في سبنسة المواطنة تجلس نساء الترسو
اعداد بواسطة:
في سبنسة المواطنة تجلس نساء الترسو
المطلقة .. مراقبة ومعدود عليها أنفاسها
الأرملة .. حبسوها لانها طالبت بحقوقها فى ميراث زوجها
غير المتزوجة .. عدم الاعتراف بوجودها حتى لو كانت تشغل منصبا مرموقا
من لم تنجب .. ليس لها حق الحياة
إنها الحقيقة حتى لو هربنا منها لأنها جارحة فلن نستطيع إنكار وجودها ، فنحن ومع الاعتذار للمادة الأولى من الدستور التي تنص على حقوق المواطنة فإن مواطنة النساء منقوصة بشكل عام ، وبيننا نساء يعتبر من المجتمع بنسائه ورجاله في الترسو أو الدرجة الثالثة ، ويدفعن ثمنًا مضاعفًا لموقعهن في سبنسة قطار المواطنة .
انتي بتشتغلي ليه ؟
مريم طبيبة ناجحة وأستاذة جامعية مرموقة وسنها ٤٥ عامًا ولم تتزوج اختفت ابتسامتها عندما حكت حوارًا دار بينها وبين طبيب زميلها بدأ بسؤاله الاستنكاري “أنا مش عارف انتي بتشتغلي ليه في مستشفى تاني انتي بتعملي بالفلوس إيه“
فاضطرني للرد عليه بسخافة وقلت له “بعمل بالفلوس زي ما انت وكل الرجالة بيعملوا بصرفها ، الحقيقة إن السؤال ده مزعج جدًا وكأنه عايز يقول لما انتي مش متجوزة أو لما انتي عانس بتشتغلي كتير ليه ، والسؤال ده أو التدخل وصل لأهلي وأصدقائي والرد الأكثر سخفًا هو رد أمي على اخواتي لما سألوها هي بتشتغل كتير ليه فبتقولهم “اهي بتسلي نفسها“
واحدة من دول
باستنكار عبرت عنه هبة بحدة قائلة : “لا طبعًا لا يمكن أقبل أن اخويا يتجوز واحدة مطلقة، ليه هو ناقص ايد ولا رجل، حتى لو جت واحدة من دول لا يمكن نقبلها ، لأنها لو كانت كويسة کانت بتطلق ليه” “بالمناسبة هبة طالبة في كلية من كليات القمة .
أما مروة لم تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها تزوجت وبعد ثلاثة شهور من زواجها أصرت على الطلاق وتنازلت عن مستحقاتها كاملة لزوجها حتى تحصل على الطلاق بأسى تقول : لأنني لم أتحدث عن أسباب إصراري على الطلاق فقد تعرضت لهجوم شديد وصل حد العنف من أهلي ، ولأنني اعتبرت أن تجربتي تخصني وحدي وقررت احترام أسرار حياتي الشخصية لم يقتنع المحيطون بي وقرروا افتراض أسباب من عندهم خاصة لأنني تنازلت عن جميع حقوقي وطلبت الانفصال في هدوء ، ويبدو أن هذا الهدوء لا يرضي المجتمع وكأنه أراد مني أن أفضح الدنيا وأقول حقي برقبتي ، وقد فسروا موقفي بأنني تنازلت لأسباب خاصة منها أن يكون في حياتي رجل آخر أو أشياء أخرى ، خاصة أن فترة زواجي كانت قصيرة ، وقد مر على طلاقي ثلاث سنوات أعيشها وكأنني متهمة ومراقبة ومطالبة كل تحركاتي فالعيون حولي تعد علي أنفاسي“.
تلتقط خيط الحديث ابنة عمها قائلة: “منذ طلاق مروة وأنا ألتقي بها سرًا لأن أمي منعتني من زيارتها رغم أننا تربينا معًا وتربطني بها صداقة قوية ، لكن أمي ترى أن ارتباطي بها سوف “يوقف سوقي” على حد تعبيرها وأنا لم أتزوج بعد ، وعلى فكرة أمي كانت مطلقة قبل زواجها من أبي ، فهي مرت بتجربة الطلاق منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا ، ومع ذلك لم تتوقف حياتها ، ورغم هذا تمنعني من زيارة ابنة عمي المطلقة“.
ليس من حق المطلقة أن تختار ، هذا ما أكدته نهلة – طالبة جامعية – فقالت : “نحن في الصعيد لنا وضع خاص المهم أن يستمر الوضع كما يريد الأهل والمجتمع ، فالمرأة ليس من حقها اتخاذ قرار الطلاق، وعادة ما يكون قرار الطلاق للرجل وإن حدث فأهل المطلقة يسعون لتزويجها من آخر بشكل سريع خوفًا من الفضائح حتى لو كان الزوج الثاني غير مناسب لأنها لن تجد الزوج المناسب ، فلن يقبل رجل الزواج من مطلقة إلا إذا كانت ظروفه صعبة كأن يكون أرمل ولديه أطفال ، أو كبير في السن ويحتاج لمن ترعاه .
حتى وهي جالسة في مقعدها في سبنسة قطار المواطنة فهي مهددة طوال الوقت بالطرد منه إلى مقعد المطلقات وهي المرأة التي لا تنجب تقول عواطف : ” تزوجت لمدة خمس سنوات ولم أنجب واكتشفنا أنني غير قادرة على الإنجاب، فخيرني زوجي بين الطلاق أو البقاء مع زوجة أخرى تنجب له فاخترت البقاء لأنني لا أعمل ولا أريد أن أكون عبئًا على أخوتي وزوجاتهم، والحياة بالنسبة لي ليست سوى مكان أنام فيه ولقمة أكلها، وبالتأكيد لو كان عندي دخل أو عمل ما قبلت هذا الوضع.
رغم أن هدى بنت “ناس طيبين زينا” إلا أنها قالت بثقة: “طبعًا من حق الراجل يتجوز واحدة سليمة بتخلف ، ولو أخويا اتجوز واحدة ما بتخلفش لازم يطلقها ، هو متجوز علشان يخلف ويخلد اسم العيلة ، بالمناسبة لا تحمل هدى لقب لعائلة كبيرة حتى تسعى لتخليده.
قد تبدو للوهلة الأولى أن راكبة مقعد الأرملة في ترسوا المواطنة أسعد حالاً من زميلاته فهي تلقى تعاطفًا من المحيطين بها باعتبار أن ما حدث لا دخل لها فيه بل قضاء وقدر ، فلا هي غير متزوجة لأنها لم تقدم مصوغات قبول الزواج منها ، ولا هي متمردة لم تحافظ على بيتها ، ويزداد التعاطف مع وجود أطفال ، ولكن ياويلها إن أبدت اقبالاً على الحياة فهي مراقبة من الأهل والمجتمع وهما معًا يقرران دفنها معنويًا مع زوجها ، أما كارثة الكوارث بالنسبة لها إن فكرت في الارتباط برجل آخر فلن تفقد تعاطف المجتمع فحسب بل ستجلب عدوانه ويزداد الوضع سوءًا في الريف والصعيد وخاصة إذا كان في الأمر ميراث أو تركة .
وهذا ما حدث – على سبيل المثال لأنه يتكرر – مع (س – م – غ) وهي أم لثلاثة أطفال توفي زوجها منذ ثلاث سنوات ، تاركًا للورثة بيتًا يعيشون فيه وقطعة أرض فضاء ، بإحدى قرى محافظة الغربية، ولأنها مازالت صغيرة فقد قرر أخوة الزوج الاستيلاء على التركة بدعوى الحفاظ على “مال اليتامى” فقاموا بحبسها هي وأطفالها في بيتها حتى تتنازل لهم عن نصيبها في الميراث .
لا تتعرض الأرملة لهذا القهر فحسب بل أحيانًا تجبر على الزواج من أحد أشقاء الزوج المتوفى حتى لو كان متزوجًا .
بالأرقام
وإذا كنا جميعًا نحن النساء منقوصات المواطنة فكم عدد ونسبة راكبات السبنسة أو معدومات المواطنة بأطواق وأسوار عادات المجتمع وأفكاره وثقافته ، ففي آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وصل عدد المطلقات إلى اثنين ونصف مليون مطلقة ، وإن حوالي ٤٠% من المطلقات لا يتجاوزن الثلاثين من العمر ، وإن ٥٢% من حالات الطلاق تقع بين أزواج يتراوح متوسط العمر بينهم من 20 إلى ٢٥ سنة فقط ، ويشير التقرير إلى أن عدد المطلقات اللاتي لم يتزوجن مرة ثانية ٢٠٦ آلاف امرأة مقابل ٥۸ ألف رجل .
وقد سجل آخر إحصاء عدد الأرامل بـ ٩,٢ مليون نسمة، وعدد من تتزوجن من الفتيات وقد تجاوزن سن الخامسة والثلاثين ٣ ملايين فتاة.
وأشار التقرير إلى أن ٤٢% من حالات الطلاق تحدث نتيجة عجز الزوج عن تلبية احتياجات أسرته، وإن ارتفاع معدل العنوسة بين الجنسين يرجع مباشرة للوضع الاقتصادي, والتطور التعليمي والثقافي والدراسة، والظروف الخاصة المرتبطة بالمجتمع والتي تتغير مع التغييرات المرتبطة بالتعليم والعمل .
في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التربية والتعليم عن استراتيجيتها للعمل خلال الفترة من (۲۰۰۷ – ۲۰۱۲) ، ارتكازًا على تقديم تعليم عالي الجودة لجميع التلاميذ بما يحقق التلاميذ في العدالة بين جميع التلاميذ كل قرى ومحافظات مصر .
تكشف الأرقام والدراسات الرسمية والميدانية أن تعليم الإناث في مصر لا يرقى إلى مستوى تعليم الذكور ، سواء فيما يتعلق بالإنفاق على هذا التعليم أو النوعية التي تقدم, وبالتالي أيضًا في مدى استفادة الفتيات من هذا التعليم للحصول على فرصة عمل.