صورة الرجل في الكتابات الإسلامية:
بين التفاسير القديمة والحديثة
تقديم:
طالما اهتم الباحثون والباحثات على ساحة الدراسات العربية والأجنبية بموضوع” المرأة في الإسلام” بتنويعاته المختلفة؛ من عرض لمكانة المرأة في الدين الإسلامي ووضعها في الشريعة وأحكامها في الفقه، إلى عرض تاريخي للنموذج الإسلامي الأول كما يتجلى في الفترة النبوية والراشدية – عصر الصحابيات والتابعات– أو أرض لواجباتها وحقوقها حسب الشرع ونصوص القرآن الكريم. وقد نتجت عن هذا عدة أمور:
أ– أدى في بعض الأحيان هذا التأكيد على أهمية دور المرأة في النموذج الإسلامي إلى نتيجة عكسية، وهي إغفال دور الرجل في هذه المعادلة، رغم دوره المكمل الهام في أي تصور المجتمع إسلامي نموذجي يهتم بالأسرة بوصفها النواة الأولى السلامة البنية ككل. ولذلك يجيء الحديث عن” واجبات” المرأة المسلمة منفصلاً عن دور الرجل ومساهمته المطلوبة لإنجاز هذه المسئوليات.
ب – وهكذا تزيد مركزية المرأة – والمرأة وحدها – في مجالات المسئولية التربوية وحفظ كيان الأسرة وأخلاقيات المجتمع والتضحية بالذات، وبالتالي اعتبارها الرمز الأوحد (أو حاملة العبء الأكبر) في تمثيل هذا الدين وهذه الثقافة، والمبالغة في اعتبار نهضتها أو تعثرها سببًا لنهضة أو تخلف الأسرة والمجتمع والأمة بأسرهم، مع تجاهل تام لموضوع صلاح أو فساد الطرف الآخر في هذه المنظومة – أي الرجل– كزوج أو أب أو أخ أو ابن.
ج– تنميط وتجميد الدور المفترض للمرأة في النموذج الإسلامي، بينما قد لا تتعرض شخصية الرجل المسلم في التصور الثقافي والمجتمعي إلى تحديد وتثبيت مماثل بل قد تمتاز بالمرونة على حسب السياقات المختلفة.
تهدف هذه الورقة إلى تحليل صورة الرجل كما تتجلى في خطابات بعض المفسرين للآيات القرآنية التي تخص منظومة العلاقة الزوجية في النموذج الإسلامي. تقدم الورقة قراءة في تفاسير مختارة من العصر الوسيط ثم من بعض التفاسير المعروفة في القرن العشرين بهدف تتبع تصوير هذه العلاقة في الخطاب التفسيري مع التركيز على موقع الرجل فيها ودوره وتصويره.
وقد ظهر مؤخرًا العديد من الدراسات التي تبحث في ميدان دور التشكيل الثقافي والاجتماعي (وحتى السياسي) لشخصية الرجل في العصر الحديث خاصة, وهو العصر المتزامن مع قيام الدولة القومية الحديثة بأنساقها وأطرها الاقتصادية والسياسية والتعليمية التي وظفت فهمًا خاصًا للذكورة لتنميط صورة بعينها لما يجب أن تكون عليه شخصية الرجل العصري في المجتمع المتمدن الحديث، مما كان له أكبر الأثر على التصور الثقافي لمسئوليات الرجل ومسئوليات المرأة داخل المحيط الأسرى. في دراستين” لجورج موس” (1) عن تشكل وتطور مفهوم” النموذج الذكوري الحداثي” في ارتباطه بمفهوم” القومية“، يحلل التاريخ الاجتماعي والثقافي لأوروبا (خاصة ألمانيا وإنجلترا) في آخر القرن ال 18 وحتى أوائل القرن العشرين ويبين كيف أن هذه المفاهيم – بالإضافة إلى فكرة” الاحترام” كقيمة اجتماعية عليا– أصبحت بمثابة إيديولوجية ثقافية شكلت الوعي العام تجاه هوية الأفراد (ذكوراً وإناثًا) والهوية الجماعية للطبقة الوسطی الصاعدة. وهو يربط بين نشأة” الوعي القومي” (الشعور الواعي بالقومية) والاهتمام بتحقيق” الاحترام” لدى هذه الشعوب الأوروبية الحديثة بظهور تعريفات راسخة للذكورة والأنوثة وأدوارهما الاجتماعية تضع كل فئة في مكانها الثابت في منظومة الجماعة القومية الحديثة:” فالذكورة أصبحت تعنى العمق والجدية والأنوثة هي السطحية والتفاهة. وبينما تم تمجيد الذكورة كأساس لبنية المجتمع الحديث والدولة القومية، تم تمجيد الأنوثة – على سطحيتها وتفاهتها– باعتبارها الحارس للأخلاقيات والمجال الخاص“(۲).
وفائدة النظر في مثل هذه الدراسات الغربية عن تشكيل إيديولوجيات ثقافية للذكورة كقيمة معيارية وكترشيد سياسي من قبل الدولة القومية الحديثة تكمن في العلاقة بين هذا التاريخ الاجتماعي الحداثي لأوروبا والمجتمعات العربية الإسلامية المستعمَرة في ذلك الوقت وتماسه معها، خاصًة من خلال دور الإصلاحيين من النخبة المثقفة وردود أفعالهم تجاه حضارة المستعمر الأجنبي (بين الرفض المتشنج من على السطح واستبطان لقيم الحداثة الأوروبية الوافدة) (3). ففي دراسة الناقدة” مريناليني سينها” لهذه الحالة في المجتمع الهندي المستعمر تشير إلى نقاط تلاقي بين الإيديولوجية الاستعمارية والقومية كما تظهر في التشكيل الثقافي المتزامن للذكورة وأدوار الرجل في الأسرة والمجتمع (4).من خلال تحليل دقيق ومتعمق تحاول الناقدة أن تثبت دور الاستعمار البريطاني في الجزء الثاني من القرن التاسع عشر في دعم” سياسات للذكورة” تعتمد على التنميط للثقافة المحلية، وكيف أن النخبة بالمجتمع الهندي وقعت في تناقض مقاومة هذا التنميط العنصري من ناحية وقبوله في نفس الوقت: أي أنه حدث تماه بين طموحات رجال هذه الطبقة المتوسطة المثقفة ومصالح الحاكم المستعمِر في تحقيق قدر من الهيمنة والسيطرة داخل مجتمعاتهم وتحت مظلة الوضع الاستعماري (ص ۲۲).
تتناول الباحثة بصفة خاصة التنميط الاستعماري العنصري في تصنيع شخصية” الهندي المتأنث أو المتخنث” eFFeminate الذي يتصف بالسلبية والكسل والدعة والنعومة في مقابل الشخصية” الرجولية” والإيجابية للرجل الإنجلیزی manly English man، وهذه من آليات العنصرية الاستشراقية التي تعرضت لها كل مجتمعات الشرق.
وقد تباينت ردود أفعال الشعوب لهذه السياسات على حسب ظروف كل مجتمع وطبقاته، فإذا كان رد فعل التيار القومي الهندي قد اتصف بالتناقض كما ذكرنا فهذا يدفعنا لرصد ردود أفعال أخرى محتملة مثل اللجوء إلى التأكيد على” رجولة” الرجل في منزله (وفي علاقته مع الزوجة) متمثلة في سلوك يتصف بالعنف والخشونة والصلابة في الرأي والشخصية وعدم التهاون، حتى يتم إبعاد شبهة” الرقة” و“اللين” و“الدعة” أي الصفات التي حددتها الرؤية الاستعمارية أنها صفات” المتخنث” المعاكسة” للرجولة الإنجليزية” الحقة. وهذه النقطة الأخيرة بالذات من الممكن وضعها في الحسبان عند رصد فهم الثقافة الحديثة والمعاصرة بمجتمعاتنا للشخصية الرجولية (المنزلية) وتحليل جذور هذا الفهم ( وسوف يتضح هذا لاحقًا في موضوع الورقة).
من المهم إذن التعرف على مثل هذه الاتجاهات في دراسة تشكيل وتصوير صورة الرجل في الثقافة الحداثية لأوروبا وانعكاسها على المجتمعات غير الأوروبية – ومنها العربية الإسلامية مثلاً – في جدالاتها الدائرة حول تحديث المرأة والنهوض بها وترشيد سلوكها وشخصيتها من خلال الخطاب المتكرر حول واجباتها والرمز القومي الذي تحمله. وقد دعا هذا كثيرًا من الباحثين إلى التساؤل عن المسكوت عنه في مثل هذه الخطابات والمناقشات: أي ماذا يقول ذلك عن” الهوية الذكورية“، عن نظرة الرجل في المجتمعات العربية الإسلامية الحديثة إلى نفسه وفهمه لدوره في الوطن والمجتمع والأسرة (5).ومن هنا تأتي أهمية مقارنة هذه التصورات الحداثية بتصورات أو مفاهيم أخرى سبقتها حتى تلحظ الفروق والتغيرات، ولا تقع في أسر المنظور الحداثي الذي يفترض أن الثقافة العصرية الحالية لم يوجد غيرها وغير أنماطها في التفكير والسلوك، فالصورة الكلية لتاريخنا الثقافي العربي والإسلامي تشير إلى عمرها القصير في مسيرة التطور والتحولات التاريخية والاجتماعية.
وقد يكون من المناسب أن تفحص صورة الرجل في التفاسير ونحن نعيد تقديم كتاب عائشة تيمور مرآة التأمل في الأمور والتي تلفت نظرنا د. ميرفت حاتم في مقدمتها للطبعة الثانية إلى أهميته لأنه بمثابة” محاولة جريئة تعتبر الأولى من نوعها من جانب امرأة متعلمة مسلمة للاجتهاد في مناقشة حقوق الرجال على النساء والنساء على الرجال كما تطرحها آيات القرآن الكريم” (6) إن هذا العمل والمناقشة الرئيسية فيه التي تدور حول تعريف قوامة الرجل وتحديد مجالاتها يرتبط بالعرض الذي نطرحه في هذه الورقة لأنه يقدم خطابًا معاكسًا للخطاب الحداثي المشار إليه، وذلك أثناء بداياته في آخر القرن التاسع عشر وبلورته في أوائل القرن العشرين ثم استمراره حتى وقتنا الراهن.
وأحب أن أوضح أن اهتمامي لم يكن منصبًا على الآيات الكريمة نفسها – فهذا ليس نقاشًا دينيًا أو فقهيًا– ولكن على تعليقات وشروح ووجهات نظر المفسرين حولها وعلى الخطاب المستخدم للتأكيد على نقاط بعينها أو لخلق مفاهيم ثقافية حول هذه الآيات، وذلك بهدف لفت النظر إلى عملية التراكم الزمني في التراث التفسيري فيما يخص النظرة إلى النساء والرجال والنموذج الإرشادي المطروح. ومن هنا نضع أيدينا على متى وكيف بدأت أفكار محددة تتكون وتكتسب شرعية وتقنينًا وإدراجًا في معنى الآية الشريفة الأصلي، وكيف تنشأ الخطابات لتعكس تصورات ثقافية لا تعرف لها مصدرًا أحيانًا أو نحسبها كانت دائمًا جزءًا من مقصد الآية وليست بمستحدثة أو وافدة. سيتم عرض أقوال مختارة من بعض التفاسير القديمة ومقارنتها بالتفاسير الحديثة في شأن صورة الرجل المسلم المخاطب في معظم هذه الآيات وموقف المفسرين من هذا الخطاب القرآني الموجه إلى الرجال بالتحديد ثم أحاول أن أخلص إلى عدة استنتاجات تحليلية وذلك في ثلاث آيات محددة هي: ٣٤ و ١٢٨ و١٩ من سورة النساء.
آية ٣٤ من سورة النساء:”الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيرًا (صدق الله العظيم).
وسوف نسلط الضوء على الجزء الأخير فقط من الآية” … فلا تبغوا سبيلا إن الله كان عليًا كبيرًا“. ففيه نلاحظ في تعليق المفسرين عليه– خاصة القدماء – التركيز الكبير على توجيه الخطاب إلى الرجال / الأزواج فقط، وتخويفهم من التجني والظلم والاستقواء فنجد الطبری ( ۸۳۹ م– 923م) مثلاً في تفسيره يكثر في توجهه بالحديث إلى الرجل / الزوج المسلم بقوله” …. لا تطلبوا طريقًا إلى أذاهن ومكروهن, ولا تلتمسوا سبيلاً إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل. وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة [المقصود هنا حق المعاشرة الزوجية بالذات] إنك لست تحبينني وأنت لي مبغضة فيضربها على ذلك أو يؤذيها” (7).أي ينهاه عن التحجج بأسباب واهية للبغي، ويستشهد الطبري بقول لابن عباس الذي يقول مخاطبًا الزوج” …لا تتجنى عليها العلل” ليوضح هذه النقطة، ثم يُنهي هذا الحديث الطويل الذي هو بمثابة درس في الأخلاق بفقرة شديدة اللهجة ذات نبرة وعظية واضحة ومتضمنة تهديدًا موجهًا إلى الرجل دون المرأة في العلاقات الزوجية” … لا تبغوا على أزواجكم سبيلاً، لعلو أيديكم على أيديهن، فإن الله أعلى منكم ومن كل شيء عليكم، منكم عليهن وأكبر منكم ومن كل شيء وأنتم في يده وفي قبضته، فاتقوا الله أن تظلموهن وتبغوا عليهن سبيلاً وهن لكم مطيعات في [المجامعة وفي صون أنفسهن لهم] فينتصر لهن منكم ربكم الذي هو أعلى منكم ومن كل شيء وأكبر منكم ومن كل شيء (ص ۱۰۰).
وقد قصدت أن أقدم أكبر جزء من الفقرة رغم طولها والتكرار بها حتى أبين من نمط التكرار والتوكيد أهمية هذا الطرح في نظر المفسر نفسه وتركيزه على التحذير والإنذار. وجدير بالذكر هنا أن مفهوم الطبري – أول المفسرين في القرن العاشر الميلادي – عن الرجولة ومعناها في العلاقة الزوجية هو مفهوم لم يشاركه فيه أحد من بقية المفسرين بعد ذلك رغم اعتمادهم في غالبية تفاسيرهم على النقل منه، ولكن ليس في هذه النقطة بالذات، كما أن هناك إشارات وتلميحات دقيقة معينة اختفت ولم يهتم أحد بالتأكيد عليها بعد ذلك. مثلاً في تفسيره للآية ٢٢٨ من سورة البقرة – خاصة الجزء الأخير منها” وللرجال عليهن درجة” – يرجح الطبري قولاً لابن عباس أن” الدرجة التي ذكرها الله تعالى في هذا الموضع الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها وإغضاؤه لها عنه، وأداء كل الواجب لها عليه“. أي أنه سبحانه وتعالى – والكلام لا يزال للطبرى-” ندب الرجال الأخذ عليهن بالفضل إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن…. بتفضلهم عليهن وصفحهم لهن عن بعض الواجب لهم عليهن, وهذا هو المعنى الذي قصده ابن عباس بقوله: ما أحب أن أستنظف جميع حقي عليها” (المجلد ٢ ص 615-617) وفي خلاصة هذه الفقرة يختم الطبري عرضه بعبارة هامة جدًا تستوقفنا وهي” هذا القول من الله تعالى وإن كان ظاهره ظاهر الخبر فمعناه ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ليكون لهم عليهن فضل درجة” .أي أن مقصد الآية الشريفة هو حث الرجال على السمو إلى الفضل لأن الوصول إليه مشروط بالاجتهاد وضبط النفس والصبر، وليست الآية خبرًا أو إخبارًا أو تقريرًا عن فضل جعله الله مكتوبًا لهم أو فطريًا أحسنوا فيما أمرهم به أم أساءوا، ولكن إن كان هذا يشكل فضيلة من فضائل الرجولة فهي مكتسبة وليست خلقية، فهي درجة من التحامل على النفس والصبر.
وهذا التفسير المنتمى إلى القرن العاشر الميلادي يعكس نظرة بالثقافة الإسلامية الوسيطة لا تدلل الرجل من الناحية النفسية، أو تتعامل معه كطفل غير مطلوب منه التحكم في مشاعره وتصرفاته، أو أنه معذور دائمًا، فالخطاب المقدم هنا لا يهتم اهتمامًا زائدًا بإبقاء النفسية، بل بالعكس يطلب من الرجل/ الزوج ويتوقع منه العمل بجدية على ضبط مشاعره ومراقبة سلوكه الذي قد يميل بسهولة إلى ظلم المرأة. والمفسر لا يطلب الكمال الخارق من النساء والضغط عليهن بافتراض التضحية وعدم التقصير بينما يحمل الرجال مسئولية أخلاقية كبيرة.
أما الرازي (1149- 1212 م) في تفسيره وشرحه للجزء الأخير من الآية 34 من سورة النساء خاصًة ذكر هاتين الصفتين لله عز وجل” عليًا كبيرًا“، فهو يفهم أن المقصود منهما” تهديد الأزواج على ظلم النسوان والمعنى أنهن إن ضعفن عن دفع ظلمكم وعجزن عن الانتصاف منكم فالله سبحانه علىٌ قاهر كبير قادر ينتصف لهن منكم ويستوفي حقهن منكم فلا ينبغي أن تغتروا….” ويمضى في تحذير الرجال من الاستقواء والاستعلاء وتذكيرهم برحمة الله وعدله:” أنه تعالى مع علوه وكبريائه اكتفى من العبد بالظواهر ولم يهتك السرائر، فأنتم أولى أن تكتفوا بظاهر حال المرأة وأن لا تقعوا في التفتيش عما في قلبها وضميرها من الحب والبغض” (۸) والمقصود بهذا الاستشهاد المطول هو بيان نوعية خاصة متكررة من الخطاب التفسيري فيها مناشدة مستمرة للرجال وتهديد بعدم استغلال علاقة القوة المتعاونة أو استضعاف النساء وكأنه افتراض ضمني من قبل معظم المفسرين أن الرجل في حاجة دائمة أن يتذكر علو يد الله عليه كما يعلق القرطبي(توفی ۱۲۷۲ م) على هذا الجزء من الآية بنفس وجهة النظر:” هذه إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب، إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله… فلا يستعلى أحدٌ على امرأته فالله بالمرصاد” (9) مرة أخرى نلحظ نبرة التخويف من التجني والمطالبة بصفات الحلم واللين حتى يرتبطا بمفهوم الرجولة التقية.
وهذا من شأنه أن يجعلنا نتساءل ما السبب في سيادة هذا النوع من الخطاب؟ هل هذا معناه أن في ذلك الزمن فهم المفسرون أن هناك احتمالات قوية ومتوقعة بسوء استخدام الحق في العلاقة الزوجية؟ أن الرجل هو الأكثر احتمالاً وقربًا للوقوع في الخطأ وسوء استغلال الاقتدار في يديه – لذلك اهتموا بالإسهاب في هذا الجزء الأخير من الآية؟ ألا يدل ذلك على أن معظم المفسرين القدماء نظروا لهذه الآية الكريمة في مجملها؛ أن أي حق الرجال على النساء في أولها منوط أو مشروط بعدم الاستقواء وتذكر على الله عليهم في آخرها؟ والمعنى الضمني لهذا البعد في التفسير هو وضع المرأة في بؤرة الاهتمام والرعاية وضمان حمايتها حتى ولو كان بطريق التهديد الإلهي، وليس (كما سنرى لاحقًا في الخطاب الحداثي) وضعها في بؤرة المطالب والواجبات والتنميط.
وتجدر الإشارة هنا إلى طرح عائشة تيمور في” مرآة التأمل” وقد لاحظت بمجتمع العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر سوء استغلال مفهوم القوامة والرجولة بواجباتها ومسئولياتها في منظومة القيم الإسلامية، وحاولت أن تناقش ذلك، ربما من نفس المنطلق لأولئك المفسرين ووجهة نظرهم العامة عن وضع العبء الأكبر على الرجل وعدم التردد في لومه وتوبيخه على اعتبار أنه أيضًا حامل لأمانة الأسرة والمرأة فيها.
عند مقارنة تفسير القدماء بتعليقات بعض المحدثين في القرن الماضي الذين تناولوا هذه الآية بجزئها الأخير” .. فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيرًا“، سنجد تغييرًا طفيفًا لكنه ملحوظ في محور ارتكاز التفسير أو الخطاب الضمني العام. حتى وقت تفسير الآلوسي (۱۸۰۲–١٨٥٤) نجده يردد نفس التوجه إلى الرجال في الصبر على النساء والتجاوز عن سيئاتهن لأن” الله قادر على الانتقام منكم” (۱۰) نلحظ أنه حتى ذلك الوقت كان الصبر والتحمل صفات ذكورية في الأساس. في تفسير المنار للإمام محمد عبده نجد تعليقًا مختصرًا جدًا على” عليًا كبيرًا“، ورغم أنه يقول هنا إن” .. الرجال الذين يحاولون بظلم النساء أن يكونوا سادة في بيوتهم إنما يلدون عبيدًا لغيرهم” إلا أنه يناقض نفسه لأنه سبق وتحدث بإسهاب وإصرار عن درجة” الرياسة” الفطرية المطلقة على النساء وأعطى لهذا المفهوم أهمية كبيرة في العلاقة الزوجية, وكذلك للتقسيم الفطري لدوري الرئيس والمرؤوس بالنسبة للرجل والمرأة وأن هذه” أصل الخلقة ومن مقتضى سُنن الفطرة“، حتى أنه ينتقد أكثر المفسرين السابقين لتركيزهم على تمييز الرجال في الأحكام الفقهية والتكاليف فقط ولا يؤكدون على عنصر الخلقة الطبيعية المتفوقة على النساء, ولذا بدلاً من الاسترشاد بموقف المفسرين القدماء في تطبيق قاعدة أنه إذا استقام الظاهر لا تبحثوا عن السرائر للتضييق على النساء وفرض مشاعر معينة عليهن، ينصح الإمام محمد عبده المرأة ألا” تستثقل فضل الرجل هذا …” وأن تقبله بالضرورة (11).
كلما تقدم الزمن بالتفاسير نلاحظ اختفاء نبرة التوجه إلى الرجال بالنصح والإرشاد والتحذير ليحل محلها إغفال وتجاهل لاحتمال سوء استخدام حقوقهم. كما يتم تعميم المقصود من خطاب الآية الكريمة” إن الله كان عليًا كبيرًا” بتوجيهه إلى الرجال والنساء معًا, على عكس ما فهم المفسرون القدماء. تقول زينب الغزالي (ولدت ۱۹۱۷) مثلاً في تفسيرها نظرات في كتاب الله:”هذا تهديد من الحق سبحانه لمن يخالف أمره سواء في عصيان المرأة لزوجها أو لظلم الرجل لزوجته” (١٢)، أي أنها أضافت المرأة إلى فئة المخاطب في سياق الخطاب الإلهي بالإنذار، وكأنها استحت مما لم يستح منه القدماء في اعتبار أن وقوع الرجل في الخطأ أمر وارد ومتوقع ينبه إليه الخالق سبحانه وتعالى. وعلى هذا النهج أيضًا يسير سيد قطب في تفسيره في ظلال القرآن الكريم (1965) (13)؛ فبينما يسهب في شرح فكرة التقسيم الفطري والوظيفي للرجل والمرأة في فقرات مطولة لا يهتم بالتعليق على آخر الآية” … إن الله كان عليًا كبيرًا” سوى أن المقصود منها أن” تتبخر مشاعر البغي والاستعلاء إن طافت ببعض النفوس” (جزء 5 ص ١٤)، ويتجنب إلقاء اللوم على الرجال فقط أو تبنى موقف الندب والحث لهم، بل يدرج النفس البشرية عمومًا في خطاب الترهيب. ومن المهم أن ننتبه إلى الأدوات الجديدة المستخدمة لترسيخ فكرة التقسيم الصارم بين الطبيعتين الرجالية والأنثوية (على عكس المفهوم القرآني المتكرر عن” النفس الواحدة” )، فهو يتحدث عن” التكوين العضوي والعصبي والعقلي والنفسي للمرأة… في مقابل إعمال الفكر واستخدام الوعي والتفكير والتروي (لدى الرجل)، وبطء في الاستجابة الحركية بوجه عام.. كلها (صفات) عميقة في تكوينه عمق خصائص المرأة في تكوينها” (جزء 5 ص ۱۳)، دلالة على تكريس مصطلحات العلوم الجديدة المتزامنة مع عصره من علم نفس وبيولوجيا وعلم اجتماع وخلافه لتبرير رأيه عن تقسيم الأدوار والوظائف الأسرية والاجتماعية بصفة فاصلة ودائمة.
حول موضوع تقسيم الأدوار الاجتماعية داخل الأسرة والمجتمع أو ما اصطلح أنه ازدواجية الخاص والعام – فقد أثبتت كثير من الدراسات التاريخية الغربية أن هذه الظاهرة التي تحولت إلى أيديولوجية راسخة إنما هي نتاج الظروف التاريخية والاقتصادية للمجتمعات الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومن آثار الثورة الصناعية في تغيير طبقات المجتمع وخلق قيم اجتماعية جديدة وتنميط هوية الأفراد من رجال ونساء أو تشكيل لشخصياتهم. وكما رأينا فإن” جورج موس” يرى أن هذا التنميط هو من الآليات الأساسية للمجتمع الحديث بهدف تحديد هوية القوميات الأوروبية وتحديد الأضداد والأعداء. أما بالنسبة لـ” المِثال الرجولي” بالذات أو النمط المثالي للقيم الرجولية فقد تحول إلى معيار سائد ومهيمن للأمة بأسرها. والباحث يرصد نشأة وتطور المفاهيم الحاكمة لهذا المثال في كتابه الثاني صورة الرجل: تشكيل الرجولة في العصر الحديث (14)، خاصًة صورة الرجل الإنجليزي الوسيم – طويل القامة وسليم البنية ونظيف الهيئة– وذلك لتمثيل الهوية القومية بصفة عامة وربط هذه الصورة بقيم أخرى مثل الشجاعة والصلابة (والبعد عن الرقة والنعومة المتخنثة) والمثل الأخلاقية العليا. كما لاحظ” موس” في فترة من الفترات التركيز في المجتمعات الأوروبية على جماليات الجسد الذكوري كرمز لمجتمع صحي ومتقدم ومتمدن (وهذا بالطبع ترجع جذوره إلى أنماط الحضارة الإغريقية) (ص ۲۸)، ونقرأ استشهادًا للمفكر الألماني” ويلهلم فون همبولت” في 1795 يمثل الرأي الأوروبي السائد في ذلك الوقت من أن بنية الجسد الذكوري بشكله التام المنتظم يعبر عن الكمال المنشود للطبيعة في الجسد الإنساني، لأن الجسد الأنثوى بما يحويه من استدارات له وظائف جنسية وبيولوجية محددة للمنفعة وليس جميلاً في حد ذاته (ص ٥٤). وربما تفسر حركة انتشار الأفكار وتداولها بين الثقافات والمجتمعات مثل هذه الفقرة الغربية في تفسير المنار لمحمد عبده عند شرحه لمفهوم” الرياسة” – أي رياسة الرجال على النساء راجعًا إلى فضلهم عليهن في” أصل الخلقة“:” … إن مزاج الرجل أقوى وأكمل، وأتم وأجمل… إن الرجل أجمل من المرأة وإنما الجمال تابع لتمام الخلقة وكمالها … وإننا نرى ذكور جميع الحيوانات أكمل وأجمل من إناثها كما ترون في الديك والدجاجة، والكبش والنعجة، والأسد واللبؤة. ومن كمال خلقة الرجل وجمالها شعر اللحية والشاربين ولذلك يعد الأجرد ناقص الخلقة ويتمنى لو يجد دواء ينبت الشعر…. ويتبع قوة المزاج وكمال الخلقة قوة العقل وصحة النظر في مبادئ الأمور وغاياتها، ومن أمثال الأطباء والعلماء: العقل السليم في الجسم السليم“. (جزء 5، ص 69). وهذه الأفضلية” الفطرية” في رأي الأمام محمد عبده هي التي جعلته ينتقد جمهور المفسرين السابقين لأنهم لم يرجعوا إلى” سنن الفطرة” في تفسير قيام الرجال على النساء بل ناقشوا فقط الأحكام الشرعية الفقهية من نبوة وإمامة كبرى وصغرى وإقامة الأذان وخطبة الجمعة وغيرها كأسباب محتملة للقيام، في حين يرى محمد عبده أنه حتى” لو جعل الشرع للنساء أن يخطبن في الجمعة ويؤذِّنَ ويُقمن الصلاة لما كان ذلك مانعًا أن يكون من مقتضى الفطرة أن يكون الرجال قوامين عليهن” (ص ۷۰) كما نلاحظ استخدام الإمام لمصطلحات سياسية نابعة من الرؤية القومية للمصلحة الوطنية في وصف العلاقة بين الرجل والمرأة مثل” رئيس” و“مرؤوس” ومثل” الرياسة العامة” و“لابد في كل مجتمع من رئيس يُرجع إليه في توحيد المصلحة العامة“. وبذلك تصبح الرياسة الذكورية ليست فقط حتمية فطرية بل ضرورة قومية.
المثال الثاني الذي نستخدمه هنا لاستكشاف بعض جوانب من صورة الرجل /الزوج في خطاب المفسرين هو تتبع مرة أخرى لمسار التفسير والتعليق على طرح هذه الآية الكريمة (النساء ١٢٨):” وإن امرأة خافت من بعلها نشورًا أو إعراضًا فلا جناح عليها أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشُح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرًا“. مرة أخرى لن أشير إلى سبب نزول هذه الآية أو سياقها المحدد أو الحكم الفقهي بشأنها بقدر ما سأركز على تعامل المفسرين مع فقرة” وإن تحسنوا وتتقوا … إلى آخرها. فبينما اتفق كل من الطبري والزمخشري والرازي والقرطبي على ضرورة صبر الرجال وتحملهم وإحسانهم إلى نسائهم حتى لو زهدوا فيهن وأن يتجنبوا العبوس في وجه زوجاتهم لأن هذا يُعد نشوزًا في رأيهم، يشكك الإمام محمد عبده في صحة تظلم النساء من جفوة رجالهن ويحول النصيحة الأصلية الموجهة إلى الأزواج بالإحسان والتقوى” (كما هو في الآية) إلى الزوجات، فيجزم أنهن كثيرًا ما يخضعن إلى أوهام ووساوس غير حقيقية:” فالوسوسة تكثر عند النساء.. وذلك أن المرأة إذا رأت زوجها مشغولاً بأكبر العظائم المالية أو السياسية أو المسائل العلمية أو بغير ذلك من المشاكل الدنيوية .. لا تعد ذلك عذرًا يبيح له الإعراض عن مسامرتها أو منادمتها.. والواجب عليها أن تتبين وتتثبت فيما تراه من أمارات النشوز والإعراض.. فإذا كان لسبب خارجي فعليها أن تعذر الرجل وتصبر على ما لا تحب من ذلك” (المجلد 5 ص ٤٤٥). وتقارن تلك الفقرة بإصرار القدماء أن الآية” خطاب إلى الأزواج” (القرطبي جزء 5, ص ٤٠٧) أو بشرح الطبري خاصًة:” وإن تحسنوا أيها الرجال في أفعالكم إلى نسائكم إذا كرهتم منهن دمامة أو خُلقًا أو بعض ما تكرهون منهن بالصبر عليهن، وإيفائهن حقوقهن وعشرتهن بالمعروف وتتقوا الله فيهن بترك الجور منكم عليهن… فإن الله كان بما تعملون في أمور نسائكم أيها الرجال من الإحسان إليهن والعشرة بالمعروف، ولا يخفى عليه منه شيء، وهو مُحصٍ عليكم حتى يوفيكم جزاءَ ذلك: المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته (جزء ٤ ص ٤٢٢). أما زينب الغزالي ففي شرحها لذلك الجزء من الآية تقول إن” الله يجزى من يتحمل من الزوجين” (ص ۳۳۷).
كما اهتم المفسرون القدماء الذين اطلعت عليهم بالشرح التفصيلي لعلامات أو ظواهر نشوز الزوج وسوء عشرته، ليس بالضرورة عن تزكية للمرأة على حساب الرجل ولكن ربما عن إدراك لهذا البُعد الدقيق من الخطاب القرآني: ألا وهو توخي” الإحسان” و” التقوى“و” المعروف” في التعامل مع النساء، فنلاحظ أن هذه الإرشادات الإلهية بالذات إنما تكرر دائمًا في نهايات أو خواتيم الآيات الخاصة بالنساء وبتوازنات العلاقة بين الزوجين. وهذا شيء تلاحظه أيضًا د. أماني صالح عندما تقول” وقد اتخذ الخطاب القرآني بشأن المرأة في كثير مما يخص النساء طابع الرعاية والتوصية بهن واقترن دائمًا بعض الرجال على تقوى الله في النساء وربط ذلك بالإحسان والمعروف ومراعاة حدود الله وميثاقه” (15).
يشرح الزمخشری (١٠٧٥ – ١١٤٤) في تفسيره أن نشوز الزوج هو” أن يتجافى عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته والمودة والرحمة التي بين الرجل والمرأة وأن يؤذيها بسب أو ضرب“. أما الإعراض فهو” أن يعرض عنها بأن يقل محادثتها ومؤانستها …”، والإحسان إليها أو تسريحها خير من” النشوز والإعراض وسوء العشرة“، ويرى أن الخطاب القرآني” إن تحسنوا” معناه” الإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة“، وكذلك وجوب اتقاء” النشوز والإعراض وما يؤدى إلى الأذى والخصومة” (16).
والملاحظ أن المفسر قد جمع في تعريفه للنشوز منع حقوق المرأة، ليس فقط المادية (المتعة والنفقة)، ولكن أيضًا المعنوية (المودة والرحمة)، ناهيك عن الإضرار الجسماني أو الإهانة القولية. ويُعرف الطبرى النشوز بأنه” استعلاء بنفسه عنها إلى غيرها ( إلى الزوجة الأخرى في حالة وجودها وليست الخليلة أو العشيقة)، أثرة عليها وارتفاعًا بها عنها” والإعراض يعني” انصرافًا عنها بوجهه أو ببعض منافعه (جزء ٤. ص ٤١٢) وهكذا تشير تلك الاستشهادات بتفاصيلها إلى إدراك عدد كبير من المفسرين أن نشوز الرجل وإعراضه يشكل أيضًا مشكلة أسرية لها آثارها السيئة، وهم لم يتوانوا عن التنويه إلى بعض مظاهر سوء العشرة من قِبل الزوج– حتى لو كانت مجرد تفاصيل أو إشارات من الحياة اليومية البسيطة داخل الأسرة(17) وفي المقابل لهذا التوجه يسترعي انتباهنا تعليق سيد قطب في القرن العشرين على هذه الجزئية من الآية بقوله إذا المرأة خافت” أن تصبح مجفوة” (ص ۷۸)، فهو يتفادى أن ينسب الصفات السلبية إلى الرجل مباشرة (فيستخدم نحويًا صيغة المبنى المجهول) حتى لا يجد نفسه مضطرًا لإسداء النصيحة إلى الأزواج أو نقدهم.
وفي تفسير الإمام محمد متولي الشعراوي أثناء ثمانينيات القرن العشرين يستعير من تعليقات القدماء التي أشرنا إليها عبارات حول معنى نشوز الزوج:” … ارتفاعًا عن المستوى المفترض في المعاملة” و” أن يستعلى عليها بنفسه أو بالنفقة أو ينالها بالاحتقار أو ضاعت منه مودته أو رحمته.” ولكن الجديد الذي يضيفه على هذه الفقرة هو إرشادات أو أوامر إلى الزوجة أن تكون عندها القدرة على أن تتنبأ بحدوث هذا التصرف من الزوج وقبل حدوث ذلك على الزوجة الذكية أن تنتبه لنفسها وترى ملامح ذلك النشوز في الزوج قبل أن يقع، فإن كانت الأسباب من جهتها فعليها أن تعالج هذه الأسباب وترجع إلى نفسها وتصلح من الأمر، وإن كانت منه تحاول كسب مودته مرة أخرى” (18) هذا على الرغم من أن القدماء تعاملوا مع هذه الجزئية على أساس السبب المباشر لنزول الآية، وهو ما حدث في أمر رافع بن خديج الذي تزوج على زوجته الأولى وخيَرها أن تقبل طواعية بين تفضيله للزوجة الجديدة أو الفراق، فكانت تختار الرجعة مع قبول الوضع ثم تغير رأيها فيطلقها، وحدث هذا مرتين. وهكذا نقرأ في آراء بعض الصحابة– كما أوردها الطبري– أن التركيز هنا على رضاء المرأة وإرادتها وخيارها:” … هما على ما اصطلحا عليه، فإن انتقضت به، فعليه أن يعدل عليها أو يفارقها” (جزء 4، ص 415)؛أو” يصالحها على ما رضيت دون حقها، فله ذلك ما رضيت، فإذا أنكرت .. فلها أن يعدل عليها أو يرضيها أو يطلقها” (ص 416)؛ أو أن يقول الرجل لامرأته:” يا هذه إن شئتِ أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي، وإن كرهتِ خليتُ سبيلك. فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخِيرها فلا جناح عليه، وقوله (الصلح خير) هو التخيير” (ص ٤١٥).
والشعراوي لا يذكر هذه القصة ولا يذكر خيار الفراق أو الرجعة الذي يعود إلى المرأة، بل يؤكد فقط على عنصر التنازلات من جانبها:” على المرأة أن تبحث عن سبب النشوز وسبب الإعراض فقد تكون قد كبرت في العمر أو نزلت بها علة ومرض ومازال في الرجل بقية من فتوة، وقد يصح أن امرأة أخرى قد استمالته أو يرغب في الزواج بأخرى لأي سبب من الأسباب، هنا على المرأة أن تعالج المسألة علاج العقلاء وتتنازل عن قِسْمها، فقد تكون غير مليحة وأراد هو الزواج فلتسمح له بذلك …” (جزء ۳۱، ص ٢٦٩٢). فلا نلمس أي عتاب أو لائمة للرجل الراغب في زواج جديد بسبب عدم حسن زوجته بل نجد تبريراً أن عنده” فتوة” ونجد قبولاً” لاستمالة” امرأة أخرى له، بينما مر علينا قول الرازي (في حاشية رقم ١٧) أنه يلوم الزوج إذا رغب في تزوج شابة جميلة معتبرًا أن امرأته” دميمة أو شيخة” وأن هذا من أمارات نشوز الزوج في رأيه. وهكذا رغم بيان الشعراوي نفسه في مواضع أخرى من التعليق أن الصلح مهمة الرجل والمرأة” و كما أن المطلوب من المرأة أن تصبر على الرجل، فالرجل مطلوب منه أن يصبر على المرأة” (ص ٢٦٩٢)، إلا أن شرحه المفصل هنا والأمثلة التي يستخدمها وخطابه الموجه إلى المرأة بالذات تُخل بالتوازن في صالح إرضاء الرجل وعلى حساب الضغط على المرأة لقبول الوضع والعمل على إصلاحه وحدها.
تجمع الآية 19 من سورة النساء” يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا” بين خطابي النهى والأمر الموجه إلى الرجال الأزواج، فيتم تحريم وراثة النساء (أن يرثها بالزواج منها غصبًا قريب لزوجها المتوفى) وكذلك – على حد قول الطبري – التضييق من الزوج على المرأة والإضرار بها وهو لصحبتها كاره ولفراقها محب لتفتدى منه ببعض ما آتاها من الصداق، ثم تتبع الآية النهي بأمرين محددين: العشرة بالمعروف وتحمل تغير مشاعره وترشيدها. يقول الطبري” عاشروهن بالمعروف، وإن كرهتموهن فلعلكم أن تكرهوهن فتمسكوهن، فيجعل الله لكم في إمساككم إياهن…. خيرًا كثيرًا من ولد يرزقكم منهن، أو عطفكم عليهن بعد كراهتكم إياهن” (جزء 3، ص ٤١٤). وتعليق الطبري هذا بالإضافة إلى شرح القرطبي في تفسيره پرسمان صورة للزوج كما يجب أن يكون طبقًا لفهم هذه الآية بنواهيها وأوامرها؛ فيقول القرطبي: المراد بهذا” الأمر في الأغلب الأزواج… وذلك توفية حقها من المهر والنفقة وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقًا في القول لا فظًا ولا غليظًا ولا مظهرًا ميلاً إلى غيرها” (جزء 5 – 6، ص ٩٧). ويصر أن هذا النوع من المعاشرة والمخالطة” واجب على الزوج“، ويتوسع كثيرًا في إيضاح المسئوليات المعنوية للزوج وواجبه في التعامل مع زوجته على أساس من اللين والتحمل والصبر حتى لو كانت هي سيئة الطبع:” لا يكن منك سوء عشرة مع اعوجاجها“. أي أن مستوى التوقعات من الزوج في التحكم في مشاعره وترشيد سلوكه اليومي عالٍ جدًا، ولا يشتم أي رائحة تدليل للزوج على المستوى المعيشي اليومي بل العكس؛ يفترض الاحتمال من جانبه، ويمضي القرطبي ليستشهد بحديث شريف” لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر“، ويشرح معناه:” أي لا يبغضها بغضًا كليًا يحمله على فراقها، أي لا ينبغي له ذلك بل يغفر سيئتها لحسنتها ويتغاضى عما يكره لما يحب” (ص ۹۸).
هذا التقويم للسلوك ولأدق المشاعر والتصرفات اعتبره هؤلاء المفسرون جزءًا أساسيًا من الخطاب الإلهي– أي أوامر مباشرة من الله عز وجل إلى الأزواج. وهنا تتضح معالم صورة الرجولة في بُعدها الاجتماعي والأسري كما رسموها من خلال هذا الفهم، وهي أنها صفات أخلاقية تُطبق في المجال الخاص وتُكتسب مع كثير من التقويم والتطويع واتباع أوامر القرآن حتى تصل بالرجل المؤمن المسلم إلى المستوى المطلوب من اللين والإحسان والضمير.
أما إذا قارنا مثل ذلك التوجه بغيره في القرن الماضي (ق ۲۰)، نلاحظ تحول الخطاب من النصح للأزواج بعدم العضل وبالصبر والتحمل كجزء أساسي من التكاليف الشرعية إلى تحامل على المرأة فقط. يقول محمد عبده في تعليقه على هذه الآية – رغم إقراره أنها موجهة إلى الرجال في الأصل:” إن المرأة قد تكره الرجل وتميل إلى غيره فتؤذيه بفحش من القول والفعل ليملّها ويسأم معاشرتها فيطلقها فتأخذ ما كان آتاها وتتزوج آخر تتمتع معه بمال الأول وربما فعلت معه بعد ذلك كما فعلت بالأول” (المجلد 4 ص ٤٥٦). فالغريب أن هذه الرؤية تعكس المراد من الآية تمامًا وتعكس المُخاطب فيها، لأن الآية تخاطب الرجال وتنهاهم عن الضغط على المرأة بسوء العشرة لتفتدي نفسها منه – بالخلع مثلاً – فتضطر إلى دفع المال الذي وهبه إليها سابقًا لتشترى حريتها (19)، فهذا من فعل الرجل عادة أو قد تسول له نفسه أن يفعلها:” وكان الرجل إذا طمحت عينه إلى استطراف امرأة بهت التي تحته (أي ظلم زوجته) ورماها بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوج غيرها” (الزمخشری، جزء ۱، ص 514). بل يُضمن محمد عبده في شرحه نبرة تهديد إلى النساء غير موجودة بالآية الكريمة أو في فهم المفسرين القدماء:” وإذا علم النساء أن العضل والتضييق بيد الرجال إذا من أهنهم بارتكاب الفاحشة فإن ذلك يكفهن عن ارتكابها والاحتيال بها على أرذل الكسب“، وهكذا فهو يركز على جزء إباحة العضل وليس على منعه وعلى ارتكاب المرأة للفاحشة أكثر من أي بُعد آخر للآية، فلا يركز على دلالات ندب الرجل إلى تحمل زوجته وحثه على تقويم سلوكه وتطويع مشاعره، ولا يفترض الخطأ أو احتمال الاستغلال والابتزاز من جانب الرجل – بل من جانب المرأة فقط.
ما الدلالة التي نستخلصها من هذه التحولات للخطاب التفسيري في محاور الاهتمام وفي النبرة وفي تكرار بعض المفاهيم؟ قد يكون هذا انعكاسًا لتغيرات في التصورات الثقافية والمجتمعية لأدوار النساء والرجال، وللنموذج المتوقع لشخصية كل من الرجل والمرأة ومسئولياتهما داخل الأسرة، وللافتراضات التي تبني في وعي الناس حول هذه الأمور. فإذا قال قائل إن مركزية الرجل في الخطاب التفسيري لمعظم القدماء قد يفترض قدرًا كبيرًا من التفوق لأنهم الجديرون بحمل المسئولية والعبء الأخلاقي الأكبر، فنقول إنه على الأقل لا يفترض أن عبء إصلاح أمور الأسرة يقع على المرأة وحدها وعلى قدرة غير عادية منها فوق احتمال البشر ولذلك يسهل إلقاء اللوم عليها بسرعة، أو ربطها – دونًا عن الزوج– بالسياق الأسرى والمجال الخاص كما يحدث في الخطاب الحديث. بل بمخاطبة الرجال الأزواج مباشرة لإصلاح شأنهم داخل الأسرة (بتطبيق التقوى والإحسان والمعروف وعدم العضل والاستعلاء… الخ) يصبح الرجل في هذا النموذج من الخطاب الإسلامي المبكر رمزًا للأسرة كذلك والمتحمل لمسئولية إصلاح شأنها معنوياً وأخلاقيًا وليس ماديًا فقط.
والأمثلة التي استخدمناها من محمد عبده وغيره من المحدثين لا تهدف إلى هجوم على شخص الإمام أو تنفى كافة جهوده في حركة التجديد الديني في بداية القرن العشرين، ولكنها تلقى الضوء على الرؤية الحداثية بصفة عامة – والإمام محمد عبده نتاج لها – التي وقعت في تناقض المطالبة بنهضة المرأة من ناحية ثم التحامل الشديد عليها وإلقاء كل العبء عليها في نفس الوقت(١٩) ومن مظاهر هذه السمة في الخطاب الحديث والمعاصر في عشرات المطبوعات والدراسات والمقالات الصحفية التي تركز على واجبات المرأة أو الزوجة أو الأم وترسخ مستوى مثاليًا من التوقعات المفترضة فيها مع سرعة اللوم والاتهام بالتقصير عن ذلك المستوى، بينما ينتج عن هذا الخطاب بالضرورة التخفيف على الرجل والحد من مطالبته بالامتثال لنمط معين. (فكم من دراسة تطرح رسمًا لشخصية” الزوجة الصالحة” أو” السكن” أو” الست العاقلة” بكل وضوح وتحديد، بينما لم يتشكل مفهوم مقابل عن الزوج الصالح مثلاً وصفاته). تنبه هذه الورقة كذلك إلى آليات التحويل العكسي للنصوص الإلهية (أو قَلبَها“) لتفسيرها تفسيرًا معاكسًا واستبدال إيجابيات المقصد القرآني الشريف بسلبيات تفسير متحامل يخضع للثقافة المتزامنة لأسباب تاريخية في الداخل والخارج. فكما تعلق د. أماني صالح على تفسير عبارة” قوامون على النساء” بأن معظم الفقهاء فسروها باعتبارها تشير إلى ممارسة السلطة والهيمنة والتأديب بينما هي تحوى معاني النهوض والسعي وبذل المشقة والرعاية والمثابرة تجاه الآخر” فقد أدت ثقافة سلطوية تنظر المرأة ككائن دوني إلى تحويل نص معين من نص لصالح المرأة يوصى بها ويقرر التزامات الرجل إزاءها إلى مفهوم مختلف يقنن دونية المرأة ويحول التزامات الرجل إلى حقوق ومزايا وحقوق المرأة إلى أعباء” (ص 51). وقد يحدث هذا في أي حقبة زمنية بنًاء على عوامل مختلفة أو على حسب الموضوع: فقد لاحظنا هنا مثلاً تمييزاً بين التفسير الفقهي القديم والتفسير الحديث والمعاصر حول موضوع الخطاب القرآني المباشر إلى الرجل الزوج. ترسم خطابات العصر الوسيط صورة واقعية عملية لطبيعة العلاقة الأسرية بين الزوجين مع فهم ضمني لسهولة الإخلال بالتوازن المنشود بسبب استعلاء الطرف الأقوى في العلاقة واستضعافه للآخر. بينما تأثرًا بالحداثة (الفكتورية) بالغ المحدثون في فرض شاعرية ورومانسية مصطنعة على العلاقة الزوجية وعلى شخصية الزوجة/ الأم لُيطلب منها الكمال التام والمثالية المرسومة.
قد يكون من المجدى إذن استدعاء بعض أبعاد ودلالات ذلك المنظور الوسيط لتجنب سلبيات نجدها في الخطاب الإسلامي المعاصر” الحداثي” في إغفال دور الرجل وفصله عن الأسرة وعن مسئوليته في ميزان العلاقة الزوجية، بينما يتم ربط الأسرة بالمرأة فقط وواجباتها وأدوارها بدون الاهتمام المماثل بأدوار الرجل الاجتماعية كزوج وأب وابن وأخ وبمساهمته المطلوبة في المسئوليات الأسرية والمنزلية والتربوية ككل. فالاتجاه إلى تحميل المرأة وحدها مسئولية حفظ كيان الأسرة وأخلاقيات المجتمع وإسباغ قيم الصبر والتضحية وإفناء الذات عليها وحدها هو تصور ثقافی محافظ مبالغ فيه ولم يكن دائمًا موجودًا، وهو يعطي إشارة للرجل أو عذرًا ألا يتحلى هو أيضًا بهذه الصفات الصعبة النبيلة لأنها من اختصاص الزوجة فقط. كما ينتج عن هذا تنميط وتجميد الصورة المفترضة للمرأة في مثل هذا النموذج” الإسلامي” المطروح، بينما قد لا تتعرض شخصية الرجل المسلم في التصور الثقافي المجتمعي إلى تحديد وتثبيت مماثل بل قد تمتاز بالمرونة والحرية والأعذار على حسب السياقات المختلفة.
نحن نتلمس مقاصد الشريعة والخطاب الإلهي الأسمى– برحمته وعدله– أينما نجده، ولا نضارب أحزاب القدماء بالمحدثين أو تفاضل بينهما بقطعية وحسم ساذجين، فيجوز في رأينا اختلاط إيجابيات وسلبيات في كل خطاب على حدة، على حسب الموضوع المحدد تحت النظر، المهم هو استخلاص المفهوم الإسلامي العادل من الآيات الكريمة. فنحن نرى أن الله– سبحانه وتعالى– أوصى الرجال بالنساء وليس العكس، كما أكثر من أوامره ونواهيه إليهم لتفادي الظلم والاستقواء. وهنا نفهم سبب الصدام الذي حدث بين عائشة تيمور (في” مرأة التأمل في الأمور” ) والشيخ عبد الله الفيومي ( في” لسان الجمهور على مرآة التأمل في الأمور” ), فالأخير يمثل رؤية حداثية تمامًا في رسم صورة ثابتة وتحديد نمط للمرأة –النموذج– الصامتة المتحملة لأي شي، حتى إذا واجهت عدم إنفاق الرجل عليها والإخلال بقوامته ومسئولياته وأخلاقياته (حاتم، ص ۲۰)، بينما كانت محاولة عائشة ببساطة تحليلاً للواقع المعيش بحيث” لا يمكن لوم النساء على سلوكهن بغير لوم الرجال على تخليهم عن دينهم ودنياهم” (ص 41)، أي أنها لا ترى غضاضة في أن” تنتقد سلوك هؤلاء الأزواج الذين تخلوا عن مسئولياتهم الزوجية” (حاتم ص ۱۲)، وتنبه إلى أن مصدر تلك المشكلة الاجتماعية في زمنها التي تعرضها وتحللها هو الرجال والمطلوب منهم أن يتفكروا في ذلك ويقًوموا سلوكهم. ونحن نرى أن التوجه العام لهذا الطرح ومناقشتها بشجاعة مشكلة الزوج غير المسئول هو أقرب إلى خطابات مفسري العصور الوسيطة منها إلى الرؤية الحداثية التي كانت قد بدأت تتشكل وتؤثر على الثقافة العامة والتفسير الديني في ذلك الوقت، أو كما تقول مرفت حاتم في مقدمتها:” تقدم عائشة اجتهادً جديدًا لفهم هذه الآيات بمثل قوامة مشروطة للرجال تتوقف على قيامهم بواجباتهم المادية والمعنوية في الأسرة (ص ٢١)، وتفسير الآيات القرآنية” بحيث تكون تجارب النساء ذات شرعية في الرسالة الإسلامية وبدون محاباة لأي نوع” (ص ۲۳).
(1) George Mosse, Nationalism and Sexuality (Madison: University of Wiscon-sin Press, 1985); The Image of Man : The Creation of Modern Masculinity Oxford University Press, 1996).
(2) Nationalism & Sexuality, p. 16-17
۳) اقرأ دراسات هد ى الصدة عن نقد فكر الحداثة ورواد النهضة بمصر في أوائل القرن العشرين, خاصًة:” باحثة البادية“، مقدمة النسائيات، ملك حفني ناصف (القاهرة: ملتقى المرأة والذاكرة، ۱۹۹۸)، ص 19-21.
وكذلك” المقدمة” في من رائدات القرن العشرين (القاهرة: ملتقى المرأة والذاكرة، ۲۰۰۱) حول إعادة النظر في الثنائيات المتضادة التي أسستها الحداثة في فكرنا، ص,13 وأخيرًا بحث غير منشور تم تقديمه في مؤتمر” الجندر والجنس والأمة” (يونيو ۲۰–۲۱، ۲۰۰۲) في لندن بعنوان
“Gendering the Nation: Conflicting Masculinities in Selected Short Stories by Mustafa Sadiq Al-Rafi”.
4)Mrinalini Sinha, Colonial Masculinity (Manchester &New ork: Manchester Univ. Press, 1995). )
5) انظر دراسة للباحثة مارلين بوث عن خطاب” المرأة في الإسلام” في الصحافة الرجالية بمصر أول القرن العشرين وكيف أنه يشير إلى رؤية محافظة حداثية تأثرت بأدبيات تعليم وتربية النساء في الغرب أكثر منها قربًا إلى النموذج الإسلامي المبكر (ما قبل الحداثة)، ويعكس استحواذ سياسات الترشيد والسيطرة والتدخل في تربية المرأة وتشكيلها على فكر الإصلاحيين ورواد النهضة بكل تياراتهم.
Marilyn Booth,” Woman in Islam: Men and the Women’s Press in Turn of the 20th Century Egypt”, LJMES 33 (2001), 171-201.
6) مرفت حاتم:” تقديم“، مرآة التأمل في الأمور، عائشة تيمور، الطبعة الثانية (القاهرة: ملتقى المرأة والذاكرة، ۲۰۰۲)، ص ۸.
۷) ابن جرير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن (بیروت: دار الفکر، ۱۹۹۹)، المجلد 4 ص99 .
۸) فخر الدين الرازي: التفسير الكبير القاهرة: المطبعة البهية المصرية، ۱۹۳۸)، جزء ۱۰ ص30 .
9) أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ١٩٦٥). جزء 5-6، ص ۱۷۳.
10) أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم (مصر: إدارة الطباعة المنيرية, بدون تاریخ)، جزء 5 ص ٢٤ .
11) الإمام محمد عبده: تفسير المنار (بيروت: دار المعرفة، بدون تاريخ)، المجلد الثاني ص ۳۷۷ –۳۸۰، كذلك المجلد الخامس من 67-69
۱۲) زینب الغزالي: نظرات في كتاب الله (القاهرة: دار الشروق، ١٩٩٤)، المجلد الأول ص ۲۹۸.
۱۳) سید قطب: في ظلال القرآن الكريم (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، بدون تاريخ).
14- (George Mosse. The Image of Man: The Creation of Modern Masculinity (New York&Oxford: Oxford Univ. Press, 1996)
انظر كذلك كتاب” ديفيد جيلمور” عن المفاهيم الثقافية المختلفة للرجولة في المجتمعات الغربية وغير الغربية من منظور مقارن:
David Gilmore, Manhood in the Making: Cultural Concepts of Masculinity (New Haven: Yale Univ. Press, 1990).
15) آمانی صالح:” قضية النوع في القرآن: منظومة الزوجية بين قطبي الجندر والقوامة” نشرة المرأة والحضارة,العدد الثالث (أكتوبر 2002),ص45.
(16) أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري: الكشاف (الدار العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، دون تاریخ)، جزء ۱، ص568.
۱۷) يقول الرازي مثلاً عن أمارات نشوز الزوج أن يقول الرجل لامرأته إنك دميمة أو شيخة وإني أريد أن أتزوج شابة جميلة.. نشوز الرجل في حق المرأة أن يعرض عنها ويعبس وجهه في وجهها ويترك مجامعتها ويسيء عشرتها (جزء 11 – ص ٦٥)
۱۸) محمد متولى الشعراوي: تفسير الشعراوي (القاهرة: أخبار اليوم، بدون تاریخ)
۱۹) كما ناقش الطبري في معرض تفسيره للآية ٢٢٨ من سورة البقرة (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) الاحتمال القوى أن إضرار الرجل للمرأة قد يكون عن نية مبيتة وقصد مسبق أن يحصل منها على فدية (أي أن هذا موقف مشابه للعضل في الآية 19 من سورة النساء)، ويؤكد أن هذا منهى عنه لأن افتداءها هنا لابد أن يكون عن رغبة حرة منها بالفراق وعن طيب نفس وليس عن ضغط أو ابتزاز من الزوج أو تهديد. (جزء ۲، ص ٦٣٣).
۱۹) انظر هدى الصدة في” المقدمة“: النسائيات, ملك حفنى ناصف، الطبعة الثانية (القاهرة: ملتقى المرأة والذاكرة، ۱۹۹۸)، ص ۲۱۰ كذلك:
“Notions of Modernity: Representations of the Western Woman by Female” Authors in Early Twentieth Century Egypt” in The Arabs and Britain: Changes & Exchanges. Proceedings of a conference organized by the British Council in Cairo, 1998.