قبل الاتفاقية الدولية.. والمجالس القومية نساء مصر يصنعن تاريخًا ينتزعن حقوقهن
اعداد بواسطة:
قبل الاتفاقية الدولية.. والمجالس القومية… تحركت المرأة المصرية محطمة قيود عصور الضعف التي حرمتها حقوقها السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية، بعد أن كانت للمرأة المصرية مكانتها منذ العصر الفرعوني ومرورًا بالبطلمي ثم الروماني البيزنطي الذي شهد انتشار المسيحية في مصر، وحتى العصر الإسلامي.
البداية كانت عام 1798، عندما خرجت المرأة المصرية مع الرجال جنبًا إلى جنب للتصدي لقوات الحملة الفرنسية على مصر بقيادة بونابرت، في قری مصر ومدنها حسبما تذكر المصادر المعاصرة للحملة عن أحداث المقاومة الشعبية التي شملت البلاد كلها من الإسكندرية حتى النوبة.
وبعد خروج الحملة من مصر عام 1801 لم تتوقف مشاركة المرأة المصرية في النضال ضد تعسف الباشوات الأتراك، فشاركت النساء في حركة احتجاج شعبي ضد السياسة المالية للعثمانيين، وقد أرغمت تلك الحركة الوزير التركي على الاستجابة لمطالب المصريين مؤقتًا على الأقل، وبعد أشهر قليلة تجددت المظالم فتجددت حركة الاحتجاج بقيادة النساء هذه المرة، كما يذكر الجبرتي مؤرخ ذلك العصر، وهو ما تزايد خلال عامی ۱۸۰۳ و ١٨٠٤ عندما احتجت النساء على المبالغة في فرض الضرائب وانضم الرجال إليهن. وفي 1805 تشارك نساء حي مصر القديمة في مظاهرة شعبية توجهت إلى الجامع الأزهر للاحتجاج على اعتداءات الجنود على الأهالي، وكانت هذه المظاهرة البداية الحقيقية للثورة الشعبية التي قادها عمر مكرم وانتهت بإجبار السلطان العثماني على عزل خورشید باشا وتولية محمد علي باشوية مصر.
وتشارك النساء مع الرجال في معركة الدفاع عن مدينة دمنهور عام 1806، وفي التصدى للحملة الإنجليزية (حملة فريزر) عام ١٨٠٧، وفي مقاومة الاحتلال الإنجليزي عام ١٨٨٢.
وتفتح عائشة تيمور، من خلال كتابتها، الباب أمام المرأة المصرية للتعبير عن نفسها في مقالات طويلة (مرآة التأمل في الأمور) سنة ١٨٩٢ تأملت فيها حال العلاقة بين الرجل والمرأة، لتكون من أوائل من تناولن قضية المرأة في القرن التاسع عشر.
نشأت مدرسة السنية للبنات عام ١٨٨٩، وتصدر صحيفة (الفتاة) كأول صحيفة نسائية عام ١٨٩٢ وترأسها هند نوفل بالإسكندرية، وتكتب فيها مجموعة من النساء، وتدعو لبيبة هاشم النساء إلى إنشاء الجمعيات الأدبية لتبادل الأفكار والنهوض بوضع المرأة، ويصدر كتاب زينب فواز (الدر المنثور في طبقات ربات الخدور) عام ١٨٩٤ عن إنجازات النساء في العصور المختلفة ليسرى تقليدًا مهمًا من كتابة النساء عن النساء، ثم تظهر مجلات نسائية أخرى (الفردوس) ،(مرأة الحسناء)، (أنيس الجليس)، في الوقت نفسه الذي يصدر فيه في كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين عام 1899 ثم (المرأة جديدة) عام 1900.
ومنذ صدور صحيفة (فتاة الشرق) التي أصدرتها لبيبة هاشم عام 1906 وحتى عام 1939 اهتمت المجلات النسائية بطرح الموضوعات الاجتماعية والتربوية والتعبير عن قضايا المرأة، وظهر ذلك أيضًا في مجلة (الجنس اللطيف) عام ١٩٠٨، لتبدأ معركة أخرى هي حصول البنات على الشهادة الثانوية التي بدأتها نبوية موسى لتحصل على دبلوم المعلمات 1906 وتعمل معلمة 1909 في حين لم يسمح للبنات بدخول امتحان الثانوية إلا عام ١٩٢٨، حيث تبنت (نبوية) قضية تعليم البنات باعتبارها قضية وطنية.
عمل المرأة
وفي عام 1910 يصدر كتاب ملك حفني ناصف الملقبة بباحثة البادية (النسائيات)، وتقدمت ملك إلى البرلمان المصري بقائمة من المطالب لتحسين وضع المرأة.
وتشارك المرأة المصرية في ثورة 1919 بمظاهرة نسائية كبيرة (٣٠٠ سيدة) يوم 16 مارس – الذي أصبح فيما بعد يوم المرأة المصرية – لتأييدهن الثورة، وأعددن خطاب احتجاج لتسليمه لمعتمدي الدول الأجنبية في مصر، طرحت فيه قضية عمل المرأة في الساحة الثقافية. وتصدر نبوية موسى كتاب (المرأة والعمل) انطلاقًا من حق المرأة في التعليم في مختلف المجالات.
المؤتمر النسائي
وفي عام ١٩٢٠ توجه الدعوة إلى هدى شعراوى للمشاركة في المؤتمر النسائي الدولي كممثلة لمصر، لكنها تعتذر بسبب رفض أزواج عضوات الوفد المصرى سفر زوجاتهم، ليولد الاتحاد النسائي المصري في 16 مارس ١٩٢٣ في ذكرى أول مظاهرة نسائية، ونجح الاتحاد في تنظيم جهود الحركة النسائية من أجل إصلاح أوضاع المرأة، ومن أهم القضايا التي تناولها: تحديد سن الزواج، نجح في إقناع الحكومة المصرية بإصدار تشريع بهذا الشأن، وتبني الاتحاد أسلوب جمع التوقيعات على العرائض لتحقيق الأهداف التي ناضلت من أجلها المرأة المصرية، مثل الحد من ظاهرة تعدد الزوجات، الحد من الطلاق دون مبرر، حماية الزوجات من بيت الطاعة، إطالة فترة حضانة الأم لأطفالها، والحقوق السياسية الكاملة للمرأة، خاصة الانتخابات والترشيح في المجالس النيابية وتبني الاتحاد النسائي المصري الذي رأسته هدى شعراوى قضايا الاستقلال الوطني والديمقراطية والتضامن العربي، وهو ما سبب الخلاف بين الاتحاد وحزب الوفد خاصة عندما وقعت الحكومة برئاسة الوفد معاهدة (١٩٣٦) التي اعتبرها الاتحاد انتقاصًا من استقلال مصر.
وتنجح عضوات الاتحاد عام ١٩٢٣ في المشاركة في المؤتمر النسائي العالمي في روما. وفي عام ١٩٢٤يصدر بيان مشترك للجنة التحضيرية للسيدات الوفديات والاتحاد النسائي المصري يتضمن المطالب النسائية أرسل للصحف وأعضاء البرلمان والمحافل الدولية. وتتضمن هذه المطالب مساواة الجنسين في التعليم والتعليم العالي، تعديل قانون الانتخاب لتشارك النساء في الانتخاب، إصلاح قوانين الزواج بسن قانون يمنع تعدد الزوجات إلا لضرورة كأن تكون الزوجة عقيمًا أو مريضة، وعدم الطلاق إلا أمام القاضي الشرعي.
وتتألق النساء في مجالات أخرى: تترأس (سیزا نبراوی) تحرير أول مجلة مصرية باللغة الفرنسية، وتصدر روز اليوسف أول مجلة غير نسائية عام ١٩٢٥، وترأس منيرة ثابت أول صحفية أسبوعية أدبية واجتماعية (مجلة الأمل) في العام نفسه، وتؤسس فاطمة رشدي فرقتها المسرحية عام ١٩٢٦، وتنتج عزيزة أمير أول فيلم روائی مصری صامت عام ١٩٢٧، وتحصل أول دفعة من البنات على البكالوريا عام ١٩٢٨، لتلتحق الفتيات بالجامعة وتتخرج أول دفعاتهن عام 1933.
وتتحرك المرأة المصرية لمناصرة قضية فلسطين عام ١٩٣٨، فتدعو هدى شعراوی رئيسة الاتحاد النسائي لعقد مؤتمر لنساء الشرق بالقاهرة، ليكون أول مؤتمر نسائي عربي، تلاه المؤتمر الثاني الذي أسفر عن تأسيس الاتحاد النسائي العربي عام 1944 بحضور ممثلات (مصر – العراق – سوريا – لبنان – فلسطين – الأردن).
وتؤسس فاطمة راشد في سنة ١٩٤٢ الحزب النسائي المصري، وتضمن برنامجه مساواة المرأة بالرجل في الحقوق الاجتماعية والسياسية، وتوسيع فرص العمل أمام الفتيات في الوظائف العامة، منع تعدد الزوجات وتقييد حق الطلاق.
وتطرح إنجي أفلاطون عام 1948 في کتابها (80 مليون امرأة معنا) – الذي صدر عن الجمعية النسائية الوطنية وكتب مقدمته طه حسين – تقريرًا عن المؤتمر التأسيسي للاتحاد النسائي الديمقراطي الذي عقد بباريس 1945، وطرحت عشرة مبادئ لتحرير المرأة المصرية (تحريم تعدد الزوجات، المساواة بين الزوجين في حق الطلاق مع عدم استخدامه إلا أمام القاضي، تحريم الزنا على الزوجين والمساواة في العقوبة بينهما، تحريم ضرب الزوجة وإلغاء نظام الطاعة، ونشر التعليم بين النساء، مع ضمان حق المرأة في العمل والجمع بين العمل والزواج وتحريم طرد العاملات حين يتزوجن، إنشاء دور لحضانة الأطفال ورعايتهن أثناء عمل الأمهات، والمساواة بين حق المشتغلات الحوامل في إجازة الوضع المدفوعة الأجر، والاعتراف للمرأة بالحقوق السياسية الكاملة دون قيد أو شرط.
وفي عام 1949 تأسس اتحاد (بنت النيل) برئاسة درية شفيق الذي تولى الدعوة لتعديل القوانين لدعم مكانة المرأة ومنحها حقوقها الاجتماعية.
يتضح مما سبق أن قوانين الأحوال الشخصية كانت على قائمة أولويات الحركة النسائية في مصر منذ بدايتها حتى الخمسينيات، لكن العمل من أجل الاستقلال والعمل السياسي الوطني طغى على اهتمام وعمل المنظمات النسائية، لكننا نلاحظ أيضاً أنه خلال الفترة من 1950 وحتى ١٩٧٠ تم حل الاتحاد النسائي المصري ليصبح التنظيم النسائي في الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي ويتم التركيز على الحقوق العامة التي تجمع الجنسين كالحق في التعليم والعمل، دون تبنى ما يتعلق بالعلاقة داخل الأسرة، لتغيير الأمور في الفترة من 1970 – 1990 لتتبنى جمعية تنظيم الأسرة ولجنة المرأة في الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية وغيرها بعض الأمور المتعلقة بقوانين الأسرة وتطرح بالمؤتمر العالمي للمرأة 1975، وتتقدم الدكتورة عائشة راتب وزيرة خارجية الشئون الاجتماعية عام 1981، بطلب تعديل قانون الأحوال الشخصية يخدم الأسرة ويصون كرامة أفرادها، وأعدت مشروع القانون لكنه رفض، واقترحت أن يتولى بنك ناصر صرف النفقة للزوجة ثم يستردها من الزوج، وفي عام 1979 تكون هناك محاولة لتقديم قانون للأحوال الشخصية لكنه سقط، وذلك لأنه تم في غياب مجلس الشعب. وتطالب لجنة الدفاع عن حقوق المرأة والأسرة عام 1985 بعدم التراجع عن حق الزوجة في مسكن الزوجية في حالة الطلاق، وحق الزوجة في طلب الطلاق حينما يتزوج الزوج بأخرى.
وفي عام ٢٠٠٠ يصدر قانون للأحوال الشخصية مازال في حاجة إلى الكثير من التعديلات، برغم إقراره بعض الحقوق للمرأة التي نادت بها الحركة النسائية في بداياتها مثل حق الخلع.