محاسن الداية بعد ٥٠ سنة توليد
لم تقفل محاسن داية منشية ناصر بابها أبدًا أمام أي ست تطلب مساعدتها: فقد احترفت توليد النساء خلال 50 سنة أتقنت فن توليد النساء وبحرفية شديدة، وتعرف جيدًا كيف تتعامل مع النساء وكل ست حسب حالتها، ومحاسن تولد ولا تتفق على أجر الولادة مسبقًا…. مرة قبلت كيلو رز، ومرة أخرى جنيهًا واحدًا، ولا ترفض أي أجر أصل الستات غلابة، واحدة معاها ممكن تدي محاسن خمسين جنيهًا، وأخرى على ” أد حالها أوى تديها اللي تديه“… المهم تساعدها… ورزقهم الاثنين على الله، أصل الحكاية واحدة فقيرة بتساعد الفقيرات اللي حواليها. ومحاسن بنت البلد الجدعة عرفت إزاي تدخل قرش في البيت.. تساعد أسرتها في المعيشة الصعبة وتصرف على تربية أولادها ولكن جوزها مكنش مقدر عملها كان دائمًا يتضايق من التخبيط على الباب وخروجها في الحر أو البرد في النهار أو الليل اللي علشان تولد وأحيانًا يزعق ومش عايزها تخرج…!
وطوال 50 سنة عمل وشقى وتحمل ضغط توليد النساء.. كانت الكلمة في البيت كلمة الزوج… وعملها ومشاركتها في مصاريف المنزل لم تؤثر على وضعها بالمنزل، وظل اتخاذ القرار حكرًا على الزوج ورأيها بعد رأيه: خاصة في الأمور الجادة والمهمة.
ولكنها تشعر بقيمتها وأهمية عملها كامرأة تحقق ذاتها يوميًا من خلال عملها، وعمرها ما خابت في تقرير إذا ما كانت الست دي هتولد ولادة طبيعية أم قيصرية.
وتشعر بفخر لأنها علمت التوليد لابنتيها أم أدهم وفاطمة وكمان لمرات أخيها ولحفيدتها وجميعهن يعرفن جيدًا حدودهن كدایات، متى بالضبط تروح الست المستشفى، لأن عندها علامات تعسر الولادة ومتى تلد بالمنزل.
وحسب كلام محاسن عمر ما ماتت معهن مريضة أثناء الولادة؟ مرة حصل مع بنتها فاطمة تأخر في نزول الخلاص…. وعملت زي ما أمها علمتها ربطت الحبل السري وشبكته بفخذ الست وراحت معها إلى المستشفى أصل لازم الخلاص يخرج لوحده، ومينفعش معاه المعافرة…))
مطلوب برامج تدريب للدايات الداية مهنة تفرض نفسها
ضرورة منح ترخيص بمزاولة المهنة
والست محاسن تفحص الست من دول بدقة وتعرف بالضبط إذا كانت في الولادة ولا لا، وإذا كان حوضها سيتسع للواد المولود ولا لأ وإذا كان الواد نازل برأسه أو المقعدة.
ولما سألتها تقريبًا ولدتي کام حامل؟ قالت بلاغات الولادات التي ولدتها كنت باحتفظ بها في شوال بعدين زهقت وبطلت تجميع، على الأقل الست محاسن ومن علمتهن ولدن أكيد آلافًا من السيدات ولا كلية الطب.
بناتها لهن أكثر من 15 سنة يولدن وكذلك حفيدتها وزوجة أخيها لها أكثر من 10 سنوات وتعلمهن الصنعة وفنونها من مراقبتهن لمحاسن ومراقبة محاسن لهن وتعليمها لهن من أول قص الحبل السري إلى التوليد بكل أنواعه.. محدش منهن قرأت كتاباً أصل محاسن مبتعرفش تقرأ وتكتب أو أخذ أي معلومة من مصدر علمي… ومحاسن نفسها تعلمت التوليد بنفسها، فهي ولدت نفسها بنفسها أول مرة وكان عمرها 17 سنة، واستمرت على ذلك كل الولادات التي تلتها.
تری محاسن أن الدايات حتى الآن لا يمكن الاستغناء عنهن” لأسباب كثيرة منها:
1 – يوجد سيدات كثيرات في الأرياف والمناطق العشوائية بعيدات عن وسائل المواصلات التي تسمح بإنتقال السيدة في حالة ولادة إلى أقرب مستشفى، ولا تزال الداية هي المدربة الوحيدة على التوليد.
۲ – سيدات فقيرات جدًا ليس معهن مصاريف الانتقال ودفع تذكرة المستشفى الحكومي وشراء بعض المستلزمات للمستشفى، فتكون الداية هي الحل.
۳ – سيدات كثيرات يفقدن الخصوصية والأدمية في المستشفيات الحكومية ويخترن الداية التي زيها زيهم وتحس بصعوبة كشف الست على اللي رايح واللي جي في المستشفيات وكمان دكتور غريب بيزعق ويشخط وآل أيه بيولد !!!
4 – ولي تساؤل هل المستشفيات الحكومية تتسع لكل حالات الولادة، إذا لم تعمل الدايات؟؟؟
لذلك… ألم يحن الوقت كي يعاد تقييم دور الدايات في المجتمع، بعد أن ظل الإعلام يصورهن بصورة الجهل وعدم الخبرة والتخلف: خاصة في الأفلام الروائية.
ألم يحن الوقت لتدريبهن وتعليمهن والاستفادة من كل الدايات اللاتي يقع عليهن عبء الرعاية الصحية لآلاف من السيدات… كي نقلل من نسبة وفيات الأمهات لأسباب تتعلق بالحمل والولادة… وتلقي الأم اهتماماً ورعاية صحية بشكل جدي، يجب تدريب وتعليم الدايات ومتابعتهن وإيجاد طريقة لتقليل المضاعفات التي تحدث معهن.