الارتقاء بالأمم يحتاج إلى عوامل مختلفة أهمها الارتقاء بالمرأة، وانحطاط الأمم ينشأ من عوامل مختلفة أيضًا: أهمها انحطاط المرأة ” قاسم أمين“
المرأة طرف رئيسي في منظومة العمل، ويعد حق العمل من أهم حقوق المرأة الذي كفله لها القانون، والدستور لكي تساهم المرأة بشكل فعال وإيجابي في المجتمع، لكن الواقع لا يعترف بذلك، حيث إن المرأة تساهم بنسبة ٢١% فقط من قوة العمل، ويمثل القطاع الحكومي المجال الرئيسي لعمل المرأة المصرية، وبه حوالي 33% من النساء العاملات و١٤% في القطاع العام. أما القطاع الخاص فنسبته 17%، وهذه النسبة ضعيفة جدًا بالنسبة لدولة تسعى للنمو الاقتصادي، كما أن نسبة المرأة التي تشغل المناصب القيادية لا تتعدى 20%، وانخفضت نسبة وجود المرأة في قطاع الأعمال عقب الخصخصة: بسبب لجوء المرأة إلى المعاش المبكر بعد الاستغناء عن خدماتها. جاء قانون العمل الموحد ليعتدي على حق النساء في العمل ويدفع بهن إلى الاستقالة أو التعرض للفصل وإنهاء الخدمة من قبل أصحاب العمل، فهذا القانون الذي أثار جدلاً واسعًا وحظى منذ أكثر من ثماني سنوات بقدر من الاهتمام، لم يحظ به قانون سواء داخل مجلسي الشعب والشورى والنقابات فلم يتعرض قانون من قبل لمثل هذه المناقشات والمجادلات المستفيضة، ويستمد هذا القانون أهميته من أنه يعتبر من أهم القوانين الاجتماعية، التي تنظم العلاقات داخل المجتمع، من خلال علاقات العمل بين أصحاب العمل والحكومة، وعلى الرغم من رحلته الطويلة، إلا أن أصحاب المصلحة في القانون والمخالطين بأحكامه لم يتمكنوا من التعبير عن مصالحهم کطرف فاعل وشريك في صنع هذا القانون، الذي يتكون من ۲۷۰ مادة، يمثل للحكومة طوق النجاة من أزمتها الاقتصادية بعد ارتفاع سعر الدولار، وأزمة السيولة والركود الاقتصادي: مما أجبر الحكومة على الرضوح لرجال الأعمال وإطلاق أيديهم في تحديد شروط العمل، التي تخدم مصالحهم بحجة تشجيع الاستثمار.
ويمثل إهدارًا للمكاسب التي حققتها المرأة في القوانين السابقة وكانت تطمح لمزيد من الحقوق وليس للانتقاص، منها: يأتي قانون العمل ليهدد حقوق المرأة بالضياع فمواده تعتبر اعتداء على حقوق المرأة الإنجابية ووفقًا للقانون الجديد لا تستحق المرأة العاملة إجازة الوضع لأكثر من مرتين، طوال مدة خدمتها مع العلم أن هذه الإجازة التي تحصل عليها المرأة تكون لتأدية واجبات اجتماعية مهمة، مثل رعاية الأطفال.
كما أن القانون جاء يسلب المرأة حقوقًا، كانت قد حصلت عليها فعلاً… فالمرأة العاملة لا تستحق إجازة للوضع ومدتها تسعين يومًا، إلا بعد أن تكون قد أمضت عشرة أشهر في خدمة صاحب العلم، بعد أن كانت ستة أشهر في القانون السابق.
في مادة أخرى للقانون يكون للمرأة العاملة الحق في فترتي رضاعة لا تقل كل منهما عن نصف ساعة. لمدة ثمانية عشر شهرًا فقط وهذا يتعارض مع ما ينص عليه قانون الطفل رقم ١٢ لسنة 1996 في مجال حق الطفل في الرضاعة، حيث ينبغي إعطاء الحق في ساعة رضاعة لمدة أربعة وعشرين شهرًا.
وتستثني المادة 97 العاملات في الفلاحة من أحكام تطبيق هذا القانون، وهذا يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وعلى الأخص اتفاقية العمل رقم 105 الخاصة بحقوق الأمومة للعاملات في الزراعة.
كما أن القانون لم يشر إلى العمالة المهمشة كعاملات البناء أو خادمات المنازل، فلم يقدم أي حماية قانونية لهن، وعلى الرغم من اعتراض النقابات العمالية ومنظمات العمل المدني على القانون وتقديم اعتراضاتهما لمجلس الشعب، لكن القانون قد أقر، وذلك لا يعني أن ملفه قد أغلق، بل يعني استمرار النضال ضده وضد كل من ينتهك حقوقًا للمرأة، ومع كل من ينتزع حقوقًا للمرأة، ومع كل من ينتزع حقوقًا جديدة تهدف إلى إلغاء التمييز ضد المرأة.