صفية الأفرنجية

تأليف:

صفية الأفرنجية

قالت شهرزاد…… ومما يحكى أيضاً أن الملكة شجرة الدر عندما عقدت الهدنة مع ملكة الإفرنج، فتوقفت الحروب وعمت روح الوفاق بين الشعوب، أتت صفية الإفرنجية في زيارة لمصر المحروسة، وقد علمت أنها ما لبثت أن أحبت البلاد واستقرت فيها حتى الممات. وكنت قد قابلتها في سوق القاهرة من عدة أعوام حيث قصت على سيرتها التالية:

بعد رحلة طويلة عبر البحار كانت عكا هي محطة الوصول الأولى في بلاد شرق البحر، فتوجهت الى السوق لشراء بعض الأقمشة من التاجر المصري الشهير بائع الكتان كي أرجع بها إلى بلادي وأؤسس دكانًا للبيع والشراء. وكانت أول مشكله واجهتنا هي التفاهم لجهلي حينها باللغة العربية وعدم معرفته بلغتي الأصلية. فاخترت الأقمشة ودفعت ثمنها ثم مضيت, فإذا به يرسل لي دعوة على الغذاء في بيته في اليوم التالي. فضيلت الدعوة وذهبت إليه، إذ رأيت فيها دليلاً على صدق ما سمعناه في العرب من كرم الضيافة وطبيعتهم المضيافة. وكان قد أعد مائدة عامرة بأطيب الأطعمة والحلوى الشرقية التي أعدها بيديه, ثم قضينا بقية اليوم في الشرقة المطلة على البحر مستمتعين بجمال السماء ونقاء الهواءإلى أن جن علينا الليل فحل علينا النوم وقد أسند كل منا رأسه إلى سور الشرفة في ضوء القمر الخافت وخيال النجوم المتلألئة. وعندما استيقظت في منتصف الليل من البرد, اتخذت طريقي خارج الدار إلى حجرتي في الخان.

وفي صباح اليوم التالي توجهت إليه ثانية في السوق وعرضت عليه أن نقيم شركة في البيع والشراء، فيأتي هو بالبضائع الشرقية من أقطان وكتان بينما آتي أنا بما لدينا في بلادنا من أصواف. واتفقنا أن نبدأ بالذهاب إلى مصر المحروسة لاستكشف بنفسي طبيعة البلاد ومتطلبات العباد، وانطلقنا بعد عده أیام محملین ببضائع الشام.

وقد أحبيب مصر لما وجدته فيها من جمال وما لمسته فيها من حرية حركة وحماس، حيث كانت النساء مثلاً تمضى فى الشوارع بلا نقاب على العكس من غيرها من البلدان. كما رأيت شقيقة شريف التاجر تمارس التجارة بجدية وتباشر أعمالها بحرية، فقررت أن مصر هي بلا شك المكان المناسب للمقام.

ولأسباب عملية عرضت على شريف الزواج كي يسهل لنا ذلك التوسع في التجارة والبيع والشراء بما لنا من معارف وأقرباء، خاصة أنني تأكدت من خلال تعاملي معه ورحلتي بصحبته أنه لا بأس بأخلاقه ولا ضرر من الاعتماد أحيانًا عليه، إضافة إلى توافقي مع والدته وصداقتي مع شقيقته نبيلة. ومن يومها وأنا أعيش ما بين القاهرة والشام وبلاد الفرنجة، وقد نجحت في تعلم اللغة العربية وعادات البلاد الشرقية, وتوسعت في البيع والشراء حتى صرت مع الوقت من أشهر التاجرات والتجار.

شارك:

اصدارات متعلقة

عيد الأم ما بين الاحتفاء بقيمة الأمومة و ترسيخ الدور النمطي للنساء
خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء
ختان الإناث في مصر... جريمة تعذيب ضد الإنسانية
حقوق النساء من اجل العدالة والتنمية
الإيدز خطر صامت يهدد حياة النساء في ظل جائحة كورونا
إشكاليات التقاضى فى جريمة التحرش الجنسي
أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان