في القانون المرأة والمواطنة والجاهلية الحديثة
على الرغم من التعديل الأخير للدستور المصري وإقراره مبدأ المواطنة في المادة الأولى والتي تؤكد في معناها البسيط المساواة بين كافة أفراد الوطن دون تمييز على أساس الدين أو الجنس أو غير ذلك إلا أن الواقع الفعلي أثبت وجود انتهاك الحقوق المواطنة للمرأة المصرية .
والمتابع للتشريعات المصرية المختلفة يجد أن وضعية المرأة داخل هذه التشريعات تنم عن وجود فجوة حقيقية بين النص الدستوري لمبدأ المواطنة الواقع الأليم الذي تحياه المرأة والذي يظهر في بعض التشريعات على النحو التالي :
المرأة وقانون العمل
جاء قانون العمل الحالي رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ صادمًا للمرأة بشكل واضح لما يحويه من تمييز صارخ تجاهها وتعمده التنصل من جميع حقوق المرأة الواردة بالإتفاقيات الدولية بل والدستور المصري ذاته .
أهم نقاط التمييز ضد المرأة في قوانين العمل :
نصت المادة الرابعة من قانون العمل على:
لا تسرى أحكام هذا القانون على عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم.
وهذا الاستثناء يمثل قيدًا غير مفهوم من المشرع المصري، فالأصل أن القانون وضع لتنظيم علاقات الأفراد داخل المجتمع ولعلاج جميع المشكلات الموجودة فيه ومشكلة خدم المنازل – وأغلبهم من النساء – من المشكلات الملموسة داخل المجتمع ، وقيام المشرع المصري بإقصائهم من الحماية القانونية وعدم توفير مظلة حماية أخرى لهم هو أمر غير مبرر ويتضمن تمييزًا واضحًا ضد المرأة العاملة.
نص المادة (۹۱) من قانون العمل على : للعاملة التي أمضت عشرة أشهر في خدمة صاحب العمل أو أكثر الحق في إجازة وضع مدتها تسعون يومًا … ولا تستحق إجازة الوضع لأكثر من مرتين طوال مدة خدمة العاملة.
والواضح من نص هذه المادة أن المشرع اشترط مرور فترة زمنية لا تقل عن عشرة أشهر حتى يمكن منح المرأة إجازة وضع بمرتب كامل مع أن هذه الفترة كانت ستة أشهر في القانون السابق رقم ١٣٧ لسنة ١٩٨١ م. وذلك يعني أن العاملة بالتأكيد لن تكون “حامل” حال التحاقها بالعمل.
۲– عدم استحقاق المرأة الخاضعة لأحكام قانون العمل لأكثر من أجازتي وضع طوال مدة خدمتها على الرغم من أن قانون العاملين المدنيين بالدولة ينص في المادة ٧٣ منه على حق العاملة في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر بعد الوضع وذلك ثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية ، وهو ما يعتبر انتهاكًا لحرية المرأة في اختيار عدد أطفالها.
نص المادة ٩٦ من القانون على:
ضرورة أن ينشئ صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة أو أكثر في مكان واحد دار حضانة لإيواء الأطفال وهو النص نفسه الوارد بالقانون السابق، وهو ما يعني أن المنشأة التي تستخدم ٩٩ على سبيل المثال لا تخضع لأحكام هذه المادة ، وهو ما كان يجب على المشرع تحديده بنسبة مئوية من إجمالي عدد العاملين بالمنشأة نفسها مع وضع حد أدنى له إما أن يحددها بعدد جزافي لا أساس له فهو بذلك قد ترك بابًا للتحايل على النص ذاته.
ومن ناحية أخرى فإن الغرامة التي لا تقل مائة جنيه ولا تجاوز مائتي جنيه أفضل لصاحب العمل من إنشاء حضانة للعاملات وهذا يعد استهتارًا حقيقيًا بحقوق المرأة العاملة وأبنائها.
وزارة الداخلية تمنع الجنسية عن أبناء المصريات رغم أنف القانون
تعرف الجنسية بأنها رابطة قانونية بين الفرد والدولة يصير الفرد بمقتضاها عضوًا في الدولة وهو الأمر المستقر بين فقهاء القانون والأصل أن تثبت الجنسية لأي فرد دون تمييز بين كونه رجلاً أو امرأةً إلا أن إدارة الجوازات والهجرة بوزارة الداخلية ترفض استلام الأوراق أو إعطاء الجنسية لأبناء المصريات المولودين لأباء فلسطينيين في مخالفة صريحة النص القانون وتم رفع دعاوى لنساء كثيرات رفضت الوزارة منح أبنائهن الجنسية ، وإن كان هناك بعض الحالات لآباء فلسطينينن حصلت على الجنسية في بداية تطبيق القانون ثم تم إيقاف استلام الأوراق بقرار إداري من وزارة الداخلية.
المرأة المصرية وقانون العقوبات
رؤية خاصة على المواد المتعلقة بالزني
قد تناول قانون العقوبات المصري جريمة الزني في عدة نصوص بداية من المادة ٢٧٣ وحتى المادة ۲۷۷ ، وبالقراءة السريعة لهذه النصوص نجد أن المشرع العقابي المصري فرق بين حالة زنى الزوج وحالة زنى الزوجة.
أولاً من حيث أركان الجريمة
اشترط القانون الجريمة زني الزوج ضرورة ارتكابها داخل منزل الزوجية وجعل هذا الأمر ركنًا جوهريًا في الجريمة أي أن الزوج لا يعد مرتكبًا للجريمة إذا وقعت خارج منزل الزوجية ، بينما تكتمل أركان جريمة زنى الزوجة إذا وقعت في أي مكان.
الرجال يقتلون تحت حماية القانون
ثانيًا: من حيث العقوبة
۱ – قرر القانون الحبس مدة لا تزيد على سنتين للزوجة الزانية بينما جعل مدة العقوبة للزوج الزاني هي الحبس لمدة ستة أشهر.
٢ – أعطى القانون الحق للزوج بوقف تنفيذ العقوبة على الزوجة الزانية بينما لم يعط هذا الحق للزوجة (المادة ۲۷٤) وعادة لا يمكن الحكم على الزوج في جريمة الزني لأنه في هذه الحالة سيقوم الزوج بتطليق زوجته قبل رفع الدعوى أو قبل الحكم فيها فلا تسمع دعواها لإنهاء علاقة الزوجية بينما لا تملك المرأة حق تطليق نفسها.
حالة خاصة المادة ۲۳۷ من قانون العقوبات: تنص المادة سالفة الذكر على:
من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنى وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادة ٢٣٤، ٢٣٦.
وهذا النص يوفر حماية القتل للرجل ولم يوفره للمرأة، وهذا النص موجود بالعديد من التشريعات العربية والإسلامية منذ قديم الأزل بل إن بعضها يعطي هذا الحق لأب الزوجة وكذلك أخوها معللاً الأمر بأنه “القتل لباعث شريف” ومستندًا في ذلك إلى اعتبارات وموروثات اجتماعية لا سند لها في أي من الكتب السماوية.
ومن استعراض نصوص هذه القوانين المخجلة نجد أن المرأة المصرية ما زالت تعامل كمواطن من الدرجة الثانية ولا عبرة في كل هذا بكلمة أضيفت لنص دستوريًا لتمنحه نغمًا موسيقيًا فقط وواقعًا أليمًا، والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذا هو هل المساواة حقيقة واقعة في الحاضر الإجتماعي المصري خاصة فيما يخص الأحوال الإقتصادية والسياسية والإجتماعية أم أن المساواة هدف وغاية نسعى إلى تحقيقها.