المنهجيات والمنظومات والمصادر
لدراسة النساء والثقافات الإسلامية
المداخلات في الأفرع المعرفية
علم اللغة
تقدم هذه المداخلة ملخصاً لدراسة الجندر في مجال علم اللغة من حيث علاقته بالثقافات الإسلامية، فقد تم التركيز على دراسة الجندر وعلاقته بالمجتمع في مجال علم اللغة الاجتماعي الذي يهتم بالتفاعل بين اللغة والمجتمع. وتتناول هذه المداخلة المصادر التي يستخدمها علماء اللغة لدراسة الجندر في العالم الإسلامي. تتبع ذلك مناقشة لمناهج البحث المستخدمة لدراسة اللغة وعلاقتها بالجندر والمشكلات التي تنشأ من دراسة البيانات، سواء كانت مشكلات منهجية أو مشكلات متعلقة بالمصادر. ويراعى أن هذه المداخلة محدودة إلى حد ما حيث تقتصر على الدراسات التي أجريت في العالم العربي، وذلك كنتيجة لعاملين أولهما أن العالم العربي خضع لدراسات كثيرة كما يتوفر العديد من المؤلفات المنشورة باللغة الإنجليزية عن الدراسات التي أجريت في العالم العربي، وثانيًا لأن اللغة العربية هي لغة التخصص اللغوي للمؤلفة ولذا فتستطيع أن تنقدها بشكل أكثر فاعلية، أما المراجع عن اللغات غير العربية فهي موجودة بقائمة المراجع.
يعتمد علماء اللغة الذين يدرسون الجندر، رجالاً ونساءً، على تسجيلات لحوارات، واستبيانات، وقراءات لقوائم كلمات، فمثلاً نجد لدى ستيلمان وستيلمان (Stillman and Stillman 1978) استخدامًا لقصص وأغاني النساء في المغرب كمصدر الدراسة لغة النساء. وقد تم جمع هذه المصادر من التجمعات النسائية أثناء العمل أو اللهو أو في بعض المناسبات شبه الدينية مثل حفلات الزفاف والطهور والعزاء، كما تمت دراسة الأغاني التي تتعلق بمواضيع تهم النساء أكثر من الرجال ولذلك اختلفت في الشكل والمضمون عن أغاني الرجال. أما ليلى أبو لغد (Abu- Lughod 1986) فقد درست الوظيفة اللغوية الاجتماعية للشعر البدوي لرجال ونساء قبيلة أولاد علي في مصر. ومن المصادر المفيدة أيضًا استخدام هياسي (Hayasi 1998) لحلقة من مسلسل تليفزيوني تركي جماهيري.
وفي دراسة حديثة (Eid 2002) تم استخدام النعي المنشور كمصدر للبيانات في ثلاثة مجتمعات: المجتمع المصري والفارسي والأمريكي، وقد حصلت الباحثة على بيانات البحث من ثلاث صحف رئيسية، ألا وهي الأهرام (في مصر) والاطلاعات (إيران) ونيويورك تايمز (الولايات المتحدة)، وجمعت بياناتها لفترة شهر كل عشرة سنوات خلال الفترة من عام ۱۹۳۸ إلى عام ۱۹۹۸م.
المقاربات النظرية
درس بعض علماء اللغة الجوانب الدلالية والتداولية للجندر بينما درس البعض الجوانب النحوية والصرفية، وكذلك درست مجموعة كبيرة من علماء اللغة السمات الصوتية والعروضية التي ترجع لاختلافات حول الجندر.
فقد درس بعض اللغويين الجوانب الدلالية والتداولية للجندر، حيث نجد في دراسة هوريتز (Hurreiz 1978) مقارنة بين استخدام الرجال والنساء لبعض التعبيرات في مواقف رسمية وغير رسمية في الخرطوم. أما دراسة أبو لغد للخطاب الشعري (Abu – Lughod 1986) فهي تدفع بأن الشعر والأغاني التي يستخدمها الرجال والنساء تعبر عن مواقف ومشاعر تتراوح بين الحب والغضب والتحدي، كما توضح كيف يقدم الشعر تعريفًا وإعادة لتعريف درجة الحميمية بين الأفراد، وبذلك فهذه الدراسة تعد مثالاً للدراسات التي تتناول الطبيعة الرمزية للغة حين يستخدمها الذكور والإناث. أما دراسة جابور (Jabeur 1987) فتتناول استخدام صيغ التعجب في اللهجة الحضرية في رادس في تونس. بينما توضح دراسة هياسي (Hayasi 1998) للغة التركية الاختلاف بين الرجال والنساء من حيث استخدام ألفاظ المخاطبة وصيغ التعجب واستخدام التعبيرات الدينية حيث يقيس تكرار ظهور هذه الظواهر اللغوية في لغة زوج وزوجة في حلقة من مسلسل تليفزيوني تركي. كما يوجد جانب نحوي صرفي لدراسة هياسي ألا وهو دراسة ضمير المتكلم التوكيدي في لغة الرجال والنساء. وكذلك تتناول دراسة هيرش (Hirsch 1998) لغة النزاعات القضائية في محكمة أفريقية إسلامية من حيث علاقتها باللغة السواحلية. وهناك أخيرًا دراسة مقارنة تهتم فيها الباحثة (Eid 2002) باستخدام الأشكال اللغوية (وخاصة ألفاظ المخاطبة) حيث ترمز إلى هويات الأفراد المختلفين.
وتشمل الدراسات النحوية والصرفية دراسة جابور (Jabeur 1987) لأساليب التصغير في اللهجة الحضرية في رادس.
وبالإضافة لذلك تتناول دراسة أوينز وبني ياسين (Owens and Bani Yasin 1987) استخدام التوافق العددي في كلام الرجال والنساء في قبيلة بني ياسين في الأردن.
وكذلك تناولت العديد من الدراسات السمات الصوتية والعروضية من حيث علاقتها بالجندر، فعلى سبيل المثال درس کاناكري (Kanakri 1984) حرف الـ. “ق” وأشكال نطقه المختلفة لدى الرجال والنساء في اللهجة الأردنية. كما نجد أن جابور (Jabeur 1987) درس أيضًا نطق أشكال حرف “ق” حيث تنطق/ ق/ في اللهجة الحضرية و/ ج/ في اللهجة الريفية في رادس. وكذلك تناولت دراسة ضاهر (Daher 1999)) استخدام الـ. “ق” والهمزة في اللهجة الدمشقية من حيث علاقتهما بلغة الرجال والنساء.
وقد ركزت دراسات أخرى على السمات الصوتية والعروضية وفيما يلي ملخص لها حسب الترتيب التاريخي. فتناولت دراسة رو (Roux 1936) الاختلافات بين كلام الرجال والنساء في المغرب من حيث علاقته ببعض الحروف الساكنة مثل / س/ و/ ز/ و/ ر، أما هوريتز (Hurreiz 1978) فقد درس استخدام التنغيم في لهجة الخرطوم، ودراسة رويال (Royal 1985) تناولت العلاقة بين تفخيم الحروف المفخمة والطبقة الاجتماعية والجندر في مصر، وكذلك درس كل من القارح وعبد العليم (El Kareh and Abdel Alim 1988) التنغيم من حيث علاقته بالجندر التركيز على اللهجة السكندرية المصرية. وكذلك درس الخطيب (Al- Khateeb 1988) عددًا من الحروف الساكنة تشمل / ق/ و/ ك/ و/ ت/ وحرف العلة / ا/ في لهجة إربد بالأردن وذلك من حيث علاقة النطق بالجندر والمستوى التعليمي والسن. وكذلك درس المهندي (Al- Muhannadi 1991) نطق بعض المقاطع التي تشمل حرف / ق/ في كلام النساء القطريات، فوجد أن بعض المقاطع تميز حديث الجماعات البدوية بينما تميز مقاطع أخرى كلام المجتمعات الحضرية. وقد درس الطرابلسي (Trabelsi 1991) استخدام حروف العلة المزدوجة والأحادية من حيث علاقتها بالجندر في تونس. وكذلك حاولت هيري (Haeri 1996) أن تقدم دليلاً من خلال المتغيرات الصوتية يوضح الاختلافات بين الرجال والنساء من حيث نطق الأصوات الأمامية والخلفية وعلاقة ذلك بالعوامل الاجتماعية. وكذلك تناولت دراسة روزنهاوس (Rosenhouse 1993) التنغيم في حكايات الرجال والنساء من البدو في فلسطين.
جمع البيانات
تعد المشكلة الرئيسية التي تواجه علماء اللغة، رجالاً ونساءً، الذين يتعاملون مع بيانات من الحياة العادية هي مشكلة مفارقة الملاحظ، إذ كما يقرر لابوف (Labov 1972, 209) فإن هدف علماء اللغة هو اكتشاف الكيفية التي يتحدث بها الناس حين لا يكونون خاضعين للملاحظة، ولكن من الناحية المنهجية لا يمكن اكتشاف ذلك إلا عن طريق الملاحظة، مما يؤدي إلى بعض التغيير في سلوكهم. وهذه المشكلة لم يتم التوصل لحلها تمامًا في مجال علم اللغة بشكل عام وخاصة في مجال علم اللغة الاجتماعي.
والطريقة السائدة في جمع البيانات هي إجراء الحوارات سواء كمنهج أساسي أو بالإضافة إلى مناهج أخرى وطرق أخرى للملاحظة. فمثلاً قرر جابور (Jabeur 1987) في دراسته اللغوية الاجتماعية لرادس أن يجمع أولاً معلومات عن تاريخ المكان وأسباب الزيادة السكانية والهجرة الريفية الداخلية وظاهرة ازدياد الحراك السكاني، ولذا قام بدراسة السمات الاجتماعية والإحصائية لتوزيع السكان كما درس لغة اثنتي عشرة امرأة، ولكي يتغلب على مفارقة الملاحظ استخدم “مقاربة الشبكة الاجتماعية” (Milroy 1980) في جمع البيانات، وهي مقاربة تقوم على فكرة أن الناس يتصرفون بشكل مختلف حين يكونون في جماعة حيث تؤثر فيهم شبكتهم الاجتماعية. وبناء على ذلك فيجب على عالمة وعالم اللغة دراسة خلفية الجماعة التي تتناولها الدراسة، فقد لجأ جابور على سبيل المثال إلى تقديم نفسه بصفته “صديقًا لصديق” معتمدًا بذلك على العلاقات الموجودة فعلاً في المجتمع بدلاً من خلق علاقات جديدة، فقام بإجراء الحوارات وتسجيل المعلومات في أماكن يجتمع فيها الناس عادةً لاحتساء الشاي بحيث يستفيد من عضويتهم في الشبكة الاجتماعية في التقليل من أثر الملاحظة.
وكذلك استخدمت هيري (Haeri 1996) الحوارات اللغوية الاجتماعية في دراستها عن المجتمع المصري، بالإضافة إلى برامج الأطفال والكبار الإذاعية والتليفزيونية، كما استخدمت قراءات لقوائم من الكلمات. كذلك استخدمت مقاربة الشبكة الاجتماعية بأن قدمت نفسها باعتبارها صديقة لصديق، وقد ساعدها في ذلك خلفيتها الدينية كمسلمة. وقامت بتحليل كلام ۸۷ متحدثًا ومتحدثة منهم ٥٠ امرأة و ٣٧ رجلاً، وقصرت دراستها على المجموعة الحضرية التقليدية والحديثة والصناعية في القاهرة. ولكي تتغلب على مشكلة مفارقة الملاحظ لم تقتصر على مقاربة الشبكة الاجتماعية وإنما حاولت أيضًا أن تتناول موضوعات شخصية مع المشاركين والمشاركات مثل ألعاب الطفولة وأيام المدرسة والأسرة والوقوع في الحب والعادات المحلية.
وجدير بالذكر أن العديد من علماء اللغة الآخرين، رجالاً ونساءً، قد حاول التغلب على مشكلة مفارقة الملاحظ عن طريق استخدام الشبكة الاجتماعية، نذكر منهم مثلاً ضاهر (Daher 1999) الذي أشار إلى ذلك بشكل مباشر في دراسته، أما أبولغد (Abu- Lughod 1986) فبالرغم من أنها لم تشر إليها بالاسم في دراستها إلا أنها استخدمتها بشكل غير مباشر حيث أنها استغلت خلفية أبيها العربية كنقطة قوة في بحثها بأن تقمصت دور “الابنة المتبناة” (Abu- Lughod 1986, 15). وبالرغم من أنها قد بدأت عملها الميداني كعالمة أنثروبولوجيا إلا أنها انتهت بدراسة المغزى الخطابي للشعر في المجتمع، ومع ذلك فالمنهج الذي استخدمته للاندماج في المجتمع لم يختلف عن مناهج عالمات وعلماء اللغة الآخرين مثل هيري (Haeri 1996).
وقد اعتمد عدد من الدراسات المذكورة أعلاه على تقنيات أخرى تختلف عن الحوارات والمقابلات الشخصية، وذلك مثل الشعر الشفهي والأغاني والمسلسلات التليفزيونية والنزاعات القضائية والنعي.
تحليل البيانات
تقوم دراسات معظم علماء اللغة الذين يتعاملون مع قضية الجندر وخاصة في العالم الإسلامي على مفهوم الدراسات الكمية، فالدراسات الكمية تهدف إلى دراسة الارتباط بين التنوع اللغوي ومتغيرات أخرى وخاصة من حيث الطبقة الاجتماعية (Coates 1993, 61). فالمنهج السائد لدراسة البيانات من حيث علاقتها بمتغيرات معينة، مثل الجندر أو الطبقة الاجتماعية أو السن، هو منهج التحليل الإحصائي. ومن الدراسات التي تعتمد على الإحصاء للربط بين الجندر والعوامل الاجتماعية دراسة هاريتز (Hurreiz 1978) للعلاقة بين اللغة والجندر والسن والتعليم في الخرطوم. كما تناولت دراسة أوينز وبني ياسين (Owens and Bani Yasin 1987) اللغة التي يستعملها الرجال والنساء في اللهجة الأردنية لبني ياسين من حيث علاقتها بمستوي التعليم والسن، وكذلك تقارن دراسة أبو حيدر (Abu- Haidar 1989) بين اللغة التي يستخدمها الرجال والنساء في بغداد من حيث التغير اللغوي.
وتوجد دراسات إحصائية تربط الجندر بالطبقة الاجتماعية، فنجد أن هيري (Haeri 1992) مثلاً في دراستها للهجة القاهرية قدمت إحصاءات تقارن بين السلوك اللغوي للرجال من ثلاث طبقات اجتماعية والسلوك اللغوي للنساء من الطبقة المتوسطة العليا، فوجدت أن عملية التفخيم الحنكي ترتبط بالطبقة الاجتماعية السفلى عند الرجال، بينما تتجنبه نساء الطبقة المتوسطة العليا. كما استخدمت هيري طرقًا إحصائية في نفس الدراسة لربط الجندر بالسن والطبقة الاجتماعية. وكذلك استخدم ضاهر (Daher 1999) الإحصاءات لإثبات العلاقة بين الجندر والسن والتعليم آخذًا في الاعتبار عوامل أخرى مثل التكرار اللفظي والبيئة الصوتية. وأخيرًا فإن دراسة عبد (Eid 2002) استخدمت الإحصاءات لإعراب أنواع مختلفة من المعلومات فقاست تأثير عوامل الجندر والثقافة والزمن على النعي، من حيث تأثيرها مجتمعة وكلاً على حدة.
ويختلف الموقف اللغوي في العالم العربي عن معظم العالم الغربي، في العالم العربي يوجد اختلاف بين اللغة المرموقة واللغة القياسية. وهناك أيضًا ظاهرة الازدواج اللغوي حيث توجد الفنان جنبًا إلى جنب، وكل منهما لها وظيفة مختلفة (Ferguson 1959). فاللغة الفصحى تستخدم في التعليم وأحيانًا في المناسبات الرسمية، بجانب وجود لهجات محلية مختلفة في الدول المختلفة (Bassiouney 2002). وقد أوضحت دراسات لغوية متعددة في العالم العربي أن لمعظم الناس لهجة محلية مرموقة تعتمد هويتها على عوامل جغرافية وسياسية واجتماعية متعددة في كل بلد. ففي مصر مثلاً تعد اللهجة القاهرية هي اللهجة المرموقة لغير القاهريين، فاللهجة المرموقة هي عادة اللهجة الحضرية للمدن الكبرى. وهذا الموقف اللغوي غير موجود في عديد من المجتمعات الغربية مما يجعل النتائج التي توصل إليها علماء اللغة الغربيون عن اللغة والجندر تبدو معارضة للنتائج التي توصل إليها علماء اللغة في العالم العربي. فمثلاً توصل لابوف (Labov 1972) إلى أن النساء تستخد من الأشكال الأكثر رقيًا من اللغة، ووجدت غول (Gall 1978 – 79) في دراستها لقرية في النمسا أن النساء تستخدمن لهجة ألمانية أكثر رقيًا من التي يستخدمها الرجل كمحاولة لتأمين مكانهن في المجتمع. ولكن النتيجة التي توصل إليها ضاهر(Daher 1999) هي أن بعض النساء من خلفية معينة قد لا تستخدمن بعض السمات القياسية للغة، وهو ما لا يتعارض مع النتائج التي توصل إليها لابوف وغيره، حيث أنه قد تواصل النساء استخدام الشكل المرموق للغة ولكنه يختلف عن اللهجة القياسية. وتجدر أيضًا ملاحظة استنتاج أبو حيدر (Abu- Haidar 1988, 210) أن الشابات في العالم العربي أكثر حساسية للتغيرات اللغوية وأكثر ابتكارًا من الرجال من كبار السن وصغار السن. وتتفق هذه النتيجة مع قول لابوف (Labov 1972, 243) أن النساء أكثر حساسية من الرجال للأنماط المرموقة. كما تذكر أيضًا المهندي ظاهرة الازدواج اللغوي في دراستها للمرأة القطرية (Al- Muhannadi 1991).
وتقر معظم الدراسات بالوضع المتغير للنساء في العالم الإسلامي وبالأدوار المختلفة التي تلعبها النساء الآن خارج المنزل وبمشاركتهن في التعليم والعمل كعامل يؤثر على اختياراتهن اللغوية (Jabeur 1987).
ومازال أمامنا الكثير في مجال دراسات علم اللغة في قضايا تتعلق بالجندر. فمثلاً هناك حاجة لدراسة حوارات المقابلات الشخصية للمتقدمين إلى العمل مثل دراسة بوغارز التي تعالج التحاورات بين الرجال والنساء باستخدام التسجيلات لعدد من المقابلات الشخصية الخاصة بالعمل في شركات هولندية (Bogers 1998). وهناك أيضًا حاجة لدراسات تركز على وسائل الإعلام (فتدرس الإعلانات مثلاً) وكيفية تصوير النساء فيها لغويًا.
أما عن مناهج البحث المستخدمة في دراسة اللغة والجندر فنجد أن علماء اللغة الذين يدرسون العالم الإسلامي وخاصة العالم العربي يستخدمون نفس التقنيات مثل نظرائهم الغربيين، فهم يركزون على الدراسات الكمية ويستخدمون التغيرات الاجتماعية والإحصاءات ويحاولون أيضًا التغلب على مفارقة الملاحظ، ولكن لم يستطع أي من علماء اللغة أن يتغلب عليها تمامًا. وكما تقول هيري “إن دراسة التفاعل بين القيم الأيقونية القائمة على الاختلافات الجنسية والبنية الاجتماعية مهمة شاقة بطبعها كما أن البيانات المطلوبة لبحث القضايا بشكل وافٍ غير متوفرة” (Haeri 1996, 106).
ومن أهم التحديات التي واجهت بعض الدراسات المذكورة أعلاه هي أنها دراسات مبنية على الطبقة الاجتماعية إذ أن مصطلح الطبقة الاجتماعية مصطلح غامض تناوله ميلروي (Milroy 1980) بالنقد، إذ أن فكرة الطبقة الاجتماعية غير موجودة في بعض المجتمعات.
ويبقى على علماء اللغة، رجالاً ونساء، ممن يتصدون لدراسة اللغة والجندر في العالم العربي توسيع آفاقهم والقيام بالمزيد من الدراسات التي تدرس الجندر وعلاقته بتبادل الشفرة، مثل دراسة وولترز (Walters 1996) مثلاً في تونس، كما أن عليهم توجيه المزيد من الاهتمام إلى ظاهرة الازدواج اللغوي. وكذلك هناك احتياج لدراسات تداولية تقوم بتحليل لغة الرجال والنساء من حيث اللياقة والأدب، فعلى سبيل المثال قامت كيتنغ (Keating 1998) بدراسة دور النساء في بناء تراتبية هرمية للمكانة حيث درست صيغ الاحترام في بوهنبي في ميكرونيزيا، فهناك حاجة لإجراء دراسات شبيهه في العالم الإسلامي.
وكذلك توجد في العديد من الدول الإسلامية مجتمعات متعددة الديانات. وبينما نجد دراسات تتناول الاختلافات اللغوية بين المسلمين وغير المسلمين، مثل دراسة أبو حيدر (Abu- Haidar 1992) والتي تدرس لهجات المسلمين والمسيحيين في بغداد إلا أنه تكاد لا توجد أية دراسات تقارن بشكل مباشر بين لغة النساء في مجتمع متعدد الديانات. كما نحتاج إلى المزيد من الدراسات للمقارنة بين الموقف اللغوى للمسلمات والمسيحيات في مصر مثلاً، أو بين النساء من الناطقات بلهجات أو لغات أخرى في العالم الإسلامى مثل الهند وماليزيا وإندونيسيا. وكذلك نحتاج إلى المزيد من الدراسات التي تركز على السمات الدلالية والتداولية، وعلى السمات النحوية والصرفية، وعلى السمات الصوتية والعروضية، عبر المجتمعات الإسلامية لإجراء مقارنات بين لغة النساء والرجال في المجتمعات الإسلامية المختلفة.
F. Abu- Haidar, Male/ female linguistic variation in a Baghdadi community, in A. K. Irvine, E. B. Serjeant and G. R. Smith (eds.), A miscellany of Middle Eastern articles. In memoriam Thomas Muir Johnstone 1924- 83. Professor of Arabic in the University of London 1970- 82, Harlow 1988, 151- 62.
F. Abu- Haidar, Shifting boundaries. The effect of modern standard Arabic on dialect convergence in Baghdad, in Symposium on Arabic Linguistics, Perspectives on Arabic Linguistics IV. Amsterdam 1992, 91- 106.
Lila Abu- Lughod, Veiled sentiments. Honor and poetry in a Bedouin society, Berkeley 1986.
M. A. A. Al- Khateeb, Sociolinguistic change in an expanding urban context. A case study of Irbid city. Jordan, Ph.D. thesis, University of Durham 1988.
M. Al Muhannadi, A sociolinguistic study of women’s speech in Qatar, Ph.D. thesis. University of Essex 1991.
R. Bassiouney, Functions of code switching in Egypt (evidence from monologues in the 1990s), D. Phil thesis, University of Oxford 2002.
W. O. Beeman, Language, status and power in Iran, Bloomington, Ind. 1986.
I. E. W. M. Bogaers, Gender in job interviews. Some implications of verbal interactions of women and men, in International Journal of the Sociology of Language (The Hague) 129 (1998), 35- 58.
J. Coates, Women, men and language, London 1993.
D. Crystal, A dictionary of linguistics and phonetics, Oxford 1996.
J. Daher, Gender in linguistic variation. The variable (q) in Damascus Arabic, in Perspectives on Arabic Linguistics. Amsterdam Studies in the Theory and History of Linguistic Science. Series iv 11 (1998), 183- 206.
M. Eid, The world of obituaries. Gender across cultures and over time, Detroit 2002.
S. El- Karch and O. Abdel Alim, Correlation between intonation contours and sociolinguistics, in Federation of Acoustical Societies of Europe. Speech `88. Proceedings, Edinburgh 22-26 August 1988, 7th FASE symposium, ed. W. A. Ainsworth and J. N. Holmes, Edinburgh 1988.
C. Ferguson, Diglossia. in Word 15 (1959), repr. In P Giglioli (ed), Language and social context, Harmondsworth, Middlesex, U. K. 1972, 232- 51.
E. Friedl, Women in contemporary Persian folktales, in L. Beck and N. Keddie (eds), Women in the Muslim world, Cambridge, Mass, 1978, 629- 50.
G. Grandguillaume, Père subverti, langue interdit, in Mediterranean Peoples 33 (Oct-Dec 1985), 163- 82.
N. Haeri, Why Do women do this? Sex and gender differences in speech, in G. Guy. C Feagin, D. Schiffrin, and J. Baugh (eds.), Towards a social science of language Papers in honor of William Labov, Amsterdam 1996.
-, The sociolinguistic market of Cairo Gender, class and education. London 1996.
T. Hayasi, Gender differences in modern Turkish discourse, in International Journal of the Sociology of Language 129 (1998), 117- 26.
S. F. Hirsch, Pronouncing and persevering Gender and the discourses of disputing in an African Islamic court, Chicago 1998.
S. H. Hurreiz. Social stratification and linguistic variation in Khartoum and its vicinity, in Occasional Papers in Linguistics and Language Learning 5 (1978), 41- 9.
M. Jabeur, A sociolinguistic study in Tunisia, Rhades, Ph.D. thesis, University of Reading 1987.
M. A. Kanakri, Linguistic variation in the Jordanian Arabic dialect of males and females. M.A. diss., Wayne State University 1984.
E. Keating. A woman’s role in constructing status hierarchies: using honorific language in Pohnpei, Micronesia, in International Journal of the Sociology of Language 129 (1998), 103- 6.
W. Labov, Sociolinguistic patterns. Philadelphia 1972.
L. Milroy, Language and social networks, Oxford 1980.
J. Owens and R. Bani Yasin, The lexical basis of variation in Jordanian Arabic, in Linguistics 25 (1987), 705- 38.
J. Rosenhouse, Contribution to the study of Moroccan Judeo-Arabic, Zeitschrift für Arabische Linguistik 26 (1993), 66- 87.
A. M. Royal, Male/ female pharyngealization patterns in Cairo Arabic. A sociolinguistic study of two neighbourhoods, Ph.D. diss., University of Texas, Austin 1985.
A. Roux, Quelques mots sur le langage des musulmanes marocaines, in Orbis (1936), 376- 84.
N. A. Stillman and Y. K. Stillman. The art of a Morrocan folk poctess, in ZDMG 128 (1978), 65- 89.
Ch. Trabelsi, De quelques aspects du langage des femmes de Tunis, in International Journal of Sociology of Language 87 (1991), 87- 99.
K. Walters, Gender, identity, and the political economy of language. Anglophone wives in Tunisia, in Language in Society 25 (1996), 515- 55