رشفة من الشاي، لطف الله وخرافة “كل البنات السودانيات”

الشركاء: أندريا

تاريخ النشر:

2016

٢٦ أبريل ٢٠١٦ تعدلت في مقعدها، أرجعت بضع خصلات من شعرها الذي كان قد سقط من مكانه حول وجهها، ثم اخمدت كعب سيجارة (البرنجي) بين أصابعها. والله ياخوانا الظاهر جهنم كل يوم بتقرب من السودان، لحد ما يوم ح نصحى نلاقيها فوق راسنا” ضحكت، ثم وضعت وشاحها ألازرق فوق رأسها ودست أطرافه وراء أذنيها حتى شكلت غطاء لحماية عينيها من شمس السودان الغاضبة. تخرجت منى للتو من الطب، وهي، مثل غيرها من الفتيات اللواتي اعتدت التحدث معهن، قلقين على فرص التطور التي بدأت تتقلص يوما بعد يوم. وبالرغم من أنها دائما ما تتحدث عن كيف أنها تفتقد الكهرباء المنتظمة، وإلأنترنت السريع، وجبات (بيغ ماك) والطرق المعبدة، الا انها تود لو تتوفر مزيد من الفرص في السودان، لأنها لا تبغض شيئا أكثر من العودة إلى المملكة العربية السعودية. كتمت فاطمة ضحكتها، عدلت من جلستها وبدأت تلوح في الهواء. هذه الصيدلانية الشابة ليس مولعة بشكل خاص برائحة الدخان التي بقيت لفترة قصيرة بعد أن اطفأت منى سجارتها. منى، سمر، وأنا دائما ما نجد ذلك مضحكاً، لأن فاطمة كانت لتحب رائحة الدخان لو كان نابعة من الشيشة. كانت على الارجح الاكثر صراحة بيننا، واحدة من الذين “القط لا يمكن أبدا أن يمسك لسانها”. يمكنك أن تعرف ذلك من مجرد رؤية كيف يعانق وشاحها ألاحمر والأسود عظام خدها العالية، أن روحها مشبعة بأعراف وتقاليد “بنت البلد”. كانت تعرف أكثر منا جميعاً ما يعنيه أن تكون امرأة من ضواحي البلاد. وكانت واحدة من عدد قليل جدا من الفتيات اللواتي يمكن أن يرفضن سيجارة، أو خرطوم الشيشة، خوفاً من أن تظهر “ما كول”، وفي نفس الوقت تمرر لك ولاعة اذا احتجت واحدة. أنا احسدهاتقريباعلى كونها مرنة جدا في مواجهة الضغوط المتغيرة للمدينة. “ما عندى حاجة ضد الحاجات دي ولا الناس اللي بيعملوها” تقول فاطمة، “زي ما بيقولو( البت ممكن تعمل السبعة وزمتها) بس تكون صادقة مع نفسها. أنا بس ما بحب الشخصيات المذبذبة اللي بتعمل حاجات عشان تظهر “متحررة او مودرن”، لمن ما يكونوا قويين كفاية عشان يواجهو المجتمع بي نفس “التحرر”. دا كلام فارغ. مافي بنت عصرية بتدس السجائر في “حمالة صدرها”، ها؟ “واحدة بتخاف من انو ينبذها نفس المجتمع الرجعي اللي ما بتأمن فيهو؟ سمر، من الناحية ألاخرى، كانت بمثابة المركز الذي يربط بيننا. وكأن التقى فيها القديم والجديد. على عكس منى، فاطمة، وأنا، ولدت ونشأت في الخرطوم. وعندما يتعلق الأمر بالموضة فهى يمكنها إطلاق الصيحات، ولكن في معظم أيام الأسبوع تختار ارتداء ملابس محتشمة لأنها تضطر إلى التنقل بالنقل العام. وبالرغم من أنها سافرت كثيراً ويمكنها أن تنطق “water” كما ينطقها اهلها. الا أن لديها أيضا روحاً مشبعة برائحة خشب الصندل السوداني، والمرونة، والضحك الهادئ مع ثرثرة الشاي بالنسبة لشخص من الخارج؛ شخص لا يفهم الفوضى المنظمة في السودان ويراها من وراء نافذة الخليج، ومن ثم أمريكا، هؤلاء السيدات يبهرنني. جميعهن “مودرن”، متعلمات، وجميلات. ولكن الأهم من ذلك كله، أنه بالرغم من الإختلافات بينهن،هن أكثر سودانية مما ممكن أن ادعي أن اكون. هن عصريات، وتقليديات. حددن التحرر بمفهومهن الخاص، دون أن يصبح بالضرورة بالمفهوم ‘الغربي’. انهن الفتيات اللاتي أردت دائما التباهي بهن في مناقشات صفي عن الحركة النسوية. الفتيات اللواتي لا يحتجن إلى إنقاذ … فقط اإلى الإحترام. تذكرت هذا الآن، وانا جالسة بجانب هذا الشاب السوداني الذي كان يستمر في الكلام عن كيف انني “فريدة من نوعي”. كنت في الفضاء الذي لا مفر منه في الطائرة التي حلقت الآن بعيدا من الخرطوم. تعرفين، عندما رأيتك ترتدين (الجينز والهوديي) عرفت فوراً انك لست من السودان” أوه، لكنني أعتقد أنني؟ “معظم الفتيات السودانيات الذين يأتون من أمريكا،” جيد! ما زلت سودانية، فقط لست من السودان. الحمد لله! “وجميع هذه الأماكن يسافرون ببساطة. مش زي بناتنا! فتيات الخرطوم يبالغن في التأنق، وتمليس الشعر، وعمل الماكياج حتى لو لمجرد ركوب الطائرة “. وضحك، وأنا تحركت بصعوبة في مقعدي. كان من الواضح انه مفتون ب “الغرب” الذي على ما يبدواقوم انا بتمثيله فقط لارتدائي “ليفيس وهوديي”. وانا أنظر إلى شعري المربوط في كعكة مبعثرة، وانعكاس وجهي الشاحب في الشاشة السوداء امامي، لم أتمكن من معرفة ما إذا كانت كلماته مجاملة أو إهانة. فكرت فوراً في ألاناقة البسيطة التي دائما ما jبدو فاطمة وسمر بها. كيف يتجولن –بلا جهدبين قاعات كليتهن، والمقهى الذي كثيرا ما نلتقى فيه، وكيف يرتدين تنانير الجينز البسيطة والأوشحة القطن التي تضيف جمالاً على بلوزاتهم الملونة. اتذكرهم في كل مرة أرى فتاة في بنطال رياضة، وهوديي مجعد ومملوء ببقع البيتزا، تشرح بلغة ركيكة كيف تتعرض المرأة في المجتمعات الإسلامية للإضطهاد ويجبرن على الزي “إلاسلامي”. لا، لدي رحلة طويلة لذلك لا يهمني ما أرتدي طالما أنني مرتاحة.” ثم أضفت “في الواقع، لو كان الأمر بيدي لارتديت بنطلون بيجامة …” ضحكت “، ولكن لم أكن أريد أن أكون الموضوع القادم لدردشات واتس اب كل أسرة السودانية.” فضحك وأومأ بشعور من الألفة. هل رأيت تلك الفتاة في ملابس النوم الوردية الفاقعة في مطار الخرطوم؟ تخيل! في مطار! “تظاهرت بالدهشة ساخرة،” يقولون أنها تمر بإنهيار عصبي بعد ما تزوج خطيبها فتاة فاتحة اللون. تخيل، هي “سمورية”، ولا تضع شيئا على وجهها غير واقي الشمس! نعم، كان من الواضح أنها لم تكن واعية هنا ” وضعت طرف إصبعي على رأسي” لذلك ارسلها والديها خارج البلاد. أنا متأكد من أنها واحدة من تلك الفتيات؛ تسكن في بحري ولم يتم قرصها كفاية في فخذيها حتى تعرف طز من السلام عليكم. مسكينة!. “هززت رأسي ساخرة بينما غطى هو فمه لكتم صوت الضحكة. فهمتي ما أقصد، أنتي عملية، وبسيطة” الحقيقة أنني كسولة وغير مبالية “حتى الآن كيف أننا نتحدث كما لو أننا نعرف بعضنا. ليس لديك “عقد” فتيات الخرطوم.” هز رأسه نادماً، كما لو أنه يعرف كل فتاة ولدت من رحم ام سودانية … وذهب عقلي إلى شوارع الخرطوم الصاخبة ، مرة أخرى. [1[ 

تراجعت سمر بإستياء في المقعد المجاور لي وبدت لي كما أنها تبحث عن هواء ثم قالت “هل يمكنكي أن تتخيلي كم القمامة التي سمعتها بمجرد المشي من باب الحافلة إلى هنا؟ تخيلي! نزلت فقط على بعد بضعة أقدام من هنا، وكأن القمامة بدأت في التجمع. ” يغطي وشاحها البيج كل المنطقة حول وجهها، في حين تحركت حواف تنورتها الفضفاضة أسفل خصرها. شعرت بفاطمة ومنى دون وعي يتأملون ملابسها في حيرة. انها تطابق مواصفات قانون الأحتشام ! لماذا اذن … إستدركت فاطمة بسرعة “بالتأكيد تمايلتي على الإيقاع الخطأ. ألا تعرفين الطريقة؟ مشية عسكرية، العيون إلى الأمام مباشرة، كأنهن مرايتا ليزريعكسن النار في روحك، تلك النار التي من شأنها حرق كل قليلين الأدب “الذين يجرؤن على النظر في إتجاهك!” ضحكنا. نظرت إلى أسفل في البلوزة فضفاضة التي توقفت عاليا فوق ركبتي، وكشفت عن الجينز الأزرق من تحتها. قد يبدوذلك مضحكا، ولكن هذه هي الطريقة التي كنت أمشى بها، وأوقفت بها كل الرؤس التى كانت قد تحولت تجاهي. بالطبع في بعض الأحيان لم تنجح، ربما لأن النار بداخلي متعبة جدا لحرق كل هذه الألحاحات المزعجة. بالطبع، من هنا تدفقت المحادثة مثل نهر يبحث عن مصبه. سخرت فاطمة من تحديق سائق العربه فيها من خلال مرآته للرؤية الخلفية، واللمسات الدبقة التي سرقها عندما اعطته ماله. تذكرت كيف أنني إضطررت للجري ب (العباءة)،هرباً من رجل تتبعني من السوبر ماركت. وتذكرت منى كيف انها مرة أضطرت للمشي حول الحي الذي تقطن فيه لمدة ساعتين، لتتخلص من الرجل الذي كان يحاول ملاحقتها ومعرفة منزلها. ثم تحدثت سمر حول كيفية أنها ستتبع الموضة الجديدة في حمل دبابيس معها على متن الحافلة. يبدو أن بعض الفتيات إبتكروا فكرة رائعة لوخز أي رجل يحاول أن يمسهم. ضحكنا، وبصمت ابدينا إحترامنا لهذا التمرد. وبهذه الطريقة اذا صرخ، فهو يجرم نفسه، ولا تخاف الفتاة من أن يتم النظر لها على انها (فاكة).” وافقت منى. نعم، لأنه، كما تعلمون إذا صرخت الفتاة وقام هو ينفي ما حدث وقال عنها” مجنونة “، بقية من في الحافلة قد يصدقونه بل حتى قد ينظرون لها بإستحقار. او حتى يُصنفوها على أنها “ما مربية”، فتاة مزعجة أخرى. “تابعت فاطمة، ردا على نظرتي المتسائلة. بالطبع، وقاحة التشهير ولكن بعد ذلك أخذ الحديث منحى مختلفا جدا. شاركت فاطمة قصة صديقها الذي أخذ مرة يدها عنوة. لم يكن فقط العامة من تعدى علي مساحتها الشخصية. كنا نحتسى بعض الشاي في شارع النيل، وفي الدقيقة التالية هذا الرجل أخذ يدي بكل بساطة وبدأ في المداعبة. كنا أصدقاء فقط أنذاك، كما تعلمون، لا شيء رسمي. ذهلت بالطبع. أعني كيف يجرؤ! “توقفت لتتنهد قليلاً ثم أردفت”، قلت له توقف وياليتني لم أقلها. بصراحة، لم يستمع لكلامي. تخيلوا! وقال انه لديه “الحق”، وأن “جميع الفتيات لا يمانعن”. ليلمح اإلى أنني (رجعية)، قبل أن ينتزع يدي مرة أخرى ويستمر كما لو أنني لم اقل شيئاً. “هزت رأسها، ومضة سريعة من الغضب اجتاحت تعبيراتها. ماذا فعلت بعد ذلك؟” تساءلت، ثم تذكرت عدد المرات التي سمحت فيها لنفس الشيء أن يحدث لي. قلت له أنا رجعية، وفخورة بذلك. انه اذا كان يريد فتاة “عصرية” لعناق بمجرد قول السلام عليكم، هناك الكثير من الفتيات اللواتي يتستمتعن بذلك. لي، شخصيا، ليس لدي أي شيء ضدهم، ولكن أنا لست مرتاحة لهذا الهراء. ” ” انا حرة. أنا لا أفهمهم، قد يراني(متخلفة). ولكن هذا لا يهم، كل ما يهم هو أنه إذا كنت لا اوافق على شيء يجب أن تحترم رأيي “. [2]

كنا قد أومأنا جميعنا بالإتفاق. فهمنا ما تعني حتى لو كنا سمر وأناأكثر تفتحاً في مثل هذه المواضيع، لأننا نشأنا في مدارس مختلطة. شعرنا بالإحباط، حتى لو كانت منى شعرت أنها يمكن ان تكون لفتة رومانسية. لم يكن لديه إذن لها. لا يهم ما هي خلفيتك، أو المكان الذي تعيش فيه. لو كنت فتاة، التعرض للتحرش واقع معروف لك. والحقيقة الكونية المأساوية التي نأمل أن تصبح من التاريخ يوما ما – أن نعيش يوماً في عالم حيث ابنتك لن تضطر الى القلق حول ما أفضل طريقة للرد على (المعاكسة) ” كل هذا لا ينفع” اردفت سمر، مرددة ما يشبه أفكاري “لقد تعبنا من التعبير عن آرائنا ووضع الملابس التي لم يكن على أمهاتنا ارتداءها عندما كانوا في مثل عمرنا. ليس لأنه بهذه الطريقة سوف نكون آمنيين، ولكن لأننا نأمل أن نقلل عدد المرات التى نتعرض فيها للتحرش من 100الى 98 … ” وكانت هذه هي الحقيقة المأساوية أنا لا يمكنني تفسيرها تماما لمحمد، في مدة الرحلة التي لا تتجاوز 4 ساعة. النساء لا يستيقظن يوما ما ليقررن التصرف بطريقة ما. بالنسبة للجزء الأكبر، نحن نفكر دوما بالسلامة، بشكل أو بآخر. و ” العُقد” كما سماها، وسيلة للتغلب. لا توجد فتاة تريد معاملة كل شخص تقابله كأنه كلب مفترس. ولكن إذا لم يطلق عليها متزمتة، قد تخاطربأن يطلق عليها عاهرة. والله وحده يعلم كم مرة نظرت فيها فتاة لم إلى نكتة على هاتفها دون محو الابتسامة تماما من على وجهها، عندما تجد شخصاً ما يحدق في وجهها. ولا يهم أن الابتسامة ليست له، لقد رصدها وأخذها كإشارة إلى “مواصلة التحرش” … هذا إذا كان بحاجة إلى علامة على الإطلاق. منذ بعض الوقت، وأنا في كثير من الأحيان أفكر، أنه قد آن الاوان لأن نفهم جميعاً شيئا ما. في كثير من الأحيان في الغالب لا يهم ما كنتي ترتدىن، او طريقة مشيتك، أو حتى إلى أين تنظرين. فقط لكونك فتاة، يصبح جسدك في كثيرمن الأحيان كقطعة من القماش يُسمح للرجال إطلاق الصيحات المهينة عليه . كبار السن منهم يحاولون الوقوف قريباً جدا خلفك. والصغارمنهم يتعلموا كيف يصيحوا “ارفعي طرحتك” ، أو “نزلي الشورت” (إذا كنت تعيش في الجانب الأخر من الكرة الأرضية) حتى قبل أن ينمو الشعر في وجوههم. الموضوع لا يتعلق ب “العباية، الفتنة، والحرام ” التي نعلمها للمرأة منذ الولادة. لا، بل هو نتيجة لما نفعله من تقليل لمسؤولية وحساسية الرجل، وإلقاء اللوم على النساء. يمكن للرجال المشي عراة، لأن المرأة تملك السيطرة الكاملة على رغباتها (لا يوجد خطر الاغتصاب هنا)، في حين أن وجود امرأة في نفس الغرفة مع رجل ستكون كافياً لإيقاظ الوحش فيه. وقد شكل هذا كيف نفكر في بعضنا البعض، وكانت النتيجة كل تلك الجهود المبذولة ل “إخفاء” جسد المرأة، مع قليل من التدابير المتخذة لروح الرجل. في الواقع، يُنظر للرجال باستمرار على انهم “متوحشين” لا يعرفون كيفية السيطرة على أنفسهم، حتى صدق الرجال ذلك. ولذلك، نسي كثير من الرجال إحساسهم بالمسؤولية، وفقدنا الاحترام الفطري وُهب لنا كبشر. لدرجة أن الاحترام وأعمال البر من الجنس الآخر يُنظر لها بإرتياب، والسؤال: يا ربي! ماذا يريد في المقابل؟ ربما في معظم رواياتنا عن تحديد أهداف ورغبات النسوية، ننسى هذا. نتكلم عن الحرية، المساواة، الحقوق، لكننا ننسى أن نُحدد حجر الأساس لكل هذا – الاحترام المتبادل. نحن ننسى أن فاطمة وسمريحبون التنانير فقط بقدر ما يحبون الجينز، والفساتين الضيقة. يضعون الأوشحة على أكتافهم بقدر ما أُشد وشاحي حول رأسي، قبل خروجي لركوب “الركشة”. تحولت تجربة منى الفريدة في إرخاء الحجاب إلى عمل صغير من التمرد، على الرغم من أن في معظم أيام الأسبوع تُقدر مدى سهولة كان ترك المنزل دون الحاجة للقلق على منظر شعرها. وهناك المزيد، صديقتي الأمريكية السودانية “ريماز” ترتدي حجابها كشارة هوية، وعلامة على التمرد ضد ‘تحرر الغرب” لجسد المرأة. هذه ليست هي الاصوات التي تستمع إليها عندما يُهيمن الغربي على مفهوم النسوية. بالرغم من كل هذا الحديث عن التحرر والإستقلال، يتم تجاهل هذة الخيارات لأنها تُعتبر متحفظة جدا، أو غير جذرية بما فيه الكفاية. لتكوني” نسوية” عليكي التجول بشعر قصير، تنانير اأقصر، وربما حتى من دون غشاء البكارة. ولكن ليست هذه المشكلة. المسألة هي، أنه لفترة من الوقت أهتم النساء بجانب واحد فقط من موضوع “اللبس”. بالرغم من ذلك، لا يزال هناك سلسلة متواصلة من الإنتهاكات من الجانب الآخر. لذلك يبدو أن المشكلة ليست “أنها ترتدي ملابس غير محتشمة، أو تتصرف بجرأة، … الخ”، المشكلة في الحق الذي يدعيه الأولاد. حين تكون “المعاكسة” علامة للرجولة، وبمثابة شارة الموافقة التي تحتاجها للانضمام نادي الأطفال (الكول). التحرش الجنسي هو عرض للسلطة الذكورية على الأناث. هذا لا يعني أن جميع الرجال متحرشين، ولكن بالتأكيد أن جميع النساء في مرحلة ما من حياتهم قد تعرضوا للتحرش (عادة حتى قبل سن 9)، ذلك يعني أن أبن/ اخ / أب / عم / شخص ما لديه نوايا سيئة. كل أسرة تقول أن هذه مشكلة شخص آخر. وهكذا، على الفور يتم تخليص الأولاد من المسؤولية. في الواقع، في هذه الأيام، الفتيات يقمن بإلقاء اللوم على بعضهن البعض. السيدات أصبحن أعداء أنفسهن، بل حتى يدخلن في سباق للحكم على بعضهن بطول التنانير. وكأن إختلاف الطول هو ما يسبب هذه المعاكسات. بالتأكيد، سيقولون، هناك فتاة أعطتهم الأنطباع الخاطئ بأننا نستمتع بمثل هذة التصرفات. في الأغلب هناك عاهرة بدأت هذه الأسطورة، أن جميع الفتيات السودانيات مذنبات (بالإستمتاع بالتحرش؟) حتى تثبت العكس (بغض النظر عن معنى ذلك ولكن في النهاية، ذكرتني فاطمة بشيء مهم جدا في ذلك اليوم. عندما اضافت “بالطبع، ذلك الشخص ازعجني على الهاتف لأسابيع.” وتابعت: “ولكن في نهاية المطاف سئم. اذا فكرت في الأمر،ستجد أن الكلب الذي ينبح عالياً يرجع بذيله بين ساقيه إذا صحت عليه بصوت أعلى. معظم الفتيات تنسى ذلك. تعرفين، هؤلاء الأولاد يعلمون انهم مخطئين، ولكن معظم الفتيات بدأن بالشك في أنفسهن. طيب، في تلك المرة التي صرخت فيها ونظر إليكي الجميع بإستغراب. ولكنكي كنتي على حق، أليس كذلك؟ في المرة القادمة، هل ارسلتي له إشارة عندما حاول التقرب منك؟ لا؟ ما زلتي على حق، أذن ما الذي تغير؟ لا شى؟ خطأ، لقد تغير الجمهور. كنتي لا تزالين على حق، ولكن ربما هذه المرة سوف يكون هناك “خالة” بين المراقبين الصامتين، وقد تكون رأت ما حدث، وتكسر حاجز الصمت. لا؟ ربما في المرة القادمة أذن. لا؟ على الأقل هناك أُثنين من الشباب الآن يفكرون مرتين قبل مضايقة فتاة أخرى. ربما من يراقبك سيتعلم الجرأة والرفض عندما يزعجه شخص ما. على أي حال، حتى متى سنستمر في إلقاء اللوم عليه “هو”؟ أيا كان ما نستطيع عمله، يجب أن نقوم به. حتى نستطيع إحداث بعض التغيير. “أخذت رشفة من الشاي البارد،” وحتى ذلك الحين، فاليلطف الله بنا خلال هذه الفوضى “. تنويه: تم قص وتعديل السرد ليلائم هذا المقال، ثم تغيير بعض الأشياء لحماية هوية السيدات القويات اللواتي ساعدنني في وضع هذه القطعة معا. ومع ذلك، ينبغي أن لا يكون هناك شك في أن هذه الأحداث مبنية على أحداث حقيقية، صحيحة، وحقيقية جدا متراكمة من تجارب أخواتي، وأصدقائي، وكذلك واقع تجربتي الخاصة
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات