حركة نساء نيبال: البساطة والتعقيد في الحركات النسائية (*)
في السنة الماضية قمت بمساعدة طبيب من نيبال يقوم بدراسة عن مدى تأثير داء التيتانوس في الأطفال حديثي الولادة في مركز للأمراض التناسلية قرب نيبال. حيث سمعت، خلال بضعة أيام، العشرات من النساء يروين تجاربهن الجدية في ولادة الأطفال وفي وفادة العديد والعديد من أطفالهن أيضًا. ووسط كل تلك الحكايات عن الميلاد والموت أتت أم شابة وزوجها بطفلهما الرضيع لكي يفحص. كان الطفل ضعيفًا وشاحباً ويعاني من سوء التغذية. قام صديقي الطبيب بفحص الطفل الرضيع بلطف لكنه تكلم بأسلوب حاد على نحو غير معهود، يخبرهما عما يجب فعله، ماذا ينبغي أن يطعماه، أين يذهبا لعلاجه وهكذا. وإن لم يفعلا تلك الأشياء سيموت الطفل على الفور بكل تأكيد. غير أني عنفته لاحقا قائلة ما الغرض من إعطاء كل تلك المعلومات إذا كانت لن تتبع ؟ لأن إصدار التعليمات بلهجة آمرة لن يأتي بالنتائج المرجوة، حينما تبدو المستشفى مكانًا مرعبًا لا يطاق أو ربما لا يكون هناك المال الكافي للعلاج أو لتوفير غذاء أفضل. يجب أن تكتشف لماذا لم يفعلا كل تلك الأشياء البديهية وتشرح لهما الخطوات التي يمكن أن يتصوراها بطريقة عملية. بعبارة أخرى، انتبه إلى «الخلفية الثقافية»، كما قال عالم إنسانيات حكيم.
لقد كنت أنظر إلى المرأة أثناء فحص الطفل الرضيع كانت فتاة في سن المراهقة، تبدو عليها الأنيميا كما تبدو على رضيعها، شديدة النحافة، ترتدى ساري رث قديم. خجولة ومتوترة حتي في حضرة ذلك الطبيب الذي يسكن الفناء المجاور لها مباشرة. لقد كانت تلك المرأة في ذهني بينما كنت أتكلم. لكن صديقي الطبيب كان أكثر حكمة وبصيرة إذ كانت له رؤية أعمق وأوسع. فقد نظر وراء تلك المرأة إلى زوجها، شاب قوي البنية، مفتول العضلات، مفعم بالصحة والحيوية كانت ملابسه جديدة وفاخرة، كان يحمل راديو محمولاً كبيرًا يرتدي نظارة شمسية وشعره مصفف. لقد أدرجت كل هذه التفاصيل، لا لأهميتها. لكن يحزنني أن أقول إن مثل هذا التناقض الواضح بين حالة الرجل وحالة زوجته والطفل كان طبيعيا جدا في عيوني كامرأة، بالرغم أني لم آخذ في الاعتبار دلالة كون الرضيع أنثى. كانت تعليمات الطبيب الجافة موجهة إلى الرجل الواقف وراء تلك المرأة بكامل صحته بلا مبالاة، متباهيا بإنفاقه على وسائل الرفاهية، وأمامه زوجة ناقصة التغذية وطفلة رضيعة تموت. في ذلك اليوم تَعلمتُ أمرًا بسيطًا أعتقد أنني كنت أعرفه. أحيانا، لكي تفهم مشاكل المرأة عليك أن تنظر خلفها، إلى الرجل.
لكن بالطبع، وكما تشهد قصتي أيضًا، الرجل ليس دائمًا جزءًا من المشكلة والجنس ليس مؤشرًا مؤكدًا لمن ستكون لديه البصيرة والفهم العميق لأسباب ظلم النساء. ولا يكفى أن تنظر إلى الرجل أو المرأة، حتى عندما يكون أحدهما أداة في ظلم المرأة.
فيجب أن ننظر أيضًا خلف الرجل أو المرأة، إلى الأنظمة الاجتماعية التي تتميز بسلطة الأب، مما يعيدنا إلى «الثقافة»، بطريقة أكثر نفعا من التي اقترحتها على صديقي الطبيب (1). المرأة في العالم، كطبقة، هي الأكثر سوءاً في التغذية والأقل تقديراً نظير العمل، والأقل تمثيلاً عن طبقة الرجال في اتخاذ القرارات الرسمية. غير أن المعيار الوحيد الذي تتقدم فيه المرأة إجمالاً هو «العمر»، إذ يبدو أن أولئك الذين يتحملون أصعب المواقف هم الأكثر قدرة على الاحتمال (ومع ذلك فطبقًا للإحصائيات، حياة المرأة أقصر من حياة الرجل في نيبال). تُعلن هذه المجموعة من الحقائق شيئًا بسيطًا للغاية، وهو حتمية حركة النساء في كل مكان، هذا باستثناء من يدعون أنه في شمولية وضع المرأة ككيان تابع للرجل عبر المجتمعات المتباينة هناك دليل على أن تلك التبعية هي شيء فطري.
من هذا الاكتشاف البسيط، ندرك أنه وراء تحقيق حركة نسائية مشتركة يكمن طريق مغطى بالعوائق الصعبة. أولها طبيعة المرأة ككيان جماعي متألف بسبب التبعية على أساس الجنس، ومشارك في كل معيار اجماعي يسهم في تحقيق نقاط التقاء لحركات العدالة الاجتماعية. النساء لا يتكلمن نفس اللغة، لا نساء العالم ولا نساء نيبال، ولا يشتركن في أيديولوجية سياسية واحدة، ولا توجد لديهن هوية عرقية واحدة. وقبل كل شيء، النساء لسن طبقة مثل طبقة المنبوذين في الهند، أو الفلاحين أو العمال.
وقد تكون المرأة منبوذة في كل طبقة اجتماعية، لكن مثل هذا التآلف التبعية النسبية من الصعب أن يحل محل المصالح والحساسيات الحقيقية لتلك الطبقة التي تفرق النساء عن بعضهن. وهنا تكمن أعظم فعالية وأعظم صعوبة في خلق حركة نسائية. إن الحركة النسائية المتحدة بالفعل لديها الدافع لإحداث تغيير جذري من داخل كل طبقة، أكثر من أي ثورة أساسها الطبقية، لأن لديها كوادر جاهزة في كل طبقة من طبقات المجتمع، من القمة إلى القاع. ولهذا السبب فقط تتلاقى العديد من القوات ضد أي إشارة نحو وحدة طبقة بين النساء، إن الحركات النسائية كثيرًا ما تكون لها علاقات متعارضة مع الطبقة الاجتماعية، والانتماءات العرقية، والحركات الحزبية، وفي أغلب الأحيان تنشق الحركات النسائية من الداخل عن طريق المصالح الاجتماعية المتعارضة للأعضاء. وقد هاجمت هذه التحديات الحركات النسائية في كل مكان، ليس فقط في نيبال، إذ صار من غير المألوف تضافر الجهود من أجل المراتب الاجتماعية. وهذا تفسير أفضل للمتناقضات الداخلية ولقصور الحركة النسائية أكثر مما يقدمه معارضو المساواة بين الجنسين ليحطوا من قدر النساء ويزيغوا النظر عن الدافع لإحداث تغيير جذري في الوحدة النسائية، وينص تفسيرهم على أن النزعة الملازمة للنساء هي التشاجر، والضعف (الذهني والجسدي)… إلخ.
ونتيجة من نتائج المتناقضات التي تعمل ضد تحقيق تغيير جذري في وحدة النساء هي أن الحركات الطبقية الأساس هي الأكثر شيوعا (مع أن حركة الفلاحين وحركة الطبقة العاملة هي فقط التي على الأرجح تعرف نفسها)، بالإضافة إلى أن منظمات النساء التي تأسست على أساس القضية الطبقية، والانتماء العرقي أو الانتساب لحزب سياسي هي الأكثر شيوعًا من المنظمات التي تجمع بين النساء رغم هذه الاختلافات. ليست الصورة بهذا الشكل تمامًا داخل نيبال، فالحركة الحالية ضد الخمور، بالرغم من أنها بشكل كبير من الحركات النسائية المستندة على طبقة الفلاحين، إلا أنها مثال للحركة المستندة على قضية ولها دافع حقيقي لتوحيد النساء عبر الطبقات والأحزاب، وعبر لجان العمل القومية مثل الجاتي (لأن الخمر، مثل النساء، تخترق كل مستوى وقطاع في المجتمع)(2). وعلى الرغم من ذلك تبين بالممارسة، أن مثل هذه الحركات المستندة إلى قضايا، لديها إمكانية محدودة لتوحيد النساء من خلال المصالح الطبقية ما لم تصبح المرأة نفسها أداة للقضاء على الانقسام الطبقي، في حين أن التعسف من قبل زوج سكير لا يعرف أي موانع طبقية، وشتان بين نساء فقيرات مهددات بالضياع يتم تصنيع الكحوليات بتخميرها في منازلهن أو شراؤها منهن مقابل المواد الغذائية المستهلكة، وبين أولئك الذين تمر نفقاتهم المالية دون رقابة، وعلى نحو مماثل، تتأثر النساء طبقاتهن بجهود تشريع الإجهاض ومع ذلك إن كانت تلك الجهود ناجحة فسوف تظل المشكلة في أن الوصول الفعلي لحالات إجهاض آمنة سيكون متفاوتًا فيما بين الطبقات الإجتماعية، بالإضافة إلى الوصول إلى أنواع أخرى من الرعاية الطبية، حتى حينما تنحدر بعض نساء المنظمات العرقية مثل الجانجاتي إلى الطبقات الدنيا، غير أنهن اقتصاديا ومن خلال التمييز الاجتماعي، قد يواجهن ضغوطا دينية واجتماعية بدرجة أقل تجاه استخدام مثل هذه الخدمات إذا كان لديهن مدخل إليها. ولا تبدو مثل هذه القيود نحو الجهود للوحدة عبر الطبقات الاجتماعية على أساس القضية المشتركة ونحو معادلة التأثير الأولى لكل النساء في الحقوق أو الإصلاحات المعطاة، كحجة للتراخي، بل بالأحرى تذكرة بضرورة تجاوز النتائج الأولى لأي عمل موجه للإصلاح يمثل نساء. ولكي تحصد النساء جميع ستصبح الفوائد حتمًا مسعى بعيد الأمد.
إن الغرض من هذا البحث الموجز هو إلقاء الضوء على أمرين. أولهما أمر بسيط جدًا على ما يبدو (لأن الحاجة واضحة جدا) وهو أن الحركة النسائية المشتركة لا يمكن أن تنشأ وسط مجتمع ينقسم على نفسه بالفوارق الطبقية السابقة لكن فقط بإزالة القواعد الاجتماعية الأخرى للتبعية بسبب النوع في آن واحد. وثانيهما، أن الجهود لتحسين وضع الكثير من النساء من خلال المنظمات والحركات قد تخللتها حتمًا الانقسامات الأخرى الموجودة في المجتمع، حتى وإن كانت بشكل غير مقصود قد تعمل ضد خلق حركة نسائية مشتركة. بمعني آخر، إن الطبقة الاجتماعية والحزب (يكونان نفس الشيء أحيانًا)، والتنظيم المبني على أساس الانتماء العرقي باسم النساء يمكن أن يساعدوا جميعا على ترسيخ التبعية النسائية ككل.
هذا وعلى الأرجح تشكل تقوية المصالح الراسخة للطبقة المتوسطة والطبقة الراقية أحد السبل السائدة لحدوث ذلك الترسيخ في إطار تحرير المرأة الشامل (على سبيل المثال عن طريق إهمال أو تهميش قضايا النساء)، وربما يتم اكتساب الحقوق لكنها مقتصرة عمليًا على نساء الطبقتين المتوسطة والراقية، وبالتالي تنفصل مصالحهن إلى حد بعيد عن أولئك النساء الضعيفات الأكثر حرمانًا من الحقوق الشرعية. أو أن حركة المرأة في طبقة المنبوذين والعمال أو الفلاحين بنتائجها الثورية الأوسع، قد يتم تأهيلها وترويضها من خلال الإدارة الاستراتيجية بواسطة الطبقتين المتوسطة والراقية، وهناك موقف مستحيل يتضح هنا ويواجه كل حركة مساواة اجتماعية حقيقية وهو أن التحول الكلي يتطلب تحولات معينة لا تحصى في كل مجال، ورغم ذلك فشروط إدارة الجهود الموجهة للإصلاح يمكن بالاتفاق أن تنتخب مثل هذه الجهود، بتجنيدها لا للتحول بل لترسيخ الوضع الراهن.
المقالات المجمعة هنا تحاول حل هذه القضايا كما يظهر في السياقات العملية داخل حياة النساء في نيبال، بمنظماتهن وحركاتهن النسائية. تركز عدة مقالات منها على الأفراد، وتذكرنا بالكفاح الذي حدث سابقًا (مقال باندي، ماناندهار) ويحدث خارج أي حركة نسائية منظمة (مقال ك: سانجولار، بانسكوتا) كما تركز أيضًا على أنواع الموانع التي قد تواجهها النساء في حياتهن اليومية، سواء كانت مشتركة في العمل الجماعي أم لا (وفقًا لـ جوشي، ميشارا، ابريتي، ومقارنة بـ الراهب البوذي تاوا). هذا ويحذرنا باندي بشكل واضح من معادلة «الحركة» بالمظاهرات وبالأعمال الجماعية العامة الأخرى فحسب؛ فالآخرون من خلال القصص التي يقصونها، يعيدون تأكيد أهمية تفادي ذلك الخطأ.
تظهر المنظمات غير الحكومية في العديد من هذه المقالات وتعتبر مركز اهتمام العديد (مثل شريشان تاوا لاما وتولادهار وجوشي). وهذا لا يثير الدهشة إذا أخذنا في الاعتبار العدد الكبير من المنظمات غير الحكومية للنساء في التنمية الموجودة اليوم، ولغموض مكانة أنشطة منظمة النساء في التنمية مقارنة بالحركات النسائية. لكن إجمالاً هل تشكل المنظمات غير الحكومية للنساء في التنمية حركة نسائية؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن أي نوع ولمن؟ إن المصالح والحساسيات الطبقية لزعماء منظمة النساء في التنمية تلاقي اهتمامًا معينًا (كما ذكر تامانج، انظر سوب)، كما أن تدخل الأيديولوجية السياسية والولاء الحزبي مع أي ولاء مباشر لقضايا النساء يلاقي نفس الإهتمام (شرشان تاوا لاما). ويوسع كل من جوشي وتولادهار البؤرة لتشمل المنظمات غير الحكومية الدولية والتي عادة ما تمول المنظمات غير الحكومية كما أن الأجندات التي تقدمها على أنها أنشطة تسعى من أجل لصالح النساء. توضح مقالتا فنيوال وشريستا الاختلاف بين المذهب الإصلاحي والمذهب التحويلي للفعالية (المساواة مقابل التحرير في كلام شريستا، والتنمية مقابل التحرير في كلام فنيوال) ولاحظ دور المنظمات غير الحكومية، التي تم إنشاؤها في الوقت الحاضر، والمقصور على المنظمات السابقة.
إن دور الأيديولوجية في تبعية النساء والأسئلة حول ما تحدثه الالتزامات الأيديولوجية في خلق حركة نسائية متحدة يظهر في عدة إطارات. مقال فنيوال مبني حول المجتمع الأبوي والاحتياج، في كل المجالات، لاستئصال التفكير في ذلك النظام المبني على سلطة الأب من خلال أساليب جديدة من علم أصول التربية (انظر میشرا). ويؤكد أيضًا مقال فنيوال وباراجولي، على الحاجة لالتزام أيديولوجي من أجل المساواة كشرط مسبق لبقاء التغيير في وضع النساء، حيث يؤكد كلاهما أن الصراع ليس صراع رجل ضد امرأة، لكنه صراع الظالم ضد المظلوم، رجلاً كان أو امرأة (انظر ميشرا وباندي). هذا وتخضع الأيديولوجيات الهندوسية للفحص والتمحيص أيضًا، من خلال القيود الموضوعة على نساء الطائفة الهندوسية العليا (ميشرا) وأولئك الذين يرهقون المظلومين أضعافا كالنساء المنبوذات (سوب).
إن قضيتي حقوق الملكية للنساء والرعاية الصحية تتم مناقشتهما ببعض التفصيل. مناقشة جوتام عن مكانة قضايا النساء الصحية في جدول الأعمال القومي وقصة ابريتي الذاتية من وجهة نظره كطبيب جذبت انتباه العامة لصعوبة محاولة توجيه مطالب النساء ضمن سياق عام من نقص الخدمات، وافتقار لالتزام الحكومي بالرعاية الصحية… إلخ. ويقدم مقال ي. سانجرولا حول افتقار الإقرار بقانون المرأة ككيان كامل، سياقا حاسمًا تمت فيه مناقشة حقوق المرأة في الملكية. ويركز كل من تولادهار وجوشي على جداول أعمال المنظمات الدولية غير الحكومية التي حصرت فائدة تدخلاتها بالجهود لخلق قائمة من حقوق المرأة في الملكية، ويقرران في مقالهما مثالاً واضحا للمصالح المختلفة التي تعمل تحت شعار مصالح النساء ولكن كل يعمل في مجال مختلف ولا أحد يفهم الآخر. ويرد مقال ك. سانجرولا على عدد من الآراء الرئيسية المقترحة ضد حقوق الملكية للنساء (باراجولي)، كما يناقش القصور في قرار المحكمة العليا الذي أثار ذلك النقاش. إن علاقة الكفاح السياسي الحزبي بالكفاح لتحرير المرأة هي فكرة رئيسية في العديد من هذه المقالات. وتختلف الآراء حول ما ينبغي أن تكون عليه تلك العلاقة، لكن يختار الكثيرون هذه العلاقة كمشكلة خطيرة للحركات النسائية في نيبال. وينقاش شيرشان تاوا لاما كيفية تشكيل الإنتماء الحزبي للأولوية في المنظمات غير الحكومية للنساء في التنمية وفي الشبكات النسائية. كما يناقش شريسنا كيف تصبح منظمات المرأة في الأحزاب السياسية مغمورة وسط سياسة الحزب العامة غير القادرة على التركيز على قضايا النساء عمليًا. وهل يمكن أن نقول إنه يوجد منها واحدة أم أكثر اليوم في نيبال. غير أن تحول ثابا لحركة غير حكومية سياسية معينة، يؤثر سلبيًا على مكانة الحركة النسائية حرفيًا ورمزيًا وسط حركة الشعب في عام 1990 وعلى الدروس المتضمنة في تلك المسألة لحركة النساء في نيبال.
يرجعنا آخر جزئين إلى الحقائق المجردة لبعض نماذج الحياة، مذكرين إيانا أن الصراع مع التعقيدات التي تحول ضد العمل المشترك الفعال ليس بمسألة مجردة، لكنه يحمل معه ثقل مسؤولية تحقيق العدالة المطلقة، موقف زائف موضوع أمامنا بأسلوب خيالي (ك. سانجرولا) عندما طرحت مانجالي الطفلة الفقيرة من منظمة الجاناجاتي العرقية سؤال بسيط: من سيرسلني للمدرسة؟ وسؤال مماثل آخر يطرحه جثمان ساراسواتي ادهيكاري، التي لقيت مصرعها بسبب «الدواء» الذي أصابها كالسحر: كيف يمكن أن يحدث ذلك للمرأة ؟ غير أن وحيد القرن المرسل إلى إنجلترا قد حظى باهتمام أجهزة الإعلام السائد والمستمر أكثر من مصرع ساراسواتي، وهذا يعلن بوضوح وقوة مكانة النساء في تراتبية الهموم الاجتماعية، وأمامنا سؤال بسيط لـ أمريتا بانسكوتا عنوانه: متى سينتهي عصر المهراجا جانجالي ؟ والإجابة بشكل واضح ليس قبل أن ننتزع جميعًا، رجالاً ونساءً على حد سواء، عن تبعية وظلم النساء طبيعيتها، عن طريق الجهد الواعي في كل مجال، بداية من الأمور المعتادة والأكثر خصوصية إلى الأمور العامة المثيرة. من السهل رؤية أن السبيل إلى مثل ذلك اليوم يمر من خلال المناطق الاجتماعية الواقعية الحافلة بالمصالح المتناقضة والمتنافسة، وهو شيء بسيط يمكن اكتشافه أو خلقه. وفي النهاية نتمنى أن المقالات المقدمة هنا، بتباين منظوراتها وتكرار أفكارها الرئيسية المشتركة، تأتى بفائدة لأولئك الذين يحاولون تخطيط واجتياز مثل ذلك.
شيرين سيف: طالبة ماجستير ومترجمة.
(*) هذا المقال هو إفتتاحية Studies in Nepali History and Society الجزء الثاني، العدد الثاني، ديسمبر1997.
(1) بالرغم من أنني فيما يلي أركز على عوائق تنظيم أساسه الجنس داخل مجتمع طبقي، فهذا لا يعني تجاهل النظام. الاجتماعي الذي يتميز بسلطة الأب. أيديولوجيات النظام الأبوي في العديد من الإطارات تدعم أفضلية الرجل داخل الطبقات والطوائف والمجموعات العرقية، وتعمل في آن واحد ضد حركة المرأة وضـد الصراع عبر الجنس المنظم على أسس أخرى. بالرغم من أنه لا يوجد دليل على أن النظام الأبوي هو ابتكار للرأسمالية، كما يشير بعض الذين يستشهدون بالعصر الذهبي السابق في المساواة بين الجنسين، فإنه لا جدال في أن النظام الأبوي والرأسمالية (وبالتالي المجتمعات الطبقية) يتعاونان بنجاح وفعالية كما حدث مع الإقطاعية والاستعمارية، لانتزاع القليل من الربح من ظلم الكثيرين.
(2) على أية حال، هناك الدافع ليتم إحتواء حركة ضد الخمور بصورة متساوية، من قبل إنتخاب الطبقة المتوسطة بالاتفاق.