ماذا تريد النساء في الأكوادور ؟*

تكشف هذه الدراسة عن تصورات النساء بشكل عام، حول أكثر مشكلاتهن واحتياجاتهن إلحاحاً في محافظة أوريللانا شبه الريفية بالأمازون، في الإكوادور، في منتصف عام ۲۰۰۰. تمت الدراسة مع كل من النساء، ومقدمي الخدمات الصحية والاجتماعية. وقد استخدمنا فى المقابلات المعمقة اثنتين من الأدوات البحثية المقننة السريعة والكيفية (أسلوب القائمة الحرة، وأسلوب تصنيف المعلومات في مجموعات) بغية استكشاف الرؤى من الداخل، بمشاركة المنظمات المحلية. كما أدرنا مناقشات حول القضايا التي تبرز،لإتاحة الفرصة للعمل الذي يستهدف تحسين وضع المرأة. وقد أمكن تحديد الموضوعات التالية باعتبارها تمثل أكثر الجوانب إلحاحًا: عدم المساواة في العلاقات بين الجنسين،وخضوع النساء، والمشكلات الاقتصادية، وتعاطى الرجال الخمور والعنف الأسري. كما أمكن تحديد العديد من المشكلات الإنجابية والجنسية، علاوة على ذكر معلومات حول بعض المشكلات الأخرى. تصف هذه الدراسة المنهج المستخدم في البحث، وتقدم تقارير حول ۲۰ مشكلة من أكثر المشكلات تكراراً، وتنظر عن كثب إلى النتائج المتعلقة بالعنف ضد النساء، وغياب إمكانية الحصول على وسائل منع الحمل، علاوة على الإلتباسات الناشئة عن الحاجة إلى اللجوء إلى الإجهاض سراً. وعلى الرغم من وجود سياسات وطنية مبتكرة في مجال العنف الأسري والصحة الإنجابية، فهناك ندرة في الموارد وفقر في البنية التحتية في أوريللانا. كما أن سلوكيات العاملين في ميدان الخدمات الصحية تحد أيضًا بدرجة كبيرة من إمكانيات حصول النساء على الخدمات الإنجابية وخدمات الصحة الجنسية.

كانت أوريللانا آخر المحافظات الأمازونية التي أنشئت في الإكوادور. عدد سكان المنطقة حوالي ٧٠ ألف نسمة، يعيشون على مساحة تبلغ ٢٢٥٠٠ كيلو متر مربع. وتُعتبر المنطقة كنزاً للتنوع البيولوجي، لكنها أيضًا واحدة من أفقر المحافظات بالبلد. يتشكل سكان أوريللانا من مجموعات السكان الأصليين التي تعيش على أرض مشاع مشتركة، ويعتمدون على زراعة المحاصيل اللازمة لحياتهم،ومن الفلاحين

(Mestizo) الذين هاجروا إليها من مناطق أخرى بعد وصول شركات النفط إليها في أعوام السبعينات.

لقد أُجريت دراسة في منتصف عام ٢٠٠٠ تستهدف التعرف على تصورات النساء المحليات حول مشكلاتهن، بما في ذلك مشكلات الصحة الإنجابية والجنسية. وقد حظيت الدراسة بالتشجيع من جانب المنظمات العاملة في مجال الصحة بالمجتمع المحلي، والتي كانت ترغب في القيام بأي شئ لحل تلك المشكلات. ونظراً لطبيعة المعلومات المطلوبة، استخدمت الدراسة أساليب كيفية من أجل الكشف عن تصورات المجتمع المحلي من منظور الداخل، وبأسلوب تشاركي. وعلى الرغم من إجراء مقابلات مع مقدمي الخدمات الصحية والاجتماعية، شددت الدراسة بشكل خاص على تقييم احتياجات النساء كما تشعر بها النساء أنفسهن. إن الاهتمام المتزايد بتقنيات المشاركة السريعة، التي تضم أساليب كيفية، يعكس إقراراً بمدى الفائدة التي يحققها هذا النوع من البحوث. (١ ٦)

في المناطق الحضرية بأوريللانا، تتواجد جنبًا الى جنب كل من العيادات الخاصة التى تتقاضى رسومًا،والعيادات المجانية، المؤسسات الصحية العامة، والصيدليات. تعانى المجتمعات المحلية الريفية (حيث يعيش ٧٠% من السكان) من ندرة موارد الرعاية الصحية. فالتأمين الصحي لا يشمل سوى نسبة منخفضة من السكان، ويحد غياب وسائل المواصلات، والتكاليف ونقص الإمدادات والموارد البشرية من الحصول على الرعاية الصحية والخدمات المجتمعية. “لا مناص من أن تعتمد المرأة التي تعالج في مستشفى عام على عدة عوامل،وخاصة على عامل حسن الحظ (ضحكات). لابد من حسن الحظ كي تجد جراحاً، وأيضًا طبيباً للتخدير،والأدوات الضروريةبالإضافة إلىالإمدادات الضرورية لإجراء عملية ولادة قيصرية طارئة. ( طبيب من وزارة الصحة)

وفي بداية أعوام التسعينيات،أدى تزايد الوعي بالحاجة إلى رعاية صحية أفضل إلى إنشاء منظمتين جماهيريتين للعاملين في مجال الصحة بالمجتمع المحلي، الأولى للمجتمعات الفلاحية المستيزو، والثانية لمجتمعات السكان الأصليين. وقد ضمت عضوية هاتين المنظمتين أكثر من ۳۰۰ متطوع من العاملين الصحيين الذين يقدمون الرعاية الصحية الأولية لمجتمعاتهم المحلية. وقد جاءت الدراسة التي استقينا منها هذه الورقة البحثية، بناء على اهتمام تلك المنظمات بالانخراط في العمل في مجال الصحة الجنسية والإنجابية وهو مجال صحي قد كان مهملاً نسبياً في البحوث التي أجريت في هذه البقعة من البلد. لقد تقرر البدء باستكشاف احتياجات النساء المحليات بداية حتى تأتى التدخلات المقترحة منسجمة مع أولويات النساء. وعلاوة على جمعيات العاملين الصحيين بالمجتمع المحلي، تمتد تقاليد التعليم الشعبي والمنظمات الجماهيرية في أوريللانا منذ فترة طويلة، بما في ذلك المنظمات النسائية والفلاحية ومنظمات السكان الأصليين. وقد انخرطت كثير من تلك المجموعات بنشاط في الدراسة وساعدت على إنجاز العمل في فترة زمنية قصيرة ودون الحاجة إلى قدر كبير من الدعم الخارجي ( 30% فقط من التكلفة الكلية كانت مغطاة من الخارج). ولقد سهل من حدوث هذا الجهد المشترك بدرجة كبيرة،عملى سابقًا في إحداها لمدة أربع سنوات.

تم جمع البيانات من خلال المقابلات التي أجريت مع عينة مقصودة من النساء ومقدمي الخدمات بالمجتمع المحلي الذين يعيشون و / أو يعملون في أوريللانا. وقد ضمت العينة نساء من كل من مجتمعات السكان الأصليين (۱۳) وغير الأصليين (۱۲)، من بينهم خمس نساء من المناطق الحضرية وعشرون امرأة من المناطق الريفية وتراوحت أعمارهن بين ١٩ و ٥٧ سنة، لكن غالبيتهن كن في الفترة العمرية ٢٥ ٣٥ سنة.. أربع نساء كن غير متزوجات، و۲۱ امرأة متزوجة، ۱۱ امرأة فقط كان لديهن خبرة العمل في المنظمات المحلية.

أجرينا أيضًا مقابلات مع مقدمي الخدمات بهدف الكشف عن الاختلافات بين وجهات نظرهم ذات الطابع التقنيووجهات نظر النساء. ولا يقتصر مقدمو الخدمات المشار إليهم هنا على العاملين الطبيين فقط، حيث أن جزءًا كبيرًا من قضايا النساء الصحية،بما في ذلك مشكلات الصحة الإنجابية والجنسية، لا يتناولها العاملون الطبيون في أوريللانا (٧). ضمت مجموعة العاملين في المجال الصحي ستة أفراد من مقدمي الخدمات الطبية من القطاعين العام والخاص وقطاع المنظمات غير الحكومية، كما ضمت سبعة أفراد من مقدمي الخدمات الاجتماعية ( ناشطين ضد العنف الأسري، وباحثين اجتماعيين، وصناع سياسة، ينخرطون جميعاً في هذا النشاط)، علاوة على ممرضتين تعملان مع المجتمعات المحلية في مجال الصحة وقضايا التنمية.

قمنا بتعريف جميع المشاركين أن أهداف الدراسة تكمن في فهم وضع المرأة في المنطقة، وقد تجنبنا الإشارة إلى الصحة الإنجابية والجنسية بشكل مباشر حتى لا نؤثر في النتائج. تم أخذ موافقة الجميع على المشاركة في الدراسة، وطلبنا منهن الإذن لاستخدام جهاز تسجيل أثناء المقابلات، كما أكدنا على سرية المعلومات التي يدلون بها، من جانب آخر فإننا لم نقدم أية مكافآت، وإن قدمنا المساعدة في الحالات التي أشارت فيها أي امرأة خلال المقابلات إلى مشكلة تتعلق بصحتها العامة أو الإنجابية. كما أكدنا أيضًا للمشاركين أننا سنرسل إليهم بنتائج الدراسة، فضلاً عن إرسالها إلى المنظمات التي تعمل في المنطقة، وذلك للمساهمة في زيادة المعرفة بالقضايا على المستوى المحلي ومناقشاتها (وقد تم ذلك بالفعل).

جرت جميع المقابلات إما باللغة الأسبانية أو لغة الكويشوا، بناء على تفضيل من يتم إجراء المقابلة معه / معها. كما جرى تسجيل المقابلات، ثم تفريغ الشرائط حرفياً (مع استشارة أحد مواطني الكويشوا فيما يتعلق ترجمة المقابلات التي أجريت بلغة الكويشوا إلى الأسبانية). لقد قمت شخصيًا بإجراء جميع المقابلات، لكنني في بعض الأحيان كانت تصحبني بعض النسوة الأخريات المعروفات للمشاركات ويقدمنني لهن.

إستخدمنا أثناء المقابلات، الأساليب الكيفية المقننة بما في ذلك أسلوب القائمة الحرة وأسلوب تصنيف المعلومات. يتكون أسلوب القائمة الحرة من توجيه طلب إلى المستجيب (أي من يتم إجراء المقابلة معه) لإعداد قائمة تضم أكبر عدد ممكن من البنود في مجال بعينه. (۸) استخدمت هذه الطريقة من قبل أساسًا لتحديد قوائم الأمراض: مع اللاجئين في السودان، ومع النساء في الهند وبنجلاديش. وفي كل من هذه الدراسات، تكررت الإشارة إلى مشكلات الصحة الإنجابية والجنسية. (5،2،1) وقد استخدمت دراسات أخرى أسئلة أكثر عمومية لتحديد مشكلات المجتمع المحلي. (9)

عادة ما يتم استخدام أسلوب تصنيف المعلومات مع أسلوب القائمة الحرة. وللقيام بذلك، كانت البنود التي يتم الحصول عليها من خلال القائمة الحرة، تُكتب على بطاقات ويُطلب من المشاركات تصنيفها في مجموعات. وفي البحث الذي أجري على نساء بنجلاديش والهند،المشار إليه أعلاه، تم استخدام بطاقات مصورة ترتبط صورها بأمراض بعينها (2, 1) وقد أمكن اكتشاف الجوانب في مجال الصحة الجنسية بهذه الطريقة في البحث الآخر الذي أجري بين رجال في أوريسا بالهند (١٠). ولتفادي الوقوع فى تفسيراتنا الخاصة لمغزى تجميع النساء لبطاقات بعينها، عملنا بتوصيات الدراسات الأخرى (۱۱)، وطلبنا من كل مجموعة من المشاركات تقديم تفسيراتها بعد أن انتهائهن من التصنيف. وقد احتفظنا بسجل للموضوعات التي قامت النساء بترتيبها في البطاقات، واستخدمناه لإعداد مصفوفة توضح عدد مرات وضع بطاقتين في نفس مجموعة التصنيف. وكلما زاد عدد مرات وضع بطاقتين معًا كلما كانت العلاقة بينهما أقوى من زاوية المفهوم (۱۱) وقد قمنا بعرض البطاقات على النساء، مع تفسير البند الوارد في كل بطاقة ثم طلبنا من كل منهن بعد ذلك تصنيف البطاقات في مجموعات مختلفة وبأي طريقة يرغبونها. وعندما سألونا كيف يفعلون ذلك، شرحنا لهم الأمر باستخدام مثال باتل لتصنيف غسيل الأسرة. (١)

قمنا بعمل فهرسة يدوية للنص الكامل لكل مقابلة،بينما حللنا البيانات المستقاة من القائمة الحرة وتصنيف المعلومات باستخدام برنامج(ANTHROPAC 3.2 ( (12). يحسب هذا البرنامج معدل تكرار كل بند مع بناءً خريطة معرفية لأوجه التشابه من خلال عرض المصفوفات وفقاً للمسافات المكانية، وهي العملية التي يطلق عليها القياس متعدد الأبعادوالتجميع التراتبي لجونسون“. وكلما ازداد ارتباط بندين ببعضهما في أذهان المشاركات، كلما ازداد عدد مرات تصنيفهما في مجموعة واحدة. وقد انعكس ذلك في الخريطة المعرفيةبمسافات أقصر بين تلك البنود. (۱۱)

تأكدت صحة العملية عن طريق مضاهاة البيانات الكيفية المستقاة من المقابلات مع المستجيبات بالمعلومات الكمية المستقاة من مختلف المصادر، على سبيل المثال إحصاءات الصحة وبيانات التسجيل المدني، وعن طريق المناقشات غير الرسمية للبيانات الأولية مع اثنين من الباحثين الاجتماعيين وإحدى النساء المحليات.

ونقدم هنا عرضًا لأهم القضايا التي تشغل النساء مع معالجة أكثر عمقًا الموضوعات الرئيسية الثلاث المرتبطة باحتياجاتهن في ما يتعلق لصحتهن الإنجابية والجنسية والتي برزت خلال المقابلات.

نتائج:

بعد إجراء اختبار استطلاعى للعملية مع أربع نساء من المجتمع المحلي، تقرر أن يُطلب من كل من النساء ومقدمى الخدمات إعداد قائمة حرة تضم جميع المشكلات التي تعاني منهما النساء في أوريللانا. وقد اخترنا هذا الموضوع العام حتى نتفادى طرح أسئلة محددة حول مشكلات الصحة الإنجابية والجنسية. وبذلك نعرف مدى أهمية هذه القضايا للنساء دون توجيه إجاباتهم أو تحديدها بالمشكلات التي ذكرت بالفعل (١٣ ١٥) وقد تحدثت النساء بصراحة،خلال تمرين القائمة الحرة، وحصلنا على معلومات معمقة حول المشكلات المذكورة. على أننا أيضًا بعد استكمال تمرين القائمة الحرة حثثنا المشاركات والمشاركين، واستفسرنا وذلك لاستخراج معلومات (8،2, 1) حول القضايا التي لم تذكر بشكل تلقائي، مثل حالات الإجهاض القصدى (Induced abortion).

يوضح الجدول رقم (۱) العدد الإجمالي للمشكلات المشار إليها في القائمة الحرة. ويوضح الجدول رقم (۲)

الجدول (1)

عدد المشكلات المذكورة

نساء

مقدمي الخدمة

إجمالي المشكلات المذكورة

55

56

إجمالي المذكور

24

248

جدول رقم (2)

معدل ذكر المشكلات العشرين الأكثر تكرارًا

قائمة النساء

قائمة مقدمات الخدمة

البند المذكور

التكرار

%

البند المذكور

التكرار

%

الزوج يضرب زوجته

21

84

الزوج يضرب زوجته

12

80

الرجال يشربون كثيرًا

14

56

مشكلات اقتصادية

11

73

مشكلات اقتصادية

13

52

افتقاد معلومات عن الأمور الجنسية

11

73

الزوج يهين زوجته

12

48

الزوج يهين زوجته

10

67

الزوج يتحكم في النقود

11

44

افتقاد التعليم

9

60

الخيانة الزوجية

11

44

الاعتماد على الزوج

9

60

النميمة

11

40

أمهات منفردات

9

60

الأسر بعدد كبير من الأطفال

10

40

التباهي بالذكورة

9

60

الغيرة / عزل النساء

10

40

غيات تنظيم أسرة مناسب

9

60

أمهات بدون رجال

9

32

إصابات الجهاز التناسلي

8

53

مشكلات الدورة الشهرية

9

32

الخيانة الزوجية

7

47

مشكلات وأمراض الأطفال

8

32

الرجال يشربون كثيرًا

7

47

غياب التعليم

6

24

عمل مفرط على كاهل المرأة

7

47

أمراض الأعضاء المستترة

6

24

غياب النفاذ إلى الخدمات الصحية

7

47

الأنيميا

5

20

الحمل غير المرغوب

7

47

ذهاب الرجال لبيوت الدعارة

5

20

الدعارة

7

47

صعوبة حصول المرأة التي لديها أطفال على وظيفة

5

20

غياب الدور القيادي للمرأة

6

40

الوحدة

5

20

حمل المراهقات

5

33

الانفصال

5

20

الحمل / مشكلات الولادة

5

33

التباهي بالذكورة

5

20

المشكلات العشرين الأكثر تكراراً ومدى هذا التكرار. وقد برزت بوضوح المشكلات المستقاة من عدم المساواة بين الجنسين، بما في ذلك العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. وعلى خلاف ما وجدته دراسات أخرى (٥)، لم يكن هناك اختلافات كبيرة بين المشكلات المذكورة من جانب مقدمات الخدمة والمشكلات المذكورة من جانب نساء المجتمع المحلي. وقد يرجع ذلك جزئياً إلى إدخال مقدمات الخدمات الاجتماعية مع العاملات في المجال الطبي.

شاركت ۲۰ امرأة من المجتمع المحلي في تمرين تصنيف المعلومات، من بينهن ۱۷ امرأة لم تشارك في تمرين القائمة الحرة. وقد عرضنا ۱۸ مشكلة من المشكلات التي تكرر ذكرها، وذلك باستخدام البطاقات التي تضم كلمات و / أو صوراً. تضمنت البطاقات أيضًا موضوعات مثل الحمل غير المرغوب فيه والعقم، على الرغم من أن القوائم لم تشتمل عليها. ونظراً لأن عدداً كبيراً من النساء،وخاصة الأكبر سناً ونساء السكان الأصليين، لم يكن قادرات على القراءة بصورة جيدة، فقد بذلنا جهداً حتى تصبح القضايا مفهومة من خلال الصور. وعلى سبيل المثال،كانت صورة فلاح سكير تمثل عبارة الرجال يشربون كثيراً“. يوضح الجدول رقم (۳) الخريطة المعرفية التي أمكن الحصول عليها من تمرين تصنيف المعلومات.

جدول ( ۳ ) القياس متعدد الأبعاد لتصنيف المعلومات بالنسبة لمشكلات النساء في المجتمع المحلى

قياس متعدد الأبعاد

 

كان العنف الأسرى أكثر المشكلات تكراراً، وهو ما لا يثير الدهشة فى ظل ارتفاع معدل انتشار هذه المشكلة في الإقليم، وفي جميع أنحاء الإكوادور (١٦) إن الخريطة المعرفية التي برزت من المقابلات ترسم بطبيعة الحال صورة للعنف الأسرى داخل مشكلة علاقات عدم المساواة بين الجنسين، وهي قضية مطروحة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. (١٧٢٠)

الرجال الذين يساعدون في أعمال المنزل يسمون ماندريناز (أي الذين تأمرهم النساء). ويقول الآخرون لماذا تفعل ذلك، هذا عمل المرأة ويبدءون في انتقاده، وليس أمامه إلا أن يتوقف عن القيام بتلك الأعمال حتى يشعر بأنه على ما يرام بين أصدقائه ويتجنب النميمة. (أحد مقدمي الخدمة).

تعكس الفقرة السابقة ما عبرت عنه أول مجموعة من النساء أثناء تمرين القائمة الحرة: أولاً، وجود علاقة قوية بين العنف البدني والنفسي، وارتباطهما الوثيق بالإيذاء المرتبط بتعاطي شريك المرأة للمشروبات الكحولية: وثانياً، تأثير وجهة نظر المجتمع المحلي، وإحساس الرجل بالشرف، والتبعية الاقتصادية للنساء في مفاقمة العنف الذكوري.

-“ربما كان للمرأة حبيب قبل أن تتزوج، وربما لم تكن بينهما علاقة جنسية أبداً، وقد لا يعرف زوجها أي شئ عن تلك العلاقة بعد الزواج…. لكنه عندما يتعاطى الخمر مع أصدقائه يقولون له زوجتك فعلت هذا وذاك…. وهنا تبدأ المشكلة مشكلة ضرب الزوجة“. (أحد مقدمي الخدمة).

تعكس بيانات اعتلال الصحة والوفاة في أوريللانا أدواراً مختلفة تقوم على أساس النوع الاجتماعي، فبالنسبة للرجال، كانت الأسباب الرئيسية لدخول المستشفى في عام ۱۹۹۹ هى: الجروح والإصابات الناتجة عن الأسلحة النارية، أما النساء فالأسباب الرئيسية لدخولهن المستشفيات كانت الولادة والعلاج من مضاعفات الإجهاض (إحصاءات وزارة الصحة لعام ۱۹۹۹، إحصاءات السجل المدني في أوريللانا لعام.(۱۹۹۹). وعلاوة على ذلك، عندما كانت النساء تحاول تحطيم تلك الأدوار القائمة على أساس النوع الاجتماعي، لم يكن رجالهن يقبلون ذلك، وهنا يمكن أن يمثل العنف رد الفعل (۲۱)

في العلاقات الجنسية يجب أن يشعر الرجل دائماً بالانتصار، وأن يطلب دليلاً على الحب” (المعاشرة الجنسية)، في حين يجب أن تتمنع المرأة وإلا تخاطر بأن توصم بأنها سيئة“. وقد ضمت جوانب القلق التي وردت في القائمتين خلال الدراسة ما يلى: الخيانة الزوجية،ولجوء الرجال إلى الداعرات،والغيرة، والانفصال. يشمل الفعل الأسباني (celar أي الرقابة أو الحماية) عدداً من السلوكيات التي يقوم بها الرجال بهدف منع زوجاتهم وبناتهم من الاتصال بالعالم الخارجي، وهو ما يفيد في تقييدهن وحصرهن داخل الحدود الضيقة لدور النوع الاجتماعي المناط بهن.

– ” لا يحب الرجل الغيور أن تتحدث زوجته مع أي شخص، وأحيانًا لا يحب أن ترتدي ملابس قصيرة أو بنطلونات ضيقة أو تتحدث مع أصدقاء” (امرأة من المجتمع المحلي)

ومع ذلك، تقول النساء إن اقتران الإيذاء بتعاطى المشروبات الكحولية من جانب الرجال يمثل أشد أنواع الإيذاء، وهو الأمر الذي أوضحته أيضًا دراسات أوسع نطاقاً.(۲۰ ۲۲) وما تزال بعض النساء اللاتي أجرينا مقابلات معهن،وخاصة بعض نساء السكان الأصليين، يجدن مبرراً لهذا العنف عندما يكون الجاني سكيراً فليضربني أو يقتلني لهذا هو زوجيعلى الرغم مما قامت به المنظمات المحلية من أنشطة كثيرة في هذا المجال.

لقد تمثلت مواجهة البلد لهذه المشكلة في تطوير سياسات تهدف إلى تحسين الوضع، فقد صدر، على سبيل المثال، قانون في مواجهة العنف ضد المرأة والأسرة، وتم إنشاء مراكز شرطة نسائية (comisarias de la mujer) لتولي مسئولية التعامل مع الحالات المبلغ عنها. (٢٣) كما قامت وزارة الصحة بتطوير خطوط مرشدة لتحديد التعامل مع العنف الأسرى في المنشآت الصحية (٢٤)، لكن تنفيذ السياسات الجيدة ليس مضموناً في كل الأحوال. وفي واقع الأمر، لا تمنح الخدمات الصحية التابعة لوزارة الصحة في أوريللانا الشهادات الضرورية التي تؤكد حدوث العنف (وهذه الشهادات أساسية في حالة رفع دعوى قضائية) كما لا تتسم بالحساسية إزاء تلك المشكلات.

ويمكن أن يُقال نفس الشيء حول افتقاد الحساسية من جانب حكومة الإقليم والشرطة. وتجدر الإشارة إلى أن الحاجة إلى زيادة الوعي بدرجة أكبر بين النساء حول حقوقهن لا تبرر سلبية القائمين على تقديم الخدمة. ومع ذلك، لا يوجد في أوريللانا سوى مكتب صغير لتقديم المشورة القانونية للنساء اللاتي يخضن تجربة العنف الأسري، وتتولى النساء المحليات إدارة هذا المكتب على أساس تطوعي، كما يؤيدن أيضًا إنشاء مكتب للشرطة النسائية في أوريللانا.

موانع الحمل: حق أم واجب؟

توضح الفجوة بين احتياجات تنظيم الأسرة لنساء أوريللانا والخدمات المتاحة لهن أن السياسات الوطنية لا توضع موضع التنفيذ. وبالتالي، نجد خدمات تنظيم الأسرة محاطة بقيود عديدة، على الرغم من أن الدستور ينص على حق المواطنين في تقرير عدد الأطفال الذي يرغبون فيه (23)، كما أصدرت وزارة الصحة بروتوكولات شاملة بشأن تقديم خدمات تنظيم الأسرة، بما فيها موانع الحمل الطارئة. (٢٤) لكن توفر تلك الخدمات يتركز في المناطق الحضرية الكبيرة،ونادراً ما يمكن الوفاء بمبادئ المساواة في الرعاية (الكفاءة التقنية،ومهارات الاتصال، وتنوع الوسائل وتوافرها بإستمرار). (٢٥)

قد تكون محدودية خدمات تنظيم الأسرة المتاحة أحد الأسباب وراء ارتفاع معدل الخصوبة (حوالي ٥.٥ بالنسبة لحوض الأمازون)، وانخفاض استخدام موانع الحمل الحديثة (٢٦) أم هل ترغب النساء (أو الرجال) في عدد كبير من الأطفال؟ وعلى الرغم من أن أسلوب القائمة الحرة لم يوفر إجابة واضحة على هذا التساؤل كان وجود عدد كبير من الأطفالمذكوراً من جانب العديد من المشاركات كمشكلة، وإن كانت أقل تكراراً عن المشكلات الأخرى. انطوت ضمناً النقاط الأخرى التي برزت خلال المقابلات على أن عدم الرغبة في تكرار الحمل ومنها على سبيل المثال، تكرار اللجوء إلى وسائل العلاج التي يفترض أنها تؤدى للإجهاض.

ذكرت المشاركات أيضًا أن الأم المنفردة هي مشكلة جدية، رغم أننا شعرنا أيضًا بأن عدم الانجاب كان يمثل مشكلة، رغم ندرة الإشارة إلى ذلك. تكررت الإشارة إلى استخدام الوسائل التقليدية للتحكم في الخصوبة مع وجود تعليقات حول صعوبات تربية عدد كبير من الأطفال: – “نشعر الآن بالفعل بمشكلة وجود عدد كبير من الأطفال بسبب الأزمة الحاليةفالنقود لا تتمدد وخاصة بالنسبة للأزواج الشباب“.( امرأة من المجتمع المحلي).

وجدت أيضًا دراسة قطرية أن معدلات الحمل غير المرغوب مرتفعة في الإكوادور. (27) إن محدودية الحصول على وسائل منع الحمل الحديثة، وغياب المعلومات الدقيقة،بالإضافة إلى الخوف من استخدام تلك الوسائل للتحكم في العملية الطبيعية،تساعد فى شرح عدم الاتساق بين رغبات المرأة وعدد أطفالها. كما يتسم أيضًا أسلوب كثير من القائمين على تقديم الخدمات الصحية في أوريللانا أيضًا بالسلبية عند عرضهم لخدمات تنظيم الأسرة.

قالوا لها في المستشفى إن خطأ إصابة طفلها بسوء التغذية هو خطؤها، وإنها إن لم تكن تعرف كيف ترعى أطفالها، لماذا لم تهتم بنفسها “… قالوا لها أن تتحدث إلى القابلة التي يمكن أن تقول لها كيف تهتم بنفسها “.(رواية امرأة من المجتمع المحلي).

ففي هذه الحالات،يعرضون استخدام موانع الحمل باعتباره واجباً أكثر من كونه حقاً، كما يصبح توفير موانع الحمل موضوعاً علوياً من القمة إلى القاعدة، يقوم خلاله القائمون على تقديم الخدمة بإبلاغ النساء عما ينبغي أن يفعلنه،بدلاً من دعم كل من النساء والرجال ومساعدتهم على اختيار أفضل وسيلة تناسبهم. وعلاوة على ذلك، يوضع عبء، تنظيم الأسرة على كاهل المرأة، بينما يقوم الرجال عادة بدور سلبي، بل وأحياناً يوجهون اللوم للمرأة إذا حدث الحمل، أو يعارضون تنظيم الأسرة باعتباره تحرراًللمرأة وبالتالي يعارضون استخدام النساء لتلك الوسائل على الإطلاق.

لذا ينبغي، بالإضافة إلى تحسين سبل الحصول على وسائل منع الحمل، بذل الجهود من أجل تغيير النهج الخاص بتوفير تلك الموانع. كما يجدر معارضة أسلوب الوصاية الذي يتخذه القائمون على تقديم الخدمة بغية أن تتحول خدمات تنظيم الأسرة إلى أسلوب لممارسة النساء والرجال لحقهم في تنظيم الخصوبة.

وعلى خلاف المجالات الأخرى التي حققت فيها الإكوادور تقدماً كبيراً، ما تزال مشكلة عمليات الإجهاض الخطرة قائمة دون مواجهة. فالإجهاض ما يزال محظوراً بموجب قانون العقوبات الوطني، إلا عندما تكون حياة المرأة في خطر، أو في حالات الحمل الناتج عن اغتصاب امرأة معاقة ذهنيًا. وحتى عندئذ، يتطلب الأمر الحصول على موافقة من جانب الوصي على المرأة (۲۳) ويتعارض هذا القانون مع واقع الحياة الفعلية، حيث يحدث الإجهاض المقصود بمعدلات كبيرة، (۲۸) وتمثل مضاعفات الإجهاض ثاني أسباب لجوء نساء أوريللانا إلى المستشفى، بما يعادل 13.5% من حالات دخول المستشفي بين النساء في سن الإنجاب (إحصاءات وزارة الصحة عام ١٩٩٩). وعلى الرغم من عدم الإبلاغ عن أى من تلك الحالات باعتبارها إجهاضًا متعمدًا، يقول العاملون بالصحة المحلية أن غالبية حالات دخول المستشفى كانت لعلاج المضاعفات الناجمة عن عملية قام بها شخص آخر“.

ورغم أن موضوع الإجهاض لم يذكر في القوائم الحرة التي قدمتها النساء، فقد أفادت العديد من المشاركات عندما سألن عنه بشيوع الإجهاض العمدي. وبهذا الصدد، ذكرت المشاركات استخدام معجلات الولادة (الأوكسيتوسين)، وجرعات كبيرة من موانع الحمل الهرمونية، والكلوروكين، والمبيدات الحشرية، إلى جانب عمليات التوسيع وكحت الرحم في بعض العيادات الخاصة. وقد أشارت دراسات أخرى إلى اللجوء إلى نفس هذه الأساليب في بلدان أخرى في أمريكا اللاتينية أيضًا.(۲۸٣٠) وعلى الرغم من أن العقاقير الوحيدة التي أثبتت فاعلية في إحداث الإجهاض ( ميفبريستون مع ميسوبروستول) غير متاحة في الإكوادور، فقد أوصى الصيادلة بعدد من العقاقير الأخرى التي تتسبب في الإجهاض، وقاموا ببيعها بدون روشتة طبية. كان الإجهاض أحد أهم المشكلات التي ذكرتها إحدى مقدمات الخدمة في القطاع الخاص اللاتي أجرينا معهن مقابلات كما وافقت جميع النساء القائمات على تقديم الخدمة على أن الإجهاض العمدي كان شائعاً، وخاصة في الممارسة الخاصة.

– “تحاول الغالبية العظمى من الفتيات المراهقات بشكل عام،إجهاض أنفسهن بأي تكلفة وبأي وسيلة، ولا يهمهن كيف. (طبيب خاص)

إن الواقع المتمثل فى انتشار الإجهاض على هذا النحو،فضلاً عن انتشار المعلومات بشأن مختلف أنواع العلاج، يتعارض مع عدم ذكره أثناء إجراء تمرين القائمة الحرة حيث لم تضمنه النساء في القوائم كمشكلة على الرغم من أن القائمات على تقديم الخدمة قد ضموا الحمل غير المرغوب إلى القوائم. وعلاوة على ذلك، تتعارض هذه المسألة مع حقيقة أن النساء تحدثن حول الإجهاض بصراحة عندما سألناهن عنه، وبدون استخدام تعبيرات. ومع ذلك دأبت النسوة على الإشارة إلى الإجهاض كمشكلة لدى نساء أخريات“. قالت كثير من المشاركات إنهن يعرفن نساء عانين من الإجهاض، ومع ذلك لم تقل أي منهن عن نفسها إنها أجرت عملية إجهاض. وهو الأمر الذي يطرح وجود تضارب في المشاعر بين الشيء الذي يفترض أن تفعله المرأة المثالية” (أن تتحمل قدرها، بما في ذلك الحمل غير المرغوب)، وبين ما تفعله النساء عادة. ومع معرفة وجود هذا الصراع، لا يهم ما تقرر المرأة القيام به بشأن الحمل غير المرغوب، فالناتج قد لا يسهم في تحقيق احترام الذات.

إن أعمال المناصرة الرامية إلى تقنين الإجهاض أو تحسين الرعاية الصحية في حالة الإجهاض لم تكن تشكل حركة قوية في أوريللانا، وفي الإكوادور بوجه عام. فبينما نشطت المجموعات النسائية في أوريللانا في مجال التعبئة ضد العنف الأسري وانتقاد محدودية حصول النساء على الرعاية الصحية، إلا أنه نادرًا ما أثيرت مشكلة الإجهاض. وخلال المقابلات لم يبرز الإجهاض باعتباره حقاً للنساء،وإنما كأمر محتم حتى وإن كان غير مقبول. وأخيراً، فرغم قيام مقدمي الخدمات الصحية فى القطاع الخاص بإجراء عمليات الإجهاض بكثرة، وتكسبهم منها، فإن الخدمات الصحية العامة تتخذ موقفًا تأديبيًا من النساء.

– “عندما تكون المرأة تحت تأثير التخدير، فإننا نسألها مرة ثانية، وعندئذ تخبرنا أنها أخذت بعض الحبوب أو الحقن، وتبدأ في البكاءثم نحاول تهدئتها ولكن ببطء شديدلكي نتمكن من تعليمها ألا تفعل ذلك ثانية“. ( ممرضة في وزارة الصحة).

تعكس قضية الإجهاض في أوريللانا التناقض القائم بين الحياة الواقعية وبين النماذج المفروضة،الصراع بين ما دأبت النساء على فعله وبين ما هو مقر باعتباره سلوكًا جيدًا حتى ولو كان بعيدًا عن واقع حياة النساء. إن مناقشة القضية من جانب الناشطات والقائمات على تقديم الخدمة يُعد ضرورة من أجل الكشف عن المعلومات غير الدقيقة والضارة، فيمكن، على سبيل المثال، أن يسفر استخدام العقاقير عن أضرار، فضلاً عن تجنب لوم الذات وغيره من السلوكيات السلبية.

يوفر البحث الكيفي إمكانية خلق تقارب بين الباحث وأفراد المجتمع المحلي، فضلاً عن دعم المشاركة والتمكين، كما هو الوضع في حالة إجراءات التقييم السريعة المستخدمة في هذه الدراسة، حيث يعتبر البحث باعتباره الخطوة الأولى نحو العمل.(۳۱)

تتيح المناهج التى طبقت في هذه الدراسة إمكانية الحصول على صورة عامة في فترة زمنية قصيرة، مع قليل من التمويل أو الاحتياج إلى الخبراء، وإنما مع المشاركة النشطة من جانب المنظمات المحلية والتركيز على النساء ودورهن الفاعل والإيجابي حتى يمكن تعلم ما يمكن أن يساعد على تلبية احتياجاتهن بأفضل شكل. لم تتعرض الدراسة لاستكشاف آراء الرجال، أو ما إذا كانت هناك اختلافات بين احتياجات نساء السكان الأصليين ونساء الفلاحين، أو الاحتياجات الخاصة للمراهقات. وليس بمقدور مثل هذا البحث الكيفي أن يحدد حجم المشكلات كمياً. وفي حالة أوريللانا، حيث لا توجد بيانات كمية،يجدر إجراء دراسة أكبر بغية الحصول على مزيد من المعلومات.

لا تؤخذ أصوات نساء أوريللانا عادة في الاعتبار. ويستهدف استخدام الأساليب الكيفية تمكينهن من التحدث،وأن يبدو ذلك طبيعياًبالنسبة لهن (مع استثناء تمرين القائمة الحرة لأنه يحتاج إلى شرح). إن طرح الأسئلة بالصياغات العامة الواسعة جعل التحليل أكثر صعوبة بشكل عام، إذ كثيرًا ما كانت المشكلة المضمنة في القائمة تطرح في شكل جملة قصيرة، وليس مجرد كلمة واحدة، لكن ذلك من جانب آخر ساعد على تجنب تحديد الخيارات المتاحة للنساء لتقديم إجاباتهن.

لقد كان حجم مشاركة المجتمع المحلي محدوداً بسبب القيود الزمنية، وإن تمت بالفعل مناقشة بعض القضايا التي برزت (مثل التباهي بالذكورة، ومدى الخدمات الصحية المتاحة،والعنف الأسرى)، بما في ذلك كيفية إسهام كل منظمة في تحسين الموقف. وتقوم حاليًا العديد من المجموعات التي انخرطت في البحث بتطوير خطوات عملها، كما أُنشئت لجنة للصحة مسئولة عن تحسين التعاون بين مختلف الخدمات الصحية والاجتماعية فيما يتعلق بقضايا المرأة. وفي واقع الأمر، فإن تزايد الاهتمام بالصحة الإنجابية والجنسية ورفاه المرأة يتيح فرصة لتحسين حصول النساء على الخدمات الصحية والاجتماعية، ولا نعني توفير الخدمات والبنية التحتية فحسب، وإنما نعني أيضًا تطوير توجهات ومواقف العاملين. فالبلد لديه سياسات وبروتوكولات مناسبة، وسوف يتحسن الموقف بدرجة كبيرة في حالة تنفيذها.

لقد ألقت هذه الدراسة الضوء على مدى شعور النساء بالقلق إزاء عدم المساواة بين الجنسين وما يترتب عليه من تبعات. وفي واقع الأمر، تدرك النساء المشكلات المتعلقة بقضايا النوع الاجتماعي (۲۳)، في هذه المنطقة الفقيرة، كمشكلات مركزية. وقد يكون ذلك راجعاً إلى الأنشطة التي مارستها المنظمات النسائية المحلية خلال السنوات العشر الماضية أو أكثر. ومع ذلك، فإن العمل الموازي مع جماعات المجتمع المحلي بقيادة الرجال (المنظمات الفلاحية، والكنسية، وأفراد السكان الأصليين العاملين بالصحة في المجتمع المحلي) ليس قويًا، كما أن الحاجة إلى التصدى للدور الذكوري للرجال ما تزال قائمة. وهنا، تمثل مبادرات التعليم الشعبي والمنظمات الجماهيرية فرصة لعمل ذلك، وتُعد الرواية التالية دليلاً على جدواها :

– “لم يكن زوجي يدرك الأمر في البداية…. كان يريدني أن أنجب أطفالاًربما بسبب غيرتهكان يتباهى بذكورته…. لم يكن يريدني أن أذهب إلى ورش العمل بالكنيسة، لكنني كنت حازمة وعملت ببطء على تغييرهثم بدأ العمل ببرنامج فوساالصحيكانوا يبحثون عن عاملين صحيين بالمجتمع المحلي،واختارنا أفراد مجتمعنا المحلي…. وقد ساهمت ورش عمل المجتمع المحلي الصحية في مساعدة زوجي…. فقد بدأ يدرك الأمر، وبدأ في التغير لقد تخلى عن تباهيه بذكورتهكما أصبحت أنا أيضًا أشجع وأقوى” (عاملة صحية من المجتمع المحلي (٢٢))

لقد كانت مشكلات الصحة الإنجابية والجنسية، فضلاً عن مشكلات العلاقات الجنسية، من بين أهم جوانب القلق لدى كل من النساء والقائمات على تقديم الخدمات الاجتماعية في أوريللانا. ومع معرفة السياق الاقتصادي الأوسع، المتعلق بالنوع الاجتماعي، والذي توضع خلاله تلك القضايا (۳۳)، ندعو إلى اتباع نهج شامل لا يضع في اعتباره الاحتياجات الصحية للنساء فحسب، وإنما أيضًا حقوقهن الإنجابية والجنسية. وقد ساعد الدمج بين أساليب البحث الكيفية المستخدمة في هذه الدراسة على تحديد مشترك لكيفية إدراك هذه الأمور في أوريللانا.

ترتكز هذه الدراسة على رسالة تحليل ظروف الصحة الإنجابية والجنسية في أوريللانا، التي قُدمت في سبتمبر ۲۰۰۰ للحصول على درجة الماجستير في بحوث الصحة الإنجابية والجنسية بكلية لندن للصحة العامة والطب الاستوائي المملكة المتحدة. لقد حصلت هذه الرسالة على دعم من كل من (Medicus Mundi Guipuzcoa Fundation Salud Amazonica) في ساندي يورا، وكنيسة أجواريكو في الإكوادور.

المراسلات:

Isabel Goicolea, C/Abendano 13 10C, 01008 Vitoria (Alava), Spain. E-mail: [email protected].

 

* مايو ۲۰۰۰ ص ۹۳


1- Gittelsohn J, 1994, Listening to Women Talk About Their Health. Issues and Evidence from. India.
Har-Anand, New Delhi.

2- Ross JL, Laston SL, Nahar Ket al9 1998, Women’s health priorities : cultural perspectives on illness
in rural Bangladesh. Health.2:91-110.

3- Stone L, Graham JG, 1984, The use and misuse of surveys in international development : an experiment
from Nepal. Human Organization. 43(1):27-37.

4- Diaz M, Simmons R, 1999. When is research participatory? Reflection on a reproductive health
project in Brazil. Journal of Women’s Health. 8(2) : 175-84.

5- Palmer CA, 1999. Rapid appraisal of needs in ręproductive health care in Southern Sudan qualitative
study. British Medical Journal. 319:743-48.

6- Salway S, Nurani S, 1998. Postpartum contraceptive use in Bangladesh : understanding users’
perspectives. Studies in Family Planning. 29 (1): 41-57.

7-MacGinn T, Maine D, McCarthy J et al, 1996, Setting priorities in international RH programs : a
practical framework. Center for Population and Family Health, Columbia University, New York City.
8- Jaswal SK, Harpham T, 1997. Getting sensitive information on sensitive issues : gynaecological
morbidity. Health Policy and Planning. 12 (2): 173-78.

9- Mehanna S, Rizkalla NH, EI-Sayed HF et al, 1994. Social and economic conditions in two newly
reclaimed areas in Egypt : implications for schistosomiasis control strategies. Journal of Tropical Medicine
and Hygiene. 97:286-97.

10-Collumbien M, Bohidar N, Das Ret al, 1999. Etic and emic categories in male sexual health : a case
study from Orissa. In: IUSSP Committee

on Anthropological Demography Seminar on Social Categories in Population Research, Cairo , 15-18
September 1999.

11- Weller SC, Romney AK, 1988, Systematic Data Collection. Sage Publications, Newbury Park.
12- Borgatti S, 1990. Anthropac 3,2. Department of Sociology, University of South Carolina, Columbia
SC, USÀ.

13- Campbell O, Cleland J, Collumbien Met al, 1999, Social Science Methods for Research on
Reproductive Health. Ist ed. WHO, Geneva

14- United Nations, 1994, Report of the International Conference on Population and Development, Cairo,
1994. UN, New York City.

15- Dixon-Mueller R, 1993. The sexuality connection in reproductive health. Studies in Family planning.
24 (5) : 269-82.

16- Maria G. 1999, La violencia in trafamiliar : experiencia ecuatoriana en la formulacion de politicas
de atencion en el sector de la salud. Pan American Journal of Public Health. 5 (4/5) :332-37.

17- Leon G, 1995. From Hidden to Impunity: Diagnosis of Gender Violence. CEIMME, Ouito.
18- Finkler K, 1997. Gender, domestic violence and sickness in Mexico. Social Science and Medicine.
45(8) : 1147-60.

19- Ellsberg, MC, 1997. Candies in hell : domestic violence against women in Nicaragua. UmU Tryckeri,
Umea.

20- Heise L, Ellsberg M, Gottemoeller M, 1999, Ending violence against women. Population Reports.
Series L, 11.

21- Orpinas P, 1999. Who is vialent?:factors associated with aggressive behaviours in Latin America
and Spain. Pan American Journal of Public Health. 5. (4/5) : 232-44.

22- Glantz NM, Halperin DC, 1996. Studying

domestic violence : perceptions of women in Chiapas, Mexico. Reproductive Health Matters. 4 (7):
122-28.

23- Mosquera Q, 1998. Estudio de la Legislacion Ecuatoriana Sobre la Mujer, el Nino y la familia.
OPS/PAHO, Quito.

24- Ministerio de salud Publica del Ecuador, 1999. Normas y Procedimientos para la Atencion de la
Salud Reproductiva. MSP, Quito.

25- Bruce J, 1990. Fundamental elements of the quality of care: a simple framework. Studiès in Family
Planning. 21 (2): 61-91.

26- CEPAR, 2000. Encuesta Demografica y Materno-Infantil, 1999. Quito.

27- Eggleston E, 1999. Determinants of unintended pregnancy among women in Ecuador. International
Family Planning Perspectives. 25 (1) : 27-33.

28- Alan Guttmacher Institute, 1994. Clandestine Abortion: A Latin American Reality. AGI, New York
City.

29- Arilha M, Barbosa RM, 1993. Cytotec in Brazil : “at least it doesn’t kill”. Reproductive Health
Matters.1 (2) :41-52.

30-Pick S, Givaudan M, Cohen S et al, 1999. Pharmacists and market herb vendors : abortifacient
providers in Mexico City. In : Mundigo A and Indriso C (eds). Abortion in Déveloping World. Vistaar
Publications, New Delhi, 293-310.

31- Chambers R, 1983. Rural Development: Putting the Last First. Longmans, Essex.

32- Moser C, 1993. Practical and strategic gender needs and the role of the state. In: Moser C (ed).
Gender Planning and Development: Theory, Practice and Training. Routledge, New York, 37-54.

33- Rifkin S, 1986. Why health improves: defining the issues concerning”comprehensive primary health
care” and “selective primary health care”. Social Science and Medicine. 23(6) : 559-66

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات