ماتيلدا: إحنا لازم نمشي ونهاجر من هنا يا بولس.
بولس: مقدرش اسيب بلدي، أنا لو سبت بلدي أموت.
ماتيلدا: بس إحنا هنا مش في أمان.
بولس: ومين قالك إننا هناك هنكون في أمان، وبعدين لما السيدة العذراء والسيد المسيح هربوا من الخطر، جم على مصر امشي أنا منها ازاي.
هذا هو الحوار الذي دار بين القس بولس وزوجته ماتيلدا، في فيلم“حسن ومرقص” هذا الفيلم الذي ناقش قضية هامة وحيوية شديدة الحساسية في بلدنا وهي قضية العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في مصر، وتعرض لتفاصيل دقيقة بها، وهو ما نحتاج لمناقشته في سينيمانا هذه الأيام.
يتناول الفيلم حال اثنين من المصريين أحدهم القس بولس الذي يتعرض لمحاولة اغتيال بسبب آرائه التي تحترم التعايش بين المسلمين والمسيحيين في بلد واحد، والآخر هو الشيخ محمود إمام مسجد والذي أيضا يتعرض للتهديد بسبب رفضه للإنضمام الجماعة إرهابية كإرث عن أخوه المتطرف. ويضطر كل منهما إلى التخفي في شخصية على غير دينه، فأصبح القس بولس الشيخ حسن وأصبح الشيخ محمود هو مرقص. وخلال أحداث الفيلم يتعرف كل منهما على الآخر ويتحابان وتقوى العلاقة بينهما، ويتشاركان في مشروع تجاري.
اظهر الفيلم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة الإخوة المتحابيين المتعايشين معا، ولكن هناك قلة من المنحرفين والمتطرفين سواء من المسيحيين والمسلمين هم الذين يثيرون الفتن ويشيعون العداء بينهم، وأن هناك مشكلات عادية تحدث بين أفراد عاديين أحدهم مسلم والآخر مسيحي ليس لها علاقة بالدين ولكنها تصنف على أنها مشكلة دينية وتحدث فتنة طائفية يروج لها الإعلام، ويسلط عليها الضوء.
وفي رأبي المشهد الرئيسي في الفيلم هو حينما صلى الشيخ حسن في الجامع ومرقص في الكنيسة، فلقد أحس كل منهما أن الله موجود في كل مكان وأنه يستطيع أن يعبد الله ويدعو في أي مكان المسجد أو الكنيسة،“ربنا جوانا” على حد تعبير الشيخ حسن في الفيلم، واختار كاتب الفيلم آيه من الانجيل تشير إلى هذا المعنى وهي“حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون وسطهم” (متى 20: 18) . أيضا اختار الكاتب آيه من القرآن الكريم صلى بها أمام المسجد في هذا المشهد وهي“لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصرى ذلك بإن منهم قسيسيين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون” سورة المائدة” الآية (۸۲).
والمشهد الختامي واعتقد انه مشهد رمزي، يصور أحداثا للشغب والحرب الأهلية بين الطائفتين، لكن الشيخ حسن (القس بولس) وأسرته، ومرقص (الشيخ محمود) وأسرته. متكاتفان يمشيان وسط كل هذه الأحداث بجسارة رغم ما يصيبهما من جروح وخدوش. وهو بذلك يصور الشعب المصري الحقيقي بمسلميه ومسيحييه، المتحابيين والمتعايشين، رغم كل الشغب والعنف والتطرف المحيط، ورغم القلة المنحرفة التي تحاول تشويه العلاقة. حقا كلنا حسن وكلنا مرقص!