تم عقد هذه الدورة في الفترة من 17 إلى 30 أغسطس ١٩٩٢ في تونس، ونظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان، وهو مؤسسةٌ عربية مستقلة تأسست في ۱۹۸۹، هدفها نشر الوعي والمعرفة بحقوق الإنسان في الوطن العربي وحمايتها وتطويرها.
المنظمات المؤسسة للمعهد العربي، هي المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واتحاد المحامين العرب، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
دورة “عنبتاوي” هي دورةٌ سنوية تنعقد في شهر أغسطس من كل سنة، ومدتها أسبوعين، وسُميت بعنبتاوي نسبةً إلى المرحوم الدكتور عنبتاوي، الذي كان نائبًا لرئيس المعهد حتى وفاته في فبراير ١٩٩٠. لقد شارك في هذه الدورة أكثر من 60 شخصًا من مختلف الدول العربية: من مصر، والأردن واليمن والمغرب وفلسطين والكويت وليبيا وتونس ولبنان، ممثلين لعددٍ كبير من روابط ومنظمات حقوق إنسان مختلفة. وأيضًا لنقابات المحاميين والمسؤولين عن التكوين والبرامج الشبابية، وأعضاء لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وطلبة معاهد وكليات الحقوق، وأيضًا الأشخاص النشطين في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة للسادة المحاضرين والباحثين المتخصصين.
وقد تضمن برنامج الدورة المواضيع التالية:
مفهوم حقوق الإنسان، حقوق الإنسان العربي في زمن التحولات، القانون الدولي الإنساني، الصكوك والآليات الدولية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة وقضية فلسطين، المواثيق الإقليمية (الميثاق الأمريكي، الميثاق الأوروبي، الميثاق الإفريقي، مشروع الميثاق العربي والميثاق الإسلامي).
المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، كيف تحمى حقوق الإنسان وتنشرها، أشغال تطبيقية وورش عمل، زيارات ميدانية.
كان عدد السيدات المشاركات قليلٌ جدًا، ولم تكن هناك منظماتٌ نسائية ممثلة في الدورة ما عدا “المرأة الجديدة” التي جاء تمثلها بشكلٍ غير مباشر، وقد كان عدم دعوة منظمات نسائية في دورةٍ عن حقوق الانسان خللاً كبيرًا في هذه الدورة. وقد برز المعهد ذلك بأنه لا يملك إمكانيات دعوة منظمات نسائية، لأن عددها لا يُحصى في البلدان العربية مما سيزيد من أعباء المعهد. وقد بدى الاستياء واضحًا من قبل المنظمات النسائية التونسية، وخاصةً أنه قبل انعقاد دورة عنبتاوي بيوم واحد، كانت النساءُ التونسيات يقمن مهرجانهن الثقافي في مدينة الحمامات في نفس المكان الذي عُقدت فيه دورة عنبتاوي، وكان عبارةً عن تظاهرة نسائية جماعية، التقت فيها مختلفُ الجمعيات النسائية وكل من يؤمن بقضية المرأة للمساهمة في ثراء وجمال الثقافة النسائية وتنوعها، وأيضًا لتكاتف الكفاءات النسائية من أجل دعم مكاسب المرأة، وخاصةً في المجال التشريعي والقانوني، ومن هنا فإننا نعتب على منظمي دورة عنبتاوي تجاهلهم دعوة المنظمات النسائية لدورةٍ تدريبية عن حقوق الإنسان، خاصة أن الانتهاكات الواقعة على المرأة تعتبر من أولى الموضوعات التي يجب أن توضع في تنظيم أي دورةٍ عن حقوق الإنسان.
وسبق هذه التظاهرة النسائية في الحمامات بعض الندوات حول قضايا الإبداع النسائي في نادي “الطاهر حداد” ودار الثقافة “ابن خلدون” في تونس، وندوة ” المرأة والإصلاح ” في مدنين، وندوة ” الحرية والخلق عند المرأة في طبرق. هذا بالإضافة إلى بعض الكتابات النسائية “نساء في صيرورة” الذي أنتجته “جمعيةُ النساء التونسيات للبحث والتنمية” أدرجت فيها إحدى عشر دراسة قامت بها إحدى عشر باحثة تونسية (٢١ مايو ١٩٩١)، وهناك أيضًا كتاب “نساءٌ من المغرب: الرهان” لمؤلفتيه صوفى بسيس وسهير بلحسن، ويبحث في وضعية المرأة في بلدان المغرب العربي، بعد أن أصبحت هذه الوضعية رهانًا بالنسبة إلى المشاريع الاجتماعية المتضاربة في هذه البلدان المغربية، وغير ذلك من الكتابات وبعض العروض المسرحية خلال عام ١٩٩٢.
ويجبُ الإشارة مع ذلك إلى أن الدورة حققت نجاحًا كبيرًا في مستوى فعالية المشاركين، والتلاقي الحميم بين الوفود العربية ونشر الدفء، ومحاولة تخطي عقبات كثيرة في التعامل والتفاهم وإذابة الجليد. وقد تم التعرف بشكلٍ واسعٍ على المنظمات المختلفة الخاصة بحقوق الإنسان في كل بلد عربي، بل وتم وضع خطط مبدئية للتعامل معًا بشكلٍ أعمق، وبعد إدراك الجميع بأن موضوعات حقوق الإنسان هي من أهم الموضوعات التي يجب أن توضع في المرتبة الأولى، كما حققت ورش العمل نجاحًا كبيرًا في الاستفادة والحوار والتعرف على عمل جميع المنظمات المشاركة في الدورة.
حضرت الدورة عزة كامل