سيرة جميلة .. ساره بت جوقان

الشركاء: أندريا

تاريخ النشر:

2018

٢ يوليو ٢٠١٨ تبدو ملامحها هادئة، تزين وجهها بعض الشلوخ، تتحدث عن تاريخها التليد بفخر وعزةوهيبة. هيالحبوبةساره بريمة أحمد الشهيرة بــ سارة جوقان، ولدت بشمال كردفان بقرية صغيرة تسمى رهود النبق“. قضت أعوامها متجولة بين كردفان (الرهد أبودكنة) والعاصمة الخرطوم، وتوفيت بعمر ناهز الـ (85) عاماً أو ما يزيد بمدينة الخرطوم. أذكر أنها كانت دائماً ما تقول في أحاديثها بفخر بائن :(إنتو ماعارفين أي شي أنا لمن الأزهري رفع علم السودان كنت وراء حواء الطقطاقه .. ماعارفين قيمتي ساكت إنتو) ثم تختمها بتنهيده“. فالمناضلة حواء الطقطاقة من صديقاتها الذين تذكرهم بحسب قولها، ولكنهن إفترقن لاحقاً بعد أعوام. كانت تهتم بالسياسة وتفاصيلها تحفظ أسماء الرؤساء في كل دول العالم وتتحدث معنا كمهتم بالشأن السياسي والثقافي وأحياناً تقول بعض الكلمات الإنجليزية؛ لا أعرف إلى اليوم من أين تعلمت جدتي هذه الكلمات ولكن كانت تنطقها بشكل صحيح. بعد إنقضاء يوم طويل نعود للمنزل أنا ومعي أبناء عمومتي فنجدها جالسه في (عنقريب هباب) لتحكي لنا بعض القصص من أقاصي الدنيا البعيدة بطريقتها المعهودة في السرد. والحكاوي التي تزودها بالتشويق والخيال الخصب لـتشد إنتباهنا، فهي من نوعية الحبوباتصاحبات الأحاجي والقصص الجميلة. إتسمت حبوبة سارة خلال حياتها بذاكرة متقدة لا تنسى حتى التفاصيل الصغيرة، و زياراتها للعديد من المدن السودانية منحتها بعداً آخر في الحكي عن الأشخاص ومادار في البلد الفلانية والبلاد العلانية، فتولد لديها فن الحكي. كانت تشير بأياديها نحو الشمال واليمين عندما تتحدث كمحاضر في التنمية البشرية. تميزت بحفظها لتاريخ السودان وحكامه ومعرفة الأحداث والتعليق عليها، فكانت تحكي لنا عن لقاءاتها مع بعض السياسيين والزعماء ومصافحتهما لهم في بعض المهرجانات التي كانت تقام، كمصافحتها للرئيس الاسبق للسودان جعفر نميري وغيره من الزعماء آنذاك. وأيضا ذاكرتها لاتنسى لقائها للفنان ابوداؤد حينما تأخر القطار الذي كان يقله من الرهد ابودكنة إلىمدينة نيالا لإقامت حفل له في ذاك الوقت. وتقول عن ذلك: ” قابلت الفنان ابوداؤد في محطة الرهد وإتونست معاهو لحدي القطر إتحرك من المحطة“. وتذكر أول حفل لإبراهيم عوض بالخرطوم وحلاقته التي لاقت رواج في تلك الفترة. كما تحكي عن بعض الفنانين وزياراتهم وأول من تغنى بهذه الاغنية واول من غنى في المسرح الفلاني وهكذا، وغيرها من القصص التي لا أعرف مدى صحتها إلى الآن ولكن الجميع يشير إلىأن بعض المعلومات التي تدلي بها الحبوبة ساره صحيحة. منحها التنقل من مدينة لأخري داخل السودان خاصية الحكي فكان رأسها ممتليء بالقصص والأساطير التي تسردها لنا معظم الوقت بعد أن تحضر عدة القهوة تحت ظلال شجرة النيم الظليلة وبعد تعاطيها الفنجال الأول تبدأ في تذكر وسرد القصص مثل ابو جاكومةوشخصيات غريبة أظنها من وحي خيالها. كانت حبوبة ساره تدهشنا عند سماعنا لها نظل فاتحين أفواهناإلى أن تصل إلى خاتمة القصة وتصبغ عليها بعداً جمالياً آخر. تعلمنا منها الحكي الجميل والسرد الممتع. رحم الله رحمة واسعة الحبوبة سارة فكان تأثيرها علينا كبير وماتزال الشجرة التي تجلس عليها موجودة في سكون تام، أظنها هي أيضاً حزينة لرحيلها.
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات