وراق الحب
وراق باللغة العربية معناها من يعمل بصناعة الكتابة، أو صاحب المكتبة لعلاقته بالورق، وكان يقال على من يعمل بالكتابة“وراق” فهو يقرأ الكتب ويكتب على الورق.
و“وراق الحب” هي رواية للكاتب السوري خليل صويلح صدرت في عام ٢٠٠٢ رواية تحلق بنا في عالم من الحب والرومانسية ونعيش مع الكاتب مغامرة رومانسية مختلفة شيقة.
خالد صويلح هو صحفي وكاتب روائي وشاعر سوري، له عدة روايات منها (عين الذئب) الصادرة في عام ١٩٩٥، (بريد عاجل) ٢٠٠٤، (دع عنك لومی ) ٢٠٠٦، (زهور وسارة وناريمان) في ۲۰۰۸. يمتاز بأسلوبه السهل السلس وله شكل سردی خاص میزه بین طليعة أبناء جيله وبين الكتاب السوريين.
يأخذنا الكاتب في رحلة بطل الرواية وهو الكاتب في نفس الوقت الذي يبحث عن فكرة جديدة لكتابة رواية رومانسية مميزة عن كل ما كتب من قبل ويقرر تكريس وقته لفعل ذلك.
ويبدأ في البحث عن هذه الفكرة، فيجول في أزقة دمشق القديمة لعل الفكرة تأتيه، ويستمر في البحث أثناء جولته بأهم آثار دمشق معرفا القارئ بها، مستعرضا لجزء من سيرة عنترة، وسيرة الظاهر بيبرس، وأبو زيد الهلالي. ويمر في أثناء جولته بالمكتبة الظاهرية بدمشق، مستعرضا كتاب“رسالة في العشق والنساء” للجاحظ ونجد الكاتب يأخذنا في رحلة لأهم الكتب التي صدرت وأثرت فيه ومنها أهم ما كان مصدر إلهام له لأحداث الرواية فنجده يتحدث عن الكاتب جابريل غارسيا ماركيز ورواية” مائة عام من العزلة” و“كيف تكتب الرواية” معتبرا ماركيز أباه الروحي في الكتابة .
ويحكى لنا أول حب قابله في حياته حب المراهقة وهي البطلة الأولى للرواية وتدعى“ثريا” وكيف مر بالحب الأول في حياته وكيف أثر فيه وهو في السابعة عشرة من عمره، كيف اكتشف معها كل مشاعر الحب لأول مرة ويسبب أنها كانت خادمة في منزل أهله فلم يستطع الزواج منها ولكن أحب جرأتها وطفولتها.
ويمر أثناء رحلته على روايات لأعظم الكتاب منهم ميلا كونديرا، وبورخيس، وإميل زولا.
ويحكى لنا الكاتب عن أهم عنصر نسائي في حياته وملهمته الأولى وهي جدته، وكيف أنها كانت مصدر إلهام له وكيف أثرت فيه وفي طفولته وشكلت لديه من خلال ما كانت تقصه عليه حب الكتابة.
ويأتي الحب الثاني في حياته وهي لمياء وهي صديقة للكاتب، ممثلة ناشئة تحاول أن تكون نجمة أو بطلة وتستعين بالكاتب لإيجاد سيناريو مناسب، تميزت علاقتهما بالتقلب على مدار سنين عدة.
ولكنه لا يشعر بأنها الحب الحقيقي في حياته ويشعر أن كل ما يجمعهما معا هو الرغبة لا أكثر ولا أقل برغم أنه معجب بجرأتها وطموحها وبرغم كل محاولاته للإغواء بها ويتوه الكاتب في مشاعره محاولا غربلتها حتى يتوصل إلى هذه الحقيقة.
ويبدأ في العودة إلى عدة مداخل وأفكار لكتابة روايته ولكنه لا يستطيع استكمالها ويعود إلى رحلته في البحث فيجوب مرة أخرى باحثا ويلتقى بأشعار نزار قباني، وكتاب“الزهرة” لابن داود،“وروضة العاشق ونزهة الوامق” للكسائي، و“سمرقند” لأمين معلوف.
وأثناء جولته الثانية يقابل البطلة الثالثة وحبه الثالث“بهيجة” التي يقابلها في إحدى المكتبات أثناء التجول بها في رحلة البحث عن مدخل لروايته، ويصر على التعرف عليها ويجذبه خجلها، وطموحها الدراسي، ويجذبه أكثر صدها له.
فيظل حائرا بين لمياء وجرأتها وبهيجة وخجلها متأرجحا بمشاعره بينهما ومشغولا بالبحث عن مدخل لروايته.
ويمر على رواية“امتداح الخالة” لأعظم كاتب ايروتيكي” مايو بارغاس يوسا” مرورا باسوناری کاوباتا وروايته الشهيرة” بيت الجميلات النائمات” وهى الرواية الوحيدة التي تمنى ماركيز لو كان كتبها.
ويلتقى بالبطلة الرابعة“سلوى” دون تخطيط منه وتعجبه صراحتها وقوة شخصيتها واستقلاليتها ويكتشف أن صراحة سلوى وحنانها هو الحب الحقيقي الذي يحتاجه فهو خطط لوقوع لمياء وبهيجة في حبه ولكنه لم يخطط لوقوع سلوى في حبه أو حبه لسلوى.
وأن الحب الذي نقابله هو من يدخل حياتنا فجأة بدون تخطيط مسبق منا وهكذا يجد في حبه الحقيقى بداية مدخل لروايته. ويروق الحب للكاتب ويعرف كيف يرى بداية علاقة ناضجة حقيقية تدخل قلبه دون أى استئذان.
أن“وراق الحب” تأخذنا في أزقة مشاعر الكاتب للبحث عن الحب الحقيقي، نعيش معه تقلباته والضغوطات التي تحاصره أثناء كتابة روايته، نعيش معه وهو يتجول في آثار سوريا، وهو يتجول في محطات لأهم الكتاب في العالم، وأهم ما صدر من الروايات، لنجد أنفسنا أمام وجبة سورية شهية مليئة بعبق التاريخ ورائحة الرومانسية.