عشر سنوات من الديمقراطية في جنوب إفريقيا: توثيق التغيرات التي طرأت على سياسة الصحة الإنجابية ووضعها
ترجمة:
بقلم:
عشر سنوات من الديمقراطية في جنوب إفريقيا:
توثيق التغيرات التي طرأت على سياسة الصحة الإنجابية ووضعها
ملخص
خلق ظهور الديمقراطية في جنوب إفريقيا عام ١٩٩٤ فرصة فريدة لإصدار قوانين وسياسات جديدة، والآن، وبعد مرور عقد من الزمان، نجد أن سياسات الصحة الإنجابية والقوانين التي تضمنها من بين أكثر السياسات والقوانين تطورًا وشمولاً في العالم فيما يتعلق بما تقدمه من اعتراف بحقوق الإنسان، ومنها الحقوق الجنسية والإنجابية. وتوثق هذه الورقة ما طرأ من تغيرات في السياسة والخدمات الصحية، مع التركيز – بشكل خاص – على المجالات الأساسية للصحة الجنسية والإنجابية، وهي منع الحمل، وصحة الأم، وإنهاء الحمل، وسرطان عنق الرحم وسرطان الثدي، والعنف الجنسي القائم على النوع، والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، والأمراض المنقولة جنسيًا، والعقم. ورغم ما تحقق من تقدم، فإنه من الصعب رؤية تغيرات كبيرة في وضع الصحة الإنجابية للنساء، في ظل الفترة الزمنية القصيرة وتعدد العوامل المعقدة التي تؤثر على الصحة، وخاصة التفاوتات وعدم المساواة في الوضع الاجتماعي الاقتصادي والنوعي. ولا تزال هناك ثغرات في تطبيق سياسات الصحة الإنجابية وفي تقديم الخدمات، والتي تحتاج لمعالجتها كي تتحقق تحسنات كبيرة في وضع الصحة الإنجابية للنساء. وقد قام المجتمع المدني بدور كبير في ضمان تلك التغييرات التشريعية والسياسية، ومازالت جماعات الناشطين الصحيين تضغط على الحكومة لإحداث المزيد من التغييرات وتقديم الخدمات، وخاصة في مجال فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز.
Ten Years of Democracy In South Africa: Documenting Transformation in Reproductive Health Policy and Status. Nov. 2004,12(24) Diane Cooper, Chelsee Morroni, Phyllis Orner, Jennifer Moodley, Jane Harries, Lee Cullingworth, Margaret Hoffman
جميع الحقوق محفوظة لمجلة قضايا الصحة الإنجابية ٢٠٠٥
كان المجتمع الجنوب – إفريقى في ظل سياسة الفصل العنصري يتسم بالتفرقة والتمييز بقدر كبير جدًا؛ فقد كان الجنوب إفريقيون السود محرومين من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية.{ ليس المقصود باستخدام مصطلحات اللون الدلالة على الاختلافات بسبب البيولوجيا أو إضفاء المشروعية على نظام التصنيف العنصري. ففي عهد حكومة التمييز العنصري كان الجنوب إفريقيين جميعهم مصنفين طبقًا للون البشرة، وهو ما خلق ميراثًا من التفاوت الشديد في مجالات الحياة كلها، بما في ذلك الصحة والمصطلحات مستخدمة هنا للتسليم بهذا الأثر وتتبع التقدم في معالجة الظلم السابق القائم على اللون}. وكان القطاع العام للنظام الصحي متشظيًا ويتسم بأشكال اللامساواة الجغرافية والعنصرية. وبحلول منتصف الثمانينيات، كانت هناك عشر إدارات للصحة نتيجة السياسة “الموطن الأصلي” سيئة السمعة. وفي ظل برلمان تريكاميرال عام ۱۹۸۳(١) أنشئت ثلاث إدارات منفصلة تحت مسمى “الشئون الخاصة” للخدمات الصحية لكل من البيض والملونين والهنود. وقد خُصص القسم الأكبر من الموارد الصحية لتوفير الرعاية الصحية للأقلية البيضاء في المناطق الحضرية(٢)، مع التركيز على توفير الخدمات العلاجية فائقة التكنولوجيا المتمركزة في المستشفيات في المراكز الحضرية(1).
مع قبل عام ۱۹۹٤ لم تكن هناك سياسات شاملة للصحة الإنجابية في جنوب إفريقيا. وتمشيًا الاتجاهات الدولية كانت الخدمات الصحية للنساء تتكون، في المقام الأول، من خدمات صحة الأم والطفل،(3، 4) مع التركيز على خدمات منع الحمل التي تستهدف الحد من زيادة السكان. وكان لتوفير وسائل منع الحمل مضمونًا عنصريًا، حيث كانت حكومة جنوب إفريقيا تسعى للحد من زيادة عدد السكان السود على وجه التحديد(5). وكان هناك ترويج كبير لحقن منع الحمل طويلة المفعول بالحقن بين النساء السود، وبالأخص في المناطق القروية، بينما كانت تروج لحبوب منع الحمل – وهي أكثر وسيلة يمكن وقفها في أي وقت – بين النساء البيض(6). وبحلول عام ١٩٩٤ كان هناك ما يزيد على ٦٥ ألف مركز خدمات لوسائل منع الحمل في البلاد.
كان هناك تناقض واضح بين التوافر الواسع لخدمات منع الحمل بالمقارنة مع خدمات الصحة الأخرى على مستوى الرعاية الأولية كافة، بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية الأخرى التي كانت هزيلة ولا يمكن للغالبية العظمى من السكان، وخاصة من يعيشون في المناطق الريفية الحصول عليها(7).
وكانت السمات العامة لخدمات صحة الأم هي التكدس، والازدحام، وعدم كفاية العاملين، وانعدام الخصوصية، ومعاناة النساء المستمرة من مشاكل الحصول على الخدمات(7). وكان الكشف على عنق الرحم يُجري بطريقة عشوائية في خدمات القطاع العام، وكان متاحًا في المقام الأول للشابات اللائي يداومن على خدمات تنظيم الأسرة وما قبل الولادة(۸). وكانت النساء اللائي يمكنهن الحصول على الخدمات الصحية في القطاع الخاص – وهن في الغالب من البيض – يتمتعن بكشف أكثر انتظامًا على عنق الرحم، مما يخلق تفاوتًا عنصريًا في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم، حيث كانت معدلات الإصابة أعلى بكثير بين النساء السود عما هي عليه بين النساء البيض (۹). أيضًا كانت هناك قيود شديدة على إنهاء الحمل. وتشير التقديرات إلى أن معدلات إجراء الإجهاض غير القانوني – قبل تخفيف تشريع إنهاء الجمل في عام ۱۹۹٦ – كانت ٢٠٠ ألف عملية سنويًا، وكانت مرتبطة بقدر كبير من اعتلال الصحة والوفيات التي يمكن تفاديها (١٠). أما عمليات الإجهاض القانوني التي يتراوح عددها بين ١٠٠٠ – ١٥٠٠ حالة سنويًا، فكانت تتم في الغالب بين النساء البيض(11). ولم يكن هناك اعتراف بحدة العنف القائم على أساس نوعي، ولم يجر التعامل معه بفاعلية(۱2)، وكانت الخدمات المقدمة للعنف الجنسى متشظية، دون أن تكون هناك خطة شاملة للتعاون بين الإدارات الحكومية ذات الصلة. وأخيرًا، تجاهلت الحكومة العنصرية – إلى حد كبير – ظهور قضية الإيدز. ومن ثم ورثت الحكومة الديمقراطية الجديدة في عام ١٩٩٤ نظامًا صحيًا يتسم بالانقسام والتشظي واللامساواة بشكل شديد.
التحول إلى الديمقراطية: تغيرات في سياسة
الصحة الإنجابية
أدت المعارضة والكفاح المسلح ضد سياسة التمييز العنصري، بالإضافة إلى الضغط الدولي المتصاعد، إلى فترة تحول سياسي منذ عام ۱۹۹۰ حتى انتخابات موسع جنوب إفريقيا الديمقراطية في عام ١٩٩٤. ففي عام ۱۹۹۰. أنشأ المؤتمر الوطني الإفريقى لجنة صحية تجمع الناشطين الصحيين والمنظِّرين المعارضين لسياسة التمييز العنصري الذين بدأوا في وضع خطة صحية تهدف إلى تحويل قطاع الصحة إلى نظام واحد يقوم على التوزيع العادل للموارد وتوفير الخدمات على نحو موسع(2). كما قامت منظمات المجتمع المدني النشطة في مجال أبحاث وبرامج صحة النساء والنوع الاجتماعي بحشد التأييد لوضع سياسات للصحة الإنجابية المناسبة محليًا والمتوافقة مع تنامي التأكيد العالمي على حقوق الإنسان والمساواة النوعية. وفي الوقت نفسه ربطت المؤتمرات الدولية المهمة، مثل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذى عُقد بالقاهرة في عام ١٩٩٤ والمؤتمر الدولي الرابع للمرأة الذي عُقد ببكين في عام ١٩٩٥، على نحو واضح بين الصحة الإنجابية للنساء، وحقوق النساء والتنمية الاجتماعية الاقتصادية، مع التأكيد على التعريف الموسع للصحة الإنجابية (١٣).
نتيجة للجهود التي قامت بها الحكومة والناشطون الصحيون في منظمات المجتمع المدنى، جرت الموافقة على الكثير من القوانين والسياسات المؤثرة على الصحة الإنجابية منذ عام ۱۹۹٤ (الإطار ۱). وقد جمع مؤتمر لصحة النساء استضافة في أواخر ١٩٩٤ “مشروع صحة النساء” بجامعة ويتووترزراند بين نساء من أنحاء المجتمع الجنوب إفريقي (14). وقد تم تضمين الكثير من توصيات المؤتمر في السياسات الحكومية الخاصة بالصحة الإنجابية (١٤). وفى عام ١٩٩٤ أجرت إدارة الصحة الوطنية الجديدة بمشاركة من منظمة الصحة العالمية والأطراف المعنية من المجتمع المدنى تقييمًا سريعًا لخدمات الصحة الإنجابية، كما عقدت ورشة عمل للخروج بتوصيات عن أولويات البحث وصياغة السياسات (7). وفي الوقت نفسه شاركت الحكومة الجنوب إفريقية في تشكيل الإجماع حول الصحة الإنجابية والحقوق في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية والمؤتمر الدولي الرابع للمرأة.
في عام ١٩٩٤، تبنت وزارة الصحة منهج “الرعاية الصحية الأولية” باعتباره التوجه الفلسفي والهيكلي لنظام الرعاية الصحية الجنوب إفريقي (15). وأكد هذا المنهج على حقوق الإنسان، والمساواة في توزيع الموارد، والخدمات الصحية اللامركزية التي يمكن الحصول عليها على نطاق واسع وتهدف إلى تعزيز الاحتياجات الصحية المحلية وانخراط المجتمع من خلال النظام الصحي على مستوى المناطق، والرعاية الصحية الوقائية والتشجيعية (2). وقد أدخلت الخدمات الصحية المجانية على مستوى الرعاية الصحية الأولية التي استهدفت النساء والأطفال. وكان الهدف الأساسي تعويض الإهمال السابق للاحتياجات الصحية للنساء السود الفقيرات، وفرت القوانين والسياسات التي تعالج اللامساواة النوعية اعتبارا من ۱۹۹٤ بيئة مواتية لإصلاحات الصحة الإنجابية. ومثال ذلك، تجريم الدستور الجديد ومشروع قانون الحقوق للتفرقة على أساس الجنس والنوع والتوجه الجنسي(16)، وكذلك الاتفاقيات الدولية مثل “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء“. كما أنشئت لجنة المراقبة المشتركة لمتابعة والإشراف على التقدم الحكومي في تعزيز المساواة النوعية فيما يتعلق بـ “تحسين نوعية حياة النساء ووضعهن”.
وقد صاحب تلك التغيرات في القانون والسياسة إعادة هيكلة كبرى للبرامج والإدارة الصحية. ففي عام ١٩٩٥ أنشئت إدارة الأم والطفل وصحة النساء في وزارة الصحة بهدف زيادة حصول النساء على الخدمات الصحية المناسبة، وضمان اتساق مقاربات توفير الخدمة الصحية مع هدف زيادة المساواة على أساس النوع الاجتماعي، وتوفير الخدمات التي تساعد النساء والرجال على تحقيق الصحة الإنجابية والجنسية المُثلى(١٧). وكان ذلك يمثل خطوة مهمة من جانب واضعي السياسات تنسجم مع التفكير الدولي الحالي الذي يعترف بأن النساء يحملن عبئًا غير متناسب من مشاكل الصحة الإنجابية، وبأن النوع الاجتماعي محدّد مهم للصحة. ومع ذلك فقد وُجد هناك نزعة مستمرة داخل الإدارات والبرامج الحكومية لإعطاء قدر محدود من الاهتمام لمشاكل النساء الصحية الأخرى غير الصحة الإنجابية.
الإطار 1: التغيرات التشريعية والسياسية الكبرى ذات التأثير على الصحة الإنجابية في جنوب إفريقيا
١٩٩٤ – أقامت وزارة الصحة شراكات لتخطيط وتطوير ومراجعة السياسة المتعلقة بالإيدز، مع التركيز على منع الإصابات الجديدة ومعالجة حالات العدوى الأخرى التي قد تحدث نتيجة لوجود الإيدز.
– الخدمات الصحية المجانية للنساء الحوامل والأطفال دون سن السادسة. ١٩٩٥ – تصديق الحكومة على “اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمميز ضد النساء“. ١٩٩٦ – قانون الحق في اختيار إنهاء الحمل يضع إطارًا قانونيًا لتوفير خدمات الإجهاض. ۱۹۹۷ – ضرورة الإبلاغ عن وفيات الأمهات: تشكيل اللجنة الوطنية الدائمة للتحقيق في وفيات الأمهات. – طرح ميثاق حقوق المرضى، مما يوفر للمرضى المعرفة والحق في معالجة قضايا المساواة في خدمات الرعاية الصحية. ۱۹۹۸ – طرح سياسة سكانية جديدة، منفصلة عن الزيادة السكانية. – تشكيل المجلس الوطني الجنوب إفريقى للإيدز. – الموافقة على قانون العنف الأسرى. ١٩٩٩ – إدخال برامج منع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأمهات للأطفال في إقليم الكيب الغربي ۲۰۰۰ – طرح القواعد الإرشادية الوطنية لبرامج للكشف على عنق الرحم. ۲۰۰۱ – إدخال برامج منع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأمهات للأطفال في إقليم جوتنج. ٢٠٠٢ – فوز حملة العمل من أجل العلاج ومركز حقوق الأطفال في دعوى قضائية تأمر الحكومة بتنفيذ برنامج شامل لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأمهات للأطفال ونشر خدمات البرنامج في أنحاء البلاد. – طرح القواعد الإرشادية لسياسة منع الحمل القومية. – موافقة الحكومة على توفير المعالجة الوقائية بعد التعرض للمرض لمن تعرضن للاغتصاب في منشآت القطاع العام. ۲۰۰۳ – موافقة الحكومة على خطة توفير مضادات الفيروسات الارتدادية للمرضى المصابين بالإيدز من خلال الخدمات الصحية في القطاع العام. ٢٠٠٤ – مراجعة تشريع الاعتداء الجنسي لتعديل تعريف الاغتصاب وفرض عقوبات أشد. |
قُسِّمت كذلك مبادرات لمعالجة القصور في توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمراهقات. فقد طرحت مبادرة “العيادة صديقة المراهقات” في عام ۱۹۹۹ من خلال المنظمة الوطنية غير الحكومية “حب الحياة” بتأييد من وزارة الصحة. وتوفر هذه العيادة في الوقت الحالي مديرين ومقدمين لخدمات الصحة العامة مع إستراتيجية التقييم الذاتي التي تهدف إلى تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمراهقات على مستوى الرعاية الصحية الأولى. وتشكل العيادة جزءًا من التصديق على “العيادة صديقة المراهقات” ذات الشكل القياسي على المستوى القومي(18).
ولا شك في أنه كان هناك عدد من الإنجازات المهمة، غير أنه ما زال هناك عدد من التحديات. وقد أدت نقاط الضعف في نظام الصحة العامة الأكثر اتساعًا إلى وجود عيوب في قدرة قطاع الصحة العامة على التخطيط ووضع السياسات والخدمات الجديدة، ومتابعة تنفيذها بكفاءة (١٩). كما واجهت الحكومة الجديدة تحديات ضخمة في إعادة تنظيم الإدارات الصحية لتصبح نظامًا صحيًا موحدًا، بينما تعالج في الوقت نفسه المشاكل الصحية الكبرى وقضايا توفير الخدمات الصحية. وقد خلقت التأجيلات والمشاكل في تطبيق نظام المناطق الصحية جوًا من عدم التحدد حول طريقة إدارة الخدمات الصحية، وحول الهياكل التنظيمية التي يجري من خلالها تنفيذ البرامج والخدمات. ويؤدي انخفاض الروح المعنوية بين مقدمي الرعاية الصحية في القطاع العام إلى صعوبة تأمين العاملين المهرة والحفاظ عليهم، كما أنه يؤثر تأثيرًا سلبيًا على السياسة الفعالة وتنفيذ الخدمات(15).
ويهدد النقص في الموارد البشرية والمالية، خاصة مع زيادة استخدام القطاع العام، بتدني توفير وتنفيذ خدمات القطاع العام المناسبة، في المناطق الريفية على وجه الخصوص(20). ووثقت دراسة أجريت مؤخرًا نقصًا في إنفاق الرعاية الصحية لكل فرد في القطاع العام في عام ۲٠٠٣ مقارنة بعام ۱۹۹۷، ويعود ذلك في المقام الأول إلى الزيادة الواضحة في عدد الأشخاص الذين يترددون على الخدمات الصحية العامة (٢١). ويجري نقص الموارد اللازمة لتوفير الرعاية الصحية في القطاع العام في سياق تنافس احتياجات تخصيص موارد للإسكان والتعليم وخلق فرص عمل، وكذلك في ظل استمرار التخصيص غير المتوازن للموارد الصحية في اتجاه القطاع الصحي الخاص. فبينما يمكن لأقل من ٢٠% من سكان جنوب إفريقيا الحصول على الرعاية الصحية الخاصة، فإن هذا القطاع يستهلك حوالى ٦٠% من إجمالي موارد الرعاية الصحية (22). وبينما أدى جعل الرعاية الصحية مجانية إلى زيادة الحصول عليها بصورة عامة، وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال (23)، فقد كان لانتقال الموارد من المستويين الثاني والثالث إلى المستوى الأول أثر سلبي على توافر بعض الاختصاصيين وخدمات الرعاية الصحية التي تقدمها المستشفيات للفقراء(٢٤).
حدث تقدم تشريعى وسياسي محدد في عدد من المجالات المهمة للصحة الإنجابية، وهي: منع الحمل، والإجهاض، وصحة الأم، وأنواع السرطان النسائي، والعنف والإيدز، لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب عمله في بعض المجالات مثل العقم ورعاية الصحة الإنجابية للنساء المصابات بالإيدز، والاحتياجات الصحية للنساء المتقدمات في العمر.
منع الحمل
وفِّرت السياسة السكانية لجنوب إفريقيا في عام ١٩٩٨ إطارًا متعدد القطاعات لمعالجة القضايا السكانية. وقد مثلت تلك السياسة تحولاً مهمًا من التركيز سابقا – على التحكم في عدد السكان إلى التركيز على تمكين النساء، ومشاركة الرجال الفعالة في الصحة الإنجابية، وضرورة تمكين كلٍّ من النساء والرجال من اتخاذ القرارات الإنجابية القائمة على توفير المعلومات.
وعبر استخدام الأدلة المتوفرة على المستويين المحلى والوطني، تم – بإجماع الخبراء – تطوير السياسة الوطنية حول استخدام موانع الحمل (۲۰۰۲)، والقواعد الإرشادية لتقديم الخدمات (٢٠٠٤). وكانت تلك الوثائق محورية سواء في تحديد المشاكل التي تواجهها خدمات منع الحمل – مثل محدودية اختيار الوسائل، وما يمارسه مقدمو الرعاية الصحية من إجبار، وسبل حل المشاكل المقيِّدة بشكل مبالغ فيه لبدء منع الحمل، واستبعاد الرجال، وعدم توفر الخدمات للشباب – أو من خلال توفيرها لإطار شامل لرعاية منع الحمل (٢٥).
وبسبب السياسة السكانية السابقة، حتى قبل عام ١٩٩٤، فإن موانع الحمل كانت منتشرة بدرجة عالية في جنوب إفريقيا مقارنة بدول جنوب الصحراء الإفريقية. فثلاثة أرباع النساء الجنوب إفريقيات كن يستخدمن وسيلة ما لمنع الحمل، ويستخدم حاليا 61% من النساء النشطات جنسيًا إحدى وسائل منع الحمل(26). { هذه النسب المئوية عن نوع استخدام الوسيلة جرى حسابها بناءً على الأرقام المقدمة في المسح الديموجرافي والصحي الجنوب إفريقي}. تمثل الحقن التي تحتوى على البروجستوجن فقط الوسيلة الأكثر شيوعًا (حوالى ٤٩% من استخدام موانع الحمل في الوقت الحالي بين النساء النشطات جنسيًا) يليها حبوب منع الحمل وتعقيم النساء (تمثل الوسيلتان معًا حوالي ٢٠% من الاستخدام الحالي بين النساء النشطات جنسيًا (26).
أسهمت تلك المستويات المرتفعة من استخدام موانع الحمل في خفض إجمالى معدل الخصوبة من 3.3 في عام ١٩٩١ إلى 2.9 في عام ۱۹۹۹. ومنذ عام ١٩٩٤، وتمشيًا مع منهج الرعاية الصحية الأولية، أُدمجت خدمات منع الحمل التابعة للقطاع العام في خدمات الرعاية الأولية العامة. وقد أدى تزايد إتاحة الحصول على وسائل منع الحمل أثناء التردد على الخدمات الصحية الأخرى إلى تعزيز استمرارية الرعاية(٢٦).
ورغم الجهود الساعية إلى توسيع دائرة خيارات موانع الحمل على مدى السنوات العشر الماضية، فقد كان هناك القليل من التغيير في تشكيلة وسائل منع الحمل المتاحة، وما زالت وسائل منع الحمل بالحقن مستخدمة بمعدلات مرتفعة جدًا(26). ومع أن هذا قد يعكس تفضيل المستخدمات، فإن دور مقدمي الرعاية الصحية في التأثير على اختيار وسيلة منع الحمل موثَّق توثيقًا جيدًا. كما أن آراء ممرضات الرعاية الأولية وممارساتهن كثيرًا ما تقيِّد اختيار الوسيلة في القطاع العام (٢٥). وما زالت الأبحاث تبين أنه لا تقدَّم للنساء المعلومات الكافية عن وسائل منع الحمل، وأن مخاوف النساء فيما يتعلق بوسائل بعينها لا تؤخذ بجدية من جانب مقدمي الخدمات الصحية (27، 28).
ما زالت الحواجز التي تحول دون الحصول على خدمات تنظيم الأسرة قائمة، وخاصة بالنسبة للشابات. ويشمل ذلك المخاوف المتعلقة بغياب الخصوصية، ومواعيد العمل غير المناسبة بالعيادات، كما أن استهجان العاملين في العيادة لكون الشابات نشطات جنسيًا يعوقهن عن استخدام العيادات (۱۸). ويعني هذا أن الكثير من الشابات يبدأن في استخدام موانع الحمل فقط كجزء من رعاية ما بعد الولادة عقب الحمل غير المقصود (26). ورغم توافر خدمات منع الحمل، فما زالت معدلات حمل المراهقات والحمل غير المقصود بين النساء في جنوب إفريقيا مرتفعة، حيث تصل نسبة من يحملن في سن التاسعة عشرة إلى ٣٥%(٢٦)، وحوالي ٥٣% من حالات الحمل إما غير مخططة (٣٦%) أو غير مرغوب فيها (۱۷%) (26). وهكذا فلا بد من بذل جهود أكبر لتحسين استخدام النساء لمنع الحمل الفعال.
في عام ۱۹۹۸، ذكر 22% من النساء النشطات جنسيًا أنهن يستخدمن الواقي باستمرار، وذكر ۸% أنهن استخدمن الواقي أثناء آخر جماع (26). وفي عام ٢٠٠٢، ذكر 28.6% من النساء النشطات جنسيًا أنهن استخدمن الواقي في آخر جماع (29). ومع أن هذه البيانات تشير إلى زيادة استخدام الواقي بين النساء، فإن مستويات الاستخدامات ما زالت منخفضة بشكل غير مقبول. إن المعدلات المرتفعة للإصابة بالإيدز وغيره من الأمراض المنقولة جنسيًا تعنى أن الكثير من النساء في جنوب إفريقيا يحتجن إلى وقاية من الحمل ومن الإصابة بالعدوى، وهناك أقلية صغيرة من النساء النشطات جنسيا في جنوب إفريقيا يتوفر لها الحماية من الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا ومن الحمل في آن واحد عن طريق استخدام الواقي الذكري، بل إن أقلية أصغر (6.3 – 7.5%) تستخدم الواقي مع وسيلة أخرى لمنع الحمل لتحقيق الحماية المزدوجة(30، 31).
وفي هذا السياق يتطلب تشجيع استخدام الواقي كجزء من تشكيلة وسائل منع الحمل والحماية المزدوجة قدرًا أكبر من الاهتمام، وهو ما يتطلبه كذلك ابتكار وسائل أخرى تقوم على المبادرة النسائية، مثل مبيدات الجراثيم. ومع أن فاعلية مبيدات الجراثيم في الوقاية من الإيدز غير معروفة إلى الآن، فهناك العديد من التجارب الإكلينيكية التي تُجرى في جنوب إفريقيا. وعلى المستوى الوطني، فإن الوسيلة الواقية الوحيدة المتاحة للمترددين على عيادات القطاع العام هي الواقي الذكرى أما الواقي الأنثوي فهو متوفر في مواقع محدودة أو من خلال القطاع الخاص، حيث تحول الأسعار المرتفعة دون الحصول عليه.
وتتوافر وسائل منع الحمل الطارئة في العيادات الصحية التابعة للقطاع العام. ومع ذلك فإن استخدامها منخفض جدًا بسبب عدم معرفة المستخدمات المحتملات لهذه الوسيلة (٣٢).
أدى إدخال الرعاية الصحية المجانية للحوامل في عام ١٩٩٤ إلى تحسين حصول النساء على الرعاية الصحية المناسبة أثناء الحمل. وأدى تصنيف وفاة الأم أثناء الحمل كإحدى الحالات التي ينبغي الإبلاغ عنها في عام 1997، وتعيين اللجنة القومية للتحريات السرية عن وفيات الأمهات إلى إمكانية حساب وفيات الأمهات وتوفير آلية للمراقبة المستمرة، ويوفر التحري السري ومراقبة وفيات الأمهات القائمة على الخدمة الصحية معلومات مهمة بشأن الأسباب الطبية، لكي تستهدف التدخلات تلك المسببات. إلا أنهما لا يساعدان في تحديد عبء وفيات الأمهات التي تُعزَى إلى مسببات غير طبية، مثل العوائق المرتبطة بالنوع التي تحول دون الحصول على الرعاية الطبية.
ولا يمكن مقارنة إحصائيات وفيات الأمهات قبل عام ١٩٩٤ وبعده على نحو صحيح، ذلك أنه قبل عام ١٩٩٤ كان جمع البيانات يجرى في المناطق الحضرية فحسب وبين النساء اللائي يلدن في دور الأمومة، مما يؤدي إلى تقديرات شديدة المحدودية لوفيات الأمهات. وفي بعض مناطق البلاد كان هناك نقص مُطَّرد في وفيات الأمهات على مدى نصف القرن الماضى، حيث انخفض المعدل بمقدار النصف فيما بين 1953 و۲۰۰۲ (۳۳). ويقدر معدل وفيات الأمهات القومى في الوقت الراهن بـ ١٥٠ من بين كل ١٠٠ ألف ولادة حية (26)، ولكن هذا المتوسط القومي يتناقض مع الاختلاف الإقليمي الضخم (26). ويهدد وباء الإيدز بإضاعة المكاسب التي تحققت في مجال الوفيات المتصلة بالحمل. وقد كشفت الدراسة الوطنية عن وفيات الأمهات في جنوب إفريقيا أن الإيدز هو سبب 17% من وفيات الأمهات في الفترة من ۱۹۹۹ إلى ٢٠٠١، وهناك اعتقاد بأن هذا التقدير يقل كثيرًا عن الواقع، حيث إن الإصابة بالإيدز بين النساء لم تكن معروفة إلا فيما لا يزيد كثيرًا عن ثلث الحالات (٣٤). وفي خدمات ما قبل الولادة وأثناء الوضع وما بعد الولادة، أُدخلت برامج منع انتقال عدوى الإيدز من الأم إلى الطفل، ولكن القليل من الاهتمام جرى توجيهه للتعامل مع عواقب إصابة النساء أنفسهن بالإيدز.
إنهاء الحمل
يمثل إنهاء الحمل أحد مجالات الصحة الإنجابية للنساء الذي أدت فيه التغيرات الكبيرة على مستوى التشريع والسياسات وتقديم الخدمات إلى تحسن ملموس في الوضع الصحي للنساء. ويسمح قانون خيار إنهاء الحمل بذلك عند الطلب إذا كانت فترة الحمل ۱۲ أسبوعًا أو أقل، على أن يكون ذلك بواسطة قابلة قانونية أو طبيب. أما حالات الحمل التي تتراوح بين ۱۳ و ۲۰ أسبوعًا فيمكن إنهاؤها عندما يشكل استمرار الحمل خطرًا على أحوال المرأة الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسية (١١).
كان ذلك القانون رائدًا من زاوية استهدافه لتعزيز الحصول على قدر أكبر من خدمات إنهاء الحمل، وخصوصًا بالنسبة للنساء السود الفقيرات. وكان هناك اعتراضان قانونيان كبيران على قانون إنهاء الحمل لكن لم يفلح أي منهما. ويشهد الإبقاء على القانون بشكله الحالي – بالرغم من الضغط الكبير على الحكومة كي تغيره – على التزام جنوب إفريقيا بالحقوق الإنجابية، بينما تتعرض الحقوق الإنجابية في عدد من الدول في أنحاء العالم للخطر. وكان لمنظمات المجتمع المدني دور محوري في ضمان إحداث تغيير في قانون الإجهاض. ولعب تحالف الحقوق الإنجابية على نحو خاص دورًا مهمًا في طرح التشريع وتوجيهه عبر عملية تشاورية طويلة على المستوى الوطني: وما زال التحالف يراقب تنفيذ التشريع وتقديم الخدمات.
قبل الموافقة على القانون، كان التقدير هو أن ٣٤% من حالات الإجهاض غير الكامل التي تدخل المستشفيات سنويا تنتج عن عمليات الإجهاض غير الآمنة (٣٥). وبعد عامين من الموافقة على القانون الجديد، انخفض عدد النساء المصابات بحالات مرضية خطيرة تتصل بالإجهاض بمقدار النصف (9.5% في عام ١٩٩٩ مقابل ١٦، ٥% في عام ۱۹۹٤ ) وكانت الأغلبية العظمى (۹۱%) لم تكن تبدو عليها أى علامات مرضية عند دخول المستشفى. كما انخفض معدل وفيات الأمهات نتيجة لعمليات الإجهاض غير الآمنة (٣٥).
أدى التزام مديري برنامج الصحة الإنجابية، وبعض مديري المنشآت، وعدد صغير من مقدمي الخدمات الصحية في أنحاء البلاد، بتقديم الخدمة الفعالة إلى زيادة حصول النساء على الخدمات في كل من القطاعين العام والخاص. كما أدى توفير عمليات الإجهاض في الشهور الثلاثة الأولى بواسطة قابلات قانونيات إلى زيادة توافر الخدمة (٣٥). ومع أن الكثير من المنشآت الصحية المخصصة لتقديم خدمة إنهاء الجمل لا يفعل ذلك، فقد حدث تقدم مؤخرًا بزيادة عدد المنشآت المخصصة التي تؤدى وظيفتها بالفعل من 33% في عام ۲۰۰۱ إلى ٤٨% في عام ۲۰۰۳ (36)، وزاد عدد عمليات الإجهاض التي تُجري في جنوب إفريقيا زيادة مطردة من ٢٩٣٧٥ في عام ١٩٩٧ إلى ٥٣٥١٠ في عام ٢٠٠١(٣٥)
ينبع تحدٍّ كبير من نقص مقدمي الرعاية الصحية المدربين والمستعدين لتقديم الخدمة، بالإضافة إلى ذلك فإن موقف بعض مقدمي الرعاية الصحية – الذين يرون في الإجهاض أمرًا يتعارض مع قناعاتهم – يحول دون حصول النساء على تلك الخدمة وبالرغم من الإلزام القانوني لهم بإحالة النساء إلى مقدمي الرعاية الصحية المستعدين لإجراء الإجهاض، فإن الكثيرين منهم يحاولون إثناء النساء عن إجراء الإجهاض، مما يمثل عائقًا أساسيًا للرعاية (٣٧). وقد أُجريت ورش عمل التوضيح القيم وتشجيع مقدمي الرعاية لتبني مواقف أكثر تسامحًا(35)، ويجري حاليًا تقديم الخدمة في بعض الأماكن عن طريق فرق مقدمي الخدمة الصحية الجوالة لزيادة حصول النساء على الخدمة في المواقع التي بها مقدمو رعاية ليست لديهم الرغبة في تقديمها.
يتضمن تعديل قانون خيار إنهاء الحمل لعام ۲۰۰۳، الذي وافق عليه البرلمان مؤخرًا، المزيد من المبادرات المقدمة من الحكومة لزيادة إتاحة خدمات إنهاء الحمل. ويسمح التعديل لأية منشأة صحية لديها خدمة أمومة طوال الأربع والعشرين ساعة بتقديم خدمات الإجهاض في الثلاثة أشهر الأولى، بدون الحصول على الإذن الوزاري المطلوب حاليًا. كما أنه يسمح لكل الممرضات المسجلات اللائي أكملن دورة التدريب على إنهاء الحمل، وليس القابلات فحسب، بإجراء عمليات إنهاء الحمل في الثلاثة أشهر الأولى (۳۸). كما وافق مجلس مراقبة الأدوية بجنوب إفريقيا على عقار ميفبرستون المستخدم في الإجهاض الطبي حتى ثمانية أسابيع من الحمل. وتدرس وزارة الصحة إدخال الإجهاض الطبي في قطاع الصحة العامة.
سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي
سرطان عنق الرحم أحد الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة والوفاة التي يمكن الوقاية منها في جنوب إفريقيا، وهو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء السود اللائي يزداد احتمال إصابتهن به بمقدار الضعف على النساء الآسيويات، و2.4 مرة على النساء البيض والملونات(۳۹). وكان احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم في حياة المرأة هو ١: ٢٩ في ١٩٩٦ – ۱۹۹۷ (39) مقابل ١: ٤١ في الفترة من ۱۹۹۳ إلى ۱۹۹5(9). وفي الفترة الأخيرة حددت وزارة الصحة الوقاية من سرطان عنق الرحم كأولوية قومية. وقد حدثت تغييرات سياسية، بلغت ذروتها في تنفيذ برامج إرشادية للإعلان عن نشر خدمات الكشف على عنق الرحم، وفي عام ٢٠٠٠ وضعت القواعد الإرشادية لبرنامج الكشف على عنق الرحم القائمة على أفضل الأدلة المتاحة بشأن إستراتيجيات المواقع منخفضة الموارد. وتدعو القواعد الإرشادية إلى إجراء ثلاث مسحات مجانية لعنق الرحم في حياة المرأة، تبدأ بعد سن الثلاثين، على أن تكون بين الواحدة والأخرى فترة زمنية مقدارها عشر سنوات(40). وهدف البرنامج هو الكشف على ما لا يقل عن ٧٠% من النساء ضمن المجموعة المستهدفة قوميًا خلال عشر سنوات من التنفيذ. ومن الناحية النظرية يمكن أن يؤدي هذا إلى الحد من الإصابة بسرطان عنق الرحم بما يزيد على ٦٠%(٤٠).
تتصل التحديات الأساسية التي تواجه التنفيذ الفعال لبرنامج الفحوص المسحية بتدعيم الجهاز الصحي على مستوى المناطق، والتنسيق بين الخدمات الإكلينيكية والمعملية وخدمة الإحالة. ومن الضروري دمج الكشف على عنق الرحم في الخدمات الصحية الأخرى في الرعاية الصحية الأولية، ولا بد من تدريب القائمين على الرعاية الصحية وتشجيعهم على تقديم الرعاية الفعالة.
وسرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء الآسيويات والبيض والملونات في جنوب إفريقيا. وكان احتمال الإصابة في دورة حياة المرأة عام ١٩٩٧هو ١: ١٣ بالنسبة للنساء الآسيويات، و١: ١٦ للنساء البيض والملونات معًا، و١ : ٥٧ للنساء السود (39). وكان احتمال الإصابة بسرطان الثدي في حياة النساء الجنوب إفريقيات بصورة عامة هو ١: ٣١ في ۱۹۹٦ – ۱۹۹۷(۳۹) مقابل ۱: 39 في ١٩٩٣ – ١٩٩٥ (9). وكان هناك القليل من الاهتمام بإجراءات الحد من الإصابة بسرطان الثدي بين النساء في جنوب إفريقيا. وليس الكشف باستخدام رسام الثدي متاحًا في القطاع العام بسبب التكلفة.
لا تتوفر البيانات الخاصة بالعنف القائم على النوع في جنوب إفريقيا قبل ۱۹۹٤، ولكن يُعتقد أن المعدلات انخفضت في العقد الماضي. ففي عام ۱۹۹۸ قدَّرت دراسة ممثلة تمثيلاً قوميًا الإيذاء الجسدي المستمر من جانب الشريك الحميم بنسبة ۱۲%(٢٦). وكشفت دراسة أجريت عام ۱۹۹۹ في ثلاث مناطق حول إيذاء الشريك الحميم عن قدر أكبر من انتشار الإيذاء الجسدي المستمر (٢٧% و٢٨% و١٩%) في شرقى الكيب ومصومالانجا والمناطق الشمالية على التوالي) (٤١).
وتجري الإصلاحات التشريعية والسياسية لمعالجة العنف القائم على النوع منذ عام ١٩٩٤، حيث تحركها المنظمات النسائية في المقام الأول (42). ويعتبر قانون العنف الأسرى الذي جرت الموافقة عليه في عام ١٩٩٨ واحدًا من أكثر القوانين تقدمًا في العالم (12). وهو يعترف بالمستويات غير المقبولة من العنف العائلي، وينص على ترتيبات الحماية القانونية في أية علاقة عائلية، ويوسع تعريف العنف العائلي ليشمل مجموعة كبيرة من أشكال الإيذاء(2، 12). غير أنه بينما زاد عدد أوامر الحماية التي تسعى إليها النساء ضد الإيذاء، كان نصفها فحسب من أجل الحماية من الشريك الحميم، وهو مصدر أساسي لإيذاء النساء { اتصال شخصي، ن. ابراهامز، مارس 2004 }. وعلاوة على ذلك فقد اتضح أن عملية التطبيق يصعب إدارتها، ولا تفهمها النساء فهمًا جيدًا، وكان هناك تدريب غير مناسب لمقدمي الخدمة الصحية، كما كان الجهاز القانوني الذي يفتقر إلى الموارد يعوق التنفيذ(12، 43)، وتُبذل حاليًا الجهود لمعالجة بعض هذه المشاكل. وقد تشكلت المبادرة الجنوب إفريقية للعنف القائم على النوع وللصحة في عام ٢٠٠٠ لتشجيع الاعتراف بأن العنف ضد النساء مشكلة، وتدريب مقدمي الرعاية الصحية، وعمل أبحاث للمساعدة في وضع سياسة خاصة بالعنف القائم على النوع (43، 44).
ورغم عدم الإبلاغ عن الكثير من حالات الاغتصاب، فإن جنوب إفريقيا بها أكبر عدد من حالات الاغتصاب المُبلّغ عنها مقارنة بعدد الإناث من السكان في العالم (٢٤٠/ ۱۰۰۰۰۰ في عام ۱۹۹۷(45). وتقدَّر مسوح المجتمع المحلي التي شملت عينات ممثلة أن هناك ۲۰۷۰ اغتصابًا أو محاولة اغتصاب بين كل ١٠٠ ألف امرأة سنويًا في المرحلة العمرية ١٧ – ٤٨ سنة، وإجبار حوالي ثلث المراهقات على بدء ممارسة الجنس مما يجعل الاغتصاب تهديدًا كبيرًا للصحة العامة (12، 45، 46). وتجري حاليًا مراجعة التشريع الخاص بالاغتصاب، حيث يُصاغ مشروع قانون جديد للاعتداءات الجنسية يُعرف الاغتصاب على نحو أكثر اتساعًا ويُدخِل عقوبات أكثر صرامة ضد المعتدين.
تحت ضغط المجتمع المدني لمعالجة الصلات بين العنف الجنسي والإيدز، وافقت الحكومة في عام ٢٠٠٢ على تقديم علاج وقائي للإيدز في منشآت القطاع العام لمن تعرضن للاغتصاب، ووضعت وزارة الصحة قواعد إرشادية وطنية للتعامل مع احتمالات الإصابة بالإيدز والأمراض المنقولة جنسيًا في حالات العنف الجنسي، بما في ذلك تقديم العلاج الواقي بعد التعرض للعدوى(44).
وجرى تنفيذ مبادرتين لتقديم العلاج الواقي بعد التعرض للعدوى، المبادرة الأولى قامت بها منظمة غير حكومية تعمل مع من تعرضن للاغتصاب في مراكز رعاية المغتصبات في مستشفيين عامين في منطقة مصومالانجا الريفية. أما المبادرة الثانية فقام بها مقدمو الخدمة الصحية في مستشفيين عامين في كيب تاون، ويمثل التفاوت في الدعم السياسى وضعف موارد النظام الصحي على المستوى المحلي (47) بعض التحديات التي تواجه ترجمة سياسة تقديم العلاج الواقي بعد التعرض إلى خدمة فعلية فعالة في كل أنحاء جنوب إفريقيا.
حتى عام ۱۹۹٦ كانت الخدمات المقدمة لمن تعرضوا للاعتداء الجنسي لا يقدمها إلا الجراحون الحكوميون على مستوى المناطق. والآن يقدم كل الأطباء العاملين في القطاع العام أو الخاص تلك الخدمات، مما يجعلها متاحة بشكل أكبر. ومع ذلك، فقد أوضحت دراسة قومية أُجريت مؤخرًا العديد من المشاكل المتعلقة بتقديم الخدمات لمن تعرضوا للاعتداء الجنسي، مثل عدم التنسيق بين قطاعات الصحة والشرطة والقانون، وعدم وجود بروتوكولات إكلينيكية قياسية، وعدم كفاية تدريب مقدمي الرعاية الصحية، والمشاكل الخاصة بالإحالة إلى جلسات المشورة، وغياب الخصوصية، وطول مدة انتظار الحصول على الخدمات. ولتحسين نوعية الرعاية وضمان الجمع الصحيح للأدلة من أجل اتخاذ الإجراءت القانونية ضد المعتدين، كانت هناك توصية بتحديد مقدمي ومنشآت الرعاية المخصصين لتقديم الخدمات المتعلقة بالاعتداء الجنسي. وتراجع وزارة الصحة حاليًا القواعد الإرشادية القومية للتعامل مع ضحايا الاعتداءات الجنسية، كما أعدت الوزارة مسودة بروتوكول لتوفير حزمة رعاية أكثر شمولاً (44، 45). وقد طُرحت بعض المبادرات المحلية لتحسين الخدمات الصحية ووضع معايير للرعاية {اتصال شخصي، البروفيسور لين ديني، يناير ٢٠٠٤ }. ويجرى إعداد مبادرات شبيهة داخل جهاز القضاء الجنائي لتدريب القضاة على القانون الأساسي والجوانب الإجرائية لمحاكمات الاغتصاب، وعلى التعديلات المقترحة لقانون الاعتداءت الجنسية الذي يصدر قريبًا { اتصال خاص، ليليان أرتس، مدير وحدة النوع والصحة والعدالة بجامعة كيب تاون، يوليو ٢٠٠٤}. وربما تكون تلك المبادرات بمثابة نماذج يُحتذي بها في المناطق الأخرى في البلاد.
ورغم تلك المكاسب، فإنه لكي نخفض مستويات العنف ضد النساء، فلا بد من التدخلات الوقائية العاجلة لمعالجة القيم والمواقف والمعتقدات الاجتماعية التي تؤدي إلى ظهور العنف والسلوك الإيذائي.
تواجه جنوب إفريقيا في الوقت الراهن واحدًا من أسوء أوبئة الإيدز في العالم. ففي السنوات الخمس عشرة الماضية، أظهرت معلومات المتابعة أن هناك زيادة في انتشار الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بين الحوامل من أقل من 1% في عام ۱۹۹۰ إلى ۲۷% في عام 2002(48). وفي ١٩٩٥ – ١٩٩٦ كان الإيدز السبب وراء ١٠% من الوفيات في المرحلة العمرية ١٥ – ٤٩ سنة، وفي عام ٢٠٠٠ ارتفعت هذه النسبة إلى ٤٠% (49). ويتسم الوباء بانتشاره بين فئات عمرية ونوعية محددة تتعرض فيها الشابات للخطر الأكبر، وتتأثر النساء بصورة عامة. ويقدر أنه بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٤ سنة هناك أربع نساء مصابات مقابل كل رجل واحد(49).. ومع أن زيادة قابلية النساء للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تعود إلى حد ما إلى أسباب بيولوجية، فإن ما يدفعها بقوة هو أشكال الظلم النوعى المنتشر في المجتمع الجنوب أكثر من الرجال (٥١٠٥٠). إفريقي (٥٢ و٥٤).
ويزيد الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض في الوقت ذاته احتمال التعرض للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بإعاقة قدرتهن على رفض ممارسة الجنس، ويقلل قدرتهن على التفاوض وتنفيذ الإستراتيجيات الوقائية، مثل استخدام طريقة للوقاية أثناء ممارسة الجنس، ويجعل من الصعب على النساء مناقشة وضعهن الخاص بفيروس نقص المناعة البشرية والإفصاح عنه بأمان بدون خطر التعرض للهجر أو العنف (54، 55). كما يقلل اعتماد النساء الاقتصادي على الرجال من قدرتهن على المطالبة بجنس أكثر أمانًا خوفًا من الانتقام المالي، وفي بعض الأحيان يجبرهن على الاشتغال بتجارة الجنس للحصول على لقمة العيش(54، 55). إضافةً إلى ذلك فإن الافتراضات الثقافية، مثل “حق” الرجال في الدخول في علاقات جنسية مع شريكات متعددات، تعني أن المعاشرة الجنسية، حتى مع الأزواج والشركاء الحميمين، تنطوي على مستويات مرتفعة من المخاطر للنساء (٥٥ – ٥٨). ويتفاقم تعرض النساء للخطر نتيجة لخطر العنف والاعتداء الجنسي القائم على النوع(59، 61).
بالإضافة إلى الآثار المباشرة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية على صحة النساء، فإن الوباء يؤثر بشكل كبير كذلك على النساء والفتيات في دورهن النوعي كمقدمات رعاية داخل أسرهن ومجتمعاتهن المحلية(26)، ذلك أنهن يحملن العبء الأكبر الخاص برعاية المصابين بأمراض متصلة بالإيدز. وهو ما ينعكس على الوقت الذي يمكن للنساء أن تمضيه في الأنشطة المولدة للدخل أو التعليم، ومن المحتمل أن يخلق مستويات أكبر من الفقر والتبعية الاقتصادية فيما بينهن.
يقدَّر عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية حاليًا في جنوب إفريقيا بستة ملايين إنسان، أي حوالي واحد من بين كل سبعة(٤٩). وتشير أفضل الجهود المتاحة إلى أنه من المرجح أن يستمر الوباء في الزيادة على مدى السنوات الخمس المقبلة ما لم تكن هناك تدخلات فعالة (٦٣ – 65). ويتطلب تحقيق تقدم في وقف انتشار هذا الفيروس قدرًا أكبر من الاعتراف بأهمية الاختلافات المبنية على النوع الاجتماعي في انتقال فيروس نقص المناعة البشرية، وفي التعامل مع الأمراض المتصلة بالإيدز، وفي السلوك الصحي للأفراد المصابين بالفيروس.
الأمراض المنقولة جنسيًا من الأسباب المهمة لاعتلال الصحة الإنجابية، وخاصة بالنسبة للنساء (26، 66، 68). ويجري سنويًا علاج ما يقدر عددهم بمليوني شخص لإصابتهم بالأمراض المنقولة جنسيًا في منشآت الرعاية الأولية التابعة للقطاع العام بجنوب إفريقيا. وهذه الأمراض هي أحد العوامل المعروفة لاحتمال الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (75، 71). وكانت سياسة الحكومة هي إدماج خدمات الأمراض المنقولة جنسيًا ضمن الرعاية الأولية. وتمشيًا مع القواعد الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية، تبنت الحكومة منهجًا يعتمد على الفحص الإكلينيكي، وذلك بمعالجة الأشخاص على الفور بناءً على ما يظهر عليهم من أعراض، بدلاً من الانتظار لحين ظهور نتائج الاختبارات المعملية ومن المحتمل أن يزيد هذا النهج من معدلات العلاج والشفاء(۷۲).
إن فيروس نقص المناعة البشرية تهديد ضخم لوضع الصحة الإنجابية. كما أنه يؤثر على مجالات أخرى مثل صحة الأم والخصوبة، واحتياجات منع الحمل، والعنف القائم على النوع(٦٠)، وترتفع معدلات كل من وفيات الأمهات(۷۳) وسرطان عنق الرحم (٧٤، 75) نتيجة لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز. وبينما تَركَّز الاهتمام على تقديم علاج مضادات الفيروسات الارتدادية، لم تلق تلبية احتياجات الصحة الإنجابية الخاصة بالمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية سوى قدر قليل من الاهتمام. وتبقَّى السؤال الذى يواجه واضعي السياسات ومقدمي الخدمة الصحية. وهو: كيف يمكن تقديم هذه الرعاية بأفضل شكل؟
على مدى السنوات العشر الماضية كانت سياسة حكومة جنوب إفريقيا الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز تتسم بالغموض على أحسن تقدير، وكثيرًا ما كانت تنقل رسائل مشوّشة ومتناقضة إلى مقدمي الرعاية الصحية والجمهور. وقد أحبطت الخلافات الأيديولوجية داخل الحكومة نفسها العمل الحكومي، حيث يتشكك رئيس جنوب إفريقيا ووزير الصحة في الصلة السببية بين فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. وحتى أواخر عام ٢٠٠٣ كانت خطة الحكومة الإستراتيجية الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز تركز بشكل حصري على الوقاية عن طريق التشجيع على استخدام الواقي، والاختبار والمشورة الطوعيين، وعلاج الأمراض المنقولة جنسيًا والعدوى التي يشجعها وجود الإيدز(76). ولم تكن هناك سياسة لعلاج الإيدز، أو حتى تخطيط لتطبيق سياسة ما. وكان ذلك التركيز الحصري على الوقاية يتعارض مع التفكير الدولي وآراء عامة الناس في جنوب إفريقيا. وفي عام ۲۰۰۲، أعلنت الأمم المتحدة أن العلاج والرعاية أساسيان للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية(77).
وفي مسح شمل عينات ممثلة أجرى مؤخرًا على أشخاص بالغين جنوب إفريقيين. كان ٧٦% يرون أن فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز تهديد خطير للديمقراطية في البلاد، وذكر 28% أن لهم صديقًا أو قريبًا توفي بسبب الإيدز، واعترض 55% على الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز وقال ٥٨% إن الحكومة لا تفعل الكثير فيما يتعلق بالعلاج (۷۸). وفي أواخر ٢٠٠٤ أقرت الحكومة خطة لتطبيق العلاج بمضادات الفيروسات الارتدادية في القطاع العام بالنسبة للأشخاص المصابين بالإيدز، حيث اقترحت أن يكون هناك موقع علاج واحد على الأقل في كل بلدية محلية خلال خمس سنوات.
كان لمنظمات المجتمع المدني، وخاصة “حملة العمل من أجل العلاج“، دور مهم في الضغط على الحكومة كي تتخذ الإجراءات اللازمة. ففى عام ٢٠٠٢ أجبرت حملة العمل من أجل العلاج الحكومة من خلال دعوى قانونية على تنفيذ برامج الوقاية من انتقال الفيروس من الأم للطفل على المستوى القومى، وقامت بحملة تعبئة اجتماعية نشطة، شملت العصيان المدني، للمطالبة بإدخال العلاج بمضادات الفيروسات الارتدادية في القطاع العام.
وعلى مستوى المجتمعات المحلية، كان وصم الأفراد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية يعوق الاختبار والكشف عن الإصابة(79). ولكن الأمر المشجع هو أن المنظمات غير الحكومية التي تقدم الدعم والرعاية في المجتمعات المحلية كان لها دور مهم في التشجيع على إجراء الاختبارات وكشف الأفراد عن إصابتهم بالفيروس، مما أدى إلى تناقص وصمة العار في بعض المجتمعات المحلية(80). وقد أدت المعتقدات الثقافية والاجتماعية بشأن فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المنقولة جنسيًا، واللامساواة النوعية(80، 81)، ومقاومة استعمال الواقي(31، 53) إلى إعاقة جهود الوقاية. إن منهج “العفة، والإخلاص، أو استخدام الواقي“، وتأكيد الحكومة على “السلوك الجنسي الآمن والصحي“(83) يفترض أن الأشخاص لديهم القدرة على تطبيق سلوك الوقاية الذاتية. والحق أن هذا أمر موضع تساؤل في مثل هذا المجتمع الذي على قدر كبير من اللا مساواة، ولا يمكن للنساء والفتيات غالبًا أن يطبقن سلوك الوقاية الذاتية.
سوف يحسن توفر العلاج بمضادات الفيروسات الارتدادية صحة النساء الجنوب إفريقيات عبر زيادة متوسط الأعمار ونوعية الحياة. غير أن هذا النوع من العلاج لا يمكن أن ينجح وحده؛ إذ لا بد أن تصاحبه التدخلات الاجتماعية والهيكلية التي تستهدف تحسين وضع النساء في المجتمع الجنوب إفريقي.
العقم
لا تتوفر أرقام موثوق بها بشأن العقم في جنوب إفريقيا، ولكن يقدر أن ۱٥ – 20% من الأزواج يشكون من صعوبة في حدوث الحمل (٨٤). وجزء كبير من العقم ناتج عن عدم علاج الأمراض المنقولة جنسيًا، وهى أمراض يمكن الوقاية منها إلى حد كبير من خلال الممارسات الجنسية الآمنة، والكشف المبكر، والعلاج (٦٨، 84). وخدمات العقم في القطاع العام متاحة فقط في عدد محدود من مستشفيات المستوى الثالث وتتوافر الخدمات المساعدة لحدوث الحمل في القطاع الخاص، ولكنها مرتفعة الثمن بشكل يحول دون الحصول عليها. ولابد من الاهتمام بالعقم بسبب الأهمية التي تُعطى لإنجاب الأطفال، والوصمة الاجتماعية، والعزلة، والعنف العائلي الذي قد تتوقعه النساء نتيجة لعدم الإنجاب اللاإرادي، وبينما توجد بعض المبادرات المحلية لتحسين الحصول على خدمات العقم ونوعيتها، فليست هناك سياسة أو تغيير لتقديم الخدمة.
النساء المتقدمات في العمر
يتوفر القليل من البيانات عن وضع الصحة الإنجابية للنساء المتقدمات في العمر واحتياجاتهن، باستثناء مجالي سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي. فليست هناك إحصائيات دقيقة عن عب فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز لدى الجنوب إفريقيات المتقدمات في العمر، وهناك القليل جدًا من الأبحاث التي أجريت على انقطاع الطمث، وخاصة الأبحاث التي تستكشف الدلالات والتجارب المختلفة لانقطاع الطمث بالنسبة للنساء (87).
إشراك الرجال في الصحة الإنجابية
فيما مضى، كانت جهود الدفاع عن الصحة الإنجابية وخدماتها تميل إلى استبعاد الرجال. ولكن هذا الأمر يتغير بسرعة على المستوى الدولي وفي جنوب إفريقيا. فقد اعترف المؤتمر الدولى للسكان بالقاهرة في عام ١٩٩٤ والمؤتمر الدول الرابع للمرأة في بكين عام ١٩٩٥ بأهمية إشراك الرجال في الصحة الجنسية والإنجابية لأسباب عديدة: فالرجال أنفسهم لهم احتياجات خاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، ولا يمكن تحسين صحة النساء بدون إشراك الرجال، وخاصة في مجالات فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز ومنع الحمل. وبدون إشراك الرجال لا يمكن تحقيق المساواة النوعية. وسياسات الصحة الإنجابية الجنوب إفريقية الحالية صريحة في تشجيعها على إشراك الرجال(٢٥).
وقد أظهرت دراسة أجريت مؤخرًا على مقبولية مبيدات الجراثيم أن أهمية مشاركة الذكور في الصحة الإنجابية معترف به على مستوى المجتمع المحلي: فقد ذكر النساء والرجال ومقدِّمو الرعاية الصحية جميعًا الذين أجريت معهم مقابلات في هذه الدراسة أن مشاركة الشريك الذكر والتواصل في إطار العلاقات الجنسية شديدا الأهمية للإدخال الناجح لأية تكنولوجيا جديدة (88). ويعد تحديد أساليب عملية لإدخال الرجال في خدمات الصحة الإنجابية تحديًا كبيرًا، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة توجيه خدمات الصحة الإنجابية بحيث تتلاءم مع مشاركة الذكور. ويعالج “برنامج جمعية الأبوة المخططة للرجال الجنوب إفريقيين كشركاء” هذه القضية من خلال التوسع وورش العمل التدريبية(89)، وشرعت “حملة الحقوق الجنسية” { تشمل هذه الحملة المنظمات التالية: “مشروع صحة النساء في جامعة ويتووترزراند“، و“مشروع التعزيز المشترك“، والجمعية الوطنية لمن يعيشون بالإيدز“، و“مؤتمر الإيدز القومى بجنوب إفريقيا“، و“الشبكة القومية للعنف ضد النساء“، و“جمعية الوالدية المخططة. و“جمعية الشبان المسيحيين“، ومنظمات المجتمع المحلي في أنحاء جنوب إفريقيا }، وهي جهد مشترك يقوم به طيف واسع من الأطراف المعنية، في تنفيذ إستراتيجية تعبئة الجماهير لزيادة الوعي بالحقوق الجنسية بين الرجال والنساء. والحملة رد مباشر على تزايد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والعنف ضد النساء. وتوجه البرامج التعليمية الخاصة بالوعي بالشئون الجنسية للشباب، وخاصة الشبان(90).
لا ينبغي التقليل من الآثار الإيجابية للإدارة التقدمية الجديدة داخل الحكومة في كل مجالات الحياة، وخاصة في سياق كانت فيه الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان تُنكر من قبل. وقد خلق ظهور الديمقراطية في جنوب إفريقيا فرصة فريدة لإقرار العديد من القوانين والسياسات الجديدة، والكثير منها في مجال الصحة الإنجابية. كما مكّن تراث طويل من النشاط السياسي مقرونًا بفورة النشاط التشريعى التي ميزت السنوات الأولى من التحول الديمقراطي في جنوب إفريقيا، الكثير من جماعات صحة النساء وغيرها من منظمات المجتمع المدني من التأثير مباشرة على وضع السياسات. وأدى هذا إلى وضع بعض سياسات الصحة الإنجابية الأكثر شمولاً وتقدمًا في العالم وتبنيها.
ومع ذلك، فلا يعني ذلك بالضرورة أن التقدم في الصحة الإنجابية أعقبه تنفيذ ناجح وتحسن في تقديم الخدمات الصحية. فقد أدى عدم وجود إستراتيجية للتنفيذ، وغياب التخطيط والأطر الزمنية المحددة بوضوح، بالإضافة إلى الافتقار إلى القدرة الملائمة على التنفيذ، إلى القضاء على الكثير من الآثار الإيجابية المقصودة لتلك المبادرات. كما أعاقت نقاط الضعف التي يعاني منها جهاز الصحة العامة، الناجمة عن نقص الموارد المالية والبشرية وميراث اللامساواة العنصرية والجغرافية في تقديم الرعاية الصحية، التنفيذ الفعال. وهناك بعض العوائق الخاصة بمجالات بعينها من مجالات الصحة الإنجابية، مثل نقص مقدمي الرعاية الصحية الراغبين في إجراء عمليات الإجهاض.
ومن ثم، فإنه باستثناء انخفاض معدل اعتلال الصحة والوفيات، نتيجة للإجهاض غير الآمن، من الصعب تمييز أشكال التحسن الكبيرة في وضع صحة النساء في جنوب إفريقيا منذ ١٩٩٤ حتى الآن. إلا أنه من المهم الاعتراف بأنه حتى في وجود أفضل جهود للحكومة، فسوف يكون من الصعب ملاحظة أشكال التحسن المهمة في الوضع الصحي خلال فترة عشر سنوات. وقد أضير الوضع الصحي للسكان ككل، والنساء على نحو خاص، على نحو كبير بسبب وباء فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز الذي تزامن تصاعده مع أول عقد للديمقراطية في جنوب إفريقيا.
وتنفذ الحكومة في الوقت الراهن بعض المراقبة للصحة الإنجابية كى يمكن رصد التقدم على نحو دقيق. ومثال ذلك ما يتعلق بوفيات الأمهات والتقدم في تقديم خدمات الحمل الأمن. وهناك حاجة إلى مزيد من تطور المؤشرات الدالة علي حدوث تقدم في تلك المجالات الخاصة بالصحة الإنجابية وسواها من المجالات.
وبالإضافة إلى قيود قطاع الصحة وأثر فيروس نقص المناعة/ الإيدز، فمازال للسياق الاجتماعي الاقتصادي الأوسع أثره العميق على الوضع الصحية للجنوب إفريقيين، وخاصة النساء اللائي يتحملن العبء الأكبر للفقر. ورغم التطور الاجتماعي الاقتصادي على مدى العقد المنصرم، يظل توزيع الثروة والدخل في جنوب إفريقيا ثانى أكثر التوزيعات ظلمًا في العالم(91). وتزيد مستويات البطالة على ٤٠% على المستوى القومي(92) ولا تزال اللامساواة الواضحة في الوضع الاجتماعي الاقتصادي القائم على العرق والنوع قائمة(93)، وسوف يكون من الواجب التغلب على تلك المشاكل قبل ملاحظة التحسن الواضح للوضع الصحي للنساء.
وكان أحد أكثر ما حدث خلال السنوات العشر الأولى من الديمقراطية في جنوب إفريقيا تشجيعًا هو الدور المهم الذى قام به المجتمع المدني في التأثير على التغيير السياسي والتشريعي. وبينما كان نشاط المجتمع المدني يركز على معارضة سياسة التمييز العنصري، فقد ساعد تراث المعارضة على تيسير التغيير في إطار النظام الديمقراطى. وكان تأثير المجتمع المدنى مهمًا. على نحو خاص في ثلاثة من مجالات تشريع الصحة الإنجابية وسياستها: وهي الإجهاض، والعنف القائم على النوع، ومنع انتقال الإصابة بالإيدز من الأم الطفل والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية بمضادات الفيروسات الارتدادية. واستطاعت منظمات المجتمع المدني القيام بدور في ضمان تنفيذ القوانين والسياسة وفي مراقبة آثارها وتقييمها. ولابد من إجراء المزيد من التحقيق لمعرفة أسباب ذلك، حيث إن منظمات المجتمع المدني يمكنها، وينبغي لها، القيام بدور محوري في محاسبة الحكومة على الترجمة الأسرع والأنجح القوانيها وسياساتها إلى تحسين في الوضع الصحي للجنوب إفريقيين كافة. والتغلب على العوائق التي تقف في سبيل جهود الدفاع الحالية والتعزيز المستمر للديمقراطية في جنوب إفريقيا، داخل الحكومة وخارجها، ضروري لضمان قدرة المجتمع المدني على القيام بدور مهم.
1- Van Rensburg HC, Harrison D. History of Health Policy. In: Health Systems Tmst. South
African Health Review 1995. Durban: Health Systems Trust, 1995.
2- Klugman B, Stevens M, Van den Heever A, et al, Sexual and Reproductive Rights, Health
Policies and Programming in South Africa 1994-1998, Johannesburg: Women’s Health
Project, 1998.
3- Koblinsky MA, Campbell OMR, Hariow SD. Mother and more: a broader perspective on
women’s health. In: Koblinsky M, Timyan J, Gay J (editors). The Health of Women. A Global
Perspective. Boulder: Westiew Press, 1993. p.33-62.
4- Holoway M. Trends in women’s health: a global view. Scientific American 1994;67-73.
5- Klugman B. Balancing means and ends: population policy in South Africa. Reproductive
Health Matters 1993;1(1):44-57.
6- Gready M, Klugman B, Rees H, et al. South African women’s experiences of contraception
and contraceptive services. In: Ravindran TKS, Berer.M, Cotingham J (editors). Beyond
Acceptability: Users’ Perspectives on Contraception. London: Reproductive Health Matters
for WHO, 1997. p.23-35.
7- Rees H. Background document prepared for the Special Programme of Research, Development and Research Training in Human Reproduction, WHO. Johannesburg, 1994.
8- Hoffman M, Cooper D, Carrara H, et al. Limited Pap screening associated with reduced risk
of cervical cancer in South Africa. International Journal of Epidemiology 2003;32:573-77.
9- Sitas F, Madhoo J, Wessie J. Incidence of histologically diaghosed cancer in South Africa
1993-1995. Johannesburg, National Cancer Registry of South Africa, South African Institute
of Medical Research, 1998.
10- Klugman B, Varkey SJ. From policy development to policy implementation: the South African Choice on Termination of Pregnancy Act. In: Klugman B, Budlender D (editors). Advocating for Abortion Access. Eleven Country Studies. Johannesburg: Witwatersrand University Press, 2001: p.251-82.
11- De Pinho H, Hoffman M. Termination of pregnancy – understanding the new Act. Continuing Medical Education 1998;16(8):786-90.
12- Parenzee P, Artz L, Moult K. Monitoring the implementation of the Domestic Violence Act. First Research Report 2000-2001. Cape Town: University of Cape Town, 2001.-
13- United Nations September Annex: Draft Final Document of the United Nations Conference on Population and Development. Calro: United Nations, 1994.
14- Klugman B, Stevens M, Arends K. Developing women’s health policy in South Africa from
the grassroots. Reproductlve Health Matters 1995;3(6):122-31.
15- Health Systems Trust. South African Health Review 2000. Durban: The Press Gang, 2000.
16- Centre for Reproductive Law and Policy, Women’s Health Project. Women’s Reproductive Rights in South Africa: A Shádow Report. Prepared for the Nineteenth Session of CEDAWN, 1998.
17- National Progressive Primary Health Care Network. Phila Summary Brief. White Paper for
Transfommation of the Health System in South Africa. Chapter 8: Maternal, Child and Women’s Health. Gatesville: NPPHCNPHILA, 1997.
18- Dlckson-Tetteh K, Pettifor A, Moleko W. Working with public sector clinlcs to provide adolescent- friendly services in South Africa. Reproductlive Health Matters 2001; 10(17): 160-69.
19- Fonn S, Xaba M, Tint KS, ot al. Reproductive health services in South Africa: from rhetoric
to implementation. Reproductlve Health Matters 1998;6(11): 22-32.
20- Mciniyre D, Klugman B. The human face of decentralisation and integration of health services: experiences from South Africa. Reproductive Health Matters 2003; 11(21):1 08-19.
21- Essential Health Care for all South Africans. Pretoria: National Department of Health, 2004.
22- Doherty J, Thomas S, Muirhead D, et al. Health care financing and expenditure in the post- apartheid era. In: Health Systems Trust. South African Health Review. Durban: Health
Systems Trust, Henry J Kaiser Family Foundation, 2002. p. 13-40.
23- McCoy D, Free Health Care for Pregnant Women and Children Under Six in South Africa.
An Impact Assessment. Durban: Child Health Unit, Health Systems Trust, 1996.
24- Benatar SR. Health care reform and the crisis of HIV and AIDS in South Africa. New England Journal of Medicine 2004; 351(1):81-92.
25- Department of Health, Republic of South Africa. National Framework and Guidelines for
Contraceptive Services. Pretoria: Department of Health, 2002.
26- Department of Health, Republic of South Africa. South African Demographic and Health
Survey. Pretoria: Department of Health, 2001.
27- Magwaza S, Cooper D. An Evaluation of the Communlty Based Distribution (CBD) of
Contraceptives Programme in Khayelitsha, Cape Town. Qualitative Research: An Operational
Report. Cape Town: University of Cape Town, 1999.
28- Cooper D, Marks A. Mid-term Review of the Reproductive and Soclal Development Interventions.
Cape Town: University of Cape Town, 2001.
29- The Human Sciences Research Council. Nelson Mandela/HSRC Study of HIVIAIDS, South
African National HP/ Prevalence, Behavioural Risks and Mass Media. Household Survey
2002. Pretoria: Human Sciences Research Council, 2002.
30- Morroni C, Smit J, McFadyen L, et al, Dual protecion agalnst sexually transmitted infections and pregnancy in South Africa. African Journal of Reproductive Health 2003;7(2):13-19.
31- Kleinschmidt 1, Maggwa BN, Smit J, et al. Dual protection in sexually active women. South African Medical Journal 2003;93(11):854-57.
32- Smit J, McFayden L, Beksinska M, et al. Emergency contraception in South Africa: khowledge attitudes and use among public sector primary health care clients. Contraception 2001;64(6): 333-37.
33- Fawcus S, de Groot H. Flfty year audit of maternal mortality in the Peninsula Maternal and Neonatal Service (1953-2002). Presentation to Workshop on Gender and HP/, Universitly of Cape Town, 2003.
72- Coetzee D, Ballard R. Controlling the epidemic of sexually transmitted diseases in South Africa: the role of syndromic management. Continuing Medical Education 1996;14(6):819-26.
73- Department of Health, Republic of South Africa. Saving Mothers. Report on Confidential
Enquiries into Maternal Deaths in South Africa. Pretoria: Department of Health, 1999.
74- Sitas F, Pacella-Norman R, Carrara H, et al. The spectrum of HIV-1 related cancers in South Africa. International Journal of Cancer 2000;88(3);489-92.
75- Moodk’y M, Moodley J, Kleinschmidt 1, et al. Invasive cervical cancer and human
immunodeficiency virus (HIV) infection: a South African perspective. International Journal
of Gynecology and Cancer 2001;11(3):194-97.
76- Department of Health, Republic of South Africa. HIVIA1DS/STD strategic plan for South
Africa, 2000-2005. Pretoria: Department of Health, 2000.
77- United Nations. 2002. UNAIDS Report on the Global HIV/AIDS epidemic, 2002. At:
<htp:/www.unaids.org/barcelona/presskit/report.htm|>. Accessed 28 February 2004.
78- Henry J Kaiser Family Foundation. Washington Post, Harvard University. Survey of South
Africans at Ten Years of Democracy. Washington DC: Henry J Kaiser Family Foundation, 2004.
79- Medley A, Garcia-Moreno C, McGill S, et al. Rates, barriers and outcomes of HIV serostatus di.srlosin.’ among women in developing countries: implications for prevention of mother-to- child transmission programmes. Bulletin of World Health Organization 2004; 82(4):299-307.
80- Centre for Social Science Research. Long Life. Positive HIV Stories. Cape Town: Pinifex
Press, 2002.
81- Dowsett G, Aggleton P, Abega S-C, et al. Changing gender relations among young people:
the global challenge for HIVI AIDS prevention. Critical Public Health 1998;8(4):291-309.
82- Harrison A, Xaba N, Kunene P. Understanding safe sex: gender narratives of HTV and
pregnancy prevention by rural South African school-going youth. Reproductive Health Matters 2001;9(17):63-71.
83- Department of Health, Republic of South Africa. Tracking Progress on the HIVIAIDS and SB Strategic Plan for South Africa June 2000-March 2003: At: <http://www.doh.gov.za/aids>.
Accessed 1 July 2004.
84- Moore S, Zimazi D. Reproductive health problems. In: Goosen M, Klugman B (editors). South African VWomen’s Health Book. Cape Town: Oxford University Press, 1996. p.446.
85- Women’s Health Project. Infertility: A Literature Review and Annotated Bibliography.
Johannesburg: University of the Witwatersrand, 1997.
86- Dyer SJ, Abrahams N, Hoffman M, et al. Infcnilily in South Africa: women’s reproductive
health knowledge and treatment-seeking behaviour for involuntary childlessness. Human
Reproduction 2002;17(6):1657-62.
87- Omer P. Breaking the silence: Black and white working class women’s experiences of
menopause. Psychological Bulletin University of the Western Cape 1998;8(1): 12-21.
88- Orner P, Harries J, Cooper D, et al. Paving the Path: Challenges to Microbicide Introduction. Report of a Qualitative Research Study. Cape Town: University of Cape Town. 2004.
89- Planned Parenthood Association of South Africa. Annual Report, Johannesburg, 2003.
90- Women’s Health Project. At: <http://www.wits.ac. zalwhp/rights_campaign.htm>. Accessed
2 July 2004.
91- May J, VWoolard I, Klasen S. The nature and measurement of poverty and inequality. In: May J (editor). Poverty and Inequality in South Africa. Meeting the Challenge. Cape Town: David Philip Publishers, 2000. p.28-35.
92- Census 2001 Key Findings (unemployment data). Statistics South Africa, Pretoria, 2001.
93- Measuring poverty in South Africa. Statistics South Africa, Pretoria, 2000.