قالت الرواية

تأليف:

ذات الرداء الخفي

الكلمة كلمتي والشورة شورتي، والقول قولي يا حبيبتي، الكلمة بدعتها ونسقتها ولما حبيت نطقتها، ورثت عن أمي الخيال وأبويا الجلال والفضول.

لبستي أمي لبس ولد، وقدمتني على أني أجدع ابن بلد مع إني أرق من الريحان، خافت أمي علي يكون مصيري زي مصيرها وأقضي حياتي في وحرمان وتحفي. لكنها كانت لازم تفهم إن الخوف لا يمكن يولد خير وانتصار. حرمتني أمي من جنيس زي ما اتحرمت هي من الحنان والأمان. وسط الزحام والرجال علشان أعيش، بس ما فكرتش هاعيش إزاي مع نفسي وأنا خايفة منها وعليها.. الموت أهون علي من عيشتي الخفية.

لسه برضه ما عرفتوش أنا مين؟ الحق مش عليكوا اللوم على التي يعيش ولا يسألش على الحقيقة.

يوم ما أمي قدمتني لأبويا على إني صبي من التلات صبيان اللي ولدتهم علشان يفك حصارها، ماحدش يومها كان عايز يعرف الحقيقة مع إنها بسيطة بساطة المزيكا، كلمة بدل كلمة.. بنت بدل ولد، إنما النهارده الكلمة كلمتي والشورة شورتي والقول قولي

أنا بنت أمي البنت ذات الرداء الخفي، اللي ما ظهرتش ليلتها قدام السلطان، بنت شهرزاد التالتة وأبويا ملك الملوك شهريار وخالتي اللي كانت صديقتي الوحيدة في البلاد دنيا زاد. متشوقين تسمعوا قصتي أكيد دي مش حكاية جديدة من حكايات ألف ليلة وليلة، بالعكس دي الحكاية الحقيقية لقصة لم تنقال ولم تحكي قبل النهاردة.

تسألوني اشمعني النهاردة بالذات؟ النهارده باحتفل بيوم ميلادي الحقيقي، يوم ميلاد وبعث القصة الحقيقية لكتاب أبي شهرزاد، أو كتاب الألف حكاية اللي أنا جمعتهم واللي كنت باسمعهم وأنا مستخبية تحت سرير أبويا وأمي. كل ليلة أسمع الحكايات وأجمع القصص وأكتب اللي يعجبني وأسيب اللي ما أحبوش…. وبعد ما تخلص أمي الحكاية، اليس العباية والعقال وأمشي في البلاد على أني ابن السلطان، لحد ما تميت العشرين وفاجئت الجميع إني بنت السلطان اللي مالهاش مكان وسط الرجال. ويومها بالذات تركت البلاد وهما ولا هما دارين إني معايا الحكايات.

تسألوني مكثت كل ده في البلاد على أني غلام؟ دي حكاية يطول شرحها، تلاقوها في قصص ألف ليلة. المهم إني كنت وقتها أذوق طعم الدنيا وتجاربها أحسن وأنا غلام، يعني كنت أقدر أجوب البلاد وأركب الخيل وأسبح في الوديان وأكلم الأغراب وأنظر في عين الرجال. لكن لو كانوا عرفوا إني صبية كان زماني دلوقتي أم لتلات عيال وقاعدة في البيت أعد سنابل القمح وأشكي همي للشجر والنجوم. المهم بعدها سافرت بلاد وبلاد وقابلت حكايات أغرب من حواديت الجن والعفاريت، يبقالي تلات سنوات سابيه بلد أهلى وأخوالي وأحبابي. في الغربة باكتب حكايات وافتكر حواديت أمي وحنانها إلى أن وصلت بلد اسمها مصر ورسيت. ولا رضيت بحالي واطمأنيت، كتبت حكايتي وحكايتها ليكو في يوم ميلادي علشان تبقوا شاهدين على أن من يوم ورايح الكلمة كلمتي والشورة شورتي والقول قولي يا حبيبتي.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات