“لا للتنمر” كانت إحدى أهم العبارات التي أطلقتها المعلمات للاعتراض على شروط مسابقة 30 ألف معلم رياض أطفال، التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم منذ يوليو 2022، للتعين بالمدارس.. فقد تفاجأت المعلمات المتقدمات للمسابقة بغرض التوظيف، أن من شروط التعين النظر إلى الوزن المثالي، حيث لم تتلقى إي صاحبة وزن زائد رسالة لخضوعهن المرحلة الأخيرة من القبول بالمسابقة، للتمكين من العمل كمدرسات رياض أطفال.

وبخصوص الاختيار على أساس الوزن، كتبت إحدى المتقدمات للمسابقة عبر “تويتر”: “ياجماعة أنا بس عايزه أفهم إيه حوار الوزن ده علشان إيه هو شافني مش قادره أمشي مثلًا هو اختبرني رياضي وعرف أن أقدر أدي كويس؟ ليه حكم عليا وأن اللي وزنهم زايد مبقاش يتبعت لهم ليه القهر والذل ده؟”.

أما “سهام” إحدى المتقدمات لمسابقة وزارة التربية والتعليم، وجدت نفسها بين اختيارين إما حقها في العمل أو الاحتفاظ بجنينها، موضحة في تصريحات خاصة لموقع “درب”، أنه عند الإعلان عن المسابقة منذ حوالي عام لم يفصحوا عن أي شروط آخرى غير المؤهل وحسن السير والسلوك، قائلة: “اتعاملت بشكل طبيعي وحدث حمل وأصبحت الآن في الشهر السابع.. في البداية اخبرونا بأن المتقدمات الحوامل معافين من الكشف الرياضي مراعاة لوضعنا الصحي، إلا أننا فوجئنا برسائل بضرورة الذهاب إلى الكلية الحربية والقيام بتمارين بدنية صعبة كالجري لـ100 متر في أقل من 15 ثانية، والقيام بتمارين شد البطن و30 ضغط، وهو ما يعني خطر حقيقي على الحمل.. رفضت القيام بهذه التمارين ووقعت على ورقة برفضي لأداء الاختبار الرياضي”.

وأوضحت “سهام” أنه لم يخبرها أحد بنتيجة التوقيع على هذه الورقة، ولكن بما تراه أكدت أن هناك إبعاد مُتعمد للحوامل وأصحاب الوزن الزائد.. “كأن هناك قرار لمعاقبتنا عن طبيعتنا البيولوجية في الحمل والولادة دون أي مراعاة لمؤهلاتنا وخبرتنا في المجال المطلوب العمل فيه”.

وكانت “شيماء” إحدى المتقدمات لوظيفة مدرس رياض أطفال، تقدمت هي الآخرى بالأوراق المطلوبة وشهادة المؤهل بكلية تربية بنات بتقدير عام جيد مرتفع، وذلك منذ الإعلان عن المسابقة، وبعدها بالفعل أرسلت الوزارة خطاب بقبولها وخضوعها للتدريب حول مهارات التدريس وغيره، ومرت بالإمتحانات ونجحت نجاحًا باهرًا، على حد وصفها، ولكن تفاجأت بعد ذلك بما حدث، قائلة في تصريحات خاصة لـ”درب”: “بعد فترة فوجئنا بشروط لا يمكن وصفها إلا بأنها شروط تعجيزية، حيث طلب منا الذهاب للكلية الحربية والخضوع لكشف طبي، وإختبار رياضي، ثم كشف هيئة”.

أكملت “شيماء” حديثها عن الشروط التعجيزية، قائلة: “مررت من الكشف الطبي، ثم جاء موعد الاختبار الرياضي، التي طلب فيها القيام بـ 30 “عدة ضغط”، ومثلهم اختبار شد البطن، ثم الجري 100 متر خلال 15 ثانية، قمت بعمل كل التدريبات، إلا تدريب الجري لأنه يحتاج عداء وليس مدرس، وفوجئت بأن الوزن يفرق في نتائج المسابقة، خاصة وأن وزني كان يزيد في الفترة الأخيرة بسبب البقاء في المنزل دون عمل”.

تابعت: “فوجئت بعدم إرسال رسالة بميعاد كشف الهيئة والاتجاه لاستبعاد أصحاب الوزن الزائد، إضافة لتعرضنا للتنمر من زملائنا الذين لا يعانون زيادة الوزن ووصول رسائل بموعد كشف الهيئة لآخرين مؤهلاتهم العلمية أقل وتقديراتهم أقل، ما أصابنا بالإحباط الشديد نحن وأسرنا، خاصة وأنه لم يخبرنا أحد بأن الوزن من متطلبات الوظيفة”.

رأي القانون في التمييز بين العاملين والتنمر عليهم

وكان للقانون المصري رأيًا يجب أن يعتد به، في “التنمر” بهيئة معلمات رياض أطفال، فقد نص قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 على أن: “يحظر كل عمل أو سلوك أو إجراء يكون من شأنه إحداث تمييز أو تفرقة بين العاملين في شروط أو ظروف العمل أو الحقوق والواجبات الناشئة عن عقد العمل، بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو النقابي أو الجغرافي، أو أي سبب آخر يترتب عليه الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص”.

 يجدر الإشارة إلى أننا كنا قد تناولنا في مبادرة “صوت” حقوق المرأة في العمل بشكل مفصل في حملة مطولة خلال شهر يوليو الماضي، على صفحاتنا الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، واستعرضنا فيها بعض الأفكار ومنها: حقوق يجب أن تعرفها الحامل والحاضنة في العمل، والاسباب القانونية للفصل من العمل، بالإضافة لمعرفة قواعد الأجازة المرضية، وغيرها من الأفكار الخاصة بحقوق المرأة في العمل.

رأي برلمانية في شروط مسابقة وزارة التربية والتعليم

وفي متابعة لأهم أخبار مسابقة وزارة التربية والتعليم بشأن رفض تعيين عدد من معلمات رياض أطفال، أكدت الدكتورة “إيرين سعيد” عضو مجلس النواب، في 21 أكتوبر 2023، بحوار لها ببرنامج “من أول و جديد” المذاع على قناة “الحدث اليوم”، تقديم الإعلامية نيفين منصور، أن مسابقة 30 ألف معلم التي أعلنت عنها وزارة التربية و التعليم، وضعت شروطًا صعبة على جميع المتقدمين.

وأضافت قائلة: “يعني إيه يتم استبعاد السيدات الحوامل؟، هو في معلمة لا تحمل.. وهل السيدة الحامل لا تستطيع القيام بعمل”.

وتابعت: “هناك أشياء كثيرة قامت بها وزارة التربية و التعليم، بشأن رفض من تم اختيارهم، وتحديدًا السيدات، فهل سيتم منع تعيين أي سيدة تحمل بعد فترة من التعيين”.

وطالبت من وزير التربية و التعليم الدكتور رضا حجازي، بحل مشكلات من تم استبعادهم من مسابقة الـ 30 ألف معلم.

وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمعلمين، نذكركم بما مروا به نخبة من معلمات رياض أطفال الحاصلين على أعلى الشهادات، ولكن التنمر على هيئتهم ووزنهم، بل وتعرضهم الطبيعي للحمل، كان عقبة أمام تحقيق حلمهم، ليصبح حلمهم العادي في التوظيف بعد التخرج.. حلمًا ضائع!