“ها أنا قد أصبحت على الهامش… فهل استسلم؟” هذا هو التساؤل الذي بدأت به أحداث الفيلم الذي يستعرض في يوم واحد، ومكان واحد حياة زوجين “فريدة” وتقوم بدورها “إيناس مكي” وتعمل مترجمة و “طارق” ويقوم بدوره “خالد الصاوى” ويعمل مصورًا سينمائيًا.
حياة عادية لامرأة عادية لا يمنعها العمل من أن تقوم بكل الأعمال المنزلية بمفردها رغم أنها تعمل مثل زوجها، ولكنه لا يقوم بأي عمل في المنزل سوى تفريغ شحناته الجنسية مع زوجته، وفي المقابل يملك هو فعليًا كل شيء، حتى لو كان مشتركًا بينهما بدءًا من المنزل المعلق عليه اسم “طارق” على بابه، مرورًا بالسيارة التي يدفع كل منهما قسطها ولا يستخدمها غيره، وصولاً إلى رسالة “الأنسر ماشين” التي تعلن فيها طارق أن هذا المنزل ملكه، ولذلك فإن طارق يملك المنزل بما فيه ومن فيه.
أما البطل الثالث للفيلم فهو الأنسر ماشين الذي يتردد في المنزل يحاول إيقاظ فريدة من غفوتها وسلبياتها عن طريق صوت صاحب العمل مذكرًا إياها بميعاد تسليم الترجمة، فعندما تردد صوته أول مرة حاولت النهوض من تحت ذراع طارق الملقي فوق عنقها بعد ممارسته للجنس معها، ولم تستطع أيضًا في المرة الثانية لانشغالها بتنظيف بقايا طعام وحلاقة طارق وهذا الزوج أو طارق في الفيلم يحب زوجته، ولكن هذا الحب لم يمنعه من أن يعاملها كـ “شيء” سبب وجوده في الحياة هو إسعاده وخدمته لا تختلف فريدة بالنسبة له عن أي من الصور المعلقة على جدران منزله نساء عاريات فهي صورة أو مجرد جسد، فعندما يمارس طارق الجنس معها تتحول إلى جسد بلا روح، صورة لا يظهر عليها غير تعبير الأنين المحبوس تحت الألوان.
سمعت منذ فترة مقولة “أن الرجل هو كل حياة المرأة بينما هي جزء من حياته” وتحدد هنا المخرجة وكاتبة السيناريو جيهان الأعصر هذا “الجزء” بالهامش الذي تتلخص وظيفته في الحفاظ على شكل الصفحة وليس له أي أثر من مضمون الصفحة، أو ربما تقصد بالهامش “المحك” أو النقطة الفاصلة بين أن تكون على الصفحة أو خارجها في مجتمع يظهر استخفافًا بآراء النساء مطلقًا عليها “كلام نسوان” استهزاء هل ممكن أن تتناقش امرأة مع رجل بشكل “منطقی“؟
وعلى العموم فقد حاولت فريدة بالفعل حين تناقشت معه في موضوع السيارة التي يدفعان معًا أقساطها ولا ينتفع بها سواه استخف برأيها وأعطاها ظهره لينام.
ينتهى الفيلم بمشهد من أجمل مشاهده عندما يكلم طارق فريدة في التليفون ليلغي موعدهما للذهاب لمشاهدة الفيلم الذي اختارته فريدة، ويطلب منها أن تعد له ولأصدقائه العشاء لأنه أخبرهم أنها طباخة ماهرة وتكره أن يتناول الطعام خارج البيت، فتوافق فريدة وهى تخلع “قناع التجميل” عن وجهها، تخلع فريدة دبلة الزواج عن إصبعها وتضعها بجوار مفتاح المنزل أمام المرآة مصطحبة حقيبة ملابسها وتخرج ناظرة إلى الباب المعلق عليه يافطة باسم “طارق“.
استطاعت فريدة في النهاية أن تخرج من عالم زوجها لأنها رغم كل ذلك تملك زمام أمرها فدعونا نتخيل مثلاً لو أن “فريدة” لديها أبناء، أو تنتمى لطبقة فقيرة، أو يعولها زوجها فهل كانت ستختلف الأحداث؟ هل كانت ستحطم قيدها المتمثل في دبلة زواج بعد أن تخلع قناع الرضا الزائف عن حياتها؟. تحدث وقائع هذا الفيلم لنساء كثيرات وفي الأغلب لا يدركنه أو يشعرن به فقط ولا يستطعن تسميته وكأنه من “مستلزمات الزواج مثل الأثاث أو الأبناء” فربما تستطيع إحداهن أن تفيق وتقرر الهروب مثل “فريدة” حتى لو كانت هذه الإقامة ستحدث كل أربع سنوات مرة في يوم لا يأتي سوى كل أربع سنوات وهو ٢٩ فبراير.