كيف تستخدم قوات الدعم السريع العنف الجنسي كسلاح في حرب السودان
الشركاء: أندريا
تاريخ النشر:
2023
بقلم:
٦ ديسمبر ٢٠٢٣
تحذير وإخلاء المسؤولية: المحتوى الذي أنت على وشك قراءته يحتوي على تجارب مصورة وحساسة لحرب السودان. ننصح القارئ بالتقدير وحرية الإختيار. اقرأ إشعارنا التحريري الكامل هنا.
في ١٥ أبريل من عام ٢٠٢٣، إندلع النزاع المسلح بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مناطق من السودان، مما أدى إلى إرتكاب جرائم حرب بحق المدنيين من قتل وإغتصاب وتشريد. في هذا المقال، سأحلل ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في هذا الصراع، وأبرز أشكاله وأسبابه وآثاره على المجتمع. كما سأقدم بعض التوصيات للحد من هذه المشكلة وإعادة تأهيل ضحاياها. إن هدفي من هذا المقال هو رفع الوعي بخطورة هذه الظاهرة، والمطالبة بمحاسبة المرتكبين، وحماية حقوق النساء والفتيات في السودان.
أشكال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان
حسب تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية، فإن هذه الظاهرة تشمل: الإغتصاب، والإستعباد الجنسي، والزواج القسري، والإجهاض القسري، وغيرها من أشكال التعذيب والإهانة. كما أن هذه الظاهرة لا تستثني أية فئة عمرية أو إجتماعية أو عرقية من النساء والفتيات. فقد تعرضت لها نساء من مختلف المهن والأديان والأحزاب، وفتيات من مختلف المستويات التعليمية والأحلام. هذه الأشكال تظهر مدى قسوة ووحشية المرتكبين، وإصرارهم على إخضاع وإذلال ضحاياهم بأبشع الطرق.
مبادرة ناجيات حرب 15 أبريل
الإغتصاب وصمة عار لاتغتفر في المجتمع السوداني فلابد من بذل جهود حثيثة لمساعدة الناجيات على تخطي هذه الحادثة الأليمة، فكانت مبادرة ناجيات حرب 15 أبريل، وهي تهدف لدعم النساء الناجيات نفسياً وقانونياً وطبياً، وتقديم كامل الخصوصية والسرية ، فهي بمثابة مساحة آمنة تقول للناجية أنك قوية وليس ذنبك ما حدث ولست لوحدك.
أسباب العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان
يمكن تصنيف هذه الأسباب إلى ثلاث فئات: سبب سياسي، سبب إجتماعي، سبب نفسي. من ناحية سياسية، فإن قوات الدعم السريع هي المتهمة بارتكاب معظم هذه الجرائم. تم تشكيل قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية ذات نسب عربي من دارفور وكردفان في غرب السودان، في عام 2013 من قبل الرئيس السابق البشير لتكون «قوة أمنية مدربة جيدًا ومجهزة جيدًا ومتكاملة مركزيًا يمكن نشرها ضد تهديدات نظامه».
تشتهر قوات الدعم السريع بالفظائع التي ارتكبت منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما أدى إلى التدمير و الفوضى في القرى المدنية في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وتتمتع هذه القوات بحصانة وسلطة كبيرة، وتستخدم هذه القوات الإغتصاب كسلاح لإثبات قوتها ونفوذها، ولإرسال رسالة للمعارضين والمحتجين بأنهم لا يستطيعون حماية أنفسهم أو عائلاتهم.
من ناحية إجتماعية، فإن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان يندرج ضمن سياق أوسع من التمييز والقمع الذي يواجهه الجنس الأنثوي في المجتمع السوداني. فالنساء والفتيات يعانين من إنعدام المساواة في فرص التعليم والعمل والصحة والقضاء، وإنتهاكات حقوقهن في مجالات مثل الزواج والطلاق والإرث والختان. كما يتعرضن لقوانين جائرة تحد من حرية حركتهن ولباسهن وتعبيرهن، وثقافة ذكورية تبرر أو تغض الطرف عن العنف ضدهن.
من ناحية نفسية، فإن المرتكبين للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان يكشفون عن شخصية مشوهة تفتقر إلى التعاطف والضمير. قد يكون هؤلاء المرتكبون قد تأثروا بأحداث صادمة في ماضيهم، أو قد تلقوا تدريباً عسكرياً قاسياً يزرع فيهم فكرة التفوق على الآخرين بالقوة. كما قد يستخدمون الإغتصاب كطريقة للتغلب على مشاعر الخوف أو الغضب أو الضغط التي يشعرون بها في ظروف الحرب.
آثار العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان
هذه الظاهرة لها تأثيرات سلبية على مستويات مختلفة: صحية، نفسية، اجتماعية، *اقتصادية.
من ناحية صحية، فإن العنف الجنسي يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) والأمراض التناسلية (STDs)، والإصابات والنزيف في الأعضاء التناسلية، والحمل غير المرغوب فيه، والإجهاض غير الآمن، والولادة المبكرة، والوفاة أثناء أو بعد الولادة. كما يمكن أن يؤدي العنف الجنسي إلى تدهور الصحة العامة للضحايا بسبب سوء التغذية والإجهاد والإهمال.
من ناحية نفسية، فإن العنف الجنسي يترك آثاراً عميقة ومستديمة على نفسية الضحايا، مثل الصدمة والخوف والإكتئاب والقلق وإنخفاض الثقة بالنفس والشعور بالذنب والعار. كما يمكن أن يؤدي العنف الجنسي إلى حدوث إضطرابات نفسية مثل إضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وإضطرابات التغذية والإنتحار.
من ناحية إجتماعية، فإن العنف الجنسي يؤثر سلباً على علاقات الضحايا مع أسرهم ومجتمعاتهم، حيث يمكن أن يتعرضوا للتهميش والتمييز والعزلة والطرد. كما يمكن أن يؤدي العنف الجنسي إلى تقويض دور المرأة في المجتمع، وزيادة خطر تعرضها للزواج القسري أو التخلي عن التعليم أو فقدان فرص العمل.
من ناحية إقتصادية، فإن العنف الجنسي يؤدي إلى خسارة موارد مادية وبشرية هامة للتنمية، حيث يزيد من تكاليف الرعاية الصحية والقانونية والإغاثة للضحايا، ويقلل من إنتاجيتهم وإسهامهم في الإقتصاد. كما يمكن أن يؤدي العنف الجنسي إلى تفاقم حالات الفقر والهجرة وإنعدام الأمان.
توضيح مؤثر للأزمة الحالية. بقلم سارة محمد/الجزيرة
توصيات لمواجهة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حرب السودان
للحد من هذه المشكلة وإعادة تأهيل ضحاياها، أقترح التوصيات التالية:
– إنهاء الصراع وإحلال السلام والإستقرار في السودان، وضمان إحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من قبل جميع الأطراف المتورطة.
– محاسبة المرتكبين وتقديمهم إلى العدالة، وضمان عدم حصولهم على أي شكل من أشكال الإفلات أو التهرب من المسؤولية.
– دعم الضحايا وتوفير خدمات شاملة لهم تشمل رعاية صحية ونفسية وإجتماعية وقانونية، وحماية خصوصيتهم وكرامتهم.
– زيادة التوعية بخطورة هذه الظاهرة، وتغيير الثقافة والعادات التي تبرر أو تسهل حدوثها، وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام في رصد وإبراز هذه المشكلة.
– تعزيز دور المرأة في عملية بناء السلام والتنمية، وضمان مشاركتها في صنع القرارات على جميع المستويات، وحماية حقوقها في التعليم والعمل والصحة والقضاء.
شارك: