قصة الأمهات في مقاطعة أباك اللائي ركبنْ الدراجات للحصول على خدمات ما قبل الولادة خلال فترة الإغلاق في 2020
تاريخ النشر:
8 يوليو- 2021
بقلم:
قصة الأمهات في مقاطعة أباك اللائي ركبنْ الدراجات
للحصول على خدمات ما قبل الولادة خلال فترة الإغلاق في 2020
تسببت جائحة كورونا بالكثير من الآلام لعدد كبير من الأسر والأفراد في جميع أنحاء العالم. واليوم، يبحث الجميع عن قصص إيجابية بمقدورها رسم إبتسامة على وجوههم. واحدة من هذه القصص في مقاطعة أباك بشمال أوغندا، حيث لا تمتلك الأمهات سوى الثناء على حراس المستشفيات والكوادر الطبية؛ الذين لعبوا دوراً جوهرياً في مساعدتهنْ باستمرار، وتسهيل وصولهنْ للمستشفيات، ورعايتهنْ في إنجاب أطفال أصحاء. كان عناصر أمن المستشفيات صعب المراس في بعض المقاطعات الأخرى، ولم تُعامل النساء الحوامل بشكل لائق بذريعة فرض الموجهات المتعلقة بفيروس كورونا. في 27 مارس 2020، تعرضت السيدة ميرسي ناكاتي (مواطنة في بوسيجا، بقريةكيبومبيرو – قسم روباجا ، كمبالا) للضرب والتعذيب على أيدي مجموعة من رجال الشرطة ومسؤولي وحدة دفاع القرية بذريعة انتهاكها لموجهات جائحة كورونا. حكت السيدة ميرسي، والتي كانت حامل في شهرها السابع، أنه كان عليها الخروج من المنزل لأنها كانت تعيش واحدة من الليالي العصيبة، وأرادت شراء علاج عشبي (إمومبوا)، عندما أجبرتها الأمطار للاحتماء بمأوى مرفق اجتماعي سكني حيث قبضت عليها الشرطة هناك. بعد إنتشار القصة، تم القبض على مرتكبي الجريمة في وقت لاحق. تقع مقاطعة أباك في شمال أوغندا، على بعد 257.4 كم من كمبالا وتشتهر المقاطعة باستضافتها مجتمعات يشتهر أفرادها بالطيبة، وعدد بلاغات جرائم منخفض للغاية. سكان أباك لطيفون جدًا مع الغرباء وسيتبادلون الحديث مع كل شخص إذا ما طلب منهم ذلك. أصابتني زيارتي لمستشفى آباك العمومي (وهي أكبر مرفق صحي في المقاطعة) بالدهشة. كان المدير الطبي السيد جوزيف أونوك في مكتبه، وكان قد تلقى للتو الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورونا، وهي أخر جرعة حصل عليها المستشفى. سألت إذا كان من الممكن أن أتلقى جرعة اللقاح، لكن أعلمني السيد أونوك أن اللقاحات قد نفدت، وأنهم في انتظار وزارة الصحة لترسل لهم دفعة أخرى؛ في الغالب خلال فترة أسبوع. طُعِم حتى الآن 1536 شخص باللقاح في المستشفى، وذلك من مجمل 1027036 من الأوغنديين الذين تحصلوا على اللقاح منذ بداية التطعيم في مارس من هذا العام. علق التطعيم حاليًا في عدد كبير من أنحاء البلاد نسبة للإغلاق التام الذي بدأ في يونيو 2021 بسبب إنتشاء فيروس كورونا بشدة في البلاد. كانت المستشفى في مرة من المرات مركز مخصص لمصابي فيروس كورونا، ولا تستقبل أي مرضى غيرهم. وأخبرني السيد أونوك أن إحدى المصابات بالفيروس كانت أم أنجبت طفلًا، وأنهم لم يمتلكوا الوسائل لفصل الأم عن رضيعها لذا سمحوا لهما بالبقاء سويًا أثناء تلقي الأم للعلاج. ولحسن الحظ لم يصاب الطفل بالعدوى وأكملت الأم رحلة شفائها من المرض. و خلال فترة الإغلاق كان يتم تحويل المرضى لمرافق صحية أخرى إلى حين تجهيز المستشفى العام لإستقبالهم من جديد. يسجل المستشفى في الوقت الحالي ما لا يقل عن 200 حالة ولادة شهريًا. و كانت أكبر مجموعة ديموغرافية لمرضى المستشفى خلال زيارتي تتكون من أمهات في أجنحة ما قبل الولادة ، والأمومة ، وما بعد الولادة. حملت غالبية هولاء النساء خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا في مارس 2020، بينما كانت أخريات حوامل بالفعل في ذلك الحين. وبحسب أونوك فإنهم سجلو زيادة في معدل حالات حمل المراهقات خلال فترة الجائحة. غالباً حدث ذلك بسبب انتهاكات جنسية من أحد الأقارب أو أشخاص غيرهم من المجتمع خلال فترة الإغلاق. تتلقى الأمهات المراهقات خدمات رعاية مجانية في المستشفى. ويُعزى ازدياد حالات الحمل وسط المراهقات إلى الإغلاق الطويل للمدارس حيث مكث الأطفال في القرى وتعرضوا لانتهاكات من أقاربهم أو رجال آخرين عديمي الرحمة. لسوء الحظ أن الفتيات بعد تعرضهنْ للحمل يجبرنْ على الزواج ممكن إنتهكنهن في بادىء الأمر . تم الإبلاغ في العام 2020 عن عدد 14,134 حالة إنتهاك في أنحاء البلاد، وبلغ عدد الضحايا من النساء في هذه البلاغات 14,080. وعزت الشرطة الزيادة في عدد الحالات إلى أن بعض الأعراف الثقافية ما تزال تمارس، حيث تعتبر الفتيات اللاتي يشهدن تغيرّات نمو وتبرز صدورهنْ جاهزات للزواج، وسن المراهقة فيه تستغل العديد من الفتيات. بينما تتعرض بعض الفتيات للانتهاكات خلال أدائهنْ لبعض الأعمال الخدمية الروتينية؛ مثل جلب الماء وجمع الحطب خاصة عندما يكنْ لوحدهنْ.
على الرغم من الإغلاق، لم ينخفض عدد الأمهات القادمات إلى المستشفى كما كان متوقعًا. وبحسب أونوك، ركبت العديد من الأمهات الدراجات إلى المستشفى لزيارات ما قبل الولادة أثناء، على الرغم من أن أخريات كن وما زلن يخفن من الخروج أثناء حظر التجول، دون معرفة أنه تم فرض مهلة زمنية محددة. يقول أونوك: “لا يعرف بعض الناس أن هناك جدولًا زمنيًا محددًا لحظر التجول؛ من الساعة 9:00 مساءً (تغيّر إلى 7 مساءً في يونيو 2021)، وأنهم يتمتعون بحرية القدوم وتلقي الخدمات الصحية خلال النهار “.قُتل عدة أشخاص في مناطق مختلفة من البلاد لأنهم حوصروا خارج منازلهم أثناء حظر التجول. وتعرض آخرون للهجوم من قبل عناصر الأمن قبل حظر التجوال.
يقول السيد أونوك أن المستشفى يعمل مع فرق القرية الصحية (VHT) التي تخلق الوعي في القرى وتنفذ بعض الخدمات مثل التحصين بالإضافة إلى اختبار وعلاج الملاريا. خلال هذه الأيام، يستفيد مسؤولو الصحة من وجودهم داخل المجتمعات لخلق الوعي. ويضيف أنه على الرغم من الوباء، إبتكر المستشفى وسائل لمواصلة تقديم التحصين وخدمات ما قبل الولادة للأمهات والأطفال. وأكد أونوك:”واصلنا تقديم كل هذه الخدمات على الرغم من تخوفنا؛ حيث لم يكن من المفترض أن نجتمع بأعداد كبيرة. لكننا تعاملنا معهن واحدًا تلو الآخرى وجعلناهن يجلسن على مسافة لتطبيق إجراءات الكورونا المتبعة بالمسافة الاجتماعية“.
كان لدى العديد من موظفي الخطوط الأمامية تحفظاتهم. وتقول جريس أكولو مسؤولة التمريض بمستشفى أباك العام في جناح الولادة أن فريقها كان خائفًا من الإصابة بفيروس كورونا، خاصة من الأمهات وطالبي الرعاية الذين ثبتت إصابتهم، ومع ذلك استمروا في زيارة المستشفى للحصول على رعاية ما قبل الولادة وغيرها من الخدمات.
تقول أكولو بشأن التوتر والقلق على الأمهات والأطفال حديثي الولادة: “كنا قلقين للغاية، ولهذا السبب ترينْ أننا نحافظ على إجراءات التشغيل الموحدة للوقاية من فيروس كورونا، خاصة في جناحي. إنه الجناح الأكثر ازدحامًا وليس من السهل التحكم في الجموع. في بعض الأحيان تجد أمًا واحدة مع العديد من الرعاة من الأقارب، لكننا نخبرهم بإجراءات الوقاية و نشجعهم على غسل أيديهم وتعقيمها وارتداء كمامات الوجه“.
وأشارت إلى أن المستشفى لم يسجل أي حالات وفيات لأمهات لم ينجحنْ في الوصول إلى المستشفى في المنطقة. ومن المهم أيضًا أن نذكر أن أكولو تضيف أن الأرقام في جناحها لا تزال تقريبًا كما كانت قبل انتشار الوباء، ولكن من الملاحظ أن الأمهات المراهقات يشكلن أيضًا جزءًا من المريضات اللواتي يتم إدخالهن إلى المستشفى. أرشدتني أكولو إلى العنبر لزيارة بعض الأمهات اللائي ولدن. وبالحديث معهن وجدت أن 90٪ من جميع النساء اللواتي يلدن يستخدمن الدراجات الهوائية للوصول إلى المستشفى والحصول على خدمات ما قبل الولادة. قبل الإغلاق في عام 2020 – الذي منع وسائل النقل العام، كانت هاتي النساء يستأجرنْ البودا–بودا (دراجات نارية) بينما تأتي الأخريات برفقة أزواجهن إلى المستشفى.
أخبرتني أداويجي ليليان، التي أنجبت قبل يوم واحد من لقائنا، أنها و زوجها اتفقا على ركوبها الدراجة أثناء الحمل والذهاب إلى المستشفى بمفردها كإجراء احترازي، خوفًا من إصابة الزوجين بالفيروس أثناء التنقل. كما تقول أنه بينما كان ضباط الشرطة في عدة نقاط تفتيش ودودين ولم يزعجوها، فإنهم لم يتمكنوا من المجازفة مع زوجها، لأن تفاعل رجال الأمن عادة ما يكون أكثر قسوة مع الرجال. لذا غالبًا ما كانت تقوم ليليان (مقيمة في قرية أياجو – على بعد 10 كيلومترات من المستشفى في أبرشية أبويي في بلدية أباك) بزيارات ما قبل الولادة وحدها. وعندما سألت الأم للمرة الأولى عما إذا كان لهذا تأثير على طفلها، قالت أنه لم يكن هناك أي تأثير ، لأن ركوب الدراجة كان بنفس القدر تمرينًا يحافظ على لياقتها ويجهزها للولادة الآمنة لطفلتها.
الأم الأخرى التي تحدثت إليها كانت ألابا روبينه. وقد أنجبت طفلاً في اليوم السابق. تقول ألابا أنها حضرت جميع زياراتها السابقة للولادة دون أي مشاكل بالرغم من الإغلاق. فبينما اعتادت الشرطة على منعها هي وزوجها، تمكنوا من رؤية أنها حامل وتركوها. تقع قرية ألابا (أوموكوبوي) على بعد حوالي 8 كم من المستشفى، وقد تناوبت بين ركوب .الدراجة واستخدام الدراجة النارية (بودا بودا) في تنقلاتها إلى المستشفى والعودة إلى قريتها
سألتها “ما هي تجربتك في ركوب الدراجة لمسافة 16 كم أثناء الحمل؟” فردت: “جيدة، فقد كنت أمارس ركوب الدراجة طوال حياتي ولم يكن هذا مختلفًا. فأنا أركب دراجة إلى الحديقة وأقوم بمهام أخرى بها“.موضحة أنها استخدمتها للراحة. ووفقًا لموقع bikeradar.com فإن ركوب الدراجة أثناء الحمل يعد أكثر أمانًا لكل من الأم والطفل.
وضعت كل من ألابا أنينسي (من قرية أليكوت على بعد 3 كم) وباربرا أكيلو (من أمونيكا 1 ونصف كيلومتر من المستشفى) طفليهما في فبراير وأبريل على التوالي. أنجبت ألابا طفلة في أبريل. بينما رزقت أكيلو بطفل رضيع في فبراير 2021. كما استخدمتا الدراجات للحضور إلى المستشفى، و لكن حملهن أزواجهن على الدراجات ولم يواجهوا في أي وقت مشاكل من الشرطة. وبالنسبة لسكان المنطقة فإن الدراجات الهوائية تعتبر أفضل وسيلة مواصلات مستخدمة للتنقل. يستخدمها الرجال والنساء والأطفال لأداء جميع المهام.
إن تصميم الأمهات في منطقة أباك على الاستمرار في طلب المساعدة لحماية أنفسهن وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد من أي مضاعفات عند الولادة هو أمر ملهم. ومع ذلك، لا يوجد في المنطقة أي سيارات خاصة للإيجار ، مما يترك النساء دون خيارات كثيرة. يوجد بالمستشفى سيارة إسعاف واحدة لا يمكنها خدمة جميع المرضى. يقول أونوك إن المنطقة استقبلت مؤخرًا سيارة إسعاف ثانية يتم استخدامها حاليًا لنقل مرضى الكورونا إلى منطقة ليرا.
لا تزال منطقة أباك واحدة من أكثر المناطق هدوءًا في البلاد، مع عدم وجود أي حالات عنف تقريبًا من وحدة الدفاع المحلية مقارنة بالمناطق الأخرى خلال فترة الإغلاق. على الرغم من نقص خدمات الإسعاف والسيارات الخاصة بنقل الأمهات الحوامل، إلا أن التعود على ركوب الدراجات، باعتبارها وسيلة النقل الرئيسية في المنطقة، جعل الحياة أسهل. تستمر الأمهات في الحصول على الخدمات الصحية المجانية في المستشفى العام ويأملن أن ينتهي الوباء قريبًا حتى يتمكن أزواجهن من اصطحابهن بثقة إلى المستشفى دون خوف.
هذا المقال جزء من سلسلة حول تأثير كوفد–١٩ في منطقة شرق أفريقيا بدعم من WAN-IFRA، مبادرة الإبلاغ عن التأثير الاجتماعي.