ليه الرجالة اللي مش بتتقبل الرفض مش أبطال رومانسيين؟

الشركاء: دار هُنَّ

تاريخ النشر:

2022

اعداد بواسطة:

مراجعة:

الملاحقة: ليه الرجالة اللي مش بتتقبل الرفض مش أبطال رومانسيين؟

طارق موسى[1]

إنتاج ورشة الترجمة النسوية بدار هنَّ في أغسطس 2022.

راجل قعد بالبيانو بتاعه في الشارع حالف إنه “هيفضل يلعب على البيانو لغاية ما حب عمره ترجع له”. قال للبريستول بوست إنه دي اخر حاجة هيعملها عشان يكسب حب البنت اللي غيرت له حياته. المقال وصفه بأنه “قلبه مكسور”. مسألة مؤسفة، فعلا مؤسفة، بس لسوء الحظ، مافيش حاجة كيوت أو رومانسية في إنه راجل يطالب بوقت وحب وانتباه ست بصوت عالي وفي أماكن عامة.

سهر الليالي بتاع لاعب البيانو انتهى بعد ما قال إنه اتهاجم الصبح بدري إمبارح. أكيد مفيش حاجة في تصرفاته تدي الحق لحد إنه يضربه، بس جه الوقت اللي الرجالة والميديا محتاجة تبطل توصف التصرف المخيف والاستحقاقي دا بإنه كيوت أو يستاهل تعاطف.

الرفض مؤلم، بس الألم ما يديش أي حد الحق إنه يتجاهل الحدود اللي الأفراد بتصر عليها. ودا تعريف الرفض، إنه خطوط مرسومة عشان تستبعدنا. الستات مسموح ليها إنها ترسم أي حدود هي عايزاها من حيث تكلم مين أو تصاحب مين. وعشان احنا ناضجين لازم نتعلم إننا نتقبل دا ونتحرك لقدام من بعده. بس الرجالة بقالهم زمان بيتعلموا إنهم يتجاهلوا الحدود ودا اللي بتقوله أي نظرة سريعة على إحصائيات التحرش في الشارع.

الناس بتتعلم سلوكياتها من أول ما بيتولدوا لحد ما يكبروا بطرق مختلفة، مش بس عن طريق الأسرة ولكن كمان المجتمع والثقافة الشعبية اللي بتوجهنا للمقبول وللمش مقبول. والطرق دي مش بس بتعلمنا إن السلوك اللي زي دا مقبول أو موضع ترحاب ولكن كمان هو جزء طبيعي من العلاقة. في واحد من المسلسلات الكوميدية المشهورة “نظرية الانفجار العظيم” Big Bang Theory بتظهر البطلة وهي بتحدد شكل علاقتها الرومانسية بالبطل وبتقول: ابتدى يضايقني ببطء، وفي الخلفية صوت ضحك الجماهير، وفي مناسبة تانية: “هو ما ضحكش عليَّ، هو زهقني بس”.. والضحك مكمل.

وبدل ما يتم الترحيب بيه في حياتها بمزاجها، كان لازم يضعف حدودها لحد ما حست إنها مجبرة على السماح له بالدخول في حياتها. ودي مش قصة حب ولكن اقتحام لمساحاتها الشخصية. أفلام زي الحب بجد Love Actually والمفكرة The Notebook وغيرهم كمان بتحاول تظهر لنا إصرار الرجالة في مواجهة الرفض وقد ايه هو أمر مثير للإعجاب. وإنه صراع لازم يمر بيه الراجل الغيري عشان البنت تقع في غرامه.

فكرة إظهار إن تجاوز الحدود دا مقبول، بدل ما يتم إظهاره إنه مشكلة بيوصل للرجالة إن مفيش مشكلة إنك تعمله في الحياة الطبيعية. الأكاديمية جوليا ليبمان لاحظت إنه “يمكن تكون صور سلوكيات المطاردة الرومانسية دي ليها تأثير واضح وسلبي، علشان ممكن تزق الناس ﻹنهم يعتبروا المطاردة جريمة مش خطيرة قوي زي ما كانوا هيشوفوها في ظروف تانية”.

بتلخص كلامها بأنها تقول إن أبحاث كتير بتناقش إزاي الإعلام بيلعب دور في صناعة اﻷساطير عن المطاردة، واللي بينتهي بيها الحال للوم الضحية (“يتمنعن وهن الرغبات”)، والتعاطف مع الجاني بدل إدانته، وغيرها من اﻷفكار الغلط اللي بتأدي للتصرفات المؤذية للرجالة. “الناس ممكن تفشل في إنها تاخد المطاردة جد ﻹنهم مصدقين ‘اﻷساطير’ عن المطاردة”. بس في النهاية، لسه التلفزيون والسينما لحد دلوقتي بيقولولنا إن المطاردة حاجة رومانسية ﻹن أبطال اﻷعمال الدرامية بيعملوا كدا طول الوقت. بس مش معنى إن التصرفات دي متركب عليها أصوات ضحك من الجمهور يخليها حاجة مقبولة.

الميديا بدل ما تعلم الرجالة إنهم يحترموا حدود الستات مهما كان الرفض مؤلم، بتعلمنا إن مشاعرنا وإحساسنا بالاستحقاق أهم بكتير. إحنا الرجالةبيتقال لنا إننا بدل ما نشوف الستات بني أدمين نشوفهم أهداف لازم نجري وراها، وعقبات لازم نتغلب عليها، ونشوف حدودهم كأسوار لازم نهدها. وبالمعنى دا الستات بتصبح ملكية مش شركابس إحنا نقدر نتصرف بشكل أحسن من كدا.

أول هام، ممكن نبطل نقول على الستات “بنات”؟ مفروض ندي لهم الاحترام اللي يستحقوه. تاني هام، مش مهم العلاقة استمرت قد إيه، التصرفات اللي زي دي مخيفة. يمكن الراجل عازف البيانو واعد الست دي كام شهر بس، لكن مطالبته العلنية “بحبها” هتفضل غلط حتى لو كانوا متجوزين وسعدا لمدة 10 سنين.

أوحش حاجة في اهتمام الإعلام بالقصص دي هو إنه بيلعب دور مسموم في ملاحقة الستات اللي بترفض الرجالة اللي عاملين فيها روميو وبينوحوا على رفض الستات ليهم، وده بيلغي الحدود الشخصية للستات تاني، لكن المرة دي من المواقع الإخبارية اللي عاوزة تعرف أكتر وتحقق مشاهدات أعلى للمحتوى بتاعها، وأخد صف الرجالة دول اللي بيدوروا على الاهتمام بيخلي من الصعب أكتر على الرجالة التانيين يقبلوا الرفض زي أي حد كبير وناضج، واهتمام وسائل الإعلام بيكبّر فكرة إن الحرقة اللي بيحس بيها الرجالة دول بتستحق الكتابة عنها وكأنهم أبطال.

وسائل الإعلام مسؤولة عن إنها تبطّل تشجع الاستحقاقية دي، ولازم الناس تبطل تقول على الرجالة دول إن قلوبهم مجروحة ولازم الناس تبطل تسمع نواحهم اللي بيطلبوا بيه الاهتمام، ولازم نبدأ نسمي سلوكهم ده باسمه الحقيقي: الرجال الاستحقاقيين اللي بيرفضوا يتقال لهم لأ.

 

1- طارق موسى: كاتب من جنوب أفريقيا، بيركز في كتاباته على اﻷخلاقيات والعدالة والتكنولوجيا والثقافة الشعبية.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات