أعتقد أن كل المصرين يريدون الإجابة على هذا السؤال خاصة بعد التطور الهائل الذي تشهده حاليا في المجتمع تطور يمس القيم والعادات التي تربي عليها آبائنا فلا نجد اليوم حديثا بين جيلنا وجيل آباؤنا الا انتهي هذا الحديث بفجوة تعمق الاختلاف بيننا وبينهم فنجد الأب والأم يتهمان الابن بأنه مش عارف يفكر وأنه على طول غلطان ودا ضد القيم وهكذا ……!!!! ولذا أردت أن أجيب عن السؤال ماذا حدث لنا وما سبب الفرق بيننا وبين آبائنا؟ وقد تناول المفكر الاجتماعي والاقتصادي (جلال أمين) تطور المجتمع المصري في فتره نصف قرن من ١٩٤٥ – ١٩٩٥ في كتاب يحمل عنوان (ماذا حدث للمصريين). حيث عرض الكتاب وجهة نظر المفكرين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في المجتمع المصرى الحالي وهو ضعف روح الانتماء للوطن وانتشار اللامبالاة بالقضايا القومية الكبرى كفلسطين والانشغال بقضايا معيشية يومية كلقمة العيش وأخيرا يشكو المهتمون بقضايا الثقافة في مصر شيوع ثقافة هابطة تهتم بالجنس ومن شيوع اللاعقلانية في التفكير الديني وتدهور محتوى التعليم وانحطاط حال الجامعات. وقد ارجع المفسرون هذا التغير الى الانفتاح الاقتصادي والهجرة الى الخارج. أما الكاتب فيرى أن المشاكل تكمن في ما يسمى (الحراك الاجتماعي) وهو يشير بشكل مبسط إلى تفكك طبقات المجتمع وقد أدى إهمال الاهتمام بدراسة ظاهرة الحراك الاجتماعي من قبل علماء الاقتصاد والاجتماع إلى أزمة الاقتصاد والمجتمع المصرى. ويعرض الكاتب لمظاهر الحراك الاجتماعي مقارنة بين ما كان يحدث في الخمسينيات والستينيات وما يحدث اليوم . ففى مسألة أعراس الزواج ففى الماضي كان يكفي أن يمتلك الشخص حديقة بسيطة حتى يقيم الفرح أو فوق السطوح أو في بيت العروسة أو في الشارع اما اليوم فيجب ان يكون الفرح في فندق حيث يثبت العريس أنه ارتفع إلى أعلى الطبقات الاجتماعية عندما يقيم الحفل في فندق 5 أو 6 نجوم وأن يقدم الشبكة من الألماس حتى يعرف الجميع أنه أغلى ما في السوق كذلك ظاهرة التحرش الجنسي التي لم تكن موجودة بهذا الشكل منذ عشر سنوات أو ارتفاع تأثيره على الناس و معدل البطالة والهجرة إلى الخليج العربي وتأثير البرامج التلفزيونية التي تساعد في تشكيل ثقافة الشباب وهو ما يختلف عن آبائنا المحبين للقراءة والاطلاع أما الآن فيجد النت والتلفزيون.
أما عن دور المرأة فقد قارن بين دور المرأة في الخمسينيات ودور المرأة الحالي وما طرأ عليه من تطور وتعجب ممن يغفلون ويسخرون مما حققته المرأة من تقدم في دورها الاجتماعي وكانت مقارنته بتناول حياة والدته مقارنة بحياة ابنته ونجد من عرضه اختلافا كبيرا وتقدما عقليا وفكريا للمرأة المصرية البسيطة ربة البيت هي نفس الوظيفة ولكنها مختلفة الآن عن ربة البيت منذ خمسين عامًا فالأم منذ خمسين عاما كان شغلها الشاغل هو تحضير الطعام غافله حاجتها كامرأة تفنى حياتها في تربية أبنائها طموحها هو تربيتهم واشباع حاجاتهم أما الأم اليوم فلديها عملها الخاص ودراستها وطفلها تقوم بتقسيم وقتها بين مهماتها وبين الاعتناء بنفسها وبمظهرها وبيتها وزوجها وأصبحت مستقلة اقتصاديا عن زوجها وليست معتمدة عليه كالسابق . وزيادة فرص العمل المتاحة للمرأة. ونجد أن المرأة تلعب دورًا في الحياة الاجتماعية المصرية أكثر مما كان سابقًا سواء كانت محجبة أو غير محجبة . فالحجاب ليس عنوانا للفضيلة والفضيلة توجد معه أو بدونه وليس أيضًا عنوانًا للتخلف العقلى كما يذهب البعض للأسف بل التخلف العقلي أو التفتح العقلى يوجدان بالحجاب أو بدونه وكل هذا منح المرأة استقلالا اقتصادي أكبر وفرصة أكبر لتحقيق الذات في مقابل قلق أكبر وخوف أكبر من المستقبل وتلهف أكثر على ما يمكن وما لا يمكن تحقيقه.
وأخيرًا أريد أن أقول ماذا حدث لنا من وجهة نظرى البسيطة والمتواضعة أجد أن ما حصل ليس إلا انفتاح ولا هجرة بس ببساطة ما بقاش عندنا حلم قومى هدف عام كل المصريين يعيشوا عشان يحققوه بقت أهداف فردية كل واحد بيفكر في نفسه وبس عشان كذا احنا مفككين والدليل مباريات كرة القدم اللي المصريين كلهم شجعوها محدش قال أنا مسلم وأنا مسيحى أنا راجل ولا ست كلنا قلنا تحيا مصر لقينا حلم واحد أننا نفوز دعينا كلنا رفعنا العلم كلنا وقلنا كلنا تحيا مصر من غير ما نفكر في المشاكل ولا مذاكره العيال اللي ما بتخلصش والمرتب اللي ما بيكملش لآخر الشهر . زمان أيام آبائنا كان فيه أحلام قومية السد العالى. والقضاء على الاستعمار وتحرير الأرض عشان كدا هما كانوا مترابطين كان عندهم أهداف عشان يحققوها واعتقد أن دا الفرق اللي بينا وبين آبائنا بس مش معنى كدا أننا عايزين حرب ولا مصيبة عشان نتلم كلنا احنا عايزين حلم نشارك في تحقيقه كلنا .