دراسة النساء والنوع في الاقتصاديات
تاريخ النشر:
2015
اعداد بواسطة:
دراسة النساء والنوع في الاقتصاديات: نظرة عامة *
يدرس الناس العلوم الاقتصادية ليتجنبوا تغرير الاقتصاد بهم. (جوان روبنسون)
ذكر الفصل الأول من كتاب النوع والتنمية والعولمة: الاقتصاديات التي تبدو كما لو كانت تهتم بجميع الناس [الذي ترد فيه هذه المقالة] موضوع علم الاقتصاد النسوي باعتباره تطورًا حديثًا في عملية دمج تحليل النوع في مجال العلوم الاقتصادية. أما هذا الفصل، فيقدم تقريرًا تاريخيًا مسهبًا عن المسار الذي اتخذته قضايا المرأة والنوع واندمجت من خلاله في مبحث العلوم الاقتصادية. وأذهب إلى أن هذا الدمج في صيغته الأولية لم يشمل أسئلة نسوية بمعنى التركيز على ديناميكيات العلاقات التي تتسم بعدم المساواة بين الجنسين؛ بل اتجه البحث في معظمه بالضبط إلى عدم المساواة الاقتصادية بين الرجال والنساء، دون أن يعطي اعتبارًا كبيرًا للنطاق العريض من قضايا علاقات النوع وتدني منزلة النساء. وقد صار تأثير النسوية أكثر ظهورًا للعيان منذ سبعينيات القرن العشرين، وخاصة منذ بدايات تسعينيات القرن العشرين.
من الواضح أن الدراسات النسوية كان لها أثناء السنوات الثلاثين الأخيرة وقع عميق على الكثير من الفروع العلمية، إذ أثارت أسئلة صعبة، كثيرًا ما اعتبرها ناس مثيرة للمشاكل، وفي غير موضعها، وتحمل مخاطر، ومثيرة للضيق. لقد واجهت هذه الدراسات قضايا النوع التي سبق أن استبعدتها المعرفة المقبولة، وتعاملت معها، وبذلك تحدت ما كان في المعرفة من تعريفات وما لها من حدود. كما أدخلت تحويلات على أسئلة البحث في العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية الأقل صلابة، وعلى فروع هذه العلوم ومقرراتها. كما أثارت أيضًا تحديات مهمة في العلوم الاقتصادية والعلوم الصلبة. وحيث إنها قد تحدت المبادئ القديمة، لم تكن مهمتها سهلة؛ وبعبارة الفيلسوفة إليزابيث مينیش (Minnich 1990)
إن الأخطاء والاستبعادات وأنواع التراتب الهرمي القديمة ليست “مجرد” أمور مفاهيمية بأي حال من الأحوال، بل أنها تكشف عن تمفصل التراتب الهرمي في العلاقات النفسية والتربوية، والاجتماعية، والتاريخية، والسياسية وتحفظ بقاءه على مر الزمان، وهو أمر له عواقب خطيرة حقًا. (ص ١٦٠)
إن “أهرام المراتب المتمفصلة مع بعضها البعض” هذه قوية في مهنة العلوم الاقتصادية، التي تحابي الفكر الذي يحظى بالقبول العام وتستبعد البدائل الخارجة عن الإجماع عليه بأشكال متنوعة – بدءًا من طبيعة برامج الدراسات العليا إلى حجب عرض هذا الفكر في المجلات الاقتصادية وحجب أصحابه عن اختيارهم كمشاركين في صنع السياسات وغير ذلك من مجالات العمل. وتشمل هذه العملية تضييق إطار تعريف المجال، وعدم فتح الصدر للأسئلة المعرفية والبحث المشترك بين مختلف الفروع العلمية، والتركيز على مناهج التحليل المعنية بالخروج بصور نموذجية ونتائج كمية. ويشمل هذا الربط بين العمل “الشاق” وبين التحليل الرياضي الكمي. ولهذا، يصعب على المجال أن يفتح صدره أو يقبل حدوث تحولات من أي نوع، لأن هذا يمس ممارسات عميقة الجذور ويتحدى طرقًا راسخة القدم في “اكتساب المعرفة“، والتنظير، وفي “العمل بالعلوم“.
وعلى الرغم من أن مهنة الاقتصاد قد تلاحظ التحليل النسوي في نهاية الأمر، فقد أثبتت أنها أقل العلوم الاجتماعية تفتحًا التحديات التي تطرحها النسوية. قد يبدو هذا الأمر مثيرًا للدهشة، علمًا بأنه أولاً قد وجد الكثير من الاقتصاديات والاقتصاديين النسويات اللاتي والذين كان لهم صوت مسموع في هذه الفترة، وثانيًا أن المهن الاقتصادية قد تناولت القضايا المتعلقة بالنساء بإسهاب شديد. لكن لم يكن لهذه الجهود وقع كبير ولا مهم على التحليل الاقتصادي، بمعنى أن استخدام النوع كفئة من فئات التحليل يمكن أن تدخل تحولات على هذا الفرع من العلوم نفسه بتعديل بعض من افتراضاته الأساسية، والتي كثيرًا ما تكون متمحورة حول الذكور، كما حدث مثلاً في تاريخ الفلسفة، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس، ومجالي الأدب والفنون.
وكما ذهبت في هذا الفصل، يمكن أن نحدد – بهذا المعنى – حدوث نقطة تحول في المهن الاقتصادية في نهايات ثمانينيات القرن العشرين وبدايات تسعينياته، رغم أن هذه العملية كانت تحدث تدريجيًا وأنها أقامت بناءها على أساس جهود سابقة حدثت منذ ستينيات القرن العشرين وسبعينياته. لم يكن التحول مهمة سهلة؛ فقد كان التيار السائد في المهن الاقتصادية معتادًا على أن يكون مهيمنًا، وكان يجد صعوبة في الاعتراف بأهمية النوع كفئة تحليل مركزية لها وقع على إنشاءات المعرفة الاقتصادية. وقد أشارت دراسة ماكلوسكي بروح مرحة إلى الكلاسيكيين الجدد من علماء وعالمات الاقتصاد بهذه العبارة:
إنهم عصابة من راكبي الدراجات من بين علماء وعالمات الاقتصاد، يتبخترون في أنحاء المعسكر بمصفوفات أرقام تقرقع، وآراء شديدة الثبات، مغلفة بالجلود، ومنفرة للعواطف. وهم ليسوا على استعداد لأن يحبوا أن يقال لهم أنهم يجب أن يصيروا أكثر أنثوية. ( (Ferber und Nelson 1993, 76
فيما يلي، أعرض بإيجاز كيف أدخلت قضايا المرأة تدريجيًا في الكتابات السابقة، وكيف أدخل النوع في العلوم الاقتصادية كفئة من فئات التحليل الاقتصادي. أولاً، سأعرض المداخل البديلة المستخدمة في دمج النساء والنوع في العلوم الاقتصادية، بادئة بالنموذج المهيمن للعلوم الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة، وآخذة في اعتباري المداخل الماركسية والمؤسسية. أناقش فكرة النوع بصفتها فئة مركزية للتحليل تقع موقع القلب من الكتابات النسوية الأحدث عهدًا في المهن الاقتصادية. ثم أعرض بعد ذلك الجهود التي بذلت منذ ثمانينيات القرن العشرين لدمج النوع في الاقتصاديات الكبيرة، والتي تمت أساسًا من خلال سبيلين: إدخال العمل غير المأجور في حسابات الدخل القومي وتحول التحليل من القضايا الصغيرة إلى القضايا الكبيرة، خاصة من منظور الكتابات السابقة عن النوع والتنمية، مع إدخال الكتابات الأحدث عهدًا عن النوع والتجارة / المال. وأناقش أخيرًا الإسهامات التي قدمتها مختلف الجوانب التي تناولتها الكتابات عن النوع والتنمية منذ سبعينيات القرن العشرين. وهذا الفصل ليس بالتأكيد عرضًا شاملاً لمجال النوع والعلوم الاقتصادية، بل هو يقدم عرضًا تاريخيًا لدمج قضايا المرأة والكتابات النسوية في المهن الاقتصادية، مع الإسهاب في بعض الأفكار التي سبق لي عرضها في الفصل السابق من كتابي هذا.
للتحليل الاقتصادي تاريخ في تناول قضايا المرأة، تتراوح ما بين ما قدمه في ثلاثينيات القرن العشرين من نقد لأسباب وجود تفاوت بين أجور الرجال والنساء إلى ما قدمه في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين من دراسة الإنتاج المنزلي وتخصيص الوقت. كانت الكتابات المبكرة التي أنتجت في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن نشأت العلوم الاقتصادية كمهنة متناثرة أكثر مما هي عليه الآن، وقد عمل مؤلفون مختلفون على استكشافها (Pujol 1992; Albelda 1997). أما في بريطانيا، فإن الخلاف الذي شجر في ثلاثينيات القرن العشرين حول “تساوي الأجر عن نفس العمل” قد تولاه في معظم الأحوال علماء اقتصاد من الرجال، عدا استثناء ملحوظ، ألا وهي عالمة الاقتصاد جوان روبنسون، وكان يهدف إلى فهم الأسباب الكامنة خلف وجود تفاوت في الأجر بين الرجال والنساء. لقد كان التفاوت في الأجور موضوعًا ناقشته بالفعل ميليسينت فاوست، وهي نسوية إنجليزية، في عام ١٩١٨؛ وجذب إليه أسماء مثل ف. ي. إيدجوورث، و أ. سي، بيجو, و ج. ر. هيكس، و ر. ف. هارود، وآخرين غيرهم (Madden 1972). وقد ركز الخلاف على تقرير الأجر في ظل تنافس غير متكافئ وقد أشارت جانيس مادين (Madden 1972) أن هذا التركيز قد حل محله افتراض وجود تنافس متكافئ، قالت به النماذج الكلاسيكية الجديدة التي كانت تأخذ بالتمييز خلال الحرب العالمية الثانية. وقد اشتركت الفترتان في الاهتمام بتحليل أوجه عدم المساواة بين الرجال والنساء بالتركيز في معظم الأحيان على ديناميكيات السوق بدلاً من التركيز على الدور الذي يلعبه التمييز على أساس النوع وعدم المساواة في علاقات القوة على تساوي الرجال والنساء. إن فكرة البناء الاجتماعي للنوع والروابط التي بينه وبين التحليل الاقتصادي لم تكن قد ولدت بعد.
وفي خمسينيات القرن العشرين، تزعمت العلوم الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة ريادة العمل نحو تحسين فهم الأسباب الكامنة خلف إسهام النساء في القوى العاملة. وقد بدأت كتابات جاکوب مینسر (Jacob Mincer) وغيرها من الكتابات بالاهتمام بتفسير السبب في تزايد إسهام النساء في القوى العاملة في وقت ارتفع فيه دخل العائلة (وهو أمر يفترض عادة أنه يرتبط ارتباطًا سلبيًا بعرض القوى العاملة). أي أن ما كان بحاجة لتفسير هو سبب دخول النساء للقوى العاملة بأعداد كبيرة في وقت كانت فيه العائلات في أحوال مالية أفضل. قدم تفسير هذا السؤال الذي يبدو لغزًا من خلال “ناتج الاستبدال” الذي خلقته زيادة كلفة فرصة البقاء في المنزل؛ إذ خلق ارتفاع الأجور الذي دعمه النمو الاقتصادي في هذه الفترة حافزًا اقتصاديًا للنساء دفعهن للمشاركة في العمل المأجور بدلاً من البقاء في البيت. وقد قدمت حجج عن أن “ناتج الاستبدال” كان أعظم من ناتج الدخل الذي كان يحث النساء على البقاء في البيت، مما شكل حافزًا للنساء للمشاركة في القوى العاملة مدفوعة الأجر. ومن المثير للاهتمام أن نتذكر أن هذا العِقد كان العِقد الذي ألهم بيتي فريدان بتأليف كتابها السحر الأنثوي (Betty Friedan, The Feminine Mystique)، الذي شرحت فيه بإسهاب المشكلات المتعددة التي تواجهها النساء اللاتي يمكثن في البيت في مجتمع الضواحي الأمريكية الذي كان يزداد حجمًا. وقد كان وصف فريدان لقهر النساء والإحباط الذي تعانيه ربات البيوت متعارضًا مع التحليل الاقتصادي الصارم لكلفة الفرص في نموذج مينسر، وكان مثالاً رمزيًا للمهمة التي تنتظر المحللين الاقتصاديين لو أخذوا بالأسئلة النسوية التي أثارها كتاب فريدان؛ وكان الأمر يستدعي ما هو أكثر بكثير من التفسيرات الاقتصادية الدقيقة.
تمثل كتابات مینسر، وكتابات غيره من الاقتصاديين الذين تبعوه انتقالاً نحو زيادة الاهتمام باستخدام التحليل الاقتصادي لفهم مجال الأسرة. وكان هذا خطوة مهمة في طريق إدخال عمل النساء في نطاق التيار الاقتصادي السائد. وقد صارت هذه العملية أقوى في ستينيات القرن العشرين بفضل كتابات جاري بيكر وغيره من منظري الثروة البشرية الذين بنوا علم الاقتصاديات الجديدة للأسرة. تميز مدخل هؤلاء العلماء بتطبيق مفاهيم ونماذج لإنتاج الأسرة متجهة نحو السوق. وقد استخدم تحليل تخصيص الوقت لتفسير تقسيم العمل في البيت على أساس الجنس، والقرارات التي يتخذها أفراد الأسرة بالاشتغال بالعمل المأجور في السوق. وقد فسر هؤلاء العلماء أوجه التفاوت في تقسيم العمل وعدم المساواة في توزيع العمل المنزلي بالاختيارات الفردية التي تحدث بزعم تعظيم الفائدة. وقد افترض أن هذه الاختيارات يؤخذ بها في إطار اتخاذ القرارات الفردية في أسرة يسودها الاتفاق، على الرغم من أن هذه الاختيارات الفردية تؤثر في الديناميكيات الجمعية للأسرة. وقد طرح هذا النوع من التحليل أسئلة عملية ونظرية جديدة لبحث قضايا أخرى مثل اقتصاديات الزواج، والاختيارات التي تدور حول عروض العمل، وعدد الأطفال المرغوب فيهم، ومعدلات الخصوبة.
ومع ظهور الحركة النسائية، استمر معظم الاقتصاديين الذين يركزون على قضايا المرأة في استخدام نماذجهم الكلاسيكية الجديدة الراهنة أو تنويعات على التيار السائد في الاقتصاد تتميز بمزيد من الصبغة النقدية. كثر استخدام النموذج الأول في تحليل الاقتصاديات الصغيرة، الذي لعبت فيه الاقتصاديات الجديدة للأسرة دورًا مركزيًا ووسعت هذا المنحل في اتجاهات مختلفة. شمل هذا الجهد ظهور أفكار جديدة في التحليل، مثل تطبيق كتابات جاري بيكر عن التمييز العنصري على التمييز على أساس النوع، واستخدام نظرية الثروة البشرية لفهم أوجه التفاوت بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم، واختيار المدارس التي يتعلم بها الفرد (ذكرًا كان أم أنثى) ونوع التعليم الذي يتلقاه، والأبحاث التي تتناول الفوارق بين النساء والرجال في الدخل والأجور، والتدريب على الوظائف، ومحددات الأجور والبطالة (Benham 1974; Lloyd 1975; Blau 1976; Beller 1979; loyd and Niemi 1979) وربما تناولت هذه الكتابات قضايا الاقتصاد الكبير إلى حد أقل، مثل الاهتمام بأبعاد النوع في فحص الأمور الاجتماعية، وبرامج التدريب، وسياسات الشئون الاجتماعية، وغيرها من القضايا. وقد استخدمت نسبة ضئيلة من هذه الكتابات أدوات تحليل مختلفة طبقت من خلالها نظرية الميزة النسبية التي نشأت في نظرية التجارة الدولية على اقتصاديات الزواج (Santos 1975).
من وجهة نظر مناهج البحث، اتبعت هذه النماذج الكلاسيكية الجديدة أساسًا نُهج هاردينج الذي يقول “أضف النساء مع التقليب“، وعلى الرغم من أن هذه النماذج تقدم معلومات وتركز على التحليل الرياضي والكمي فقد رآها المنظور النسوي محصورة في حدود. فحيث إنها “حبيسة شرك” القيود التي وضعها الإطار التحليلي الذي يحظى بالقبول العام والافتراضات الأساسية للنماذج الكلاسيكية الجديدة، لم يكن من المجدي أن توجه نوع الأسئلة التي تولدت عن الحركة النسائية – ناهيك عن أن تقدم إجابات لها – مثل أسئلة التنشئة الاجتماعية للجنسين، وأوجه عدم المساواة بينهما، والتفاوت في علاقات القوة بينهما. وكما أشارت الدراسات مرارًا وتكرارًا، فإن افتراض وجود أسرة منسجمة لم يكن عاملاً مساعدًا على فهم صراع المصالح وعلاقات السيادة / الخضوع بين أفراد الأسرة (Bruce and Dwyer 1988)؛ كما أن افتراض أن تعظيم الفائدة المشتركة يتطلب اجتماع أفراد الأسرة – على اختلاف أذواقهم الفردية وما يفضله كل منهم – على رأي واحد كان أمرا إشكاليًا (Folbre 1988).
كما أن تطبيق نظرية الميزة النسبية ونماذج رأس المال البشري على تحليل التخصص في عمل البيت أو السوق وعلى تحليل الزواج كان أمرًا ينطوي على ركود بحكم طبيعته؛ اذ أخذ التخصيص الأولي الموارد بين أفراد الأسرة أمرًا مسلمًا به، مثل المهارات التي ربطت بكل جنس من الجنسين والتي شككت النسويات في مصداقية اكتسابها وتوزيعها، كما تجاهل العملية التي يحدث هذا التخصيص بمقتضاها، ولم يثر تساؤلات نقدية حول ما نتج عنها من فوارق بين أفراد الأسرة في الاستقلال باتخاذ القرار، والقوة، والقدرة على تعظيم صلاح حال كل فرد من أفرادها على اختلافهن واختلافهم. لهذه الأسباب لم يحدث هذا التحليل نقلة بمعنى: أ) التشكيك في النماذج التي تحظى بالقبول العام لما فيها من تمركز حول الذكور؛ ب) ضم عوامل غير اقتصادية ذات علاقة بالبناء الاجتماعي للنوع؛ ج) الإشارة إلى الحلول النسوية – بالإضافة إلى الحلول الاقتصادية – للأسئلة موضع الفحص.
واستمرت هيمنة اقتصاديات الأسرة الجديدة في المهنة عبر ثمانينيات القرن العشرين، كما يتمثل هذا رمزيًا في الدور المركزي الذي لعبه كتاب دراسة عن العائلة الذي ألفه جاري بيكر (Becker 1981) في الكتابات الكلاسيكية الجديدة عن الأسرة. كان بيكر – الفائز بجائزة نوبل – مخلصًا لمدرسة شيكاغو في العلوم الاقتصادية، وقد بنى تفسيراته بالكامل على الاقتصاد، وبذا تقدم بالتحليل بعبارة بناء نماذج كمية لتقسيم العمل داخل الأسر والعائلات، الذي رأى أنه “يتقرر جزئيًا بالفوارق البيولوجية وجزئيًا باختلاف الخبرات واختلاف الاستثمار في السلوك البشري” (ص ١٤). هذا المدخل الذي يقوم جزئيًا على الجوانب الاجتماعية وجزئيًا على الجوانب البيولوجية لتفسير موقع النساء في الأسرة وسوق العمل يمثل تيابنًا حادًا مع المداخل التي بزغت من النظرية النسوية ومن الدراسات العملية والنظرية في العلوم الاجتماعية وبين علماء وعالمات الاقتصاد النسوبين والنسويات، والتي ترى أن الخبرة تكتسب بالنشاط العملي (constructivist approach) . وعلى الرغم من إصدار طبعة جديدة من كتاب بيكر في عام ١٩٩١، قلم توجد إلا مؤشرات قليلة تدل على أنه قد أعار ناقداته ونقاده النسويات والنسويين أذنا صاغية(Bruce and Dwyer 1988; Folbre 1988). إن الكتابات الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة عن اقتصاديات العائلة قد استمرت في معظم الأحوال في تجاهل تحليل النوع والاهتمامات النسوية في أعمالها (Cigno 1994; Polacheck 1995)
وعلى الرغم من وجود هذه الاتجاهات في المهنة، فكثيرًا ما كانت الاهتمامات النسوية حاضرة في كتابات عالمات الاقتصاد اللاتي أثرن الكثير من التساؤلات حول ضيق النماذج المعيارية، ونقدنها لافتراضاتها عن ما يفضله الناس، والفوارق الفردية في القدرة على الاختيار ودور السوق في منع الوصول إلى حلول مثلى للجميع (Ferber anal Birnbaum 1977; Sawhill 1977). وقد بُنيت نماذج جديدة لتفسير أوجه التفاوت معدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل باستخدام أدوات التحليل السائدة المعتادة (Bergmann 1974). وازداد ظهور الكتابات النقدية للكتابات الكلاسيكية الجديدة في ثمانينيات القرن العشرين، كما ازداد إدراك ما فيها من أوجه القصور، خاصة مع وجود تركيز على ما في تقسيم العمل التقليدي من عواقب سلبية على النساء. فمثلاً، بعد أن وصفت دراسة بلاو وفيربر (Blau ahd Ferber 1986) النموذج الكلاسيكي الجديد البسيط للعائلة التقليدية – “والتي يكون فيها الرجل هو من يكسب العيش والمرأة من تدبر أمور البيت” – خرجت بخلاصة مؤداها أن “ازدياد الوعي بالعوائق التي يخلقها التقسيم التقليدي للمسئوليات بين الزوج والزوجة قد يكون أحد العوامل التي أسهمت في تناقص نسبة العائلات التي تتبع هذا النموذج” (ص 57). يتعلق جزء من هذه “العوائق” بتكلفة فرصة البقاء في المنزل – أي باعتبارات اقتصادية – لكن هنا تصير العوامل غير الاقتصادية التي ناقشها كتاب فريدان السحر الأنثوي ذات علاقة شديدة بالأمر، وتتجلى الحاجة إلى تجاوز ضيق حدود النموذج الكلاسيكي الجديد، كما أن عوائق البقاء في البيت لها علاقة أيضًا بالتنشئة الاجتماعية للجنسين، التي تؤدي مثلاً إلى سيادة الرجل وانخفاض مستوى قدرة المرأة على الاستقلال باتخاذ القرار والثقة بالنفس؛ ومن هنا، ظهرت الحاجة إلى تحليل أكثر شمولاً.
حين ظهرت السبل البديلة للنماذج الكلاسيكية الجديدة في سبعينيات القرن العشرين، وفي بعض الأحيان قبل ذلك، اتبعتها أغلب النسويات اللاتي كن يستخدمن الأطر الماركسية أو المؤسسية (أو كليهما). يركز الإطار الماركسي بالتحديد على الاستغلال، وعدم المساواة، وبدا أن ميول القوى الرأسمالية وقوى السوق أكثر قدرة من الإطار الكلاسيكي الجديد على المساعدة على الرد على الأسئلة التي أثارتها النسويات، وذلك بسبب قدرتها على توليد أشكال من التراتب الهرمي الاجتماعي والتفاوت الطبقي على نحو نظامي، كما بدا أن هذه القوى أكثر قابلية لاستخدام المداخل العلمية البينية وأكثر ملاءمة لتحليل العلاقات الاجتماعية وأوجه التفاوت في القوة بين الرجال والنساء. وهكذا، ركز الخلاف الذي شجر في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن العشرين حول العمل المنزلي على طبيعة العمل المنزلي ووظائفه في النسق الاقتصادي كمصدر لصيانة القوى العاملة وإعادة إنتاجها. وقد ركز هذا الخلاف بالأخص على الطرق التي يسهم بها العمل المنزلي غير مدفوع الأجر في تخفيض تكلفة صيانة الجيلين الحالي والقادم من العمال وإعادة إنتاجهما؛ كما طبق أيضًا فكرة التبادل غير المتساوي على تقسيم العمل التقليدي داخل الأسرة (Himmelweit and Mahun 1977) . أفاد هذا الخلاف في إضفاء الشرعية على الأسئلة النسوية في النموذج الماركسي، لكنه فشل في تحديد وتحليل العلاقات الضمنية بين الجنسين التي تقف خلف العمل المنزلي وتقسيم العمل في الأسرة، وفي تناول أسئلة أكثر تخصصًا عن عدم المساواة بين الجنسين والإنجاب. وقد أبرز من نقدن (ونقدوا) هذا الخلاف من النسويات (والنسويين) أوجه القصور الذي شاب التصور الماركسي التقليدي للتراكم، الذي تجاهل دور العمل في إعادة الإنتاج / الإنجاب في هذه العملية (Molyneux 1979; Reneria 1979; Mackintosh 1978).. عبر هؤلاء النقاد عن الاهتمام بالمداخل البنيوية للتقليد الماركسي، حتى لو كان هؤلاء النقاد أنفسهم أقرب لهذا التقليد، من حيث ما يأخذون به من مناهج البحث.
وقد طبق مدخل مشابه على دور عمل النساء الريفيات في البلدان النامية التي تأخذ باقتصاد الكفاف والتي يعمل رجالها في القطاع الرأسمالي “الحديث “. وكما هو الحال في العمل المنزلي، تركز هذه الكتابات على تركز النساء في الأنشطة الإنتاجية والإنجابية / أنشطة إعادة الإنتاج غير المأجورة في أوضاع يعمل فيها الرجال بالعمل المأجور، أما محليًا أو كعمال مهاجرین (Deere 1976). وقد أبرز التحليل الإسهام المهم للنساء في عمل النساء غير المأجور في إعادة الإنتاج الاجتماعي، وفي إمكان إعطاء الرجال العاملين في القطاع الرأسمالي أجورًا منخفضة، بالإضافة إلى توفير مصدر للعمالة الرخيصة من النساء لهذا القطاع. وكما فعل الخلاف حول العمل المنزلي، فقد أضفى هذا الجهد مشروعية على إدخال قضايا النوع في إطار ماركسي يحظى بالقبول العام في علم الاقتصاد التنموي؛ وكما حدث في اقتصاديات الأسرة الجديدة، مثَّل هذا الجهد تطبيقًا جديدًا للتحليل الاقتصادي لمجالات العمل غير المأجور التي سبق تجاهلها، لكن لم يمكن أن تشمل هذه التحليلات البنيوية فهم ديناميكيات العلاقات بين الجنسين وتعقيداتها في إطار الأسرة وأنواع اقتصاد الكفاف، وذلك لأن أسئلتها تمركزت أساسًا حول الذكور.
وقد تناولت النسويات هذه المشكلة، أولاً، بالإشارة إلى أوجه النقص التي تعتور الماركسية التقليدية، وثانيًا، بدمج تصنيفات ماركسية في إطار نسوي (Hartmanm 1979, 1981; Folbre 1982). فقد ناقشت دراسة فولبر مثلاً مدى إمكان تطبيق مفهوم الاستغلال على العمل الذي يجري على المستوى المنزلي. وقد أثار تحليلها أسئلة مهمة حول الإنتاج المنزلي وإمكان مقارنته بعمل السوق، وهو موضوع حظي بمزيد من البحث في عدة كتابات عن تفسير الأنشطة غير مدفوعة الأجر، على الرغم من أنها لم تتبع بالضرورة إطارًا ماركسيًا، وسوف نتناول هذا الموضوع بإسهاب في الفصل الثالث. وعلى مستوى أوسع من مستويات التحليل، استخدم هذا الإطار أيضًا في الخلافات التي شجرت حول قضايا أكثر منهجية، مثل الارتباطات بين الرأسمالية والنظام الأبوي، وبين الإنجاب / إعادة الإنتاج والإنتاج، وبين النظام الأبوي، والأسرة، وسوق العمل (Hartmann 1976a, 1976b; Beneria 1979)
ومن مشكلات استخدام إطار ماركسي في الولايات المتحدة الأمريكية، إن لم يكن في غيرها من الأماكن أيضًا، أنه أزيح إلى هامش المهن الاقتصادية، ومن موقعه هذا, تطور دون تفاعل مع عالمات الاقتصاد النسويات الأخريات، اللهم إلا بقدر قليل ودون حوار كاف معهن. وربما كان النقد ما بعد الحديث “للنظريات الكبرى” وميلها لإضفاء الطابع الجوهري على ما ليس عامًا في كل الكون قد لعب دورًا أهم في إعاقة تحقيق هذا الإطار لمزيد من التقدم وكبح ما كان يمكن أن يحدثه من وقع. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن أوجه النقد التي قدمتها ما بعد الحداثة للنظريات الكبرى تنطبق بنفس القدر على العلوم الاقتصادية التي تحظى بالقبول العام، فقد ظلت هذه الأخيرة أقل حساسية لهذا النقد بمراحل، إن لم تكن محصنة تمامًا ضد التأثر به.
أما العلوم الاقتصادية المؤسسية فقد قدمت سبيلاً آخر للتحليل النسوي. ففي سبعينيات القرن العشرين وبدايات ثمانينياته، مزج علماء اقتصاد العمل بين مدخل ماركسي وآخر مؤسسي لتحليل هياكل سوق العمل وكيف نشأت العلاقات بينها وبين الترتيب الطبقي للعمل، وبينها وبين التفاوتات الطبقية، والعِرقية، وعدم المساواة بين الجنسين (Edwards et al., 1973; Gordon et al 1982). وقد أتاح هذا لأصحاب وصاحبات هذا التحليل مناقشة العمليات التاريخية والمعاصرة لما يحدث في سوق العمل من عزل، وتقسيم، وتمييز، وهي نقاشات تتضمن نقدًا لنموذج سوق العمل التنافسي وإنشاء مدخل بديل لفهم أوجه التفاوت في الأجور والسمات المميزة لها (Reich et al. 1980)، لكنه لم يدمج هذا أيضًا النوع في هذا النموذج كجزء لا يتجزأ منه؛ ففي البداية على الأقل، “أضيفت النساء” على التحليل كطريقة لوصف موقعهن في سوق العمل وشروط مشاركتهن فيه لا كطريقة لتفسير سبب قيام تقسيم العمل في السوق على أساس النوع (Beneria 1987).. لكن النسويات استفدن من هذا المدخل برسم الخطوط التي تربط تقسيم سوق العمل وفصل الجنسين عن بعضهما البعض وبالتركيز على كيفية ارتباط الاثنين بعمليات التنشئة الاجتماعية التي تأخذ مجراها خارج مكان العمل، حيث يجري إعادة إنتاج هذه العمليات وتحويلها إلى أشكال أخرى (Hurtman 1976b; Strober 1984). وقد ركزت إسهامات أخرى من علم الاقتصاد المؤسسي على فكرة أن العمليات الاجتماعية لا تحكمها قوانين عامة وأن معانيها ليست عامة في سائر الكون، ومن هنا تأتي أهمية وضع التحليل النسوي في السياقات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات التي يحللها، بما في ذلك المؤسسات المتغيرة من أجل “تفسير أوجه الحرمان التي تعانيها النساء” (Jennings 1993) .
ومن الإسهامات المهمة الموجهة نحو إنشاء نماذج بديلة النموذج الذي قدمته دراسة آمارتيا سين، ألا وهو نموذج المساومة، الذي التقطت فكرته عن “الصراعات التعاونية” ديناميكيات الأسرة بطريقة أقرب إلى الواقعية بكثير. وعلى الرغم من أن دراسات نسوية قد ناقشت ديناميكيات المساومة في الأسرة (Beneria and Roldan 1987)، فإن تطبيق دراسة سين النظرية اللعب على الأسرة، ورؤيتها للأسرة كموقع للصراعات التعاونية كان إسهامًا جديدًا وخطوة للأمام تتجاوز نموذج الاختيار العقلاني المنسجم. وقد نقدت دراسة سين (Sen 1990) نملاج الكلاسيكية الجديدة على أساس أنها لم تستطع تفسير تدني منزلة المرأة على نحو نظامي في الكثير من المجتمعات، وأقامت على أساس نقدها لها نموذجها الذي يبرز الفكرة القائلة بأن “صراعات المصالح بين النساء والرجال لا تشبه أي صراعات مصالح أخرى، مثل الصراعات الطبقية” –أي أن الصراعات بين الجنسين – تحدث في جميع الطبقات وتتجاوز السمات الاجتماعية المميزة للجماعات على اختلافها. وقد ركزت دراسة سين على فهم إمكانيات التعاون والصراع الناتجة عن الظروف التي ينغمس فيها الرجال والنساء، والمستمدة من اختلاف قوة كل من النوعين على المساومة. وقد أدى هذا إلى فهم العوامل التي يمكن أن تزيد من قوة النساء على المساومة وقدرتهن على الفِعل الفردي، بالإضافة إلى صلاح أحوالهن. ومع تسليم حجة سين بالحالة المركبة للأسرة، فقد كانت تحسنًا في رؤية الأسرة “كموقع للصراع“، وهي الرؤية التي كانت موجودة في التحليل النسوي المبكر. كما أن صياغة نموذج سين كانت أقرب إلى الارتباط بالكتابات السابقة التي تناولت النوع والتنمية.
وعلى الرغم من تعرض صياغة سين للنقد النسوي لأنها لا تركز على العلاقات بين الرجال والنساء مباشرة، فقد أفضت إلى تحليل الأسئلة التي تدور حول العوامل التي تقف خلف تدني منزلة النساء، وجعلهن بلا حول ولا قوة انخفاض قوة الساومة لديهن؛ وبناء على ذلك، استخدمها اقتصاديون آخرون وأخريات كما هي برؤية أقرب إلى النسوية (Seiz 1991; Agarwal 1992; Duggan 1994; Kabeer 2000). فقد وسعت دراسة أجراوال (Agrawal 1992) مثلاً مدخل سين، مع مزيد من التركيز المباشر على علاقات النوع بين الأسر وبعضها البعض. وقد قام تحليلها الثري للعوامل التي تشكل قوة المساومة على أساس معلومات عملية، استقت معظمها من عملها في الهند. وجدت أجراوال في تحليلها أن العوامل المؤثرة في تدني منزلة النساء وقوة المساومة نسبيًا لديهن تشمل التصورات والأعراف الاجتماعية، وإدراك النساء لذواتهن، والغيرية والمصالح الذاتية؛ مع عوامل خارجية أخرى مثل: السوق، والمجتمع المحلي والدولة، وأن هذه العوامل عرضة للتغير من خلال السياسات والعمل. واستخدمت دراسة نايلة كبير (Kabeer 2000)بالمثل مدخلاً قائمًا على المساومة لتحليل اختيار النساء ومفاوضاتهن مع العقود الزوجية المنعقدة تحت النظام الأبوي، التي تشمل إعادة التفاوض حول الحجاب في مواقع جغرافية مختلفة.
مالت المداخل التي اتبعتها النسويات عمومًا وعالمات الاقتصاد النسويات خصوصًا خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين, إلى التقارب لأسباب متنوعة، على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن الإشارة إلى ثلاثة أسباب رئيسية لهذا التقارب.
أولاً, هدد الانتقال المهم إلى سياسات الحقوق في ثمانينيات القرن العشرين بضياع الكثير من المكاسب التي تحققت منذ ظهور الحركة النسائية، وقد أثر التهديد بحدوث رد فعل معاكس في النساء من مختلف المشارب، وقدم لهن قضية مشتركة للنضال السياسي والمساعي الثقافية، ونتج عن ذلك محو جزئي الحدود السياسية بين مختلف المداخل النسوية، مما أرسى دعائم حوار متزايد بينها ودرجة من التقارب حول النظرية النسوية. ومن المثير للاهتمام أن هذا حدث في زمن التأكيد على “الفوارق” داخل الحركة النسوية، مع التركيز على أهمية التمييز بين الخبرات المتنوعة للنساء اللاتي من خلفيات اجتماعية، وعرقية، وجنسية وثقافية مختلفة، وهي عملية ازدادت قوة بفعل تأكيد ما بعد الحداثة على سياسات الهوية والتمثيل. وقد كان التأكيد على الفوارق إلى حد بعيد – في المجال الأكاديمي وغيره – ذا علاقة متساوية بكل المداخل النظرية، مما جعله يقدم أساسًا آخر للتقارب بين هذه المداخل. وقد تجسد هذا الميل إلى التقارب بين المداخل في العلوم الاقتصادية في إقامة الاتحاد الدولي للعلوم الاقتصادية النسوية في عام ١٩9٢، وهو منظمة أقام فيها علماء الاقتصاد وغيرهم من علماء العلوم الاجتماعية من مختلف المشارب منبرًا لمواصلة المناظرات حول علم الاقتصاد النسوي ومناقشة الأهداف المشتركة.
ثانيًا، كان التحول النظري ابتعادًا عن المداخل البنيوية واقترابًا نحو استخدام النوع كفئة مركزية للتحليل عاملاً مهمًا في ظهور صياغات نظرية جديدة. تضمنت فكرة النوع كتأويل اجتماعي – التي لم يكف المفكرون عن تشكيلها وإعادة بنائها– رفضًا للنزعة الجوهرية في الكتابات النسوية، وزعزعت ثبات الفئات والروابط التي سبق افتراض وجودها بين البنية والظروف الاجتماعية – الاقتصادية التي تؤثر في الرجال والنساء. وفي نفس الوقت، لم يكن “النوع” بديلاً عن “النساء“، بل كان طريقة لتوضيح الفكرة القائلة بأن “المعلومات المتعلقة بالنساء هي بالضرورة معلومات عن الرجال“(Scott 1986).. وهاكم ما ورد عن ذلك في دراسة سكوت بالنص:
يستند لب التعريف على الرابطة بين قضيتين: أن النوع عنصر مكون للعلاقات الاجتماعية القائمة على فوارق محسوسة بين الجنسين، وأن النوع علاقة دالة على القوة في المقام الأول. (ص١٠٦٧)
وقد أخذت دراسة سكوت في الاعتبار أن النوع عصر مكون للعلاقات الاجتماعية القائمة على فوارق محسوسة بين الجنسين، ووصفت استنادًا إلى ذلك أربعة عناصر ذات علاقات ببعضها البعض تشمل النوع: الرموز المتاحة ثقافيًا، والمفاهيم المعيارية التي ترسي تفسيرات معاني النوع، ونُسُق القرابة، والهوية الذاتية. إن الطبيعة الشاملة لهذه العناصر قد أدت بالباحثة إلى القول بأن النوع موجود في كل مكان“. وقد أثرَت قوة هذه التصورات مختلف المداخل المؤدية للتحليل النسوي، وأسهمت في محو الفوارق بينها جزئيًا، سواء على المستوى التحليلي أو على المستوى العملي.
لكن دراسة سكوت أكدت أيضًا للأسف على فكرة أن النوع يتحول إلى طريقة للإشارة إلى “التعليلات الاجتماعية“، متجاوزًا بذلك دور التعليلات المادية. وقد أسهم هذا المنظور في تجاهل الأبعاد الاقتصادية في النظرية النسوية. إن النوع موجود حقًا في كل مكان، بما في ذلك المنظورات المهمة – التي كثيرًا ما تكون جافة – للعالم المادي للاقتصاد وارتباطاته الهيكلية. وقد نتج عن التيارات الثقافية لما بعد الحداثة نمو هائل في النظرية النسوية في ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته. وامتزجت قوة النوع كفئة تحليلية بالنقد الذي وجه للوضعية وللنظرية الكبرى التي تميزت بها المداخل النسوية المبكرة. وقد قوض النقد ما بعد الحداثي الدعائم الراسخة لفئات التحليل، وفتح الباب لأسئلة جديدة حول أكثر طرق التنظير وإجراء الأبحات فعالية. وقد أشرت في مواضع أخرى إلى أنه على الرغم من أن ما بعد الحداثة كان لها وقع مهم على مجالي العلوم الإنسانية والأدب، فقد أثرت أيضًا بقوة في العلوم الاجتماعية. أما حتى لو كان أثر ما بعد الحداثة في العلوم الاقتصادية هامشيًا، فإن الكتابات السابقة عن البلاغة التي كتبت بها النصوص الاقتصادية قد أوضحت وقعها عليها، كما يتضح من كتابات الاقتصاديين ديردري ماكلوسكي، وآرجو كلامار، وويليام ميلبيرج، وجاك آماريجلي، وغيرهم. لقد كانت كتاباتهم مؤشرًا للتحول من التركيز على تحليل العلِّية – الذي كان منتشرًا جدًا في الاقتصاد – إلى التركيز على تحليل المعنى. فكتابات ماكلوسكي عن أسلوب النصوص الاقتصادية مثلاً يظل جهدًا مهمًا لتحليل “منهج البحث الرسمي للعلوم الاقتصادية” كخطاب حداثي يفرط في إيمانه بقوة الرياضيات ومناهج البحث الكمية. وقد كان لهذه الكتابات وقع على الاقتصاديات والاقتصاديين النسويات والنسوبين يسر لهم صياغة أسئلة جديدة حول الخطاب الاقتصادي وما فيه من أوجه التحيز نحو التمركز حول الذكور، وأثار أسئلة جديدة ومهمة حول طبيعة هذا الخطاب وفرضياته الأساسية، كما سنناقشه فيما يلي.
شهد تأثير النسوية في التحليل الاقتصادي نموًا تدريجيًا أثناء سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، وخاصة منذ بدايات تسعينياته، ويرمز إليه ميلاد الجمعية الدولية للعلوم الاقتصادية النسوية (LAFFE) وصحيفتها فيمينيست إيكونوميكس (Feminist Economics) وتزايد وجودهما في المهن الاقتصادية. ومن رموز نمو هذا التأثير أيضًا إصدار كتاب ما وراء الإنسان الاقتصادي Beyond (Ferber and Nelson 1993) the Economic Man وما حققه من نجاح، وكان يحمل عنوانًا جانبيًا “محققًا لشمول المعنى” هو النظرية النسوية والعلوم الاقتصادية، مما يشير إلى طبيعته التي تجمع بين عدة تخصصات علمية وصفته النسوية، كما يشير إلى تركيزه على مبحث العلوم الاقتصادية. ومنذ ذلك الحين، كتب الكثير عن هذا الموضوع. واستمرت العلوم الاقتصادية النسوية في أن تطرح على المهنة أسئلة تنطوي على تحديات لها – وهو ما أسماه ألبيلدا “قلاقل في المجال” – وفي تقديم بدائل للتحليل التقليدي. والمجالات التالية التي ركزت عليها هذه العلوم تمثل بعض – لا كل – الأمثلة الإيضاحية لما أنجز من عمل.
أولاً، ركز كم هائل من الكتابات على التفسير الاجتماعي للاقتصاد باعتباره مبحثًا علميًا. وقد انصب التركيز بوجه الخصوص على تفكيك العلوم الاقتصادية التي تحظى بالقبول العام، خاصة في شكلها الكلاسيكي الجديد، كما انصب على تحيزاتها الضمنية عمومًا، ومن منظور نسوي. شمل هذا الجهد نقدًا للطرق التي يفترض أن السوق ومجتمع السوق يؤديان بها وظائفهما، وهي طرق ننقل ما تقوله عنها ديانا ستراسمان بصميم عبارتها، إذ تقول انها تخفى “منظورًا عن الذات والقدرة الفردية على الفعل، يتميز بأنه منظور عربي ومتمركز حول الذكور بشكل بارز” (Strassmann 1993)، وقد صحب هذا النوع من النقد مناظرة مفتوحة حول طبيعة السوق، والطرق التي تتبني بها أهداف وأفعال الأفراد والمجتمعات المحلية، بالإضافة إلى وضع حد لهذه الأهداف والأفعال. وقد أوضحت المناظرات أن العلوم الاقتصادية النسوية تشمل تنويعة صحية من وجهات النظر والمداخل، تتراوح بين الدفاع عن الأسواق كمصدر للنمو المادي والحرية الفردية، وبين أوجه نقد متنوعة لها على أساس عدم قدرتها على تحقيق هذه الأهداف للجميع.
وكما سنسهب في تناول الموضوع فيما سيلي، فمن هذا النقد ما ركز على المزاعم التي تفترض أن العلوم الاقتصادية رشيدة، وأن سلوكها يعظم تحقيق الأهداف كمعيار سلوكي بني على أساسه التيار السائد في الاقتصاد. وقد شككت عالمات وعلماء الاقتصاد النسويات والنسويون في المبادئ الأساسية لمبحث العلوم الاقتصادية، مثل القوة البلاغية للسعي نحو الكفاءة. وقد ناقشن وناقشوا – بمنهج نقدي – مفهوم الكفاءة نفسه وموقعه المركزي في التحليل الاقتصادي، على أساس ما يلي: أ) تعترض النزعة النموذجية لدى باريتو أن “معايير صلاح الحال الاقتصادي يمكن تجميعها في مقياس واحد“، ب) “لا بد أن تظل مسائل التوزيع خارج نطاق علم الاقتصاد” (Barker 1995, 35). وقد شككت عالمات وعلماء الاقتصاد النسويات والنسويون بالمثل في “حجية علم الاقتصاد كمبحث علمي“، وهي الحجية التي استخدمها التيار السائد في المهن الاقتصادية لفرض آرائه عن ما يشكل التحليل الاقتصادي، وللتوحيد بينه وبين مدخل معين:
إن إهدار ما يمكن أن يعتبر من العلوم الاقتصادية، يجعل هذا التوحد مع [التيار السائد في العلوم الاقتصادية] يعرقل النماذج المقبولة الاختلاف وجهات النظر بطريقة تخرس أصوات الطعون الجادة التي وجهت لوضع الفردية المعنية بالمصالح الذاتية والتبادل التعاقدي في موضع الأولوية.(Strassmann 1993, 55)
وعلاوة على ذلك، تولت عالمات وعلماء الاقتصاد النسويات والنسويون تفكيك مبادئ أساسية أخرى في المهن الاقتصادية، مثل الطريقة التي تضرب بها قصة روبنسون كروزو على وتر حساس في مخيلة كثير من علماء وعالمات الاجتماع، إذ كثيرًا ما تستخدمها الكتب الدراسية الاقتصادية كمثال للإنسان الاقتصادي الخالص. فروبنسون كروزو النموذج الأولى للإنسان الاقتصادي، فهو مكتف ذاتيًا لكنه يخفي استخدامه لقوة عمل الآخرين. وقد ذهبت أولاً جرابارد (Ulle Grapard 1995) بلهجة شديدة الحدة إلى أن هذه الصورة القوية لا تكشف عن علاقات القوة وعلاقات التبادل غير المتساوية، وأنها تتجاهل عناصر السيادة والاستغلال بينما تتجنب “العبء الأخلاقي لتناول القضايا المقلقة في سردياتنا، ألا وهي قضايا العِرق والنوع” (ص۳۳).
وثانيًا؛ وعلى وجه الخصوص، فإن علماء وعالمات الاقتصاد النسويين والنسويات قد شككن وشككوا في التأكيد المركزي الذي يوضع على الاختيار كبؤرة للتيار السائد في التحليل، وقارنوه بالتركيز على تموين الفرد والمجتمع بما يكفل صلاح الحال كهدف مركزي بديل للعلوم الاقتصادية. وقد سارت جولي نيلسون (Julie Nelson 1993) على هذه الخطوط لتوضح الحاجة إلى تعريف للعلوم الاقتصادية يركز على إعداد البشر بما يصلح حياتهم لا على مجرد الاختيارات الرشيدة بين بدائل. ومن المؤكد أن النسويات والنسويين لسن فريدات في إثارة هذا السؤال، بل إنهن انضممن إلى أصوات أخرى تشكل جوقا يتحدث من منظورات مختلفة. فمثلاً، صرحت دراسة كينيث بولدينج بأن “العلوم الاقتصادية الحديثة قد اتجهت تمامًا نحو رؤية الحياة الاقتصادية كمجتمع ينظمه التبادل، وقد فقدت إلى حد بعيد الإحساس بأنها عملية إمداد الجنس البشري – بل والمجال الحيوي بأكمله – باحتياجاته” (ورد في نيلسون: (Nelson 1993, 23).. وكما ذكرنا في الفصل الأول، كتب مؤلفون أخرون عن “اللامبالاة المتناهية” التي تبديها الاقتصاديات التقليدية تجاه قضايا اجتماعية ضاغطة مثل الفقر، والاحتياج إلى الرعاية الصحية، وتدهور الأحوال الاجتماعية لنسبة من السكان، وما يماثلها من قضايا(Heilbroner and Milberg 1995). لكن عالمات وعلماء الاقتصاد النسويات والنسويين قد أضفن بعدًا جديدًا لهذه الأنواع من النقد، تؤكد على أهمية العمل غير المأجور، “والعمل برعاية الآخرين“، واقتصاد الرعاية لإمداد البشر بما يصلح الأحوال.
وقد قدمت الاقتصاديات والاقتصاديون النسويات والنسويون إسهامًا مهمًا في إعادة النظر في العلوم الاقتصادية بتركيزهن على أهمية دور النساء في الإمداد بالتموين وما فيه صلاح حال البشر وعلى تركيزهن التقليدي على العمل غير المأجور. كما أبرزن أيضًا طبيعة العمل غير المأجور ووظائفه وأسهمن في إثارة مشكلة بخس عمل النساء حقه في التقارير الإحصائية عن العمالة على المستوى القومي وتقارير الدخل القومي، التي تقدر على أساسها أهمية الأنشطة غير مدفوعة الأجر بالنسبة لإعادة إنتاج المجتمع وقيام الاقتصاد بوظائفه. كانت الأسئلة التي تتناول العمل غير المأجور تركز أصلاً على العمل المنزلي، الذي كتب عنه الكثير في السنوات المبكرة للحركة النسوية. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، تصدت الحركة على المستوى الدولي لقضية خفاء أنشطة النساء وكيفية قياسها، ونتج عن ذلك كم هائل من الكتابات. وقد ركزت الاقتصاديات والاقتصاديون النسويات والنسوبون على المستوى النظري والعملي على أن العمل برعاية الآخرين مسألة مركزية، وعرفوه بأنه “العمل الذي يقوم به الإنسان بدافع المحبة أو الإحساس بالمسئولية عن أناس آخرين دون انتظار الحصول على مقابل مالي فوري” (Folbre 1995b, 2000). وقد كانت هذه المسألة أساسية في النظرية النسوية وفي دوائر النشاط النسوي على أساس الأهمية القصوى التي تشكلها الطرق التي تقدم بها النساء الرعاية للأطفال لفهم كيف تعامل النساء عبر البلدان. وتساوى مع ذلك أهمية تحليل السياسات العائلية الذي شاركت فيه الكثير من الاقتصاديات النسويات نظريًا وعمليًا.
ثالثًا: كان التحليل النسوي هامًا من حيث تنبيه لتحيزات الكثير من المبادئ التي تشكل خلفية النماذج التقليدية للاقتصاد الصغير, مثل افتراضاتهم في نظرية الاستهلاك وتخصيص الوقت، وهي افتراضات ذات صبغة فردية ومتمركزة حول الذكور. وقد ركز جزء معتبر من هذا النقد على فكرة أن هذه النماذج قائمة على أساس افتراض أن سلوكيات الفاعلين الاقتصاديين رشيدة اقتصاديًا، ومن ثم استبعدت تأثيرات أي شكل من أشكال العلاقات العاطفية التي تتدخل في اختيارات الفرد. وقد نبهت باولا إنجلاند (Paula England 1993) إلى أن ثلاثة من الافتراضات الأساسية في النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة تنبع من “نموذج ذاتي منفصل” للطبيعة البشرية، وهي بالتحديد: استحالة إجراء مقارنات بين الأشخاص عن ما ينفع كل منهم، وتولد النماذج الاقتصادية خارج سياق حياة البشر وما لهذه النماذج من ذوق يميل للسكون، والسلوك الرشيد/ الأناني الذي يؤثر في قرارات الفرد، فقالت:
[إن هذا النموذج] … يفترض مسبقًا أن البشر مستقلون باتخاذ قراراتهم، ومحصنون ضد المؤثرات الاجتماعية، وليس لديهم ارتباط عاطفي كاف ببعضهم البعض بحيث يجعل تبادلهم للتعاطف ممكنًا (England 1993, 38)
والحقيقة أن هذه الافتراضات لا تصدق في كثير من الأحيان وهي غريبة عن الطرق السائدة التي يتعامل بها الناس – ولاسيما النساء – مع بعضهم البعض بطرق تتضمن ارتباطات عاطفية مع الآخرين لا انفصالاً عنهم. وتذهب إنجلاند إلى أن افتراض وجود ذات “مرتبطة بالآخرين” أو “في علاقة مع الآخرين” يتضمن إمكانية إجراء مقارنات بين الأشخاص عن ما ينفع كل منهم، بالإضافة إلى فهم أفضل للتأويل الاجتماعي للأذواق وتغيرها المستمر. ويتضمن أيضًا نوعًا من السلوك البشري قائم على أساس التعاطف، والغيرية، ورعاية الآخرين لا على مجرد الاقتصاد الرشيد والأنانية اللذين تفترضهما النماذج التقليدية. ويرجح أن يتولد عن هذا النوع من السلوك ميل للتعاون مع الآخرين لا للتنافس معهم، سعيًا لإيجاد حلول جمعية لا فردية. ولهذا التحليل وقع بعيد المدى على النظرية الاقتصادية، إذ يشير إلى أن النماذج الموجودة أما أنها غير واقعية أو ناقصة من حيث كم الناس الذين يتصرفون على هذا النحو.
وقد كان النقد النسوي للنماذج الكلاسيكية الجديدة أهمية مساوية لذلك، التحليل، مثل الحالة التي ذكرناها للتو، ألا وهي حالة اقتصاديات الأسرة الجديدة وما يدعمها من نظرية العائلة على نهج جاري بيكر، على أساس أنها “تبسيطية بشكل قاتل“، و“لا علاقة لها بالموضوع” و “مضللة” في فهم مشكلات النساء (Bergmann 1995). وينبه نقد بيرجمان إلى أن اقتصاديات الأسرة الجديدة التي صنف تحليل بيكر مدخلها، تصور المؤسسات بصورة البريء وتصور الأفراد بصورة القادرين على تحقيق أهدافهم من خلال السوق، ومن ثم تؤدي إلى خلاصة مفادها أن التدخل الحكومي لا فائدة له بل قد يكون ضارًا. لكن دراسة بيرجمان تضيف أن الأمر ليس بالضروري على هذا النحو، وتشير إلى كثير من الأحيان كان فيها التدخل الحكومي لازمًا. وقائمة أسماء عالمات وعلماء الاقتصاد النسويات والنسويين اللاتي يتفقن مع هذا الرأي طويلة. فبدلاً من أن تقدم هذه النماذج الطرق التي تتحدى التقسيم التقليدي للعمل الذي “يتخصص” الرجال بموجبه في العمل المأجور والنساء في العمل المنزلي أو غيره من الأعمال غير المأجورة، فقد سلمت بوجود مجموعة مفترضة من السمات (الساكنة) المميزة للجنسين، مثل أن النساء يفقن الرجال في الطهو ورعاية الأطفال بينما يفوق الرجال النساء في العمل في السوق، وذلك كي تفسر وتبرر تقسیم العمل التقليدي المنحاز لنوع ضد آخر، وما يواكبه من أوجه عدم المساواة بين الجنسين داخل الأسرة وخارجها. وعلى عكس ذلك، بدأت النسويات في التشكيك في التنشئة الاجتماعية للجنسين وتنميطهما حسب صورة معينة للنوع، وذلك لكي يغيرن هذه النتائج، وهكذا نبذن الافتراضات القائمة على أساس النوع في النماذج النظرية.
رابعًا: تجاوز تحليل عمل النساء في علاقته بتوفير الفرص المتساوية تحليل التمييز والفصل في العمل، وكان محوريًا بالنسبة لعلم الاقتصاد النسوي في سوق العمل ومخرجاته، إذا لم يكن أقرب للتقليدية مثل النوع الثاني من التحليل. وقد اضطلعت مجالات بحث كثيرة بهذه المهمة. شمل أحدها تحليلات لمشاركة النساء في القوى العاملة وسياسات التوظيف، وسياسات العائلة، وغيرها من العوامل المؤثرة في إدخال النساء في زمرة القوى العاملة مدفوعة الأجر (Suober 198; Blau and Ferber 1986; Power and Rosenberg 1995; Trzcinski 2000; Rubery et al. 2001). ويشمل هذا فهم لنظم وقت العمل، والفوارق المتعلقة بالطبقة، والعِرق، والانتماء لجماعة ثقافية، والطبيعة الجنسية، وتحليل التراتب الهرمي في سوق العمل المتعلق بالتمييز بين النساء والرجال والفصل بين الجنسين 5. ومن الإسهامات المهمة لتلك الكتابات الخلاصة التي مفادها أن موقع النساء في أي مجتمع بعينه لا تحكمه التشريعات الموجودة التي تنص على تساوي الفرص، بقدر ما تحكمه عوامل مؤسسية مثل السياسات الفعالة لسوق العمل، وتخصيص الوقت للعمل المأجور والعمل غير المأجور، والأمان الاجتماعي، والحق في الرعاية الاجتماعية، والنظام المؤسسي الذي يحدد الأجر (Laufer 1998; Ruery et al. 1998; Bruegel and Perrons 1998) ويوجد مجال عمل متعلق به يشير إلى سياسات الضمان الاجتماعي وإصلاحاتها. في حالة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ثارت خلافات حول هذه القضية نتج عنها كم هائل من الكتابات عن تشريعات العمل / الأسرة وعن المشكلات التي تواجهها النساء والعائلات عند المستوى المتدني للأجر في سوق العمل (Blank 1994; Bergmann 2000; Albelda 2001)، وأخيرًا، فقد شاركت عالمات الاقتصاد النسويات في الخلاف الدائر حول الأنواع الأخرى من المبادرات السياسية، مثل الترويج لمخططات لحد أدنى للدخل في مختلف البلدان (Lavinas 1996; McKay 2001) وفي المسائل المتعلقة بسياسات التأمين الاجتماعي ومختلف أشكال وقعها على الرجال والنساء(MacDonald 1998; Bergmann 2000).. وعند النظر إلى هذه الجوانب المختلفة للكتابات التي تناولت عمل النساء مجتمعة تجدها تبين أن عالمات الاقتصاد النسويات قد نظمن جدول عمل يتجاوز التحليل الأقرب للتقليدية لرأس المال البشري وقوى السوق ليضغطن من أجل الحصول على الفرص مع تأكيدهن على أهمية عوامل مثل الحقوق الإنجابية، والسياسات العائلية، واقتصاد الرعاية، والسياسات المناهضة للتمييز التي تتجاوز الأشكال الأشد تقليدية من التمييز مثل الأجور والفصل بين الجنسين في أماكن العمل، وهي أمور قتلت بحثًا وتحليلاً أيضًا.
وخامسًا: شاركت عالمات الاقتصاد النسويات في التحليل الذي يقوم على تداخل المباحث العلمية من خلال استخدامهن للنظرية النسوية – التي تخترق مباحث علمية مختلفة – وبإدخال الكتابات والاهتمامات المستمدة من مجالات بحث أخرى في عملهن، والانخراط مباشرة في المناظرات التي تولدت في المباحث العلمية الأخرى. وويمكننا أن نضرب مثالاً إيضاحيًا بدراسة فرنسيز وولي (Frances Wooley 2000) التي ناقشت دراسة جون راؤول المعنونة نظرية للعدالة ، والتي تحلل مشكلة العدالة بين الأجيال بالتركيز على الآباء والأبناء. أما دراسة وولي فقد جلبت الأمهات إلى العَقد الاجتماعي الذي قال به راؤول، والذي يفترض وجود الغيرية في الأسرة والأنانية في السوق كما قال بيكر. وبإدخال دراسة موللي للوالدين كليهما في نموذج راؤول عن نقل الموارد من جيل إلى الجيل الذي يليه، فقد أبرزت أهمية التفاعل المتبادل بين اختيارات الوالدين كليهما، منبهة إلى أهمية أدوار الجنسين وتوزيع الموارد بين العائلات في هذه العملية. وبهذا، تفتح دراسة موللي سبلاً جديدة لإجراء تحليل نسوي للعائلة من حيث اندماج الاختيارات في بعضها البعض.
وحتى لو تعذر إيجاد هذا الحوار بين المباحث العلمية دائمًا، يمكن أن نجده في محلات مثل فیمینیست إيكونوميكس وغيرها من الإصدارات التي أسهم بها أيضًا علماء من فروع أخرى غير العلوم الاقتصادية من خلال موضوعات متنوعة (Peterson and Lewis 1999) لأعط مثالاً إيضاحيًا بالفيلسوفة ساندرا هاردينج (Harding 1995) التي شاركت في المناظرة الدائرة حول الموضوعية في العلوم الاقتصادية، منبية إلى أن نماذج المعرفة العملية التي ينظر إليها بوصفها “موضوعية“، بما في ذلك العلوم الاجتماعية، كثيرًا “ما تعبر فقط عن مشروعات المؤسسات السائدة وتخدمها“، وهي المؤسسات التي استبعدت منها النساء (ص 8). ويترد صدي حجتها عاليًا بين النسويات من عالمات الاقتصاد وغيره من العلوم الاجتماعية ممن شاركن في هذه المناظرة.
يقدم مجال النوع والتنمية الأمثلة الإيضاحية على الأعمال البينية التي تستخدم المباحث العلمية المختلفة، خاصة تلك الأعمال التي تنتج عن أن عملية التنمية عملية متعددة الأبعاد وشاملة. يمكن أن نجد هذا الميل بين مؤلفين أفراد كما نجده في كثير من الحالات في كتابات شارك فيها أكثر من مؤلف، بما في ذلك عالمات وعلماء العلوم الاقتصادية والاجتماعية. وكثيرًا ما اعتمدت عالمات الاقتصاد النسويات على إسهامات علماء وعالمات الأنثروبولوجيا كي يفهمن، مثلاً، مدى التعقيد والاختلافات الثقافية في توزيع الأرض، بالإضافة إلى المعايير والتقاليد التي تؤثر في حقوق الملكية والحصول على الموارد في مختلف المجتمعات (Agarwal 1994; Deere and Loon 2001). وبالمثل، فإن مشكلة “النساء الغائبات” – التي تشير إلى ما لوحظ من انخفاض نسب الإناث إلى الذكور تقليديًا في كثير من المناطق، لاسيما في البلدان الآسيوية، مثل باكستان، وبنجلاديش، والهند والصين – قد استفادت من مدخل بيني من مباحث علمية مختلفة يمكن أن تساعد في تفسير المستويات المتعددة لهذه الظاهرة، ألا وهي المباحث الأنثروبولوجية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية (Dreze and Sen 1989; Balakrishnan) . ومن المؤكد أن عالمات الاقتصاديات النسويات المهتمات بمجال التنمية قد ركزن أيضًا على تحليل اقتصادي أضيق وأكثر تخصصًا يساعدهن على إقامة حوار مع علماء الاقتصاد الذكور.
وأخيرًا، أنتجت عالمات الاقتصاد النسويات كتابات كثيرة جدًا عن مجال النوع والتنمية وعن مجال العمالة، والنوع، والعولمة على المستوى الدولي. وقد كان التركيز على البلدان النامية واحدًا من مكونات معظم المجالات التي ناقشناها حتى الآن، لكن هذا المجال يشمل تركيزًا أكثر تخصصًا على التنمية. انتقلت هذه الكتابات من التركيز في سبعينيات القرن العشرين على قضايا الاقتصاد الصغير التي تتناول مثلاً: النساء القرويات، وتقسيم العمل على أساس الجنس، وأسواق العمل عبر البلدان والمناطق، إلى ما شهدته ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين من التوسع الجديد لهذه الكتابات في مجالات جديدة من مجالات تحليل النوع، فقد انتقلت من الاقتصاد الكبير إلى البيئة، ومن قضايا النوع والتبادل إلى حقوق النساء وسبل حصولهن على الموارد، بما في ذلك حقوق الملكية والتعليم. يشمل المجال أيضًا إسهامات ثرية تركز على العائلات والأسر، باعتبار كليهما مواقع للإنتاج وإعادة إنتاج المجتمع عبر البلدان والثقافات. يقدم بقية هذا الفصل، وبقية فصول الكتاب، مزيدًا من الوصف التفصيلي للمجال.
وتلخيصًا لما سبق، أذكر أن نجاح العمل الذي أنجز تحت مظلة “العلوم الاقتصادية النسوية” له جانبان، فهو من جهة يتناول التفسيرات الاجتماعية والأسس الاقتصادية لتدني منزلة النساء، بما لذلك من وقع مهم على فهمنا للعوامل التي تولد مختلف أشكال عدم المساواة بين الجنسين وعلاقات القوة القائمة على التراتب الهرمي، وللسياسة والحركة، كما يتناول مسائل مصالح النساء واحتياجاتهن. وهو من جهة أخرى يتحدى بعض المبادئ المهمة والافتراضات الأساسية في مبحث العلوم الاقتصادية، إما انضمامًا إلى غيره من النقاد من أصحاب مختلف المنظورات أو تمثيلاً لإسهام نسوي فريد. وعلم الاقتصاد النسوي يتجاوز بهذا المعنى المشروع النسوي الأكثر صراحة بتشكيكه في طبيعة التحليل الاقتصادي نفسه وفي أهدافه، وهو يقوم بدور نقدي مهم للمهنة ككل.
سبق أن ذكرت أن نشر کتاب بوزراب المعنون دور النساء في التنمية الاقتصادية في عام 1970 (Boserup 1970) قد أوضح أن عملية التنمية لم تكن محايدة بين الرجال والنساء. وهذا يبدو واضحًا الآن، لكن ربما نسي الكثيرون منا ما كان لبحثها من وقع في زمن نشره. كان لبوزارب الكثير من الإسهامات التي ناقشها علماء العلوم الاقتصادية وغيرهم من علماء العلوم الاجتماعية على نطاق واسع منذ ذلك الحين (Beneria and Sen 1981; Harriss White 1998, 2002; Tinker 2002). وقد مثل كتاب بوزارب نقطة تحول في كتابات التنمية من منظور عالمات الاقتصاد النسويات، وكان له الكثير من العواقب على السياسة والحركة النسويتين. وعلى الرغم من أن تحليل بوزارب لم يكن له محتوى نسوي واضح، فإن اعترافها بدور النساء في التنمية الاقتصادية قد أكد الطرق التي اصطبغت بها عمليات التنمية بصبغة النوع وكيف همش التحديث النساء. وقد أدى بها هذا إلى المحاجاة من أجل دمج النساء في التنمية، وهي فكرة نوقشت مرارًا وتكرارًا خلال العقود الثلاثة الماضية.
وقد بني الكم الهائل من البحوث التي أجريت منذ ذلك الحين على كتاب بوزارب وتجاوزته. وقد ركزت نسبة طيبة من الكتابات التي تناولت النساء والتنمية في سبعينيات القرن العشرين على “استكشاف” أبعاد النوع في الكتابات السابقة عن التنمية التي لم يكن لها طابع يمس النوع. وقد تشكل تحليل بوزراب بفعل قبوله لنظرية التحديث. وقد ركزت الكتابات النسوية التي تلت ذلك على كل من نقد نظرية التحديث وتعميق فهمنا لكيفية تأثير عمليات التنمية على النساء والانقسامات بين النوعين في مختلف المجتمعات والثقافات. وفيما بين عامي ۱۹۷۰ و ١٩٨٥، قدم علماء الاقتصاد وغيره من العلوم الاجتماعية إسهامات مهمة للمجال، ركزت في معظمها على الدراسات على المستوى الاقتصادي الصغير وتناولت الكثير من القضايا التي ناقشناها فيما سلف.
وبحلول مؤتمر العقد الدولي للمرأة التابع للأمم المتحدة في عام 1985 في نيروبي، كانت النسويات قد بدأن في إعطاء المزيد من الانتباه إلى قضايا السياسة والاقتصاد الكبير. فقد بدأن – مثلاً – في مناقشة أبعاد النوع في برامج التكيف الهيكلي، والتدهور البيئي، والتغير التكنولوجي. وبالمثل، فإن عمليات مثل تلك المرتبطة بإعادة الهيكلة الاقتصادية، والتفكيك النهائي لأوصال دولة الرعاية الاجتماعية في الكثير من البلدان، وتأنيث أسواق العمل وإسباغ الطابع غير الرسمي عليها، وتأثير العولمة على تحرير الإنتاج والتجارة قد قدمت في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين مزيدًا من الشواهد على أهمية التحليل الحساس للنوع على مستوى أكبر. كما أن لجنة العمل المنبثقة في بكين عن مؤتمر الأمم المتحدة الرابع عن النساء في عام 1995 أشارت إشارة صريحة إلى الحاجة إلى مراجعة وتعديل أهداف الاقتصاد الكبير والسياسات الاجتماعية بمشاركة تامة من النساء مع أخذ أهداف اللجنة في الاعتبار. وقد أتاحت السياسات الليبرالية الجديدة للنسويات الكثير من الفرص لتحليل آثارها من منظور النوع في كثير من البلدان، مثل ما يتعلق بآثار إنقاص الميزانيات الحكومية على الميزانيات المخصصة للرعاية الاجتماعية وعلى تفكيك الميزانيات المنزلية Bakker 1994)). كما أن سياسات التنمية وحزم التكيف الهيكلي لثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين قد أثارت مجموعة متنوعة من الأسئلة حول التحيز ضد النساء في الاقتصاديات الكبيرة، ونتيجة لذلك، مهدت الساحة لمزيد من دمج النوع في النماذج الاقتصادية الكبيرة. وفي زمن أحدث، ظهرت أيضًا كتابات عن أبعاد النوع في التجارة والتمويل العالميين. والقسم التالي من هذا الكتاب يركز بمزيد من الصراحة على هذه المجالات التي حدث فيها تقدم نحو إدخال النوع في التحليل الاقتصادي منذ تسعينيات القرن العشرين.
إن أزمة الدين الأجنبي التي اختمرت خلال نهايات سبعينيات القرن العشرين وبدايات ثمانينياته في الكثير من البلدان النامية قد طفت على السطح ورأتها عامة الجماهير في 15 أغسطس ۱۹۸۲، حين أعلنت المكسيك عجزها عن الوفاء بسداد الديون واتخاذها لأول حزمة من سياسات التكيف الهيكلي لإنقاذ الوضع. أتت هذه الحزمة بعد ما صار النموذج المثالي لصندوق النقد الدولي التابع للبنك الدولي الذي استلهمته مجموعة السياسات الليبرالية الجديدة المرتبطة بإجماع واشنطن، والتي تشمل مشاركة البنك التجاري الدولي ومساعدة حكومات البلدان ذات الدخول العالية، مع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالدور الرئيسي القوي. وخلال ثمانينيات القرن العشرين، اتبعت كثير من البلدان الأخرى في أمريكا اللاتينية وإفريقيا النموذج المكسيكي، ويمكن أن يقال نفس الشيء عن بلدان أوروبا الشرقية خلال الفترة التي ما بعد أحداث عام ١٩٨9. وقد اتخذت البلدان التي واجهت أزمة اقتصادية إجراءات تقشف مماثلة في تسعينيات القرن العشرين، وهذه البلدان هي: المكسيك في عام 1994، والبلدان التي تأثرت بالأزمة الآسيوية في عام 1997، وروسيا في عام ١٩٩٨، وعادت الأرجنتين إلى هذه الإجراءات في الكثير من المناسبات خلال عام ٢٠٠٢. وقد خضعت هذه البلدان كلها لتدابير تقشف قاسية تمثل تنويعات بسيطة على نموذج صندوق النقد الدولي. ومنذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، توقفت الإشارة إلى إجراءات التقشف باسم سياسات التكيف الهيكلي، ربما لأن سياسات التكيف الهيكلي قد باتت ساحة للخلاقات والنزاعات الشديدة، رغم أن مختلف البلدان استمرت في الأخذ بها.
وسرعان ما اتضح بعد بدء تنفيذ سياسات التكيف الهيكلي أن حمل التكيف لم يوزع توزيعًا متساويًا على السكان. فقد أظهرت الدراسات أن الكثير من البلدان قد سجلت ارتفاعًا في مستويات الفقر، وتفاوتًا في الدخل، واستقطابًا اجتماعيًا للعوامل التي تشكل جذور مشكلة الفقر المعترف بها التي نوقشت في الفصل الأول. وخلال الفترة الأولى لسياسات التكيف الهيكلي، أدى الغياب النهائي للسياسات الاجتماعية، ممتزجًا بتناقص الخدمات الاجتماعية إلى أن صارت الأسرة هي الملجأ الوحيد التي يمكن التعامل فيه بشكل يومي مع الآثار السلبية للتكيف، الناتجة مثلاً عن ارتفاع مستويات البطالة والتآكل العميق للميزانية. وعبر السنوات، وثقت الدراسات التكاليف الاجتماعية للتكيف الهيكلي التي أثرت في نسبة كبيرة من السكان (Corina et al. 1987;)؛ والجنة الاقتصادية لأفريقيا (ECA 1989)، وسكرتارية الكومونولث(Commonwealth Secretariat 1990) واللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية (ECLAC 1990, 1995)
وقد شجب جو ستيجليتز، الرئيس السابق للبنك الدولي والحاصل على جائزة نوبل، في عدة مناسبات الطرق التي مالت بها السياسات إلى خلق مشكلات فساد من خلال الخصخصة، وفتح الأبواب أمام المضاربات في “رؤوس الأموال التي تحول من مركز تجاري إلى آخر لاستثمارها هناك بأرباح أعلى hot money” والتي نتجت عن تحرير السوق الرأسمالي، مما ولد زعزعة في عمليات تدفق رأس المال. وقد ملك تعبير “قلاقل صندوق النقد الدولي” ، وهي ظاهرة كثيرًا ما سجلت في البلدان التي واجهت ضغوطًا على ميزانية الأسرة بسبب ما أدخلته سياسات التكيف الهيكلي من تسعير للسلع على أساس سعر السوق. وهذا يميل إلى رفع أسعار السلع الأساسية كالغذاء، والماء، والوقود المستخدم في الطهو، مما يتجسد في مختلف أشكال الضيق الاجتماعي. وفي هذا الإطار، ينظر إلى التجارة باعتبارها الشكل الأساسي من أشكال الحد من الفقر، بزعم أن الأسواق هي أفضل شكل للتخلص تمامًا من الفقر.
وبالإضافة إلى تناول الدراسات لوقع التكيف الهيكلي على السكان ككل، فقد وثقت الدراسات التي ركزت على أبعاد النوع في التكيف الهيكلي كيف كان توزيع عبء التكيف الهيكلي منافيًا للحياد بين الجنسين بعدة طرق، مما أدى إلى ظهور ساحة بحث جديدة تركز على النوع والاقتصاد الكبير. وقد أوضحت هذه الدراسات الطرق التي أثر بها التكيف الهيكلي على النساء سواء كأفراد من جماعات اجتماعية معينة أم كنتيجة لتقسيم العمل داخل الأسرة وخارجها. وغالبًا ما أوضحت هذه الكتابات القائمة على دراسات الحالة والتحليل على مستوى البلد الواحد وجود تأثيرات من الأسرة والسوق معا تتجلى فيها أبعاد النوع في تكلفة التكيف الهيكلي. وتشمل تأثيرات الأسرة تكثيف العمل المنزلي للنساء، وتسرب الأطفال من التعليم (وبالذات البنات) وزيادة الوقت الذي تنفقه النساء إما في الحصول على الخدمات الأساسية أو توفيرها لأنفسهن بأنفسهن. وتتراوح تأثيرات السوق ما بين الزيادة في مشاركة النساء في القوى العاملة إلى التغيرات في طبيعة وظروف توظيفهن، من حيث زيادة الطابع غير الرسمي لأعمالهن مثلاً، الذي سنبحثه في الفصل الرابع. ويوجد بالإضافة إلى هذا تكاليف أخرى أكثر خفاء وأصعب قياسًا، مثل الزيادة في الضغوط الواقعة على النساء كأفراد والعنف المنزلي. وعلى الرغم من أن بعض هذه الدراسات قد بدأ العمل فيها في نهايات ثمانينيات القرن العشرين، فقد امتدت الكتابات عن هذا الموضوع لتشمل عقد تسعينيات القرن العشرين، مما أدى إلى إنتاج كم كبير من الكتابات ذات آثار ضمنية مهمة نظريا وعلى مستوى السياسات.
وإذا ألقينا نظرة استرجاعية على الكتابات التي تناولت النوع، والاقتصاد الكبير، والتكيف، قد يمكننا أن نسأل ما الذي يمكن أن نخرج به منها. وقائمة الملاحظات التي ستلي محاولة لتلخيص بعض الآثار الضمنية التي تشمل نسبة طيبة من الحجج الأساسية التي ناقشتها هذه الدراسات.
أولاً، افترضت برامج التقشف أساسًا أن من تأثروا سلبيًا بهذه السياسات يمكنهم تحمل الصعاب وامتصاص تكاليف التكيف الهيكلي بأنفسهم. والأمر ما ذهبت اليه ديان إلسون (Diane Elson 1992) من أن سياسات الاقتصاد الكبير قد افترضت أن من أصيبوا من جرائها لديهم قدرة غير متناهية على التعامل مع أيما مشكلات تتولد عن هذه السياسات. لكن الواضح أن الكيل يفيض وتنتهي حدود هذه القدرة على التحمل عندما يعجز الناس عن توفير ما يبقيهم على قيد الحياة، لكن الكتابات أظهرت فعليًا قدرة الناس الهائلة على الاحتمال ودفع الكلفة العالية من ألم، ومعاناة، ونضوب الموارد البشرية وغير البشرية. ومنذ بدايات تسعينيات القرن العشرين، وعلى أساس إدراك أن سياسات التكيف الهيكلي كانت تسبب ضغوطًا اجتماعية أشد مما توقع القائمون على هذه السياسات في البداية، فقد شملت الحزم المستخدمة في هذه السياسات شيئًا من التخفيف عن “الفئات الأضعف“، مثلما كان الحال مع صناديق الاستثمار الاجتماعي التي أنشئت أساسًا في بدايات تسعينيات القرن العشرين، والتي استهدفت الكثير منها برامج التوظيف للنساء. كانت هذه الجهود تدابير فردية ومخصصة لهذا الغرض أو ذاك بهدف التخفيف عن أصحاب وصاحبات الحالات القصوى من الكرب والفقر، ومنع حدوث التوترات الاجتماعية. أما من منظور النوع، فكثيرًا ما مالت هذه الصناديق لمعاملة النساء كأشخاص يعولهن غيرهن، ويستفدن من الصناديق من خلال الذكور الذين يرأسون العائلات (Beneria and Mendoza 1995) . ولم تكن هذه الصناديق على حالتها هذه أدوات ذات كفاءة للتعامل مع جذور الفقر.
وثانيًا، ركزت حزم سياسات التكيف الهيكلي على السوق وعلى مجال الإنتاج المأجور، متجاهلة الأنشطة الاقتصادية غير المأجورة ومجال إعادة الإنتاج / الإنجاب. وقد أظهرت دراسات عملية أن التحول في تخصيص الموارد وزيادة الإنتاجية كان من المفترض أن يحدثا من خلال برامج التكيف الهيكلي التي قدمت على أنها نقل التكاليف من السوق إلى الأسرة: “الأسرة هي “عامل التكافؤ” الخفي، وخاصة قدرة النساء على امتصاص صدمات برامج التثبيت من خلال الاضطلاع بالمزيد من العمل و“تدبير الأمور” بدخول محدودة“(Elson 1993, 241). ومع التسليم بأن العائلات الفقيرة هي أكثر العائلات تأثرًا بهذه التحولات، فقد بينت هذه الكتابات أن لعملية التكيف بعدًا يخص النوع وبعدًا طبقيًا.
وثالثًا، أكدت خلاصة الكتابات على أن نظرية الاقتصاد الكبير وسياساته أبعد ما تكون عن الحياد وفقًا للنوع وغيره من السمات الاجتماعية، بل يمكن أن تكون منحازة وتتطلب تدابير تعويضية للتعامل مع التفاوت في توزيع حمل التكيف الهيكلي على الناس. لكن في الغالب الأعم، كانت برامج التقشف شديدة الوطأة على النساء، بل مخطئة في تعاملها مع احتياجاتهن. فمثلاً، أثناء الأزمة التي حدثت في البرازيل في عام ١٩٩٨، أوصى البنك الدولي بالأخذ ببرنامج لتوظيف النساء، تعويضًا عن فقد الذكور لأعمالهم من جراء خطة التقشف المأخوذ بها؛ وفي نفس الوقت، طلبت حزمة السياسات تنفيذ تقليص للميزانية أدى إلى الانتقاص من برامج الرعاية النهارية للأطفال، ومن ثم، كان يعني ضمنًا الأخذ بتدابير مؤقتة ودون اعتبار لمصالح النساء واحتياجاتهن على المدى البعيد بشأن الرعاية النهارية للأطفال (Beneria and Rosenberg 1999) .
رابعًا، من المشكلات المرتبطة بالنماذج الكبيرة التي تحظى بالقبول العام أن الطابع المركب للتقسيم وفقًا للنوع كثيرًا ما يضيع خلال المستوى العالي الذي يستخدم في هذه النماذج لتجميع المفردات على شكل وحدات. وهذا يفسر مثلاً لماذا كانت بعض تقييمات سياسات التكيف الهيكلي التي أجريت في مختلف البلدان الإفريقية في بدايات تسعينيات القرن العشرين مفرطة في التفاؤل حول آثار التكيف الهيكلي على الفقراء وعلى الفوارق بين الجنسين. وقد ركزت هذه التقييمات بالكامل على البيانات الكبيرة والتحليل الكمي باستخدام مصفوفة المحاسبة الاجتماعية (SAM: Social Accounting Matrix)، مما لم يدع مجالاً لفهم ديناميكيات النوع التي تتولد على المستوى الصغير. بهذا المعنى، كانت دراسات الحالة والبحوث الأنثروبولوجية أكثر قدرة على التنوير من حيث إظهار الطرق التي تؤثر بها تدابير التقشف على حياة الناس وتولد أنوع من التفاوت متعلقة بالنوع في توزيع عبء التكيف الهيكلي. فمثلاً، أظهرت الدراسة الأنثروبولوجية التي قام بها جيزلار وهانسین (Geisler and Hansen 1994) عن آثار التكيف الهيكلي على العلاقات بين الجنسين في زامبيا أثناء ثمانينيات القرن العشرين أنه بعد عام واحد من تحرير الأسواق، هجرت قرى بأكملها إنتاج الدُرة (الذي تلزمه الأسمدة) لصالح إنتاج فول الصويا (الذي لا تلزمه الأسمدة) نتيجة لارتفاع أسعار الأسدة. وقد كان الدخل الآتي عن طريق الفول يعتبر تقليديًا دخلاً خاصًا بالنساء، لكن بعد هذا التحول في زراعة المحاصيل، بدأ الرجال في المطالبة به وازداد الصراع حولة الدخل الآتي من الفول. وعلى عكس الحكمة التقليدية، كانت النساء المتزوجات أكثر ضعفًا بسبب أنه:
بينما لم يكن للزوجات الحق في المطالبة بما يكسبه أزواجهن، ادعي الأزواج بحقهم المشروع ثقافيًا في وقت زوجاتهم، وعملهن، وفي بعض الحالات في دخلهن. (ص 96، تشديد المؤلفة)
هذه هي بالضبط أنواع ديناميكيات النوع التي لا تمسك بها الكثير من الدراسات التي تجرى على المستوى الكبير ودراسات التحليل الاحصائي الكمي. وبهذا المعنى، فإن المعلومات الكيفية على المستوى المحلي يمكنها أن تضيف معلومات تنير بصيرتنا عن الطرق التي تؤثر بها سياسات التكيف الهيكلي في حياة الناس. لا يعني هذا القول بأن استخدام النماذج الكبيرة ليس ملائمًا، بل يعني الإشارة إلى أنها تحتاج إلى ما يكملها باستخدام مستويات تحليل أقل تجميعًا لكل المعطيات في فئات موحدة، توثق الطرق التي تعيش بها الأسر والمجتمعات المحلية آثار التكيف الهيكلي وتمتصها، ويشمل هذا فهم العوامل غير الاقتصادية، مثل التقاليد التي تؤثر في تقسيم العمل والممارسات الثقافية.
وقد استخدمت عالمات الاقتصاد النسويات أيضا مجموعات كبيرة من البيانات لتوثيق آثار التكيف الهيكلي الخاصة بالنوع, فمثلاً، بينت فلورو وشيفر (Floro and Shaffer 1998) في دراسة مقارنة عن الفليبين وزامبيا أن الاندماج العولمي لأسواق العمل قد ولد بعض فرص العمل للنساء في الفليبين. أما زامبيا، فلم يكن هذا حالها، نتيجة لعدة عوامل تقيد حراك العمالة، وحيث كان “المشتركون في أسواق العمل الجديدة – الكثيرات منهم نساء – يعجزون عن الحصول على وظائف ويرغمون على خلق فرص عمل لأنفسهم في القطاع غير الرسمي وإلا فليسهموا في الانضمام للجماعة المتزايدة من العمال العاطلين وخائبي الأمل” (ص۸۰). لكن رغم الجهود الناجحة للمؤلفتين لأخذ النوع في الاعتبار، فقد كان يمكن تحليلهما أن يستفيد أيضًا من استخدام المزيد من المعلومات الكيفية لتكملة النتائج الكمية.
وأخيرًا، غالبًا ما تجاهلت برامج التقشف العوامل الهيكلية التي تشكل الطرق التي تؤثر بها هذه البرامج في حياة الناس وما لها من وقع يتعلق بالنوع. وقد قدمت نورا لاستينج ملخصًا موحيًا لهذه العوامل.
من العوامل الهيكلية توزيع الدخل والثروة، وعلاقة المالك بالمستأجر في الأرض، ونوع ودرجة التخصص في التجارة الخارجية، وكثافة سلاسل الإنتاج، ودرجة التركز في الأسواق، وتحكم فاعلين من نوعية محددة في وسائل الانتاج (القطاع الخاص، والدولة، أو رأس المال العابر للقوميات)، وعمل الوسطاء الماليين واختراق التقدم التقني للأسواق، بالإضافة إلى عوامل اجتماعية وسياسية مرتبطة بعدى تنظيم الطبقة العاملة وغيرها من القطاعات المؤثرة من السكان، والتوزيع الجغرافي للسكان وتوزيعهم على مختلف القطاعات ومستوى مهاراتهم.
يمكن الاعتقاد بأن لكل من هذه العواملي بعدًا خاصًا بالنوع يمكن فهمه من خلال مستوى معلومات أقل تجميعًا في فئة واحدة أكثر مما يمكن ذلك من خلال مستوى المعلومات المستخدم عادة في النماذج التي تحظى بالقبول العام. والهدف هو إدخال مصادر التمايز بين النوعين، مثل تدفق الدخل داخل الأسرة ونتاج سوق العمل المنظم على أساس التقسيم بين النوعين، وذلك للتمكن من وضع سياسات ملائمة. ولهذا الغرض، فإن دراسات المستوى الصغير أساسية أيضًا لإسباغ ثوب النوع على الاقتصاد الكبير؛ إذ لا يمكننا أن نفهم السوق العام الفهم دون أن نعي كيف تؤدي الأسر والعائلات وظائفها وكيف تتطور عبر الزمن، بالنفس الطريقة التي تحتاج بها النماذج الكبيرة إلى فهم كيف تؤدي الأسواق وظائفها أو تفشل في أدائها. يمكن أن نجد هذا النوع من الكتابات بين الإسهامات الحديثة في دراسة هذا المجال.
وتلخيصًا لما سبق، فقد تعلمنا من التجارب السابقة في الكثير من البلدان الكثير عن أبعاد النوع في التكيف الهيكلي. ومن التحديات أيضًا أن تترجم هذه المعرفة إلى سياسات عملية، وهو موضوع سنناقشه في القسم التالي.
منذ ثمانينيات القرن العشرين، سادت الدوائر القومية والدولية فكرة أنه لا بديل عن السياسات الليبرالية الجديدة، وبالأخص حزم التكيف الهيكلي التي من مقاس واحد يناسب الجميع وبرامج التقشف التي استلهمت من إجماع واشنطن، وقد أسمى البعض هذه الفكرة تينا، وهي الحروف الأولى من عبارة “لا بديل” باللغة الانجليزية ((TINA: There Is No Alternative وقد أدى انكسار هذا الإجماع إلى البحث عن بدائل، لا تمثل بالضرورة حتى الآن تحولاً جذريًا عن الفكرة القديمة، بل تتضمن إعطاء المزيد من الاهتمام بتخفيف وطأة الفقر (لا القضاء عليه قضاء مبرمًا) وبالسياسات الاجتماعية. وتقرير التنمية في العالم 2000/2001 الصادر عن البنك الدولي مثال يوضح المدخل الجديد على مستوى التيار السائد في المؤسسات الاقتصادية. وفي نفس الوقت، انشغل باحثون وباحثات أفراد ومؤسسات في مناظرات حول الفقر المستمر في العالم، دون أن تقيدهم القيود المؤسسية المداخل التيار السائد، وفي ضوء هذه المناظرات والكتابات التي نوقشت حتى الآن، يمكننا أن نسأل إلى أي مدى أسهم التحليل الواعي بالنوع في البحث عن بدائل لنماذج السياسات الكبيرة. وهذا القسم يمثل ملخصًا للإجابات الممكنة لهذه الأسئلة. فلنبدأ بالأهداف الأساسية العامة، كما عبرت عنها بفصاحة نويلين هايزار، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (يونيفيم UNIFIM)، التي لخصت مجموعة من الأهداف تلخيصًا بليغًا في الاستهلال الذي كتبته لتقريرها المعنون متابعة تقدم أحوال نساء العالم في عام ٢٠٠٠:
النساء يردن عالمًا تخلو بلدانه كلها من عدم المساواة بين الرجال والنساء، والطبقات، والطوائف، والأعراق، كما تخلو منها العلاقات بين البلدان وبعضها البعض. النساء يردن عالمًا يصير فيه إشباع الحاجات الأساسية من الحقوق الأساسية للإنسان، ويقضى فيه على الفقر وكل أنواع العنف، حيث تقدر أعمال النساء غير المأجورة في الرعاية, والعناية، ونسج قماشة المجتمع حق قدرها، ويشاركهن فيه الرجال على قدم المساواة، وحيث تتاح لكل شخص فرصة تطوير أقصى ما لديها أو لديه من قدرات وإبداع، وحيث يعترف الجميع بأن تقدم النساء تقدمٌ للكل. (Noneleen Heyzer 2000, 6)
ورغم إمكانية توسيع مصادر عدم المساواة المذكورة في هذه الفقرة المقتبسة لتشمل صراحة مثلاً العنصر، والقومية، والتفضيلات الجنسية، وغيرها، إلا أنها شديدة الوضوح فيما يتعلق بإخلاصها للمساواة من أجل النساء والنوع وغير ذلك من أوجه المساواة. كما تميل الفترة المقتبسة إلى إضفاء الطابع الجوهري على النساء في عالم فيه طبقات تتزايد أوجه عدم المساواة بينها. وهكذا، فالسؤال الصعب هو كيف تترجم هذه المبادئ العامة إلى سياسات وأفعال. والكتابات التي تناولت النوع والاقتصاد الكبير والتي نوقشت حتى الآن تعطينا شيئًا من التوجيه في البحث عن نماذج بديلة للتكيف الهيكلي. والقائمة التالية تلخص بعض ما يمكن أن نستمده مما يتضمنه مجموع هذه الكتابات:
-
ينبغي ألا تفترض السياسات البديلة أن للناس قدرة نهائية على تحمل تكاليف التكيف الهيكلي. بل يجب أن تهدف السياسات إلى منع ما يواجه البشر من صعوبات، وأن تتجنب التحيزات الطبقية، والتحيز لأحد الجنسين، والتحيزات العرقية وغير ذلك من أنواع التحيز في توزيع عبء التكيف الهيكلي. وقد عرف عن صانعي السياسات سمعتهم السيئة في عدم حساسيتهم لهذه القضايا. وقد أدى تراكم الضغوط الاجتماعية إلى انهيار إجماع واشنطن، وإلى المناظرات الجارية عن الفقر والسياسات الاجتماعية. وبعد مرور عِقدين من الزمان على التكيف الهكلي، وكما يوضح الفصل الأول عن منطقة أمريكا اللاتينية، فإن بعض البلدان يمكن أن تشير إلى حدوث تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكبير، مثل انخفاض معدلات التضخم، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وزيادة مستوى الصادرات، وزيادة معدلات النمو على نحو إيجابي، حتى لو كان متوسط المستوى. لكن استمرار الأزمة المالية ومشكلات التنمية تظل ترفع من طيف الصعوبات العارمة. وفي حالة الأرجنتين، فإن تشبثها بالسياسات الليبرالية الجديدة في شكلها الذي يحظى بالقبول العام لم يمنع القصور المالي في البلد، مع ما حمله هذا للمواطن العادي، بما في ذلك الطبقة المتوسطة، من تكاليف باهظة. وبالمثل، فإن سياسات تحرير التجارة، والهجرة العالمية ونقل الإنتاج إلى مواقع أخرى، وغير ذلك من العوامل المولدة الضغوط العالمية والقومية قد جرت على الأفراد، والأسر، والمجتمعات المحلية مشكلات من جراء التكيف الهيكلي، تستدعي فهمًا واضحًا لمن هم الفائزون ومن الخاسرون في هذه العملية، فإذا وضعنا الناس في موقع مركزي من التنمية، فلابد لنا من أخذ السؤال عن من الذي يتحمل عبء التكيف الهيكلي بجدية.
-
وبنفس الطريقة، لابد أن تأخذ السياسات البديلة في اعتبارها التكاليف الخفية للتكيف الهيكلي التي وثقتها مختلف الدراسات، مثل تدهور البنية الأساسية، وتسرب الأطفال – وخاصة البنات – من التعليم وانقطاعهم عنه لفترات لأسباب مختلفة، وما يواكب ذلك من خسائر على المدى البعيد في الطاقة الإنتاجية المستقبلية، وتدهور البيئة، وخسائر الإنجاز التعليمي، وغير ذلك من تكاليف خفية مثل زيادة أعباء الأعمال المنزلية. ولسياسات التكيف الهيكلي تكاليف اجتماعية أخرى، مثل زيادة الجرائم والعنف، وانعدام الأمان في الحضر. وقد أجرت هيئة اليونيسيف دراسة رائدة في عام 1987 عن تكاليف التكيف الهيكلي، وقد نبهت هذه الدراسة منذ ذلك الوقت المبكر إلى الحاجة إلى سياسات تكيف هيكلي “ذات وجه إنساني” (Cornia et al. 1987). وما زال هذا التحدي مطروحًا علينا.
-
لابد أن تصاحب سياسات التكيف الهيكلي نوعان من السياسات الاجتماعية، إحداهما تركز على التدابير التعويضية على المدى القريب بينما تتناول الأخرى التخطيط على المدى البعيد. النوع الأول من السياسات ضروري للتعامل مع الاحتياجات العاجلة ومع الآثار السلبية للتكيف الهيكلي التي يواجهها الأفراد، والأسر, والمجتمعات المحلية. كما سبق أن أشرنا، جرى اتخاذ مثل هذه التدابير في نهايات ثمانينيات وبدايات تسعينيات القرن العشرين وذلك عن طريق إنشاء صناديق الاستثمار الاجتماعية، التي ركزت على أفقر الجماعات السكانية. لكن صناديق الاستثمار الاجتماعية كثيرًا ما تجاهلت الفروق بين الرجال والنساء، كما أنها صممت إلى حد بعيد لتجنب التوترات الاجتماعية لا لتقديم حلول على المدى البعيد .(Beneria and Mendoza 1995).أما النوع الثاني من التدابير فيشمل سياسات اجتماعية أطول مدى، تتناول أهدافًا تتعلق بالتمكين والتوزيع، وتركز – مثلاً – على الأبعاد المتعلقة بالنوع في حقوق الملكية وسياسات توليد الدخل، والتغيرات في تقسيم العمل في الإنتاج المأجور وغير المأجور، وبرامج التعليم وإعادة التدريب الهادفة لإعداد النساء لمتطلبات التغيرات التكنولوجية، والزيادات التي تطرأ على الإنتاجية في القطاعات غير المأجور من الاقتصاد، وإنشاء شبكات لتمكين النساء.
-
لابد أن تكون من الأهداف الأساسية للنماذج الكبيرة الاعتراف الصريح بالروابط التي تربط بين الأنشطة الإنتاجية وأنشطة إعادة الإنتاج / الإنجاب. وكثيرًا ما أدى تنفيذ سياسات التكيف الهيكلي إلى زيادة إبراز هذه الروابط والمزيد من إيضاح طبيعتها عن طريق إظهار ما يلي ضمن أشياء أخرى: أ) تزايد أهمية أنشطة النساء الجالبة للدخل مع تدهور دخل الرجال، ب) زيادة أعباء العمل المنزلي مع تقلص ميزانيات الأسر، ج) الصعوبات التي تلقاها النساء من حيث سبل الوصول إلى الأسواق، د) تأثير تقلص الميزانية وخصخصة الخدمات الاجتماعية على زيادة الوقت اللازم بذله لتعويض ذلك. وكما ذهبنا في الفصل الثالث، فإن الدراسات النسوية قد أكدت على أهمية حساب الوقت والموارد التي تنفق في العمل غير المأجور، بما في ذلك الأنشطة الإنجابية / أنشطة إعادة الإنتاج؛ وقد أبرزت هذه الدراسات الاحتياجات الخاصة للأسر التي تراسها نساء (Beneria 1992; Floro 1994) والمشكلات الخاصة بالزوجات، التي تناولتها دراسة جيزلار وهانسين المذكورة سلفًا. هذه قضايا شديدة الأهمية إذا كان علينا أن نرى النماذج الكبيرة كوسائل لتصميم السياسات الهادفة لتلبية الاحتياجات وتعظيم صلاح الحال الاجتماعي لا كمجرد وسائل لتعديل الأسعار أو تعظيم الكفاءة والنمو الاقتصادي.
-
وعلى عكس تأكيد التيار السائد في الاقتصاد على الأسواق والاختيار، فقد قدمت الدراسات الصغيرة والوسيطة كثيرًا من الشواهد على ما يواجهه الأفراد، والنساء على وجه الخصوص، من انعدام فرص الاختيار، وعن ما يرتبط بالفقر والأعراف والتقاليد الأبوية من آفاق وإمكانات محدودة. وهكذا، ينبغي ألا تفترض النماذج الجديدة أن الناس يواجهون نطاقًا من الاختيارات المرتبطة بـ “تعظيم السلوك” لديهم، كما تميل إلى ذلك افتراضات النماذج التي تحظى بالقبول العام. على العكس، وكما قالت ربيكا بلانك (Rebecca Blank 1993) بفصاحة شديدة، فإن افتراض النموذج الاقتصادي لوجود الفرد الذي تم تمكينه لا يترك أي مساحة لافتراض أن الناس قد “يشعرون بأنهم خاضعون للسيطرة، ومقموعون، وسلبيون، وأنهم قد أسقط في يدهم، ومرضى، وليسوا متأكدين من قدراتهم وغير واعين بالبدائل” (ص: 141). فقدرة النساء على دخول سوق العمل مثلاً كثيرًا ما تعرقلها العادات والأعراف والمؤسسات المنحازة ضد النساء، والتي هي – كما يذهب دوجلاس نورث (Duglas North 1994) – قيود صممها البشر، تنظم التعامل بين البشر وتؤثر في الطرق التي تعمل بها الأسواق. ولابد من دمج هذه القيود غير الاقتصادية، بأقصى ما يمكن، في النماذج الكبيرة وإدخالها في السياسات الاقتصادية:
إن النظرية الكلاسيكية الجديدة مجرد أداة غير ملائمة لتحليل السياسات التي من شأنها حفز التنمية والتوصية بها، وهي تهتم بعملية تشغيل الأسواق لا بكيفية تنميتها. كيف يمكن للمرء أن يوصي بسياسات إذا لم يكن فاهمًا لكيفية التنمية
النواحي الاقتصادية (North 1994, 359)
-
وأخيرا، من المهم أن نأخذ في اعتبارنا كيف يمكن أن تتفاعل الاهتمامات النسوية، في بعض الحالات، مع الأهداف الكبيرة. فمثلاً، التأكيد على السياسات التي تخدم جانب الطلب يفتح أبوابًا لفرص أخذ خطوات يمكن أن تساعد في إنجاز الأهداف المذكورة في هذا الفصل. والسياسات المضادة للتمييز القائمة على أساس تنفيذ قوانين إعطاء أجور مساوية عن نفس العمل، وتخطيطات التوظيف الموجهة للنساء، أو سياسات الاستثمار التي تتبني الترويج لتصدير نواتج الصناعات التي تسودها عمالة من النساء أمثلة لهذه السياسات. فإذا طبقت هذه التدابير بشكل ملائم، لكان من شأنها أن تحقق كلاً من أهداف الاقتصاد الكبير والأهداف النسوية، مع إبراز إمكان التوافق بين الاثنين.
من أحدث الجهود لدمج النوع في الاقتصاد ما حدث في مجالات النوع والتجارة بالإضافة إلى النوع والمال. كان هذا الجهد ناتجًا طبيعيًا لازدياد الاهتمام بفهم الطرق التي تولد بها العولمة وتحرير التجارة والمال عمليات تتمايز وفقًا للنوع. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الكتابات ما زال في بداياته، فقد حفز العمل على اعتبارات نظرية وشغل عملي، يشمل دراسات حالة خاصة، تفيد في الفهم النسوي لهذه العمليات، كما تفيد السياسات والعمل. وقد ظهرت كتابات متزايدة عن الموضوع، بدأت في إلقاء الضوء على الطرق التي يكون بها النوع فئة تحليلية مهمة في السياسات التجارية (Wood 1991; Fontana, Joekes and Masika 1998; Fontana und Wood 2000; Kucera 2001 Bisnath 2002; Cagatay 2002). . وتتراوح هذه المجموعة من القضايا التي حالتها هذه الدراسات ما بين التركيز على التجارة بين الشمال والجنوب ووقعها على عمالة النساء في الصناعة إلى بناء نماذج تضع يدها على آثار التجارة على النساء والرجال، على مستوى كل من سوق العمل وفي البيت وتشمل تحليلاً خاصًا بكل بلد من البلدان يقوم على الشواهد العملية.
يمكن أن يكون للتجارة الخارجية أوجه وقع متنوعة على أجور ووظائف النساء والرجال، والعمل المأجور وغير المأجور لكل منهما، ووقت الفراغ المتاح لهما, وبذلك تنشئ للدخل والاستهلاك آثارًا متعلقة بالنوع. والكتابات الموجودة عن الموضوع أبعد ما يكون عن أن تكون جامعة مانعة بشأن هذا الموقع. فمثلاً، كان من الاهتمامات الأولى بشأن آثار تحرير التجارة أن زيادة دمج البلدان ذات الأجور المنخفضة في الاقتصاد العالمي سيكون لها آثار سلبية على العمالة في البلدان ذات الدخل المرتفع. ودراسة وود (Wood 1991) دراسة رائدة، لم تجد بالفعل مثل هذا الأثر السلبي. لكن دراسة كوسيرا وميلبيرج (Kucera and Milberg 2000) طعنت في نتيجة دراسة وود، إذ أظهرت أنه في عينة من البلدان الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية (OECD) وفي الفترة ما بين ۱۹۸۷– ١٩٩٥، أدى تحرير التجارة إلى خفض نسبي في عمالة النساء في التصنيع مقارنة بعمالة الرجال. والأكيد أن الحاجة تدعو إلى إجراء مثل هذا النوع من الدراسات الأكثر عملية قبل أن يمكننا التعميم. وغني عن القول أن هذه الجهود قد نتجت عن إدراك أن التجارة قضية من قضايا النوع تؤثر في حياة الناس. وبينما أتى زمن ندر فيه ملاحظة المواطن العادي للمفاوضات الجارية بشأن التجارة، إلا أننا شهدنا منذ تسعينيات القرن العشرين على وجه الخصوص اهتمامًا متزايدًا بقضايا التجارة، بسبب إدراك أهميتها للشئون الاقتصادية وسياسات العولمة والحياة اليومية.
ومن بين منظمات الأمم المتحدة، كانت منظمة اليونيفيم هي التي روجت للعمل على مسألة النوع والتجارة، خاصة على المستوى الإقليمي، وقد فعلت ذلك مثلاً بالدعاية لمشاركة النساء في اتفاقيات التجارة الاقليمية (Allen and Beneria 2001). وقد تصدى النشطون والنشطات أيضًا لهذا العمل، فبذلت جهود لزيادة فهم آثار التجارة المتعلقة بالنوع وأهمية المفاوضات التجارية بين جمهور أوسع. وعملت أيضًا الشبكة الأوروبية للنساء في التنمية WIDE 2001)) على تحليل جانب النوع في اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية (مع التركيز على ميركوسور والمكسيك). وقد وجدت شبكة دولية للنوع والتجارة وكانت تؤدي وظائفها منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، وهي شبكة ذات روابط مع الكثير من البلدان في الشمال والجنوب، وتشمل جميع الأقاليم. وقد جمعت هذه المجموعة ما بين البحث والنشاط، وكان لها وجود محسوس في أحداث مثل لقاءات منظمة التجارة العالمية (WTO) وغيرها من الأنشطة الدولية التي تتناول مسألة النوع التجارة.
بل أن العمل نحو إجراء تحليل المال يأخذ النوع بعين الاعتبار أحدث عهدًا مما سبق. وقد استلهمه القائمون عليه من إدراكهم لأهمية هذا القطاع على المستويين القومي والعالمي التي تتطلب فهمًا أفضل لكيف يمكن أن يكون للرجال والنساء روابط مختلفة مع هذا القطاع، بما يتضمنه ذلك من آثار على العلاقات بين الجنسين وعدم المساواة بينهما. والأزمة الآسيوية على وجه الخصوص وما تبعها من قلاقل مالية أثارت العديد من التساؤلات بهذا الخصوص وقدمت حافزًا لهذا العمل الرائد. فمثلاً، استكشفت دراسة فلورو ودیمسكي (Floro and Dymski 2000) إطارًا مفاهيميًا جديدًا لتحليل كيف تفعل الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتحرير المال والأزمة المالية فعلها من خلال اقتراض الأسر والحصول على مختلف المقتنيات. وقد أظهرت هذه الدراسة كيف أن العلاقات بين الجنسين داخل الأسرة متضافرة مع العمليات الائتمانية للسوق والهياكل المالية. إن هذه العمليات تشكل هشاشة (أو قوة) الأسرة ماليًا والطرق التي تستجيب بها الأسر للأزمة، من خلال الزيادة في توظيف النساء مثلاً، وزيادة قوة المساومة النسبية للنساء. وتذهب الدراسة إلى أن الآثار النهائية يمكن أن تكون مختلفة ومتناقضة، اعتمادًا على عوامل خاصة مثل الاعتماد على تدفق المال السائل ودرجة التحكم في الممتلكات. وتشير النماذج التي تقدمها هذه الدراسة إلى أن “الكثير من التكاليف الاجتماعية والبشرية للأزمة المالية قد تكمن تحت السطح الإحصائي: فالأزمة المالية قد تغير من العلاقات بين الجنسين من خلال سبل تكيف الأسرة معها، مما له آثار الضمنية عميقة، لا على النتائج الاقتصادية فقط، بل أيضًا على إعادة إنتاج الأسر اجتماعيًا” (ص ۱۲۷۹).
إن أي سبيل جديد للعمل على موضوع النوع والمال لابد أن تكون له علاقة بالمناظرات الجارية حول الهندسة الدولية للشئون المالية، بما في ذلك تحليل الاقتراحات البديلة لإصلاح المؤسسات، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي (Aslanheigui and Summerfield 2000) لقد بدا هذا العمل بالكاد، واحتياجاته مزدوجة الوجه. فمن جهة، من المهم للرجال والنساء ذوي وذوات الاهتمامات النسوية المشاركة في المناظرات الجارية بحيث يسمعون أصواتهم للدوائر ذات العلاقة بالأمر. ومن جهة أخرى، لابد من إجراء المزيد من الدراسات النظرية والعملية، بحيث تسير على الخط الذي رسمته دراسة ديمسكي وفلورو، وذلك لإدخال هذه الدراسات في المناظرات والمفاوضات الجارية.
بالإضافة إلى مجالات البحث والحركة التي ذكرناها حتى الآن، وإسهامًا في دمج النوع في الاقتصاد، فقد مهد مجال النوع والتنمية سبلاً أخرى هي جزء من هذا الجهد. وباختصار، ودون أن يكون قولنا جامعًا مانعًا، فقد أبرز هذا القسم ثلاثة مجالات مهمة من مجالات العمل.
أولاً، قدم المجال أنواعًا مختلفة من الإسهامات المفاهيمية والمنهجية لعلم الاقتصاد التنموي، إما على شكل نقد لنظريات التنمية الموجودة أو كجهد لادخال النوع إلى العمل التنموي الموجود. وبالإضافة إلى ما قدمته النسويات من نقد للتنمية، فقد شاركن في المناظرات الجارية حول سياسات التنمية في الدوائر الدولية. وفي سبعينيات القرن العشرين، قدم منظور نسوي عن الصور الأخرى للدخول إلى التنمية من مدخل الاحتياجات الأساسية تقييمًا لإسهاماته، مبرزًا أنه كان خطوة أولى نحو الاعتراف بعبء عمل النساء (Palmar 1977) وفي نفس الوقت، أكد هذا التقديم على أن المدخل يلزمه المضي قدمًا في “فتح صفحة” الأسرة من أجل فهم الطرق التي كانت بها جزءًا من الإنتاج والتبادل اللذين يؤثران في العائلات والمجتمعات المحلية، ويقعان موقع الأساس الذي تقوم عليه أوجه التفاوت في العلاقات بين الجنسين. وبمرور السنين، أضيف الكثير من العمل إلى هذا الجهد الأولى وإلى الدراسات التي أعادت النظر في الأطر المفاهيمية والدراسات النظرية المؤدية إلى جعل الاقتصاد التنموي واعٍ بالنوع، والتي تضم التقييمات النسوية لنماذج التنمية الراهنة (Elson 1999). على المستوى المنهجي، حيث تقدم في المشروعات التي تسمح بدرجة أكبر من الحنكة في جمع البيانات والمعلومات، بما في ذلك توليد سلاسل إحصائية وبيانات مسحية يمكن استخدامها للحصول على مجموعة متنوعة من المؤشرات مع التركيز على النوع. وبالإضافة إلى مؤشرات التنمية البشرية التي نشرها برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP)، كما أسهم في هذا الجهد أيضًا اليونيفيم (UNIFEM)، وقسم التقدم بالنساء التابع للأمم المتحدة (DAW)، ومنظمة العمل الدولية، والبنك الدولي، ضمن غيرهم من الهيئات.
ثانيًا، ظهرت مجموعة هائلة من الكتابات في مجال الأسرة، والرعاية الاجتماعية, والتنمية من منظور خبرات البلدان النامية. تشكل هذه الدراسات تكملة مهمة للدراسات التي تناولت هذا المجال والتي فحصناها في موقع سابق من هذا الفصل. تقدم نسبة طيبة من هذه الدراسات أوجها من النقد المنير للبصائر للنماذج الكلاسيكية الجديدة للأسرة، خاصة أنها تقوم على أساس ثراء المعلومات الناتجة عن حقائق الواقع العملي عبر الثقافات. وتبرز هذه الكتابات النقدية على المستوى العالم الافتراضات غير الواقعية والتبسيطية للنماذج التي لا يتجلى فيها تنوع طرق أداء الأسر والعائلات لوظائفها عبر البلدان والثقافات. وتبرز هذه الكتابات على وجه الخصوص عجز هذه النماذج عن التقاط أوجه عدم المساواة والصراعات التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من العلاقات بين الجنسين في الأسرة. لكن تحليل أوجه عدم المساواة والصراعات أساسي لفهم كيف تؤدي الأسرة وظائفها. وكما لاحظت دراسة سين Sen 1983))، “توجد شواهد على عدم المساواة في العائلة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، لكن التحيز ضد النساء كجنس يمكن أن يكون قويًا جدًا في البلدان الفقيرة، حتى في الأمور الأساسية، مثل البقاء على قيد الحياة، والتغذية، والصحة، ومحو الأمية“. وقد فشلت النماذج الكلاسيكية الجديدة في التقاط هذه الأوجه لعدم المساواة، علاوة على تعقيدات العوامل المشاركة، وهي من ثم عاجزة عن فهم التوترات في العلاقات بين الجنسين التي تخلقها هذه النماذج. وتوضح جين كوبمان في تحليلها للأسر الزراعية في إفريقيا (Jeanne Koopman 1991) مدى ما أدى إليه الافتراض بأن الأسرة وحدة إنتاجية واستهلاكية غير متمايزة في “تحريف صورة الأسرة الريفية“. إن وجود “مشروعات إنتاجية منفصلة لكل من الرجال والنساء في داخل الأسرة” يعني ضمنيًا أن الافتراض بوجود مرجعيات مشتركة وموارد متجمعة في وعاء واحد يسيء تمثيل عمليات الانتاج والاستهلاك في الأسر الزراعية الإفريقية. وهكذا, يستلزم الأمر تصميم تدخلات السياسات وفقًا لهذا الوضع. وقد أضاف هذا النوع من الدراسات العملية معلومات ثرية توضح مختلف الطرق التي تمارس بها الأسر وظائفها تحت مختلف الأوضاع المؤسسية والأشكال الثقافية عبر القارات.
تكمن في هذه الدراسات فكرة تقدم إسهامًا مهمًا في نقد خرافة “الأسرة المتآلفة” التي تفترضها النماذج التقليدية. فمثلاً، ذهبت دراسة كاتز (Katz 1991) التي كتبت عن الأسر الريفية في بلدان العالم الثالث إلى أن هذه النماذج فشلت في تفسير الصراع والمفاوضات اللذين جبلت عليهما وحدات الأسرة. وتقدم الكاتبة بديلاً لذلك، عبارة عن نموذج للمساومة “تشكل فيه التفاوتات القائمة على أساس النوع في الحصول على الموارد الاقتصادية وغير الاقتصادية شروط تشكيل الأهداف الاقتصادية للأسرة. وتخصيص العمالة والدخل لاستخدامهما في أغراض متنافسة مع بعضها البعض، وتخصيص نواتج الأنشطة الاقتصادية للأسرة التي من شأنها إصلاح الحال لكل أفراد الأسرة” (ص ٣٩٩). وهذا النوع من التحليل مثال يوضح كيف يمكن المزج بين فكرة سين عن الصراعات التعاونية ونموذج المساومة وبين رأي نسوي أكثر صراحة عن العلاقات بين الجنسين وعدم المساواة بينهما. كانت النتيجة تصورًا ذهنيا للأسرة أكثر “تسييسًا” وأكثر “نسوية“، متمركزًا حول ديناميكيات العلاقات بين الجنسين المتميزة بعدم المساواة ومربوطة بعوامل مؤسسية وهيكلية تؤثر في توزيع الموارد داخل الأسرة وفي البناء الاجتماعي للنوع. بهذا المعنى، تتجاوز فكرة الصراعات التعاونية في نماذج المساومة التعارضات الثنائية المرتبطة ببعض من أكثر الآراء شيوعًا عن العائلة، وبالذات ما يلي: أ) الرأي الكلاسيكي الجديد عن الوحدة المتآلفة؛ ب) الرأي الماركسي الذي يحظى بالقبول العام عن العائلة كمصدر لوحدة الطبقة العاملة وبقائها؛ ج) الرأي النسوي المبكر الذي يركز على العائلة كموقع للصراع والقتال.
وأخيرًا، تولد عن الكتابات التي تناولت النوع والتنمية مجموعة كبيرة من الدراسات عن السياسات والحركة وأيضًا عن التغير المؤسسي، والاقتصادية والاجتماعي والسياسي. ومن المؤكد أن بعض الأسئلة لا تنطبق تمامًا على الاقتصاديات التقليدية لأنها مرتبطة أيضًا بالاهتمامات السياسية والاهتمامات المشتركة بين مختلف المباحث العلمية. لكنها كانت مهمة لإدخال عنصر النوع في اقتصاديات التنمية. من الأسئلة الأساسية السؤال الذي يستفهم عن كيف يحدث التصور الذهني للتغير الاجتماعي ويعبر عنه بعبارات قابلة للقياس. على أحد المستويات، أجريت دراسات كثيرة في مجال ممارسات التنمية. وقد كان تنفيذ المشروعات عنصرًا مهمًا في دوائر المرأة والتنمية والمنظمات الدولية، مع التسليم بمشاركتها القوية على المستوى العملي في تقديم المساعدة والمعونة المالية للبلدان النامية. وقد قامت نسبة كبيرة من هذه المشروعات دون التشكك في المؤسسات القائمة، أي أنها صممت لتحسين أحوال النساء في إطار محدود من التغير الاجتماعي والسياسي. وهي بهذا الحال مقيدة بالشروط التي يفرضها عليها التكوين المؤسسي التي تعمل في إطاره. وقد كتبت مايرا هوفينيتش مقالاً كلاسيكيًا عن الأداء السيئ للمشروعات المولدة للدخل في العالم الثالث حللت فيه بعض المشكلات المرتبطة بتنفيذ هذه المشروعات. وقد أبرزت بشكل خاص كيف مالت الأهداف الاقتصادية نحو التحول إلى تدخلات رعاية اجتماعية عند تنفيذ هذه المشروعات. توضح هذه المشكلات أن لهذه المشروعات قدرة محدودة على إحداث تغيرات بالنسبة للنساء اللاتي يعانين من تفشي التدخلات ذات المداخل المعنية بالرعاية الاجتماعية والتي تختزل النساء أيضًا إلى متلقيات سلبيات للمعونة بدلاً من تحسين ما لديهن من قدرة على البقاء، والاستقلال باتخاذ القرار، والاكتفاء الذاتي.
ومن الواضح أن ظهور هذا النوع من الصعوبات لا يعني أن من المستحيل حدوث تغير إيجابي بالنسبة للنساء دون وجود تغير مؤسسي أساسي. لقد قدم مجال النوع والتنمية أمثلة عديدة توضح حدوث تغيرات تحدث تحولاً فيما يتعلق بالنوع في إطار نموذج تنموي اجتماعي – سياسي معين. وهكذا، من المهم أن نميز بين نوع التغير الذي يحدث في إطار أي نموذج التنموي اجتماعي –سياسي بعينه والنوع الذي يتميز بإحداث تحولات أهم من النظام الرأسمالي إلى النظام الاشتراكي أو بالعكس, وقد اضطلعت أيضًا الكتابات التي تناولت النوع والتنمية بتحليل هذه التحويلات (Wiegersma 1991; Agarwal 1994; Meurs 1998; Moghadam 2000; Deere and Leon 2001) وعند النظر إلى هذه الكتابات في مجملها نجدها تشير إلى عدة نقاط أساسية:
-
في أي نموذج من نماذج التنمية الاجتماعية – السياسية، يمكن أن يولد الوعي بالفوارق بين الجنسين آثارًا متنوعة من حيث وقع سياسات الدولة على النساء. ولأعط مثالاً يوضح هذا الكلام، فإن تحليل ديري وليون للإصلاحات الزراعية في أمريكا اللاتينية تميز بين فترتين. في الأجيال الأولى لتلك الإصلاحات، لم يكن للنساء بحكم الأمر الواقع سبيل للحصول على فرصة متساوية مع الرجال في توزيع المقتنيات؛ فمعظم هذه الإصلاحات أفادت الرجال في المقام الأول، ويرجع هذا إلى حد بعيد إلى أن “الأسر” كانت مرشحة لتكون هي المستفيدة من إعادة توزيع الأرض بزعم أن الرجال والنساء يتقاسمون ما يوزع من مقتنيات ويمكنهم أن يستفيدوا منها على قدم المساواة. لكن في فترة أحدث، تخلصت التشريعات الليبرالية الجديدة للإصلاح الزراعي من مفهوم الذكر كرأس للأسرة كمحور لجهود الدولة في توزيع الأرض أو منح حق ملكيتها. يذهب ديري وليون إلى أن هذا كان “أحد الآليات السياسية لاستبعاد النساء كمستفيدات مباشرات في حركات الإصلاح الزراعي في العقود السابقة“(Deere and Leon 2001, 332).. وقد تأثرت المرحلة الثانية للإصلاح بالخطابات النسوية وقدرة النساء الفردية على الفعل، فأظهرت أن تحركات الدولة قد قدمت – في بعض البلدان على الأقل – مساواة رسمية بين الرجال والنساء في حق حيازة الأرض، وأظهرت بذلك أهمية وضع مصالح النساء في الاعتبار بشكل مباشر.
-
ومن المهم هذا التفرقة بين الحصول على الموارد والتحكم فيها، حيث إن حصول النساء على الممتلكات لا يضمن لهن التحكم فيها. وهذا يعتمد على التقاليد، والأعراف، والتفسيرات الاجتماعية التي تشكل طبيعة العلاقات بين الجنسين، وامتلاك قوة المساومة، والتنافس على سبل الحصول على الموارد والتحكم فيها. بهذا المعنى، من المهم بمكان أن تيسر السياسات وتحركات الدولة للنساء القدرة الفردية على الفعل وتحمي مصالحهن.
-
وقد ثبت أن المنظمات النسائية والحركات الجماعية مهمة للارتقاء بالتغيرات الاجتماعية والمؤسسية التي تلبي حاجات النساء وأهدافهن على المدى القريب والبعيد، وتنشئ في نفس الوقت الشروط اللازمة لإقامة علاقات فيها المزيد من المساواة بين الجنسين. لعبت المنظمات النسائية في أمريكا اللاتينية في ثمانينيات القرن العشرين دورًا مهمًا في نضال نساء الحضر حول استراتيجيات البقاء على قيد الحياة والنمو الحضري (Lind 1990). في كثير من الحالات، أشار هذا إلى أهمية المنظمات النسائية المستقلة عن الرجال، بحيث يمكنها أن تمثل المصالح الخاصة للنساء بلا لبس. فمثلاً، بينت دراسة جيليان هارت (Gillian Hart 1992) عن أسر المزارعين في ماليزيا أهمية تشكيل النساء الفقيرات لمنظماتهن الخاصة للدفاع عن مصالحهن منفصلات عن الرجال. أما الجمعية الهندية للنساء اللاتي لا يعملن لدى الغير، والتي دافعت عبر السنين عن مصالح العاملات من منازلهن بتنظيمهن في منظمات، بعد أن كن يعتبرن فيما مضى عصيات على التنظيم، فقد قدمت مثالاً مختلفًا تمامًا.
-
توضح الكتابات بالأمثلة أهمية أن نضع في الاعتبار الحاجة إلى المزج بين نوعين من السياسات والتحركات من أجل تغير اجتماعي نسوي وتقدمي. فمن جهة، يلزم التركيز على إحداث تحولات في العلاقات بين الجنسين عن طريق سياسات تعزز المساواة بينهما. يمكن أن تعتمد السياسات والتحركات هنا على نطاق واسع من الإمكانات، تتراوح ما بين السياسات التعليمية، إلى الأبعاد العديدة للتحول الثقافي، وسياسات الهوية، وتفسيرات النوع. ومن جهة أخرى، تلزم سياسات هيكلية موجهة إلى إحداث تغير اجتماعي – اقتصادي والارتقاء بنماذج تنموية قادرة على أن استيعاب تغير اجتماعي تقدمي، وهذان النوعان من السياسات والتحركات جزء لا يتجزأ من هذه التحولات. النوعان من السياسات ليسا متنافيين؛ بل هما بالعكس يمكن أن يكمل أحدهما الآخر، وهما مترابطان ببعضهما البعض. لقد قدم مجال النوع والنسبة إسهامًا مهمًا نحو تقديم صورة مرئية “للمجتمعات المتخيلة” وتنفيذها، تلك المجتمعات التي تستوعب هذه الأهداف.
* Lourdes Beneria, “The Study of Women and Gender in Economics: An Overview”, Gender, Development and Globalization: Economics as if All People Mattered, ed. Lourdes Bemera (Routledge, 2003), pp.31- 62.
AARP (American Association of Retired Persons). 1997. The AARP Survey of Civic Involvement.Washington, D.C.
Adelman, Irma, and Sherman Robinson. 1989. “Income Distribution and Development.” In H.Chenery and T.N. Srinivasan, eds. Handbook of Development Economics. Vol. II, Amsterdam:Elsevier Science Publishers, B.V., 949-1003.
Agarwal, Bina. 1991. “Engendering the Environmental Debate: Lessons from the Indian Subcontinent.” CASID Distinguished Speakers, Series No. 8, Michigan State University.
_____
.1992. “Gender Relations and Food Security: Coping With Seasonality, Drought, and Famine in South Asia.” In Lourdes Benerian and Shelly Feldman, eds. Unequal Burden, Economic Crises, Household Strategies and Women’s Work. Boulder, Colo.: Westview Press, 181-218.
_____
.1994. A Field of One’s Own: Gender and Land Rights in South Asia. Cambridge: Cambridge University Press.
_____
. 1997. “Bargaining and Gender Relations: Within and Beyond the Household.” Feminist Economics. 3 (1), Spring: 1-51.
Albelda, Randy. 1997. Economics & Feminism: Disturbances in the Field. New York: Twayne Publishers and Prentice Hall International.
_____
. 2001. “Welfare To Work, Farewell To Families? U.S. Welfare Reform and Work / Family Debates.” Feminist Economics. 7 (1), March: 119-36.
(##Allen, Aileen, and Lourdes Beneria. 2001. “Gender and Trade Issues within Mercosur.” Report written for UNIFEM’s Southern Cone Regional Office, April.
Ammott, Teresa L., and Julie Matthaei. 1991. Race, Gender and Work: A Multicultural Economic History of Women in the United States. Boston: South End Press.
Andrade, X., and Gioconda Herrera, eds. 2001. Masculinidades en Ecuador. Quito: FLACSO.
Anker, Richard. 1998. Gender and Jobs: Sex Segregation of Occupations in the World. Geneva:ILO.
Appelbaum, Ileen, and Rosemary Batt. 1994. The New American Workplace: Transforming Work Systems in the United States. Ithaca, N.Y.: Cornell University ILR Press.
Arbona, Juan. 2000. “The Political Economy of Micro-Enterprise Promotion Policies:
Restructuring and Income-Generating Activities in El Alto, Bolivia.” Ph.D. dissertation. Ithaca, N.Y.: Cornell University.
Aslanbeigui, Nahid, and Gale Summerfield. 2000. “The Asian crisis, gender and the international financial architecture.” Feminist Economics. 6 (3), November: 81-103.
Badgett, M.V. Lee. 1995. “The last of the Modernists?” Feminist Economics. 1 (2): 63-65.
Bakker, Isabella. 1994. The Strategic Silence: Gender and Economic Policy. London / Atlantic Highlands, N.J.: Zed Books.
Bakker, Isabella, and Elson, Diane. 1998. “Towards Engendering Budgets.” In Alternative Federal Budget Papers. Ottawa: Canadian Center for Policy Alternatives.
Balakrishnan, Radhika. 1994. “The Social Context of Sex Selection and the Politics of Sex Selection in India.” In G. Sen and R. Snow, eds. Power and Decision: The Social Control of Reproduction. Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
Balakrishnan, Radhika, and M. Huang. 2000. “Flexible Workers – Hidden Employers: Gender and Subcontracting in the Global Economy, Report On A Research Project of the Women’s Economic and Legal Rights Program.” Washington, D.C.: The Asia Foundation.
Bardhan, Kalpana, and Stephan Klasen. 1999. “UNDP’s Gender-Related Indices: A Critical Review.” World Development. 27 (6): 985-1010.
Barker, Lucilla. 1995. “Economists, Social Reformers and Prophets: A Feminist Critique of Economic Efficiency.” Feminist Economics. 1 (3), Fall: 26-39.
Barrett, Michele. 1999. Imagination in Theory: Culture, Writing, Words, and Things. New York: University Press.
Barrig, Maruja. 1996. “Nos Hablamos Amado Tanto: Crisis Del Estado Y Organizacion Feminine.” In John Friedmann et al., eds. Emergences: Women’s Struggles for Livelihood in Latin America. Los Angeles: Latin American Studies Program, UCLA.
Batt, Rosemary. 1996. “From Bureaucracy to Enterprise? The Changing Jobs and Careers of Managers In Telecommunications Services.” In P. Osterman, ed. Broken Ladders: Managerial
Careers in Transition. New York: Oxford University Press.
Becker, Gary. 1981. A Treatise on the Family. Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
_____
. 1991. A Treatise on the Family. Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
Beller, Andrea. 1979. “The Impact of Equal Employment Opportunity Laws On the Male/Female Earnings Differential.” In Cynthia B. Lloyd et al., eds. Women in the Labor Market. New York: Columbia University Press.
Beneria, Lourdes. 1979. “Reproduction, Production and the Sexual Division of Labor.” Cambridge Journal of Economics. 3 (3): 203-25.
_____
., ed. 1982. “Accounting for Women’s Work.” In L. Beneria, ed. Women and Development: the Sexual Division of Labor in Rural Societies. New York: Praeger, 161-84.
_____
. 1987. “Gender and the Dynamics of Subcontracting In Mexico City.” In Clair Brown and Joseph A. Pechman, eds. Gender in the Workplace. Washington, D.C.: Brookings Institution, 159-88.
. 1992. “Accounting for Women’s Work: the Progress of Two Decades.” World
Development. 20 (11): 1547-60.
_____
. 1995. “Toward A Greater Integration of Gender and Economics.” World Development. 23 (11): 1839-50.
_____
. 1996. “Thou Shalt Not Live By Statistics Alone But It Might Help.” Feminist Economics. 2 (3): 139-42.
_____
. 1999. “Globalization, Gender, and the Davos Man.” Feminist Economics. 5 (3): 61-84.
Beneria, Lourdes, and Shelley Feldman. 1992. Unequal Burden: Economic Crises, Persistent Poverty, and Women’s Work. Boulder, Colo.: Westview Press.
Beneria, Lourdes, and Breny Mendoza. 1995. “Structural Adjustment and Social Emergency Funds: the Cases of Honduras, Mexico and Nicaragua.” Paper prepared for UNRISD’s project on Economic Restructuring and New Social Policies. European Journal of Development Research, Spring.
Beneria, Lourdes, and Martha Roldan. 1987. The Crossroads of Class & Gender: Industrial Homework, Subcontracting, and Household Dynamics in Mexico City. Chicago: University of Chicago Press.
Benberia, Lourdes, and F. Rosenberg. 1999. “Brazil Gender Review.” Report / evaluation of World Bank projects in Brazil.
Beneria, Lourdes, and L. Santiago. 2001. “The Impact of Industrial Relocation on Displaced Workers: A Case Study of Cortland, N.Y.,” Economic Development Quarterly, February.
Beneria, Lourdes, and Gita Sen. 1981. “Accumulation, Reproduction and Women’s Role in Economic Development: Boserup Revisited.” Signs. 7 (2): 279-98.
Benham, Lee. 1974. “Benefits of Women’s Education Within Marriage.” Journal of Political Economy. 82 (2/2): S57-S71.
Bergmann, Barbara. 1995. “Becker’s Theory of the Family: Preposterous Conclusions.” Feminist Economics. 1 (1): 141-50.
_____
. 2000. Is Social Security Broke? A Cartoon Guide to the Issues. University of Michigan Press.
_____
. 1974. “Occupational Segregation, Wages and Profits When Empoloyers Discriminate by Race and Sex.” Eastern Economic Journal. 1 (2): 103-10.
Berik, Gunseli. 2000. “Mature Export-Led Growth and Gender Wage Inequality.” Feminist Economics. 6 (3): 1-26.
Bisnath, Savitri. 2002. “WHO, GATS and TPRM: Servicing Liberalization and Eroding Equity Goals?”. In L. Beneria and S. Bisnath, eds. Global Tensions: Challenges and Opportunities in the World Economy. New York: Routledge. Bittman, Michael, and Jocelyn Pixley. 1997.
The Double Life of the Family. Myth, Hope and Experience. Sidney: Allen and Unwin.
Blackden, C. Mark, and Elizabeth Morris-Hughes. 1993. “Paradigm Postponed: Gender and Economic Adjustment in Sub-Saharan Africa.” Washington, D.C.: Technical Department, African Region, The World Bank.
Blades, Derek W. 1975. Non-Monetary (Subsistence) Activities in the National Accounts of Developing Countries. Paris: OECD.
Blank, Rebecca. 1993. “What Should Mainstream Economists Learn From Feminist Theory?”. In Marianne A. Ferber and Julie A. Nelson, eds. Beyond Economic Man: Feminist Theory and Economics. Chicago: The University of Chicago Press, 133-43.
_____
. 1994. Social Protection vs. Economic Flexibility. Is There a Trade Off ?. The University of Chicago Press.
Blau, Francine. 1976. “Longitudinal Patterns of Female Labor Force Participation.” Dual Careers, 4. Washington, D.C.: U.S. Department of Labor.
KBlau, Francine, and Marianne Ferber. 1986. The Economics of Women, Men, and Work.
Englewood Cliffs, N.J.: Prentice- Hall.
Bluestone, Barry, and Bennett Harrison. 1982. The Deindustrialization of America.
PlantClosings, Community Abandonment and the Dismantling of Basic Industry. New York: Basic Books.
Boris, Eileen, and Elizabeth Prugl, eds. 1996. Homeworkers in Global Perspective: Invisible No More. New York: Routledge.
Boserup, Ester. 1970. Women’s Role in Economic Development. New York: St. Martin’s Press.
Bridger, Sue, Rebecca Kay, and Kathryn Pinnick. 1996. No More Heroines? Russia, Women and the Market. London: Routledge.
Brofenbrenner, K. 2000. “Uneasy Terrain: the Impact of Capital Mobility On Workers, Wages, and Union Organizing.” Submitted to the U.S. Trade Deficit Review Commission, September.
Bromley, R., and C. Gerry, eds. 1979. Casual Work and Poverty. London: John Wiley and Sons.
Bruce, Judith, and Daysy Dwyer. 1988. A Home Divided: Women and Incomed in the Third World. Stanford, Calif.: Stanford University Press.
Bruegel, Irene, and Jane Humphries. 1998. “Introduction: Equal Opportunities and Employment Change in West European Economies.” Feminist Economic. 4 (1), Spring: 51-52.
Bruegel, Irene, and Diane Perrons. 1998. “Deregulation and Women’s Employment: the Diverse Experience of Women In Britain.” Feminist Economics. 4 (1), Spring: 103-25.
Butler, Judith. 1993. Bodies that Matter: On the Discoursive Limits of “Sex.” New York: Routledge.
Buviniç, Mayra. 1986. “Projects for Women in the Third World: Explaining Their Misbehavior.” World Development. 14 (5), May: 653-64.
Çagatay, Nilufer. 2001. “Trade, Gender and Poverty.” UNDP, New York. Background Paper for UNDP’s report on Trade and Sustainable Human Development, October 2001.
Çagatay, Nilufer, Diane Elson, and Caren Grown. 1996. “Introduction.” Special issue on Gender, Adjustment and Macroeconomics. World Development. 23 (1), November: 1827-1938.
Capelli, P. 1999. The New Deal at Work. Boston: Harvard Business School Press.
Carr, Marilyn, Martha Chen, and Jane Tate, 2000. “Globalization and Home-Based Workers.”
Feminist Economics. 3 (3), November: 123-42.
Carrasco, Cristina. 1992. El Trabajo Doméstico y la Reproducción Social. Madrid: Istituto de la Mujer.
Cassels, Jamie. 1993. “User Requirements and Data Needs.” In Summary of Proceedings, International Conference on the Valuation and Measurements of Unpaid Work, Sponsored by Statistics Canada and Status of Women Canada. Ottawa, Canada, April 18-30.
Chadeau, Ann. 1989. Measuring Household Production: Conceptual Issues and Results for France. Paper presented at the Second ECE/INSTRAW Joint Meeting on Statistics on Women.
Geneva, November 13-16.
Charmes, Jacques. 2000. “Size, Trends and Productivity of Women’s Work In the Informal Sector.” Paper presented at the annual IAFFE Conference. Istanbul, August 15-17.
Christopherson, Susan. 1997. “The Caring Gap For Caring Workers: the Restructuring of Care and the Status of Women In OECD Countries.” Paper presented at the Conference on
Revisioning the Welfare State: Feminist Perspectives on the U.S. and Europe. Cornell
University, October 3-5.
Cigno, Alessandro. 1994. Economics of the Family. New York: Oxford University press.
Collins, Mary. 1993. “Opening Remarks,” Summary of Proceedings, International Conference on the Valuation and Measurement of Unpaid Work, sponsored by Statistics Canada and Status of
Women Canada. Ottawa, Canada, April 18-30.
HComajuncosa, Josep M., Francisco Loscos, and Ignacio Serrano. 2001. Prefaci a ‘lElaboració dels Comptes Satéllit de la Produccio Domestica per a Catalunya. Barcelona: Institut Català de la Dona.
Commonwealth Secretariat. 1989. Engendering Adjustment for the 1990s. London:
Commonwealth Secretariat.
Conseil d’Analyse Economique and The World Bank. 2000. Governance, Equity and Global Markets. Proceedings of the Annual Bank Conference on Development Economics in Europe,
June 21-23, 1999. Paris: La Documentation Francaise.
Cornia, Giovanni, Richard Jolly, and Francis Stewart, eds. 1987. Adjustment with a Human Face, 1. New York: UNICEF / Clarendon Press, 1987.
Cornwall, Richard. 1997. “Deconstructing Silence: the Queer Political Economy of the Social Articulation of Desire.” Review of Radical Political Economies. 29 (1): 1-130.
Cravey, Altha J. 1998. Women and Work in Mexico’s Maquiladoras. Rowan & Littlefield.
Croson, Susan. 1999. “Using Experiments in the Classroom.” CWEP Newsletter, Winter.
Daly, Mary, ed. 2001. Care Work. The Quest for Security. Geneva: ILO.
Dangler, Jamie. 1994. Hidden in the Home: The Role of Waged Homework in the Modern World Economy. Albany, N.Y.: State University of New York Press.
DAW (Division for the Advancement of Women). 1999. World Survey on the Role of Women in Development, Globalization, Gender and Work, New York: United Nations.
Deere, Carmen Diana. 1976. “Rural Women’s Subsistence Production in the Capitalist Periphery.” RRPE 8 (1): 9-17.
_____
. 1990. Household and Class Relations: Peasants and Landlords in Northern Peru. Berkeley, Calif.: University of California Press.
Deere, Carmen Diana, and Magdelena León. 2001. Empowering Women: Land and Property Rights in Latin America. Pitsburgh: University of Pittsburgh Press.
De Soto, Hernando, 2000. El Misterio del Capital. Lima: Empresa Editoria El Comercio. Dicken, P. 1998. Global Shift: Transforming the World Economy. New York: The Guildford
Press.
Dijkstra, A. Geske, and Lucia Hammer. 2000. “Measuring Socio-Economic Gender Inequality: Toward an Alternative To the UNDP Gender-Related Development Index.” Feminist Economics. 6 (2): 41-75.
Doezema, J., and K. Kempadoo, eds. 1998. Global Sex Workers: Rights, Resistance and Redefinitions, New York: Routledge.
Dollar, David, and Roberta Gatti. 1999. “Gender Inequality, Income, and Growth: Are Good Times Good for Women?”. Washington, D.C.: The World Bank, Policy Research Group on Gender and Development, Working Paper Series, No. 1.
Drèze, Jean, and Amartya Sen. 1989. Hunger and Public Action. Oxford: Clarendon Press.
_____
. 1995. India: Economic Development and Social Opportunity. Oxford University Press.
Duggan, Lynn. 1994. “A Gender Theory of Family Policy: on the Relevance of Equal Fallback Positions.” Paper presented at URPE / ASSA meetings. Boston.
Dussell Peters, Enriqued. 2000. Polarizing Mexico: The Impact of Liberalization Strategy.
Boulder and London: Lynne Rienner Publishers.
ECA (Economic Commission for Africa). 1989. Adjustment with Transformation. ECA / CM, 15/6 Rev. 3. Addis Ababa: United Nations.
ECLAC (Economic Commission for Latin America and the Caribbean). 1990. Transformación Productiva con Equidad. Santiago, Chile.
_____
. 1995. Social Panorama of Latin America. Santiago, Chile.
Edwards, Richard, Michael Reich, and David Gordon, eds. 1973. Labor Market Segmentation. Lexington, Mass.: D.C. Heath and Co.
(#JEhrenreich, Barbara, and Arlie Russell Hochschild, eds. 2002. Global Woman: Nannies, Maids, and Sex Workers in the New Economy. New York: Metropolitican Books.
Elson, Diane, ed. 1979. Value the Representation of Labour in Capitalism. London:
CSE/Humanities Press.
____
. ed. 1991. Male Bias in the Development Process. Manchester: Manchester University press.
_____
. 1992. “From Survival Strategies To Transformation Strategies: Women’s Needs and
Structural Adjustment.” In L. Beneria and S. Feldman eds., Unequal Burden: Economic Crises, Persistent Poverty, and Women’s Work. Boulder, Colo.: Westview Press: 26-48.
_____
. 1993. “Gender-Aware Analysis and Development Economics.” Journal of International Development. 5 (2): 237-47.
_____
. 1995. “Gender Awareness In Modeling Structural Adjustment.” World Development. 23 (11), November: 1851-68.
____
. 1999. “Theories of Development.” In J. Peterson and M. Lewis, eds. The Elgar Companion to Feminist Economics. Cheltenham: Edward Elgar: 95-107.
Elson, Diane, and Ruth Pearson, eds. 1989. Women’s Employment and Multinationals in Europe.
London: Macmillan Press.
England, Paula. 1993. “The Separate Self: Androcentric Bias in Neoclassical Assumptions.” In Marian Ferber and Julie Nelson, eds. Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago Press, 37-53.
Epstein, Gerald, Julie Graham, and Jessica Nembhard, eds. 1990. Creating a New World Economy. Philadelphia: Temple University Press.
Escobar, Arturo. 1995. Encountering Development: The Making and Unmaking of the Third World. Princeton, N.J.: Princeton University Press.
Feldman, Shelley. 1992. “Crisis, Islam and Gender in Bangladesh: the Social Construction of a Female Labor Force.” In Lourdes Beneria and Shelley Feldman, eds. Unequal Burden:
Economic Crises, Persistent Poverty, and Women’s Work. Boulder, Colo.: Westview Press, 105-30.
_____
. 2001. “Exploring Theories of Patriarchy: A Perspective from Contemporary Bangladesh.” Signs: Journal of Women, Culture and Society. 26 (4): 1,097-27.
Ferber, Marianne, and Bonnie Birnbaum. 1977. “The ‘New Home Economic’: Retrospects and Prospects.” Journal of Consumer Research. 4, June: 19-28.
____
. 1980. “Housework: Priceless Or Valueless?” Review of Income and Wealth. 26 (4),
December: 387-400.
Ferber, Marianne, and Julie Nelson, eds. 1993. Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago press.
Ferguson, Anne. 2001. “Practical and Strategic Gender Interests: Discourse and Identity in Women’s Movements in Latin America.” Paper presented at the XXIII Latin American Studies
Association Conference. Washington, D.C., September 6-8.
Figart, Deborah, and Ellen Mutari. 1998. “Degendering Worktime in Comparative Perspective: Alternative Policy Frameworks.” Paper prepared for the Symposium on Work Time. Review of Social Economy. Winter: 460-80.
Floro, Maria Sagrario. 1994. “Work Intensity and Women’s Time USE.” In G. Young and B. Dickerson, eds. Color, Class and Country: Experiences of Gender. London: Zed Press, 162-81.
_____
. 1995. “Economic Restructuring, Gender and the Allocation of Time.” World Development. 23 (11), November: 1, 913-30.
_____
. 1996. “We Need New Economic Indicators to Gauge Work and Well-Being.” The
Chronicle of Higher Education. 4 (15), December 6.
_____
. 1997. “Time as A Numeraire: the Institutional and Social Dimensions of Time USE.” Paper presented at the Rescheduling Time Symposium. University of Manchester, November 6-7.
IFloro, Maria, and Kendall Shaffer. 1998. “Restructuring of Labor Markets in the Philippines and Zambia: the Gender Dimension.” The Journal of Development Areas. 33, Fall: 73-98.
Floro, Maria, and Gary Dymski. 2000. “Financial Crisis, Gender, and Power: An Analytical Framework,” World Development, 28 (7), July: 1269-1283.
Folbre, Nancy. 1982. “Exploitation Comes Home: A Critique of the Marxian Theory of Family Labour.” Cambridge Journal of Economics. 6: 317-29.
_____
. 1988. “The Black Four of Hearts: Toward a New Paradigm of Household Economics.” In J. Bruce and D. Dwyer, eds. A Home Divided. Stanford, Calif.: Stanford University Press, 248- 64.
_____
. 1994. Who Pays for the Kids? Gender and the Structures of Constraint. New York:
Routledge.
_____
. 1995a. “Economic Restructuring, Gender and the Allocation of Time.” World Development. 23 (11), November: 1, 913-30.
_____
. 1995b. “Holding Hands At Midnight: the Paradox of Caring Labor.” Feminist Economics. 1 (1), Spring: 73-92.
_____
. 2000. The Invisible Heart, Economics and Family Values. New York: The New Press.
Fontana, Marzia, Susan Jockes, and Rached Masika. 1998. “Global Trade Expansion and Liberalization: Gender Issues and Impacts.” Institute of Development Studies, University of Sussex, UK.
Fontana, Marzia, and Adrian Wood. 2000. “Modeling the Effects of Trade on Women, At Work and At Home.” World Development. 28 (7), July: 1, 173-90.
Frank, Robert, Thomas Golovich, and Dennis Regan. 1993. “Does Studying Economics Inhibit Cooperation?” Journal of Economic Perspectives. 7 (2): 159-71.
Fraser, Nancy. 1997. Justice Interruptus: Critical Reflections on the Postsocialist Condition. New York: Routledge.
Fraumeni, Barbara. 1998. “Expanding Economic Accounts for Productivity Analysis: A Nonmarket and Human Capital Perspective.” Paper presented at the Conference on Income and Wealth, National Bureau for Economic Research (NBER), March 20-21.
Freeman, Richard B. 1996. The New Inequality. Boston: Boston Review, December / January, 1996-1997.
Froebel, F., J. Heinrichs, and O. Kreye. 1980. The New International Division of Labor.
Cambridge: Cambridge University Press.
Fussel, M.E. 2000. “Making Labor Flexible: the Recomposition of Tijuana’s Macquiladora Female Labor Force.” Feminist Economics. 6 (3): 59-80.
Garcia-Linera, A. 1999. Reproletarizacion: Nueva Clase Obrera y Desarrollo del Capital Industrial en Bolivia (1952-1998). La Paz: Muela del Diablo Editores.
Gardiner, Jean. 1975. “Women’s Domestic Labor.” New Left Review. 89, January / February: 47- 58.
Geisler, Gisela, and Karen Tranberg Hansen. 1994. “Structural Adjustment, the Rural-Urban Interface and Gender Relatrions in Zambia.” In N. Aslanbeigui, S. Pressman, and G. Summerfield, eds. Women in the Age of Economic Transformation. London and New York: Routledge, 95-112.
Gilligan, Carol, 1982. In a Different Voice. Cambridge: Harvard University Press.
Giménez, Martha E. 1990. “The Dialectics of Waged and Unwaged Work: Waged Work, Domestic Labor and Household Survival in the United States.” In Jane L. Collins and Martha Giménez, eds. Work without Wages: Domestic Labor and Self-Employment within Capitalism.
Albany, N.Y.: State University of New York Press, 25-46.
Goldschmidt-Clermont, Luisella. 1982. Unpaid Work in the Household: A Review of Economic Evaluation Methods. Geneva: ILO.
_____
. 1987. Economic Evaluations of Unpaid Household Work: Africa, Asia, Oceania. Geneva: ILO.
González de la Rocha, M. 2000. “Private Adjustments: Household Responses to the Erosion of Work.” UNDP / SEPED Conference Paper Series.
Gora, Ann, and Gloria Nemerowicz. 1991. “Volunteers: Initial and Sustaining Motivations in Service to the Community.” Research in the Sociology of Health Care. 9: 233-46.
Gordon, David, Richard Edwards, and Michael Reich. 1982. Segmented Work, Divided Workers: The Historical Transformation of Labor in the United States. Cambridge: Cambridge University Press.
Grapard, Ulla. 1995. “Robinson Crusoe: the Quintessential Economic Man?” Feminist
Economics. 1 (1): 33-52.
Grown, Caren, Diane Elson, and Nilufer Çagatay. 2000. “Introduction” to special issue on Growth, Trade, Finance, and Gender Inequality.” World Development, 28 (7), July: 1, 145-56.
Gutmann, Matthew. 1996. The Meanings of Macho: Being a Man in Mexico City. Berkeley / Los Angeles / London: University of California Press.
Guyer, Jane. 1980. “Households, Budgets and Women’s Incomes.” Boston University, Africana Studies Center Working Paper No. 28.
Hacker, Andrew. 1997. “Good or bad, Greed Is Often beside the Point.” The New York Times, June 8.
Haney, Lynne. 2000. “Global Discourse of Need: Mythologizing and Pathologizing Welfare in Hungary.” In M. Burawoy et al., Global Ethnography: Forces, Connections, and Imaginations
in a Post-Modern World. Berkeley: University of California Press.
Harding, Sandra, ed. 1987. Feminism and Methodology. Bloomington, Ind.: Indiana University Press.
_____
. 1995. “Can Feminist Thought Make Economics More Objective?” Feminist Economics. 1 (1), Spring: 7-32.
Harris, Rachel. 1997. “Where Have All the Majors Gone?” Athena, Spring: 18-19.
Harris-White, Barbara. 1998. “Female and Male Grain Marketing Systems: Analytical and Policy Issues for West Africa and India.” In Cecile Jackson and Ruth Pearson, eds. Feminist Visions of Development: Gender, Analysis and Policy. London and New York: Routledge, 189-213.
_____
. 2002. “Development and Productive Deprivation: Male Patriarchal Relations in Business Families and Their Implications for Women in South India.” Forthcoming in L. Beneria and Savitri Bisnath, eds. Global Tensions: Challenges and Opportunities in the World Economy. New York: Routledge.
Harrison, Ben. 1994. Lean and Mean: The Changing Landscape of Corporate Power in the Age of Flexibility. New York: Basic Books.
Harrison, Ben, and Barry Bluestone. 1988. The Great U-Turn: Corporate Restructuring and the Polarization of America. New York: Basic Books.
Hart, Gillian. 1992. “Household Production Reconsidered: Gender, Labor Conflict, and Technological Change in Malaysia’s Muda Region.” World Development. 20 (6), June: 809-23.
Hart, Keith. 1972. Employment, Income and Inequality: A Strategy for Increasing Productive Employment in Kenya. Geneva: ILO.
Hartmann, Heidi. 1976a. “The Family As the Locus of Gender, Class and Political Struggle: the Example of Housework.” In Sandra Harding, ed. Feminism and Methodology. Bloomington,
Ind.: Indiana University Press, 109-34.
_____
. 1976b. “Capitalism, Patriarchy, and Job Segregation By Sex.” In M. Blaxall and B. Reagan, eds. Women and the Workplace. Chicago: University of Chicago Press, 137-69.
_____
. 1979. “The Unhappy Marriage of Marxism and Feminism: Toward a More Progressive
Union.” Capital and Class. Summer: 1-33.
_____
. 1981. “The Family as the Locus of Gender, Class and Political Struggle: the Example of Housework.” Signs: Journal of Women, Culture and Society. 6 (3): 366-94.
Heilbroner, Robert, and William Milberg. 1995. The Crisis of Vision in Modern Economic Thought. Cambridge Univeristy Press.
Himmelweit, Susan. 1995. “The Discovery of Unpaid Work: the Social Consequences of the Expansion of Work.” Feminist Economics. 1 (2) Summer: 1-19.
Himmelweit, Susan, and Simon Mohun. 1977. “Domestic Labor and Capital.” Cambridge Journal of Economics. 1, March: 15-31.
Hsiung, Ping-Chun. 1995. Living Rooms as Factories: Class, Gender, and the Satellite Factory System in Taiwan. Philadelphia: Temple University Press.
ILO (International Labor Office). 1972. Employment, Incomes, and Equality: Strategy for Increasing Productive Employment in Kenya. Geneva: ILO.
_____
. 1976. International Recommendations on Labour Statistics. Geneva: ILO.
_____
. 1977. Labour force estimates and projections, 1950-2000. Geneva: ILO.
_____
. 1997. The ILO, Standard Setting, and Globalization, report of the Director General. 85th Session, Geneva.
_____
. 1999. Panorama Laboral 99. Lima: OIT.
Independent Commission on Population and Quality of Life. 1996. Caring for the Future: Making the Next Decades Provide a Life worth Living. Oxford: Oxford University Press.
INSTRAW (United Nations International Research and Training Institute for the Advancement of Women). 1991. Methods of Collecting and Analysing Statistics on Women in the Informal
Sector and Their Contributions to National Product: Results of Regional Workshops.
INSTRAW / BT / GRP. 1. anto Domingo: United Nations.
Ironmonger, Duncan. 1996. “Counting Outputs, Capital Inputs and Caring Labor: Estimating
Gross Household Product.” Feminist Economics. 2 (3), Fall: 37-64.
Itoh, Makoto, and Nobuharu Yokokawa. 1979. “Marx’s Theory of Market-Value”. In D. Elson, ed. Value: the Representation of Labour in Capitalism. London: CSE / Humanities Press, 102-14.
Jaquette, Jane. 2001. “Constructing Democracy: Feminist Theory and the Challenges of the Post-Cold War World.” Paper presented at the XXIII International Congress of the Latin American Studies Association. Washington, D.C., September 6-8.
Jennings, Ann. 1993. “Public or Private? Institutional Economics and Feminism.” In M. Ferber and J. Nelson, eds., Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago Press, 111-29.
Juster, F. Thomas, and Frank P. Stafford. 1991. “The Allocation of Time: Empirical Findings, Behavioral Models, and Problems of Measurement.” Journal of Economic Literature. XXIX, June: 471-522.
Kabeer, Naila. 2000. The Power to Choose: Bangladesh Women and Labour Market Decisions in London and Dhaka. London and New York: Verso.
Katz, Elizabeth. 1991. “Breaking the Myth of Harmony: Theoretical and Methodological
Guidelines to the Study of Rural Third World Households.” Review of Radical Political Economics. 23 (3 & 4): 37-56.
_____
. 1991. “Breaking the Myth of Harmony: Theoretical and Methodological Guidelines to the Study of Rural Third World Households.” Review of Radical Political Economics. 23 (3 & 4), Fall / Winter: 148-73.
Katz, H.C. 2000. Converging Divergencies: Wordwide Changes in Employment Systems. Ithaca, N.Y.: Cornell University Press.
Keck, Margaret, and Kathryn Sikkink. 1998. Activists Beyond Borders: Advocacy Networks in International Politics. Ithaca and London: Cornell University Press.
(*(Kohr, Martin. 2000. “North-South Tensions At the WTO: The Need to Rathink Liberalization and Reform the WTO.” Paper presented at the Global Tensions Conference. Cornell University, March 8-9.
Koopman, Jeanne. 1991. “Neoclassical Household Models and Modes of Household Production:Problems and Analysis of African Agricultural Households.” Review of Radical Political Economics. 23 (3 & 4), Fall / Winter: 148-73.
Kotz, David. 1995. “Lessons For A Future Socialism From the Soviet Collapse.” Review of Radical Political Economics. 27 (3), Steptember: 1-11.
Kruse, T. 2000. “Acaso Eres Trabajador? Notes On Industrial Restructuring, Labor Processes, and Social Subjects.” Presented at the Workshop on Latin American Labor and Globalization, Social Science Research Council. San Hose, Costa Rica, July 11-12.
Kucera, David. 2001. Gender, Growth and Trade: The Miracle Economies of the Postwar Years.
London and New York: Routledge.
Kucera, David, and William Milberg. 2000. “Gender Segregation and Gender Bias in
Manufacturing Trade Expansion: Revisiting the “Wood Asymmetry.” World Development. 28 (7): 1,191-1,210.
Langfeldt, Enno. 1987. “Trabajo No Remunerado En El Contexto Familiar,” in Revista de Estudios Económicos. 1: 131-46.
Laufer, Jacqueline. 1998. “Equal Opportunities and Employment Change In West European Economies.” Feminist Economics. 4 (1), Spring: 53-69.
Lavinas, Lena. 1996. “As Mulhares No Universo Da Pobreza: O Caso Brasileiro.” Estudoes Feministas. 4 (2): 464-79.
Leacock, Eleanor and Helen Safa, eds. 1986. Women’s Work: Development and the Division of Labor by Gender. South Hadley, Mass.: Bergin and Garvey Publishers.
League of Nations. 1938. Statistics of the Gainfully Occupied Population: Definitions and Classifications Recommended by the Committees of Statistical Experts. Studies and Reports on Statistical Methods, No. 1. Geneva.
Leigh, Duane. 1995. Assisting Workers Displaced by Structural Change. Kalamazoo, Mich.: W.E. Upjohn Institute for Employment Research.
Lim, Lin, ed. 1998. The Sex Sector. The Economic and Social Basis of Prostitution in South East Asia. Geneva: ILO.
Lim, Linda. 1983. “Capitalism, Imperialism, and Patriarchy: the Dilemma of Third World Women Workers In Multinational Factories.” In J. Nash and M. Fernandez-Kelly, eds. Women, Men, and the International Division of Labor. Albany, N.Y.: State University of New York Press.
Lind, Amy, 1990. “Gender, Power and Development: Popular Women’s Organizations and the Politics of Needs in Ecuador.” In Arturo Escobar and Socia Alvarez, eds. The Making of Social Movements in Latin America. Boulder, Colo.: Westview Press, 134-49.
_____
. 1997. “Gender, Development, and Urban Social Change: Women’s Community Action in Global Cities.” World Development. 25 (8): 1205-23.
Lloyd, Cynthia, ed. 1975. Sex, Discrimination, and the Division of Labor. New York: Columbia University Press.
Lloyd, Cynthia, and Beth Niemi. 1979. Economics of Sex Differentials. New York: Columbia University Press.
Lutzel, Heinrich. 1989. “Household Production and National Accounts.” Paper presented at the Second ECE / INSTRAW Joint Meeting on Statistics on Women, Geneva, November 13-16.
_____
. 1998. “Gender and Social Security Policy: Pitfalls and Possibilities.” Feminist Economics. 4 (1), Spring: 1-26.
MacDonald, Martha. 1998. “Gender and Social Security Policy: Pitfalls and Possibilities,” Feminist Economics. 4 (1), Spring: 1-25.
(*+MacKintosh, Maureen. 1978. “Domestic Labor and the Household.” In Annette Kuhn and Annemarie Wolpe, eds. Feminism and Materialism. London: Routledge.
Madden, Janice. 1972. “The Development of Economic Thought on the ‘Women Problem.’” Special issue on the Political Economy of Women. The Review of Radical Political Economics. 4 (3): 21-38.
Majnoni d’Intignano, Beatrice. 2000. “Equality between Women and Men: Economic Aspects.” In Governance, Equity and Global Markets: the Annual Bank Conference on Development Economics. Paris: La Documentation française.
Marwell, Gerlad, and Ruth Ames. 1981. “Economists Free Ride, Does Anyone Else?
(Experiments in the Provision of Public Goods).” Journal of Public Economics. 15 (3): 295- 310.
McCloskey, Deidre. 1996. “Love and Money: A Comment on the Market Debate.” Feminist Economics. 2 (2), Summer: 137-40.
McCloskey, Don. 1990. The Rhetoric of Economics. Chicago: The University of Chicago Press.
_____
. 1993. “Some Consequences of a Conjective Economics.” In B. Nelson and M. Ferber, eds.
Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago Press, 69-93.
McCrate, E. 1995. “The Growing Divide among American Women.” Unpublished paper,
University of Vermont, Department of Economics.
McKay, Aisla. 2001. “Rethinking Work and Income Maintenance Policy: Promoting Gender Equality Through A Citizen’s Basic Income.” Feminist Economics. 7 (1), March: 97-118.
McMichael, Philip. 1999. “The Global Crisis of Wage Labor”. Studies in Political Economy. 58: 11-40.
Merchant, Carolyn. 1989. The Death of Nature: Women, Ecology and the Scientific Revolution.
San Francisco: Harper and Row Publishers.
Meurs, Mieke. 1998. “Imagined and IMAGINING EQUALITY IN EAST Central Europe:
Gender and Ethnic Differences in the Economic Transformation of Bulgaria.” In J. Pickles and A. Smith, eds. Theorising Transition: The Political Economy of Post-Communist
Transformations. London and New York: Routledge: 330-46.
Milberg, William. 1993. “NATURAL Order and Postmodernism in Economic Thought.” Social Research. 60-62, Summer: 255-72.
Minnich, Elizabeth Kamarch. 1990. Transforming Knowledge. Philadelphia: Temple University Press.
Moghadam, Valentine. 1993. Democratic Reform and the Position of Women in Transitional Economies. Oxford: Clarendon Press.
_____
. 2000. “Gender and Economic Reforms: A Framework for Analysis and Evidence from Central Asia, the Caucasus and Turkey.” In F. Açar and A. Gunes Ayata, eds. Gender and Identity Construction: Women of Central Asia, the Caucasus and Turkey. Leiden: Brill: 23-43.
Molyneux, Maxine. 1979. “Beyond the Domestic Labour Debate.” New Left Review, 115, July / August): 3-28.
_____
. 1985. “Mobilization without Emancipation? Women’s Interests, the State, and
REVOLUTION IN NICARAGUA.” Feminist Studies. 11 (2): 227-54.
Montecinos, Verónica. 2001. “Feminists and Technocrats in the Democratization of Latin America: a Prolegomenon.” In International Journal of Politics, Culture and Society. 15 (1), Fall: 175-99.
Moser, Caroline. 1993. Gender Planning and Development: Theory, Practice and Training. London and New York: Routledge.
Nash, June, and Maria Patricia Fernández-Kelly, eds. 1983. Women, Men, and the International Division of Labor. Albany, N.Y.: State University of New York Press.
Nelson, Julie. 1993. “Some Consequences of Conjective Economics.” In Marianne Ferber and Julie Nelson, eds. Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago Press: 69-93.
North, Douglass. 1994. “Economic Performance through Time.” American Economic Review. 84 (3): 359-68.
Nussbaum, Martha. 2001. “Women’s Capabilities and Social Justice.” Paper presented at the conference on Global Tensions: A Conference in Honor of Ester Boserup. Cornell University, March 9-10.
O’Grady, Mary Anastasia. 1997. “Don’t Blame the Market for Argentina’s Woes.” Wall Street Journal, May 30.
Oliveira, O., de. 2000. “Households and Families In A Context of Crisis, Adjustment and Economic Restructuring.” Colegio de Mexico, Center for Sociological Studies.
Ong, Aiwa. 1987. Spirits of Resistance and Capitalist Discipline: Women Factory Workers in Malaysia. Albany, N.Y.: SUNY Press.
Osterman, Paul, ed. 1996. Broken Ladders: Managerial Careers in Transition. New York: Oxford University Press.
_____
. 1999. Security Prosperity: The American Labor Market: How It Has Changed and What to Do about It. Princeton, N.J.: Princeton University Press.
Ozler, S. 2001. “Export Led Industrialization and Gender Differences In Job Creation and Destruction: Micro Evidence From Turkish manufacturing Sector. Unpublished Paper, Economics Department, University of California at Los Angeles.
Palmer, Ingrid. 1977. “Rural Women and the Basic-Needs Approach To Development.” International Labour Review, 115 (1), January-February: 97-107.
_____
. 1991. Gender and Population in the Adjustment of African Economies: Planning for Change, Women, Work and Development. 19, Geneva: ILO.
Papaglia, A. 1995. The Relocation of Smith-Corona: An Inside Look at Outplacement
Counseling, Cortland, N.Y.: Corland Press.
Pearson, Ruth, and C. Jackson, eds. 1998. Feminist Visions of Development: Gender Analysis and Policy. London: Routledge.
Pérez-Sáinz, J.P. 2000. “Labor Market Transformations in Latin America during the 90s: Some Analytical Remarks.” FLASCO: Costa Rica.
Perlow, Leslie. 1997. Finding Time: How Corporations, Individuals, and Families Can Benefit from New Work Practices. Ithaca, N.Y.: Cornell University Press.
Peterson, Janice, and Margaret Lewis, eds. 1999. The Elgar Companion to Feminist Economics.
Cheltenham, UK, and Northhampton, Mass.: Edward Elgar Publishers.
Piore, M., and C. Sabel. 1984. The Second Industrial Divide. New York: Basic Books.
Polacheck, Solomon. 1995. “Human Capital and the Gender Earnings Gap.” In E. Kuiper and J.
Sap, eds. Out of the Margins: Feminist Perspectives on Economics. London and New York: Routledge: 61-79.
Polanyi, Karl. 1957. The Great Transformation. Boston: Beacon Press.
Portes, Alejandro, and Manuel Castells. 1989. The Informal Economy. Baltimore: The Johns Hopkins University Press.
Power, Marilyn, and Sam Rosenberg. 1995. “Race, Class and Occupational Mobility: Black and White Women In Service Work In the United States.” Feminist Economics. 1 (3), Fall: 40-59.
Prugl, Elizabeth. 1999. The Global Construction of Gender: Home-Based Work in the Political Economy of the 20th Century, New York: Columbia University Press.
Pujol, Michele. 1992. Feminism and Anti-Feminism in Early Economic Thought. Edward Elgar.
Pyle, Jean. 1983. “Export-Led Development and the Underemployment of Women: the Impact of Discriminatory Employment Policy in the Republic of Ireland.” In J. Nask and M.P. Fernández-Kelly, eds. Women, Men and the International Division of Labor. Albany, N.Y.: SUNY Press: 85-112.
Recio, A. 2000. “Empresa, Distribución De La Renta Y Relaciones Laborales.” Paper presented at the VII Jornada de Economía Crítica. Albacete, Spain, February 3-5.
Reich, Michael, David Gordon, and Richard Edwards. 1980. “A Theory of Labor Market Segmentation.” In Alice Amsden, ed. The Economics of Women and Work, New York: St. Martin’s Press, 232-41.
Reid, Margaret. 1934. Economics of Household Production. New York: John Wiley.
Rodrik, Dani. 1997. Has Globalization Gone Too Far? Washington, D.C.: Institute for
International Economics.
Roldán, Martha. 1994. “Flexible Specialization, Technology and Employment In Argentina: Critical Just-In-Time Restructuring In A Cluster Context.” Working paper WEP 2-22/WP. 240. Geneva: ILO.
_____
. 2000. Globalización o Mundialización Teoría y Práctica de Procesos Productivos y
Asimetrias de Género. Buenos Aires: FLACSO.
Rose-Ackerman, Susan. 1996. “Altruism, Nonprofits, and Economic Theory,” Journal of Economic Literature, Vol. XXXIV (June): 701-28.
Rubery, Jill, Mark Smith, and Colette Fagan. 1998. “National working-time regimes and equal opportunity.” Feminist Economics. 4 (1) 71-102.
Rubery, Jill, Mark Smith, Dominique Anxo, and Lennart Flood. 2001. “The Future of European Labor Supply: The Critical Role of the Family.” Feminist Economics, 7 (3), November: 33-66.
Sachs, Jeffrey. 1991. The Economic Transformation of Eastern Europe: The Case of Poland.
Memphis, Tennessee: P.K. Seidman Foundation.
_____
. 1997. Economies in Transition: Comparing Asia and Eastern Europe. Cambridge: MIT Press.
Sahn, David, Paul Dorosh, and Stephen Younger. 1994. “Economic Reform In Africa: A Foundation For Poverty Alleviation.” Cornell Food and Nutrition Policy Program, Working Paper 72, September.
Salazar Parrenas, Rhacel. 2001. “Transgressing the Nation-State: The Partial Citizenship and ‘Imagined Iglobal Community’ of Migrant Filipina Domestic Workers.” Signs, Journal of Women, Culture and Society. 26 (4), Summer: 1,129-53.
Santos, Fredrika Pickford. 1975. “The Economics of Marital Status.” In C. Lloyd, ed. Sex, Discrimination, and the Division of Labor. New York: Columbia University Press.
Sassen, Saskia, 1998. Glonalization and its Discontents. New York: The New Press.
Sawhill, Isabel. 1977. “Economic Perspectives on the Family.” Daedalus. 106 (2): 115-25.
Schellhardt, T. 1997. “Talent Pool Is Shallow As Corporations Seek Executives For Top Jobs.”
Wall Street Journal, June 26.
Scott, J. 1986. “Gender: A Useful Category of Historical Analysis.” American Historical Review. 81 (5): 1,053-75.
Seguino, Stephanie. 2000. “Accounting For Gender in Asian Economic Growth: Adding Gender to the Equation.” In Feminist Economics. 6 (3), November: 27-58.
Seguino, Stephanie, Thomas Stevens, and Mark Lutz. 1996. “Gender and cooperative behavior: economic man rides alone.” Feminist Economics. 2 (1), Spring: 195-223.
Seiz, Janet. 1991. “The Bargaining Approach and Feminist Methodology.” Review of Radical Political Economics. 23 (1 & 2): 22-29.
Sen, Amartya. 1983. “Economics and the Family.” Asian Development Review. 1 (20): 14-26.
_____
. 1987. On Ethics and Economics. Oxford, U.K., and Cambridge, U.S.: Blackwell.
_____
. 1990. “Gender and Comparative Conflicts.” In I. Tinker, ed. Persistent Inequalities: Women and World Development. New York: Oxford University Press, 195-223.
Sen, Gita. 1996. “Gender, Markets and States: A Selective Review and Research Agenda.” World Development. 24 (5), May: 821-29.
Sen, Gita, and Caren Grown. 1987. Development, Crises and Alternative Visiosns: Third World Women’s Perspectives. New York: Monthly Review Press.
KShivakumar, Sujai. 1996. “The Concept of Value in the Recognition of Women’s Work.” Paper prepared for the UNDP symposium on Recognizing and Documenting Women’s Work. Seoul, Republic of Korea, May 28-30.
Soros, George. 1998. Crisis of Global Capitalism. New York: Public Affairs Press.
Spalter, Ruth, R. 1997. Downsized, Right-Sized and Out-Sourced: Meeting the Challenges of Corporate Restructuring. Washington, D.C.: U.S. Department of Labor.
SSP/UCECA (Secretaria de Programación y Presupuesto/Unidad Coordinadora del Empleo, Capacitación y Adiestramiento). 1976. La Ocupación Informal en Areas Urbanas. Mexico D.F., December.
Standing, Guy. 1989. “Global Feminization through Flexible Labor.” World Development. 17 (7): 1,077-95.
_____
. 1999. Global Labour Flexibility: Seeking Distributive Justice. New York: St. Martin’s Press.
_____
. 2003. “Globalization: The Eight Crises of Social Protection.” In L. Beneria and Savitri Bisnath, eds. Global Tensions: Challenges and Opportunities in the Global Economy. New York: Routledge.
Stiglitz, Josep. 2002. Globalization and Its Discontents. New York and London: W.W. Norton.
_____
. 1994. “Rethinking Economics through A Feminist Lens.” American Economic Review. 84 (2): 143-47.
Stone, Kathy. 2001. “The New Psychological Contract: Implications of the Changing Workplace for Labor and Employment Law.” UCLA Law Review. 48 (3).
Strassmann, Diana. 1993. “Not a Free Market: the Rhetoric of Disciplinary Authority in Economics.” In Marianne Ferber and Julie Nelson, eds. Beyond Economic Man. Chicago: University of Chicago Press, 54-68.
Strober, Myra. 1984. “Towards a General Theory of Occupational Sex Segregation: the Case of Public School Teaching.” In B. Raskin, ed. Sex Segregation in he Workplace: Trends, Explanations, Remedies. Washington, D.C.: National Academy Press, 144-56.
Taylor, Lance, ed. 1990. Socially Relevant Policy Analysis: Structuralist Computable General Equilibrium Models for the Developing World. Cambrdige, Mass.: MIT Press.
Tiffany, Jennifer. In progress. “Lives and Livelihoods in Cortland, N.Y.” Ph.D. dissertation, Department of City and Regional Planning, Cornell University.
Tilly, Charles, Immanuel Wallerstein, Aristide Zolberg, E.J. Hobsbawm, and Lourdes Beneria.
1995. “Scholarly Controversy: Global Flows of Labor and Capital.” International Labor and Working-Class History. 47, Spring: 1-55.
Tinker, Irene, ed. 1990. Persistent Inequalities: Women and World Development. New York: Oxford University Press.
_____
. 2003. “A Tribute to Ester Boserup: Utilizing Interdisciplinarity to Analyze Global Socio- Economic Change.” In L. Beneria and Savitri Bisnath, eds. Global Tensions: Challenges and Opportunities in the Global Economy. New York: Routledge.
Tohidi, Nayereh. 1996. “Guardians of the Nation: Women, Islam and Soviet Modernization in Azerbaijan.” Paper presented at the conference on Women’s Identities and Roles in the Course of Change. Ankara, Turkey, October 23-25.
Tripp, Aili Mari. 1987. “The Impact of Crisis and Economic Reform on Women In Tanzania.” In L. Beneria and S. Feldman, eds. Unequal Burden: Economic Crises, Persistent Poverty, and Women’s Work. Westview Press: 159-80.
Trzcinski, Eileen. 2000. “Family Policy in Germany: A Feminist Dilemma.” Feminist
Economics. 6 (1), March: 21-44.
UNDP (United Nations Development Programme). Human Development Report. Various years.
New York: Oxford University Press.
HUNIFEM (United Nations Development Fund for Women). Progress of the World’s Women 2000, New York.
United Nations. 1984. Improving Concepts and Methods for Statistics on the Situation of Women. Series F, No. 33, New York: United Nations.
_____
. 1999. Women Survey on the Role of Women in Development: Globalization, Gender and Work. New York: United Nations.
United Nations Office at Vienna. 1989. World Survey on the Role of Women in Development.
New York: United Nations, Centre for Social Development and Humanitarian Affairs.
United Nations Statistical Commission. 1983. Demographic and Social Statistics: Social Indicators and Links among Social, Demographic and Related Economic and Environmental Statistics. New York: United Nations.
United Nations Statistical Office / ECA / INSTRAW. 1991a. Handbook on Compilation of Statistics on Women in the Informal Sector in Industry, Trade and Services in Africa. Santo Domingo and New York: United Nations.
_____
. 1991b. Synthesis of Pilot Studies on Compilation of Statistics on Women in the Informal Sector in Industry, Trade, and Services in African Countries. Santo Domingo and New York: United Nations.
Waring, Marylin. 1988. If Women Counted: A New Feminist Economics. San Francisco: Harper and Row.
WIDE (Network Women and Development Europe). 2001. Comercio Internacional y
Desigualdad de Género: Un analisis de los acuerdoes comerciales entre la Unión Europea y América Latina: El caso de Mexico y del Mercosur. Brussels: WIDE.
Wiegersma, Nancy. 1991. “Peasant Patriarchy and the Subversion of the Collective In Vietnam.” Review of Radical Political Economics. 23 (3 & 4), Fall / Winter: 174-97.
Wood, Adrian. 1991. “North-South Trade and Female Labor In Manufacturing: An Asymmetry.”Journal of Development Studies. 27 (2).
_____
. 1994. North-South Trade, Employment and Inequality: Changing Fortunes in a Skill Driven World. Oxford: Clarendon Press.
Wood, Cynthia. 1997. “The First World / Third Party Criterion: A Feminist Critique of Production Boundaries in Economics.” Feminist Economics. 3 (3), Fall: 47-68.
Woolley, Frances. 2000. “Degrees of Connection: A Critique of Rawls’s Theory of Mutual Disinterest.” Feminist Economics. 6 (2), July: 1-21.
World Bank. 1990. Making Adjustment Work for the Poor: A Framework for Policy Reform in Africa. Washington, D.C.: The World Bank.
_____
. 1995. World Development Report. New York: Oxford University Press.
_____
. 1996. World Development Report: From Plan to Market. Oxford University Press.
_____
. 2000a. Making the Transition Work for Women and Central Asia. Washington, D.C.
_____
. 2000b. World Development Report, 2000-01: Attacking Poverty. New York: Oxford
University Press.
_____
. 2001. Engendering Development. Washington, D.C.: The World Bank and Oxford
University Press.
WuDunn, Sheryl. 1998. “Bankruptcy the Asian way.” The New York Times, September 8.
Ybarra, J.A. 2000. “La Informalozación Como Estrategia Productive. Un Analisis Del Calzado Valenciano.” Revista de Estudios Regionales. 57: 199-217.
Young, Kate, Carol Wolkowitz, and Roselyn McCullagh, eds. 1981. Of Marriage and the Market: Women’s Subordination in International Perspective. London: CSE Books.