عندما تحاول النساء الإنجاب بعد سن الأربعين
تتعلق هذه الورقة بمجموعة للدعم الذاتى فى الولايات المتحدة الأمريكية لسيدات فوق سن الأربعين يعانين من مشاكل الخصوبة ويحاولن أن ينجبن للمرة الأولى، وقد أدارت هذه المجموعة معالجة تعانى بدورها من مشاكل الخصوبة. خاض بعضنا تجربة الإجهاض فى الماضى وتفاوتت درجات الندم على إجرائه، بينما لم تر بعض منا أي دليل على خصوبتهن. جرب بعضنا بعض الأساليب المساعدة على الحمل. ووقفت أمامنا جميعًا عوائق طبية أو مالية. وبالنظر إلى سننا، كان استخدام بويضات من المتبرعات هو الطريق الوحيد لتحقيق الحمل لأغلبنا . هذه الورقة تصف كيف واجهنا العقم كأفراد وكمجموعة ، وكيف تقبلنا حقيقة أنه برغم أن التكنولوجيا قد تمنح بعض الأمل إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون الأمل واقعيًا.
تعرف منظمة “الحل” – وهى شبكة وطنية للدعم والتأييد فى الولايات المتحدة الأمريكية للنساء اللاتي يعانين من العقم – مهمتها بأنها تقديم المساندة والدعم والتعاطف والمعلومات فى الوقت المناسب للأشخاص الذين يمرون بتجربة العقم، كما تعمل على زيادة الوعى بالموضوعات الخاصة بالعقم عن طريق التأييد والتعليم العام” .
للمنظمة مقر رئیسی به خط تليفونى لتقديم المساعدة والعديد من الفروع المحلية. ويعتبر فرع نيويورك من أكثر الفروع المحلية نشاطًا ، حيث يعقد جلسات تثقيفية للنساء والأزواج، وينظم حملات ضغط حول قضايا مثل تغطية التأمين الصحى للعمليات الخاصة بالعقم . وترعى المنظمة دعم مجموعات للنساء أو الأزواج، يديرها معالجون مدربون كانوا قد مروا بدرجة أو بأخرى بتجربة العقم من قبل.
تتميز القضايا الخاصة بالعقم بأنها معقدة للغاية، لذلك يجب أن تكون طرق الاستجابة لتلك القضايا متنوعة. تدير منظمة “الحل” بعض مجموعات الدعم الأولية للنساء اللاتى بدأن فى إدراك أنهن في مواجهة مشكلة وعليهن التعامل معها. كما أن هناك مجموعات متخصصة من كل الأنواع، فمثلاً هناك مجموعات للنساء أو الأزواج الذين يفكرون في استخدام بويضات أو حيوانات منوية من متبرعين، وهناك مجموعات للذين يفكرون في التبنى (بما فى ذلك مجموعات فرعية للذين يسعون لتبنى أطفال من أصول أمريكية وليس من أى مكان في العالم). كما توجد مجموعات لمساعدة الذين يعانون من العقم من الدرجة الثانية ( يكون الزوجان قد انجبا طفلاً أو أكثر ولكنهما عانيا من العقم بعد ذلك). وقد وصفت إحدى النساء قيمة المشاركة في إحدى مجموعات منظمة الحل في كولورادو بقولها :
“لا يمكنني إبراز قيمة المشاركة في مجموعة الدعم أثناء تلك المرحلة الصعبة. المفترض أن الحمل عملية سهلة وطبيعية، ولكن عندما تواجهين مشكلة العقم، يتحول كل مولود جديد ترينه إلى خنجر في قلبك” .
شاركت فى مجموعة خاصة بالنساء فوق سن الأربعين واللاتى يحاولن أن يحملن للمرة الأولى . تكونت المجموعة بهذا الشكل لأن القضايا الطبية والعاطفية للنساء الأصغر سنًا كانت تختلف عن قضايانا بصورة تتطلب معالجة منفصلة لتلك القضايا. من بين العضوات السبع بالمجموعة كان هناك خمس متزوجات واثنتان غير متزوجات وكن جميعًا متباينات جنسيًا. كان بيننا ست سيدات بيض اللون وواحدة أسيوية وكنا ننتمى لديانات متعددة ومختلفة.
كانت المعالجة التى تدير المجموعة – كما تشترط شبكة الحل – قد عانت من مشاكل العقم هي الأخرى، وأن كانت طبيعة تلك المشاكل تختلف عن تلك الموجودة في مجموعتنا . كان السعر المتفق عليه للجلسة الواحدة ٣٠ دولارًا لكل سيدة. طلب منا فى البداية التوقيع على القواعد العامة لمنظمة الحل والتي تضمنت تعهدًا بالمحافظة على سرية وخصوصية المجموعة، وإذا قررت إحدى المشاركات ترك المجموعة كان لزامًا عليها أن تحضر جلسة واحدة على الأقل لشرح أسباب تركها للمجموعة.
كنا نتقابل مرة واحدة أسبوعيًا لمدة ساعة ونصف لفترتين مدة كل منهما ۱۲ أسبوعًا عام ۱۹۹۷ وبدأت الفترة الثانية بعد فترة راحة أثناء فصل الصيف. كان الغرض من فترة الـ ١٢ أسبوعًا أن يكون عمل المجموعة محددًا زمنيًا وله هيكل منظم ببداية ومنتصف ونهاية. استمرت خمس منا إلى نهاية الفترة الثانية وانضمت إلينا عضوتان جديدتان فى الفترة الثانية. عندما انتهت الجلسات كان علينا أن نواجه مشاعرنا تجاه انتهاء نشاط المجموعة وكيف ساعدتنا المشاركة بها وما سوف نفتقده في هذه المجموعة وما هو نوع الدعم الذي سوف يكون متوفرًا لكل منا فيما بعد. كان علينا إيجاد طريقة لنستمر فى الاتصال فيما بيننا إذا أردنا ذلك.
استمرت سبع منا فى الاتصال بعد الفترة الثانية عن طريق نشرة دورية غير رسمية, كنت أجمع مادتها عن طريق المكالمات التليفونية والمذكرات ورسائل البريد الإلكتروني وذلك بعد مرور عدة شهور من آخر جلسة مع المعالجة. وقد ساعدت مشاركة مسودات هذا المقال فيما بيننا على استمرار الاتصالات بين عضوات المجموعة. وقد حدث أكثر من مرة أثناء جلسات المجموعة وحتى بعد انتهائها أن ترتب ٤ أو ٥ منا لمقابلة أحد المطاعم أو لتناول وجبة في منزل إحدى المشاركات، وقد كنا نستكشف – فيما أظن – إذا كنا نريد أن تحل الصداقة محل صلات مجموعة الدعم. وتوجد الآن درجات متفاوتة من الاتصال والتواصل الاجتماعي فيما بيننا.
اكتشفنا مبكرًا أن لدى كل منا تاريخ إنجابي مختلف عن الأخريات؛ فقد علمنا أثناء تعريف كل واحدة بنفسها في البداية أن بعضنا قد خاض تجربة الإجهاض منذ سنوات مضت, وتفاوتت درجة الندم على ذلك، بينما لم تر بعض منا أى دليل على خصوبتهن . كما عرفنا أيضًا بعض المعلومات عن الأساليب المساعدة على الحمل التي جربها بعضنا من قبل أو كن يجربنها في فترة عمل المجموعة . أتذكر كيف تنهدنا بأسف ونحن نستمع إلى رواية إحدى النساء عن سقوط حملها في اليوم التالي لإجراء عملية بزل للسائل الأمنيوسى المحيط بالجنين داخل الرحم* فى العام السابق. كما جرب ثلاث من النساء انواعًا إضافية أو بديلة من العلاجات مثل الوخز بالإب,ر أو بإتباع بعض النصائح التي التقطنها في ورش عمل عن استخدام أساليب العلاج التقليدى بالأعشاب والنباتات لمكافحة العقم . وقد عرفنا من خلال تجاربنا عن العوائق العديدة التى وقفت حائلاً دون نجاح الحمل بما في ذلك كل من العوائق الطبية مثل تليف الرحم والعوائق المالية مثل عدم القدرة على تحمل نفقات طرق العلاج باهظة الثمن مثل التخصيب المعملى الذي تطلعت الكثير من النساء في المجموعة لتجربته.
لم نتكلم كثيرًا عن الأمور المالية المتعلقة بعلاجنا ولكننا كنا على دراية تامة بوجود مثل هذه القضايا . يمكن للمال أو التأمين الصحى الخاص أن يشتريا الأمل والعلاج
الذي يمكن أن يؤدى إلى حدوث الحمل. تتفاوت سياسات التأمين الصحى بشكل واسع، فقد كان التأمين الصحى الخاص بي مثلاً يغطى اختبارات وعمليات العقم، بما في ذلك التخصيب العملى بحد أقصىی ۱۰۰۰۰ دولار طوال العمر. ولكنها لم تكن تغطى الأدوية اللازمة للعلاج. بينما غطى تأمين امرأة أخرى مصاريف الأدوية ولم يغط أية مصاريف أخرى . وقد ذكرت إحدى النساء: العديد من شركات التأمين تغطى جزءًا ما من تكاليف التخصيب المعملى ولكن الشركة التي كنت أتبعها لا تغطى ذلك. كنت أشعر أننى أُمنع من الحصول على شئ من حق الآخرين الحصول عليه وتجربته. كان تحملى لنفقات العلاج من مالي الخاص مقامرة غير مضمونة ولم أكن قادرة ماديًا على تحملها“.
أدرك الكثير منا أن فرص الحمل في سن ٤٣ أو ٤٥ أو ٤٧ من بويضاتنا شبه معدومة . في البداية وبالرغم من أن أيًا منا لم ترغب فى التخلى عن هذا الحلم شعرنا بالقلق إزاء تبعات التحول إلى اللجوء إلى بويضات سيدات أصغر سنًا وفكرنا فيما يجب أن نفعله حتى نشعر بارتياح تجاه مثل هذا القرار.
بعض برامج المساعدة على الحمل التي تنظم عملية استخدام بويضات من متبرعات تسمح برؤية صورة المتبرعة وهى طفلة، بينما تسمح القليل منها برؤية صورة المتبرعة وهى بالغة. كما كانت هناك مراكز خدمات مستقلة تساعدك على إيجاد متبرعة خاصة بك وتستخدم الكثير من تلك المراكز شبكة الإنترنت لعرض المعلومات (بعد دفع الرسوم بالطبع) عن بعض المتبرعات. ولكن بعض المستشفيات التي دخلناها والتي تقدم برامج استخدام بويضات المتبرعات ترفض أن تسمح بمثل هذه “الخيارات” ، وبدلاً من ذلك كانوا يعرضون علينا المتبرعة المتاحة وقتها بمنطق “البائع والشارى“. أنه يحق لك رفض متبرعة معينة، ولكن معنى ذلك أنك سوف توضعين فى ذيل قائمة الانتظار الممتدة لعام كامل إذا تكرر رفضك أكثر من مرة.
كان الطلب على بويضات من متبرعات يهوديات كبيرًا جدًا فى البرنامج الخاص بإحدى المستشفيات الجامعية في حين كان المطروح منها للعرض قليل جدًا لدرجة أن بدأ المستشفى فى تقديم عروض على النساء الإسرائيليات الأصغر سنًا برحلات مدفوعة ومقابل مادى يصل إلى بضعة آلاف من الدولارات حتى يأتين ويتبرعن ببويضاتهن.
وفى واقع الأمر، فان الرسوم المدفوعة للمتبرعات أثناء الفترة التى كنا نجتمع فيها قفزت بشكل كبير في أحد البرامج المحلية فى منطقة نيويورك من ٢٥٠٠ إلى ٥٠٠٠ دولار كنا نتناقش فيما بيننا في قوانين العرض والطلب وقرأنا مقالات فى النيويورك تايمز عن أخلاقيات “شراء” البويضات (الممنوع قانونًا) أو أخلاقيات تعويض المتبرعات عن الوقت والمخاطر التي يتعرضن لها (وهو التوصيف “المعتمد” لما تغطيه الرسوم). عرفنا أننا إذا أردنا اللجوء إلى تكنولوجيا بويضات المتبرعات، فعلينا أن نضع ميزانية لهذه الرسوم بالإضافة إلى تكاليف العملية الجراحية.
بعض البرامج تلزم النساء باقتسام بويضات متبرعة أثناء دورة شهرية محددة مع متلقية أخرى أو على الأقل تشجع ذلك عن طريق استخدام الأسعار المغرية كحافز للقبول. أما إذا استخدمت كل بويضات المتبرعة أثناء دورة شهرية معينة ( أى خلط جزء منها مع الحيوانات المنوية للزوج للحصول على أجنة جديدة يستخدم بعضها على الفور ويجمد الباقى لمحاولة لاحقة), ترتفع التكاليف بصورة أكبر.
كان هناك على ما يبدو العديد من القضايا التي يجب وضعها في الاعتبار عند التفكير في استخدام بويضات المتبرعات مثلاً؛ ما إذا كانت المتلقيات تمانعن وجود إخوة / أخوات غير أشقاء للجنين حين يتم اقتسام بويضات المتبرعة نفسها بين نساء مختلفات؟ وما هو عدد الأجنة التى يجب نقلها في المرة الواحدة لزيادة فرص النجاح وفى الوقت نفسه تجنب زيادة عدد المواليد عن توأمين أو ثلاث؟ وإذا نجح ثلاثة أو أربعة أجنة (أو) أكثر في البقاء، هل يمكن التفكير حينئذ في انتقاء من سيبقى، أى إجهاض جنين أو أكثر لمنح الأجنة الأخرى فرصة أفضل والمحافظة على صحتنا أيضًا؟ واحدة على الأقل في المجموعة شعرت بأنها سوف تكون مخادعة بشكل ما إذا ما استخدمت بويضة سيدة أخرى.
أثناء انعقاد جلسات مجموعتنا, قرأنا عن تجارب ومشاعر نساء أخريات بينما كنا نخوض تجاربنا الخاصة؛ كان علينا التعامل مع مشاعر متعددة سواء على المستوى الفردي أو معًا كمجموعة . وقد ساعدتنا المعالجة باستمرار على استكشاف مشاعر الخسارة والحزن والغضب والإحباط وحتى اليأس، كما ساعدتنا على الاعتراف بغيرتنا من النساء الأخريات سواء اللاتي كن في المجموعة ونجحن فى الحمل أو اللاتي لديهن أطفال. وقد أوضحت لنا أننا عندما نعبر عن الندم على اختياراتنا السابقة: “لو أننى لم أجر ذلك الإجهاض” أو “لماذا تأخرت كثيرًا فى الزواج؟ “؛ فاننا نزايد على ماضينا : “مثلما فى حالة الموت، فان الحزن في حالة العقم مفيد وضرورى . فالخسارة تتجسد عند حدوث الدورة الشهرية كل شهر، أو الفشل في محاولة التخصيب المعملى، أو الاضطرار للتفكير في خيارات أخرى، أو التخلى عن فكرة الإنجاب بالمرة. لقد أدركت من واقع خبرتى أن الناس الذين يأتون لمجموعات الدعم، يحاولون تجنب مشاعر الألم. وقد يؤدى هذا إلى الإصابة بالاكتئاب مما يؤثر على عملية اتخاذ القرار“.
ومن واقع تجربة معالجتنا، عادة ما يكون الناس الذين يلجئون إلى مجموعات الدعم غير قادرين على المضى قدمًا أو في مفترق طرق فى حياتهم، وأنه عندما يحدد الناس مشاعرهم بدقة ويدركون أن الآخرين يتفهمون تلك المشاعر، عندئذ يستطيعون اتخاذ القرارات والمضى فى الخطوات التالية مهما كانت .
“الحزن الذي شعرت به عندما واجهت احتمال ألا أنجب أبدًا أجبرنى على الاعتراف برغبتي المستميتة فى إنجاب طفل . الشعور باليأس يجعلنا في غاية الضعف . كم نشعر بالأمان عندما لا يكون هناك شئ نرغب فيه بشدة، وكم يكون ذلك جيدًا . وأقصد بجيد عدم الشعور باليأس والرغبة الملحة وبالاحتياج . كم وددت أن أصدق أنني بشكل ما مختلفة عن جميع النساء اللاتي خضعن في سعيهن للحمل – للتجارب مع التكنولوجيا المتطورة مرة تلو الأخرى . كنت أتمنى أن تكون مشاعرى أرقى وأن أكون أقل عاطفية وتقليدية، لكني لم أكن . لقد كنت أرغب بشدة فى إنجاب طفل مثل أى شخص آخر” إليكن قصص بعض النساء في مجموعتنا . استخدمت إليكن إحداهن عقار كلوميد – وهو دواء يؤخذ عن طريق الفم ويحفر عملية التبويض – شهرًا تلو الآخر على أمل أن تحصل على تلك “البويضة الجيدة” التي كانت موقنة أنها ما زالت موجودة فى مبيضيها . وقد حملت بالفعل عدة مرات في البداية ولكن لم يكتمل أي حمل منهم . وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير, عندما حدث لها حمل خارج الرحم وتم انهاؤه، ثم عرفت من تحليل الجينات أن الجنين كان خاليًا من أية عيوب كروموسومية وكان من المحتمل أن يعيش, لو كانت البويضة استقرت داخل الرحم. وقد ذكرت فى إحدى الرسائل التي كتبتها للنشرة الأولى للمجموعة :
“أفتقد كثيرًا الصداقة التى شعرت بها أثناء اجتماعاتنا مساء كل خميس وكذلك كم التركيز على قضايانا. أشعر أننى أتقدم ببطء أكثر وقد يكون السبب فى ذلك جزئيًا هو رغبتي في أن أتقدم في جوانب أخرى فى حياتى مثل العمل الذي أصبح يأتي فى المقدمة الآن. ومن الجيد بشكل ما أن لا نفكر فى الخصوبة والعقم طوال الوقت، أن ذلك يشعرني بالراحة والتحرر من الضغوط. ولكن من ناحية أخرى أعرف أننى أتفادى هذا الموضوع فلا أستطيع أن أصدق أننى سأبلغ ٤٧ عامًا هذا الصيف وبذلك سوف يتناقص لدى الأمل شيئًا فشيئًا في الإنجاب. ولكن دائمًا ما أسمع ذلك الصوت الصغير داخلى الذى يقول لى .. جائز .. لم لا؟.. جائز!” .
أتممت عامى الـ ٤٧ في الأسبوع الماضي، وأصبح الأمل فى الإنجاب الآن بعيد المنال، كما تعرفون جميعًا كان صعبًا على قبول فكرة التحول إلى استخدام بويضات المتبرعات ولكنني أشعر الآن أنني مستعدة، فقد حان الوقت لأن نكون أسرة. لقد جربت أخت زوجى استخدام بويضة من متبرعة الشهر الماضي ولكن المحاولة لم تنجح للأسف. وقد أقلقني ذلك لأننى كنت أتصور دائمًا أننى بمجرد قبولى بالفكرة، فسوف تسير الأمور بسلاسة“.
ومنذ ذلك الوقت تم تأجيل خطط هذين الزوجين إلى أجل غير مسمى، كما ظهرت مستجدات أضافت أبعادًا جديدة – لها ولنا – لأن زوجها قد أصيب بمرض خطير يهدد حياته نفسها .
وقد وجدت سيدة أخرى أن الخضوع لبرنامج لاستخدام بويضات المتبرعات لا يضمن على الإطلاق أن يسير بسهولة . وكان من الواضح أنها دخلت مرحلة انقطاع الدورة الشهرية مبكرًا حيث توقفت دورتها الشهرية لعدة شهور متتالية . وقد جربت هذه السيدة العلاج عن طريق التخصيب المعملى باستخدام جرعة كبيرة من عقار التبويض ولكنها لم تنتج أى بويضة . كان رد فعلها الأولى هو التخلى نهائيًا عن فكرة الإنجاب: “سوف أعيش دون أن أنجب أطفالاً . لقد أرادت أن تضع حدًا لرغبتها الملحة في الإنجاب وحاولت فى البداية أن تختار طريق عدم محاولة الحمل مرة أخرى, إلا أنها لم تشعر بالراحة إزاء هذا القرار وقررت استخدام بويضات من المتبرعات. وجدت بعد ذلك متبرعة تستوفى جميع المعايير التي وضعتها – وهى ليست مهمة سهلة دائمًا – ولكن جسمها لم يستجب.
في البداية حاول طبيبها أسلوب “تقليد الدورات الشهرية” ، من خلال حقنها بالإستروجين والبروجسترون حتى يدفع الرحم لتقليد المراحل الطبيعية للدورة الشهرية (كما لو كانت دورتها الشهرية ما زالت مستمرة). وهي طريقة تكشف عن ما إذا كان جسمها سوف يسمح للجنين أن يُزرع وينمو أم لا ، ولأن جسمها لم يستجب على الإطلاق للهرمونات، بدا واضحا أنه من غير المرجح أن ينجح استخدام بويضة المتبرعة في حالتها . وما زالت حتى الآن تجتر حزنها على فشل حلمها بالحمل, وإن كانت تفكر حاليًا مع زوجها فى التبنى.
هناك فرق شاسع بين البقاء “بدون أطفال (childfree)” وبين “عدم القدرة على إنجاب أطفال (childless)” فتعبير بدون أطفال له مدلول إيجابي يوحى بإمكانية الاستمرار فى الحياة بدون أطفال، وهو تعبير ملئ بالأمل ويوحي بإيجاد نهاية سعيدة لحالة العقم.
امرأة ثالثة بكت فى المرات الأولى التي حاولت فيها أن تتكلم عن تجربتها، وقد استغرقت وقتًا طويلاً لتتمكن من رواية قصتها . لقد جربت – دون جدوى – العلاج عن طريق التخصيب المعملى لمدة ٩ سنوات، وعندما كانت في الثانية والثلاثين كتبت :
“بدا كل شئ أفعله فى حياتى في ذلك الوقت بلا معنى من دون أطفال. شعرت برغبة ملحة في تغيير حياتي، فبدأت أبحث عن مجال عمل آخر. ولاننى أدركت – بعد المرور بتجربة التكنولوجيا المساعدة على الحمل – أن هناك الكثير عن عملية التخصيب والزرع لا يزال مجهولاً ، فقد انجذبت بشدة – بشكل غير واع باتجاه مجال البحث العلمي في مجال أجنة الثدييات . سيطر على الاعتقاد بانه ربما يكون في وسعى حل مشكلتى ومشاكل من هن مثلى, فعدت إلى الجامعة للتدريب على هذا التخصص“.
تمكنت هذه السيدة خلال جلساتنا الأسبوعية من استجماع شجاعتها للخوض فى محاولة أخرى للتخصيب المعملى ولكن المحاولة فشلت : “قلت لنفسي أنه إذا كانت ستأتينى الدورة الشهرية فإنني أريد أن أعرف نتائج تحليل الدم قبل مجيئها ، ولكن الدورة أتت قبل ساعتين من اتصال الممرضة. بدا لي الأمر وكأنني تعرضت للخيانة من جسدى“.
ثم كتبت عن محاولتها التالية وقالت أنها سوف تحاول أن توفر أفضل فرص النجاح هذه المرة، فأقلعت عن شرب القهوة (وكانت تستحق التشجيع على ذلك) وفكرت في العلاج عن طريق الوخز بالإبر والخيالات البصرية: “من ناحية أنا لست متفائلة فيما يتعلق بالتخصيب المعملى كما كنت فى الماضى (فالإخفاقات لها ضريبتها)، لكن من ناحية أخرى ما زالت لدى أمالي وأحلامي. كم أتمنى أن أستطيع التخلص من هذه الروح السخروية“.
“استخدمت التخصيب المعملي في شهر مايو. وبالرغم من أن الأمور لم تسر بشكل جيد كالمرات السابقة (تم نقل جنين واحد وقال الطبيب أنه ليس في حالة جيدة). إلا أن الحمل حدث! ولكنه لسوء الحظ لم يستمر سوى يومين فقط. بدأت انزف يوم٣٠ ، وفي يوم ٣١ كانت نسبة هرمون الكوريونيك جونادو تروفين ۱۲۳ ، ثم انتهى كل شئ بعد ذلك. ولأننا لم نصل إلى هذا الحد من قبل في المحاولات السابقة، كنا نحلق في السماء من السعادة لمدة يوم ونصف. بعد هذه الخسارة أصبحت غير قادرة على التواصل مع الآخرين لبضعة أسابيع وهذا بالطبع نوع من أنواع الحزن ، لكننى أشعر بأنني أحسن حالاً الآن. هذه الرسالة هي المرة الأولى التي أتحدث فيها عن تلك التجربة مع أى شخص خلاف زوجي. انا لا أمانع أن أخبركم جميعًا، ولكن الأصدقاء والأقارب الذين يعلمون بتلك المحاولة كانوا يسألوننى عن سير الأمور, ولم أستطع أن أحمل نفسى على التحدث عن الأمر. أعتقد أن الأمر يرجع بشكل ما لأنها ذكرى غالية على نفسى أخشى ألا يفهمها الناس كما أحب فتتشوه، والسبب الآخر أنها لا تزال ذكرى مؤلمة .
انتقلت تلك السيدة إلى ولاية أخرى وأصبحت ناشطة في الفرع المحلى لمنظمة الحل في الوماية، حيث تسعى للمطالبة بسن قانون جديد داخل الولاية يلزم شركات التأمين بتغطية نفقات علاج العقم. وقد منحها ذلك شعورًا بالتغلب على أحد جوانب مشكلة العقم وأكدت أن هذا النشاط كان له تأثير إيجابي على حالتها النفسية.
امرأة أخرى عاشت قصة نجاح أسعدتنا جميعًا . كانت هي السيدة نفسها التي سقط حملها من قبل بعد عملية بزل السائل الأمنيوسي، ثم خاضت تجربة التخصيب. المعملى ثلاث مرات مستخدمة بويضاتها ، ثم تحولت بعد ذلك إلى بويضات المتبرعات . لقد أصبحت الآن أمًا لتوأمين – ولد وبنت – ولكنهما لم يخرجا للحياة بسهولة. ففى الدورة التى انتهت بالحمل اكتشفت أنها تحمل ثلاثة أجنة . لحسن الحظ لم تضطر لإجراء عملية لاختيار أحد هذه الأجنة للتضحية به، حيث لم يتمكن واحد منهم من البقاء فى المراحل المبكرة للحمل. إلا انها اضطرت لإجراء عملية ربط عاجلة (وهى عملية جراحية لإغلاق عنق الرحم لمنع سقوط الحمل)، ثم كان عليها بعد ذلك أن تتحمل فترة راحة في الفراش لمدة ١١ أسبوعًا في منتصف حملها .
ولكن من حيث تحقيق حلم الأمومة، كانت هي الوحيدة في المجموعة التي نجحت في تحقيق هذا الهدف. كتبت إلينا قبيل الولادة القيصرية:
تشعر بفرحة غامرة وأنا شبه واثقة أن الحلم سيتحقق وإن كنت لست متأكدة من معنى أن أكون أمًا . أشعر بالقلق لأننى لا أعرف كيف سأتعامل مع الأمر وكيف سأحافظ على سلامة تفكيري. لقد انتهى طريق طويل ليبدأ طريق آخر.
ثم استطاعت هذه السيدة بعد ذلك التعليق على الطرق المختلفة التي ساعد وجود المجموعة على التأثير عليها: “استطعت الاستمرار فى التقدم بفضل المساعدة التي وفرتها لى ضغوط الزميلات واهتمامهن، وقد يكون هذا الدعم أحد أسباب أننى أصبحت أمًا اليوم .
حاولت النساء الأخريات فى المجموعة أن يقررن ما هي الخطوات التى يجب أن يتخذنها بعد ذلك، أن وجدت. كان على السيدتين غير المتزوجتين أن يتعاملا مع قضايا مثل اختيار حيوانات منوية من متبرعين، وبعض المشاكل الطبية الخاصة بهن, ومع قواعد برنامج التخصيب المعملي. وقد عبرت إحداهما عن الأسى الذي شعرت به عند انتهاء اجتماعات المجموعة:
“إنها عملية مؤلمة للغاية، لا يستطيع أحد تحملها بمفرده. عندما لا نجتمع بانتظام يتلاشى داخلنا الشعور بأننا هناك لمساعدة بعضنا البعض” .
وأخيرًا هناك قصة مؤثرة للغاية للسيدة التي يمكن أن تعتبر معمل تجارب طرق علاج العقم، والتي عانت من خلال العلاج بالأعشاب والعلاج بالأدوية عن طريق الفم والحقن لإسراع التبويض، ثم من التخصيب المعملى, وأخيرًا طريقة أخرى تجمع بين المعاشرة الزوجية في الأيام ٧ و ٩ و ١١ من الدورة، مع استخدام دواء للكحة لتقليل سمك الغشاء المخاطى لعنق الرحم. ورغم حدوث حمل إلا أنها أجهضت واضطرت لإجراء عملية كحت وتفريغ في الأسبوع الـ ١٢ ، ولكن للأسف لم تتم إزالة جميع الأغشية المشيمية جيدًا ، فتم إجراء عملية كحت ثانية وتفريغ بعد أربعة أشهر. وأخيرًا تم تشخيص إصابتها “بمتلازمة* أشرمان“, وهي مشكلة يمكن أن تحدث في بطانة الرحم نتيجة عمليات الكحت شعرت أننى أفقد السيطرة على جسدى بشكل متزايد “.
وفى واقع الأمر، فان الشعور بفقدان السيطرة هو أحد الهموم الدائمة للنساء (والرجال) الذين يخضعون لعلاج العقم. كانت بعض عضوات هذه المجموعة مهنيات محترفات, ثريات نسبيًا ومعتادات على استخدام مهارات الإدارة وحل المشاكل للتغلب على العقبات, ولكن ربما كانت هذه هى المرة الأولى التي واجه فيها بعضنا لغزًا لا يمكن حله عن طريق الحب أو المال. وقد وصف أحد الكتب التي قرأتها مؤخرًا الأشخاص الذين يهبون حياتهم لمحاولة الإنجاب فى سنوات عمرهم المتقدمة بأنهم:
“أشخاص حققوا أغلب الأهداف التي حددوها لأنفسهم فى الحياة تقريبًا . فهم راضون عن أنفسهم وعن زيجاتهم واستطاعوا التغلب على العديد من العقبات الجسدية والنفسية والعاطفية والاجتماعية حتى يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم” .
إلا أن هدف الإنجاب يمكن أن يكون مخادعًا ، بلا أمل في العلاج أو وجود محكمة استئناف لمحاولات العلاج الفاشلة.
أثناء قراءة النساء من مجموعتنا لقصصهن في مسودة المقال التي أعددتها، اشتركن جميعًا في ردي فعل ثابتين, بحن به إلى. كان الأول هو التأكيد على المشاعر
القوية التي ولدتها تجاربنا والتى استرجعنها أثناء قراءتهن عنها عندما قرأتها لأول مرة، انخرطت في البكاء, فقد أعادت إلى سيلاً من الذكريات الحزينة والدافئة أيضًا .
كان رد الفعل الآخر هو الوعى بأن تكنولوجيا الأساليب المساعدة على الحمل – التى تتيح العديد من الخيارات جعلت عملية محاولة الإنجاب أصعب من ذي قبل . فمنذ سنوات مضت وقبل أن تصبح عمليات التخصيب المعملى وبويضات المتبرعات متوفرة وشائعة الاستخدام، كان التبنى هو البديل الوحيد المتاح أمام عدم قدرتنا كنساء على الحمل بالطريقة التقليدية.
إن وفرة مثل هذه الأساليب الطبية تجعل عدم محاولة تجربتها صعبة للغاية. إن إعجاز تكنولوجيا الموجات فوق الصوتية يتيح لنا رؤية التكوينات الصغيرة التي تنمو على المبيضين حتى قبل التبويض أو إزالة البويضة. لقد شعرت إحدى النساء أنها بدأت في التواصل مع جنينها المحتمل مجيئه حتى قبل مرحلة الإخصاب. ومن المؤكد أن الموجات فوق الصوتية التي تظهر الجنين في الأسبوع السادس وتظهر نبضات قلبه، تجعل النساء يشعرن بحقيقة الحمل فى مراحله المبكرة مما يجعل خسارة هذا الحمل أكثر إيلامًا في حال حدوثها.
إن التكنولوجيا تمنح الأمل، لكن هذا الأمل قد لا يكون واقعيًا فى كل الحالات. عندما نشرت إحدى الكاتبات – بعد أن قررت أن تعيش بدون أطفال – تجربتها الخاصة في صراعها مع العقم. كانت القضايا التي أثارتها هي القضايا نفسها التي واجهناها في مجموعتنا:
“لماذا لا أستطيع أن أنجب طفلاً إذا رغبت في ذلك؟ ولماذا أنا بالذات؟ لم أفقد الأمل بعد, لا يمكن قتل الأمل، انه مثل دودة مهما قطعتها أربا تظل أجزاء منها حية رغم ذلك .. لا يمكن قتل الأمل. كيف أمكن لفكرة الحمل والولادة أن تسيطر علىّ إلى هذا الحد؟ كل ما كنت أفكر فيه هو أنه لابد أن هناك آلية ما ستعمل بمجرد محاولة الحمل, وبدلاً من أن تسمح لك بتقبل الحقيقة، تدفعك إلى الاستمرار في المحاولة بغض النظر عن فرص النجاح أو التكاليف. قد يكون هذا رد فعل بيولوجي… شئ ما قابع في الأعماق لضمان بقاء النوع. لم أر شيئًا مثل هذا من قبل . لم أكن أتخيل – حتى رأيت بنفسي – مدى قوة الرغبة” .
استمرت هذه الرغبة القوية داخل كل امرأة في المجموعة. وبينما بدا لنا جميعًا أننا تخلينا عن فكرة إنجاب طفل من صلبنا ، بدأنا جميعًا في التفكير في استخدام بويضات المتبرعات أو التبنى أو كلا الخيارين . قد تقرر بعضنا فى النهاية أن يعشن بدون أطفال، وكما قالت نفس الكاتبة عن اختيارها أن تعيش بدون أطفال: “أحيانا تكون بعض أفضل قراراتنا هي أكثرها إيلامًا” .
والحقيقة هى أن الصراع مع العقم الذي مرت به أغلب عضوات مجموعتنا سوف يظل جزءًا من تاريخهن بغض النظر عن القرارات التي قد نتخذها أو الأساليب التى نستخدمها لبناء أسرنا . أن التعاطف الذي أظهرناه تجاه بعضنا البعض سيظل جزءًا من حياتنا إلى الأبد.
(*) يتم اللجؤ إلى عملية بزل السائل الأمنيوسي من أجل التعرف على عدد من الأمور مثل جنس الجنين، أو ما إذا كانت هناك تشوهات خلقية الخ. (المحررة)
(*) المتلازمة هي مجموعة من الأعراض التى تحدث فى وقت واحد. (المحررة)
1-Ostravich L , Ostravich G , 1998. ‘ Resolving ‘ infertility . In : Parents at Last : Celebrating Adoption and the New Pathways to Parenthood . Peck CVN , Wilkinson W ( eds ) . Clarkson Potter
Publishers , New York .
2-The Asian member of our group was not interested in trying the donor egg programme or she would probably have encountered similar problems with scarcity of donor eggs .
3- Personal communication , Susan Frank , April 1999 .
4-Rossi A , 1998. In vitro . In : Wanting a Child . Bialosky J , Schulman H ( eds ) . Farrar , Straus
and Giroux , New York .
5-Carter JW , Carter M , 1989. Sweet Grapes : How to Stop Being Infertile and Start Living Again .
Perspectives Press , Indianapolis .
6-Paulson RJ , Sachs J , 1998. Rewinding Your Biological Clock : Motherhood Late in Life . WH
Freeman and Co , New York .
7-Alden PB , 1996. Crossing the Moon . Hungry Mind Press ( and Penguin Books , 1998).