عنف وتحرش وإهانة وإرهاب وترحيل على أمن الدولة…!
اعداد بواسطة:
جامعة حرة.. وطن حر
….لأنه الشعار والمطلب والحق الأصيل الذي قاد طلاب جامعة عين شمس إلى خروجهم في مظاهرات تطالب بإلغاء لائحة سنة 1979 وبخروج الأمن من الجامعة، الذي أصبحت سطوته كما يعلم الجميع تحكم وتتحكم في الجامعات ورؤسائها وأساتذتها وبالتالي طلابها. وما يتبع هذا الوضع من قتل للحرية بداية بحرية البحث العلمي وليس نهاية بحرية التفكير وممارسة الرأي والتعبير عنه في جامعة تذكر من تراثها استقالة رئيسها أحمد لطفي السيد احتجاجًا على فصل الدكتور طه حسين من الجامعة سنة ١٩٣٢، والآن وبعد مرور 73 عامًا على تلك الواقعة، يتحول حرم جامعة عين شمس إلى ساحة قتال بين طلبة يمارسون حقهم في التظاهر السلمي وبين كتائب أمن الجامعة التي انتهكت الحرم الجامعي بكل أشكال العنف والبلطجة ضد قدسية الحرم وضد الطلبة، ثم بإلقاء القبض على طالبتين كانتا بالمصادفة في جامعتهما لاستخراج أوراق إدارية، المصادفة وحدها قادتهما لخوض هذه التجربة المريرة والمهينة بين أيدي أمن الجامعة، وقد أدليتا بشهادتهما للدكتورة عايدة سيف الدولة أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، وبعد الشهادة والنشر في الصحف لم نجد ردًا ولا موقفًا من رئيس الجامعة الجالس على مقعد أحمد لطفي السيد ولا من وزير التعليم العالي، فهل الجريمة التي وقعت لا ترقى لمستوى اهتمامهما؟
… الضابط: المرة الجاية هاعاملك على إنك مش بنت
… الضابط: يبقى أبوكى سايب الضرب ليّ أنا
… الضابط: أنته بتتكسفى أوى كده ليه..أمال هتتجوزی إزای؟!
… الضابط : ممكن أحولكم النيابة والنيابة هتبعتكم برضوا لیا
نعمة جاد عبد الباسط وأمينة غانم عبد الجابر طالبتان في كلية البنات، جامعة عين شمس، نعمة 19 سنة في السنة الثالثة تاريخ.. وأمينة 19 سنة في السنة الثالثة علم نفس.. الطالبتان اقترفا خطأ فظيعًا بأن تصورتا أن مرافق الجامعة ملك لطلابها فجلستا لتستريحا على سلالم أحد المباني الإدارية في جامعة عين شمس دون أن تدركا أن هذه الجلسة سوف تكلفهما ساعات من الاحتجاز داخل الجامعة ثم ساعات أخرى في مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلى يتخللها ترهيب وإهانات وضرب وعنف وتحرش.. والقصة على لسانهما كالتالي” يوم ٢ أكتوبر كان هناك مؤتمر مزدحم فلم نتمكن من الجلوس بعد المؤتمر، بحثنا عن مكان نجلس فيه لنستريح قبل أن نغادر إلى منازلنا فجلسنا على سلم أحد المباني الإدارية وراء قصر الزعفران.. ولم نكن ندري أنه مبنى إداري..
كانت الساعة الثانية والنصف تقريبًا.. قعدنا مع بعض لمدة ساعة، ولما نزلنا من على السلالم لقينا البوابة الحديدية مقفولة. رحنا نفتحها مش متصورين إنها مقفولة بالمفتاح فلقينا عليها قفل.. نادينا على حد يفتح لنا.. جه راجل في زى مدنى.. تخيلنا إنه هيفتح.. قال هاروح أجيب المفتاح، وغاب لمدة ساعة.
بعد ساعة رجع ومعاه الضابط مصطفى (على كتفه نجمتان) سألنا : بتعملوا إيه في المبنى، هاتوا ما يثبت شخصيتكما عشان أفتح لكما… أعطيناه البطاقة الشخصية… نعمة كان معنا كمان البطاقة الشخصية لوالدها وما يثبت إنه على المعاش… كانت محتاجاها علشان تعمل بحث حالة اجتماعية.. أخذ الأوراق وقال المفتاح مش معايا ومشي.
رجع مرة ثانية مع خمسة ضباط واللواء محمود عبد اللطيف، قائد الحرس الجامعي في جامعة عين شمس، وكانت الساعة حوالي السادسة مساءً. وبدأت الأسئلة من جديد: أيه اللي جايبكم هنا؟ بتعلموا أيه؟ شرحنا إننا كنا بس قاعدين مع بعض نستريح ونتكلم وإننا من كلية البنات جامعة عين شمس، وإن معانا أوراق تثبت إننا كنا هنقدم على بحث حالة اجتماعية، أصر على إننا كدابين… وإننا مش من الكلية، إديناه بياناتنا مرة ثانية فقال: “خليكم قاعدين هنا لحد ما نشوفكم في كلية البنات ولا لأ… قاعدين من الصبح تشتموا في الريس.. أنا هاوريكم إيه جزاء الكلام ده “أنكرنا أننا قمنا بسب أي شخص فقال ” عمومًا الدكتورة وفاء أنور (عميد الكلية) جاية دلوقتي وهتقولنا إنتم في الكلية ولا لأ” طلبنا منه نتصل في تليفون علشان نقول لأهلنا إللى بيحصل. رفض… الموبايل إللي مع أمينة ما كنشي فيه رصيد.
– كنا خايفين منه جدًا، وكان حوله تقريبًا ٢٥ رجلاً و5 ضباط وعساكر وإداريون تركنا لحد الساعة 7 مساء. كل ما نسأل عليه يقولوا بيصلي.
الساعة 7 جه حد تاني من الإداريين وقال إنه هيكتب مذكرة باللي حصل.. سألنا مرة ثانية كل الأسئلة.. أخذ أسامينا وتليفوناتنا وسبب الوجود في الجامعة، طلبنا مرة ثانية نتكلم في التليفون.. قلنا له هندفع ثمن المكالمة… رفض.
بعد شوية الضابط جه ثاني وابتدى يسأل تاني: إنتم جايين ليه؟ مش جايز هتفرقعوا المبنى؟ مش جايز تكونوا فدائيين؟ مش جايز جايين تغيروا النتيجة بتاعتكم؟؟ حاولنا نشرح إنه مش ممكن نفجر المبني وإحنا فيه.. قلنا له إن إحنا ناجحين ومش محتاجين نغير النتيجة وإننا كنا قاعدين وبس، مش بنعمل حاجة مفيش فايدة كان صوته عالياً جدًا.. والدنيا جوه المبنى كانت ضلمة. وفهمنا إنه بيحجزنا لحد ما الجامعة تفضى علينا؟ وأنه مافيش فايدة نخرج قبل كده. حسينا إننا مخنوقين. كانوا كلهم واقفين قدام البوابة الحديدية زي ما نكون في السجن.. وكلهم كانوا بیدخنوا سجاير… أمينة فتحت الشنطة بتاعتها وطلعت منها زجاجة كولونيا… من كثرة ربكتها وتعبها وقعت منها الزجاجة وانكسرت… لقينا الخمسة وعشرون راجل بيجروا بعيد وفضلوا بعيد شوية.. ما قدرناش نمسك نفسنا.. ضحكنا.. مدينا إيدينا على حتة زجاج مكسورة وقلنا لهم دی كولونيا.. مفيهاش حاجة!!
الساعة 8 طلبنا مرة تانية نتكلم في التليفون.. قال لنا: إدوني الشنط بتاعتكم وأنا أفتح لكم الباب.. المرة دى ما رضيناش.. فقلنا له: إنت أخذت أوراقنا وما فتحتش الباب.. إزاى تعرف أنك هتفتح بعد لو إدناك الشنط، قال: إيه إللى يضمن لى إنكم ماتجروش؟ حاولنا نشرح له: نجری نروح فين؟ كل العساكر دى ونجرى نروح فين؟
بعد شوية ابتدا يفتح الباب وقال “تعالوا المكتب علشان نعمل لكم فيش وتشبيه” دخلنا ونعمة كانت ماشية قدام أمينة.. نعمة قالت له: إديني بطاقة أبويا“.. شخط فيها وقال: “إنت بتستهبلي“!!.. وفجأة شد الحجاب من على رأس نعمة ورماه في الأرض.. ومسك نعمة من كتفها وابتدى يزق ويضرب فيها.. أمينة شافت المنظر ده ابتدت تصرخ.. الضباط مسكوها وكتفوها.. تقريبًا خمسة ضباط كانوا ماسكينها من كل دراع.. وفضلت تصرخ.. العساكر جم وشدوا نعمة جروها على السلم وشالوها وحطوها في عربية ميكروباص والتفتوا لأمينة.. نعمة بصت ناحية أمينة لقت الضابط محمود عبد اللطيف عمال يضرب في رأسها ورقبتها ويخربشها ويحاول يخلع عنها الخمار وهي ماسكة الخمار بإيديها، في وسط الضرب ده أمينة تبولت على نفسها.. أغمي عليها ووقعت على الأرض، وما فاقتش تاني غير وهي في العربية.
سألناهم رايحين فين؟.. ما حدش رد علينا!!.. خلونا نكلم أهلينا.. رفضوا… من ستر ربنا موبايل أمينة رن.. ردينا عليه. كانت واحدة صاحبتنا.. قلنا لها بسرعة إللى حصل.. من الشباك شفنا مديرية أمن القاهرة فتصورنا إن إحنا حنروح هناك…
لكن ما نزلناش عند مديرية أمن القاهرة.. نزلنا في حتة تانية عرفنا بعد كده إنها مقر جهاز مباحث أمن الدولة في لاظوغلي.. كانت الساعة 9 بالليل.. طول الوقت ده مفيش ميه.. مفيش أكل.. مفيش حمام.. دخلنا المبنى.. كان معانا شاويش في الميكروباص قال للضابط: الباشا في الكلية قال لي ما أمشيش لحد ما أشوف هتعملوا معاهم أيه!! مبنى مرعب… قعدوا يلفوا بينا في ممرات طويلة وضلمة. وفي آخر كل ممر أوضة عليها لمبة من فوق.. دخلونا ثلاثة مكاتب من غير لازمة.. كلها مكاتب ضلمة.. المكان كان مرعبًا والناس كانت مرعبة.. وإحنا كنا مرعوبين.. إذا كانوا في الجامعة ضربونا أمال هنا هيعملوا فينا أيه؟ واحد شخط فينا وطلب مننا نقعد على الأرض، والأرض كان فيها مجاری فرفضنا فقعدوا يلففونا تاني من مطرح ما دخلنا أول مرة، وفهمنا إن الدورة دى كانت عشان يخوفونا وبس….
في الآخر دخلنا مكتب على رقم (5) في الدور الثالث.. دخلنا كل واحدة لوحدها.
نعمة:
إللى حقق معايا واحد قال إن اسمه أشرف… قعد يسأل إذا كنت اشتركت في المظاهرات… قال لى إنه عنده صور تثبت إني اشتركت في المظاهرات.. ما رديتش عليه. سألني إنتي وأمينة كنتوا بتعملوا إيه قلت له كنا بنتكلم. قال لي لو ما قلتليش هعرضكم على طبيب شرعي وهأعملكم کشف طبي.. ما ردتش عليه. كنت مرعوبة.. قال لي لو ما رديتش عليه هأغمی لك عنيكي والمرة الجاية هأعاملك على إنك مش بنت!! اترعبت.. ما تخيلتش ممكن يعملوا إيه بعد ما شدوا الحجاب من على راسي. بعد شوية سألته وإذا كنا بنعمل حاجة ليه ما أخدتوناش على بوليس الآداب؟ ليه أمن الدولة؟ زعق في وقال لي إنتى هتعلمينا شغلنا، وطلعني برة.
لما دخلت تاني كان فيه راجل تاني مع أشرف.. أشرف كان أكثر وقاحة من الراجل الثاني.. طلب منى إنى أجى اقعد جنبه وقال لي لو ما جيتيش هأديكي قلمين يفوقوكي.. وسألني إنتي بباكي بيضرب ولا لأ. قلت له لأ. قال لي يبقى سايب الضرب لي أنا !! كلامه كان وقحًا.. سألني كنتوا بتعملوا ايه؟ كنتوا بتشربوا مخدرات؟ بتأخدوا هيروين؟ إنتى بتتكسفى ولا إيه؟؟ أمال هتتجوزي إزاي؟ قولي لي كنتم بتعملوا إيه؟ طب كنتم بتعملوا حواجبكم؟ قال لي كلام كثير سخيف.. بعدين قال لى إنتى بتتكسفى قوى كده ليه؟ ما شوفتيش عادل إمام وهو بيقول مفيش كسوف في العلم ولا في الدين ولا في أمن الدولة… وإبتدى يقول كلام سخيف جدًا على عادل إمام ويسرا… وإبتدى يوشوشني في ودني ويقولي لو مكسوفة تحكى لى خدى الموبايل وكلميني عليه.. ما رديتش عليه فقرب أكثر وقال لي مش هتمشى من هنا لحد ما تقولي لي كنتم بتعملوا إيه.. طيب خدى ورقة وإكتبي لي عليها كنتوا بتعملوا إيه!
أخدت الورقة وما كنتش عارفة أكتب عليها إيه.. شخط في وقال لي لحد دلوقتي أنا محترم معاكي.. كان ممكن أحولكم النيابة والنيابة كانت هتبعتك لي برضه
. إكتبي بسرعة كنتم بتعملوا إيه.. كتبت على الورقة إن أمينة أتقدم لها عريس وكانت بتسألني عن رأيي.. أخدها وقال: ياه هو ده اللي كنت مكسوفة منه.. بعدين راح مطلع قلم وحاول يدهولي وقال لى خدى القلم ده تذكار عشان تفتكريني…. ما أخدتوش طبعًا وخرجني من الأوضة.
أمينة:
قعدت ساعة في الممر.. الممرات كلها أجراس… أصواتها مرعبة.. كان فيه ناس بتروح وتيجي وأنا واقفة.. كانوا بيقولوا لى “إزيك يا أمينة” مر وقت طويل من آخر مرة كنتى فيها هنا “وأنا لا أعرف الناس دى ولا عمرى دخلت المكان ده قبل كده. ندهولي أدخل.. دخلت المكتب.. ما كنتش عارفه أصلب ظهري من كتر الضرب.. قعدت على كرسي.. كان التكييف على أسقع حاجة ومسلط على.. كنت حايشة نفسي من إنى أترعش سألني عن بياناتي.. كنت مش مركزة.. قلت له أنا تعبانة.. قال لى تحبي تستريحي ونكمل بكرة؟؟ قلتله لا… قعد يسأل عن مين لبسني الحجاب، وبأصلى مع مين، وبأقرأ إيه ومع مين وكنت باعمل أيه مع نعمة. كان بيدخن سجاير وبينفخ في وشي.. قلت له السجاير خنقاني.. قال لي أنا ممكن أطفى السيجارة، بس لما بابطل سجاير بأكون عصبي جدًا ومش مؤدب. تحبى أطفيها؟ بعدين جه له تليفون.. سرحت في الحيطة قدامی لقیت تلات شهادات تقدير ولقيت اسم خالد السيد إسماعيل العكروري.. بعد ما خلص التليفون قال لى إطلعي بره. لما دخلنا لاظوغلى أخدوا الشنط وفتشوها وأخدوا منها كل الأوراق تقريبًا. وإحنا خارجين نعمة طلبت البطاقة بتاعة والدها، الضابط قال لها شكلك عاوزة تقعدي معانا شوية كمان.
خرجنا بعد ساعة واحدة.. المكان كان فاضي خالص.. مفيش تاكسيات رضیت تقف لنا..
كان هذا يوم ٢ أكتوبر ٢٠٠٥، واستمر حتى فجر ۲ أکتوبر ٢٠٠٥، لقد استمعت لشهادتهما يوم 17 اکتوبر ٢٠٠٥.. أی بعد خمسة عشر يومًا، ومع ذلك ما زالت بقايا آثار خربشة اللواء محمد عبد اللطيف على رقبة أمينة وبقايا آثار لكماته على ساق نعمة.. والسؤال الآن: ما هو موقف إدارة الجامعة مما تعرضت له الطالبتان؟ وما هو موقف إدارة كلية البنات حيث تدرس الطالبتان التاريخ وعلم النفس؟ متى يخرج اللواء محمود عبد اللطيف وأمثاله من الحرم الجامعى ويتركون الحرم لأصحابه.. الطلاب والأساتذة؟ ومن هي الجهة المنوط بها التحقيق في هذه الجرائم وإعادة الاعتبار للطالبتين من طلبة جامعة عين شمس.. هل هو رئيس الجامعة الذي قال للطالبتين إنه ليس في سلطته مخاطبة وزير الداخلية وأن عليهما مخاطبة وزير التعليم العالي؟ هل هي إدارة كلية البنات التي لم تتخذ على حد علمنا، حتى الآن، من الإجراءات ما يفيد شعورها بالإهانة لهذا التهجم البوليسي على طالباتها داخل الحرم الجامعي؟ أم هي النيابة العامة التي كانت ستحول الطالبتين إلى الضابط أشرف على حد تعبير أشرف نفسه..