“دفاعًا عن حرية التنظيم” تحت هذا الشعار أعلنت ٢٥ منظمة غير حكومية إطلاق حملة من أجل الدفاع عن حرية المواطنين في تنظيم التجمعات السلمية والجمعيات والمؤسسات والأحزاب والنقابات، وأيضًا التصدي لجميع أشكال الانتهاكات والتدخلات الأمنية والإدارية التي تتعرض لها المنظمات غير الحكومية، وتم الإعلان عن الحملة في مؤتمر صحفي عقد بمقر نقابة الصحفيين ظهر الاثنين ١٤/ 5/ 2007 وألقت “نولة درويش” من مؤسسة المرأة الجديدة بيان الحملة الذي طالبت فيه المنظمات غير الحكومية بضمان تمتعها باستقلاليتها عن الدولة، وأن يكون لها وحدها الحق في وضع سياستها وأولويتها واختيار آليات عملها وهياكلها التنظيمية ومواجهة أي اعتداء على حرية هذه المنظمات غير الحكومية أو أي تدخل في شئونها وهو ما يعد عملاً غير شرعي حتى لو ارتدى ثوب القانون. بالإضافة إلى المطالبة بحق المنظمات غير الحكومية في العمل في مناخ ديمقراطي يتيح لها حرية الحركة والانطلاق والإبداع والتأكيد على حق تأسيس الجمعية دون الحاجة إلى ترخيص أو إذن مسبق، وعدم جواز وضع أي قيود أو عراقيل على تأسيس الجمعيات.
ومن أجل تحقيق هذه المطالب تعتزم المنظمات المشاركة في الحملة اتخاذ جملة من الإجراءات والتحركات في المرحلة القادمة لعل أهمها:
-
التوجه لجميع منظمات المجتمع المدني (الأحزاب – النقابات) بالإضافة إلى البرلمانيين والقانونيين والإعلاميين من أجل العمل معًا لإزالة جميع القيود المفروضة على حركة المجتمع المدني.
-
تنظيم يوم للتضامن مع المنظمات غير الحكومية وذلك في نهاية شهر يونيو القادم.
-
رصد الانتهاكات والتداخلات الإدارية والأمنية التي تتعرض لها المنظمات غير الحكومية والعمل على طرحها على الرأي العام، والتصدي لكل هذه الممارسات وتقديم الدعم القانوني من أجل الدفاع عن هذه المنظمات، وتستند الحملة إلى كل الوسائل السلمية بما في ذلك مخاطبة المنظمات والآليات الدولية.
هجمة حكومية
وزير التضامن يعترف بتدخل الأمن في شئون المنظمات غير الحكومية.
تأتي هذه الحملة ردًا على قيام الحكومة بتصعيد هجمتها مؤخرًا على المنظمات غير الحكومية والتي تجلت في تصريحات وزير التضامن الاجتماعي بشأن اعترافه بتدخل الأجهزة الأمنية في الشئون الداخلية المنظمات غير الحكومية، يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي نشرت فيه أخبار صحفية عن قيام وزارة التضامن بعقد لقاءات مع جمعيات أهلية في عدد من المحافظات من أجل معرفة مقترحاتهم بشأن تعديلات القانون 48 لسنة ٢٠٠٢ بينما تم تغييب قطاع مهم من المنظمات غير الحكومية والتي تتشابك مع قضايا حقوق الإنسان وتدافع عن حق المواطنين في الحصول على الخدمات الأساسية، مما يشير إلى اتجاه الحكومة إلى فرض مزيد من القيود على هذه المنظمات غير الحكومية، وهذا ما أكد عليه المحامي “عبد الله خليل” استشاري القانون الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تعقيب له أثناء المؤتمر الصحفي (توجه الحكومة المصرية في الجلسات المغلقة مع المنظمات الدولية انتقادات واسعة للمنظمات غير الحكومية وتصفها بأنها “سبوبة“)..
عبد الله خليل: منظمات حقوق الإنسان صداع في رأس النظام ويسعى لحصارها
وأوضح أن الحكومة ترغب في أن تحصل المنظمات غير الحكومية على تمويل شريطة أن تكون هذه المنظمات هامشية ويمكن السيطرة عليها لذا فالحصار قادم على المنظمات الفاعلة المؤثرة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، هذه المنظمات هي صداع في رأس الحكومة، ووجه خليل انتقادات واسعة لقانون ٨٤ لسنة ٢٠٠٢ ورأى أن به الكثير من القيود التي لا تتفق مع المجتمعات الديمقراطية، وأيضًا مع الاتجاهات الحديثة المنظمة للفقه القانوني الدولي، وأوضح أن نشاطات الجمعيات الأهلية هي نشاطات مدنية بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بمراقبة الانتخابات والتوعية القانونية والسياسية.
انتهاكات مستمرة
كمال عباس: جهات التحقيق لم تتمكن من معرفة الجهة التي أصدرت قرار إغلاق دار الخدمات.
المتابع للمجتمع الأهلي في مصر يلحظ حالة التناقض من قبل النظام فيما يعلنه في التصريحات الرسمية بشأن الشراكة مع المجتمع المدني وأهمية دوره في عملية التنمية وما يطبق في الواقع من انتهاكات مستمرة ومتلاحقة وذات أشكال مختلفة خلال الفترة الماضية، وهذا ما كشف عنه تقرير أعدته الحملة بعنوان “المجتمع المدني المصري بين الملاحقات الإدارية والأمنية” قام بعرضه المحامي “طارق خاطر” من – جمعية المساعدة القانونية وتضمن التقرير نماذج من التحرشات الإدارية والأمنية التي تعرضت لها المنظمات منذ صدور قانون ٨٤ السنة ٢٠٠٢، وبدأ التقرير بحالتين وصلت فيهما التحرشات الأمنية والإدارية إلى حد الإغلاق وهما: مركز أهالينا ودار الخدمات النقابية والعمالية، تجدر الإشارة إلى أن دار الخدمات النقابية كان لها حضور واضح في المؤتمر الصحفي لكونها الحدث الآني في مسلسل الانتهاكات، وألقى كمال عباس منسق الدار كلمة أوضح خلالها كيف تم إغلاق الدار دون أي سند قانوني وتقدمت الدار ببلاغ للنائب العام بهذه الواقعة يوم ٢٥/ 4/ 2007 وإلى الآن لم يتمكن من معرفة الجهة الحكومية التي أصدرت قرار الإغلاق، وجدير بالذكر أن الدار حرصت على الحصول على حقها في الإشهار وفقًا للقانون 84 لسنة ٢٠٠٢، بدأتها بمحاولتين في عام ٢٠٠٣، ثم محاولة أخرى في أبريل من العام نفسه، ولم تجد الدار سوى كل تعنت من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، ومن اللافت للنظر أيضًا أن الدار تعرضت لهجوم شديد من قبل مسئولين حكوميين حاولوا تحميل الدار مسئولية الاضرابات العمالية التي شهدتها مصر مؤخرًا، وهذا ما نفته الدار وأكد عباس أن مطالب العمال العادلة والمشروعة هي التي حركتهم خاصة أنها مطالب تتعلق بالأساس بزيادة الأجور وحقهم في الأرباح. ومن بين الانتهاكات الأخرى التي رصدها التقرير بعض من نماذج للمنظمات التي حصلت على حقها في الإشهار من القضاء منها جمعية المرصد المدني لحقوق الإنسان ومؤسسة حلوان لتنمية المجتمع “بشاير” وذلك بسبب اعتراض الجهات الأمنية على المؤسسين، أما مؤسسة المرأة الجديدة فجاء قرار الرفض بناءً على اعتراض الجهات الأمنية بينما الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب والتي كان من بين أهدافها نشر وزيادة الوعي لمناهضة التعذيب وعنف الدولة المنظم ونشر مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان، وتعديل القوانين المصرية بما يتفق مع اتفاقيات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص اتفاقية مناهضة التعذيب!!
فنجد أن الجهات الإدارية أرسلت للجمعية قرار رفض الإشهار بعد انقضاء فترة الستين يومًا القانونية تذرعت الجهة الإدارية بأنه ليس من حق الجمعيات أن تضغط من أجل تعديل القوانين!! ومن الملاحظ أن أسباب الرفض التي تعللت بها الجهة الإدارية لا تستند لأي بند من بنود القانون 84 لسنة ٢٠٠٢ وتحديدًا المادة (11) والتي تحدد المحظورات التي يجب ألا تتضمنها أغراض وأنشطة الجمعيات.
تعرض مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لعملية تفتيش صحي بأجندة أمنية، فكما ورد في التقرير أن كامل تصرفات اللجنة الطبية التي اقتحمت مقر المركز في مساء ١١ يوليو ٢٠٠٤ لم تتوافق مع سلوك لجان التفتيش على التراخيصُ – اقتحمت المقر في وجود عدد من المترددين على العيادة، وبدون أن تعرف نفسها وبدون استئذان بدأت تتجول في أنحاء المركز رغم احتجاج مساعد الطبيب الموجود ودعوته لهم بانتظار الأطباء، واستمر ذلك الحدث حتى بعد وصول الأطباء حيث قامت اللجنة بفتح الأدراج، والاطلاع على الخطابات، والتصوير بكاميرا ديجيتال والاستيلاء على أوراق إدارية خاصة بالمركز. كل تلك الأحداث تمت أمام المرضى وتحت التهديد بإحضار البوليس وتشميع المكان في غياب أصحاب التراخيص!
ورصد التقرير مزيدًا من التفاصيل التي تثبت أن هذه الهجمة كانت هجمة أمنية متخفية وراء الرخصة الطبية.
انتقل التقرير إلى أشكال أخرى من التحرشات تتم بعيدًا عن أي قانون أو جهات إدارية مخول لها الرقابة وتتضمن الإيقاف والتفتيش واقتحام لمقار ومنازل مديري وأعضاء مؤسسات المجتمع المدني في مصر، وهو ما حدث مع مركز “هشام مبارك“
للقانون بتاريخ ٢١/ 2/ 2005، حيث تمت سرقة جهاز كمبيوتر محمول من منزل الأستاذ “أحمد سيف” المحامي والمدير التنفيذي لمركز “هشام مبارك” للقانون، وتقدم “سيف” ببلاغ للنائب العام وأشار إلى أن هذه الواقعة تمت على خلفية سياسية للأسباب التالية:
1 – اقتصار عملية السرقة على جهاز الكمبيوتر المحمول دون سرقة أشياء أخرى (ذهب – أموال).
۲ – تزامن عملية السرقة مع عدد من الفاعليات منها المظاهرة التي دعت لها الحملة الشعبية للتغيير أمام جامعة القاهرة للمطالبة بعدم التجديد ورفض التوريث، وأيضًا عقد مؤتمر بمقر مركز “هشام مبارك” للقانون لإعلان نتائج بعثة تقصي الحقائق لاعتقالات المواطنين في شمال سيناء.
مظاهر أخرى للتعسف والتدخل في أنشطة الجمعيات ما حدث مع جمعية المساعدة القانونية فأثناء أزمة القضاة الشهيرة في عام ٢٠٠٥ وإحالة المستشارين / “هشام البسطويسي” و “محمود مكي” إلى المحكمة التأديبية، اجتمع مجلس إدارة الجمعية وقرر بحث سبل التنسيق والتضامن مع القضاة وناديهم وكذلك قرر أعضاء المجلس أن تتضمن صحيفة المرصد (مطبوعة غير دورية تصدر عن الجمعية) في غلافها الأخير صورة القضاة أثناء وقفتهم الاحتجاجية تحت عنوان شرفاء الوطن، إلا أن الجهة الإدارية خاطبت الجمعية مستنكرة هذا الموقف مطالبة الجمعية بالالتزام بأهداف وأغراض الجمعية المشهرة عليها، وكأن التضامن مع قضاة مصر للمطالبة باستقلال السلطة القضائية أمر يجافي حقوق الإنسان.
كلام صورة : هكذا يتعامل الأمن مع المنظمات الأهلية
كما اعتاد المركز المصري لحقوق المرأة تنظيم احتفالية بيوم المرأة المصرية في شهر مارس من كل عام، وفي هذا السياق واجه المركز العديد من المعوقات غير المباشرة والمتمثلة في قيام الفندق أو محل انعقاد الاحتفالية بالاعتذار عن استضافة النشاط بعد إعلانه الموافقة دون أن يقدم أي مبررات، والمؤكد أن هناك أيدي أمنية وراء تعطيل وإعاقة أنشطة المجتمع المدني ولكن بشكل غير مباشر.