والمتحرشون أنواع

اسأل طبيبة عن أسباب التحرش الجنسي

التحرش الجنسي هو ظاهرة اجتماعية بالأساس، ولكنه يضرب بجذوره كغيره من الظوهر الاجتماعية الأخرى إلى بعض الأسباب النفسية والبيولوجية. وفي ما يلي تلقي نظرة سريعة جدًا لضيق المساحة لا غير على تصنيف المتحرشين طبيًا وبعض الدوافع وراء هذا السلوك والآثار المترتبة عليه.

هناك أنواع عديدة من المتحرشين قد لا يتسع المقام هنا لتناولها جميعًا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتحرش في الشارع نجد أن أكثر أنواع المتحرشين شيوعًا هما المتحرش المفترس والمتحرش المهيمن. المتحرش المفترس أو ما يطلق عليه (Predatory harasser) هو الشخص الذي يحصل على الإثارة الجنسية من إهانة أو إذلال الآخرين أكثر من الفعل الجنسي في حد ذاته. وهذا النوع يقوم بالتحرش الجنسي لمجرد المضايقة أو للاستمتاع بمشاهدة الطريقة التي يتفاعل بها ضحاياه وقد يصل إلى حد اغتصاب الضحايا اللاتي لا يظهرن مقاومة كافية. أما المتحرش المهيمن أو ما يطلق عليه (Dominant Harasser) فهو النوع الأكثر شيوعًا من المتحرشين وهو يقوم بالتحرش لإرضاء غروره وللشعور بالقوة والهيمنة على ضحاياه.

والمتحرش كما يدفع براين مارتن وهو أستاذ استرالى للعلوم والتكنولوجيا والمجتمع لا يعي تمامًا دوافع سلوكه ولا يحاول حتى تبريره. وإذا سألته يقول أنه يقوم بذلك للهو لا للتسبب في أي ضرر. قليلون هم الذين يسعون واعين إلى إذلال ضحاياهم.

وأسباب التحرش الجنسي تختلف من شخص لآخر وبين حالة وأخرى ولا يمكن أن نغطى إلا بعض العوامل الرئيسية مع العلم بأن العديد من الأسباب ترتبط بالثقافة والقيم المجتمعية أكثر من ارتباطها بالأسباب البيولوجية، فعلى الرغم من أن الرغبة الجنسية قد تكون أقوى لدى الذكور إلا أن المخ كما يقولون هو أهم عضو جنسى. وزيادة هرمون التستوستيرون لدى الذكور لا يبرر التعبير عن الرغبة الجنسية بالتحرش وإلا كنا حيوانات لا نتحكم فى غرائزنا ونكون قد فقدنا ما ميزنا الله به عن بقية المخلوقات.

كما أن السلوكيات النفسية والجنسية لا تعتمد فقط على التركيب البيولوجي للإنسان، أو المعروف بالطبيعة أو الفطرة، ولكنها تعتمد بشكل كبير على البيئة والتجارب الشخصية. وقد سئل الطبيب النفسى دونالد هيب عما يساهم بشكل أكبر في تحديد الفروق الفردية، السمات الجسدية أم السلوكية، فأجاب قائلا:” من يساهم أكثر في مساحة المستطيل الطول أم العرضتخرج من هذا بأن السلوكيات الجنسية لا تعتمد على الفطرة فقط وإنما أيضًا على البيئة المحيطة فالرجال الذين نشأوا على معتقدات مثلالرجل الحقيقي يمس جسد الفتياتأو أنالفتيات للعناق والتقبيليعاملون النساء تبعًا لهذه المفاهيم بل ويعتقدون أن المرأة تأخذ التحرش كمجاملة.

أيضًا فالثقافة التي تسمح بالتمييز المبنى على أية اختلافات كالدين أو اللون أو الجنس تجعل من إساءة استعمال القوة أو الإذلال المصاحب للتحرش أمرًا عاديًا. فغالبًا ما يرتبط التحرش ارتباطًا وثيقًا بالتمييز الجنسي.

وبالنظر إلى أن اعتبار الرجل أفضل من المرأة هو شكل من أشكال التمييز ضد المرأة وأن العديد من المجتمعات العربية تعتبر المرأةالجنس الأضعف، يكون التحرش غالبًا من قبل الرجل ضد المرأة، ويكون في الأغلب تعبيرًا عن الخلل في توازن القوى. وبالتالي فإن النساء الأكثر عرضة لأن يكن ضحايا التحرش الجنسي هن الأكثر ضعفًا أو الأكثر شعورًا بعدم الأمن أو غير الواثقات في أنفسهن.

كذلك تشجع بعض البيئات التي تنتشر بها النكات والملصقات الجنسية ومشاهدة المواد الإباحية على الإنترنت أو ما يسمى بـــ (Sexualized Environment) على خلق أجواء تسمح بالتحرش الجنسى. فقد وجد مثلاً أنه متى كانت الشتائم شائعة في الشارع أو أماكن العمل تكون المرأة ثلاث مرات أكثر عرضة لأن تعامل كهدف جنسى. ومتى شاعت النكات الجنسية يقع التحرش ثلاثًا لسبع مرات أكثر مما يجعلنا لا نستغرب كثيرًا السبب وراء انتشار الظاهرة في مصر في ظل الكم الهائل من النكات الجنسية المنتشرة.

والخلاصة هي أنه لا يسعنا أن نستخدم أية تفسيرات بيولوجية لتبرير التحرش فالأمر متعلق بالبيئة ولن يسعنا أبدًا أن نقضي على هذه الظاهرة ما لم نغير من الثقافة الذكورية التي تميز ضد المرأة وتجعل منها فريسة ووسيلة لأن يثبت الرجل قوته ويشعر بهيمنته.

الكلمات المفتاحية: أسباب التحرش
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات