عن الخلع

بقلم:

هل أعطى الخلع فعلاً المرأة حقها؟

الخلع حق للمرأة يكرهه الإسلام كما كره الطلاق ولكنه حق من الحقوق الحرجة لا يسكت عنه. إن قضية الخلع التي طلبت فيها المرأة تسريحها من رجلها لبغضها إياه مشهورة فى كتب الاحاديث والتفاسير وخلاصتها أن جميلة بنت عبد الله بن سلول كانت تبغض زوجها ثابت بن قيس فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:”لا أنا ولا ثابت يجمع رأسي ورأسه شيء. والله ما أعيبه في دين ولا خلق . ولكن أكره الكفر في الإسلام وما أطيقه بغضا وإنى رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل فى عدة من الرجال فإذا هو أشدهم سوادًا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً“. فقال رسول الله لها:”أتردين عليه حديقته؟فقالت:”أردها وأزيده عليهافقال صلى الله عليه وسلم:”أما الزائد فلاوقضى بالطلاق.

والمتأمل في هذا الحديث يجد أن المرأة خشيت ألا تقيم حدود الله وكرهت الكفر في الإسلام فبادرت بطلب الطلاق دونما ذنب ولا عيب تأخذه على زوجها فردت إليه ماله كما طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إعمالا اللقاعدة الشرعية الاضررلا ضرر ولا ضرار“. فهل أسباب الخلع فى زماننا هى نفس الاسباب في الزمن الماضى ام أصبح الخلع طريقا لخلاص المرأة من أسر الزوجية والنجاة بحياتها بعد أن سامها الزوج ألوان العذاب – فتضطر آسفة إلى مخالعته وكأنها تدفع فدية للتحرر من آلام السجن والأسر الذي فرضه عليها الزوج؟

إن المتابع لمحاكم الأحوال الشخصية بدوائرها يرى حجم المعاناة الإنسانية التي تعانيها المرأة للحصول على حقوقها الشرعية. فمع مشوار التقاضي الطويل والإنفاق المالي الثقيل دون فائدة ترجى، إذ أشد أنواع الظلم العدالة البطيئة، تلجأ المرأة إلى طلب المخالعة وترد على زوجها ما دفعه من مال. فهل كل الزوجات يمتلكن المال الكافي لاسترداد حرياتهن المسلوبة أم أن الخلع اختصت به النساء صاحبات المال الوفير؟ واذا كان الحال كذلك فماذا عن بقية النساء اللاتى لا يمتلكن مالا؟ وماذا عن بعض الرجال الذين يتكسبون مقابل الخلع الذي أصبح بالنسبة لهم تجارة رابحة؟ وهل بهذا يمكن القول إن الخلع قد أعطى المرأة حقها فعلا؟ أم قيد هذا الحق وقصره على المتيسرات ماديا اللاتي يضطررن إلى دفع الأموال للحصول على الحق الذي شرعه لهن الله؟

لم يترك الشرع ولا القانون الباب موصداً أمام الفقيرات من النساء فأعطاهن وسائل قانونية للحصول على حقوقهن من الشرعية، بما في ذلك الحق في اللجوء للتقاضي للحصول على الطلاق.

فهناك دعوى الطلاق للضرر، وما على الزوجة سوى إثبات إساءة معاملتها من قبل الزوج بأي من طرق الإثبات، بما في ذلك شهادة الشهود، للحصول على الطلاق. بل لم يشترط القانون جسامة للضرر الذى يوقعه الزوج بزوجته حتى يحكم القاضى بطلاقها مع احتفاظها بحقوقها الشرعية، بل يكفى إساءة المعاملة وسوء العشرة وعدم الإنفاق والهجر لفراش الزوجية والتحريض على ارتكاب الرذيلة أو أي مما سبق. والمعيار هنا موضوعي يخضع لتقدير سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في محكمة النقض.

فمتى تعرف الزوجة حقوقها الشرعية التي ترتبت على الزواج، وتحتفظ بها كاملة غير منقوصة فى حالة الطلاق بدلا من أن تبادر إلى طلب الخلع وتخرج من علاقة زوجية دفعت فيها الكثير من الصبر والاحتمال مع ضيق ذات اليد وسوء الحال …. خالية الوفاض أو كما يقالبخفي حنيندون ذنب جنته لعدم معرفتها بما أعطاها الشرع والقانون من وسائل وأدوات قانونية تعينها؟

على سبيل المثال:

1 – إذا أهانك الزوج أشهدي عليه أهله والجيران.

2 – إذا اعتاد إيذاءك حرري محضرا بقسم الشرطة التابع له مسكنك.

3 – إذا هجر فراش الزوجية أشهدى عليه أحدا من أهلك أو أهله ممن هم مقربون إليكم.

٤ إذا رأيت عدم صلاح الحال واستحالة العشرة بينكما، وإذا لم يرتض الطلاق بالحسنى، بادرى برفع دعوى قضائية للحصول على حكم من القاضى بطلاقك مع احتفاظك بحقوقك الشرعية مدعمة الدعوى بالمستندات التي سبق أن أثبتها على النحو السابق ……. واحذري الخلع.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات