كيف قاومت النسويات السجون والشرطة في السبعينيات؟

الشركاء: دار هُنَّ

تاريخ النشر:

2023

ترجمة:

في مساء 29 أبريل 1978، انطلقت أول مسيرة على الإطلاق في واشنطن العاصمة لمناهضة العنف ضد المرأة. شارك في هذا الحدث الصاخب ما يقرب من 800 شخص من خلفيات متنوعة من حيث العمر والعرق والطبقة والجنس والهوية الجنسية. شق المشاركون طريقهم عبر أحياء آدامز مورجان ودوبونت سيركل القريبة من المدينة، حاملين المصابيح والصفارات واللافتات المصنوعة يدويًا، مرددين شعارات تعبر عن رسالة الفاعلية الرئيسية: “الحق في تقرير المصير للنساء، القوة للنساء، والدفاع عن النفس للنساء”. وأوصت قائمة طويلة من المبادئ والطلبات التي وضعها المنظمون على “عقوبة مجتمعية” للاغتصاب والإيذاء وحلول “تعتمد على تمكين النساء وتثقيف الرجال والعمل المجتمعي” بدلاً من “العدالة الجنائية”. مثلت المظاهرة جهدًا مشتركًا بين ثلاث منظمات: the D.C. Rape Crisis Centerو the Task Force on Abused Women of the Women’s Legal Defense Fund; وthe “open-membership, action-oriented” D.C. Area Feminist Alliance. وأيدت أكثر من ستين مجموعة محلية أخرى بيان المبادئ والطلبات. كانت المسيرة تتويجًا لأول أسبوع سنوي لمناهضة الاغتصاب في المدينة، وهو مشروع توعية مجتمعي نظمته قائدات نسويات من أصل أفريقي في مركز مكافحة الاغتصاب. بمجرد تجمُّع المتظاهرين في حديقة دوبونت سيركل، استمعوا إلى مجموعة متنوعة من المتحدثين والموسيقيين. كانت من بينهم ليندا ليكس، التي قدمت “تحيات ثورية” لــ “ديسي وودز”، امرأة سوداء تقضي عقوبة السجن لمدة اثنتين وعشرين سنة في ولاية جورجيا بتهمة قتل رجل أبيض مسلح حاول اغتصابها هي وصديقتها. قالت ليندا، العضو المحلي في لجنة الدفاع الوطنية لــ”ديسي” للحشد، إن قصة المرأة المسجونة تنتمي إلى تراث طويل من العنف الجنسي للرجال البيض ضد النساء السود، والذي يعود جذوره إلى عهد الرق. قبل شهر واحد فقط، سافرت موظفات Rape Crisis Center، ديدري رايت ونكينج توري، إلى معهد نساء جورجيا للإصلاح لإجراء مقابلة مع “ديسي” كجزء من عمل المركز؛ لنشر قصتها وحث النسويات والأشخاص التقدميين الآخرين على التحرك لصالحها. وبالنسبة لمنظمي المسيرة، كانت قضية “ديسي”، وقضايا مماثلة، مثالاً على الحاجة إلى أجندة نسوية ضد العنف تأخذ بجدية التشابك الخطير بين العنصرية والطبقية والجنسانية في النظام القانوني الجنائي. جاء كتاب “كل محاكماتنا: السجون والشرطة والكفاح النسوي لإنهاء العنف”؛ ليؤرخ لنشاط النساء داخل وخارج السجون في السبعينات وأوائل الثمانينات، والذي يتعلق بالناجيات من العنف المنزلي المسجونات، والنساء المعاقبات بسبب مقاومتهن للاغتصاب، والسجينات المعارضات. في جميع أنحاء الولايات المتحدة، داخل وخارج السجون، شاركت الناشطات النسويات في أعمال جماعية أسهمت في إلقاء الضوء على التداخلات بين العنف الشخصي ضد النساء والعنف العرقي والجنسي للشرطة والسجن. قادت هذه التحركات نساءٌ راديكاليات من أصلٍ عرقي ونساءٌ بيض مناهضات للعنصرية، وكان العديد منهن يعترفن بمثليتهن. صقلن هؤلاء النساء سياسات مميزة ضد العنف، تميزت بنقد العنف الدولي، وفهمٍ للعنصرية والجنس والطبقة والجنسانية كأنظمة متبادلة للسلطة والمعنى، وممارسة للتنظيم بناءً على التحالفات. يتتبع الكتاب الأنشطة السياسية والأفكار التي شكلت النسوية المعارضة للسجون، ويُظهر أنها أثّرت في النقاشات الأوسع حول الأسباب الجذرية للعنف ضد النساء وسبل معالجته. كما يكشف عن الدور المهم لهذا التيار الناشط في صياغة حركة إلغاء السجون في السبعينات. نمت سياسات النسوية المعارضة للسجون في فجوات جدران السجون وعند تقاطع العديد من الحركات الاجتماعية، بما في ذلك الحركات من أجل العدالة العرقية والاقتصادية، وحقوق السجناء والمرضى النفسيين، وتحرير الجندر والجنسانية. من خلال بناء التحالفات التي اخترقت هذه النضالات من أجل العدالة الاجتماعية، أنتج الناشطون والناشطات الذين تمحورت حولهم هذه الدراسة فهمًا واسعًا ومتعدد الطبقات لـ “العنف ضد النساء”، يشمل العنف الهيكلي للتفاوتات الاجتماعية، وعنف مؤسسات الدولة ووكلائها، وأشكال العنف الشخصي، بما في ذلك الاغتصاب والضرب والاستغلال الجنسي. هذا التحليل الشامل تصادم مباشرة مع فلسفة “القساوة في مكافحة الجريمة” في السبعينات وتبني الحركة النسوية الرئيسية لتجريم السلوك العنيف كحل للعنف الشخصي. كما يُظهر التاريخ، كان العنف ضد النساء – كما هو الحال حتى الآن – مطالبة سياسية ذات شحنة عالية، وكان تفوق النسوية التي تركز على القانون والنظام جدليًا بشكل عميق. يحكي الكتاب قصة المقاومة ضد الشرطة العنيفة وقمع الدولة للتصرفات غير المتماشية مع المعايير الجنسية والجندرية. تسجل الفصول سلسلة من الجهود التنظيمية التي تم تشكيلها من قبل النساء، وبالتحالف معهن، واللواتي كانت مواقعهن وممارساتهن يضعهن خارج نطاق مفهوم الاحترام الأنثوي السائد وخارج نطاق حماية الدولة. وفي طريق الضرر الذي تسببه الدولة، كان هناك النساء السود والأصليات واللاتينيات والمهاجرات والفقيرات والمنفصلات جنسياً وجندرياً، واللواتي تم نعتهن بالجنون أو تورطن في العمل بالجنس التجاري. شكلت التحالفات النسوية التي أبرزت النساء المجرمات والمسجونات معارف جديدة، حيث قامت بتحليل الترابط بين نبذ الدولة وعنف الدولة في مجتمعات ذوي البشرة الملونة، والتداخلات بين سلطة السجون والطب النفسي، والتشكيل العرقي للمعايير الجنسية والجندرية في المؤسسات المغلقة. على الرغم من تركيز هذا الكتاب على تشكيلات النشطاء والناشطات والفهم النظري الذي أحدثوه، إلا أنه يوثق أيضًا العديد من الأمثلة الفردية على النساء المهمشاتخاصة النساء ذوات البشرة السوداءاللواتي واجهن جسدياً العنف المؤسسي والشخصي. من مقاومة مهاجم جنسي، إلى رفض الامتثال لسياسة سجن مُذلة، إلى توثيق انتهاك شخصي في صحيفة سجن راديكالية، ساهمت محاولات البقاء تلك في تشكيل الفكر والممارسة النسوية المعارضة للسجون. يهدف الكتاب إلى تقديم تاريخ لدولة السجون من الأسفل، حيث أنه يستعيد المساهمات السياسية والنظريّة للناشطين والناشطات على مستوى القاعدة، والذين صنعوا تضامناً عبر جدران السجون والمحاكمات والنزاعات المنفصلة على ما يبدو، في محاولاتهم لتخيل وخلق عالم خالٍ من العنف. كما أوضحت فصول الكتاب، كان هذا العمل شاقًا في كثير من الأحيان، وكانت نتائجه غير متوازية وفوضوية. وبدرجات متفاوتة من النجاح، سعى النشطاء إلى بناء تحالفات تعترف باختلافات القوة الاجتماعية بين النساء، بدلاً من حجبها، وتضع الأكثر ضعفًا أمام العنف البشع، وأحيانًا القاتل، الذي يجمع بين العنف الشخصي والعنف من جانب الدولة، في صميم اهتماماتها. من خلال القيام بذلك، وضعوا تحليلاً تقاطعياً لبنى عدم المساواة والهيمنة موضع التنفيذ. صاغت عالمة “نظرية العرق الحرجة” كيمبرلي كرينشو مصطلح “التقاطعية” في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لتفسير التشابك بين عدم المساواة العرقية والنوعية في حياة النساء ذوات البشرة السوداء، وعدم قدرة قوانين مكافحة التمييز على معالجة ادعاءاتهن متعددة الأبعاد بشأن التمييز في العمل. ومع ذلك، كما أشار الباحثون/ الباحثات والناشطون/ الناشطات، فإن الرؤية النظرية الأوسع التي تربط أنظمة الاضطهاد العنصري والنوعي والاقتصادي والجنسي بشكل لا ينفصم، لها تاريخ طويل وجماعي يشمل تنظيمًا سياسيًا نسويًا أسودًا ونسويًا من ذوات البشرة الملونة في الستينيات والسبعينيات. يوضح كتاب “جميع محاكماتنا” كيف أن حركات مناهضة العنف التي ركزت على حياة النساء المهمشات كانت مصدراً لتحليل متداخل للعنصرية والتمييز الجنسي والمثلية ورأس المال، مما أشار إلى دولة السجون كمصدر للمزيد من الأذى وليس الأمان والتعويض. المقال بالإنجليزية: https://truthout.org/articles/how-feminists-resisted-prisons-and-policing-in-the-1970s
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات