إعداد : المرأة الجديدة
“قضيت العمر في قهر.. هو العمر فيه كام شهر”
مثل شعبي
تضمن العدد الثاني من مجلتنا استعراضنا الأول لأحوال ومشاكل المرأة المصرية العاملة من خلال مقال – المرأة المصرية بين الدستور والقانون والمجتمع – تعرض المقال لقانون العمل والمشاكل المشتركة لمواجهته بين المرأة والرجل من ناحية، ومشاكل المرأة – من ناحيةٍ أخرى – النابعة من أشكال تطبيق القانون بسبب احتيال أصحاب العمل، وضعف وعى العاملات.
كما قدم نفس العدد للمجلة حوارًا مع عاملة نسيج – في باب هموم امرأةٍ عاملة – والتي عرضت فيه بصراحةٍ مشاكلها في العمل كأم لخمسة أطفال، وعيوب حضانة الشركة، ورفضت فكرة الاجازة بنصف المرتب بسبب احتياج أولادها لمرتبها كاملاً، وعرضت حالتها الخاصة بعد ٢٥ سنة، وتصورها بأن حل مشكلتها وشعورها باحتياجها للراحة يتحققان بمطلب واحد: هو تمتعها بمعاش كامل بعد ٢٥ سنة خدمة بدلاً من 55% معاش في القوانين الحالية.
وقد قامت المجلة بالتعليق على هموم هذه العاملة، ونوهت بتلاعب جهات العمل في تشغيل البنات الصغيرات زهورات، وفي التلاعب في إنشاء الحضانات داخل الشركات وخصم شرائح للأجر المتغير – ساعة الإضافي في صناعة النسيج – من العاملات المرضعات، ونوهنا أيضًا لنظرة المرأة – وحتى نظرتها لنفسها باعتبارها المسؤول الأوحد عن الأعمال المنزلية وتربية الأطفال.
وفي العدد الثالث، احتلت قضية المرأة والعمل مساحةً أكبر، فاستعرضنا نتائج البحث الميداني في رسالة دكتوراه – والتي سجلت أعلى نسبة للتصور الإيجابي عن العمل لدى طالبات كلية الطب، التي عزتها الباحثة للقيمة الاجتماعية للمهنة، ولعائدها المادي المتوقع والثقة بالنفس والرضا الشخصي الذي يتمتع بهما العاملون في حقل علاج البشر، كما رجحت الباحثة أن الطبيبات العاملات فعلاً سيكون لهن رأى مخالف.
تلت هذه الفئة في التصور الإيجابي عن العمل النساء العاملات فعلاً، وعلى الرغم من تسجيلهن لضغوط العمل، إلا أنه يوفر لهن دخلاً علاوةً على الاحتكاك بالعالم الخارجي وتوظيف طاقتهن.
أما النساء غير العاملات، فقد سجلن تصورًا أقل إيجابية عن العمل، ولكنهن ترددن في رفض فكرة العمل لو واتتهن الفرصة، وأثرن مشكلة تربية الأطفال في هذه الحالة، وسجلن شعورهن بعدم الرضا عن النفس.
وكانت أعلى نسبة للتصور السلبي عن العمل من نصيب طالبات كلية الآداب، ورجحت الباحثة أن عوامل مثل عدم اختيار نوع العمل المناسب للتخصص، والانتظار الطويل للقوى العاملة، وقلة الدخل المتوقعة، وغياب خطة تنمية توظيف الطاقات، رأت الباحثة هذه الأسباب مجتمعة وراء هذا التصور السلبي لقيمة العمل عند طالبات الآداب.
كما أن المجتمع بشكلٍ عام مسؤول عن تفريغ العمل من مضمونه الاقتصادي والإنساني، فالعائد غير مضمون، فبديهيٌ أن تنخفض قيمة العمل لدى النساء حتى لو كن متعلمات.
كما تضمن العدد الثالث التداعي الشخصى لإحدى المهنيات – في مقال المرأة والعمل – عرضت فيه الضغوط التي تتعرض لها في انخفاض المرتب – مسافة السفر – مشقة العمل رعاية الأولاد من خلال نظرةٍ عامةٍ لحداثة خروج المرأة للعمل في مصر، واعتبارها مجرد جيش احتياطي للقوى العاملة، وأثر ذلك في الإجحاف بكل حقوقها كحاملٍ أو مرضعٍ أو مواطنٍ عامل. ويتمثل في أشكال الحرمان من شرائح الأجر المتغير، إعانات الأطفال، التأمينات الاجتماعية. ورفضت فكرة العمل نصف الوقت بنصف المرتب أو إجازة رعاية الطفل، على اعتبار أن الأطفال مسؤولية الأسرة والمجتمع، والتأكيد على أن خروج النساء للعمل لا يمكن التراجع عنه، لأنه نتيجةً لتطور المجتمع ذاته، وأن احتياج المرأة للعمل لا يقل عن الرجل، بالنظر لنسب جرائم الدعارة والتسول بين الفقيرات نتيجة الحاجة.
وبنشر العددين الثاني والثالث لهذه الموضوعات توترت النقاشات بيننا حول مشكلات المرأة العاملة، وعما إذا كان جزءٌ منها يرجع للإجحاف أو التفرقة بين العاملة والعامل في التشريعات العمالية، أو ثغرات في القوانين، فرجحنا أن أكثرها يرجع لمشاكل في التطبيق في كل موقع عملٍ على حدة.
لذا في محاولةٍ منا لاستكشاف أولويات مشاكل المرأة العاملة كما تراها هي، وأسبابها ارتباطًا بظروف عملها أو ظروفها الأسرية أو غيرها، وتصورها الشخصي لإمكانية حل هذه المشكلات عن طريق قوانين أو خدمات… إلخ.
قمنا بصياغة استمارة استبيان، آملين في أن تكون هذه العينة المحدودة. بما حملته من نتائج، بداية عملٍ جاد, وننتظرُ مساهمات المهتمات
والمهتمين بمشكلات المرأة العاملة فيه.
د ) أجازة رعاية الطفل (لمدة 6 سنوات متصلة أو منفصلة بدون مرتب):
أجابت أكثر من 50% بأنها غير مناسبة نظرًا لأهمية الدخل مع وجود الأطفال الجدد ولأنها تقلل من كفاءة العاملة بعد عودتها بانتهاء الاجازة.
وأجابت أقل من ٥٠% مناسبة لاحتياج الاطفال لهن في سن مبكرة وازدحام المواصلات وسوء الحضانات وتمكنها من العودة لعملها في حالة الحاجة أو تغير الظروف.
المطالب التي ترى المرأةُ ضرورة تحققها لخروجها من مأزق العمل الحالية، مرتبة حسب أعلى الاختيارات:
1 – زيادة الأجور وخفض الأسعار.
2 – توفير دور حضانة مناسبة، وتوفير الأدوات المنزلية وتحسين المواصلات.. إلخ.
۳ – مساواة المرأة بالرجل.
4 – تغيير القوانين الحالية وتعميمها على كافة القطاعات.
مطالب أخرى:
1 – تهيئة جو المنزل بحيث يستوعب عمل المرأة، ويساعدها على الإنجاز.
٢ – المطالبة بحقِّ تكوين منظمات نسانية تُعبر عن هموم ومطالب المرأة.
3 – تغيير النظرة لعمل المرأة.
تحليل البيانات:
– أوضح الاستبيانُ أن الأجر مازال هو الدافع الرئيسي وراء خروج المرأة للعمل، برغم مرور هذه المدة على خروجها لميدان العمل، تبين ذلك من تذبذب آراء النساء حول رغبتهن في العمل، واضطرارهم لذلك، ومن اعتبار انخفاض الأجور وارتفاع الاسعار، هي أهمُّ مطالبها والتي تُعتبر مطالب مجتمعية، وتعبر عن عمق الأزمة الاقتصادية، والتي وصلت إلى حد ضجر الفرد الواحد عن الوفاء بالالتزامات الضرورية، وتوفير الحد الأدنى للمعيشة، وبالتالي أصبح دخل المرأة جزءً أساسيًا لاستكمال متطلبات الأسرة والمنزل، ويتم ذلك إما عن اقتناعٍ كاملٍ للمرأة، باعتبارها مسؤولةً عن تصريف ميزانية الأسرة، وهي مسؤولية في أغلب الأحوال تقع على عاتق الزوجة.
– كثرةُ المعوقات والمشاكل التي تعوقها عن إنجاز عملها وزيادة كفاءتها الناتجة عن سوء تقسیم العمل بين الرجل والمرأة، حيث يحملها مسؤولية الأطفال وتربيتهم، والعمل داخل المنزل وخارجه دون مشاركة الرجل في الأعمال المنزلية، بالإضافة إلى المشاكل المجتمعية من صعوبة المواصلات، وعدم توفر حضاناتٍ، أو تدنى مستواها، والاستنزاف البدني والعصبي نتيجة العمل لساعات طويلة تتعدى 48 ساعة أسبوعيًا خارج المنزل، ويماثلها أو يتعداهم داخل المنزل، بخلاف الوقت الضائع والمرهق في المواصلات وغيرها، لتضع المرأة بين شقى الرحى ( العمل المنزلي والعمل الوظيفي.)
– رغم جهل أغلب العينة بالقوانين المنظمة لعملها، وعدم معرفتها بها إلا عند الحاجة والاحتكاك بهذه القوانين، مثل أحكام اجازة الوضع والرضاعة ورعاية الطفل، إلا أنها أعلنت موقفًا متقدمًا تجاهها عند مناقشتها لهذه القوانين أثناء تحرير الاستمارة.
– رفضت الأغلبيةُ فكرة العودة للمنزل كحل لمشاكلها، معبرةً عن عدم قدرتها نفسيًا على استيعاب العودة للمنزل، كما أكدت على ذلك واحدةٌ من العاملات القدامى الذي تحول الخروج للعمل إلى جزء من نسيج حياتها.
– بالإضافة إلى مطالبهن بتحسين شروط العمل وظروفه، بزيادة الأجور وتوفير الحضانات المناسبة وتطوير نظام الإجازات، فقد طالبن بضرورة مساهمة الزوج في الأعمال المنزلية، أو توفير الأدوات والأجهزة المنزلية بتكاليف رمزية.