacion,2000.

7- Smith K. Non-governmental organizations in the health field: collaboration, integration and
contrasting aims. Social Science and Medicine 1989;29(3): 345-402.

8- Osborne S. Voluntary Organizations and Innovation in Public Services. London: Routiedge,
1998.

9- Gordon S. Entre la filantropia y el mercado: La Fundacion Mexicana para el Desarrollo Rural.
In: Mendez JL (editor). Organizaciones Civiles y Politicas Publicas en Mexicoy Centroamerica.
Mexico City: Miguel Angel Porrua, 1998.

10- UNFPA. Chapter 4: Partnership and empowerment. The State of World Populatian 1999.
New York: UNFPA, 2000. At: <http:// www.unfpa.org/swp/1999/chapter4.htm>.

11- Health, Empowerment, Rights & Accountability. Confounding the Critics: Cairo Five Years
On. Executive Summary. London: HERA, 1999.

12- Hogwood B, Gunn L. Policy Analysis for the Real World. Oxford: Oxford University Press,
1984.

13- Nowland-Foreman G. Purchase-of-service contracting voluntary organizations, and civil
society. American Behavioral Scientist 1998;42(1): 108-23.

14- World Bank. Informe sobre el Desarrollo Mundial de 1997. Washington DC: World Bank,
1998.

15- Abramson W. Asociaciones entre el sector publico y las organizaciones no gubemamentales para la contratacion de los servicios de salud primaria: un documento de analisis de
experiencicis. Bethesda MD: Partnership for Health Reform, LACRSS, 1999.

16- Torres B. Las organizaciones no gubemamentales: avances de investigacion sobre sus caracteristicas y actuacion. In: Mendez JL (editor). Organizaciones Civiles y Politicas Publicas en Mexicoy Centroamerica. Mexico City: Miguel Angel Porrua, 1998.

17- Mitchell S, Shorten S. The governance and management of effective community health partnership: a typology for research, policy, and practice. Milbank Quarterly 2000;78(2):241- 89

18- Powell J. Contract management and community care:a nego- tiated process. British Journal
of Social Work 1999;29:861-75.

19- Brock KL. Sustaining a relationship. Insights from Canada on linking the government and the third sector. Working Paper 1. School of Policy Studies. Queen’s University, Ontario, June 2001.

20- Worid Health Organization. Worid Health Report 2000. Health Systems: Improving Perfomance. Geneva: WHO, 2001.

21- Espinoza G, ParedesL. Salud reproductiva en Mexico. Los programas, los procesos, los recursos financieros. In: Espinoza G, editor. Compromisos y Realidades de la Salud Reproductiva en Mexico. Mexico City: El Atajo Ed/UAM, 2000.

22- Ministry of Health. Programa de Accion: Cancer Cervicouterino. Subsecretaria de Prevencion y Proteccion de la Salud. Mexico: MoH, 2001.

23- World Health Organization. Agenda Intemacional para la lnvestigacion en Cancer. 2001. At:
<ww.who.int>. Accessed 2003.

24- World Bank. World development indicators: reproductive health. At: swww.woridbank.org/data>.
Accessed 2003.

25- Glaser B, Strauss A. The Discovery of Grounded Theory. Chicago: Aldine, 1968.

26- Centre Mexicano para la Filantropia. Directorio de Organizaciones 2004. At: <http://www.cemefi.org.mx/index.cfm?page=CEM_DIR_BASES>. Accessed 2004.

27- Tapia M, Luciano D. Conferencias de El Cairo y. Beijing. Dilemas entre el diseno y la implementacion de politicas sobre derechos sexuales y reproductivos. Revista Mujer Salud 2001 ;2.

28- Tarres ML. De la identidad al espacio publico: las organizaciones no guber- namentales de mujeres en Mexico. In: Mendez JL (editor). Organizaciones Civiles y Politicas Pliblicas en Mexico y Centroamerica. Mexico City: Miguel Angel Porrua, 1998.

29- Federal Government. National Plan for Development 1995-2000. Mexico, 1995.

30- Federal Government. National Plan for Development 2001-2006. Mexico, 2001.

31- Ministry of Health. National Health Plan 2001-2006. Mexico: SSA. At: <www.salud.gob.mx>. Accessed 2003.

32- Simon J. The tax treatment of nonprofit organizations: a review of federal and state policies. In: Powell W (editor). The Nonprofit Sector. A Research Handbook. New Haven: Yale University Press, 1987.

33- Perez-Yarahuan G, Garcia-Junco D. Una ley para organizaciones no gubemamentales en Mexico? In: Mendez JL (editor). Organizaciones Civiles y Politicas Pliblicas en Mexico y Centroamerica. Mexico City: Miguel Angel Porrua, 1998.


34- David Rockefeller Center for Latin American Studies and Hauser Center for Nonprofit Organizations. Legal and tax information by country. The case of Mezico. At: <http://drclas. fas. harvard.edu/programs/PASCA/pdfs/english/SpecificCasesMezico pd, Accessed 2001.

35- Gobiemo del Estado de Colima. Articulo 6. Ley de Planeacion del Estado de Colima. 1004. At: <http:Iww.congresocol.gob.mx/leyesiey-planeacion.htrm, Accessed 2002.

36- Gobiemo del Estado de Morelos. Primer Informe de Gobiemo. 2001. At: <http/www.e-morelos.gob.mx/e-noticias/ Informe/desarrollosocialmtegral. htmk3>, Accessed 2002.

37- Gobiemo del Estado de Yucatan. Plan Estatal de Desarrollo 2001-2007. At: <http:/Awww.yucatan.gob.mx/index2.htm>, Accessed 2002.

38- Gobiemo del Estado de Chihuahua. Consulta de Organizaciones de Asistencia SociaL At: <http:/www.chihuahua.gob.mx/default. asp>, Accessed 2003.

39- Gobiemo del Estado de Chihuahua. Plan Estatal de Salud 1999-2004. 2002. At: <http www.chihuahua.gob.mx/attach/Programa%20Estatal%20de%20Salud %201999%202004.pdb>. Accessed 2003.

40- Gobiemo del Estado de Veracruz. Tercer Informe de Gobiemo. 2002. At: <http://www.veracruz.gob.mx/documentos/tercerinforme/textos/is gobierno.htm##2.3> Acoessed 2002.

41- Gobiemo del Estado dc Jalisco. Segundo Informe de Gobiemo. At: <http:/www.jalisco.gob. mx/gobiernolinformes01 07/2informe/index.htm|>. Accessed 2002.

42- Gomez-Jauregui J. Costos y calidad de la prueba de dete ccion oportuna del cancer cervicouterino en una clinica publica y en una organizacion no gubemamental. Salud Publica Mexicana 2001 ;43: 279-88.

43- ShepardB. NGO advocacy networks in Latin America: lessons from experience in promoting women’s and reproductive rights. The North-South Agenda Papers. No.61. North-South Center, University of Miami. February 2003.

44- Flores-Curiel D, Valcro-Gil JN. Tamano del sector informal y su potencial de recaudacion en Mexico. Documento de Trabajo. Centro de Investigaciones Economicas, Universidad Autonoma de Nuevo Leon. 2000. At: <http:l/www.sat.gob.mx/sitio_ intemet/transparencia/51 3321.html>.

45- Hemandez-Trillo F, Zamudio-Carrillo A. Evasion Fiscal en Mexico: el caso del IVA. Documento de Trabajo. Centro de Investigacion y Docencia Economicas. 2004. At: <http:lyww.sat.gob. mx/sitio_intemettransparencia/51_3321 htmi>.

اصدارات متعلقة

اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6