وجوه
عمری ٢٢ عامًا، لم أعرف في الحياة إلا مجموعة من الوجوه.
وجه أمي التي رأيتها تطبخ وتمسح وتكنس، وتتألم من مخاض الولادة كل عام.
وجوه جميلة لأطفال لطختهم الدماء، أوقات يبكون وأوقات يصرخون وأوقات لا ينطقون.
وجه أبى هذا السايس الذى يمسح جراج السيارات وملابسه مبتلة بالماء.
وجه أختى التى تبكى من الجوع وتشرب الماء حتى يغلبها النعاس وتنام.
وجه الرجل الذى يلبس بدلة حلوة جدا، وينظر لي غامزا ويده في جيبه كل يوم وهو يركب سيارته منطلقا من الجراج .
ووجه الفتاة الجميلة التى تعرف كيف تضحك وتبتسم وكيف تغنى وترقص وكيف تكذب وتنطق وقتما تريد، التي تسكن فى العمارة التى أمسح سلالمها كل يوم خميس.
وجه بائع الفول الذى يعنفنى لأنى أتذمر عندما يجعلني آخر زبائنه، ويسبنى ويلعننى وهو يعطيني كيس الفول والعيش.
وجه عطا الميكانيكى الذى يرميني بأحلى وأعذب وأرق الكلمات واعدنى بحياة وردية حلوة إذا أعطيته ما يريد.
وأخيرا وجه أراه في نومي وأحلامي
وجه لدنيا لا أراها إلا في الأحلام ولا أعيشها إلا والناس نيام.
سلمى أبو الليل