عوائق تحقيق الشمول المالي للمرأة ودور الدولة في تمكينها اقتصاديًا
تاريخ النشر:
ديسمبر 2023
عوائق تحقيق الشمول المالي للمرأة ودور الدولة في تمكينها اقتصاديًا
إن تحقيق المساواة بين الجنسين في الدولة يترتب عليه استقلالية مالية للمرأة، وعدم تحقيق هذا يعتبر نوع من أنواع العنف الاقتصادي الذي نحاول مناهضته بشتى الطرق. ويجب أن يكون للدولة المصرية دور في محاولة التصدي لمثل هذا النوع من العنف، من خلال تيسير شروط التقديم على القروض للنساء، بالإضافة إلى تسهيل استلام المعاشات، وغيرها من أشكال الاستقلالية المالية للمرأة، التي تساهم بشكل أو بآخر في تحقيق الشمول المالي للمرأة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، ومناهضة العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي.
وكنا قد ذكرنا في تقارير سابقة، المقصود بالعنف الاقتصادي، وهو السيطرة على الموارد الاقتصادية (المالية) الخاصة بشخص آخر من خلال فرض القيود واستغلالها أو تخريبها. وذلك وفقًا لما ذكرته مؤسسة “النجاة من الانتھاك الاقتصادي”.
وفي السنوات الأخيرة نجد أن مصر تحاول تمكين النساء اقتصاديًا، ونأمل أن يشمل هذا التمكين تيسير محاولة التقديم على قروض ومعاشات.
يقصد بالشمول المالي، هو تيسير الوصول أو الحصول على الخدمات المالية بتكلفة مناسبة، وإتاحة الفرصة للأفراد لادخار أموالهم في مكان آمن والحصول على الائتمان اللازم.
وفي تقرير “Commonwealth The” عن الشمول المالي للمرأة عام 2014، تم تحديد ثلاثة محاور رئيسية لتحقيق هذا الشمول، وتضم “الوصول” و”الاستخدام” و”الجودة”، ويشير “الوصول” إلى القدرة على الحصول على المنتجات والخدمات المالية، أما “الاستخدام” تشير إلى الاستمرار والاستدامة في استخدام الخدمة، وبالنسبة للـ”الجودة” توضح الدرجة التي تلبي بها الخدمة المالية الاحتياجات الفعلية للمستخدمين.
وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في دول العالم، فيما يتعلق بمستوى الشمول المالي للمرأة بشكل عام، إلا أن الفجوة بين الجنسين ما زالت موجودة، وتتمثل في امتالك الرجال للحسابات المصرفية على حساب النساء.
ووفقًا لدراسة أعدها البنك المركزي المصري، حول دور القطاع المصرفي في دعم الشمول المالي للمرأة، تشير بيانات البنك الدولي، فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، إلى امتالك حوالي 52 % من الرجال لحسابات مصرفية مقارنة بـ 35 % فقط من السيدات. وتعد تلك الفجوة الأكبر مقارنة بكافة المناطق الآخرى.
وبالطبع يتطلب تعزيز الشمول المالي للمرأة وجود نظام مالي ومصرفي أكثر شموالً وتشريعية، تقر سياسات داعمة للمرأة والفئات المهمشة.
العوائق التي تواجه تحقيق الشمول المالي للمرأة
على الرغم من الجهود المبذولة لدعم الشمول المالي للمرأة، إلا إنها لا زالت تواجه العديد من العوائق التي تحول دون وصولها للقطاع المالي الرسمي. ووفقًا لدراسة أعدها البنك المركزي المصري، حول دور القطاع المصرفي في دعم الشمول المالي للمرأة، نوضح ما هي هذه المعوقات:
– العوائق على جانب الطلب: ويتمثل في محدودية إمكانية الحصول على التمويل بسبب ضعف الإمكانيات وغياب الوعي والثقافة المالية، ويعني ذلك إما أن تكون المرأة غير مستقلة مادية، أو ليست لديها المعلومات الكافية عن المنتجات والخدمات الرسمية المتاحة وما يطرأ عليها من تطورات.
– العوائق على جانب العرض: وتتمثل في عدم اعتبار المؤسسات المالية كالبنوك استهداف فئة النساء فرصة للحصول على حصة سوقية أكبر بل اعتباره استثمار عالي المخاطر.
– العوائق المتعلقة بالإطار التشريعي: تواجه النساء قيودًا نظيمية رسمية من خلال العديد من القوانين والتشريعات، التي في حال عدم مراجعتها وتطويرها باستمرار تتسبب في هدر حقوق السيدات في العديد من القضايا.
– العوائق الاجتماعية: وتتمثل في ثقافة بعض المجتمعات التي لا زالت تتسم بالرجعية مثل تلك التي تتيح فرص التعليم للرجال أكثر من السيدات، وتحرم السيدات من العمل خارج المنزل أو امتلاك مشروع صغير أو حتى هاتف محمول.
دور الدولة في التمكين الاقتصادي للنساء
في 2019، أعد المجلس القومى للمرأة استراتيجية تمكين المرأة 2030، على كافة الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وكلف الرئيس عبد الفتاح السيسى، الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس باعتبارها وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية .
وركز الحديث في هذه الاستراتيجية على التمكين الاقتصادي للمرأة، والذي يهدف إلى معالجة العوامل المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية بشكل جذري، وتنمية قدرات المرأة لتوسيع خيارات العمل أمامها وزيادة مشاركتها فى قوة العمل وتحقيق تكافؤ الفرص في توظيف النساء فى كافة القطاعات بما فى ذلك القطاع الخاص وريادة الأعمال.
ووضعت الاستراتيجية في هذا المحور مؤشرات بينها أن نسبة الإقراض متناهي الصغر الموجه للمرأة 45% ومستهدف وصولها إلى 53% بحلول عام 2030، ونسبة الإناث اللاتي لديهن حساب بنكى 9% ومستهدف الوصول بها لـ 18 % في 2030.
بينما نسبة الدخل المكتسب المقدر “فجوة الدخل بين الذكور والإناث” 29% ومستهدف 58% ، ونسبة المشروعات الصغير الموجهة للمرأة 22.5% ومستهدف في 2030 الوصول إلى 50%، وغيرها من المؤشرات التي تم ذكرها في الاستراتيجية.